ما يهزك ريح ياهذا الجبل (( ومحمر دمع العين أصدقه ))

[شيخ القبايل.]

بعد غيابي الطويل عن السقيفة لظروف خاصة ، عدت اليها باشواقي ، وقد كنت اعدها حبيبة عمري في غربتي وسراج مؤانستي ، وديوان اشعاري ، ومجمع احبابي ... الا انني جرحت الى حد الطعن ، بعدما شاهدت هذا الاسفاف العجيب في حق علم من اعلام حضرموت المتاخرين ، ولا اتهم بالاسفاف والدونية في تناول الحديث عن ابي بكر بن شهاب رحمه الله لا اتهم القادحين فيه فقط بل اتهم الجميع حتى المدافعين عنه .

و لاانكر ان لابي بكر بن شهاب اعداء .. هم في كل زمان يطعنون في النابهين ، ويحاولون الانتقاص من الاعلام النبلاء الاذكياء الناجحين ، وذلكم هو ديدن الفاشلين في كل عصر وآن اذا كانوا من اترابه .

واذا حاولت بجهدي القاصر ان اصف شاعرية ابن شهاب ( الرقيقة الى حد الاضاءة ) ( الجامحة الى حد الانعتاق ) ( الفتية في عصر الذبول ) فان وصفي سياتي دون حق هذا العظيم الشاعر الصادق .

انني شخصيا مجروح من وصف ابي عوض له ، بل مقتول من جعله الحديث عن ابن شهاب سلاحا يشهره في وجه مخالفيه في الرأي ، وعوضا عن نقده الموضوعي في تاثير ابن شهاب على ديوان الشعر العربي واستباقه عصره في نشر قصائده الرقيقة التي تنم عن عبقري حساس وغريب يعاني وعاشق اضناه الحب وملأ ت كيانه الاسرار !
وهنا نجد ابا عوض ياخذ من كلماته ما يسوء به وجوه اشخاص في السقيفة ناصبوه العداء وهرولوا خلفه الى حضيض متسخ في اسلوب النقاش والرد . والا فما هي مصلحة ابي عوض من ذم ( امير الشعر وسيد الغزل ) .

و من يقرا بانصاف نتاج الشعراء في عصره من ادنى المغرب العربي الى اقصى بلاد المسلمين فانه لن يجد ( مطلقا ) شعرا صادقا شدت عوده الرصانة وطفحت من صوره الشاعرية ، واعتلجت بين الفاظه المعاناة الا ماكان اشعار بعض مشايخه واساتذته الذين تاثر باسلوبهم ثم سبقهم بصدق فائر وحنين غائر .
ان نقاد النصوص الادبية في بلاد العرب صبوا كل اهتماماتهم على شمال البلاد العربية وتجاهلوا تماما جنوبها ، وفي الجنوب عمالقة شعر وادب لا تساوي موازين ( الشماليين ) عندهم قطميرا . وذلك ما اكده الامير محب الدين الخطيب بعد ما التقى ادباء الجنوب من ابناء حضرموت فنشره في جريدة ( الفتح ) الغراء منذ بدايات هذا القرن . وقد يعذر اولئك الشماليون بجهلهم ، فانهم كانوا لاينظرون الا الى مايسقط تحت اعينهم ، او ما يضمن لهم قوتا ينتظرونه وهم يكتبون عن القريبين منهم .
فهل نُعذر نحن ابناء حضرموت ، بعدما حملنا اقلام النقد وقراطيسها ، هل نعذر وقد علمنا وقد قرأنا وقد حانت ساعة الانصاف واشرقت شمس الحقيقة .
تذكرت طرفة وانا اقرأ حواراتكم عن ابن شهاب ، وتخيلته رحمه الله وهو يتبسم حين ينظر من قمته الى هذا الصغار من القول عنه ، ما اجهل الناس !
وكانت الطرفة ان رجلا اراد ان ينتقم من زوجته التي اغضبته فقطع ( اصله !!! ) ونحن كمن يطعن نفسه بمدية لينتحر ادبيا حين يلغي دور ابن شهاب من ديوان الشعر الجميل والحرية المنطلقة !!
فاذا سقط ابن شهاب من ديوان الشعر الراقي .. فمن سيبقى مطبوعا فيه !

يكفي ابن شهاب بيتا واحدا من قصيدته الشهيرة ليقول للكون كله انه شاعر سبقت فرسه كل ( البغال )

وكلنا قرأ تلك القصيدة ، وكلنا عانى كما يعاني ذلكم الغريب البعيد العائد المشتاق ، وهو يلوح بذراعه مبتهجا وقد سالت دموع الفرح واختلطت بدماء الوجه المختلج ، وقد هزه البشر فكأنه لا يدري ما يقول لكنه صدح باعلى صوته :

[poet font="Simplified Arabic,5,black,bold ,normal" bkcolor="burlywood" bkimage="" border="none,2,gray" type=0 line=200% align=center use=sp char="" num="0,black"]

بشراك هذا منار الحيّ ترمقه = وهذه دور من تهوى وتعشقه
وهذه الروضة الغناء مهدية = مع النسيم شذا الاحباب تنشقه
..

[/poet]
فان لم يكن هذا شعر يخرس فينا الاسفاف
فما هو الشعر
و هل يتحفنا ابو عوض ، والكلام موجه له وحده ، هل يتحفنا بنص القصيدة كاملا ...... ثم نتحلق مجتمعين معترفين اننا سقطنا صاغرين عند اقدام ( الجبل )
(( و محمرّ دمع العين أصدقه ! ))