المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > تاريخ وتراث > تاريخ وتراث
تاريخ وتراث جميع مايتعلق بتاريخنا وموروثنا وتراثنا الأصيل !!


حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار ( مختصرات في حلقات)

تاريخ وتراث


إضافة رد
قديم 08-20-2015, 04:55 PM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار ( مختصرات في حلقات)

حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار
( مختصرات في حلقات)
الأولى

1- الصراعات لفترة مابين الإحتلال السبئي والحميري لحضرموت قبل إلاسلام

انتهت فترة الإستقرار والإزدهار لأكبر دولة في جنوب الجزيرة العربية اسمها"مملكة حضرموت " وليس هناك إتفاق بين الباحثين عن مبدأ قيام هذه المملكة قبل سقوطها بيد السبئيين وأقدم اثار وجدت في حريضة يعود للقرن السابع أو الخامس قبل الميلادسنة وبلغت سمعتها إلى اليونان والهند والصين وبلدان كثيرة وتم القضاء عليها وتدمبرها على يد الإحتلال السبئي بحجة (الوحدة )ولم تعرف الإستقرار حتى حوالي سنة 180 ق. م قام الملك "يدع آل بين رب شمس" بتأسيس سلالة ملوك حضارمة جدد وإتخذ من شبوة عاصمة له بعد طرد السبئيين من رقعة مملكته. ولقد استطاعت مملكة حضرموت ان تنهض مرة اخرى و تحتفظ بإستقلالها حتى قيام وصعود الدولة الثانية لملوك حمير في سنة 270م تحت الملك "شمريهرعش"("يرعش") الذي مرة أخرى قام بحملة لإحتلال حضرموت ومد نفوذه وضمها للأتحاد الذي أنشاه .
ومن نتائجه ان تطورت قوة مملكة حمير و أن السيادة على "أرض اللبان" آلت لفترة ما من مملكة حضرموت إلى دولة حمير التي احتلت اراضي مملكة حضرموت بعد فترة احتلال السبئين .
أما تاريخ سقوط مملكة حضرموت تحت السيادة الحميرية، بإمكاننا أن نذكر أنها كانت سنة 275م، وتدمير عاصمتها شبوة وزحفهم إلى مدن أخرى في الوادي ،وتم لهم ذلك بمساعدة بعض شيوخ القبائل الموالين لحمير ... حيث استعان بهم هولاء في توطيد نفوذهم العسكري والسياسي في المستوطنات الحضرمية .
وقد جرى ذكرعدة أ شخاص من ممثلي هذه الأسر في نقوش العقلة، ويعرف هذا من نقش عبدان الكبير كما اوضح ذلك صاحب كتاب (نقوش يمانية) .
وحرص الحميريون بعد إحتلالهم لأجزأ من حضرموت على تثبيت سيطرتهم وأحتلال المنطقة أو بسط نفوذهم فيها، بتقريب هذه العائلات الحضرمية وإطلاق يدها فى التوسع بضم مستوطنات جديدة في حضرموت بأسم الحميريين؛ [وما اشبه الليلة بالبارحة ].
وتعد مملكة حمير الثانية أخر الممالك اليمنية قبل الإسلام نشأت في ظفار يريم عام 270م [ وأما الأولى فكانت بداياتها"115 ق. م" في أحد الأقوال ] وانتهت الدولة الحميرية الثانية على يد الاحباش حين غزو اليمن عام (525 - 599م) في القرن السادس الميلادي وتولى القائد أرياط الحكم بعد أن قضى على الملك ذو نواس الحميري.
الوضع في حضرموت بعد زوال الدولة الحميرية واحتلال الأحباش لليمن:
كانت حضرموت منقسمة إلى "محافد" (مفردها "محفد") وهي مجاميع لقرى يرأس كل مجموعة منها صاحب حصن أو حصون، والذي كان يحمل آنذاك لقب "ذو" أو" لشخصية التي يدين لها سكان هذه المجموعة بالولاء "وإذا أصبح أي" ذو" صاحب سيطرة على مجموعة من هذه المحافد الموصوفة، صار بإستطاعته آنذاك أن ينتحل أو يلقب من قبل رعاياه لقب "قبل" الذي جمعه "أقيال"، وفي بعض الأحيان أن يدعي بلقب أبهل "الذي جمعه" أباهلة". ويعلمنا الرواة بأن دمون وشبام وعندل والشحر كانت ضمن المقرآت المشهورة التي سادها هؤلاء الأقيال ...
ولاتوجد سلطة مركزية ولا دولة يجتمع تحت رايتها جميع الحضارم وإنما كيانات عشائرية وقبلية متنافسة ومتفرقة في القرى والمدن والوديان اغلبها ترجع إلى قبائل كندية وحضرمية عاش بينهم بعض من الحميريين ،ظل هذا الوضع السياسي على هذا النحو حتى دخلت حضرموت في الدولة الإسلامية في عصر النبوة.

يتبع في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 08-31-2015 الساعة 04:24 PM
  رد مع اقتباس
قديم 08-21-2015, 09:41 AM   #2
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار
( مختصرات في حلقات)
الحلقةالثانية
2
- ومنذ سقوط الدولة الحميرية وحتى دخول حضرموت في الإسلام لم تكن هناك دولة مركزية يجمع عليها كل الحضارم

-----------------------------------------------------------------------
ذكرت أنه لم تكن هناك سلطة مركزية أو دولة يجتمع تحت رايتها كل الحضارمة في الفترة التي سبقت دخولهم الإسلام ؛ وإنما كيانات عشائرية وقبلية متنافسة ومتفرقة وزعت في القرى والمدن والوديان أغلبها ترجع إلى قبائل كندية وحضرمية مختلفة فيما بينها .
وتعد كندة من أكبر القبائل العربية في الجاهلية والإسلام وهي قبيلة من قبائل حضرموت نشأت في مملكة حضرموت. لعبت هذه القبيلة دورا مهما في الحرب السبأية- الحضرمية وبعد فوز السبأيين في الحرب استقر قسم من القبيلة في حضرموت وقسم منها رجع إلى مأرب بعد استيلاء حمير على مأرب, توجه الكنديون إلى البحرين القديمة (حاليا منطقة الأحساء والقطيف في السعودية و جزيرة البحرين) لكنهم رجعوا مرة أخرى إلى حضرموت موطنهم الأول و من خلال ما أورده بعض المؤرخين بأن بداية نزوح هذه القبائل جنوباً كانت من اليوم الذي خسر فيه هؤلاء معركتهم الضارية في "شعب جبلة" ضد القيسيين (بني عبد القيس )والتي انتهت بأسر وقتل أميرهم معاوية بن الجون الحاكم آنذاك على اليمامة والبحرين.
وقد حسب أبو الفرج الأصفهاني (المتوفي سنة 356هـ/967م) بأن هذه الواقعة حدثت قبل ظهور الإسلام بتسع وخمسين سنة وقبل ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم بتسعة عشر سنة وبينما يذكر أبو الحسن الهمدانى أنها سنة 360هـ/971م) بأن تعداد الكنديين الذين عادوا إلى مواطنهم الأصلية بعد تلك المعركة الحاسمة لا يقل عن ثلاثين ألف نسمة.
ومن ضمن الأسباب التي قيلت لهذه الهجرة الجماعية
المنازعات المتبادلة بين "ملوك" كندة، والمنافسات بين بطونها وفخوذها والتي استغلها وأجج نارها الأمراء الغساسنة واللخميون، ومن خلفهم الدولتان العظميان في ذلك العصر- الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية.
عندما رجع الكنديون من (بني عمرو بن معاوية ) الذي ينتمي أليهم -الأشعث بن قيس الكندي - إلى حضرموت في القرن الرابع الميلادي, كانت حمير في أعلى قوتها بعد استيلائها على مأرب (آخر دولة منافسة لها في الجنوب العربي). كان لكندة عداء قديم مع حضرميو الجنوب لذا سكنوا في حضرموت الشمالية وأعطوا سلطة على حضرموت بأكملها من قبل الحميريون. أعتبر بعض المؤرخون قبيلة كندة جزءا من تحالف قبيلة حمير
خاصة في المناطق الغربية من حضرموت.
ولاشك أن هناك علاقات وطيدة كانت متميزة ومصالح مشتركة بين الدولة الكندية التي قامت خلال القرن الخامس الميلادي (425 م ) في نجد وشمال شبه الجزيرة العربية ودولة التتابعة الحميرية التي كانت على عداء مع العدنانيين .
وأما بقية القبائل الكندية التي ظلت في حضرموت ولم تهاجر إلى شمال الجزيرة العربية والبحرين فهم وأتباعهم على الهجرة نحو حضرموت أعداد كبيرة من بطون وفخوذ كندية مثل "السكون" و السكاسك "و"الصدف" (الذي يربط بعض الرواة أصلها بقبيلة "حضرموت"). وحيث أن كل هذه البطون كانت تنتسب في أصلها إلى أولاد وأحفاد "الأشرس" كما هو ظاهر من الأسماء التي أطلقت عليها، فإنها أصبحت معروفة جمعاً في التاريخ بـ " بني الأشرس" ويجدر بنا أن نذكر أن "سكون" و "سكسك" كانا ابنان للأشرس بينما "صدف"، الذي يعرفه التاريخ باسمه الحقيقي أيضاً وهو عمرو- كان حفيداً لحفيد السكون. أما قبيلة " تجيب" فهي تنحدر من أبناء عدي وسعد، وهما ابنان آخران للأشرس أما قبيلة " تجيب" فهي تنحدر من أبناء عدي وسعد، وهما ابنان آخران للأشرس، والغريب عن أمرهما بأنهما ينتسبان في التاريخ لأمهما المشهورة" تجيب بنت ثوبان"!. وكما أن الرواة يصفون مجموعة الفخوذ والبطون المذكورة معاً بتسمية "بني الأشرس" فإنهم يطلقون تسمية بني معاوية علي القبائل التي عادت إلى حضرموت. بعد معركة شعب جبلة، التي ذكر عنها- (أي بني معاوية)- غالبية الرواة، بما فيهم الهمداني، بأنها قدمت للعرب ما لا يقل عن سبعين "ملكا". ولقب "الملك" هذا في مفهوم يومنا يعادل "شيخ" أو"أمير" قبيلة أو مجموعة لها. وما زالت بعض الأسر الحضرمية مثل آل بن محفوظ وآل باجمال وآل بازرعة وآل باكثير وآل بارباع تفتخر بانتسابها إلى هؤلاء "الملوك" ، كما يجب أن يضاف إلى هذه القائمة للأسر الكندية في حضرموت أسر كثيرة أخرى .
وأما قبيلة حضرموت التي يرجع أسم المكان بأسمها ، وتنتسب إليها مملكة حضرموت القديمة والحضارة والمدن من ألاف السنين قبل الميلاد التي لاتزال قائمة حتى هذا اليوم ، يذكر صاحب كتاب "المحبر" الأخباري النسابة محمد ابن حبيب الهاشمي (المتوفي سنة 245هـ/860م) بأن عودة بني معاوية إلى حضرموت- لم تكن خالية من الصراعات أو المخاطر- وكما كان يتوقع، أخلت بالتوازن الدقيق للتحالفات السياسية المتواجدة عادة في المجتمعات القبلية كما كان الحال في حضرموت خلال تلك الفترة،فيسبب هذا علي الاختلاط والتعايش جنباً إلى جنب والصراعات والحروب القبلية.
وكانت قبيلة حضرموت وفخوذها والتي كانت صاحبة الشأن وساكنة في الضواحي الشرقية والوسطى لوادي حضرموت متخذة من مدينة شبام مركزا لممارسة نفوذها السياسي.
فمن المؤكد أن قبيلة حضرموت لم ترتاح لعودة هؤلاء الكنديين لتقوية سواعد منافسيها من بطون كندة القاطنة بجوارها، لم تطمئن فخوذ بني الأشرس الكندية أيضاً لعودة هؤلاء المنافسين على المساكن والموارد والزعامة السياسية وإن كان نسبهم يجمعهم بهم، وذلك لأن بني معاوية كانوا يعتبرون أنفسهم ليس أقل منزلة من "ملوك" وأصحاب الصدارة والرياسة لإمبراطورية قبلية كانت تشمل في يومها غالبية مساحة الجزيرة العربية. إضافة إلى ذلك قبيلة" المهرة " التي تسكن شرقي الشحر وكانت هناك كذلك فروع لمجموعة قبائل همدان بما فيها "ذي الجراب" التي كانت تعيش في مودة مع قبائل حضرموت و "الجعفيون" من سكان وادي جردان .
هكذا كان المشهد للكيانات القبلية المختلفة في حضرموت قبيل دخولهم الإسلام ،ويتضح هذا المشهد في صورة رؤساء الوفود التي ذهبت تعلن إسلامها للرسول صلى الله عليه وسلم في العام التاسع من الهجرة عام الوفود ؛فقد كانت متفرقة وغير موحدة بل أن البعض من قبيلة واحدة لها أكثر من زعيم وممثل استقبله الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة كما جاء ذلك في أخبار الوفود التي قدمت من حضرموت وهكذا كل أجزاء الجزيرة العربية أيضا. ومنذ العام التاسع من الهجرة تكون حضرموت انطوت تحت راية الدولة الإسلامية التي عاصمتها المدينة النبوية المنورة، وخلعت حضرموت عن نفسها ثوب التفرق واللادولة ،غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بعماله ومعلميه أليهم بحسب توزيعهم الجغرافي وثقلهم القبلي قي حضرموت
من هؤلاء زياد بن لبيد رضي الله عنه ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على حضرموت بناء على طلب وائل بن حجر عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث معه رجالاً إلى قومه يدعونهم إلى الإسلام، فأمر معاوية أن يكتب: «من محمّد رسول اللَّه إلى الأقيال من حضرموت أي الوجهاء والمقادمة -، وبعث النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم إليهم زياد بن لبيد.
كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل حضرموت المهاجر بن أبي أمية واستعمله على صدقات كندة والصدف كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عكاشة بن ثور عاملاً له على السكاسك والسكون وبني معاوية من كندة ويذكر الإمام الذهبي رحمه الله أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قدم الشحر رافعاً صوته بالتهليل والتكبير وكان يتردد بين مخلافي الجند وحضرموت .
إلى الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى
  رد مع اقتباس
قديم 08-22-2015, 11:46 PM   #3
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الحلقة الثالثة
عندما أمتنعت بعضاً من قبائل حضرموت عن دفع زكاة أموالها للصديق خليفة رسول الله


كنت قد تحدثت في ماسلف ذكره من هذا الموضوع أن حضرموت أصبحت لأول مرة تنظم إلى دولة الإسلام الجديدة التي كانت عاصمتها المدينة ،وقد تأخر إسلامها إلى العام التاسع من الهجرة بالرغم من أن الدعوة قد وصلتها عن طريق إرسال النبي صلى الله عليه وسلم الرسائل إلى زعماءهم وانتدب أليهم أيضا بعضا من الصحابة فما استجابوا للدعوة كغيرهم من أعراب الجزيرة العربية خارج مكة والمدينة ،ظلوا يرقبون الموقف حتى فتحت مكة في العام الثامن من الهجرة ودخل الناس في دين الله أفواجا...
ومن الطباع البدوية للقبيلي إلا من رحم الله عدم الانصياع بسهولة والتسليم حتى ولو كان الأمر يتعلق بالدين والجنة والنار والأمثلة على ذلك كثيرة.
إذ كان مفهوم الإسلام في بعضاً من جوانبه صادم ومعارض على ما نشأ عليه القبيلي في عشيرته كاستبدال رابطة الدم برابطة الدين والعقيدة، كما أنّه مطلوب من المسلم بعد إسلامه تطبيق تعاليم الدين الإسلامي طوال حياته ، في وقت السلم والحرب، وكانت ثمة عادات متأصلة من الجاهلية بين الزعماء وشيوخ القبائل ستضيق عليهم بعد دخولهم الإسلام .
منها الكبر والتفاخر بالا حساب والأنساب والعصبية ولهذا باشروا رفضهم للإسلام في عدة صور مختلفة من منطقة إلى أخرى في جزيرة العرب ومنها حضرموت بعد أن بويع الصديق رضي الله عنه بالخلافة وأنتشر خبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم.
فالخروج على الشرعية والحنين للعصبية القبلية والرئاسة والملك كان أيضا من دوافع من ارتد في حضرموت ؛ إذ امتنعوا عن دفع زكاة أموالهم المشروعة فدخلوا في مفهوم الردة التي عرفت في تلك الفترة كما في حديث أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم الإمام النووي محي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي في كتاب الإيمان في شرح صحيح مسلم " باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لااله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ...":
( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ".
وقال النووي في شرحه للحديث:
( يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين صنف ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا إلى الكفر وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله وكفر من كفر من العرب . وهذه الفرقة طائفتان أحداهما أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة وأصحاب الأسود العنسي من أهل اليمن وغيرهم وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مدعية النبوة لغيره .... ثم قال :( والصنف الآخر هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة فأقروا بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها الى الإمام وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة إذ كانت أعظم الأمرين ...
وكان بني وليعه بن عمرو بن معاوية من كندة أن الحرب التي وقعت بينهم وجيش المسلمين أختلف في أسباب ذلك:
قيل أن السبب المباشر هو امتناعهم عن البيعة لما خطبهم زياد بن لبيد الأنصاري ألبياضي ودعاهم إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه فنكص الأشعث عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ،وقيل أن السبب هوأن عامل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضرموت أخذ قلوصا (ناقة )لغلام من كندة وكانت كوماء من خير إبله فلما أخذها زياد وعقلها في إبل الصدقة ووسمها بميسم الصدقة جزع الغلام الكندي ، وصاح في قومه فانحاز إليه من أنحاز من كندة حمية وعصبية معه فأعاد أحد شيوخ كندة وهو حارثة بن سراقة الكندي الناقة المتنازع عليها من بين إبل الصدقة تحدياً منه وعنوة ،فأعترضه أفرادا من قومه من السكون ومن قبيلة حضرموت كانوا مع زياد بن لبيد الأنصاري فنشب بينهم القتال في مكان يقال له محجر الزرقان ،فانهزم حارثه الكندي ومن معه من كندة ووقع بعضهم في الأسرـ واقبل زياد بن لبيد بالسبي والأموال فمر على الأشعث بن قيس وقومه فصرخ النساءُ والصبيان فحمي الأشعث أنفاً وخرج في جماعة من قومه فعرض لزياد ومن معه وأصيب ناس من المسلمين، وكانت هذه الواقعة هي بداية الأمر الذي من أجله تحزبت كندة ، فاجتمعت عظماؤها على الأشعث بن قيس الكندي ، فاتفق بنو معاوية على منع الصدقة الا شراحيل بن السمط وابنه انحاز على صفوف جيش المسلمين وقاتل قومه وأشار على زياد بمعاجلتهم قبل أن ينضم إليهم بعض السكاسك و قبيلة حضرموت .و اما أبضعة وجمد ومشرح ومخوس وأختهم العمردة وهم من ملوك أو زعماء بني وليعة من كندة وقيل أن السبب أقدم من ذلك ( إذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توضع بعض صدقة حضرموت في كندة وبعض صدقة كندة في حضرموت ،وبعض صدقة حضرموت في السكون وبعض صدقة السكون في حضرموت فرفض بنو وليعة من كندة هذه التقسيمات في توزيع صدفة الأموال فيمابينهم . فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء ذلك الإبان (أي الموعد ) دعا زياد بن لبيد الناس إلى ذلك فأختلق بنو وليعة قوم الاشعث بن قيس الكندي أسبابًا للمنع لما في النفوس من بقايا العصبية الجاهلية ، والظاهر من سياق هذه الأحداث أن العصبية القبلية والخلافات القديمة أيضاً لها دوراً في انقسام جميع الأطراف القبلية في حضرموت ،ووقعت الحرب بين طرفين لهما مؤيدون من كل القبائل سواء من حضرموت أو من فروع كندة وأسفرت في الأخير عن حصار للمحاربين في صفوف الممتنعين في حصن "النجير "قيل أنه لرجال من قبيلة حضرموت وهذا ما أرجحه لأنه واقعاً في شرق مدينة تريم وهذه المنطقة أغلب سكانها من قبيلة حضرموت التجأ إليه المحاربون لجيش المسلمين ثم أن الخليفة أبا بكر الصديق رضي الله عنه أرسل بكتاب إلى المهاجر بأنه إذا ظفرت بأهل النجير فأستبقهم، ولكن الكتاب جاء متأخر اًبعد أن تم قتل اغلب من في الحصن من رجال كندة المحاصرين الذين بلغوا سبع مئة رجل كما ذكرت بعض الروايات على يد جيوش المسلمين التي وصلت حضرموت لمواجهة المرتدين . منهم عكرمة بن أبي جهل على رأس جيش قدم من اتجاه عمان من الشرق،والمهاجر بن أبي أمية المخزومي من أنجاه الغرب من مأرب . وذكروا أن الأشعث خرج من الحصن إلى عكرمة بأمان وكان لا يأمن غيره واستأمنه له على نفسه ونفر معه تسعة على أن يؤمنهم وأهليهم على أن يفتحوا لهم الباب فأجابه إلى ذلك وقال انطلق فاستوثق لنفسك ثم هلم كتابك أختمه ونسى نفسه ،ولما لم يبق إلا أن يكتب نفسه وثب عليه جحدم [رجل من المحاصرين] بشفرة وقال نفسك أو تكتبنى فكتبه وترك نفسه فلما فتح الباب اقتحمه المسلمون فلم يدع عود فيه مقاتل إلا قتلوه ضربوا أعناقهم صبرا وقال الطبري( في تاريخ الإسلام ) أيضا أن القتلى بلغ عددهم سبع مئة قتيل وبعث بالأشعث من تريم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه موثقاً أسيراَ في سنة اثنتي عشرة للهجرة النبوية على أرجح الأقوال ولما وصل إلى المدينة جعل يكلم أبا بكر الصديق وهو يقرعه و يقول له: فعلتَ وفعلتَ فقال الأشعث: استبقني لحربك فو الله ما كفرتُ بعد إسلامي ولكني شححتُ على مالي فأطلقني وزوجني أختك أم فروة فإني قد تُبتُ مما صنعتُ ورجعتُ منه من منعي الصدقة فمن عليه أبو بكر رضي الله عنه وزوجه أخته أم فروه ومع هذا لم تكن كندة كلها في المرتدين ولا مانعي الزكاة فكانوا إبطالا صنعوا في تاريخ الإسلام العجائب
وبطولاتهم ورجالهم لاتعد ولا تحصى حين أصبح الإسلام هو القبيلة والقبيلة هي الإسلام .

يكتب هذه الحلقات الأستاذ الباحث في تاريخ حضرموت أبو صلاح حسين صالح بن عيسى بن سلمان .
تنشر هذه الحلقات في صفحة تاريخ وتراث حضرموت على الفيس بوك وتويتر وفي سقيفة التاريخ والتراث منتدى بسقيفة الشبامي حضرياً

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 08-31-2015 الساعة 04:43 PM
  رد مع اقتباس
قديم 08-25-2015, 06:08 PM   #4
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الرابعة

الظروف التي مرت بها حضرموت بعد سلسلة من التمردات القبلية في وقت مبكر من تاريخها


كان للإسلام فضل عظيم في إيقاف هذا النزيف من الحروب القبلية والتمردات الذي استمر ردحا طويلا من الزمن , وقد لاحظنا في ماتقدم ذكره أن هذه الوفود عندما قدمت لإعلان إسلامها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كل منهم بوفده , ولم تأت متحدة في وفد واحد لما بينها من عداوات , وقد أزال النبي صلى الله عليه وسلم هذه العداوات التي بينهم ،ومالبثت أن عادت بعد وفاته وتسلم الصديق رضي الله عنه الخلافة . انتهت حروب الردة بحضرموت واستتب بها الأمن وبذلك عادت جميع قبائل حضرموت إلى دائرة الإسلام وعاد ولاؤها إلى خليفة المسلمين سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه , وذلك قبل أن يحول الحول إلى السنة الثانية عشرة هجرية الموافق 633م تقريبا , وبقيت حضرموت في طاعة الخلافة ما يقرب من مائة وخمس وعشرين سنة تقريبا بعد أن رسخ الصحابة الإسلام وتعاليمه في نفوس القبائل الحضرمية.
ومما تجدر الإشارة أليه أنه تلت هذه الفترة من حروب الردة دعوة الخلفاء الراشدين خاصة الشيخان ومن بعدهم لأهل حضرموت واليمن وغيرهم للجهاد في سبيل الله والأنظمام إلى جيش الفتح الإسلامي في الشام والعراق ومصر وغيرها من الأمصار،فكان الرد أن عبأت حضرموت نفسها في جيش الإسلام وقذفت بآلاف من فرسانها وقوادها وذوي الرأي فيها في جيش الإسلام , فكان لهذا الأمر أثراً سلبياً على حضرموت , إذ خلت حضرموت من سكانها , واستقر كثير من المجاهدين في جيوش الإسلام بالبلاد التي فتحت , منهم بمدينة الكوفة ومدن الشام ومصر والحجاز وشمال أفريقيا فيما بعد واختطوا لهم أحياء سميت بأسماء قبائلهم مثل حي حضرموت وحي كندة وحي السكون .
ومن نتائج ذلك كان الفراغ السكاني ،ويتحدث المؤرخون عن الهجرات الخارجية التي حدثت وأكبرها كما أسلفنا ذكره أثناء الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين تلبية للواجب،ففرغت حضرموت من القوى الفاعلة في المجتمع من الشباب ورؤساء العشائر الحضرمية والكندية ،وأنقص شعب حضرموت أيضاًالضربات والإبادة الجماعية التي حدثت لكثير من رجال حضرموت الاشداء من كندة وحضرموت اثناء حروب الردة عام 11 هـ وبعدها، حتى كادت تخلو البلد من قرى ومدن ووديان من سكانها ولم يبقى فيها إلا من قعدت بهم هممهم عن القتال أو مشاركة الفتح الإسلامي .
ثم تلتها من أحداث للثورة الأباظية التي قادها من حضرموت القاضي عبد الله بن يحيى الكندي الذي أطلق عليه أتباعه "طالب الحق "عام 129 هـ
وكانت أقساها وأذلها حملة معن بن زائدة الشيباني عام 140 هـ.
وعلى هذا فالأولى كانت في بداية عهد الخلافة الراشدة والثانية في نهاية الدولة الأموية والثالثة في بداية الدولة العباسية .
ولم تعبأ بحضرموت الدولتان الأموية والعباسية , ولم يعينوا عليها أميرا مستقلا كما في الصدر الأول وعصر الخلفاء الراشدين , بل ربطت في طليعة عهد الدولتين بأمير صنعاء اليمني , وقد انتشر في حضرموت في هذه الحقبة ظلم الولاة للرعية و الجهل والفقر والفاقة والتوحش, كما نقل من بعض الكتاب والرحالين العرب من مؤرخي القرن الرابع الهجري يصفون به حالة حضرموت أو بعضاً من مناطقها كالمهرة وبعض البوادي والسواحل التي نزلوا فيها .
ووصلت حضرموت نتيجة لذلك بدعتا الخوارج والإمامة التي قدمت مع طلائع ثوار الأباظية من البصرة بالعراق ،ومن خرج فاراً من بطش الدولة العباسية من الإمامية فكانت حضرموت مأوى لهم و جاءت إلى حضرموت مع هذه الظروف جماعات قبلية ناقلة من البدو والأعراب وغيرهم من اليمن والبصرة وعمان ونجد ،واستقرت في حضرموت أو أطرافها في الأراضي الواسعة التي هجرها كثيراً من السكان الحضارمة بعد حروب الردة والقتل الذي حدث لهم أو لتلبية الجهاد في سبيل الله والهجرة مع جيوش الفتح الإسلامي - الذي تقدم ذكره - ومن أشد الظروف إلاماً ماوقع من قتل وبطش ونكبات وتشريد للحضارم بعد هذه التمردات من قبل الولاة اليمنيون الذين كانت تعينهم الدولة الأموية والغباسية على حضرموت نذكر من ذلك باختصار شديد :
1- حملة عسكرية أتت حضرموت بقيادة عبد الملك بن عطية السعدي ، أرسل شعيبًا البارقي على رأس جيش إلى حضرموت، فأوقع بالإباضية الذين كانوا بها. إلا أن قسوته تجاوزت الحدود، فقد قتل صبيانهم وبقر بطون نسائهم وأتلف أموالهم وأخرب ونهب قراهم. وأُخمدت ثورة الإباضية بحضرموت سنة 130هـ (747م).
2- حملة معن بن زائدة الشيباني إلى حضرموت قتل أهلها قتلًا فاحشًا، وقد استعمل على بعض مخاليفه، ومنها حضرموت، بعض أقربائه. وكان بعض قرابته فسقه ظالمين، فقتل الحضارم أحد أقرباءه ورد بالقتل في الحضارم حتى وصف بأنه كان فظيعًا حتى بلغ عدد القتلى خمسة عشر ألفًا كما يذكر بعض المؤرخين وذلك لأن الحضارم حاربوه وقاوموه
وظلت حضرموت حتى نهاية حكم الخلافة العباسية وبعد سقوطها تتواصل عليها حملات من اليمن لبعض حكامها طمعاً في الاستيلاء عليها منهم من أتى من صنعاء أو زبيد بتهامة أو إب أو تعز كالزياديون والقرامطة والصليحيون وبني رسول والمكارمة وغيرهم جاء من ظفار كالحبوضي على مذهب الاباضية ضم حضرموت إلى سلطنته هناك من ملل ونحل مختلفة
ومما تجدر الإشارة أليه أن هذه الحملات العسكرية جوبهت بشدة وتم أفشالها وإن كانت بعضاً من بعض الجماعات القبلية التي استقرت في حضرموت حضرموت طرفا أو عاملاً مساعداً لها .



حلقات حصرياً يكتبها ويعدها من مراجع مختلفة على سقيفة الشبامي (سقيفة التاريخ والتراث ) وصفحة تاريخ وتراث حضرموت على الفيس بوك
الباحث في تاريخ حضرموت الأستاذ أبو صلاح حسين صالح بن عيسى بن سلمان

https://www.facebook.com/pages/%D8%A...4484213?ref=hl

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 08-31-2015 الساعة 04:50 PM
  رد مع اقتباس
قديم 09-01-2015, 07:26 AM   #5
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار
الحلقة الخامسة

حضرموت عزّ الأمن فيها بين القرن السابع والثامن الهجري إحتلال أجنبي لها وتطاحن قبلي باستمرار

لم تفلح الحملات المتكررة لبعض الدويلات اليمنية التي نشأت في العصر الإسلامي الوسيط ولأطماعها المتكررة في مد سيطرتها إلى بعض مناطق حضرموت في الساحل أو الداخل رغم المحاولات المتكررة لها منذ أن كانت اليمن قد انفصلت عن الحكم العباسي والخلافة السنية ونشأت دولة زيدية متشيعة في صعدة ، ودارت بين الإمام الهادي (يحيى بن الحسين بن القاسم أول إمام في اليمن) ودويلات قبلية ومذهبية وطائفية متعددة أخرى وغيرهم من ذوي السلطة السياسية في اليمن معارك عديدة، و اصطدامات دموية جرت بينه وبين حكام هذه الدويلات المختلفة .
وكانت حالة حضرموت بين 402 - 662 هـ (750 - 1010 م) وأوضاعها السياسية في خلال هذه الفترة التاريخية ، مجزأة إلى مناطق عشائرية ولا توجد دولة جامعة تجمعهم و يتحكم في كل منطقة منها رئيس عشائري من ذوي القوة والمَنْعَة. وكانت مناطق النفوذ لكل واحد منهم مجرد قرى صغيرة ومدن فقط خاضعة ، ومناطق قبلية محدودة، ولم يكن أحداً منهم من ذوي الشوكة والنفوذ الواسعين، ومنهم من كان «يعدّل»[عدّل المدينة الفلانية تعني حيث تُذكر في التواريخ الحضرمية أن حاكمها جعلها وثيقةً على الوفاء لحاكم آخر بالسمع والطاعة أو عدم الاعتداء. ] بلاده للحكام الأجانب.- وهذه الطريقة تبعها من أتى بعدهم حتى في العصر الحديث حين قامت السلطنات الكثيرية واليافعية وسيأتي ذلك لاحقاُ –ومما تجدر الإشارة أليه وله تعلقاً بموضوعنا أيضا أن الدولة الشيعية الفاطمية[ العبيدية ] التي حكمت في مصر وأمتد نفوذها عبر حكم الصليحيين الشيعة الإسماعيلية في اليمن(439 ـ458 هـ) (1047 - 1065 م) يقال إن ملك الصليحيين أمتد إلى حضرموت ساحلها وداخلها ،ولعله كان بواسطة واحد أو أكثر من هذه التجمعات القبلية ذات النفوذ في حضرموت خلال تلك الفترة .
ثم خلف الفاطميون على حكم مصر الأيوبيون [الدولة الأيوبية الحكم الأيوبي 569- 626 هـ /1173-1229م ]و أرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه توران شاه إلى اليمن عام 569هـ/ 1173م .وكان سببه أن الفوضى العشائرية استبدت باليمن، فاستنجد أهلها بالأيوبيين الذين قدموا بعد ذلك إلى حضرموت في حملات تكررت وكان من نتائجها أيضاً القضاء على ثلا ث إمارات أو أكثر في اهم المدن الحضرمية، إحداها كانت إمارة الحضارمة آل قحطان ويرى باحنان وآخرون أنهم من كندة ، وأول أُمراء هذه الإمارة هو قحطان بن العوام بن أحمد القحطاني وقيل أن بداية حكمها في النصف الثاني من القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي).
ومن سلاطين هذه الإمارة السلطان عبد الله بن راشد بن شَجَعْنَة القحطاني الحضرمي التريمي وهو الأمير المشهور الذي يُنسب وادي حضرموت الرئيسي إليه، فيقال له إلى اليوم "وادي ابن راشد" وكان هذا فقيهًا وعادلًا، وكان مولده بتريم سنة 553 هـ (1158 م). وقد تُوفي سنة616 هـ (1219 م) ومركز الدولة مدينة تريم وأمتد حكمه إلى مابعد العقاد . ومما تجب الإشارة أليه أن الجيش الأيوبي كما يذكر بعض ممن كتب في تاريخ حضرموت وعسكره من الغز(الأكراد ) وجيش بن مهدي اليمني بنو حرام ونهد وقبائل يمنية أخرى من عساكر بعض السلاطين من بني أيوب والموالي الرسولين القادمون من اليمن والحبوظي من ظفار وغيره ويعدون أهم أقطاب الصراع القبلي الذين عاشوا في حضرموت فساداً وتدميراً وخراباً لنخلها وأرضها وقتلا لأعيان وعلماء وفقهاء مدينة تريم وانتقلت إلى حضرموت وهي من بدايات مقدمات صراع القبائل الناقلة فيما بينها بعد القرن الثامن الهجري على الحكم في أجزاء مختلفة من حضرموت . [والحديث عنها في الحلقات القادمة بأذن الله تعالى ]
وأمّا الإمارة الحضرمية الثانية إمارة بني الدغَّار، ومركزها شبام،والذي أنشأ هذه السلطنة الدغار بن أحمد بن النعمان في عام 460هـ الموافق 1067م وهم ابن عمومة آل راشد سلاطين تريم , ومن أشهر سلاطينهم أبو الرشيد بن راشد الذي اعتقله عثمان الزنجيلي وأرسله إلى عدن , ومن ألمع سلاطين آل الدغار السلطان عبد الباقي بن أحمد الذي حرر حضرموت من الغز , وأرجع أبناء عمومته آل راشد إلى سلطنتهم بتريم , وتم القضاء على سلطنة آل الدغار عام 605هـ الموافق عام 1208م على يد قبيلة نهد .
و أما الثالثة إمارة آل فارس، ومركزها مدينة الشحر. , وأول من عرف من سلاطين هذه السلطنة السلطان عبد الباقي بن فارس المتوفي عام 547هـ الموافق 1152م , ومن أشهر سلاطين هذه الدولة السلطان فارس بن إقبال الكندي الذي ينتهي نسبه إلى كندة وقد يسمي بعض المؤرخين هذه السلطنة باسمه والسلطان فهد بن راشد الذي قاتل الغز بالشحر وهزمهم ووقع في يده أسرى وغنائم منهم , وبقيت سلطنة آل إقبال إلى أن غزا حضرموت ابن مهدي وسيطر عليها وقضي على هذه السلطنات الثلاث في عهدها الأخير وذلك عام 617هـ الموافق عام 1220م.
وقد مكثت حضرموت تتخبَّط في ظلام الفوضى والتطاحن القبلي كما تعرضت لغارات القبائل مدة من الزمن، وكلما أستقر بها الوضع السياسي ما أن ان تلبث الفوضى تعود من أليها من جديد تصارع الأقدار، وكأن لم يكن لأهلها إلا الاقتتال فيما بينهم والاقتتال مع الآخرين. وليس ذلك بمستغرب من حكام عشائريين ينظم علاقاتهم الداخلية والخارجية قول عشائري مأثور وهو (من عَزَّ بَزَّ).
يتبع في الحلقة القادمة بأذن الله تعالى

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 09-01-2015 الساعة 04:36 PM
  رد مع اقتباس
قديم 09-08-2015, 09:09 PM   #6
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

حضرموت والدولة الرسولية داعمة للتصوف ولأول سلطنة من القبائل الناقلة إلى حضرموت


حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار (الحلقة السادسة )

الدولة الرسولية التي حكمت اليمن من زبيد في القرن السابع الهجري كما مر بنا كان لها تأثير مباشر في بعض من أوضاع حضرموت الدينية والسياسية ، أما الدينية فقد كانت هذه الدولة [الرسولية ] قد مكنت للصوفية في اليمن وحضرموت تمكيناً تاما على الأوضاع المحلية ،الأمر الذي أدى تعديه إلى سلطنات أل يماني والكثيري والقعيطي آخر السلطنات تنتمي إلى عصبيات قبلية أمتد إلى عصرنا الراهن ... وهذا له علاقة بموضوعنا في ما لعبه كبار رجال التصوف من دور كبيراً ومؤثراً ومثبطاً في مجمل المشاكل في أتون الفوضى القبلية العارمة التي تنشب بين الفترة والأخرى في حضرموت وتوزعهم للإشراف وطلب الولاء من كل قبيلة لهم والتوجيه لكل فصيل قبلي على حدة في حضرموت.
فما من اعتراض كان من قبل من الفقهاء أو غيرهم على الصوفية إلاَّ ويقمعه ملوك بني رسول و السلاطين وشيوخ القبائل الذين أتوا من بعدهم ...، و قد تكامل نشر الصوفية ورسخت جذورها بل وبسقتْ وتمتْ فروعها وآتتْ ثمارها في هذا القرن، وواصلت التطور والتوسع في القرون اللاحقة ....
أما من الناحية السياسية ، مدت الدولة الرسولية نفوذها من تهامة زبيد باليمن بواسطة قوى قبلية محلية ساعدت " القائد اليمني للدولة الأيوبية عمر بن مهدي الذي أرسله"الأيوبيون إلى حضرموت مع جيشًا كثيفًا لإخضاع الإمارات الثلاث الحضرمية التي سبق أن أشرنا أليها في الحلقة الماضية التي قامت في مدن تريم وشبام والشحر. فاستولى ابن مهدي على الشحر وتريم وشبام بعد مجازر رهيبة ونكل بعموم الحضارمة وخواصهم.
غير أنها انهارت سنة 859 هــ - أي الدولة الرسولية - واستقل سلاطين أل يماني بالحكم من بعدهم في تريم ، ولاشك أنهم يعدون امتدادا للدولة الرسولية المنهارة التي كانت أقوى حليفاً لأل يماني ،ومما تجدر الإشارة أليه أن آل يماني وإمارتهم التي أنشاؤها برئاسة زعيمهم الأمير مسعود بن يماني بن لبيد الظنّي في تريم كانت في صراع دائم مع آل إقبال الكنديون في الشحر الذين استعصوا عليهم ، ومع أل الدغار في شبام بنو عمومة آل راشد القحطانيون الذين حكموا تريم من قبل .
وفي خضم هذه الصراعات بين الكيانات القبلية المتباينة التي يطمح كل منها في حكم حضرموت أو أجزاء منها ، ظهر (بني ظنه ) كحلف قبلي أو( عصبة ) جديد مسانداً وداعماً لأل يماني .
ويعد أل تميم الذين استوطنوا في وادي المسيلة أسفل حضرموت هم أكبر هذا التجمع القبلي بالرغم من أن رئاسة الحلف أو العصبة بالوراثة لابن يماني الذي استوطن في قسم شرقي مدينة تريم وله الزعامة على بني ضنه عموماً الذين منهم المناهيل وأقسام أخرى كالمعارة - وروح وغيرهم من القبائل الناقلة إلى حضرموت المختلف في أنسابها كثيراً على عدد كثير من الأقوال و من أي مناطق تم نزوحها إلى حضرموت ولازالت كثيراً من المعلومات التاريخية عنها متناقضة وشحيحة لدى الباحثين .
ومعهم قبائل (نهد) حيث يرجعون بنسبهم إلى رابطة واحدة هي عشيرة (بني حرام) بن ملكان بن كنانة من قضاعة، كما ذكر بعض ممن كتب في تاريخ حضرموت ولهذا فإن (نهد)ساعدت آل يماني في توطيد دعائم دولتهم أو أنهم على الأقل لم يعرقلوا نموها وتوسعها.
وكانت مدينة تريم والضواحي والقرى والوديان المجاورة لها أكثر المناطق التي استوطنتها هذه القبائل التي نزحت إلى حضرموت، وكذا قبيلة أل كثير وقبائل أخرى (والمهاجر السيد أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي) القادم من البصرة – العراق واستقر أبناءه وأحفاده من بعده في قرية "بيت جبير" شرق مدينة تريم ثم أخيراً في مدينة تريم ، وظهرت كل هذه الجماعات في أتون الصراعات القبلية على الحكم في حضرموت وكان لها أثراُ كبيراً في تغيير بعض المفاهيم وخلق مفاهيم أخرى في حضرموت من ذلك نظام التراتب الاجتماعي في المجتمع المحلي الذي يأتي على رأس هرمه السادة العلويون ، وكما سنلاحظ تأسيس أول سلطنة لفصيل من هذا الحلف لآل يماني .
ومما تجدر الإشارة أليه في هذا السياق أن هذه المنطقة السالفة الذكر التي استوطنها الكثير قد شهدت حروب الردة التي تحدثنا عنها في ماتقدم من حلقات وهجرات متتالية إلى خارج حضرموت نتج عن ذلك فراغا سكانياً كبيراً من أهلها الذين تم قتلهم في ما عرف بإلابادة الجماعية للسكان الحضارمة والكنديون أثناء حروب الردة ودخول الجيوش الغازية لتعقب حركات التمرد التي شهدته مدينة تريم ومدن أخرى ثم لهجرة الآلاف من العوائل الحضرمية والكندية كما تقدم ذكره في جيوش الفتح الإسلامي لم تعد إلى مواطنها هذه واستقر بها المقام في مصر والعراق والشام والحجاز وأماكن أخرى منهم البقيليون وغيرهم ...ثم لتوطن التصوف وابتعاد كثيراً من سكان هذه المناطق عن المقاومة وحمل السلاح للظروف السياسية التي مروا بها من مقاومة للجيوش الغازية لحضرموت أثر في قوتهم وتماسكهم ،وكانت هذه المناطق من أخصب الأراضي الزراعية في وادي حضرموت لكثرة المياه الجوفية فيها ولقربها من مصب الوادي .
ومما تجدر الإشارة أليه أيضا وله ارتباط بالموضوع أن أغلب السلاطين بدأ سلطانهم من مدينة تريم بإستثناء السلطنة القعيطية من مدينة القطن. وكان مسعود بن يماني الذي توفى سنة 648 هـ (1250م) أول من بنيت على قبره أول قبة تقام بمقبرة الفُرّيَّط بتريم.
وكان من ضمن المنافسين على الحكم والتسلط القبلي في حضرموت أيضا ،تيار أخر قادماً من ظفار قرب الإمامة الاباضية في عمان بقيادة "سالم بن إدريس الحبوضي الظفاري"و كان جده الأكبر محمد بن أحمد عاملًا للسلطان محمد بن أحمد الأكحل المنجوي والأقرب انه على مذهب الاباضية المنتشر في عمان قياساً على المكان ، ويظهر هذا من خلافه مع الأيوبين ذوي المذهب الأشعري و وزراءهم المماليك في اليمن بني رسول الذي امتد حكمهم إلى حضرموت كما تقدم ذكره...
ومع السلطان سالم بن إدريس الحبوظي ظهر تيار قبلي أخر طموح جديد كانوا عسكراً للحبوضي سيكون له شأن في صراع الكيانات القبلية القادمة خاصة منذ نهاية القرن التاسع و بداية القرن العاشر الهجري وهم (آل كثير) وحلفاءهم كقبيلة طموحة للحكم أيضا في حضرموت.و يرجع أصلها أيضًا إلى (بني حرام) على مايذكره جملة من الكتاب والمؤرخون الحضارمة منهم صاحب الشامل علوي بن طاهر الحداد وتاريخ الدولة الكثيرية الأستاذ محمد بن هاشم ،وأحمد بن حسن العطاس وغيرهم ،ويخالفهم في هذا من كتب عن تاريخهم ونسبهم وصدر عنهم حديثاُ أنهم من همدان باليمن ،والمسالة خلافية فيما أراه .
وكان آل كثير قد عمروا مدينة (عينات) سنة 629 هـ (1231 م) في وادي بُوح (وهي عينات القديمة لا الجديدة التي اختطها الشيخ أبو بكر بن سالم العلوي) كما يذكر بعض ممن كتب في تاريخ حضرموت .
وحين حاول سالم بن إدريس الحبوضي توسيع إمارته في ظفار قدم إلى حضرموت سنة 673 هـ واشترى مدينة شبام واستعمل أخاه موسى عليها. ثم هاجم واحتل مدينتي سيئون ودّمون. وحاصر مدينة تريم وكانت حينها تحت حكم الأمير عمر بن مسعود بن يماني.و صمد آل يماني في وجه الحصار الحبوضي الذي دام عدة أشهر.. وطال صمود ابن يماني فيئس الحبوضي من الاستيلاء على مدينة تريم وعاد إلى مدينة شبام، ثم غادر حضرموت إلى ظفار تاركًا آل كثير عسكره عمالًا على ممتلكاته الحضرمية التي استولى عليها وفي ظفار قتل بعد عودته .
وفي حلقتنا القادمة يظهر أل كثير طموحهم من خلال هذه الصراعات لإنشاء دولة جديدة أيضا في حضرموت ..
.
  رد مع اقتباس
قديم 09-17-2015, 11:53 AM   #7
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

"] الحلقة السابعة
حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار


السلطنة الأولى والغرفة ، والصراع على السرير وتريم تسعة شهور لا تصلى فيها الجمعة..


في حلقتنا السابقة قد مر بنا أن سلطنة أل يماني من بني ظنة هم أول من أقام سلطنة من القبائل الناقلة إلى حضرموت، وقيل أنهم كانوا عسكراً وحكاماً للدولة الرسولية اليمنية من مماليك مصر ورثوا الحكم في اليمن عن الأيوبيين ، استمر حكمهم لقرون طويلة كما مر بنا ، ومن نظائر هذه الحالة السياسية أيضا أن أل كثير عسكر السلطان سالم بن إدريس الحبوضي ورثوا الحكم في حضرموت بعد مقتله على يد الرسوليين والملفت للنظر أيضا أنّ عسكراً اتخذوهم من يافع بتوصية من أحد مناصب العلويين في عينات ثم دعماً من الأتراك ، لكنهم انقلبوا على السلطنة الكثيرية الأولى بعد فترة من الزمن وأسسوا لهم إمارات في بعض مدن حضرموت كتريم وسيئون والشحر وتريس، ووجدت السلطنة القعيطية فيما بعد دعماً لها من بريطانيا العظمى فيما وطدت تركيا أركان السلطنة الكثيرية أيضا ، و من الملفت للنظر أن هذه السلطات جميعها اتخذت عسكراً لها من خارج حضرموت وأضافت أليهم أفارقة من بلاد النوبة وجنوب السودان ... هذه بعض المقدمات التاريخية لفهم بعض أطراف الصراع القبلي في حضرموت وكيف دار من قبل والذي أستمر حتى منتصف القرن الماضي. إذ كانت السلطة كالكرة في ميدان تقذف مرة لهذا ومرة لآخر.
فبعد مقتل السلطان سالم بن إدريس الحبوظي على يد الرسوليين في ظفار بعد عودته من حضرموت وقتل معه يومئذ نحو 300 قتيل وأسر خلق كثير، وفشله وعسكره أل كثير في دخول مدينة تريم وحصار دام تسعة شهور لم تقم في مساجدها جمعة في تلك السنة ، اشتدت الفتنة على تريم وكثر القتل فيها وخلت البلاد من أهلها وعم الخراب الديار والأموال، تولى آل كثير الإدارة العسكرية الحبوضية بعد ذلك كما ذكر الأستاذ (محمد بن هاشم رحمه الله، في تاريخ الدولة الكثيرية) وأخذت سلطنة أل يماني تحتضر وتدنو من نهايتها المحتومة على يد مجموعة قبلية جديدة نشطة للوصول للحكم كما سيأتي ، ولم يعد معها إلا مدينة تريم العاصمة وقرى ومناطق متفرقة فقط موالية لهم من بني تميم، ولم يقتصر بها هذا الحال فقط من الخوف والرعب والفوضى بل كانت تعيش أيضا مجاعة عظيمة وقحط شامل شديد أصاب أهلها بمزيد من الفقر والمتاعب في الوادي في نهاية القرن الثامن الهجري كما تتحدث المراجع التاريخية الحضرمية.
وفي خضم هذا الصراع برز الطموح الكثيري لتأسيس سلطنة لهم واجتمعوا على أن تكون لهم مشاركة في الحكم وبدءوا في الاستيلاء على قرى" السرير" ويذكره البعض بلفظ "السليل " وهو داخل أيضا في ما عرف "بخلع راشد " أي السلطان راشد بن عبد الله القحطاني الذي قيل الحضرمي وقيل الكندي فيه وهو مكان النزاع الدائم على الأراضي الزراعية والنخيل ومجرى السيول في الوادي بين القبائل المختلفة من أل راشد و آل جميل وآل حسن والصبرات وبن نعمان وبن فاضل وأل بن ثعلب وبنو سعد والأسداس وباعقبة وبن دغار وهذه من القبائل ذات الأصول السكانية الحضرمية القديمة التي ينتمي أليها هذا السلطان بن راشد ،وقبائل دخلت منافسة لها بعد أن استوطنت حضرموت من بني ظنة و نهد وأل كثير ومن دللائل هذا الصراع أنه في سنة 601هـ اقتسمت نهد السرير (السليل) فأخذ بنو معروف ومرة شبام والحول (الغرفة) وتريس، واختص بنو سعد وظبيان بحبوضة وسيؤن، [ وهولاء من طرف حلف بن السلطان بن راشد القحطاني ومعهم بنو حارثة المشهور حصن الحوارث باسمهم "وحبوضة " قرية تقع شمال غرب مدينة سيئون ] وانفرد بنو ظنه ببور ومسيب ومريمه.) وتكررت أحداث كثيرة في اقتسام السرير من قبل نهد وقبائل أخرى وفيه دلالة واضحة لعدم الإستقرار الذي عاشته المنطقة هذه من وادي حضرموت وأن كل قبيلة ترى في نفسها القوة تستولي عليه فترة من الزمان حتى تأتي قوة قبلية أخرى وتنتزعه منها ويستمر الصراع على هذا النحو ،فعرف من هذا أهمية المنطقة من الناحية الزراعية والإستراتجية ،وكذا أهميتها في طرق التجارة والقوافل وخطوط إمداد الجيوش المتقدمة نحو تريم في شرق الوادي وأنها من أهم مراكز الاستيطان البشري في وسط وادي حضرموت ودخل معهم في هذا الصراع أل كثير كطرف جديد ارسى له تحالفات جديدة أطلق عليها "بالشنافرة "...
و أما الأعمال التي يقوم بها قبائل المنطقة ضد بعضهم البعض أو ضد سكان المنطقة محايدين كانوا أو خارج نطاق هذا الصراع القبلي فقد اشتهر الإستيلاء على الأراضي الزراعية بما فيها النخيل والحبوب والقرى بما فيها من السكان ، وتبسط قبيلة يدها بقوة السلاح على أخرى وتصبح بعد ذلك تحت نفوذها ولو بصورة مؤقتة حتى ينتزع منها ذلك من قبيلة أخرى وهكذا تستمر الأحوال المتردية في حضرموت، وقد يشكل حرق النخيل وقطع ثماره تارة، والحبوب عند قرب الحصاد أو سلب المارة أمتعتهم تارة أخرى وغير ذلك من ثأر بينهم وقتل للفلاحين في قراهم مما أشتهر كثيراً ومارسته القوى القبلية المتصارعة دون وازعا أو رقيب، فتكثر الهجرات الداخلية والخارجية من مكان إلى أخر وهو موضحاً في كتب التاريخ الحضرمية ،[ أنظر تاريخ شنبل والشامل في تاريخ حضرموت ، وتاريخ الدولة الكثيرية وتاريخ حضرموت لأبن حميد الكندي ] وأمّا مواطن السكنى الرئيسة حوالي السرير فهي من امتداد قرى الغرف وأنف خطم « المحترقة اليوم » ومريمة ثم في كل من سيئون ومدودة وتريس و (الحول )الغرفة وخلع راشد – حوطة احمد بن زين حاليا - وذي أصبح وشبام وقد يمتد القتال والصراع القبلي جنوباً إلى أن يصل إلى قرى وادي بن علي وما قبلها وشمالاً إلى والوديان الأخرى ،و(السرير أو السليل) من الناحية الجغرافية لموقعه هو تلك المنطقة الواقعة على مجرى الوادي الرئيسي الممتدة من شمال غرب مدينة شبام وحتى منطقة الغرف شرقاً وتقع عليه مجموعة قرى قديمة يعود تاريخا لما قبل الإسلام من أهمها ذي أصبح وبور ) - [الخط السريع حاليا عبر طريق مطار سيئون وعلى جانبيه ].
فتوجه علي بن عمر الكثيري إلى الشيخ الكبير" محمد بن عمر باعباد " الذي ابتنى له صومعة أو داراً لأول مرة وحفر بئراً سماها " غرفية "ومسجدا ًبالسفح الجنوبي من الحول ليسكنها وسماها "الغرفة" والتسمية أتت من قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( العنكبوت /58)و كما في قوله تعالى ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)الزمر و الغرف مفردها غرفة والغُرَف هي : المنازل الرفيعة في الجنة ، { مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ } أي : منازل أرفع منها .[ انظر أقوال المفسرين ] والرجل من كبار المتصوفة اتخذ له في هذا المكان مسكناً ، وكان بالحول بعض من ينتمي لقبائل كندية وكان ذلك الحدث سنة 701هـ ، وغلب أسم الغرفة فيما بعد على أسم الحول لمكانة صاحبها الشيخ باعباد الروحية وأصبحت فيما بعد كعاصمة للسلطنة الكثيرية والتفت حولها حصوناً كثيرة ومواقع لجماعات تنتمي للسلطنة،وأما حصن السلطنة قال بن عبيد الله السقاف أنه ابتنى في عهد عبدالله بن علي بن عمر الكثيري المتوفى سنة 894، ابن مؤسس السلطنة- الذي سيأتي ذكره – ( فابتنى حصن الغرفة على القارة، التي بها حصون آل عبود بن عمر الآن، فعظمت الرزية على المشايخ بضغطه عليهم..) انظر كتابه "حضرموت بلادها وسكانها ص217" .
ومما تجدر الإشارة أليه أن آل باعباد أختلف في نسبهم على أقوال منها أنهم من قريش من بني أمية إذ قيل أن جدهم قدم من الحجاز واستوطن الشحر واستقر المقام بأحدهم في منطقة "الحول" بعد أن ولد في شبام لأهميتها على أحد جانبي السرير المتنازع عليه باستمرار بين مختلف قبائل حضرموت كما ذكر( شنبل في تاريخه والحداد علوي بن طاهر في الشامل )
وربما للتمهيد الدعوي بين الناس للسلطنة الكثيرية الجديدة للعلاقات الوطيدة بين رجال التصوف وزعماء القبائل في ذلك الوقت من تاريخ حضرموت، وبنا أي أل باعباد لأنفسهم جاهاً ضخماً منافساً لجاه العلويين في تلك الفترة في حضرموت [ استمر في الغرفة حتى في العصر الحديث حيث انقسم الموالون بين حب صوفية أل باعباد أو السادة أل الحبشي كما حدث في الخلاف بين بن عبدات والسلطنة الكثيرية كما سيأتي]،فلعب الشيخ محمد ومن بعده أبنه عبد الله المشهور (بالقديم ) الذي ولد في مدينة شبام لعبا دوراً في الدعاية والتمهيد بين العامة للتحضيرلقيام السلطنة الكثيرية الأولى ،علاوة على ما يقوم به العلويون من الجهة الأخرى من حسن الدعاية وتمهيد السبيل في مدينة تريم بعد أن ضعفت سلطة أل يماني فيها.[ أنظر محمد بن هاشم تاريخ الدولة الكثيرية ] ومما هو جدير بالذكر كما ذكره الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف : أن ثلاث عائلات قرشية من المشايخ هم (آل باوزير وال العمودي وأل باعباد) كلها قدمت من خارج حضرموت من الحجاز والعراق قد لعبت دوراً سياسياً خطيراً في صراع الكيانات القبلية الأخرى على الحكم في حضرموت منذ القرن التاسع الهجري تقريباً وما بعده بل وحكم( العمودي) في دوعن قبل أن تؤول المنطقة للسلطات اليافعية القعيطية.ثم أن الجميع نافسوا أل باعلوي في الجاه الروحي للتصوف في حضرموت ويعدون من مناصب حضرموت أيضا.
فكان استهلال القرن الثامن الهجري وفي الثمانينيات منه أي (حوالي 1380 م) وُلد علي بن عمر بن جعفر الكثيري في قرية بور التي كان يحكمها أل بانجار من كندة، واتصل بالشيخ علي عمر باعباد في الحول سنة 814 هـ ، وهو أول من حول رابطة أل كثير من قبيلة إلى دولة، و نودى به سلطانًا من آل كثير على أجزاء من حضرموت مع تعدد السلطات في ذلك الوقت . وقد تُوفي علي بن عمر الكثيري سنة 825 هـ والصراعات محتدمة وحضرموت تتنازعها عدد كبير من السلطات القبلية المحلية .
وجاء من بعده (السلطان محمد بن عبد الله بن علي بن عمر الذي خلف أباه ؛ وفي أيامه اضطربت حضرموت عليه كلها فثار آل يماني وآل أحمد والصبرات وآل ثعلب وصاحب مريمة ومعهم بعض آل كثير كل هؤلاء خرجوا عليه فحصروا الحصن الذي بنته السلطنة الكثيرية بالغرفة وأتلفوا المزروعات وأقاموا تحت الحصن شهرين وفيه يماني بن عبد الله بن علي أخو السلطان محمد محصوراً. وبنا آل بني جميل (جفل) في ذلك العهد بمساعدة الثوار وأتلفوا في شبام نخيلاً كثيراً ومزارع ثم استولوا على حصن الغرفة وأخربوه وقطعوا في موشح كمية وافرة من ثمر النخيل ونجا يماني بنفسه ثم وقع الصلح بين الجميع إلى شهرين وذلك سنة 845هـ ولم تنته مدة الصلح إلا والسلطان مستعد لحصر تريم فحصرها وأخرج منها أولاد دويس بن راصع ثم حصر جفل وأخرج منها آل جميل وهدأت الأحوال بعض الهدوء نحو عشر سنوات.[ أنظر تاريخ الدولة الكثيرية محمد بن هاشم ]
حديثي القادم بأذن الله تعالى عن دور السلطان بدر بن عبد الله الكثيري رحمه الله في معمعة هذه الصراعات ونجاحة لفترة ما وتمرد الشنافر مع أبنه وبعض أهله عليه وموته في سجنه ثم فشل مشروعه في توحيد حضرموت...
ونود أن ننبه أن العبرة من التاريخ في أن عافية حضرموت هو في تلاحم النسيج الاجتماعي المختلف التكوينات والمكونات، وتقوى الإنسان وتطوره يفضي إلى وحدة وتنمية حضرموت.... والله الموفق ..

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 09-17-2015 الساعة 02:48 PM
  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2015, 04:41 PM   #8
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الحلقة الثامنة
" بو طويرق " في مواجهة التمردات القبلية بعسكره من يافع والزيود والأتراك ...
لازلنا نعرض مامرّ بحضرموت وأهلها من صوراً مظلمة من تاريخ الصراع القبلي الدموي الذي لايستمد شرعيته من شرع الله ولا قوانين مدنية ،غير أعراف قبلية جاهلية تهدف إلى فرض وبسط قوة القبيلة للحكم والسيطرة والنفوذ بالقوة مهما بلغ الأمر، مع ما يتخلله قتل للأنفس البشرية المحرمة ، ونهب الأرض والممتلكات وتهجير قسري للمعارضين وغيرها مما ذكر من أعمال عرضها كثيراُ من الكتاب والمؤرخين بصورة واضحة وجلية في تاريخ حضرموت .. ولقد ظل هذا الوضع لقروناً طويلة قبل أن تستقر حضرموت ويعرف للدولة نظامها المدني المستقر إذ كان الناس في جهل من دينهم ولا يلتفت كثيرا من الناس خاصة القبائل المتصارعة إلى الأحكام الشرعية والمحاكم إلا في نطاق ضيق من المعاملات بالرغم من توفرها ...فضلاً عن تعدد السلطات القبلية في مناطق حضرموت المختلفة كما مر بنا في عرض بعضا منها إضافة إلى المجاعات والفقر والجفاف الذي يجتاح المنطقة بين فترة وأخرى ...وكلما انتهت حربا جاءت أخرى ،علاوة على الغزو الأجنبي الذي يأتي من خارج حضرموت و يمكن الرجوع إلى كتب التاريخ الحضرمي لمعرفة المزيد من ذلك ...
وفي خضم هذه الصراعات القبلية برز نجم السلطان بدر بن عبد الله الكثيري 0بو طويرق ) كأحد أهم سلاطين أل كثير وحاول أن يوحد حضرموت تحت سلطته ويقيم دولة على الأقل تظمن لمواطنيها الأمن والاستقرار؛ فوقفت قبائل حضرموت مجتمعة معرقلة له وكانت من أهم أسباب فشلة في مشروعه إلى جانب أمراء من قبيلته ومن الأتحاد الشنفري المساند لأل كثير قبل تسلم بدر بو طويرق مقاليد الحكم وبعضا من رجال الصوفية يتآمرون علنا وخفاء عليه غير ناصحين له كما سنرى ذلك في سياق الموضوع.
قيل أنه ولد سنة 902 هـ ، وأظهر في سن مبكّرة تطلعا إلى الحكم وشغفا بالرئاسة ومظاهرها وأصبح ينافس أخاه السلطان محمد في شؤون الدولة التي تحكم أجزاء من حضرموت وظفار وعلاقاتها العامة بشكل لم يكن محل رضا أخيه الأكبر السلطان محمد ، ولكي لا تتفاقم الأمور بينه وبين أخيه قرر السلطان محمد التنازل للسلطان بدر عن حكم حضرموت الداخل والساحل واحتفظ لنفسه بحكم إقليم ظفار الذي كان وقتها جزء من السلطنة .
و مما تجدر الإشارة أليه لم يستطيع سلفه سلاطين آل كثير المتقدمين قبله من إنهاء الكيانات القبلية المعارضة لهم في حضرموت خاصة سلطنات وإمارات لا زالت تحكم وتسيطر على أجزاء من حضرموت في الساحل والداخل وأهمها (سلطنة آل يماني في مدينة تريم وضواحيها وسلطنة أبو دجانة فارس بن مبارك الكندي في مدينة الشحر وضواحيها كالمشفاص ...ا ومناطق نفوذ قبلية أخرى من أهمها دوعن التي تقع تحت نفوذ العمودي و"هينين "التي كانت توجد بها قبيلة "الظلفان " حيث رفضت الإذعان لهم وكانت من أشد القبائل مراساً وعداوة وتمرداً لأل كثير في تلك الفترة ، خاصة ضد مشروعهم التوسعي في حضرموت واستمرت هذه العداوة نحو قرن ونصف من الزمان لا يهداً للطرفين منها بال ولا يقر لهم قرار كما ذكر الأستاذ محمد بن هاشم في كتابه (تاريخ الدولة الكثيرية) . وكانوا يتزعمون أي الظلفان قبائل المناطق الشمالية الغربية من وادي حضرموت ألمسماه بـ (المسفلة ) وأما مع أل يماني في تريم فقد ظل الصراع طويلاً قبل أن يدخل السلطان بدر بن عبد الله (بوطويرق) مدينة تريم و ينهي بذلك سلطنة أل يماني عام 927 هـ التي ظلت تحكم تريم لكثر من ثلاثة قرون من الزمان ومما تجدر الإشارة إليه أن آل يماني وفصائلهم الأخرى كآل تميم والمناهيل أصبحوا، في تاريخ متأخر، من أقوى العوامل في تدمير الدولة الكثيرية عند بزوغ فجر الدولة القطيعية، كما سيأتي تفصيل ذلك.
وقد قتل في هذه المواجهات المئات من الطرفين من ذلك واقعة ميدان (باجلحبان ) وكانت معركة فاصلة هزموا فيها آل يماني وقتل منهم نحو المائة أشهرهم راصع بن دويس نفسه وراصع بن يماني، وكالعادة بعد كل صداماً وحربا وقتالاً يتدخل في نهايته أحد رجال أل باعلوي من المناصب أو كبار رجال التصوف فيعقد بينهم الصلح ويسمى ذلك باسم معين ويتقاسموا فيه الأرض الزراعية المتنازع عليها أو مناطق النفوذ ويكون في الغالب للمصلحين نصيبا منها من ذلك.
أخضع بدر بوطويرق بعد تسلمه السلطنة من أخيه الأكبر السلطان محمد أغلب المناطق الداخلية والساحلية في حضرموت ،وامتدت مساحة الدولة لأول مره في عهده إلى خارج حضرموت ، فاستولى بدر على قشن من بلاد المهرة في سنة 925هـ . ( 1545 - 1546م ) وقتل ستين رجلا من مختلف القبائل المهرية منهم سلاطين آل عفرار في مجزرة مشهورة ذكرتها بعض كتب التاريخ ، ومن أجل تأمين حدود سلطنته من الشرق والغرب تعامل مع القبائل المجاورة لبلاده إما بإخضاعها أو بالدخول معها في اتفاقيات صلح وتعاون .... وباستيلاء السلطان بدر على كل هذه المناطق شمل نفوذه حضرموت ومناطق واسعة حتى شبوة المدينة القديمة شرق وادي حضرموت ـ وبلاد المهرة . فامتدت سلطنته من عين بامعبد غربا إلى ظفار شرقا ومن البحر العربي جنوبا إلى رمال الربع الخالي شمالا .... واعتمد السلطان بدر في كل غزواته وتوسيع رقعة الدولة على المجندين الأتراك وقبائل يافع والعبيد الأفريقيين وبعض القبائل الزيدية من اليمن والأشراف من مأرب والجوف ، واستبعد من الجندية اغلب الحضارم بشكل عام ومن قبيلته من كانوا على خلاف معه وبعلاقة طيبة مع أخيه محمد الذي انتزعت منه السلطنة وأودع السجن في نهاية حياته..... ...
ومما تجدر الإشارة إليه أن السلطان (بدر بو طويرق ) هو أول من أدخل الأسلحة النارية الحديثة المتمثلة في بنادق ( أبوفتيله ) مع الجنود الأتراك التي أطلق عليها الأهالي اسم ( البنادق الرومية ) وقد أمدته بها الدولة العثمانية وتم إدخالها لأول مرة إلى حضرموت بقيادة الضابط التركي رجب ذو الشوارب الطويلة الذي ذاع صيته بين أهل حضرموت، وكان لانضمام تلك القوة إلى جيشه مع أسلحتها الفتاكة تأثير كبير في تعزيز سلطاته. وينقل بامطرف في( المختصر في تاريخ حضرموت) ما أورده المؤرخ صلاح البكري في كتابه تاريخ حضرموت السياسي عن شدة وقسوة السلطان بدر في حكمه ،غير أن " صلاح البكري اليافعي " يتناقض مع نفسه ويعتبر تلك الشدة والقسوة أنها كانت في مصلحة الأمة .
ولم يكن بدر بوطويرق على علاقة حسنة بأغلب قبائل حضرموت وبعض من أفراد عائلته الأمر الذي جعله يتخذ قرار إخضاعهم بالقوة وإذلالهم بواسطة جنوده من يافع والزيود والغز والأتراك حتى يذعنوا له ويكفوا عن المعارضة والتمرد والشغب الذي عرفوا به ..
وكأن السلطان رأى فيهم خطراً على استتباب الأمن والاستقرار في دولته ...فكانت مواجهته لهم عنيفة كما سيأتي ذكره ...
وفي جمادى الأولى من سنة 927هـ حول نظره نحو هينن واكتسحها بقواته بعد أن حاصرها شهوراً حتى أذعنت له بالاستسلام وكانت بينه وبين أهلها كما تقدم ذكره مع "الظلفان " ذحول وضغائن قديمة وثارات ومشاكل لاتحصى . ثم طفق السلطان يزحف بجيوشه على جميع حضرموت حتى استولى عليها كلها شرقاً وغرباً ..
وفي تلك السنة أيضا قبض السلطان على جماعة من الحموم كانوا يتحرشون بالدولة وأودعهم السجن ،فأعلنت عندئذ قبيلتهم الحموم و العصيان والتمرد رسمياً وطفقوا يصولون على الناس حوالي الشحر وأكثروا من النهب والغارة وقطعوا السبل وروعوا المارة وهرب الناس من ضواحي الشحر إليها.
فجهز السلطان بدر بو طويرق جيشه عليهم وقمعهم وقتل منهم في هذه المواجهات حتى وصل جيشه إلى غيل بن يمين فاستولى عليها وذلك في سنة 936هـ كما ذكر ذلك العلامة القاضي عبد الله بن عمر بامخرمة.
وأما قبيلة نهد في غرب حضرموت :
ففي سنة 938هـ ونتيجة لشكوى أهل حضرموت في منطقة الكسر ونواحيه من ظلم وجور وتعسف يلاقونه من صيال نهد عليهم ،وكان محمد بن علي بن فارس النهدي هو الذي يتولى كبر ذلك ويستهين بالسلطان بدر قولاً وفعلاً كما ذكر (محمد بن هاشم في تاريخ الدولة الكثيرية)وهو الذي يستبيح الحمى ويتحكك بالدولة ويتمرد عليها ويتقطع هو ورجال من قبيلته بمصالح الناس والإضرار بهم في تلك المنطقة من غرب وادي حضرموت.
فجرد السلطان عليهم حملة عسكرية بجيشه ومعه رجال من الجوف باليمن، وكسرهم وأكثر القتل فيهم وقام بأسر زعيم نهد " محمد بن علي بن فارس النهدي " وعظم أسره على نهد فقامت غاضبة عن بكرة أبيها إليه وأعلنت تمردها
ولم تمت جمرات الحقد من قلوب الطرفين بل دامت المناوشات والاضطرابات تجري تباعاً لسنوات حتى ما بعد عام 940 هـ قام السلطان بدر بنفسه مع قوة كبيرة فضرب نهداً ضربة قاضية زحزحهم بها عما استولوا عليه ثم أزالهم من الكسر نفسه حتى أخذوا يستنجدون ببعض ولاة اليمن فتوسط هذا بينهم في صلح يقضي بعودة نهد إلى مواضعهم .
و في سنة 948 هـ انتقضت عمد والهجرين وقيدون عليه فسار إليها السلطان بدر بنفسه ودخل عمد بعد أن قاتله أهلها قتالاً شديداً وقبض على المتولي بها وهو فارس بن عبد الله بن علي العامري وقتله ثم سار إلى الهجرين وقيدون ونهب قيدون وأخذ جميع أموالهم ، فالتجأ ابن فارس إلى الزيود لطلب المساعدة والتوسط ثم انصرف عنهم بدون طائل.
وتعاهدت نهد والعمودي على بدر فهجم هذا على قيدون وفتك بأهلها فتكا ذريعاً وفعل بها عسكره فعلاً قبيحاً .
وتوالت بعد ذلك حروبه مع العمودي بدوعن من بداية سنة 949هـ وبدأ عليه الضعف والإرهاق من جراء تلك الحروب القبلية المتتابعة ووجد نفسه متورط في حرب العمودي وغيره وخاطب العمودي في الصلح فأبى. فهاجمه بدر بالعبيد فلم يجد شيئاً فجرد عليه حملة كثيفة فاستعصى عليه أيضاً وقصد دوعن وارتد خائباً من طريق أرض بلدوس.
وغادر دوعن وترك العساكر تناوش القتال، ولم يتم الصلح إلا سنة 951 ثم انتقض سنة 955 هـ
وفي محرم سنة 951 هـ هاج أهل المسفلة (حدرى) بحضرموت فنقضت( اللسك والعجز) شرق مدينة تريم وغيرهما عهد بدر وحصل القتال بينهم وبين عسكره وقتل من الطرفين جماعة، وهددوا الثائرين عليه مدينة تريم .
وأما المهرة ظلت تثور المرة تلو المرة عليه ابتداء من عام
951هـ وتوالت المناوشات والمعارك بين السلطان بدر وقواته من جهة والمهريين من جهة أخرى لكن المهرة المهرة بقيت ترسف في قيود بدر وتحت سيطرته حتى سنة 955 هـ حيث توجه سعيد بن عفرار إلى الهند مستصرخاً بالإفرنج فجاء بالبرتغاليين إلى قشن وحررها من عساكر بدر وقتلهم هم وحاكمهم المعين من قبل السلطان بدر .
ومما تجدر الإشارة أليه أن السلطان بدر وصلته أخبار من عامله في حضرموت الفقيه محمد عمر بحرق يفيد بتمرد
قبائل مختلفه بوادي حضرموت وموالاتها للعمودي ،حين كان السلطان متواجداً في الشحر يتابع القتال والمعارك مع المهرة التي أسفرت عن استقلالها عن سلطنته.
وهذه القبائل المتحدة مع العمودي هم( آل عامر وآل عبد العزيز والعوامر والشنافرة أجمعين ) تمردوا على السلطان بدر وعاثوا في البلاد الفساد والنهب والسلب والقتل وروَّعوا السكان واتسع الخرق واستولوا على بلدة بور وأغاروا على تريم وهينن ....
ولما أن بلغ خبر هذا الاضطراب والهزائم مسامع السلطان بدر عزم هو نفسه إلى حضرموت ودحر هذه القبائل المتمردة عليه وثبت عليهم حكمه.
وعاد السلطان من وادي حضرموت إلى الشحر بعد أن جعل على الكسر التي بها قبيلة نهد الأمير عنبر والفقيه محمد عمر بحرق حاكماً عليهم . وكان في محرم سنة 956هـ .
أما ابلغ ما أثاره أي السلطان بدر هو خروج عمه علي بن عمر بن جعفر بن عبد الله بن علي بن عمر بن كثير الذي كان حاكما لمدينة شبام وعصيانه لطاعته فقد استبد بشبام وخلع طاعة بدر، وناصره جماعة من وجهاء حضرموت خاصة رجال التصوف في المدينة الذين يميل أليهم ويقربهم ويبعد العلماء من الفقهاء ويعاملهم بقسوة وقبض على جماعة من أهالي شبام منهم الفقيه عبد الرحمن باصهي صاحب الصدقة وأخوه عبد الله وضيق عليهما ولم يطلقهما إلا بعد تغريمهما سبعمائة أوقية من الفضة
ووجه السلطان بدر حينئذ همته لتأديب علي بن عمر وانتزاع شبام منه ،فأرسل له قوة حاصرت المدينة شهوراً حتى ظفرت به واستولت على شبام سنة 958هـ وقبض على علي بن عمر وسجنه بحصن مريمة و قبض أيضاً على الشيخ الصوفي الكبير(معروف باجمال ) الذي كان داعما لتمرد همه علي بن عمر الكثيري، وأهانه فأمر بأن يعلق في عنقه حبل وأن يطاف به في البلاد وينادي عليه هذا معبودكم يا أهل شبام.
ثم أمر بنفيه فاستقر بدوعن في بضة ومات ودفن هناك.
وفي نفس العام حدثت واقعة (الجرب ) في ضواحي مدينة تريم مع ((عبيد يماني)) الذين كانوا من بقايا سلطنة أل يماني وكانوا يعيثون بالأمن ويروعون المارة ويغيظون السلطان ثم كونوا لأنفسهم عصبية قوية وصاروا يتجمعون ويغيرون وأطلق الناس عليهم أسم ((عبيد يماني)) فبطش بهم السلطان بعد أن حاصرهم وأكلوا الجلود والميتة ودخل عليهم العسكر فقتلوهم عن آخرهم وكانوا خمسمائة رجل وصار قتلهم تاريخاً مشهوراً عند أهل حضرموت إذ يقال سنة وقعة الجرب.
في يوم من أيام صفر سنة 976هـ شاع خبراً بين الناس أصبح فيما بعد حقيقة أنه تم القبض على السلطان بدر من قبل ابنه عبد الله في حصنه في مدينة سيئون وكان قد بلغ من العمر خمساً وسبعين سنة وحبس في بعض حجرات القصر أياماً ثم نقل إلى حصن مريمه وهناك مضى على سجنه نحو سنة ونصف بعدها توفى رحمة الله في شعبان سنة 977هـ ودفن بمقبرة الشيخ عمر بامخرمة في مدينة سيئون رحمة الله على الجميع.
وهنا أجد نفسي مضطراً للخروج عن هدف البحث لأذكر أن السلطان بدر بو طويرق ليس كما يتهمه خصومة ان تاريخه كله حروب وغزوات وعدم استقرار كلا وللسلطان منجزات علاوة على محاولته توحيد حضرموت تحت سلطته فله منجزات ثقافية وإدارية قام بها خلال حكمه ومنها تنظيم النقد المتداول في أسواق حضرموت وضرب مسكوكة جديدة للتعامل بها منها الريال وفئاته وتحسين علاقته بالأتراك وقبول ثلة من جنودهم المسلحين بالبنادق للعمل في وحداته العسكرية وصده مع مواطني الشحر وعلماءها للغزو البرتغالي ولولا تأمر و تمرد القبائل المعهود في حضرموت وعدم انضباطها للنظام والشنافره حلفاءه وبعض أهله وأرباب التصوف الذين يؤلبون القبائل والعامة عليه وعلى حكمه علناً وفي الخفاء لربما بنى دولة حديقة كدولة محمد علي باشا الألباني في مصر ...

مشروع كتاب / تأليف الباحث في تاريخ حضرموت الأستاذ أبو صلاح
حسين صالح بن عيسى بن سلمان
صدر للمؤلف عدة كتب من دور نشر محلية وعربية منها الطبعة الأولى
منها : ( الإفادة في معرفة الصحابة من كندة وحضرموت )
والطبعة الثانية المنقحة والمزيدة تحت الطبع
  رد مع اقتباس
قديم 11-07-2015, 11:23 PM   #9
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

الحلقة التاسعة
تصوف سلاطين واحتلال جيوش الإمام حضرموت دون مقاومة
حضرموت تاريخ من صراعات الكيانات القبلية وإنعدام الأمن و الإستقرار

تقدم أن السلطان بدر بن عبد الله الكثيري "بو طويرق " رحمه الله حاول أن يوسع نفوذه وينشي دولة كبيرة تسيطر على كل أرجاء القطر الحضرمي من عين بامعبد إلى ظفار بعد فترة من تعدد السلطات القبلية والأمارات المتعددة في الساحل والداخل وأن يؤمن حدود الدولة من جهة الشرق والغرب ورغم نجاحه المؤقت إلا أن من جماعته القبلية ومن بيته السلطاني، وحلف الشنافر المساند له لم يكونوا عوناً له وراضيين عنه،إذ ظلوا يضعون العراقيل أمامه كما تؤكد ذلك المصادر التاريخية ، إضافة إلى حروبه مع مختلف قبائل حضرموت المتمردة عليه ـ لم تترك له صد يق ولاحميم يعينه،فأنهكته هذه الظروف والحروب وغيرها وأسلمته لأيدي خصومه داخل قبيلة أل كثير وبإيعاز من كبار المتصوفة والمناصب الذين لم يرضوا عنه ورموه بالطياشة والتهور؛ ولهذا كانوا يصفونه وأعماله بالشاذة فأوعزوا لأبنه أخيرا بسجنه والانقلاب عليه قبل أن يتم مشروعه وبالمقابل أيضا أنهك جمهور الحضارم البعيدين عن الصراع والحروب بكثرة الضرائب والأثقال عليهم خاصة أهل الحرف والتجارة والأعمال الخاصة الدافعين للضرائب دون غيرهم من الناس . فلم يستطع السلطان في النهاية أن يكسب أحداً إلى صفه أو يقف معه ضد خصومه المتزايدون باستمرار .
وبعد وفاته سنة977هـ عقب اعتقاله وسجنه نستطيع القول أن الدولة الكثيرية الأولى أصبحت في مهب الريح بل في العد التنازلي لها ،فمن القوة إلى الضعف ثم التمزق ،ومن الهجوم إلى الدفاع فالاحتلال الأجنبي لحضرموت .
فانقسم سلاطين آل كثير على أنفسهم بعد وفاة أبي طويرق ودخلوا في تطاحن لا نهاية له على السلطة، ونتيجة لذلك شهدت حضرموت حروباُ متقطعة وتمردات مناطق مختلفة،ومال أغلب السلاطين بعد بدر بو طويرق رحمه الله في هذه الفترة إلى التصوف والبعد عن سياسة الدولة واعتزالهم السلطة،وأصبحوا مطية لرجال التصوف من العلويين وغيرهم بل و تصوف البعض منهم وترك السلطنة كما تدل على ذلك تراجمهم في كتاب (تاريخ الدولة الكثيرية أنظر من ص90 ومابعدها .. )بدء من السلطان علي بن عمر الكثيري حاكم شبام الذي كان من المريدين للشيخ معروف باجمال، الذي حبسه السلطان بدر ونفاه إلى بضه بدوعن بعد أن نكل به – كما مر بنا في الحلقة الماضية -، وأخرجه أبنه عبد الله بن بدر من حبسه بعد موت أبيه وظل متصوفاً حتى مات.
وتتابع سلاطين بعد ذلك من التقرب من كبار الصوفية الذين أصبح لهم التوجيه لبعض من السلاطين حتى كان عام 1024هـ (1615م) عندما استولى على السلطة بدر بن عمر بن بدر أبي طويرق. فاستعان هذا الأمير بالإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم.
فأشاع عنه منافسوه أنه اعتنق المذهب الزيدي فأدّت هذه الإشاعة إلى انقسام الناس بين مؤيد له ومؤيد لابن أخيه السلطان بدر بن عبد الله بن عمر ابن بدر أبي طويرق، وإلى السلطان عبد الله بن عمر هذا تُنسب (دولة آل عبد الله) [التي قامت في تريم واستعادت سيئون وتريس وقرى أخرى من سيطرة يافع وانتهت في أكتوبر 1967م مع السلطنة القعيطية أيضا .]
ومن أهم الفتن التي حدثت بين الأبناء والأحفاد وكانت سبباً في تدخل إمام الزيدية حاكم اليمن في شؤون حضرموت واحتلالها دون مقاومة تذكر ومن ثم إخضاع حضرموت فترة من الزمان للنفوذ الزيدي الذي تدخل حتى في فرض (حيا على خير العمل )في الأذان وهذه الفتنة بين سلطانين كلاهما يرى أنه أحق بالحكم احدهما يسنده أحد رجال التصوف بعينات والأخر يسنده إمام اليمن الزيدي ،و بدأت سنة 1024 هـ - كما تقدم ذكره - وفي سنة 1058 هـ وثب بدر بن عبد الله بن عمر على عمه بدر بن عمر بحصن سيئون وقبض عليه وعلى ابنه محمد المردوف وضيق عليهما ثم أرسلهما مكبلين بالأغلال إلى حصن مريمة حيث سجنهم هناك و لمابلغ الخبر الإمام بالقبض على بدر بن عمر وأنه لم ينله ما ناله من الأذى إلا لموالاته أئمة اليمن ،اشتد الأمر بعد المكاتبات والتهديد والوعيد وكانت هذه القضية فرصة سانحة للتدخل الزيدي في حضرموت، ففي عام 1069 هـ نادى الإمام بالنفير من غير تأخير وجمعت الجيوش من جميع الجهات وقامت الخطباء والدعاة إلى الجهاد في صنعاء وجهاتها ،واعتبرها اليمنيون حرباً مقدسة حشدت لها القوات ومن القبائل اليمنية المختلفة ،وفي آخر شهر رجب سنة 1070 هـ (1659 م) قدم الإمام بجيش جرار إلى حضرموت تحت قيادة القاضي الصفي أحمد بن حسين الحيمي ومعه السلطان بدر بن عمر بن بدر الكثيري
لنصرة السلطان بدر بن عمر ضد مناوئه ابن أخيه بدر بن عبد الله.
وأما الطريق التي سلكها جيش الإمام فكانت من غرب حضرموت ابتداء من أرض العوالق وابن عبد الواحد – في محافظة شبوة حالياً – ثم إلى دوعن تحت نفوذ الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله العمودي تلقاهم إلى نحو جردان وسار الإمام بالجيش عن طريق حجر.
وطلعوا عقبة المدلاة على الصوط وخرجوا عقبة في الجزع تسمى بعقبة باعقبة ونصبوا خيامهم بحد فرة بيضان، وأقاموا يومين ورحلوا إلى ضمر عشير يوم الخميس وخاف أهل الهجرين منهم خوفاً عظيماً.
وإلى الهجرين ورغم أنهم أعطوا أماناً لأهل الهجرين إلا أنهم نقضوه وقاموا بالنهب والسرقة والقتل لـ 20 شخصاً بها ودخلوا هينين وسدبه وحوره .. وغيرها من مناطق حضرموت دون أي مقاومة ،فالكل يستسلم ويفر من المواجهة، حتى ذكرت المصادر التاريخية فرار السلطان بدر بن عبد الله الكثيري إلى أخواله بتاربه ....
ومما تجدر الإشارة أليه أن كل منطقة دخلها جيش الإمام ابتداء من غرب حضرموت إلى شرقها من المناطق القبلية والحوط الصوفية ذات المنصب والسلطان و التي كانت لها شوكة، وجولة وصولة في إذكاء الفتن والمصائب ، ونهب وسرقة الأمانين والمارة، والفتك بالضعفاء والمساكين وسلب أموالهم بقوة السلاح ، والتمرد على السلطان بدر بو طويرق وعرقلته من قبل كل هذه المناطق بمختلف قبائلها ومسمياتها وتحالفاتها جبنت في مواجهة الجيش[ أنظر ماكتبه المؤرخ اليمني الجرموزي ] فهذا الجيش الغازي وصل غل سيئون وتريم كما ذكرت مراجع كتب التاريخ وأعلنت استسلامها له وقام الإمام وأفراد قوته العسكرية الزيدية بنهبها دون قتال ولم يفلح من أراد أن يثنيه عن العودة في ذلك الزمان.
وكانت النتيجة، في آخر الأمر، أن تلاشت سلطة سلاطين آل كثير جميعهم، وأصبح الأمر والنهي في حضرموت لزعماء الجيش الإمامي الذين أرغموا أئمة المساجد أن يزيدوا في الأذان جملة «حي على خير العمل» .
وفي سنة 1113هـ (1701م) على عهد السلطان بدر بن محمد المعروف انقسم الزيود ويافع (جُند الجيش الأمامي )، وعمت البلاد موجات من الجور والاقتتال بين الزيود ويافع ومن كان في صف كل جانب منهما.
وفي سنة 1117 هـ (1705 م) ذهب السلطان بدر إلى يافع، وبتأييد من العلويين لاستقدام مجندين يافعيين لإنقاذ من بها من أهل السنة وكادت حضرموت أن تتشيع مع مذهب الزيدية، وعاد بستة آلاف مقاتل وطرد الزيود من حضرموت.
بعدها تبدأ مرحلة جديدة أخرى من الصراع القبلي على السلطة والفوضى القبلية العارمة ونهاية السلطنة الكثيرية الأولى في حضرموت وبداية سلطة يافع من العسكر الدفعة الثانية وأصبحوا المنافس القوي لأل كثير وحلفاءهم الشنافرة ،إذ سيطرت يافع على أغلب حضرموت الساحل كله و من وادي حضرموت...
هذه هي صفحات من تاريخ الصراع القبلي على السلطة لم يزد حضرموت إلا مزيداً من التخلف والتأخر عن مواكبة التطور الذي يجري حينها في العالم ولقرون طويلة من الزمان لاسنوات ....

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas