المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي



صدر موخرا

مكتبة السقيفه


إضافة رد
قديم 12-04-2010, 10:37 PM   #1
فهمي احمد بن سلم
حال نشيط


الدولة :  المملكه العربيه السعوديه (مكه المكرمه
فهمي احمد بن سلم is on a distinguished road
فهمي احمد بن سلم غير متواجد حالياً
افتراضي صدر موخرا

ملخص الإملاء ويليه منظومة الإملاء

تأليف: عادل بن صالح بن سلم
تقديم: يحيى بن علي الحجوري
هذا الكتاب:
كثرت كتاب الإملاء في الساحة لكن هذه الكتاب يتميز بضبط القواعد وسهولة العبارة وعدم التعقيد، ويليه منظومة تيسر حفظ القواعد
مواصفات الطباعة:
80 صفحة مقاس 17×24 غلاف لونان السعر $ 2
الموضوع - اللغة - المتون
التوقيع :
وانا ما قول شعري الا في الرجال المنيعه
من قدرهم عالي واهلهم عاليين الحصون
اما اهل الحظيظ لي تشل المراجل صينعه
ماعليهم حسافه يوم من الدنيا يرحلون

شاعر اللسك /
فهمي بن سلم
  رد مع اقتباس
قديم 12-04-2010, 10:53 PM   #2
فهمي احمد بن سلم
حال نشيط


الدولة :  المملكه العربيه السعوديه (مكه المكرمه
فهمي احمد بن سلم is on a distinguished road
فهمي احمد بن سلم غير متواجد حالياً
افتراضي

هذه نبذة يسيرة عن العلامة محمد بن عمر بن بكران ابن سِلْم.

...................


اسمه:
هو العلامة المشارك، والعابد الناسك، والمصلح الصابر، والفقيه الجليل، أبو أحمد محمد بن عمر بن عوض بن بُكران ابن سِلْم القرشي الهاشمي العَقِيلي، الشافعي، الشحري ثم الغيلي.

نسبه:
هكذا رفع نسبه جماعة من المؤرخين، وذكروا أن نسب آل ابن سلم في العقيليين من بني هاشم.

ويرجع نسب آل ابن سلم إلى الشيخ محمد بن سلم بن عبدالله بن سلم بن علي بن سلمة العقيلي الهاشمي، هكذا ذكره صاحب "الدر والياقوت".

وقال العلامة ابن عبيدالله بعد ذكره للمترجم له: "وآل ابن سلم بيت علم وصلاح، منهم الشيخ علي بن سلم، تلميذ السيد عبدالله باعلوي المتوفى سنة 731هـ".

وقال الشيخ عبدالله بن سالم بن عبدالرحيم مشمع باوزير - تلميذ ابن سلم – في قصيدة له:
طَوْدُ العلـومِ محمـدٌ نجلُ العُلا *** عُمَرَ بنِ بَكـرانٍ حميدُ صفاتِ
فهـو ابنُ سِلْـمٍ اَلعَقيليْ نِسْبَةً *** نُشِرَتْ عليه سَحَائِبُ الرَّحماتِ

ولغيره:
وأعـني به من للعقيلي نسبةً *** محمـد ابن سلم نعم المكرمـا

وقال العلامة محسن بن جعفر بونمي في مقدمة كتابه "شرح عقيدة العوام": "... سيدنا وبركتنا وشيخنا: محمد بن عمر بن سلم العقيلي نسباً، الشافعي مذهباً" .

مولده:
ولد رحمه الله تعالى سنة 1274هـ في مدينة الشحر الشهيرة، في موضع يقال له: حارة عيديد. وبها نشأ وتلقى تعليمه.

دراسته في بلده:
تلقى مبادئ القراءة، والكتابة، ودروس القرآن، والفقه، وأوليات علوم اللغة، كما هو المعهود آنذاك في بلده.
وقد كان بالشحر وقتئذٍ جماعة من الفقهاء والعلماء الذين عاصرهم العلامة ابن سلم، منهم:
• العلامة القاضي الفقيه عوض بن سعيد بامطرف، المتوفى سنة 1287هـ، تولى قضاء الشحر في عهد آل بريك .
• السيد الفاضل عبدالله بن سالم بن عبدالله بن زين عيديد، المتوفى سنة 1306هـ .
• السيد الفاضل محمد بن سالم بن عبدالله بن زين عيديد، المتوفى بالشحر سنة 1311هـ .
• السيد الفاضل علي بن حسين بن علي بن حسين البيض، المولود بالشحر سنة 1235هـ، والمتوفى بها سنة 1282هـ .
إلا أنه لم يبلغنا أخذه عن أحد منهم، وأول من عرفنا من شيوخه ببلده هو العلامة الفقيه القاضي الشيخ ناصر بن صالح بن علي ابن هرهرة اليافعي، قاضي الشحر آنذاك، والمتوفى بها سنة 1300هـ، "وكانت له مدرسة، تخرج على يديه فيها علماء وفقهاء، إلا أن هذه المدرسة خلت من الطلبة بعد وفاة شيخها، وصارت مسجدا للصلاة فيه، ولا يزال هذا المسجد معمورا بالصلاة إلى اليوم، واسمه: مسجد المدرسة". (مذكرة الملاحي ص 265- 266).

رحلته إلى مصر والتحاقه بالأزهر:
وبعد وفاة شيخه رحل إلى بلاد مصر في مطلع القرن، والتحق بالأزهر الشهير، وانتظم فيه قرابة أربع سنوات. كذا قال العلامة الناخبي في "ثبته المختصر" (ص 31).
وذكر الناخبي أن العلامة ابن سلم عاد إلى حضرموت في حدود سنة 1311هـ تقريبا، واعتمد في ذلك على ما ذكره العلامة المؤرخ الشيخ سعيد بن عوض باوزير في كتابه "الصفحات" من أن رحلة العلامة ابن سلم استغرقت أربع سنوات وعدة أشهر، أي من سنة 1306هـ وحتى سنة 1311هـ.
فإن كان الأمر كما ذكر في سنة عودته، فهذا يعني أن مكوثه بمصر كان أكثر من أربع سنوات، لأن وفاة بعض شيوخه بمصر كانت سنة 1305هـ كما سيأتي.
درس في الأزهر علوما عديدة، كالفقه والتفسير والحديث والأصول وعلوم اللغة العربية والفلك والمنطق وغيرها( ).
وجد واجتهد في تحصيل العلوم، حتى حصل على الشهادة الأزهرية، والمرتبة العلمية، وأذن له مشايخه، وكتبوا له الإجازة بتاريخ 15 صفر سنة 1311هـ.

شيوخه بمصر:
للعلامة السَّيد محسن بونمي منظومة لطيفة في ذكر شيوخ شيخه العلامة ابن سلم، ضمنها شيوخه في حضرموت ومصر والحجاز، وقد أوردهم جميعا الأستاذ محسن بونمي في كتابه "بر الولد"، ومنه أنقل.
فمن شيوخه بمصر:
1- شمس الدين محمد بن محمد بن حسين الإنْبابي المصري الشافعي. عالم مشارك في أنواع من العلوم. ولد بالقاهرة سنة (1240هـ)، وبها توفي سنة (1313هـ).
ترجمته في معجم المؤلفين 3/638.
وفي بعض تآليف السيد محسن بونمي ما نصه: ((وكتب عليها شيخ شيوخنا المرحوم، شيخ الإسلام، وفخر الأنام: محمد الإنبابي رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه ما نصه..."، ثم ذكر المنقول.
2- إسماعيل بن موسى بن عثمان الأزهري الأحمدي المالكي الشَّهير بالحامدي. رئيس رواق الصعايدة بالأزهر الشَّريف. ولد سنة (1226هـ) وتوفي سنة (1316هـ).
ترجمته في معجم المؤلفين 1/382.
3- أحمد بن محجوب الرفاعي المالكي.
4- الأشموني .
وزاد الناخبي:
5- الشيخ المقرئ حسن بدير الجريسي.
6- الشيخ حسن المرصفي.
7- خطيب الأزهر الشيخ حسن السقا.
قال الناخبي: "وغيرهم من العلماء الكبار". (الثبت المختصر).
وزاد الدكتور حسين الحبشي:
8- عبد الهادي نجا الأبياري، المتوفى سنة 1305هـ.
وفي إجازة السيد محسن بونمي للشيخ سعيد بن عبدالصمد ابن قويرة باوزير في الحديث المسلسل بيوم عاشوراء:
9- أحمد الشبيني !!. هكذا في "بر الولد".

وقد عاصر العلامة ابن سلم الدعوة الإصلاحية بمصر، وتأثر بها، يدل على ذلك منهجه الدعوي حين رجع إلى مسقط رأسه، والطريقة التي سلكها في رباطه، والأوصاف التي وصفه بها معاصروه وتلاميذه، كما سيأتي.

رجوعه إلى بلده وذكر ما لقيه بسبب دعوته وإصلاحه:
وبعد قضاء ما قدر له في مصر وجامعها الأزهر، عاد إلى بلدته ومسقط رأسه مدينة الشحر، وقد اعتراها ذبول العلم، وذهاب العلماء - إلا ما ندر -، وعزوف الناس عن طلب العلم، مع انتشار للبدع، واستفحال للجهل. فبدأ بالدعوة والتعليم، واعظاً ومرشداً، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ناشراً لأحكام الشريعة، محذراً من المحدثات الشنيعة، وتصدى لإفتاء الناس.
فالتف حوله – في بادئ الأمر – جماعة من الطلبة، "وانتفع بوعظه خلق كثير، وكان أحد الذين اتصلوا به بالشحر الأستاذ محمد بن هاشم الكاتب الأديب المعروف، وعرض على الشيخ قصيدة من نظمه في مدح السلطان فاستحسنها بعد ما استغرب صدورها من مثل الأستاذ في صغر سنه" .
وكان يَظُنُّ – حين عودته – أنه سيقابَل بالترحيب من العلماء والوجهاء، وسيُفسح له المجال للدعوة، وسيجد من الدعم والتأييد ما يعينه على نشر العلم. إلا أن شيئا من ذلك لم يكن، والسبب في ذلك واضح غير خفي، حيث استحدث طريقة في الدعوة والتعليم مغايرة للطريقة المعهودة، مع إنكاره البدع والعوائد الموجودة في المساجد، وتبصير الناس بما يخالف الشريعة. وهو الأمر الذي يهدد بسحب البساط من تحت زعامات ووجاهات ذوي مناصب ينظر إليهم العامة على أنهم أهل الحل والعقد.
فنوصب - المترجم له - العداء من قبل بعض من ساءهم فعله، وشقت عليهم طريقته، وأزعجتهم دعوته، فعملوا على التنفير منه، والتحذير من دعوته، فصبر واحتسب، وتحمل الأذى، كل ذلك وهو لا يألو نصحا وإرشادا.
ومما زاد التأليب عليه أنه "صار يعترض على بعض الفتاوى التي يفتي بها بعض من نصب نفسه للفتوى، فيبطلها ويصححها، وكذلك الأحكام القضائية، فإنه كان يتصدى لبطلانها، ويبين لهم الحكم الصحيح، ويقيم على ذلك البراهين الفقهية" (مذكرة الملاحي ص 148).
وما أصدق من قال عنه:
و البعض عنه أعـرضـا *** مـكـافـحـاً و مبغضـا
وشيخـنا يبدي الـرضـا *** لـهــؤلاء الـمبغضيـن
إلى أن قال:
نـال المقامـات العـلا *** مبـجـلاً عـنـد المـلا
فـي عـلمه مـكـملا *** أخـلص قصداً ويـقيـن
لا بالدعـاوى الكـاذبـة *** و لا القضايـا السالبـة
و لا الفعـال الخـائبـة *** كـمثل نــاس مـدعيـن
خـداعـة بـالألـسنـة *** مكـارة فـي الأمـكنـة
قناصـة فـي الأزمنـة *** نـهَّـابــة للمسلمـيـن
كـل ضعيف ينخـدع *** لقـولـه و يـستمـــع
يـظـنه ممــن رفــع *** إلـى مقـام الآمـنيـن

قال المؤرخ الشيخ سعيد بن عوض باوزير: "وكان طبيعيا أن يلقى الشيخ محمد ابن سلم من أهل الشحر إيذاء ومعاضة، إذ كان الأهالي إذ ذاك لا يعرفون عن هذه التعاليم شيئا والمرء عدو ما جهل، وضاق ذرعا بما رأى من انصراف أهل الشحر، فسافر إلى حضرموت لزيارة علمائها وصالحيها والتعرف بهم" .

