المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الأدب والفن > سقيفة عذب النغم والفن > سقيفة تراثيات فنيّه
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


أستاذ القمندانيات والغناء اليمني والفنّ اللحجي الفنّان المطرب الشيخ فضل محمد اللحجي

سقيفة تراثيات فنيّه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-03-2008, 05:37 AM   #1
نجد الحسيني
شخصيات هامه

افتراضي أستاذ القمندانيات والغناء اليمني والفنّ اللحجي الفنّان المطرب الشيخ فضل محمد اللحجي


بـسم الله الرحمـن الرحيم

أستاذ القمندانيات والفنّ اللحجي والغناء اليمني
المطرب الفنّان الشيخ فضل محمد اللحجي
- 2 -


منذ بداية القرن الماضي كان الغناء الصنعاني واليافعي للحمينيات
اليمنية الشهيرة هو السائد بين الناس
في مجالسهم ومحافلهم وأعراسهم ومناسباتهم سواء في المبارز أو المخادر
بالنسبة للرجال أو حتى
في البيوت بالنسبة للنساء. وحتى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، لم يكن يغيب هذا اللون من الغناء
في محفل ما من المحافل المقامة. وبقي الحال لم يتغيّر حتى قبيل منتصف القرن الماضي والسنين التي تلته
إلى يومنا هذا، ما تغيّر هو أن دخل فعلا زائر غريب سرعان ما أحبّه الناس وعشقوه، ومن بعد، لم يعد الزائر زائرا
لكنه غدا مقيما ومعشّشا في قلوب ووجدان الناس محتلا المكانة المرموقة واللائقة به، مسجّلا بريشة من ذهب
فنّه الرفيع جنبا إلى جنب مع شقيقيه الصنعاني واليافعي. وظلوا الأشقاء الثلاثة يتبادلون المراكز على أنغام
الكراسي الموسيقية.

لحج! لحج الغنّاء! لحج الخضيرة! لحج الحسيني!
من قصورها وبساتينها أطلّ علينا الأمير الشاعر أحمد فضل علي العبدلي (القمندان) والشاعر الثائر عبد الله هادي سبيت
ومن فوق أشجارها غرّد مطرب لحج المشهور هادي سبيت وتلاه شيخ المطربين فضل محمد اللحجي وكذلك الشيخ محمد علي الدباشي والشيخ محمد سعد عبد الله.
أبهرت لحج اليمن قاطبة من حضرموت إلى صنعاء إلى عدن حتّى ظنّ الناس أن عصر الحمينيات الصنعانية واليافعية قد انقضى وأن نجم الحمينيات الصنعانية واليافعية على وشك الأفول إن لم يكن قد أفل. وتعصّب كلّ فريق مع فريقه وتفرّقت الفرق. حتى كاد أن يبلغ تعصبهم تعنصرا.. عندما قال الأمير الشاعر أحمد فضل علي العبدلي (القمندان) لمطرب لحج المشهور هادي سبيت والد الشاعر الثوري عبد الله هادي سبيت بدافع من تحيّزه للفنّ اللحجي:
غنّ يا هادي نشيد أهل الوطن ** غنّ صوت الدان
ما علينا من غناء صنعاء اليمن ** غصن من عقيان
... ** ...
وأمام هذه العاصفة من الرياح اللحجية التي دخلت كلّ بيت في اليمن شمالا وجنوبا من الساحل حتى الجبل، ظلّت النخلة الصنعانية باسطة عسفها وباسق طلعها، مظللّة عشّاقها فتحنو عليهم بثمارها. لم يشتهر عن خلاف ما حلّ بين الحمينيات الصنعانية واليافعية كما هو الحال مع الحمينيات اللحجية، حتى أنّ الأمر تداخل بين الغناء اليافعي والصنعاني حيث لم تعدّ تفرق أو تميّز بين أيّهما هذا وأيّهما ذاك، فكلّ كسرة أو تحويلة في الأغنية الحمينية الصنعانية من إيقاعها البطيء إلى إيقاعها السريع يأتيك بلون يافعي ممزوج فيما تقدمه من الصنعاني.
ومن مسرّات الدهر أن قيّض في تلك الفترة للأغنية الحمينية الصنعانية واليافعية مطربون كبار من حضرموت وصنعاء وعدن وكذلك لحج من رفعوا شتّى ألوان راياتها وحافظوا عليها وتبادلوا أعلامها وأبقوها كما ورثوها وتوارثتها الأجيال حتى عصرنا.
إذ وقف نصيرا ومناصرا للغناء الحميني الصنعاني اليافعي:
من حضرموت: الشيخ علي أبو بكر باشراحيل والشيخ عوض عبد الله المسلّمي والسيّد عبد القادر عبد الرحيم بامخرمة...
ومن عدن: الشيخ محمد الماس وإبنه الشيخ إبراهيم محمد الماس وكذلك الشيخ أحمد عوض الجرّاش وشقيقه الشيخ علي عوض الجرّاش والشيخ أحمد عبيد القعطبي والشيخ صالح عبد الله العنتري...
ومن صنعاء: الشيخ قاسم الأخفش...
ومن لحج: الشيخ محمد علي الدباشي...
ومن القدماء المتأخرين نذكر الشيخ محمد سعد عبد الله (لحج) والشيخ محمد مرشد ناجي (عدن) والسيّد أبو بكر سالم بالفقيه (حضرموت) والشيخ محمد حمود الحارثي (صنعاء)
أمام هذا السيل من القادة والزعامات كيف لجيش أن ينهار أو يستسلم؟ مستحيل!
ولأن اليمن دار حكمة وأهلها أهل حكمة كمّا حدّث عنهم نبي الله ورسوله صلّ الله عليه وسلّم: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
فقد اتفقا وتوافقا الطرفان المتنازعان بأن يقتسما الحفل على أن تكون الساعات الأولى من المقيل للغناء الصنعاني واليافعي يتلوه الغناء اللحجي واليافعي أيضا حيث علمنا أن الحمينيات القمندانية اللحجية لا تخلو من بعض المزج مع الالحان اليافعيّة كما كان الحال مع الحمينيات الصنعانية، فكثيرا ما أستعار الأمير الشاعر أحمد فضل العبدلي (القمندان) من الأنغام اليافعية والالحان ليصوغها على حمينياته الشهيرة إذ أنّ بحسب نظرة الأمير بأن لا خلاف بين الأغنية اللحجيّة واليافعيّة كما الحال مع الأغنية الصنعانية حسب نظره.
ومن مفارقات الدهر أيضا أن كلّ شيوخ وأساطين الطرب اليمنّي قديما وحديثا غنّوا بالصنعاني واللحجي واليافعي والحضرمي والعدني ولم يفرقوا بين لحنا وآخر أو يميّزوا نغما عن آخر.
حتى جاءت ضربة الأمير والسلطان والقمندان نفسه في رائعته الكلاسيكية المشهورة (هل أعجبك يوم في شعري أو كما عرفت واشتهرت بصادت عيون المها) بطيف من الألحان والأنغام اليافعية والصنعانية واللحجية المتداخلة ببعضها على حدّ سواء، ومع هذه الأغنية عادت اللحمة بين الاخوان.
ولم يكتفي التؤام الروحي أحمد فضل العبدلي وفضل محمد اللحجي بذلك حيث قاّم الفنان الشيخ فضل اللحجي شخصيا وبضربة معلّم باقية آثارها عندما غنّى واحدة من أعذب وأروع أغانيه (وا مغرّد) بلحنها الصنعاني الحميني المأثور والمتواتر، وبها تمّ الالتحام واشتّد وعاد الإخوة أخوة كما كانوا وشاء لهم القدر أن يكونوا. وبقيت ألحان اليمن وأنغامها من حضرموت ويافع ولحج وصنعاء وعدن درر منثورة ونجوم متلألئة في سماء اليمن والجزيرة والخليج.

ما جعلني استرسل في كتابتي عن تلك الحقبة من الزمن هو تعريف الناس عن الفترة الذي ظهر فيها شيخ الفنون اللحجيّة والأستاذ والمعلّم لكلّ من جاء بعده من الأجيال حتى عصرنا، إذ لا ينكر أحدا أستاذية الشيخ فضل محمد اللحجي على محمد صالح حمدون وفيصل علوي وصالح بوبل وغيرهم...

بزوغ نجما الامير الشاعر العبدلي القمندان والشيخ المطرب الفنّان اللحجي في سماء لحج كان لهما أعظم الأثر في إثراء التراث اليمني وتجديده وتحديثه دون المساس بأصالته وعراقته الحمينية المشهودة. فكما أنّ الأمير الشاعر أحتسب على شعراء الحمينيات المعاصرين كذلك الشيخ الفنان محسوب على مطربي الحمينيات المشهورين.

ولد الفنان الشيخ فضل محمد اللحجي في عام 1910 م في الحوطة محافظة لحج وهي المدينة الجميلة التي ولد فيها أيضا الشيخ محمد علي الدباشي وكذلك الشيخ محمد سعد عبد الله وكثير من أفذاذ وعمالقة لحج العظام، كما هو معلوم عن الأمير الشاعر أحمد فضل العبدلي (القمندان) إعجابه بالفنان فضل محمد اللحجي وتشجيعه له حيث أصبح وأضحى وغدا وأمسى الأمير الشاعر القمندان بالنسبة للفنان فضل اللحجي الأستاذ والمعلّم والمرّبي كما كان المشجّع المتعصّب لفنانه ومن مهّد له المسالك وأزاح عن طريقه كلّ أشكال العقبات التي تواجهه وجعل له حظوة في البلاط الأميري السلطاني لم ينلها فنان مثله وكان الأمير الشاعر العبدلي (القمندان) كلّ شيء في حياة الفنان الشاب خاصة في بداية حياته وفنّه بل ظلّ الأمير الشاعر بمواقفه تلك مع فنانه حتى مماته وقد بلغت معزّة ومحبّة الفنان فضل محمد اللحجي في قلب الأمير الشاعر درجة كبيرة حتى يذكر إسمه في قصائده التليدة الرائعة كما غدا الأمير الشاعر أيضا أحد أسباب شهرة الفنان بل أنه كان السبب الرئيسي فيما حقّقه الفنّان من مجد وحظوة وشهرة على أقرانه وقد كانت لموهبة الفنان الفذّة ونبوغ عبقريته في إجادته العزف على العود والكمان وغيرها من الالات الموسيقية إسهام كبير فيما بلغه من شهرة جاوزت حدود لحج إلى عموم محافظات اليمن من الجبل إلى الساحل بل غطّت شهرته أيضا مناطق واسعة من إفريقيا كجيبوتي والصومال والحبشة وكينيا.
من المستحيل فصل الشاعر الأمير أحمد فضل العبدلي عن الفنان الشيخ فضل محمد اللحجي إذ قلّما تأتي على ذكر الأمير الشاعر دون أن تذكر الشيخ الفنّان والعكس صحيح. كانا توأم لحج الروحي. ذاك الأب والمعلّم وهذا الإبن والتلميذ. وقد ذكر لي الأخ عبد الحميد عبد الرقيب محمد اللحجي ـ إبن شقيق الفنان فضل اللحجي ـ المقيم في لندن، نقلا عن أبيه عبد الرقيب شقيق الفنان بأن الأمير الشاعر هو من أخذ بيد الفنان وربّاه وعلّمه وسخّر له كلّ ما من شأنه رفع مكانة الفنان في وسطه الفنّي من توفير الاسطوانات والسماع إلى المطربين المخضرمين وتزويده بمختلف الالات الموسيقية وتقديم أبلغ وأجمل الأشعار إليه وترديد أعذب الألحان والأنغام بصوته. كان دائما ما يصحب الأمير الشاعر الفنّان إلى الأعراس والحفلات وبما أن الأمير نفسه كان يجيد العزف على مختلف أدوات الموسيقى فقد ساعد فنّانه على استخدامها وتعلمها.. وقد زوّجه الأمير الشاعر من ثلاثة نساء وقد أنجب الفنان ثلاثة من الأبناء، و كما جاء إسم أبيه الروحي ومربيه سمّى إبنه البكر أحمد ـ مقيم حاليا في المملكة العربية السعودية ـ قد التقيت بالأخ أحمد فضل اللحجي حيث جمعتنا الصدف مرّة واحدة في منزله الكائن بمدينة جدة مع بعض الأصدقاء، يعود ذلك اللقاء والاجتماع إلى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وليت اجتماعاتنا تكرّرت لكن الظروف حالت دون ذلك. أمّا إبنه الثاني فهو الأخ عبد الكريم الذي يقيم في صنعاء باليمن، وإبنه الأخير أسعد الذي ما يزال في مدينته الحوطة في محافظة لحج، وهذا الأخير كما أخبرني الأخ عبد الحميد حكم عليه القدر أن لا يرى والده رحمه الله تعالى. ويتابع الأخ عبد الحميد نقلا عن والده عبد الرقيب ـ شقيق الفنان فضل محمد اللحجي ـ أنّ أول أغنية رسميّة غنّاها الفنان كانت من كلمات وألحان الأمير الشاعر القمندان لكنه لا يتذكّر إسمها (لكنّي شخصيا أعلم أن أولّ أغنية للشيخ اللحجي كانت أغنية (وا طير – سرى الهوى في الحسيني، تلتها أغنيته الثانية: معي جاهل وفي ساعده قشقش، أمّا الثالثة والشهيرة فقد كانت أغنية صادت عيون المها وقد سجلت كلّ تلك الأغنيات لشركة أوديون في عدن من العام 1938). كما أفادني الأخ عبد الحميد نقلا عن والده الشيخ عبد الرقيب بأن أوّل أغنية غنّاها الفنان الأستاذ فضل اللحجي خارج اليمن كانت في الكويت.
كان لوفاة الأمير الشاعر أحمد فضل علي العبدلي أثرا بالغا في نفس الفنان الشيخ فضل محمد اللحجي، حيث أنّ بوفاة توأمه الروحي فقد الفنان الأب والمربّي والمؤدّب والمعلّم والراعي والأخ الأكبر والصديق إذ كان الأمير الشاعر كلّ شيء تقريبا في حياته، ولهول الفاجعة عليه، عاش الفنان بضعة أشهر في غمّ وحزن وكآبة وحديث مع النفس، ومرّت عليه أيّام صعبة وغدا في حالة نفسيّة سيئة، ويخبرني إبن أخيه وشقيقه الأستاذ عبد الرقيب الأخ عبد الحميد بأنه كان يغادر منزله في الليل وحيدا حاملا معزوفته الربابة ولا يعود إلاّ مع الساعات الأولى من الفجر.
يظهر لنا هذا كم كانت وفاة القمندان كارثية بالنسبة للفنّان فضل اللحجي الذي لم تصوّر له نفسه يوما الحياة بدون صاحبه وأن يفتقد فجأة العطف والحنان والعناية والرعاية والمحبّة ويفقد كلّ شيء جميل في دنياه وكانت تلك الذكريات الجميلة مؤلمة بالنسبة له.
لكن الفنان فضل أستطاع بإيمانه وصبره ورضاءه بقضاء الله وقدره أن يخرج نفسه من هذا الحزن المسيطر عليه وأن يتابع حياته وفنّه كما ينبغي وأن يعود إلى عشّاق فنّه ليطربهم كما الأوّل وأحسن.
وعندما ضاقت عليه سبل العيش والمعيشة سافر إلى المملكة العربية السعودية حيث لم يمكث فيها طويلا ليعود الطائر إلى عشّه من بعد هجرته القصيرة.
كلّ تلك الظروف القاسية التّي مرّت على فناننا أفادته وصقلته وجعلته يفكّر بمستقبله ومستقبل فنّه وتطويره، فبدأ بكتابة سجلّه الخالد في تلحين الأغاني وأداء الغناء وتبني المواهب، ولو أنه بدأ بترجيع ألحان فقيده القمندان إلاّ أنه بعدها سلك مدرسة لحجية ومتنوعة خاصة به ورويدا رويدا حاول خلع عباءة القمندان التي ظلّت ملازمته لينهج نهجا مستقلاّ بذاته، ويؤسس قاعدة له ومدرسة خاصة به، لكنّه ظلّ في أعين الناس وأذانهم صوتا للقمندان، وهذا خطأ، حيث لم يشتهر الفنان فضل إلاّ من بعد وفاة القمندان، إذ عاش أكثر من عشرين سنة بعد وفاة القمندان يمتهن الفنّ والطرب والتلحين والغناء حتى خلّده التأريخ في صفحات الأغاني من تراث اليمن القديم والمعاصر حيث أصبح واحدا من كبار المطربين المشهورين وغدا علما من أعلام الفنّ اليمني الغنائي. فأن تجيّر جميع مراحل حياة الفنان فضل لحساب القمندان بسبب شهرة الأخير التي طغت على كلّ شيء ففي هذا ظلم كبير للفنان، لكنها سنّة الكون إذ كم شهد التأريخ من الأمثلة ونسبت أشعار وأغاني لأستاذ ما وهي بالحقيقة لتلميذ من تلامذته والعكس صحيح، فأيهما كانت له الشهرة يحوّل إليه كل شيء مشهور بين الناس، وهذا الحال ينطبق تماما على الفنان الشيخ فضل محمد اللحجي مع الشاعر الأمير أحمد فضل العبدلي.

يحسب للفنان فضل اللحجي إكتشافه العديد من المواهب الشابة وصقلها وتبنيها حتى ذاع صيت البعض منهم فأصبح لهم دور بارز في الوسط الفنّي وغدوا نجوما مشهورين يشار إليهم بالبنان، ولا يزالوا محتفظين بمكانتهم المرموقة كما لا تزال الناس تطرب لسماعهم ويأتي على رأس هؤلاء الفنان الكبير فيصل علوي الذي تعلّم أصول العزف على العود من أستاذه الكبير فضل اللحجي وتدرّب على يديه وتحت نظره وسمعه وأخذ عن أستاذه الشيء الكثير من فنون الطرب والغناء ومكث فيصل علوي في كنف الفنان فضل اللحجي حتى بداية الستينيات من القرن الماضي بل أنّ فيصل علوي ورث العود الذي طالما عزف عليه أستاذه الكبير فضل اللحجي (الصورة).

كان الفنّان فضل محمد اللحجي رحمه الله تعالى وغفر له موسوعة الأغاني والالحان اللحجيّة العذبة والجميلة، كفاه فخرا إذا ما قيل عنه أنه التوأم أو الإبن الروحي للشاعر الأمير أحمد فضل علي العبدلي (القمندان)، والأب الروحي لكلّ من غنّا في عصره ومن بعده للحج الخضيرة وللحسيني ولغزلان الوادي على شاطي البحيرة ولبانجناه من الفل والكادي والعنبرود...
هو الأب الروحّي لصالح حمدون ولفيصل علوي وصالح بوبل وغيرهم من الفنانين.

عاش الفنان أواخر أيام حياته في مدينة المنصورة في محافظة عدن مع عائلته مستمرا بالغناء والتلحين حتى قضى نحبه في تاريخ 3-2-1967 إثر طلقات نارية من أحد الأشخاص ـ نظرا لحالة الفوضى وعدم الأمن والاستقرار السائدة في عدن في ذلك العهد، جرّاء نار الثورة والتحرير المستعرة آنذاك ـ تسبّبت بوفاته، رحمه الله تعالى وغفر له. وقد نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في مدينة الحوطة في محافظة لحج ليوارى الثرى.

لم يخلّف المرحوم بعد موته ذرّة من حطام الدنيا الفانية، فقد سكن مع عائلته ببيت متواضع بالايجار، لا تركة من عقار أو مال وجد لديه، وفي هذا مّا ينفي عنه مزاعم قلّة من الناس لا تذكر أحتسبته على الاقطاعيين لمجرّد كونه كان مقرّبا من أمراء ومشايخ السلطنة الفضليّة اللحجيّة في بداية حياته، مزاعم أثبتت بطلانها وقائع الأيام في تأريخ حياة الفنان وموته.

وبموته تطوى أنصع صفحة من سجلات تأريخ الغناء اليمني القديم وحاضره وتبقى عبقرية الفنّان الشيخ فضل محمد اللحجي وفلسفته في الطرب والغناء والتلحين خالدة على مرّ العصور، ويبقى تراثه درسا لكلّ الأجيال.

وبموته فقد اليمن من جنوبه إلى شماله أسطورة من أساطير الغناء...

مات فضل محمد اللحجي ونحتسبه عند ربّه شهيدا ولا نزكّي على الله أحدا.
صعدت النفس إلى بارئها متسائلة بأي ذنب قتلت.
مات فضل محمد اللحجي مظلوما بعد أن أذاقته الحياة ضنك العيش وتقلبّات الأيام.
مات فضل محمد اللحجي كما مات من قبله صالح عبد الله العنتري دون أن يدري بموته أحد.
مات فضل محمد اللحجي كما مات من قبله أحمد عبيد قعطبي سقيما دون أن يسأل عنه أحد.
مات فضل محمد اللحجي كما مات من قبله محمد جمعه خان لا يمتلك حق الدواء ولم يسعفه أحد،
مات فضل محمد اللحجي كما ماتا من قبله شيخ البار وصالح با عيسى من بعده غريبا الأوطان والديار لم يتواصل معهما أحد.
مات فضل محمد اللحجي كما ماتوا قبله وبعده الشيخ علي أبو بكر والأخفش والمسلّمي والدباشي والماس والجرّاش وعمر غابة ومحمد سعد عبد الله وعبد القادر با مخرمة... كلّ قد مات إمّا فقيرا معدما أو غريبا مهاجرا.

هؤلاء خدموا وطنهم وأمتهم وما يزال الكلّ ينهل من فنونهم وعلومهم ومعارفهم، ولم يقتصر تقفي آثرهم وتقليدهم على أبناء اليمن وإنمّا امتدّت آثارهم إلى عموم نواحي الجزيرة العربية والخليج والوطن العربي وآسيا وافريقيا وغرف من تراثهم من غرف.
كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى على إسماع صوت اليمن.
حملوا إسم اليمن في قلوبهم أينما رحلوا وحيثما حلّوا.
إنهم لم ينسوا اليمن يوما ولكنّنا تناسيناهم ونسيناهم حتى اليوم.!
إنهم تذكّروا اليمن دائما ولكنّنا لم نتذّكرهم ولم نذكرهم أبدا.!

هل كثير على هؤلاء الأعلام أن يطلق على شارع في اليمن إسم أحدهم.؟
هل كثير عليهم أن يطلق على رواق في مسرح أو قاعة في جامعة أو مكتب في وزارة أعلام أو ثقافة أو فنون أو سياحة أسمائهم.؟
هل كثير في حقّهم رعاية أبنائهم وأحفادهم والعناية والاعتناء بهم وتوفير التعليم والصحّة لهم جزاء ما قدّمه أبائهم وأجدادهم لليمن بلا ثمن.؟
أما آن الأوان الذي يكرّموا فيه كما أكرموا ويحسن إليهم كما أحسنوا؟
متى العرفان بجميلهم متى؟
وهل جزاء الاحسان إلاّ الاحسان.!

رحم الله فضل محمد اللحجي ورحمهم تعالى جميعا وعفا عنهم وتاب عليهم وغفر لهم.

آمين.


في الختام، يطيب لي ويسرّني ويسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأخ الفاضل عبد الحميد بن عبد الرقيب اللحجي على الصور النادرة التي أهدانيها بكلّ محبّة وفاء وإكراما لعمّه شقيق والده الفنان القدير والمطرب الشيخ فضل محمد اللحجي.. وبأسمى آيات الاعتزاز والافتخار أرفعها هنا للتأمل ومشاهدة أجمل وأحلى الذكريات.:


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


هنا يقفا العملاقان الشاهقان بكلّ عزّة وشموخ على يمين الصورة الفنان الشيخ فضل محمد اللحجي وعلى يسار الصورة الشاعر الأمير أحمد فضل علي العبدلي (القمندان):


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


صورة من الذكريات تجمع الشيخ الوالد محمد اللحجي في وسط الصورة وعلى يمين الصورة إبنه الأصغر عبد الرقيب (والد الأخ عبد الحميد) وعلى يسار الصورة إبنه الفنان فضل محمد اللحجي:


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


آخر صورة للفنان الشهيد بإذن الله تعالى الشيخ فضل محمد اللحجي قبيل وفاته بثلاثة أسابيع:


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


مجموعة من الصور للفنان الراحل الشيخ فضل محمد اللحجي رحمه الله تعالى:


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وهذه صورة نادرة جدا جدا للفنان المشهور فيصل علوي في باكورة مشواره الفنّي يعزف على عود أستاذه الشيخ فضل محمد اللحجي:



بالضغط هنا يمكنكم تنزيل ما تعجبكم من الأغاني للأستاذ فضل محمد اللحجي يربو عددها على الخمسين (50) أغنية!



نجد بن صالح الحسيني
التوقيع :
ما خاصمني عاقل إلاّ غلبته = ولا خاصمني جاهل إلاّ غلبني

التعديل الأخير تم بواسطة ابومحروس ; 01-03-2008 الساعة 06:01 PM
  رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 04:31 PM   #2
ابومحروس
مشرف عذب النغم والفن
 
الصورة الرمزية ابومحروس

افتراضي

توثيق رائع رائع رائع
وسرد جميل جدا
منك يااخ نجد الحسيني
لأولائك العمالقه الذين
اسسو فاحسنو التاسيس
للفن الجميل الذي شمل جنوب الجزيره كلها
ولانجلس في مجلس فني نغني فيه الا
ويكونون حاضرين بيننا
سوا ء كلمات جميله او الحان خالده
لك التحيه والتقدير
التوقيع :
[all1=33FF99]
§¤~¤§¤~¤§
سلام مني عليكم ياحبايب
§¤~¤§¤~¤§
[/all1]

التعديل الأخير تم بواسطة ابومحروس ; 01-03-2008 الساعة 05:59 PM
  رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 04:52 PM   #3
ابوصالح
حال قيادي
 
الصورة الرمزية ابوصالح

افتراضي

يعطيك العافيه اخي نجد الحسيني على الجهود التى تقدمها لتوثيق الفن اليمني ومشاهيره وفقك الباري
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 01-05-2008, 07:33 PM   #4
نجد الحسيني
شخصيات هامه

افتراضي

اخواني بو محروس وأبو صالح

لا يحرمني الله وجودكم
ويسعدني دوما بحضوركم
أفرح كثيرا بانتظار لقياكم
ولا أتصور البعد عنكم وفراقكم

أدام الله عليكم الهناء والمحبّة والسعادة

مخلصكم:

أبو صالح
  رد مع اقتباس
قديم 01-24-2008, 10:25 AM   #5
bader
حال جديد

افتراضي

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
  رد مع اقتباس
قديم 03-12-2008, 07:12 PM   #6
infssb
حال نشيط

افتراضي

يعطيك العافيه اخي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
آل الشسخ أبي بكر بن سالم عبدالقادر شريف مكتبة السقيفه 11 12-24-2012 06:19 AM
آل الشيخ أبي بكر بن سالم في شرق أفريقيا عبدالقادر شريف سقيفة الترحيب 5 01-07-2010 10:50 AM
ياقحوطة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تريم ! الحضرمي التريمي مكتبة السقيفه 0 10-15-2009 11:20 AM
موسوعة صوفية حضرموت الواثق بالله سقيفة الحوار الإسلامي 3 05-01-2009 03:48 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas