07-10-2011, 03:03 AM | #1 | ||||||
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه
|
من سجن إلى سجن ومن زنزانة الى زنزانة .. سلام يامرقشي
من سجن إلى سجن ومن زنزانة الى زنزانة .. سلام يامرقشي السبت , 09 يوليو, 2011, 01:46 بقلم : فؤاد راشد في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين 17 فبراير 2010م دعا الذاهبي بصوته الأجش من شرفة الزنزانة الجماعية بسجن الأمن السياسي بصنعاء على أسمي ، مردفا : جهز نفسك ! . وهذا يعني أن أقوم بتجهيز أشيائي ، وأستعد للمغادرة . وفي لحظة اطلاق صوته المزعج أستيقظ الكل من النوم ، وخرجوا من بطانياتهم . ولم نكن قد خلدنا الى النوم الا قبل نحو ساعة ، أو ساعتين ذلك أن طبيعة السجن أن نسهر الليل كله في قراءة القرآن ، وبعض الكتب الدينية المتاحة حتى الفجر نؤدي الصلاة ، ثم نهجع الى النوم حتى صلاة الظهر ، ويبدأ اليوم الآخر دواليك .. في هذه الزنزانة الصغيرة كنا نحو 15 فردا ، ويزداد العدد ، وينقص بحسب همة الأشاوس من رجال الأمن السياسي ، وخفتهم على جلب المزيد من البشر .. ثمانية من المتهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة ، وستة من الحوثيين وأنا من الحراك السلمي الجنوبي ( كوكتيل بشري فكري سياسي متنوع ومتضاد ومتناقض ) . عند انطلاق الصوت الأجش نهض من بالغرفة جميعا ، ونفضنا النوم ! .. وفي واقع الأمر كنت في انتظار هذا الصوت بفارغ الصبر منذ قرابة شهرين عقب إصدار قرار من محكمة أمن الدولة بتحويلنا ( أنا ، وصلاح السقلدي ، وأحمد الربيزي ) من سجن القمش ( نسبة الى اللواء غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي ) الى السجن المركزي ، لكن ادارة السجن كانت تصر على إبقاء الضيافة أطول فترة ممكن إلى إن أعلنا الإضراب عن الطعام ، وكان ذلك عامل ضغط على تنفيذ القرار الى جانب الحملة الصحفية في الخارج . والذاهبي هذا جندي بليد للأذى فطن يبلغ من العمر خمسين عاما .. وهو بمثابة عين مدير السجن على المعتقلين والمصدق عنده من بين كل الجنود ، وهو صاحب المهمات الصعبة ( كالضرب ، والتعذيب ) .. رمزا للجهل .. ذات مرة حسب ماحكى بلسانه أنه عالج زوجته من حروق في وجهها فأصابها بالعمى !! . صحونا جميعا من النوم .. توادعنا وداع الأحبة .. بطبيعة الحال تنشأ مع الأيام علاقات حميمة بين نزلاء السجن على اختلاف أنتمائاتهم السياسية ، والفكرية ، والاجتماعية .. عبد الله جحاف ، وعبد الجبار الجرموزي ، وعبداللاه السياني ، وآخرون من الحوثيين الذين حملوا عني كل شي طيلة بقائي في السجن السياسي ، وقاموا عني بكل دور فجزاهم الله خيرا .. توادعنا .. عبد الفتاح ، ونبيل دلاق ، وحسين مروله ، وآخرون من المتهمين بتنظيم القاعدة الذين كانوا قريبين مني تارة ،وبعيدين عني تارة اخرى . توادعنا كأنا كنا أصدقاء منذ عقود من الزمن ... حملت أشيائي البسيطة ، وخرجت .. وعند بوابة السجن ألتقيت السقلدي، والربيزي المقيمين في زنزانة آخرى يبتسمان كأنهما يودعان جهنم ! .. كان هناك يقف الى جانبهما محمد النميلي مدير التحقيقات سيء الصيت ، وصالح العرشي نائب مدير سجن الأمن السياسي .. لم يكن موجودا مدير السجن صالح الجبري ذلك الرجل الذي لا يقرأ ، ولا يكتب ! . ومن طرائف الجبري هذا أنه ذات مرة دخل زنزانة جماعية ، ورأى البسملة بالجدار مكتوبة فنظر في الجميع بغضب وتسائل .. من كتب أسمه هنا ؟ ! . كان النميلي ، والعرشي ينظران إلي بغضب شديد حتى أنهما صافحا السقلدي ، والربيزي ، وودعاهما في لؤم ، ولم يصافحاني ، وتجرأ العرشي في صلف قائلا : أنت لن نسامحك ! . تصوروا الجرأة .. إدارة سجن الأمن السياسي لن تسامحني ! سبحان الله .. لم يكفهم ما جرى ! . كانت إدارة السجن تتهمني بالتحريض على الإضراب الذي أعلنته بمحكمة أمن الدولة ،وكنت آخر من أرفعه بعد وساطة الأصدقاء . ما علينا من غضبهما ،فليموتا به !.. والنميلي هذا ظل موتورا علي وهو أعلى شخص بداخل السجن مذ تحدثت مع الصحفية سامية الأغبري حين زارتني رافعا صوتي عن العنصرية التي تمارس معنا كجنوبيين حتى أنها خافت علي وطلبت مني الصمت . كنت أحدثها داخل السجن كيف يمارسون كل أساليب القمع .. حتى المساواة بين السجناء مفقودة .. الشمالي يحضى بالاحترام أكان مع القاعدة ، أو حوثي .. والجنوبي مغضوب عليه حتى يترك الحراك . أدخلونا الثلاثة في قفص حديدي بسيارة هيلوكس أكلت الطريق أكلا ونحن في طريقنا الى السجن المركزي .. كنا جميعا نبتسم وفرحين كأننا قد حررنا من السجن ، وخرجنا من جهنم .. ولربما كان الأمر كذلك .. عشرة أشهر ونيف في زنازين مغلقة علينا لا تفتح أبوابها إلا لدورة المياه .. لا نشاهد التلفزيون .. ولانقرأ إلا صحف الثورة والجمهورية ، وهو من العقاب .. لا ألتقي بزملائي المنتسبين للحراك إلا بالنادر .. في محل الزيارات مثلا ، وبرشوة الجنود مثلا آخر ، وحينما تم تحويلنا من سجن الأمن السياسي الى السجن المركزي لم يعرف أخوتنا المتبقين هناك ( قاسم عسكر ، وأحمد القنع ، وفادي باعوم، وحسين زيد بن يحيى ، وأبناء محمد صالح طماح ) إلا بعد ستة أيام !. كنا في سجن أسوأ من سجن غوانتانامو ! . الزنزانة الجماعية المستوية بالأرض التي كنت فيها تجاور حوش السجن ، وهو ما يصطلح عليه بالشماسية .. ويسمح للمعتقلين بالتشمس نصف ساعة لكل زانزنة جماعية يوما في الأسبوع . كان حين يخرج السفير قاسم عسكر جبران ،أو العميد علي السعدي ،أو فادي باعوم ،أو السقلدي ،أو الربيزي ،أو قاسم عثمان الداعري ،أو عمار وياسر أبناء محمد صالح طماح ، أو ماجد أبن الثائر طاهر طماح .. كان جميع هؤلاء حين يخرجون الى الحوش ينادونني .. وكنت داخل الغرفة أتسلق على ظهر أحد الحوثيين الطيبين .. ومن شرفة في أعلى الزنزانة يطل بعض رأسي عليهم ،فيخابروني بالجديد معهم عن الجنوب ،وثورة شعبه العادلة والمشروعة ،وأخبرهم بما معي ، وأطمئن عليهم كما يطمئنون علي . كان جزءا من رأسي يطل عليهم ، وبالكاد أرى وجوههم بينما يظل كل جسمي مدلدلا في الهواء . أحمد القنع غيبوه عنا بعد ما كنا في الزنازين الأرضية نلتقي .. صعدوا به الى الدور الثالث ، وهناك ألتقى بعلي شائف الحريري ونائف الصلاحي والشنفره ، وطابت لياليه معهم . ----------------------------------- في الطريق الى السجن المركزي كنا ننتظر اللحظة التي تجمعنا بالشيخ أحمد محمد بامعلم بعد غياب يقارب عاما ، والدكتور حسين العاقل ، والمناضلين عيدروس حقيس ، وصديق بلعيد ، وأحمد عمر العبادي المرقشي ، والدكتور محمد جعبل عباس ، وعميد الأسرى بجاش الأغبري الصبيحي .. وفي الضفة الأخرى كان هؤلاء مذ سماع خبر نقلنا الى السجن المركزي ، وهم ينتظروننا على أحر من الجمر . ها نحن أيها الأحبة بين ظهرانيكم الآن .. نحن في رحلة ممتدة من سجن الى سجن ومن زنزانة الى زنزانة .. دقائق وإذا بنا نراهم رؤي العين أمامنا في البوابة في أنتظارنا .. كانوا في البوابة .. العاقل ، وبامعلم .. وتدافع بعضنا الى بعض .. ياعاقل ، يابامعلم ، ياسقلدي ، ياربيزي ، ياراشد ..، وأحتضنا بعضنا ، وبكينا جميعا !!!!!. بكينا لفرحة اللقاء .. وللصمود .. وعدم الانحناء رغم أهوال السجون والبعد عن الأهل وميادين الشرف .. شعرنا أننا أبطال .. لم نهاب السجن ، والزنازين الأرضية ، وتحقيقات المساء ، وعجرفة السجانين .. وها نحن نلتقي معززين .. رافعين الرؤوس والجباه . وأقام لنا الدكتور حسين العاقل وليمة عرعرم تغطت باللحم .. كأنه كان يدري أننا بلا أكل منذ عشرة شهور !! . ولفت نظرنا غياب المرقشي .. أين أبن العريش ؟ أين بطل الأيام .. أين بطل الساحات والمسيرات النقابية ؟ أين رجل التصالح والتسامح ؟ . أين الرجل الذي تصدى للبلاطجة أثناء إقدامهم على اقتحام منزل آل باشراحيل بصنعاء ؟ . أحمد عمر العبادي المرقشي اقتادوه الى جلسة في المحكمة كما أبلغوه .. وقد كدنا أن لا نراه أبدا . كان هذا التاريخ موعدا لاغتياله بحسب مخطط مدروس .. هكذا عرفنا .. العسكر هناك لا يخفون شيئا .. نثروا الخبر .. حافلة السجن بعد عودتها من المحكمة تعرضت لإطلاق نار كثيف من مجهولين ونجا المرقشي بأعجوبة من الاغتيال . تسرب الخبر في السجن ، ووصل إلينا . في المحكمة بتاريخ 17 فبراير 2010م سأل القاضي المرقشي .. من الذي جاء بك .. أنا لم أطلبك . هم من جاءوا بي .. هكذا قال للقاضي أحمد بن عمر .. هل أتحرك أنا وحدي .. بإرادتي ؟ . في العودة الى السجن أطلقوا عليه النار ونجا . ها هو يدخل علينا السجن ، وينشغل بالترحيب عنا كأن لم يحدث له شيئا .. سألناه عن الأمر ، وإذا بالرجل غير مكثرت ، ومسلم أمره لله .. عرفنا أن هذا الحادث الثاني الذي يستهدفه .. المرة السابقة وجهوا النار إليه ، وهو في المحكمة .. وسلم ايضا . ماذا تخبئ لك الأقدار يامرقشي ؟.. يا جبلا من جبال الجنوب .. ويابطلا نبيلا كالسمؤل .. --------------------- نعلم جميعا قصة هذا الرجل النبيل الذي تصدى لبلاطجة نافذين أرادوا اقتحام منزل آل باشراحيل بصنعاء ، والسيطرة عليه بالقوة والعربدة .. أحدهم يدعى المصري قريب للمصري وزير الداخلية .. هؤلاء استخدموا إطلاق النار عند عملية الاقتحام فتصدى لهم المرقشي حارس المنزل بدافع الواجب العملي والأخلاقي ، وعند تبادل إطلاق النار سقط أحد المقتحمين بطلق ناري جاءه من الخلف .. التقارير الطبية قالت ذلك ومدونة بملف المحكمة .. وتقارير المعمل الجنائي قالت ذلك ايضا ولكن لاحياة لمن تنادي .. يحاكمون المرقشي على جريمة قتل لم يرتكبها لأن المخرج عاوز ذلك . طيلة فترة المحاكمة لأكثر من عامين لم تحضر النيابة الغرماء .. لم تستطع جلبهم ، والتحقيق معهم في القضية .. تعب المرقشي من سؤال المحكمة وإلحاحه المتكررعلى طلب حضورهم .. تعب محاموه أيضا من تقديم المذكرات بذلك . النيابة ووزارة الداخلية لم تستطع أن تحضر الغرماء . اللطيف في الأمر أن بعض الغرماء ( الذين هاجموا المنزل ) يحضرون أحيانا الى المحكمة بقصد تنفيذ جريمة اغتيال المرقشي ، ولا يستطيع القاضي أن يأمر بحجزهم ؟ . ابتسم ، أنت في صنعاء ! . ------------------------- الأسبوع الماضي أيدت محكمة غرب صنعاء حكم الابتدائية بإعدام ألمرقشي على جريمة قتل لم يرتكبها .. التقارير الطبية تقول ذلك ، وتقارير المعمل الجنائي تقول ذلك .. لكن حفنة من النافذين لا يريدون إلا قتل ألمرقشي تأديبا على تجرؤه بالتصدي لعلية القوم الذين كانوا يريدون تصفية حسابات سياسية مع آل باشراحيل نظير ما ينشروه في صحيفة الأيام . لم يستدعوه من السجن ، وبخلوا عليه حتى بسماع النطق بالحكم ، كما لم يستدعوا المحامين .. وواضح أنهم خجلوا من النطق بالحكم بحضورهم .. صدروا الحكم إليه عبر الأوراق . يذكر المرقشي أن ياسر اليماني زاره الى السجن المركزي ، وألتقاه بحضور مدير السجن قبل نحو عامين ، ولا زالت القضية بالمحكمة الابتدائية .. بلغه رسالة من كلمتين .. أبلغ هشام باشراحيل بالتوقف عن النشر وإثارة قضية الجنوب .. تجاهل المرقشي الرسالة . وهذه هي أصل القضية .. ألم تضرب الأيام ؟ ! . لا شك ، أن هذا الحكم السياسي الباطل لن ينفذ ، وسننتظر المرقشي لنزوره في عدن بين أهله وأحبائه كما رأينا بجاش الأغبري حرا طليقا بعد 16 عاما من السجن . ومثل هذا الرجل لا تهتز فرائصه من حكم بالإعدام ، فطيلة مشواره النضالي ، وهو يصارع الموت .. يقف ضد الباطل .. يواجه الرصاص في الساحات .. يقود المسيرات النقابية .. وفي طلائع الثورة الجنوبية .. سجله حافل بالمواقف الوطنية والإنسانية المشرفة . يقضي أيامه في السجن صائما راكعا كما كان خارجه .. يتدخل ، ويقف مع الضعفاء .. يناصرهم بكلمة الحق لايهاب السجان ولا يخاف في الله لومة لائم ولاعجرفة غاشم .. خلوقا ،بشوشا ، دمث الأخلاق . سامحني يامرقشي . أنشغلنا عنك أيها الرجل النبيل ، ولا نستطيع أن نزورك ، لكن ربما نأتي إليك ضيوفا .. من يدري ؟! . الحق الحق أقول لك .. كنا بالسجن نستمد منك الشجاعة .. حين نلتقي وحدنا ( السقلدي ، والربيزي ، وأنا ، والعاقل ، وبامعلم ، والدكتور جعبل ، والأغبري ) كنا نقول فيما بيننا .. ها هو المرقشي محكوم بالإعدام وهو صلب قوي ، فلنكن مثله .. كنت ولا زلت مثالا للوفاء والفداء ، وستظل كذلك . ننتظرك في عدن ، وسنلتقي إن شاء الله . صدى عدن / حضرموت |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|