المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


عبدالله سلام الحكيمي: الرئيس صالح عمل على إشاعة الفساد المالي والأخلاقي فأخضع شخصيات

سقيفة الأخبار السياسيه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-17-2011, 01:48 AM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

عبدالله سلام الحكيمي: الرئيس صالح عمل على إشاعة الفساد المالي والأخلاقي فأخضع شخصيات


عبدالله سلام الحكيمي: الرئيس صالح عمل على إشاعة الفساد المالي والأخلاقي فأخضع شخصيات كبيرة وعائلات عريقة عبر ملفات خاصة
المصدر أونلاين - خاص

يستأذنكم السياسي المخضرم عبدالله سلام الحكيمي من منفاه بمدينة شفيلد البريطانية أن يبدأ بهذا الاستهلال: إعلان ولائه الكامل للثورة، وتقديم انحناءة إجلال وإكبار لأرواح الشهداء الطاهرة.

لقد بعثت الثورة الحياة في طموحات جيله الذي نفض عن كاهله اليأس والإحباط، ويشعر الرجل الذي عاصر حقبًا سياسية متعاقبة على البلاد برغبة في "تقبيل أرجل الشباب الثائر ولثم ثرى الساحات والشوارع التي تطأها نعالهم".


بفضل ثورة الشباب، انتهى حكم صالح كما يقول الحكيمي، وأصبحت البلاد قاب قوسين أو أدنى من التخلص "من حكم عصابة مجرمة فاسدة متخلفة هي الأكثر سوءا وهمجية ووحشية طوال تاريخنا الحديث والمعاصر".

في حوار أجرته صحيفة "الشاهد" عبر البريد الاليكتروني، ويعيد المصدر أونلاين نشره بالاتفاق مع الصحيفة، يكشف السياسي المعروف عن زوايا معتمة في نظام صالح، ويقرأ المشهد بكل تفاعلاته المحلية والإقليمية والدولية، فكانت هذه الحصيلة:


حاوره: عبد العزيز المجيدي
- هناك دعوة خليجية لحوار بين السلطة والمعارضة في الرياض، ما الذي تتوقعه من الطاولة السعودية ؟

- في حدود ما اطلعنا عليه عبر وسائل الإعلام المختلفة، يتبين أن دول مجلس التعاون الخليجي، من واقع قلقها واهتمامها الكبير لمجريات الأحداث المتفجرة في اليمن، وحرصها ورغبتها في الحيلولة دون انفلات الأوضاع العامة في اليمن وانحدارها نحو هاوية سحيقة من الاضطرابات والفوضى والانهيار، قررت أن يكون لها دور أو تحرك يسهم في توجيه دفة الأحداث نحو بر الأمان وشاطئ السلامة، لأن مصلحتها وأمنها القومي الاستراتيجي يتأثر بشكل عميق ومباشر، سلباً أو إيجابا بما يحدث في اليمن، غير أنني لا أستطيع أن أسمي هذا التحرك أو الدور الخليجي على أنه وساطة أو حوار تسعى إلى عقده بين السلطة والمعارضة، حيث أعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي تعي وتدرك انتفاء المبرر أو السند الأخلاقي أو السياسي أو القانوني لأي عملية وساطة أو حوار يجمع ما بين شعب ثائر بملايينه وسلطة حاكمة متحكمة افتقدت مشروعيتها تماماً بعد ارتكابها جرائم بشعة وقتلت وجرحت بالرصاص الحي والغازات السامة الآلاف من المعتصمين والمحتجين سلمياً. إذ كيف يمكن أن نتصور، عقلاً ومنطقاً، إمكانية اللقاء أو الحوار أو التفاهم بين القاتل والضحية، وإلا اعتبر السعاة إلى هكذا عمل متواطئين أو داعمين للقاتل ضد الضحية، ولهذا اعتقد أن تحرك ودور الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي يهدف إلى تشجيع الرئيس وإقناعه والضغط عليه بالتنحي والرحيل وترك الحكم هو وأبنائه وأبناؤه إخوته وأقاربه بأسرع ما يمكن وإلا واجه من المجتمع الدولي من العواقب والاهوال، ما لا يخطر على باله. ولا بأس أن تتم عملية الإخراج الشكلي لهذا الحل بما يشتم منه بأنه خروج غير مهين ومشرف.. فالجميع يعلمون تمام العلم أن أي حل لا يلبي مطلب الشعب اليمني الثائر برحيل وسقوط الرئيس ونظامه لن يكون له أي نصيب من النجاح والتوفيق.


- فعل الثورة نفسه ربما ليس مرغوبا من اكبر بلد مؤثر على الداخل اليمني وهو السعودية، والآن يبدو أن"ملف الثورة " لن يفلت من قبضة الشقيقة الكبرى، ما هو مستقبل الثورة وفقا لهذا المعطى ؟

- بالنسبة للشق الأول من السؤال أقول ربما كان فعل "الثورة" كما قلت، فعلاً غير مرحب به ولا مرغوب به، وذلك يعود إلى طبيعة النظام السياسي الملكي الحاكم في السعودية وفي غيرها من البلدان ذات النظم الملكية عموماً، التي تتميز، عادة، باستقرار سياسي طويل المدى، إلا في حالات نادرة، فالنظم الملكية لا تعاني ولا يسود فيها ما يسمى بالشرعية أو المشروعية أو المرجعية السياسية الحاكمة، فالشعوب والنخب السياسية والاجتماعية في البلدان الملكية متوافقة ومجمعة، تقريباً، على مبدأ حصر "الشرعية السياسية" العليا في "الاسرة المالكة" المنحدرة، تاريخياً، من سلالات ملكية عريقة، ولهذا لا نجد في النظم السياسية الملكية حالات الصراع والتنازع والطموحات والسعي إلى السيطرة على الحكم والسلطة السياسية، كما نعهده ونشهده في النظم السياسية غير الملكية، من خلال الانقلابات العسكرية والحروب والمنازعات الأهلية الدامية الناتجة عن التطلعات والطموحات والنزوع الدائم للوصول إلى الحكم والسيطرة عليه.. ووفقاً لهذا المنظور يصبح مفهوم وفعل "الثورة" باعتباره عملاً انقلابياً عنيفاً، في الغالب الاعم، مستهجناً وغير مرحب به أو مرغوباً من وجهة نظر وطبيعة النظم الملكية السياسية عموماً وليس فقط بالنسبة للمملكة العربية السعودية. أما ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال الخاص بما سميته "ملف الثورة" والخشية من وقوعه في قبضة السعودية، فالأمر هنا مختلف من حيث أن حدث الثورة تدور وقائعه وايقاعاته الهادرة في بلد آخر، أي أنه شأن خارجي وليس داخلي، يخص دولة اخرى وهي اليمن، لكن ينبغي علينا جميعاً، وخاصة الشباب الذين صنعوا ثورتنا الشعبية الظافرة، أن نقدر ونعي ونتفهم تماماً أن الاهتمام البالغ والمتابعة الدقيقة والقلق العميق الذي تشعر به السعودية تجاه تطورات الأوضاع الداخلية في اليمن ومساراتها ومآلاتها، مسألة طبيعية ومشروعة وواجبة، بالنظر إلى واقع الامتداد الجغرافي الواسع بين البلدين والتداخل والعلاقات المتعددة المجالات والممتدة تاريخياً بينهما، وأن كل ما يحدث في احدهما من أحداث وتطورات، سلبية كانت أم ايجابية، ينعكس بتأثيراته ومؤثراته وتبعاته على الأخرى بصورة حتمية وفعلية ومباشرة، وبناء عليه فإن الحكمة والواقعية السياسية البناءة والايجابية تفرض علينا أن لا ننظر أو نتعامل بحساسية مفرطة أو توجس وشكوك سلبية تجاه سياسة السعودية ومواقفها ودورها في اليمن، وتغيير رؤيتنا إزاء كل ذلك باعتباره ينطلق من حرص ورغبة صادقة لتحقيق عوامل وشروط ومناخات الأمن والسلام والاستقرار الداخلي في اليمن وليس العكس.. فالثورة الشعبية العارمة والهادرة اليوم في اليمن ستفضي وستؤول حتماً وقريباً جداً إلى نظام سياسي جديد أي إلى الدولة إلى الحكم، وحينها لابد من تغليب منطق الدولة وقوانينها ومناهج تعاملها في علاقاتها وتعاونها مع دول العالم وفي المقدمة منها السعودية بطبيعة الحال، علاقات تعاون على أسس صحيحة سليمة قائمة على المصالح المتبادلة في كافة المجالات.


- هناك من يخشى أن اليمن لن يستطيع مغادرة حقبة السيطرة السعودية، وأننا بصدد مشاهدة تسوية جديدة تشبه تلك التي حدثت بعد الثورة بين الملكيين والجمهوريين،تضمن بقاء دولة رخوة مرضية لهواجس الجيران وملبية لنفوذهم المهيمن في البلاد ؟

- في الواقع أنا أشعر بأن الوقت قد حان الآن للشروع والعمل الواعي والجاد والشجاع لتغيير الصورة النمطية للرؤى والأفكار التي تحكمت وأثرت في رسم صورة سلبية للسعودية كدولة شقيقة كبرى وجاره لليمن، وهي صورة رسمت معالمها وملامحها ومضامينها حقب سياسية سابقة تخللتها صراعات وتنافسات ومواقف ايديولوجية بين الدول العربية على النطاق القومي، وخاصة بين مصر الناصرية والسعودية الملكية، اللتين تزعمت كل منهما محوراً عربياً وإقليمياً ودولياً على تناقض وصراع مرير مع محور آخر مقابل. وتلك الحقب أو المراحل السياسية الماضية ولت وانقضت، وشهد العالم من حولنا تحولات ومتغيرات مذهلة وواسعة النطاق ومتسارعة الايقاع غيرت جذرياً وعلى نحو شامل كل الرؤى والافكار والتصورات والإيديولوجيات التي كانت سائدة لعقود طويلة في العالم، وعكست نفسها ومؤثراتها وتأثيراتها على بلدان ودول وطننا العربي كله، حيث لم تعد العلاقات بين الدول مبنية على الصراع والإقصاء والمحاور المتنافسة المتناحرة والحساسيات المتوارثة من حروب وعداوات تاريخية قديمة، بل حل محلها رؤى وسياسات جديدة مختلفة في العلاقات الدولية تقوم على التنسيق والتعاون والتكامل في كافة المجالات بما يخدم المصالح المشتركة، وأصبحت الحروب والنزاعات والصراعات المحورية بين دول العالم من أطلال واقع انهار وسقط، ومن ذكريات أليمة مريرة ووريت ثرى النسيان.


وربما أجدني مضطراً لمخالفتك، إلى حد كبير، حول التوصيف الذي أوردته في سؤالك القائل بــ"حقبة السيطرة السعودية" على اليمن، فكلمة السيطرة تعني إحكام القبضة تماماً على الدولة وقرارها السياسي السيادي، وهو أمر لم يحدث أو يتحقق في تاريخ الدولتين وعلاقاتهما، إذ كان الكيانان السياسيان في كل من السعودية واليمن، إبان مرحلة بداية القرن العشرين، مايزالان يمران بطور التشكل والتبلور والاكتمال السياسي الذي لم يكن قد اتخذ، آنذاك، في البلدين، كامل ملامحه ومعالمه وقسماته وجغرافيته، شأنهما في ذلك شأن الكثير من بلدان وشعوب الوطن العربي والعالم الثالث إلى حدما، والحرب الوحيدة التي نشبت بين البلدين في عام 1934م كانت بفعل وتأثير ومقتضيات استمرار عملية تبلور وتشكل واكتمال بنية كيانهما السياسي في الغالب، وظلت العلاقات بينهما، عقب انتهاء الحرب بينهما والمعاهدات التي وقعاها لإيقافها، طبيعة وعادية وهادئة، حتى قيام ثورة 26سبتمبر عام 1962م في اليمن وقدوم جيش مصري بعدها بأيام لحماية الثورة والدفاع عن النظام الجمهوري، وهنا شعرت السعودية بوجود خطر داهم يهدد كيانها السياسي ووجودها برمته، فكانت الحرب الدامية المريرة المدمرة بين ما سمي بالجمهوريين والملكيين والتي دارت رحاها على مدى ما يقارب ثمان سنوات متواصلة، ثم حدثت المصالحة بين الفريقين في اليمن كانعكاس للاتفاق بين مصر والسعودية إثر هزيمة حرب 5 يونيو 1967م بين الدول العربية والكيان الصهيوني "اسرائيل"، وباقي التاريخ بعد ذلك معروف، والخلاصة التي أريد الخروج بها، في هذا السياق، أنه لم يحدث ان وقع اليمن، سياسياً، تحت ما أطلقت عليها "حقبة السيطرة السعودية"، بل ظلت العلاقات بين البلدين، منذ ما بعد المصالحة الجمهورية الملكية وحتى الآن، تتأرجح بين الصعود والهبوط والتوتر والتفاهم والاختلاف والاتفاق، ولعلك تعلم كم عانت السعودية من المشاكل والأزمات والاضطرابات والاستهدافات العدائية الخطيرة التي دأبت سلطة علي عبدالله صالح على إثارتها وتصديرها للسعودية، مثل تهريب المخدرات والأسلحة والعملة المزورة وتصدير الإرهابيين بعد تدريبهم وتسليحهم إلى السعودية، ودعم وتمويل ومساندة قوى معارضة سعودية إلخ.. ولهذا أنا أستبعد تماماً أن تسعى دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، أو ترغب في ترتيب تسوية جديدة بين نظام علي عبدالله صالح المنهار وقوى المعارضة والثوار، على غرار المصالحة الملكية الجمهورية، إذ لا أرى أي مصلحة أو منفعة أو مكسب من أي نوع للسعودية أو سائر دول مجلس التعاون الخليجي، من وراء العمل على الإبقاء واستمرار حكم علي عبدالله صالح ونظامه، وأيضا لا استطيع الموافقة على افتراضك برغبة وعمل السعودية على الإبقاء على دولة رخوة في اليمن لإرضاء هواجسهم وتلبية نفوذهم المهيمن في اليمن، فليس دولة ضعيفة هزيلة مهلهلة في اليمن بالأمر الذي يخدم مصلحتها وأمنها واستقرارها مطلقاً، بل على العكس فإن ما يخدم السعودية مصلحة وأمنا واستقراراً وازدهاراً لا يتأتى إلا عبر دولة نظيفة قوية تحظى بحب واحترام شعبها وتحقق التقدم والأمن والأمان والاستقرار والعدالة لا غير. وعلينا في الأخير والمهم أن نقف أمام سؤال جوهري استراتيجي بجدية وعمق وهو: ما الذي تريد السعودية، تحديداً،من اليمن؟


في اعتقادي ومن خلال معرفتي المتراكمة فإن السعودية تريد من اليمن وضعاً مستقراً وآمنا وأماناً وسلاماً، وكل ما تتمناه، تقريباً، أن يكون النظام السياسي الحاكم في اليمن غير معاد لها، بل صديق ومتعاون ومتفاهم معها، وهذا حق مشروع ومنطقي ومفهوم، المهم قبل هذا وذاك أن يكون النظام السياسي الحاكم في اليمن نظاماً يحترم نفسه ويستند إلى إرادة شعبه ويحقق المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن اليمني، ولا توجد اية مخاوف أو قلق أو هواجس أو شكوك حول نوايا سلبية سيئة للسعودية تجاه اليمن على الاطلاق.


- أحزاب المعارضة تقدمت بمبادرة لنقل السلطة، وكان الرد بمجزرة مروعة شهدتها تعز والحديدة، وقبلها قبلت بوساطة لمشائخ ورجال دين لم تلب مطالب الثورة الشعبية بالرحيل الفوري، كيف تقرأ أداء المعارضة إجمالا وخلال الثورة الشبابية على وجه الخصوص؟

- في البداية من المهم أن أوضح بأننا عندما نتناول بالدراسة والتحليل تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، يجب علينا أن نميز تمييزاً واضحاً بين القيادات العليا لتلك الأحزاب وقياداتها الوسيطة وكوادرها وقواعدها؛ فالقيادات العليا لأحزاب اللقاء المشترك ارتكبت سلسلة من الأخطاء السياسية في أداء دورها السياسي عموماً، وتعاملها وتعاطيها السياسي مع السلطة الحاكمة، حيث ظلت تحصر دورها وأداءها السياسي في إطار غير فاعل أو صانع أو حتى مؤثر على الأحداث، وبقيت صاحبة دور منفعل ومنقاد لأحداث ومواقف تصنعها وتفرضها السلطة الحاكمة لاهثة وراءها وحبيسة لمداها وأسقفها المحددين سلفاً من قبل السلطة.


واعتبرت مجرد دعوات الحوار التي تطلقها السلطة هدفاً وغاية في حد ذاته، ملبية ومسارعة في تلبية تلك الدعوات عند ظهور اولى مؤشراتها وعلاماتها، وبدت وكأنها تتخلى، طواعية، عن دورها الأساسي والاهم في كونها طلائع متقدمة لجماهير شعبها تلتحم بها وتحرضها وتقود حركتها وقواها وطاقاتها الجبارة على طريق ونحو هدف التغيير السياسي الشامل للواقع البالغ السوء والتدهور المفروض عليها، والقبول والاقتناع والرضى بدور وحركة هامشية سلبية تتمثل بحوارات وتفاهمات وصفقات سياسية بائسة وباهتة وجزئية تعقدها مع السلطة الحاكمة القمعية الفاسدة والاكتفاء بما يجود به كرمها من فتات موائدها وهزالة مكاسبها، أي بعبارة أخرى القبول والرضى بمنطق المشاركة مع السلطة الحاكمة والمدى والحجم المحدود والهامشي جداً في الحياة السياسية العامة في البلاد، وظلت كما يبدو مصممة على عدم التعلم والاستفادة من عبر ودروس تجاربها العديدة التي خاضتها في سلسلة الحوارات والتفاهمات مع السلطة التي استدرجت قيادات أحزاب اللقاء المشترك مراراً إلى ميادينها وحصول السلطة على ما تريده منها ثم تتنصل وتنقلب على تعهداتها والتزاماتها وعهودها الناتجة عن تلك الحوارات القمعية. ومع ذلك ورغم كل ذلك ظلت قيادات المعارضة تستجيب استجابة فورية لكل دعوة من قبل السلطة للحوار! هذه الأخطاء السياسية المريرة والمتكررة أفرزت حالة مزدوجة من مشاعر الاستياء والسخط وخيبة الأمل ليس على مستوى الرأي العام الشعبي الداخلي فحسب، بل وداخل أوساط قياداتها الوسطية وكوادرها وقواعدها الحزبية الشابة والمتحمسة، بسبب عدم اتعاض واستفادة القيادات العليا لأحزاب المشترك من عبرو دروس نكث السلطة بوعودها والتنصل عن التزاماتها وتعهداتها وتكرار ذات ألاعيبها وأساليبها المراوغة المخادعة، والأدهى والأكثر مرارة من كل ذلك استخدام السلطة الحاكمة الفاسدة لمضامين تلك الحوارات غطاء لأعمال قمع المتظاهرين السلميين وتنفيذ مجازر ومذابح دموية رهيبة ضدهم.


ومع تفجر الثورة الشعبية وتصاعد موجاتها واتساع نطاقها، أفقيا ورأسياً، وشعور القيادات العليا لأحزاب اللقاء المشترك بالقلق والخوف من ثورة شبابها وقواعدها وتمردها عليها، لم تجد تلك القيادات أي خيار آخر سوى إعلان انضمامها والتحاقها وتأييدها للثورة، وهكذا كان بصرف النظر عن تأخره الزمني نسبياً، وعادت بهذا الموقف الأخير إلى مكانها وموقعها ودورها الحقيقي والسليم مع الشعب، وبه ومن خلاله نحو هدف التغيير السياسي الجذري والشامل للسلطة القائمة رئيساً وأبناء وأبناء أخوة وأقارب وأصهاراً وانساباً ومسئولين.


- ما هي مخاوف المعارضة التي أقعدتها عن أداء دورها المفترض؟

- أعتقد أن مخاوف القيادات العليا للمعارضة الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك، تتمثل في عدم ثقتهم بقدرة الشعب على مواصلة الثورة وفرض التغيير الجذري والشامل، وتسرب مشاعر وأحاسيس الإحباط واليأس إلى تفكيرهم من قدرتهم كأحزاب على إحداث التغيير الشامل والجذري للواقع السياسي المرير القائم، فهم من حيث السن، مثلنا، من الجيل السابق لجيل الثورة افتقدوا الأمل والحماسة والإرادة الصلبة والتصميم والعزم الثابت من جدوى أي عمل سياسي جذري من تطاول الزمن عليهم سنوات طويلة ممتدة دون أثر عملي ملموس، إضافة إلى المخاوف من تمرد وخروج قواعدهم الشابة عنهم من ناحية، وتوجسهم خيفة من تجاوز الثورة الشعبية الهادرة لهم كأحزاب وأيدلوجيات ورؤى وأفكار عفى عليها الزمن دون أي تحديثات أو تطويرات أو تجديدات عليها من قبلهم، وتخوفهم من أن يجدوا أنفسهم، مع تصاعد واتساع مد ونطاق الثورة وزخمها الهادر، ضمن دائرة المشمولين بعبارة "ارحل"!


- على الدوام كان الرئيس يلوح بفتح الملفات في وجه أي مطالب للمعارضة كما لو كان لديه ما يهدد به، وذات مقابلة في إحدى الصحف اليمنية قلت أنت إن لديه حتى ملفات مصورة، ماذا عنيت بذلك؟ وما نوع الملفات التي تعتقد أن صالح يملكها في مواجهة خصومه ؟

- الواقع أن الرئيس علي عبدالله صالح طوال فترة حكمه الطويلة على مدى 33 عاماً، اعتمد منهجاً أو أسلوباًَ في إدارته للدولة ودفة الحكم في كافة المجالات، أقل ما يوصف به أنه يقوم على عقلية "بلطجية" لا نجدها إلا في قادة العصابات الإجرامية، إنه منهج أو أسلوب يزرع وينشر ويشيع الفتن والمنازعات والصراعات على أوسع نطاق وإثارة الفوضى والاضطرابات في أرجاء البلاد ووسط كل فئات ومكونات المجتمع، والعمل المنظم والمدروس لإفقار الشعب وتجويعه وزيادة بؤسه ومعاناته، ونشر وإشاعة وتعميم كافة أشكال الفساد المالي والإداري والقيمي والأخلاقي والسلوكي بين مكونات وفئات وشرائح الشعب بشكل متعمد ومنظم وعلى أوسع نطاق،واستخدام سلطات الدولة وإمكانياتها وأجهزتها لتوفير أفضل المناخات والأجواء الكفيلة بنشره وإشاعته وتوفر كافة ضمانات وعوامل حمايته وضمان استمراره دون عائق، وتحطيم وتدمير القيم والمثل والسلوكيات القويمة الأصيلة وإفساد الأخلاق والمبادئ السامية وشراء الذمم والولاءات الشخصية بمختلف سبل وأساليب الإخضاع والقهر، ترغيباً وترهيباً، وطال هذا المنهج والأسلوب التخريبي المدمر والشامل والمدعوم والمحمي كثيراً من الشخصيات الكبيرة والقيادات الواعدة والعائلات العريقة وكل من يتوجس النظام خيفة من احتمال أن يشكلوا في المستقبل قيادات معارضة للنظام وتعمل ضده، وبناء على كل ما سبق وتأسيساً عليه مارس الرئيس، شخصياً، ومن خلال أجهزته ورجاله وأعوانه المقربين والموالين، متعة تبعث لديه مشاعر التلذذ والاستمتاع، بالإيقاع بتلك الشخصيات والرموز والقادة ومشاريع القادة المحتملين وحتى من هم دونهم، وتنظيم ملفات خاصة بكل فرد منهم تتضمن مستمسكات موثقة بمختلف الوسائل لاستخدامها سلاحاً يخضع فيه ويسقط من يريد منهم التمرد أو حتى التململ والاعتراض على سياساته وأساليبه وممارساته، ولا يرفعوا رؤوسهم وأصواتهم المعارضة لسلطته، ولهذا سمعنا مراراً، ولعلكم سمعتم أيضا، إشارة وذكراًَ لمسألة أو لكلمة "الملفات" في كلماته الارتجالية مهدداً بكشف ما سماه بملفات كل واحد أو امتلاكه لملفات ضد مخالفيه!


- خلافا لما حدث في مصر مثلا، بدا الموقف الأوروبي والأمريكي حيال مطالب رحيل الرئيس، مترددا لفترة طويلة، وحتى ساحات المعتصمين اتهمت الخارج بالوقوف ضد تطلعات الشعب اليمني، لماذا برأيك كان هذا التردد في الموقف الدولي ؟

- طبعاً المواقف الدولية، والأوروبية والغربية خصوصاً، تتحرك وفقاً لمؤشرات وبوادر الموقف الأميركي، ولقد انتقدت وحللت وفندت أسباب وبواعث الموقف الأميركي الشديد النعومة والليونة تجاه جرائم سلطة علي عبدالله صالح وقمع التظاهرات المدنية السلمية، بل والمؤيد أو المساند أو الداعم للرئيس وبقائه وأسرته وأقاربه في الحكم. ولو استعرضت جملة التصريحات الأميركية الرسمية بخصوص الثورة الشعبية في اليمن، فإنك ستلاحظ عبارات لا تخفي تعاطفها مع علي صالح ونظامه؛وهنا اقتبس: "ندين جميع أعمال العنف في اليمن". لاحظ كلمة "جميع" إذ توحي وكأن هناك أطرافا يقومون بأعمال العنف! ومثل "مواجهات مروعة" لاحظ مواجهات توحي بمواجهات يبن أطراف عدة، ومثل "ندعو إلى حوار بين الحكومة والمعارضة لبحث مسألة نقل السلطة". لاحظ حواراً بين الحكومة والمعارضة لبحث نقل السلطة بالمفاوضات! وأخيرا مثل "أن واشنطن تحاول زيادة الضغط على صالح للاتفاق مع المعارضة على انتقال سلس للسلطة" لاحظ كلمة "تحاول" "زيادة الضغط" للاتفاق مع المعارضة"! الخ لم نسمع أي إدانة واضحة للسلطة الحاكمة لقمع المتظاهرين سوى يومنا هذا بعد أكثر من شهرين من أحداث الثورة، لكنها وحتى اليوم لم تطلب من صالح التنحي وترك الحكم فوراً والآن، كما فعلت، في وقت أبكر، مع الرئيسين التونسي والمصري! رغم استخدام غازات سامة من قبل القوات التي دربتها وسلحتها أميركا بحجة محاربة الإرهاب! رغم أن علي عبدالله صالح لا يوازي ولا حتى يقترب من حجم وأهمية وولاء زين العابدين بن علي وحسني مبارك في ولائهما وتحالفهما مع أمريكا! وفي اعتقادي، استناداً إلى متابعاتي وبحثي، أن هناك سراً عظيماً وغامضاً وراء هذا الموقف الأميركي الغريب العجيب، وهو سر يرتبط ارتباطاً عضوياً بقصة أو لعبة ما يسمى "بتنظيم القاعدة" والحرب الكونية على الإرهاب ! وأن علي صالح ينفذ دوراً سرياً محدداً في فصول ومسار تلك اللعبة التي وفرت للسياسة الأميركية في العالم المبرر والمسوغ السياسي والأخلاقي لوضع مشروعها الإمبراطوري الكوني في السيطرة على العالم موضع التطبيق، ثم أصبحت قصة الحرب الكونية على الإرهاب والقاعدة التي ترصد لها مئات مليارات الدولارات صناعة أو استثماراً يغطي فساد بعض الأجهزة السرية الأميركية وصانعي القرار فيها!


ويبدو أن هذا اللغز المحير يفسر لنا أسباب وعوامل ودوافع الموقف الأميركي العجيب المستميت من اجل محاولة الإبقاء على الرئيس صالح في قمة السلطة في اليمن، أو على الأقل استبداله بابنه أو بأحد من أولاد شقيقه المسيطرين على الوحدات العسكرية الضاربة والأمنية النافذة، لضمان استمرار ومواصلة قصة أو لعبة الحرب الكونية على الإرهاب والقاعدة، هذا إضافة إلى ما كان يعرفه البعض منذ سنوات طويلة مضت عن عمق صلات وارتباطات الرئيس صالح السرية الوثيقة بـــ"اسرائيل" ! ولا يهم، والحال هذه، أن يبطش علي صالح بالمتظاهرين السلميين ويرتكب جرائم إبادة جماعية باستخدام أسلحة غازات سامة ورصاص حي ضد المواطنين العزل آنذاك أمر يمكن غض النظر عنه والسكوت عليه إلى حين!


- إلى أي مدى نجح صالح في تخويف الغرب من تنظيم القاعدة؟ وهل هناك مخاوف أخرى ( غير القاعدة ) كبلت أوروبا وأمريكا عن المبادرة إلى مواقف أكثر إيجابية حيال الثورة منذ بدايتها ؟

- ما يسمى بتنظيم "القاعدة" وإثارة وتضخيم خطره الداهم، أصبح اقرب إلى المسرحية أو القصة القديمة المملة والباعثة على التبرم والسأم في نظر الكثيرين على امتداد العالم، والكثير من دول العالم، وخاصة في أوروبا وغيرها، تعرف بأنها مجرد لعبة الهدف منها إحكام سيطرة أميركا على العالم، لكنها لا تستطيع أن تعبر عن ذلك علانية، والجميع يعلم أن نظام علي عبدالله صالح في اليمن هو يغطي على ما يسمى بالقاعدة ويوفر لعناصرها الحماية والدعم المادي والعسكري، وهو بمثابة "ريموت كونترول" يحركها كيف يشاء ونحو ما يشاء ومتى ما يشاء! لكن الأصول وقواعد اللعبة يقضي بالتزام الصمت! إنما وفقاً لاعتقادي بأن الارتباطات والاتصالات السرية القديمة هي السبب الرئيسي الذي يفسر ميوعة وهزالة الموقف الأميركي والأوروبي، بل ودعمه لنظام علي عبدالله صالح، خاصة اذا ما علمنا بأن بعض القوى الأوروبية (فرنسا- المانيا- هولندا) وبمباركة أميركا وقعت مع علي عبدالله صالح قبل أكثر من ست سنوات اتفاقية سرية تقضي بإقامة "مركز التراث اليهودي العالمي" في اليمن ويوضع موضع التنفيذ في الوقت والظرف الملائمين! لا أرى ولا اجد سبباً أو مبرراً أو مسوغاً غير هذا.


- هل ساهم انشقاق اللواء علي محسن بإعلانه تأييد الثورة في التشويش على المواقف الخارجية من الثورة؟ وما هو الموقف من الرجل خصوصا في العواصم الغربية ؟

- لا أعتقد أن انشقاق اللواء علي محسن الأحمر وإعلان تأييده وانضمامه للثورة قد شوش أو اثر سلباً على المواقف الخارجية وخاصة العواصم الغربية من الثورة، بل على العكس أكسب الثورة زخماً وقوة دفع هائلة لها إلى الأمام، وجعل تلك الدول تزيد من اهتمامها ومتابعتها للثورة ومسارها، ويعزز حضورها ونفوذها.


ولعلك بسؤالك هذا تريد أن نقول إن الدول الغربية وأميركا خاصة لها موقف سلبي تجاه اللواء علي محسن انطلاقاً من صورة رسمتها للرجل منذ سنوات ماضية باعتباره مسانداً وداعماً للحركات والجماعات الإسلامية المتطرفة وحاضناً للإرهاب والإرهابيين الأصوليين المتشددين، إن ذلك غير صحيح البتة، فالرجل كان ولا يزال طوال 33 عاماً في موقعه الهام والحساس والقوي وخلالها لم تسجل عليه تلك الدول، بإمكانياتها وقدراتها الهائلة، أي فعل أو موقف أو تصرف يؤكد على صدقية وصحة تلك الصورة السلبية على الإطلاق، وقد ثبت بناء على معلوماتي ومتابعاتي الدقيقة بأن الرئيس علي عبدالله صالح وأجهزته الأمنية والإعلامية والسياسية هو من بث وأشاع ورسخ في أذهان الكثير تلك الصورة المشوهة للواء علي محسن في سلسلة من الحملات المنظمة والمركزة والمتواصلة بهدف إحراق الرجل سياسياً وإزاحته عن موقعه بالغ الأهمية والحساسية كخطوات تمهيدية وإعداد للمسرح السياسي لتطبيق توريث الحكم لابنه، ليس ذلك فحسب، بل جرت محاولات عدة، وخاصة في صعدة، لاغتياله وتصفيته دموياً!


من ناحية أخرى فلو صح أن تلك الدول الغربية، وخاصة أميركا، ترى صورة الرجل على النحو المشار إليه آنفاً، لكانت ضغطت وطالبت الرئيس بتنحيته فوراً منذ سنوات طويلة، غير أن شيئاًَ من هذا القبيل لم يحدث.


- الاشتباك الذي وقع الثلاثاء عند بوابة الفرقة الأولى مدرع، قال مكتب علي محسن إنها كانت محاولة اغتيال له ولوسطاء من مشائخ سنحان قدموا للمصالحة بينه وبين الرئيس، هل وصلت العلاقة بين الرجلين إلى هذا الحد في تقديرك ؟

- من المؤكد يقيناً أن العلاقة بين الرئيس واللواء علي محسن الأحمر قد وصلت منذ مدة إلى شبه القطيعة، وقد أشرت آنفاً تعرض اللواء علي محسن لمحاولات اغتيال عديدة دبرها الرئيس سراً، وأخيرا وبعد أن اهتز ضمير اللواء علي محسن نتيجة المذبحة المروعة التي قامت بها السلطة ضد المعتصمين سلمياً بساحة التغيير بصنعاء، وهاله بشاعة ووحشية المشهد وإعلانه تأييده ومساندته ثورة الشباب الشعبية في ساحة التغيير بصنعاء ومطالبها العادلة وتكليف الفرقة الأولى مدرع بمهمة حماية المعتصمين في أي مكان للفرقة التي يقودها وجود، وهو موقف وما تلاه من مواقف مماثلة لقادة عسكريين بارزين، شكل ضربة قاسية قصمت ظهر النظام، وهنا وصلت العلاقة بينهما إلى درجة العداء المطلق والنهائي.. وإذا ما سأل سائل لماذا لم يقم اللواء علي محسن بانقلاب عسكري منذ زمن طويل وهو القادر؟ أقول نعم وحقاً أن اللواء علي محسن كان قادراً على استلام السلطة أو السيطرة عليها لو أراد منذ اليوم الأول لوصول علي عبدالله صالح السلطة في 17 يوليو 1978م وبكل يسر وسهولة ولا يزال كذلك حتى الآن. والواقع أن اللواء علي محسن أثبت، على امتداد 33 عاما المنصرمة، عزوفه وعدم سعيه ورغبته في الاستيلاء على الحكم وهو موقف أقرب إلى الزهد في أن يصبح رئيساً، والظاهر أنه ربما لم يكن راضياً ولا مرتاحاً لإدارة الدولة والسياسات المتبعة ومظاهر التردي والتدهور المتصاعد لأوضاع البلاد وأحوال الناس، فاختار فرصة اشتعال نيران الثورة الشعبية الهادرة ملايينها العديدة على امتداد البلاد وأعلن انحيازه للشعب وتأييده لمطالب ثورته المحقة والمشروعة وحماية المعتصمين السلميين من جرائم السلطة البشعة والمرعبة، لم يشأ الوصول إلى الحكم بانقلاب عسكري، وإنما التحم وتوحد بالشعب وأصبح جزءاً لا يتجزأ منه، معلناً موقفه بوضوح بأنه لن يسعى إلى السلطة أو حكم أو منصب وكل ما يتمناه أن يقضي باقي عمره مع أسرته وحياته العادية كمواطن.. إنه موقف إيجابي رائع سيخلده التاريخ به على صفحات لا تنمحي.


- من خلال التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأوربيين والأمريكان يبدو أن صالح سيواجه ضغطا دوليا غير مسبوق من أجل التنحي، إلى أي مدى يمكن أن يصمد حيال هذا المزدوج من الضغوط؟ وماذا تملك هذه القوى من أوراق كي تنجح بإقناع الرجل بالتخلي عن السلطة ؟

- علي عبدالله صالح يعتبر منتهياً وساقطاً من الناحية السياسية والدستورية والأخلاقية والواقعية، كان آخر سلاح بيده هو"المقامرة" المجنونة الأخيرة التي أراد من ورائها تدبير اغتيال للواء علي محسن الأحمر ورجال الواسطة معاً ثم قصف مواقع الفرقة الأولى مدرع بالطيران واكتساح ساحات المعتصمين في صنعاء وتعز والحديدة وتشتيتهم بقوات مسلحة من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوات الأمن المركزي وباستخدام مفرط للقوة مرة واحدة، وإعلان حظر التجول بحجة القضاء على الفتنة التي حدثت بالفرقة وتحميل اللواء علي محسن مسئولياتها، وهكذا يعيد سيطرته على الأوضاع و"يا دار ما دخلك شر" ويبلغ المجتمع الدولي بأن الأمور عادت إلى مجاريها الطبيعية فلا تقلقوا ويبقى في السلطة ونقلها، بعد ذلك، بالتوريث إلى ابنه وهكذا يخلق واقعاً جديداً تماماً، لكن مقامرته الهوجاء والمجنونة تلك فشلت وانتهت ولم يعد يملك أي ورقة أو سلاح آخر في يديه سوى الرحيل السريع هو وأبنائه وأبناء إخوته وأسرته وأقاربه وإلا أجبره الشعب الثائر والزاحف بجموعه المليونية على ذلك هارباً ذليلاً منكسراً.


والواقع أن الدول الأوروبية وأميركا يمكن أن تمارس ضغوطاً وتتخذ إجراءات عقابية مختلفة، لكن من يملك القوة والقدرة الحاسمة لفرض مطلب إسقاط الرئيس ونظامه الفاسد الإجرامي هو الشعب اليمني وحده وبإرادته الصلبة وملايينه الهادرة.


- في الجنوب أصبحت المطالب بإسقاط النظام هي الصوت الغالب مقابل خفوت المطالب الانفصالية، في الوقت نفسه هناك من يتحدث الآن عن سقوط مشروع الانفصال، كيف تنظر إلى الأمر من وجهة نظرك؟

- ما من شك بأن "القضية الجنوبية" وتعقيداتها ومسارها، يجب أن تحتل أول وأهم القضايا الوطنية الكبرى والإستراتيجية الأكثر حساسية، وهي نتاج الطريقة العشوائية والارتجالية التي تمت بها عملية إعلان قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م، وفاقمها وعمقها وعقدها النهج الخاطئ والسياسات الهمجية والممارسات المتخلفة السيئة التي مارستها السلطة العائلية الحاكمة منذ ما بعد حرب صيف 1994م، والتي أوصلت الأغلبية الساحقة من أبناء الجنوب تكفر بالوحدة وتطالب بعودة الانفصال.


صحيح ما تقوله بأن ثورة الشباب الشعبية المتواصلة منذ ما يزيد عن الشهرين قد ساهمت إلى حد بعيد في خلق رؤية جديدة وروح جديدة وخطاب جديد ووحدت هدف الشعب شماله وجنوبه على هدف إسقاط النظام وإقامة نظام ودولة ديمقراطية حديثة تكفل المشاركة الشعبية الحقيقية والتداول الوطني للسلطة دولة المؤسسات وسيادة القانون والمواطنة المتساوية دولة اتحادية فيدرالية تنزل السلطات الممركزة والمفرطة في المركزية وإعادة توزيعها على سلطات الأقاليم والمحافظات وغيرها.


لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن القضية الجنوبية يجب أن تحظى بالأولوية الأولى لمعالجتها وحلها. ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن يتم فور سقوط النظام إجراء استفتاء شعبي لإخواننا في الجنوب يستفتون فيه هل يبقون ضمن دولة ونظام سياسي فيدرالي ديمقراطي جديد أم يفضلون الانفصال، ويجب احترام إرادتهم في كل الأحوال، ذلك انه من غير المنطق والمعقول أن نجبر شعب الجنوب ونلزمه بالبقاء في إطار ما لا يرغب ولا يريد بالقوة المسلحة، والاستفتاء هنا يمثل الشرعية.


- أنت موجود في لندن وقريب من شخصيات سياسية جنوبية، ما هي الصيغة التي تعتقد أنها ملبية للمطالب الجنوبية بعد الثورة وتحظى بقبول دولي ؟

- الحقيقة أنه قبل الثورة الشعبية كان الرأي الغالب في أوساط إخواننا من أبناء الجنوب يتجه إلى خيار الانفصال، لكننا نلاحظ تغيراً ملموساً في الرؤية والاتجاه، تراجع وتواري وخفوت مطلب الانفصال كثيراً وانخرطت الغالبية منهم تحت هدف ومطلب "الشعب يريد تغيير وإسقاط النظام"، والواقع أن انتصار الثورة الشعبية الحاسم من شأنه تعزيز الخيار الوحدوي عموماً، واعتقد أن الأخذ بصيغة "الدولة الاتحادية الفيدرالية الديمقراطية الحديثة" من شأنه تلبية مطالب الجنوبيين وفي نفس الوقت تحظى بموافقة وقبول المجتمع الدولي لأنها الصيغة الأحدث والانجح والأفضل.



- الفيدرالية مثلا يبدو أنها ليست مقبولة من بعض الأطراف السياسية في المعارضة، ما الذي يثير مخاوفها برأيك؟ و إذا حدث أن رفضت هذه الصيغة ونجحت هذه الأطراف في تحشيد الناس لرفضها ما الذي يمكن أن يحدث بهذا الشأن وفي الجنوب تحديدا؟

- صحيح أن بعض الأطراف السياسية في المعارضة معترضة على الصيغة السياسية الفيدرالية، وأعتقد أن موقفها هذا ناتج عن قصور فهمها وعدم إلمامها ومعرفتها بطبيعة الدولة الفيدرالية وآلياتها ومؤسساتها وعلاقاتها الإدارية الخ، واعتبارها دولة واحدة وليس اتحاد دول، أو للحفاظ على مصالح معينة لشرائح معينة ضمن المجتمع تكفلها الدولة المركزية. وفي اعتقادي الجازم أن الدولة الفيدرالية هي الصيغة الأنسب والأفضل والأقدر على حل مشاكل اليمن وأزماته لأنها تكفل المشاركة الفاعلة والحقيقية لمكونات المجتمع في الحكم وإدارة شؤونها بنفسها وإذا ما أحبطت هذه الصيغة فستظل مشاكل وأزمات اليمن قائمة تعود لتتفجر مرة أخرى ومن جديد بما في ذلك الجنوب الذي لن يقبل أبدا بأدنى من الفيدرالية إضافة إلى محافظات الوسط وغيرها.


- في آخر مقابلة لعلي سالم البيض تمسك الرجل بمطلب استقلال الجنوب، وتجمع فصائل الحراك في الداخل على أنه هو الرئيس الجنوبي المخول قانونيا بالتفاوض لإنجاز "فك الارتباط "، ما هو مستقبل هذا الخيار برأيك؟ وهل تحظى تحركات البيض بهذا الشأن بإسناد خارجي مؤثر؟

- مشكلة الرئيس علي سالم البيض أنه طرح في مقابلته مع قناة "الحرة" مشروع "الجنوب العربي" وهو كيان لم يكن له وجود أو كيان سياسي معترف به في الماضي وان كان "اتحاد الجنوب العربي" قد قام لفترة زمنية محدودة قبل الاستقلال وضم عدن ومحمياتها الغربية ولم يضم سلطنة المهرة وسلطنتي القعيطي والكثيري في حضرموت وسلطنة الواحدي أي محميات عدن الشرقية، وبطرح وتبني البيض لمشروع الجنوب العربي فقد اسقط السلاح والسند والشرعية الوحيدة التي كانت بيده باعتباره الموقع على اتفاقية الوحدة في 22 مايو 1990م باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتخليه عن دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتبنيه لمشروع الجنوب العربي فلم يعد له قضية ولا سلاح اومشروعية قانونية وسياسية معترف بها.. أما الموقف الإقليمي والدولي فحسب علمي أنه لا يساند خيار الانفصال.


- الآن هناك ثورة شعبية غير مسبوقة، فاليمن بكل تنوعها موجودة في الساحات المطالبة بإسقاط النظام، وقد سقط مئات الشهداء والجرحى وهناك استعداد لدى الناس كما هو واضح لتقديم المزيد كي تنجح الثورة، هل تستطيع الثورة اليمنية تحقيق أهدافها دون تدخلات خارجية في رسم مسارها، والإفلات من الحسابات الإقليمية والدولية ؟

- نحن اليوم أمام ثورة شعبية حقيقية لا سابق لها، ثورة خطط لها وفجرها وقاد مسيرتها شباب واع ومؤمن بقضية شعبه العادلة، ثورة برزت مكتملة الملامح والقسمات والمعالم والمضمون، برهن شبابها أنهم أصحاب عقليات ومعارف وثقافة أكثر تطوراً وسعة ورقياً من حاكميهم والنخب السياسية القائمة، يمتلكون رؤية وأفقاً كونياً أوسع وأرحب وتصورهم لشكل مضمون الحياة التي ينشدون ويعملون من اجل بنائها أكثر تقدماً، ومفاهيم وأساليب عمل ووسائل ايجابية وفاعلية، ورؤية اشمل وأكثر حداثة لما يريدون. إننا أمام عصر جديد مختلف تماماً إنه عصر الشعوب المصممة على تحقيق وإنفاذ إرادتها وخياراتها وتغيير واقعها السيئ المعايش وصناعة الحياة من جديد على أراضيهم.


وهي ثورة وشباب وشعب لن يتراجع أبدا عن تحقيق أهدافه ، ويملك من القوة والقدرة الكافية ما يمكنه من انجاز الانتصار النهائي والحاسم، وأكثر من ذلك تصميمه الراسخ على البقاء يقظاً ومستنفراً وجاهزاً لمواصلة ثورته وحمايتها من كل محاولات الاحتواء أو الاختطاف أو الانقلاب على أهدافها من قبل أي قوى وجماعات ولهذا فلن تكون محتاجة إلى تدخلات خارجية ولن تقع في شباك الحسابات والأجندات الدولية والإقليمية، وان كانت حريصة كل الحرص وساعية لإقامة أقوى علاقات الصداقة والتعاون مع كافة دول العالم على قاعدة تحقيق المصالح الوطنية للجميع دون انغلاقه أو عزله.



- ما هي السيناريوهات المرجحة التي ستضع حدا لحكم صالح،ومن يستطيع برأيك ضمان عدم ملاحقته وأقاربه جنائيا عن جرائم قتل المتظاهرين، فضلا عن أرصدتهم وحساباتهم المالية؟

- حكم علي صالح انتهى وسقط عملياً تحت هدير الثورة الشعبية وزخمها الجبار، ولابد أن يرحل هو وأبناؤه وأبناء إخوته وأسرته وأقاربه نهائياً، وهو يعيش لحظاته الأخيرة خائفاً مرتعداً من سوء المصير الذي ينتظره وقد تهاوى كل ما بناه وأسسه وهيأه لتأييد بقائه في الحكم وضمان توريث ابنه من بعده وأزهق الأرواح بالآلاف وسفك الدماء انهاراً وخرب ودمر وأفسد من أجل ذلك، تهاوى وانهار وتلاشى في لمحة بصر وجعله ربي هباء منثورا، ولأن عقليته مريضة ومتخلفة وخاوية لا تملك فهماً أو إدراكا أو مشروعاً للحكم والدولة ووظيفة الحاكم المسئول، فإنه يواصل تشبثه المجنون بالسلطة ليبتز الآخرين حتى آخر لحظة مستجدياً منهم ضمانات تمنع مطالبته أو ملاحقته وأقاربه برد مليارات الدولارات التي نهبها هو وأقاربه أو مقاضاته للجرائم الكثيرة والشنيعة التي ارتكبها طوال فترة حكمه، بل وحتى قبلها وقتل المتظاهرين والمعتصمين في الساحات سلمياً.


ولا أعتقد أن من حق أي جهة كانت منحه حماية أو ضمان حماية وحصانة تحميه من المساءلة والعقاب، فمن الجرائم ما لا يسقط بالتقادم ومنها ما يختص بها القضاء والعدالة الدولية وأموال الشعب يجب أن تعود للشعب بقوة القانون وحده.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas