طائفة من الزنادقة تدعى ( الخُرَّمية ) !!

[جمال العطاس]

طائفة من الزنادقة تدعى ( الخُرَّمية ) !!

إكمالاً لماسبق طرحه عن ( الزنـــادقة )
حول الزندقة تجتمع أحيانا جماعات من المارقين. وكوَّنوا لأنفسهم مذهبا تعصبوا له ودافعوا عنه بقوة السلاح. والخُرَّمية أهم من يذكر في هذا الصدد وزعيمهم المعروف ( بابك الخُرَّمي )..
تسمى هذه الطائفة ( الخُرَّمية ) نسبة الي مدينة بفارس إسمها ( خُرَّمة ) .
وقد تسمى ( الحُرَّمية ) بالحاء المهملة لأنها تحرّم القتل والغصب والحروب
والمُُثلَة . ولكن هذه الطائفة وجدت قبل ( بابك ) بزمن طويل .فهي إمتداد لأفكار ( مزدك ) الذي تحدثنا عنه وكانت تقول بالتناسخ وتغري باللذات والاقبال على الشهوات والاختلاط. والمشاركة في الحُرَم والأهل .
ولكنها _كما سبق _ تحرم القتل والحروب والمُثلَة . وفي عهد بابك أحل هذا ماحرمته ( الحُرَّمية ) فأضاف إلي القول بالتناسخ والاغراء باللذات .القتل
والحروب والمثلة. ولذلك غلبت عليهم التسمية بالخاء المعجمة لا بالحاء المهملة. إذلم يعد للتحريم مجال.
وقد إنتهز بابك بعض الفرص والاوضاع السياسية فظهر سنة 201هجرية
في أذربيجان وقوي أمره وعز جانبه حتى أوشك أن يعزل المقاطعات الفارسية عن العرب ودولة الخلافة العباسية .وقد ارسل له المأمون عددا
من اكبر قواده . ولكنهم منوا بالهزائم المتعددة. وأصبحت ( همذان وأصبهان ) تابعة له . وتعاون بابك مع إمبراطور الروم لاضعاف قوة المسلمين وكسر شوكتهم . ومع أن المأمون أحرز بعض الانتصارات في أواخر أيامه على بابك . إلا أن بابك لم تُدَمر قوته إلا في عهد ( المعتصم )
وقد أوصى المأمون ولي عهده بالجد في حرب بابك . فأستعد المعتصم
إستعدادا كبيرا للقضاء على هذا الثائر العنيد .فأستطاع أن ينزل ببابك
الهزيمة الأخيرة سنة 221هجرية. وإن يقبض على بابك وأخيه عبدالله وبعض أهل بيته. ودخل بهم ( سامرا ) وهم اسرى مكبَّلون . وقتل بابك وصلب بسامرا . وقتل عبدالله وصلب في بغداد . وكان يوم الانتصار على بابك من ازهى أيام النصر التي شهدها المسلمون .
وبذلك أنتهت أيديولوجية وفكر هذه الطائفة ( الضالة ) إلا أن هناك بوادر
لهذا الفكر بداء يطفو على السطح ثانية وتظهر أول طلائعه في الكثير من الاقطار في أوئل هذا القرن الهجري تحديدا. وماحادثة غرة محرم الحرام
في اول عام من هذا القرن الهجري إلا خير شاهد وبرهان .