البيت العربي

[سالم علي الجرو]

1

البيت العربي

قرأت لشاكر لعيبي موضوعا عن العمارة العربية تحت عنوان:

ذكورية العمارة العربية

ولولعي بالتقاليد العربية وبصمات ذلك على كل فن ومنها الفن المعماري ، قرأت الموضوع المشبع بثقافة ومنهج وأفكار كاتب الموضوع: ( شاكر لعيبي ). تلك الثقافة التي تكرسها عقول في تكامل مع أنشطة أخرى تصب جميعها في نقد أو في حصار الهوية العربية والتضييق عليها.
طبيعي أن تتدخل الأعراف والتقاليد وتعاليم الدّين في توجيه مهندسي تصميم البيت العربي ليكون المسكن الآمن المنسجم مع الذّات ، فلا حياة وادعة بدون خصوصية ثقافة وأعراف وتقاليد وممارسة الحق الطبيعي في التعامل مع الموروث دون نكد من منكد.
في بناء البيت العربي يراعى الآتي:
1- فصل مدخل الرجال عن النساء
2- التصميم الداخلي يفصل مجالس وممرات الرجال عن النساء بغرض عدم الكشف.
3- حتى النوافذ حجبت من الخارج بصفوف من أعمدة يسمح للمرأة بالنظر عبرها ، من بين صفّ الأعمدة المفتوح .

يتبع.....

[سالم علي الجرو]

2

سموم أقلام متخصصة في النيل من الثقافة العربية

فيما يخص العربي بالذّات وتقاليده وموروثاته ، عندما يحضر قلم ما ليكتب عن التراث مثلا ، تأتي عناوين تبعث على الحيرة والتعجب ، منها:

ذكورية العمارة العربية
الفناء الداخلي في جميع البيوت يقوم بوظيفة العزل الاجتماعية
بين الرجال والنساء

ذكورية العمارة وكأنها متصلة بالقول المكرر عن قوامة الرجل وترديد: المجتمع الذكوري لتبقى الصورة مرسومة في الخيال وهي أن الرجل العربي قوة طاغية على المرأة.
كان يمكن تناول العمارة العربية من حيث الفن المعماري وارتباطه بالموروث ، بعيدا عن الألفاظ والجمل المنتقاة ، المتعددة الأغراض ، مثل:
1- ( يقوم بوظيفة العزل الإجتماعية )
2- ( العمارة التقليدية تضع في اعتبارها وضعية النساء في شرط لا يحبّذ حضورهن الفيزيقي بحيث أن العُقدة (أو العقيدة) النسائية في الضمير الثقافي تمتد وتتدخل في تكوين أشكال وجماليات العمارة بأنماطها التقليدية )
3- (من بين أمورٍ أخرى يُوصَفُ البيت العربيّ، من طرف المتخصصين، (بالاستقلالية) وهو تعبير يشير من دون شك إلى (اكتفائه الذاتي) أي سعيه إلى أن يكون مجتمعاً مصغّراً منغلقاً على نفسه و يمتلك أقل العلائق مع المجتمع الكبير ).
4- (وفي صلب المخطّط الهندسي يصير العالم الخارجي معادياً ويتوجب التقليل من الاحتكاك به ).
5- (يذهب حصار النساء في العمارة إلى حد بعيد في العمارة العربية )
6- ( ضيق نوافذه الغادية لهذا السبب مَطَّلاً في غاية الضيق على الخارج المتهم بالشبهة والريبة ).
7- ( لنتوجه، كي نرى بعض هذه المبادئ، إلى منازل وادي حضرموت في اليمن. وفي شبام على وجه التحديد حيث الارتفاعات الشاهقة التي وإن منحت البنايات مرأىً جمالياً لا شك فيه فإنها مقصودة لأغراض وظيفية وقيمية اجتماعية قبل أي أمر آخر ).
8- ( لا يغيّر من حقيقة أن أحد مبادئ عمارة شبام هو حجب المرأة بطريقته الخاصة )

.... يتبع

[سالم علي الجرو]

3

قراءة

إننا لو وقفنا أمام الجمل التالية وقرأنا بتعمق نجدها مكتوبة في سياق الحديث عن العمارة العربية ، لكنها تخدم أغراضا أخرى ، منها عرض المجتمع العربي الذكوري ، الهاضم لحق المرأة ، المعزول الذي ينظر إلى الخارج بنظرة الريبة والشك.

ماذا تقرأ هنا؟
العزل الإجتماعية
العُقدة
منغلقاً على نفسه
يصير العالم الخارجي معادياً ويتوجب التقليل من الاحتكاك به
حصار النساء في العمارة
على الخارج المتهم بالشبهة والريبة
فإنها مقصودة لأغراض وظيفية وقيمية اجتماعية قبل أي أمر آخر
هو حجب المرأة بطريقته الخاصة

ثم أتى ببعض النماذج القديمة في البناء العربي ، وأنقلها كما وردت بالنص:

( لو أخذنا بعض بيوت دبي مثلاً لرأينا أن بيت الشيخ سعيد آل مكتوم (1896) وبيت التراث (شُيّد عام 1890) وبيت الوكيل (1934) تتابع المخطط نفسه القائم على فناءات معزولة عن العالم الخارجي، بل عن الضيوف في الفضاء السكني الواحد.
كان البيت البغدادي يتألف بدوره من جناح يحتوي على (إيوان) تحفُّ به من الجانبين حجرتان أو أكثر هي القوة الأساسية. أهم ما يميز البيت العراقي التقليدي هو وجود (الفناء) ذاته، أو أكثر من فناء يتوسط بعضها حديقة صغيرة ونافورة. وقد خُصّص بيت للرجال وآخر للنساء وثالث للخدم. وقد يلحق ببعض البيوت الكبيرة محل خاص لإيواء الخيول.
وفي سوريا ثمة قصر العظم الذي أنشأه الوالي أسعد باشا العظم عام 1740م. أما في عصر نصوح باشا العظم فقد تحول القصر من بيت الوالي إلى بيت خاص بالحريم «حرملك» وأضاف إليه «السلاملك» عام 1780 .
في جميع الأمثلة يراعي المهندس بدرجة أساسية توفير أجواء اجتماعية مثالية للرجال. النساء منعزلات في الحوش والمطابخ وأدوار السكن الملحقة بعيداً أو في الطابق العلوي. من جهة أخرى فإن الإطلالات على الخارج تتقلص إلى أبعد حد بالنسبة للجميع. وفي صلب المخطّط الهندسي يصير العالم الخارجي معادياً ويتوجب التقليل من الاحتكاك به. يذهب حصار النساء في العمارة إلى حد بعيد في العمارة العربية. وعلى ما يشرح المعماري ستيفانو بيانكا Stefano Bianca في كتابه بالإنجليزية (شكل السكن المديني في العالم العربي Urban Form in The Arab Word): «يمكن أن تنسحب النّساء إلى حجرات (الميزانين mezzanine) المنخفضة (كابيشكان) التي عندما يُسْتُخْدِمَ الطّابق الرّئيسيّ لاستقبال الذكور).
• على هامش فصل من كتاب للكاتب