رحلته في ربوع حضرموت:
رحل المترجم له للقاء من بقي من مشاهير علماء حضرموت للأخذ عنهم، والاتصال بهم، وكانت رحلته هذه في حدود سنة 1311هـ، أي عقب مرجعه من مصر، وممن لقيهم في رحلته هذه:
1- مسند حضرموت السيد عيدروس بن عمر بن عيدروس الحبشي (1237- 1314هـ).
2- مفتي حضرموت السيد عبدالرحمن بن محمد المشهور (1250– 1320هـ).
3- شيخ رباط سيؤن السيد علي بن محمد بن حسين الحبشي (1259- 1333هـ).
4- السيد أحمد بن حسن العطاس (1257- 1334هـ). لقيه في حضرموت كما يفهم من سياق "الصفحات" و"حياة جديدة"، ثم إن السيد العطاس قد زار الغيل ورباطها في حياة المترجم له وبعد وفاته كما سيأتي إن شاء الله.
قال المؤرخ باوزير في "حياة جديدة": "وكان هذا الأخير أكثرهم اتصالا بالشيخ وعناية به، وهو الذي شجعه على الإقامة بالغيل وبناء الرباط بها".
5- والسيد عبدالله بن عمر بن سميط، (كما في "الإدام" ص 148، ط. المنهاج).
6- والسيد عبدالله بن حسن البحر، (كما في "الإدام" ص 148، ط. المنهاج).

رحلته إلى الحجاز:
ويظهر من أسماء شيوخه أنه قصد بلاد الحرمين لأداء فريضة الحج، إلا أن المصادر لا تسعفنا بشيء عن هذه الرحلة. وإنما عرفنا ذلك من ذكر شيوخه الذين ذكرهم تلميذه السيد محسن بونمي، وهم:
1- العلامة الفقيه الشيخ محمد سعيد بن سالم بابصيل المكي الشافعي (...-1330هـ).
2- مفتي الشافعية بمكة السيد حسين بن محمد بن حسين الحبشي (1258-1330).

ومما يشكل أن السيد محسن بونمي ذكر من مشايخ العلامة ابن سلم:
3- العلامة الفقيه السيد أبو بكر بن محمد شطا البكري الدمياطي ثم المكي الشافعي (1266- 1310هـ).
ووفاته – كما ترى – سنة 1310هـ، والعلامة ابن سلم في هذه السنة كان لا يزال بالأزهر، وبكري شطا هذا من علماء مكة ولادة ووفاة. ولم أطلع على أصل المنظومة، وأخشى أن يكون ذكره في النظم باسم الشهرة (شطا)، فظنه الأستاذ محسن (بكري شطا)، فليحرر.
ويحتمل أن تكون حجته هذه أنشأها من مصر في أثناء دراسته بالأزهر، وهو غير مستبعد، والله أعلم.

سبب ارتحاله إلى مدينة غيل باوزير:
وبعد قضاء مناسكه، قفل راجعاً إلى بلده الشحر، وقد تنكرت له، وضاقت به ذرعا، لنفور أهلها عنه. وبينما هو كذلك إذ قدم إلى الشحر جماعة من عائلة آل باوزير، قدموا من مدينتهم غيل باوزير، فالتقوا بالعلامة ابن سلم، وحضروا درسه في (مسجد ابن عمران)، وكان عنده نفر قليل. ولندع الشيخ أحمد بن عبدالقادر الملاحي يقص علينا ما حدث في هذا اللقاء.
قال في "مذكرته": "وبينما هو كذلك صابر على المكائد، ونفور قومه منه ومن الاستماع إلى دروسه، إذ فتية غرباء، جاؤوا إلى قاضي الشحر ليتحاكموا في قضية عجز عن الحكم فيها قاضي بلدهم، يستأنفون دعواهم في الشحر، فحولهم أمير الشحر إلى صاحب الترجمة، للبحث في صفة حكم قاضي الغيل، فحضروا درسه في مسجد ابن عمران في سوق شبام بعد المغرب، وكان أصغرهم له إلمام بطلب علم الفقه، فصار هذا الشاب يلقي أسئلة على الشيخ والشيخ يجيب عليها بكل وضوح، فلما رأى الشيخ منه اللهف والحرص على الاطلاع والتفهم نظر إليه بعين الفراسة، وقال له: من أين أنت؟، فقال: من بلد غيل باوزير، فقال الشيخ: ما اسمك؟، فقال: عبدالصادق، فقال الشيخ: عبدالصادق ؟!! (قال ذلك على سبيل المرح متبسما)، فقال الشاب: نعم، عبدالصادق، الصادق اسم من أسماء الله الحسنى، فقال الشيخ: هكذا؟! (وهو متبسم، ويتفرس في ذكاء هذا الشاب، ومقدار شغفه على طلب العلم)، فقال الشاب: نعم، هكذا ذكره المؤلف في كتابه الجامع الكبير، فقال الشيخ – على سبيل التعجب والمدح والتلطف بالشاب الغريب الذي يتكلم بجرأة ونباهة بدون انكماش -: الجامع الكبير أيضا؟!!، وهل تعرف الجامع الكبير؟، فقال الشاب: نعم، فقال له الشيخ: عند من تقرأ هناك في الغيل؟، فقال: ما حصلنا أحد مثلك يعلمنا، قم معنا إلى الغيل، فقال الشيخ: وهل هناك طلبة مثلك يحبون طلب العلم؟، فقال الشاب: نعم فيه، وأنا أجلب لك طلبة كثيرين، وكلهم يحبون العلم، فقال الشيخ: ما عندي مكان هناك، ولا أعرف أحدا أقصد عنده فقال الشاب: تعال عندي في بيتي، وسنجعل لك مكانا للجلوس فيه.
وعندئذ عزم الشيخ على الهجرة عن وطنه ومسقط رأسه الذي تنكر عليه، وخيبت آماله التي كان يؤملها فيه، وهكذا هاجر إلى الله ورسوله، لعله تتسنى له بقعة مباركة تصلح لغرس آماله، ونشر الشريعة المحمدية". انتهى ما أردنا نقله من "مذكرة" الملاحي.
وفي سياق هذه الحادثة فوائد عديدة، منها:
• أن هذه الحادثة كانت قبل سنة 1320هـ، فلعلها كانت في أواسط سنة 1319هـ. وإنما قلنا ذلك لما يأتي، من أن افتتاح الرباط كان في محرم سنة 1320هـ ، وافتتح ابن سلم بعض دروسه في فاتحة صفر من السنة نفسها.
• ولهذا كان تعبير المؤرخ باوزير أوفق حين قال: "قدم الغيل سنة عشرين تقريبا".
ألا أنه قال بعد ذلك: "وابتنى رباطه المشهور بعد أشهر من قدومه".
والمسألة بحاجة لتحرير تأريخ التقاء الشيخ عبدالصادق باوزير بالعلامة ابن سلم، وتأريخ وصول ابن سلم إلى غيل باوزير.
• ومنها: أن أول من تتلمذ على المترجم من أهالي غيل باوزير هو الشيخ عبدالصادق بن سالم بن عبدالصادق ابن قويرة باوزير.
• ومنها: أن غيل باوزير آنذاك كان بها جماعة من طلاب العلم.
• ومنها: أن غيل باوزير لم يكن بها عالم مشارك في العلوم، يقوم بالتدريس ونشر العلم، وأن من كان بها لا يصلون إلى مرتبة صاحب الترجمة. فبلاد الغيل آنذاك "طال عهدها بالعلم وأقفرت ربوعها منه" .
• ومنها: أنه لم يسبق لصاحب الترجمة أن زار غيل باوزير قبل رحلته، وأنه لا يعرف بها أحدا.
• ومنها: أن كتاب "الجامع الكبير" كان موجودا بالغيل، هذا إن صح أنه أراد "الجامع الكبير" للحافظ السيوطي، وهو كتاب كبير، يقع في مجلدات عدة. ولا أظن أنه المراد، بل الذي يظهر لي أنه أراد كتاب "الجامع الصغير" للسيوطي نفسه، إذ هو المشهور المتداول، ويقع في مجلد واحد أو مجلدين.
وهكذا كانت مدينة غيل باوزير على موعد لتكون منارة من منائر العلم في حضرموت، ومشعلا يضيء جنبات هذا القطر، ورافدا له بالعلماء والقضاة والأدباء وغيرهم، إنه تحول تاريخي، ونقلة هائلة لهذه المدينة الوادعة.

قدومه إلى غيل باوزير واستقراره بها:
وفد العلامة ابن سلم إلى غيل باوزير في أجواء سنة 1320هـ، أو قبلها.
وكان نزوله أولاً بمنزل تلميذه الشاب الشيخ عبدالصادق ابن قويرة باوزير، ولقي من الترحيب وحسن الاستقبال من المشايخ آل باوزير ما لعله أنساه الذي لاقاه في بلده.
ومن حب المشايخ آل باوزير له زوجوه إحدى بناتهم.
وفي الليلة الأولى من وصوله ألقى العلامة ابن سلم محاضرة في المسجد الجامع، واستمرت هذه المحاضرات والمذاكرات الليلية مع العامة.
أما تلميذه البار فقد وفى لشيخه ما وعده به، فجمع له طلاب العلم من مختلف شرائح المجتمع، حتى كان منهم الكفيف.
ذلك الشاب الذي كان السبب في انتقال المترجم له إلى الغيل، وإليه يرجع الفضل – بعد الله – في الثمار التي جنتها الغيل بل والساحل الحضرمي من وجود المترجم له، نسأل الله أن يُجري عليه ثواب ذلك.
وبدأ العلامة ابن سلم يبث دعوته وعلمه، محسنا إلى الطلبة، مرغبا لهم في العلم، متألفا لهم وللعامة، غامرا الكل بحسن أخلاقه وكريم إحسانه.
وكان وقته مقسما إلى قسمين: القسم الأكبر يجعله مع الطلبة، والقسم الآخر مع عامة الناس في المسجد.
وكان تدريسه صباحا في بناية مخصصة للتعليم بالقرب من مسجد السيد عمر، وكانت تأتيه مساعدات مالية وغذائية من تجار الغيل والمكلا.

بناء الرباط:
وبدأ يفد إليه الطلاب، وتكثر أعدادهم، حتى ضاق بهم المكان المخصص لذلك، فاشترى العلامة ابن سلم قطعة أرض بالقرب من المسجد الجامع في الجهة الغربية الشمالية، وبناه طابقين، جعل الطابق العلوي منه مسكنا يتكون من عدة غرف لإيواء الطلبة الغرباء الوافدين للدراسة بمعهد الرباط. والطابق السفلي لإلقاء الدروس وإقامة الصلوات، وجعله رباطا علميا، ومعهدا شرعيا، يضاهي الأربطة في حضرموت، بل يتفوق عليها بكون شيخها متخرجا من الجامع الأزهر، ومجازا من شيوخ وأعلام مصر، مع تفننه في العلوم، وامتلاك آلاته.
وابتنى له مسكنا ملاصقا بالرباط من الجهة الغربية، وجعل ما تبقى من القطعة من جهة الشمال مزرعة لينتفع بها الطلاب، وكان هو بنفسه يتعهدها مع المزارع التي أوكل إليه القيام بشأنها.
وقد ساهم أهالي غيل باوزير في بناء هذا الصرح التعليمي الديني وكانوا يرددونه أبيات قالها احدهم عند العمل الطوعي (السخرة) في هذا المشروع وهو شاعر الغيل المعروف سعيد قشمر قائلاً
يقول بو عامر با أبني لي في الحياة مكان *** ياريت هذا الشيخ يتفضل يعلمنا القرآن
وكان افتتاح هذا المعهد الشهير في مطلع سنة 1320هـ، وأصبح يعرف باسم (رباط العلامة ابن سلم).
وتم تقسيم الطلبة إلى مجموعات حسب مستوياتهم.
"وقد وُفِّقَ ابنُ سِلْم إلى الغاية في بِنَاءِ الرِّباط، وهو أوَّلُ رباط في جهة السَّاحل افتتح
... واشتهر صيته وذاع، وأقبل عليه الطُّلاب من كل البقاع.
وكان [ابن سلم] رحمه الله لديه همَّة عالية في التَّدريس، والإفادة، ونفع النَّاس، وكان مواظباً على ذلك صابراً للطَّلَبة محتسباً للخاص والعام؛ مع ما ينقل عنه من كثرة الصوم، وقيام الليل".
قال الملاحي عن الرباط: "فاشتهر هذا الرباط حتى قصده الطلاب من الأقطار النائية، مثل اليمن والصومال، وصار أبناء الشحر بعد ذلك يفدون إليه لطلب العلم، منهم: عالم الشحر السيد عبدالله بن عبدالرحمن، والسيد زين العيدروس، وهما من أبناء ذوي المناصب والجاه".
فانظر كيف ساق الله إليه أبناء بلده بعد أن كانوا ينفّرون الطلاب عنه بها.
ومما ساعد على استمرارية هذا الرباط والاقبال عليه = التكفل بنفقات الطلبة واحتياجاتهم، فقد كان المترجم له "يجود عليهم بالغذاء واللباس والدراهم من ماله الخاص، وبما يأتيه من التبرعات والصدقات من التجار وأهل الخير من نقود وتمور وطعام ولباس".
قال الأستاذ محسن باعلوي في "بر الولد":
" وقد ابتدأ الشيخ ابن سلم القراءة في الرباط في شهر محرم سنة (1320هـ).
ووجدت على طرة بعض كتب الجد ما نصه: ((فاتحة صفر 1320) ابتدأنا القراءة في الإعراب على الشيخ محمد بن سلم))".
ولم تقتصر دعوته على غيل باوزير فقط، بل كان يتخلل ذلك رحلات كثيرة ومتكررة إلى الشحر والمكلا والقرى المحيطة بهما للوعظ ونشر الدعوة، بل زار حضرموت مرة أخرى . ولعله كذلك يتعاهد ضواحي الغيل وقراها، فقد ذكر عنه أنه كان يصلي الجمعة في النقعة.

ابتلاء العلامة ابن سلم بالمناوئين لدعوته:
ومع هذا الإقبال الشديد على الرباط وشيخ الرباط، إلا أنه لم يسلم من معارضين ومناوئين، وحساد ومنافسين، كما هي سنة الله (ولن تجد لسنة الله تبديلا) (ولن تجد لسنة الله تحويلا). إلا أن نصالهم تكسرت، ومساعيهم خابت، وأظهر الله الشيخ عليهم، وانتشرت دعوته في الآفاق، وأصبحت مدينة غيل باوزير (مدينة العلم)، إذ ليس في ساحل حضرموت وقتئذٍ معهد علمي سوى الرباط.
ويظهر أن العلامة ابن سلم كانت لا تأخذه في الله لومة لائم، فقد ذكر الملاحي في "مذكرته الغيلية" عنه: "أنه كان لا يصلي الجمعة في المسجد الجامع، بل يخرج من الغيل يوم الجمعة إلى بلدة أخرى فيها جمعة (سماها بعضهم: النقعة)، وذلك لعدم أهلية خطيب الجامع، فإنه كان يقرأ من خطب ابن نباتة، بما فيها من دعاء لسلطان عصره ومصره وجيوشه !!!".
ومما يجدر التنويه به هنا، أن هذا الرباط هو الوحيد الذي لا يدرس فيه التصوف ولا كتبه .
"وكان لوجوده الأثر الطيب في قَمْع البِدَع، وإماتة الخرافات والجهالات . ذكر ذلك غيرُ واحدٍ قال الشَّيخ محمد سعيد بن محفوظ بلفقيه في مرثيته:
وهو الذي قد طهَّر البلدان مِنْ *** أهـلِ البِدَعْ فكأنَّها لـم تُوجَدِ
وقال آخر:
ماحي البِدَعْ مِنْ أرضِنا وَ لَطالمـا *** كـادت دَوَيْها تستمدُ النجدا
الزاهدُ الورعُ الجليلُ و مَنْ له من صالح الأعمالِ أحْسَـنُ مَقْصِدا
وكذلك (الملاحي) ذَكَرَ أنَّه كان يُنْكر البِدَع الموجودة في المساجد والعوائد كما في (المذكرة) ص 148.
... فبدأوا يحيكون المكائد، ويوصلون الأذية كما هي عادتهم والشَّيخ يُقَابل السَّفاهة بالحِلْم، والأذيَّة بالعفو والصَّفح، وحاله يقول:
حـاربيني يـا نائبات اللَّيـالي *** عـن يميني وتـارةً عـن شِـمالـي
واجهـدي في عـداوتي وعنائي *** أنْتِ و اللهِ لـم تلمِّي ببالـي
إن لي همة أشـدَّ مـن الصخــر *** وأقـوى مـن راسيات الجبـال
وقد أرَّخ هذه الأمور غيرُ واحد:
1- منهم: الأديب الأريب عامر بن سالم بوبح قال في مديحه لابنِ سِلْم.
الحلـم فيـه سـجيَّـةْ *** حـاشاه أنْ يُصْغـيْ لناقلْ
يعفـو إذا أوذي و ليــ *** ـس بسمِـع قـول الأراذلْ
كـم حاسـدٍ متحامـلْ *** غَيْظـا له عَضَّ الأنامـلْ
يَلْقـاه بسَّـامـاً كـأن *** وليــه ذاك المقــابـلْ
2- وقال سالم بن حسين البيض:
وفي (أدخلوا في السِّلْمِ) تكفي إشارة *** فأتْلُ أخا العِرْفان هذي لِتَسْلَمـا
سجاياه حِلْـمٌ إن أَبَانَ عدوَّه *** له كلَّ سوءٍ ثم يَعْفـو تكرُّمـا
3- وقال ... السَّيد محسن أبونمي:
هـذا الـربـاط أسـسـا *** علـى تقـى مـا دنسـا
فارحـم إلهـي الرئيسـا *** مؤسس الركـن المتيـن
قـدوتنا الشيخ الإمام *** عـلامة العصـر الهمـام
ابن سلم من شاد المقام *** طيب ثـراه يـا معيـن
كان ابن سلـم ناشـراً *** لشـرع طــه شاهـرا
منـاره و صـابــراً *** على اعـراف الناصـريـن
قـام بصدق و اجتهاد *** في الغيـل في نفـع العباد
أنـار بالعلـم البـلاد *** و ذاك في بضـع سنيـن
جـاء إليـه السعـداء *** ممـن أراد الاهتــداء
نالوا المـنى و المقصـدا *** و حازوا عـز المخبتيـن
و البعض عنه أعـرضـا *** مـكـافـحـاً و مبغضـا
وشيخـنا يبدي الـرضـا *** لـهــؤلاء الـمبغضيـن
فسيـرة الشيـخ الأجـل *** كسـيرة القـوم الأوَل
ممـن رقـى أعلى محـل *** مـن الـرجال السالكيـن
نـال المقامـات العـلا *** مبـجـلاً عـنـد المـلا
فـي عـلمه مـكـملا *** أخـلص قصداً ويـقيـن
لا بالدعـاوى الكـاذبـة *** و لا القضايـا السالبـة
و لا الفعـال الخـائبـة *** كـمثل نــاس مـدعيـن
خـداعـة بـالألـسنـة *** مكـارة فـي الأمـكنـة
قناصـة فـي الأزمنـة *** نـهَّـابــة للمسلمـيـن
كـل ضعيف ينخـدع *** لقـولـه و يـستمـــع
يـظـنه ممــن رفــع *** إلـى مقـام الآمـنيـن
و أنــه ممــن رقــا *** مقــام فـضـل و تـقـا
و بـالأولى قـد لحـقـا *** أيـضـاً وشيـخ الـواعظين
إلى آخر القصيدة.
4- وقال علوي بن طاهر في العقود: ((العلامة المتفنن الذي أفنى عمره في التَّعليم والتَّدريس، كاشفاً بتقريره كل إشكال وتلبيس، صابراً على ما لقيه في ذلك من جنود إبليس: الشَّيخ محمد بن عمر بن عوض بن سلم المقبور بغيل باوزير)) 2/130
5- وذكر ((الملاحي)) في المذكرة ص152 أن ابن سلم مات مسموماً من قِبَل حُسَّاده" .

وفادات العلماء على الرباط:
وقد زار الرباط جماعة من أعلام حضرموت، وأثنوا على شيخه.
وممن عرفنا زيارته للرباط في حياة العلامة ابن سلم:
• العلامة السيد أحمد بن حسن العطاس.
فقد "جاء في رحلة العطَّاس إلى غيل باوزير سنة (1326هـ)
((وطلب الشَّيخ محمد بن سِلم الإجازة من سَيِّدي( ) فأجازه)). وذكر نص الإجازة وهي محررة في 27 محرم سنة (1326 هـ).
وله ذِكْرٌ في ((تذكير الناس)) فقد جاء فيه: (وقُرِئ على سَيَّدي -[أحمد بن حَسَن العَطَّاس]- في أعلام الموقعين لابن القيم فصل في تزويج المرأة المفقود زوجها، بحضور الشَّيخ الفاضل: محمد بن عمر بن سِلْم، فحقَّقَ سَيِّدي ما في هذا الفصل من نفائس الفوائد، وكان هناك واقعة حال، وهي أن أناساً مسافرين في البحر غرقت بهم سفينتهم ففقدوا وبقيت زوجاتهم مُعَطَّلات فانحلَّ الإشكال بتلك القراءة )). اهـ ص 298.
وله كذلك ذكر في (رحلة العَطَّاس) المسماة: ((النفحة المسكية في الرحلة المكية)) لمحمد بن عوض بافضل ص125و70 و122" .
• العلامة القاضي الفقيه المفتي عبد الرحمن بن أحمد باشيخ.
فقد "جاء في رحلة السيَّد: أحمد بن حسن العطاس إلى غيل باوزير سنة 1326هـ: ما نصه:
((واطلع سيدي [أحمد بن حسن] على نسخة من ثبت الشَّيخ فتح الفرغلي ((الضوابط الجلية في الأسانيد العلية)) فطلبها من صاحبها وأعطاه ثمنها، وكان المتسبب في وجودها بهذه الجهة الشيخ عبدالرحمن بن أحمد باشيخ، وكتب له السَّيد محمد علي ظاهر إجازة على ظهر نسخته كما أجازه شيخه الشيخ أحمد بن منة الله الأزهري المالكي عن الشيخ فتح صاحب الثبت وطلب سيدي من الشَّيخ عبد الرحمن أن يجيزه بما أحتوى عليه الثبت كما أجازه السَّيد محمد على ظاهر فكتب له الإجازة على ظهر ذلك الكتاب.
وخرجنا من ((الغيل)) عشية الأحد21 من المحرم..........
وفيها......... وسرحنا من الريان إلى المكلا.
وكتب سيدي إجازة للشيخ عبد الرحمن باشيخ..... وذكر نص الإجازة وهي مؤرخة في 26 محرم سنة (1326هـ)" .
العلوم والكتب التي درسها العلامة ابن سلم:
وصف الملاحي ابن سلم بأنه: "علامة فقيه أصولي، عارف بالتفسير والحديث والمنطق وعلم الكلام وفقه اللغة والنحو والصرف والاشتقاق وعلوم الفصاحة والبلاغة والمعاني والبيان والبديع وسيرة الرسول والخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وغير ذلك من فنون العلم التي تلقاها في الأزهر" .
وإذا اطلعت – قارئي الكريم – على ثبت بالكتب التي درسها العلامة ابن سلم، ستعلم صدق هذه الأوصاف، وأنها ليست مبالغة، والدليل على صدقها نبوغ تلاميذه في هذه العلوم.
فهاك قائمة بالعلوم والكتب التي أخذها عنه تلميذه السيد محسن بونمي، كما جاءت في كتاب "بر الولد في ترجمة الجد" لسبط السيد محسن:
" وقال صاحب الترجمة في بيان ما قرأه على شيخه -ومن خطه نقلت-: ((ثُمَّ طَلَبتُ العِلْمَ على شَيْخِ الفُتُوح، .....أستاذي العَلامة، شَيْخي الشَّيْخ مُحمَّدِ ابنِ عُمَر بن سِلْم سَقَى الله ثراه صَيِّبِ الرَّحمة والرِّضوان، وذلك عام (1320هـ) فقرأتُ سفينةَ النَّجا، ورسالةَ الحبشي(، والمختصر الصغير، والمختصر الكبير، ثم شَرْحَ الشَّيخ ابنِ حجر وشرحَ الفشني على الزبد ومتن أبي شجاع، ثم ابن قاسم عليه بحاشية البَرْماوي، ثم الإقناع عليه، ثم شرح المنهاج للمحلِّي إلى باب الإقرار، وعندما وصلنا إلى هذا الباب تُوفي سيِّدي الشَّيخ، ثم إنَّنا أتممنا قراءته مع طلبة العلم الذين بالرِّباط، وحفظتُ الزُّبد في الفقه، وحفظت الآجروميَّة، وألفيَّة ابن مالك، وقرأتُ متن الآجرومية، وشرح السَّيد أحمد دحلان عليها، وشرح الكفراوي مراراً بحاشية الشيخ إسماعيل الحامدي، وقرأت شرح الشيخ خالد الأزهري على الآجرومية بدون حاشية، ثم بحاشية أبي النجا، وكان سيِّدي الشَّيخ يقرأ عليها تقرير شيخه الأنبابي، ثم شرح الأزهريَّة بحاشية العطَّار بتقرير الشَّيخ الأنبابي أيضاً، وشرح القطر لمصنفه بحاشية السِّجاعي وتقرير الأنبابي، وشرح الشذور بحاشية الأمير وتقرير الأنبابي، وكنَّا نطالع على الأول شرح الفاكهي، وحاشية ياسين، وعلى الثَّاني حاشية الشيخ عبادة مع بعض الطلبة، وقرأنا شرح ابن عقيل على الألفيَّة بحاشية السِّجاعي فقط إلى باب المقصور والممدود، ثم تُوفي الشَّيخ رحمه الله وقد كان أيام القراءة في شرح القطر: قَرَأَ لنا المقصور والممدود إلى جمع التكسير، ثم إنَّنا كمَّلناه مع بعض الطَّلبة، وقَرَأَ في أيَّام الفُسَح شَرْحَ السّيوطي على الألفيَّة، وفتح الرَّحيم الرَّحمن فيما يغتفر للموافق من الأركان، وجُمْلة من عِمَاد الرِّضا للمناوي ، وحفظتُ جوهرة التَّوحيد وعقيدة العوام، والشَّيبانية والبُردة، ومتن السُّلَّم في المنطق ولاميَّة الأفعال في الصرف، والرَّحبية، والمقولات العشر، والجوهر المكنون في الثَّلاثة الفنون والبيقونيَّة في المصطلح، وقرأتُ شرح عبدالسَّلام على جوهرة والده، وحاشية الباجوري عليها، وشرح عقيدة العوام لمصنفها، ورسالة السَّيد أحمد دحلان في قوله تعالى: ﴿ما أصابك من حسنة فمن الله﴾(النساء: 79)، وحاشية الباجوري، وشرح الشَّيخ خالد الأزهري على البردة، وحاشية الجمل على الهمزية، وشرح العدوي على البردة، وشرح المضريَّة الذي بهامش شرح العدوي، ورسالة الشرقاوي في الذكر، وعقد اليواقيت والجوهر في عقائد الأكابر للشَّعراني، وأوَّل الطَّبقات، وشرح: (اشتدي أزمة تنفرجي) المسمَّاة ((بالمنْفَرِجة)) لشيخ الإسلام، وقراءة متن السُّلم، ثم شرح الدمنهوري، ثم شرح المصنِّف، ثم بحاشية الباجوري، وأوَّل إيساغوجي بشرح شيخ الإسلام إلى القضايا، ومتن لاميَّة الأفعال، ثم شرح العلامة بحرق، ومتن الرحبيَّة، ثم شرح الشنشوري، وطالعتُ مع بعض الطَّلبة شرح السِّبط بحاشية البقري، وتقرير المباحث بشرح العَلامة شيخنا أبي بكر ابن شهاب..........
.... ثم قال: وقرأتُ على أستاذي المتقدم حاشية الباجوري على متن السّنوسيَّة، وشرح البيقونيَّة للزرقاني، وشرح المقولات العشر لمصنفها العلامة السّجاعي، والكافي في العروض والقوافي، وشرح الدمنهوري على الجوهر المكنون، واليَاسمِيَّة في الجبر إنَّما لم تكمل قراءتها، وشرح الورقات للمحلِّي بحاشية الدمياطي". اهـ.
فانظر إلى هذا الكم الهائل من الكتب والرسائل، مع تنوع علومها.
على أن هناك كتبا أخرى لم تذكر، كالصحيحين مثلا.
وأشار المؤرخ باوزير إلى أن الدروس كانت في كتب الحديث والتفسير والأصول والفقه واللغة والتاريخ والأدب.
ومما يجدر التنويه به ما ذكره الملاحي في "مذكرته الشحرية" من أن هذا الرباط هو الوحيد من بين الأربطة في حضرموت يدرس فيه علم المنطق والتوحيد والتجويد وعلم المعاني والبيان والبديع دراسة رئيسية.

هل للعلامة ابن سلم مؤلفات؟
قال في "بر الولد":
ولا نعلم هل كان له مؤلفات أو لا؟
ولكن قد يُسْتَشفُّ من مرثيتة محمد بن سعيد بلفقيه أنَّ له شيئاً من ذلك [حيث] قال:
وَلَكمْ أَجَاد وَكَم أَفَاد وَكَم أتى *** في غـايةِ الإتقـانِ تأليفـاتِ
ويحتمل أنْ يقصد بذلك الفتاوى، وقد رأيت له فتوى في البيع قال في آخرها: نَقَل ذلك أفقر الورى وأحوجهم لعفو المولى: محمد بن عمر بن سلم - لطف الله به - آمين.
ورأيت له فتوى أخرى في قضية سعيد بن مبارك باعامر، وابن مخارش سنة (1314هـ) وبعدها فتوى مناقضة للسيد حامد بن أحمد المحضار في نفس القضية. وقَرَّظ فتوى الح ضار كلٌ من السَّيد عبد الرَّحمن بن عيسى الحبشي، وعبدالله بن أبي بكر بن عبد الله باسودان، وعوض بن سعيد بن ثعلب وكان قاضي المكلا في ذلك الوقت.
ثم عرضت الأجوبة على السَّيد علوي بن عبدالرحمن بن أبي بكر المشهور فلم يرتضِ شيئاً منها، وأخذ على الكل، وتكلم عليها في نحو صفحتين كبار. وكان مما قاله:
((والذي تبيَّن لنا فيما كتبه المذكورون وسطروه: أنَّ الشَّيخ محمد بن سلم جنح عن الالتفات إلى الدعاوى إلى إلزام سعيد بن مخارش بالمدعى به: وهو الخمسمائة الريال حسب بيانها بزعمه صدور الإقرار من سعيد مخارش كما سبق. وجنح السَّادة وأتباعهم إلى إلزام سعيد باعامر بذلك لإقراره به، وقيام البينة عليه، وأنه يلزمه تسليم ما بقي: وهو المائة الريال المفيدة بالخط الذي عليه أقلام الشهود، وكل ذلك لم يكن من مدلول لفظ الدعاوى والأجوبة كما علم مما مَرَّ. والحاصل الذي به إنهاء هذه الواقعة وإبرامها: أنَّه حيث أتى سعيد بن محارش ببينة مقبولة شرعاً بالإقرار من باعامر باستحقاق ما يدعيه: وهو الخمسمائة الريال فيلزمه الحاكم بتسليمها لسعيد بن مخارش، بعد أن يحلف سعيد بن مخارش يمينا بكونه يستحقها؛ إن طلب اليمين سعيد باعامر ويندب للقاضي تغليظها. واليمين بنية الحاكم.
وأما دعوى الرشوة والشهود بها المذكور حيث من باب الشفاعة التي تقابل بأجرة كما نص عليه شيخ الإسلام زكريا وابن حجر والرملي وغيرهم.
هذا ما ظهر. والله أعلم. كتبه عجلا مع شغل خادم العلم بتريم
علوي بن عبد الرحمن بن أبي بكر المشهور.
ثم عرضت على مفتي حضرموت السَّيد عبد الرحمن بن محمد بن حسين المشهور فكتب فيها نحو صفحة، ثم على الشَّيخ عمر بن عثمان باعثمان فتكلم عليها وأطال، وكأنه أيَّد ابن سلم، ثم على السَّيد حسن بن علوي بن عبد الله بن شهاب فذكر أنَّ الحق مع ابن سلم وباعثمان، وأنَّه موافق لهما".
وسبب عدم اهتمامه بالتأليف والتصنيف هو انشغاله بالتعليم والدعوة، وبذل وقته لذلك.

وفاته:توفي ابن سلم كهلا ليلة السبت السادس من محرم سنة 1329هـ، وقد أتم أربعا وخمسين سنة.
وقد أَرَّخَ بَعضُهم وفاته فقال:
إِنْ شـئت تـاريخـاً ليـوم موتـه *** لعـام تسع مـن ثلاث أعقدا
مَعْ عَشْرِ و الثلاث أميات فخذ *** حسابنا وقـل إلهـي سـددا

المرثيات التي قيلت فيه:
ورثاه غير واحد منهم السيد محسن بونمي بقصيدتين، ورثاه وزير السلطنة حسين ابن حامد المحضار بقصيدة مستجادة هذا مستهلها:
يقول بو طالب على بن سلم جودي يا عيون *** دموع سيَّالة عل خصب المخيلة بالمزون
وقد حفظها جماعات من أهل الغيل.


............................

من تلاميذ العلامة ابن سلم:

مما سبق يتبين لنا أن تلاميذ العلامة ابن سلم فيهم كثرة، وأن منهم من أهل اليمن والصومال، إلا أن من استطعنا الوقوف على أسمائهم هم نزر يسير، أوردهم الأستاذ محسن باعلوي في كتابه "بر الولد"، فقال:

"ومن أبرز من تخرَّج عليه:

1- السَّيد محسن بن جعفر أبونمي.

2- السيد علوي حسين مديحج.

3- ابنه الشَّيخ أحمد بن محمد بن سِلم.

4- عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن الشَّيخ أبي بكر عالم الشِّحر. مدير مدرسة مكارم الأخلاق بالشحر.

5- الشَّيخ عبد الله بن محمد بن طاهر باوزير، (ت: 1354هـ) [الإدام ص57]

6- الشَّيخ عبد الصادق بن سالم بن قويرة باوزير.

7- الشَّيخ أحمد بن محمد باغوزة.

8- الشَّيخ عوض بن سالم بلقدي.

9- الشَّيخ سالم يسلم بن سلوم صاحب بروم.

10- الشيخ عبدالله بن سالم بن عبد الرحيم مشمع باوزير.

11- الشيخ محمد بن عبد الله بلحيد.

12- الشيخ محمد بن سعيد بلفقيه.

13- الشيخ عامر بن سالم بوبح.

14- الشيخ سعيد بن أحمد بن مساعد بن عمر باعمر. توفي في حدود سنة 1353هـ [الإدام ص63].

15- ابنه عمر بن محمد بن سلم.

16- عبد الله بن أحمد بن المسدس باعباد.

17- زين بن شيخ العيدروس من علماء الشحر.

18- القاضي عوض بلحيد".

هؤلاء هم من استطعنا الوقوف على أسمائهم.


............................
__________________




ترجمه
نبذة عن ابنيه (أحمد وعمر)

..........................


أحمد بن محمد بن عمر ابن سلم:

لعل مولده بالشحر.
أخذ عن والده، ثم رحل إلى مصر، والتحق بالجامع الأزهر، وأخذ عن شيوخ الأزهر، ثم أصبح شيخ الرواق اليماني بالأزهر.

قال ابن عبيد الله:
"وابنه أحمد الآن من مشاهير الرواق اليماني بالأزهر الشريف".

[الإدام ص 148 ط. المنهاج]

.................................................. .
.................................................. .

عمر بن محمد بن عمر ابن سلم:

لعله ولد بالشحر.
أخذ عن والده، وصحبه في رحلته الأولى إلى حضرموت، والتي كانت في حدود سنة 1311هـ ، فأخذ عن جملة الشيوخ الذين أخذ عنهم والده.

قال ابن عبيدالله: "وكان معه في تلك القدمة ابن له منور القلب صافي السريرة مستوقد الذكاء يحفظ عدة من المتون على صغر سنه، ولكنه نُغّص شبابه فمات عبطةً مرجعَه من حضرموت". ا هـ.

وممن لقيهم من العلماء بحضرموت: المسند عيدروس بن عمر الحبشي، والسيد عبدالله بن عمر بن سميط، والسيد عبدالله بن حسن البحر.
وسبق في ذكر رحلة والده أنه التقى بمفتي حضرموت السيد عبد الرحمن بن محمد المشهور، والسيد علي بن محمد الحبشي، والسيد أحمد بن حسن العطاس.
__________________



وهذه مرثية السيد الوزير حسين بن حامد المحضار في العلامة ابن سلم (وهي غير مكتملة):

يقول بوطالب على بن سلم جودي ياعيون
على إمام العصر هذا صاحب العرض المصون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون
***
غرست شجرة طيبة في الغيل دنت بالغصون
من أثمارها وأزهارها يجنون مما يشتهون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون
***
العلم يبكي والكتب تبكي وليهم يطلبون
النجد والساحل وحضرموت أم الرتون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون
***
ليت الفداء يقبل وبنفدي على الشيخ أربعون
والا مائة من خلق لا نفعوا ولا باينفعون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون
***
جلوس في الدنيا كذا مثل البهائم يأكلون
ويتبعون اللهو لكن كيف نلقي بالمنون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون
***
حكم القضاء نافذ وما قدره مولانا يكون
اليوم هذا رباط الغيل ياوقت الضعون
وقت الشبوبة سار الوعل منفوخ القرون
عليك يابن سلم حتى الطير بايبكي شنون


............................
__________________



ومما سرني في تلك الترجمة أن من شيوخ الشيخ العلامة محمد بن عمر بن بكران ابن سِلم

(2- إسماعيل بن موسى بن عثمان الأزهري الأحمدي المالكي الشَّهير بالحامدي. رئيس رواق الصعايدة بالأزهر الشَّريف. ولد سنة (1226هـ) وتوفي سنة (1316هـ).
ترجمته في معجم المؤلفين 1/382.)

وهو أيضا من محققي الطبعة السلطانية للجامع الصحيح
__________________









قد سمع الشيخ مصطفى مسلسل عاشوراء من أبيه عن عمر بن حمدان بإسناده، لكن هل سمعه أبوه من ابن سلم عن شيوخه المصريين؟ وما سنده فيه إلى الأمير الكبير؟!


:
نصوص لمسموعات العلامة ابن سلم في الأزهر؟ بحمد الله تعالى أطلعني أحد الأحبة على النسخة الأصلية لإجازة مشايخ الأزهر للشيخ محمد بن عمر بن سلم ، وعليها توقيعات مشايخه وختومهم ، ومؤرخه بتاريخ 1311 هـ



ولا أعلم من شيوخ الشيخ باغوزة الذين يروي عنهم غير ثلاثة: الشيخ محمد بن عمر بن سلم، والسيد أحمد بن حسن العطاس، والسيد علي بن محمد الحبشي.
بل أجازه المحدِّث عمر بن حمدان المحرسي التونسي ، ووقفتُ مؤخراً على نصِّ إجازته له ، وهي في السابع من شهر الله المحرم سنة 1344 هـ بمدينتي " غيل باوزير " إحدى مدن ساحل حضرموت ، عند زيارة المحرسي لها .






ر
  رد مع اقتباس
قديم 05-06-2011, 08:45 PM   #3
سام سته
حال جديد

افتراضي

الف شكر على هذه المواضيع المميزه واللتي تخدم المصلحه العامه وجيع الناس بدون استثناء
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas