قراءة واقعية للوحدة بشفافية التاريخ ( بقلم :المهندس علي نعمان المصفري )

[حد من الوادي]

قراءة واقعية للوحدة بشفافية التاريخ ( بقلم :المهندس علي نعمان المصفري )
التاريخ: الأربعاء 27 يونيو 2007
الموضوع: كتابات حرة
لندن " عدن برس " خاص : 27 – 6 – 2007

لم تكن الجماهير حاضره في الفعل الوطني لانتاج المشروع الكبير لهذا كان لغيابها عن التدشين والمشاركة في الثاني والعشرين من مايو 1990 سبب رئيس لكل الأزمات التي ادت الى انتكاسه الوحده بفعل سيطره القبيله على مقاليد الشأن السياسي والعسكري وتجيير الديمقراطيه لتمكين نظامها من مواصله بقاءه على حساب مصلحه البلاد والعباد الامر الذي ترتبت عليه ماساه حقيقيه من جراء الخلل الواضح في الميزان السياسي الذي اعقب حرب 1994 على الجنوب التي طحنت المشروع النموذجي الذي لوخلقت له ضمانات حقيقيه من خلال انتاجه بفعل تحقيق الديمقراطيه اولا في كلا الدولتين ومن ثم انتاج الوحده كسبيل لمزيد من النهوض للفعل الجماهيري من اخذ مكانته الطبيعيه في العمليه التنمويه والسياسيه ويخلق ضمانات تحيد دون استئثار طرف بالاخر وازاحته عن المعادله


الرئسيه في الخيار الديمقراطي الامر اختلف نهائيا هنا مماجعل الدولتين من القفز عن الواقع والدخول في وحده ولدت ميته لاعتقاد كلا النخبتين من ان الهروب الى الوحده من وزرمجمل مشاكلها سيمكنهما من خلق الديمقراطيه وهو ماكان ليكن لعدم قدره تلك النخب على استيعاب مفهوم العصبيه لابن خلدون بعوامله الاقتصاديه والفكريه والاجتماعيه والثقافيه وتاثير ذلك على انتاج المشروع النموذجي لقيام الوحده خصوصا اذا درسنا بتمعن عقده الوحده لدى النخب في الجنوب والتي مثلت في شعارات لاتمت بصله للموروث الوطني ولم ترتكز على البنيه التاريخيه للهويه بل طمستها وخلقت بمعزل عن الحقائق التاريخيه مقاييس جديده للتعامل مع الهويه على اعتبار انها جزء من كيان اخر.



وعلى الرغم من هذه العقده المدخله الى مفهوم الهويه الجنوبيه قسرا في مضمون الممارسه للتغير في مجمل سياسات الجبهه القوميه وما نتج عنها من صراعات تمثلت في مختلف دورات العنف الا ان نتائجها استغلت بذكاء من قبل الطرف الاخر ووظفت تماما في اتجاه جر البساط النخبوي عن الجنوب على اعتبار ان الوحده قدر ومصير الشعب واستغلته القبيله الحاكمه وخصوصا اثناء حرب صيف 1994وحتى الساعه واعتمادها خط احمر يتجاوزه الاخرون اذا فكروا حتى التحدث عن الوحده مما يعد في مقاييس القبيله خروجا عن الثوابت وهو شماعه ليس الا, تهدف منه الى دغدغه عواطف الناس وخصوصا ابناء محافظات الشمال.


ولم يدرك السياسيون في الاشتراكي لاحقا من أن كما للشمال هويه وثقافه وتاريخ وعادات وتقاليد غفلوا تماما عن ان للجنوب ايضا هويه وثقافه وتاريخ ولم يفرقوا مابين مشروع توحيد القوميه العربيه في ايدلوجيه حركه القوميين العرب وامتثال شعار الامميه على ان الاممي الجيد هو الوطني الجيد نموذج شطحات مابعد منتصف القرن المصرم الفكريه وما بين ماهو قائم على الارض من حقائق لهذا ظل الجنوب وكأنه وديعه سلمت بامانه قوميه وامميه لليمن الامامي.


فهل يعقل لعقل من استيعاب مغامره مثل هذه دون ضمانات حقيقيه تكفل حقوق ما اسماهم الفقيه أقليه استحقت اكثر من نصيبها في المرحله الانتقاليه.


عندما توحدت المانيا كنت حينها في زياره عمل والتقيت باساتذتي في الجامعه التي درست فيها ودار جدل عظيم ما اجمله وعندما خلصنا في حديثنا الى ان النموذج الاتحادي الالماني اعطى للشعوب خصوصيات هويتها وكيانها على الرغم من ان المانيا بقت منقسمه لنصف قرن مع ان التاريخ يؤكد من ان اليمن لم ولن يكن خاضعا لنظام سياسي موحد حتى 22 من مايو 1990.


وحتى ابناء الشرقيه لم ينظر لهم من انهم اقليه بل اعطيت لهم كامل الحقوق في نظام فيدرالي وفق كياناتهم من تشكيل الاقاليم الخاصه بهم المعتمد على الموروث والتاريخ والثقافه والعادات والتقاليد الاجتماعيه ولم ينظر اليهم انهم فرع عاد الى الاصل؟؟؟؟؟


الحقائق التاريخيه بينت ذلك من ان استيعاب مقدمات وأسس وضمانات الوحده ضاع بين الفكر القومي الطموح والمخدر لوجدان الجماهيرفي جنوب اليمن وبين تصلب عقده القبيله في اليمن وشغفها الدؤوب في الاستئثار بالسلطه الامر الذي ظل يلازم بقاء دورها السيادي موجه لطبيعه الاحداث برمتها في مختلف الاحداث الا ان الانقلاب اللاحق الذي حصل في مابعد انتخابات سبتمبر 2006 اعطى دليلا واضحا عن عدم قدره نظام القبيله الحاكم على الامساك بزمام الامور وانهزاميته المريعه في تصادمه مع المذهب الزيدي بدليل حرب صعده وثوره الجياع على طول وعرض البلاد وظلت القبيله تصطف في نهجها قبليا أو مذهبيا حسب مصالحها.


لم تدرك النخب السياسيه من ان حقائق التاريخ غيرت الجغرافيا ولا تاثير للجغرافيا اذا ما لم يكن هناك تواصل للتاريخ معها اجتماعيا وفكرا وثقافيا وهو المدخل لصناعه الفكر والثقافه في التوحيد وايجاد ضمانات حقيقه لايمكن لاي من كان الانقلاب عنها مهما اتيحت له من قوه باي شكل او صوره.


ماحدث في مطلع تسعينيات القرن المنصرم عقد المشروع القومي وافرغه من مضمونه الحقيقي وابعده عن اداء دوره الفاعل في تطوير ادوات و ميكانيزم العمل القومي نحو اعاده خلق امه قادره على تغيير واقعها وتفعيل دورها الريادي بين الامم.


ان تصبح الوحده بديل عن كيانين مختلفين تماما في اشكاليات تطورهما التاريخي والثقافي وتباعد في التوصيف الثقافي وتباين في احداثيات الهويه نموذج يطرح بدائل حضاريه لتوحيد الاوطان وعلى وجه الخصوص الناميه لكنة للمؤسف مثلت قوى التخلف اكبر عقبه امام انتاج هذا المشروع كما ان الخطاء التاريخي الذي وقع فيه ذوي الطموح المغامر في التوحد القومي دون دراسه واقع الاوطان وتاريخ الشعوب ومغامره هذه القوى صار انتكاسه يبعد الشعوب كثيرا عن حتى التفكير بالتوحد لمراره تجربه التوحد في نموذج ماحدث في 22 مايو 1990.


كي ننصف بدلا من التزييف وهو ماذهب اليه الدكتور عبدالله الفقيه معتبرا ان كيان دوله برمته وما اسماه بما كان يسمى بالشطر الجنوبي من الوطن عباره عن محافظه من محافظات اليمن والمؤسف في الامر لم يدري ان الجنوب كان دوله وقعت اتفاقيه توحد مع اليمن وتناسى ما حمله التلريخ من احداث غائره في وجدان الشعب في جنوب اليمن وقفز عن الواقع معطيا بريقا من معاناه اراد منها اجتراح الجنوبيين وتخديرهم في امساك زمام مبادره نرجسيه منه على انهم محرومون من استحقاقات لابد من تعويضهم في عمليه دمج ديموغرافي عبر مشاريع وهميه وهو ما اعلن عنه صراحه في مطلع العام الماضي 2006 من اقرار مجلس الوزراء لمشاريع زراعيه سكنيه في محافظات الجنوب لتوطين شباب شمال اليمن في مناطق جنوبيه.


لهذا على الاخوه المجتهدون في اعطاء البدائل لمعالجه مأساه الجنوب ومنهم الدكتور عبدالله الفقيه عليهم ان يدركوا ماورد في هذا الاستعراض في ان الحل الوحيد هو الاعتراف بحق الاخر في الهويه والتاريخ واعتماد ثقافه الاعتراف بالاخر هذه بربطها مع ثقافه الحوار ليس الا مدخلا مهما في معالجه الوضع القائم بدلا من تهميش واذابه ابناء الجنوب في مغارب وشمال اليمن عندما اشار في مقالته عن المسكوت عنه في الوحده اليمنيه الى: أن الدمج الاجتماعي المطلوب يتحقق بدوره باتباع نوعين من السياسات: سياسات إستراتيجية بعيدة المدى تقوم على إعادة توزع السكان بما يتوافق مع الموارد وبما يعظم من قدرة البلاد على المنافسة دوليا .


ولكن ما تؤكده حقائق التاريخ للشعوب وعلى الاخ الدكتور عبدالله الفقيه وغيره استيعابه العلمي ان ذلل النموذج الستاليني لم يفلح قط في طمس هويه شعوب جمهوريات الاتحاد السوفييتي بل ساهم وعجل من السقوط المريع للاتحاد السوفييتي وعندها تحررت هذه الشعوب واستعادت حريتها من جديد وهذا مصير الامم والشعوب الحيه على الدوام.


*كاتب وباحث مقيم في لندن