البلفقيه : تجديد و نشر تراثنا الغنائي

[علي أحمد بارجاء]

المطرب أبوبكر سالم بَلفَقِيه
تجديد و نشر تُراثنا الغنائي
قدمت هذه الدراسة في برنامج عبر إذاعة سيئون بمناسبة زيارة المطرب بلفقيه

علي أحمد بارجاء / سيئون

المطرب أبو بكر سالم بلفقيه , اسم لامع في دنيا الطرب العربي , و بخاصة في الجزيرة العربية , هذا المطرب الذي هاجر من مدينة تريم بوادي حضرموت بعد أن تشبَّع بتراث حضرموت الغنائي مختلف الألحان و الإيقاع , إلى جانب ما وهبه الله من حنجرة ذهبية , وظَّفَها في الإنشاد الدِّيني , فهاجر إلى عدن , و فيها برز مطرباً شنَّف الأسماع و أخذ بمجامع القلوب بصوته العَذب , و دقة اختياره للألحـان و النصوص , ثم هاجر إلى المملكة العربية السعـودية , و اتَّخذها موطناً و منطلقا فنيا إلى عالم الغناء في سفارة الغناء اليمني .
لقد عاش بلفقيه بعيد الجسد عن حضرموت , و لكنه ظلَّ قريبا منها بوجدانه و حسِّه الفني المرهف وفاءً منه لنبعها الذي رضع منه و تشرَّب النغم الأصيل , مستلهما تارةً , و مجددا مطوِّرا تارةً أخرى لتراث حضرموت الغنائي , فكان فنُّه أصيلاً بحجم أصالة موطنه الذي وُلِد فيه و ترعرع و شبَّ , و ظلَّت الأصـالة قيمةً من أسمى القِيَم التي حافـظ عليها , و لعل تسمية ابنه ( أصيل ) بهذا الاسم يُعَدُّ تكريسا و تعميقاً للأصالة التي اتَّخذها منهجاً و أسلوباً لحياته الفنية الزَّاخرة بالإبداع و العطاء .
هذا المطرب استطاع أن ينتج خلال تاريخه الفني كثيرا من أعماله الغنائية من التراث الحضرمي , بين الاستلهام و التجديد و التوزيع الموسيقي , و إدخال الآلة الموسيقية الحديثة لكثير من ألوان الغناء , محوِّلا إيَّاها من الشَّكل التقليدي المنغلق على نفسه في بيئته , إلى فضاءات الغناء العربي الحديث .
و يمكن الإشارة هنا إلى نماذج من أعمال بلفقيه الغنائية التي يعود إليه فضل الرِّيادة في إخراجها من تقليديتها , و نفض غبار الإهمال و المحليَّة الضَّيِّقة عنها , و نشرها إلى عالم أرحب , منافساً بها الألوان الغنائية العربية , حتى استطاع أن يجد لها في الغناء العربي و الذوق العربي موطئ قدم تمتَّع و ظلَّ و لا زال بثبات و رسوخ .
من هذه الأعمال أغنيته :
يا مروِّح بلادك ليل و الشمس غابت عـاد نحنا انطربنا و التلاحين طابت
و هي من أغنيات العَمَل , إذ يتغنَّى بها عُمَّال ( السِّبَاطَة ) , و هي ضرب و تنعيم ( النُّورة ) المستخرجة من الحجر المحروق المنقوع في الماء , المستخدمة في طلاء المباني باللون الأبيض اليَقَق , و قد حافظ بلفقيه على اللَّحن التراثي للأغنية , و ضمَّن في مطلعها نفس النصِّ , و حوَّر فيه ما يتلاءم مع غرضه , إذ أصل النَّص :
يا مروِّح ضَوَاك اللَِّيل و الشَّمسِ غابَت عَاد نحنا طِرِبْنَا و المَسَابِيط طَابَت 1
و هذا اللحن يتغنى به أيضا النجارون أثناء نشر جذوع الشجر , و لكنهم يستبدلون المناشير بـ ( المسابيط ) .
كما غنى بلفقيه أيضا لحناً و نصًّا تراثياً آخر من رقصة ( المَرْزَحَة ) , و هي من أغاني الفلاح في المناسبات و أيام تجود الأرض بخيرها , حيث يرقصها الفلاحون و هم يسيرون في صفوف متشابكي الأيدي يتغنَّون على الإيقاع الصَّادر عن ضرب الأرض بأرجلهم , و أغنية بلفقيه هي :
تِسَلَّى يا قِلِيبِي شُفِ الدُّنيا مِخَلاَّه وُ كَم مِن مَال يِمسِي لِمَُولَى غَِير مَُولاه2
و قد حافظ في أغنيته على الشعر و أصالة اللحن , و لكنه زاد فيهما و طوَّر .
الدان الحضرمي :
يعد بلفقيه أمهر السَّابحين في غمار بحور الدَّان الحضرمي , و أقدر الغوَّاصين إلى أعماقه و التقاط درره و كنوزه , فتحقق للدَّان على يديه انتشارا واسعا , و من أغاني الدَّان التي صدح بها و دندن , و أبدع و تفنَّن , هذا الصوت المسدوس :
طابِ السَّمَر قُل دَان يا بِن زَِين بِالدَّان خَـلْ قلبي
يِذكُر زَمَن وَ اوْقَات قِدْ عَدَِّين في الجانِبِ النِّجدِي
لي في سِفُوحُه الحمَايِم وُ العَنَق حَلَِّين
بِاللَِّيل وُ البُكرَه تِغِرِّد عَ البَسَـاتِين
و هذا هو نص مطلع الأغنية كما في ديوان حداد بن حسن الكاف , و قد اختُلِف في ملحنها و قائل مطلعها هذا , فمن قائل أنهما لحداد بن حسن الكاف , و من قائل أن الشعر لحداد و اللحن لسعيد مبارك مرزوق , و من قائل أن اللحن لمرزوق و المطلع لعلي التُّوَي , و لعل الأرجح أن اللحن لمرزوق و أنه هو نفسه الذي وضع أول بيت عليه , و هو قوله :
ذا فصل شو قلبي عَلَي محنون عا خاطري حَنِّه
قُع لي كما ليلى مع المجنون وَرْدَوا إلى الجَنِّه
يوم التَقَوا في عشقهم بالدَّمِع يِتسَاقُون
طِلعِت عليهُم من غِصَانِ العِشِق غُصنين
ثم نظم حداد الكاف على لحن مرزوق , على أن أول من غنى هذه الأغنية هو المطرب محمد جمعة خان , و لكن بلفقيه قد بلغ بها في التجويد مبلغا و شأوا بعيدا .
و من أغاني الدَّان أيضا , أغنية :
قال من يعرف الحكمه إذا جات زلِّه
و هي صوت مخموس من ألحان سعيد مرزوق , على أكثر الآراء , و ثمة من يرى أن اللحن لبكري سعيد عبد الخير , صاحب اللحـن الشهير الذي نظم عليه الشاعر حامد السِّري قصيدة ( بِالغَوَانِي ) , و الشعر في هذه الأغنية للشاعر عايض عبود بَلْوُعِل , على أكثر الآراء , إذ ثمة من يرى أنه لمستور حمادي , و من يرى أنه مساجلة بينهما , و على كل حال , فإن القصيدة فصل ثانٍ من فصول اللحن , و أصله كما قاله شاعره :
ذا خَرَجْ فَصْلِ وُ الثَّاني إِذَا جَاتْ زَلِّه مِن ضَنِينَك رَمَى قَلبَك بها وُ انْتِ غَافِل
لا تَعَامِلُه بِالزَّلاَّت خَلِّه غُضِّ وُ اصفَح وُ قُلْ لِه : يا ضَنِيني كَفَانا حَسْبَكَ الله
و قد حافظ بلفقيه على اللحن , و يؤخذ عليه أنه لم ينسبه لصاحب , و قد حوَّر في بعض المفردات , و لعل هذا التحوير من وجهة نظره ضروريا ليكسب الأغنية صفة العربية , و يستطيع من يسمعها معرفة المعنى , و لا يحتار فيما إذا بقيت هذه المفردات على أصلها اللهجي , على أن ثمة من يرى ضرورة إبقاء المفردات على الأصل بلا مَسٍّ , و قد جعل بلفقيه الشطر الأول للبيت
قال من يعرف الحكمه إذا جات زله
و أحسـب أن هذا التغيير فيه شيء من الحكـمة , لأن قول الشـاعر ( ذا خرج فصل و الثاني ) إنما كان أثناء إنشاء البيت في السمر ؛ إيذانا بالانتقال من فصل إلى آخر , ربما لتغيير حروف الروي للأشطر أو للانتقال إلى غرض أو موضوع آخر , حسـب اصطلاح أهل الدَّان , و لم يعد ثمة معنى لوجوده في الأغنية و هي تتحلَّى حِليَةً جديدة و تُخرَج إخراجا جديدا , فكان التغيير موفقا لأنه لم يخرج عن روح البيت , إن لم يكن قد أكسبه صفة الحكمة التي عناها الرسول الأعظم e في قوله : " و إنَّ من الشعر لَحِكمة " .
و من هذه الأغاني , أغنية :
عشقة الخُرَّد عنية
وهي صوت مربوع قديم مجهول الملحن , و مجهول القائل للمطلع الذي يبدأ به , و هو قول الشاعر المجهول :
عَشْقَةِ الخُرَّد عَنِيِّه مِن بِلِي بِالعِشِـق ما نامِ اللَّيـالي
دُوب وَقتُه في أَذِيِّه ليه كذا يا البِيض في العُشَّاق تِلْقَِين
و الأغنية لحداد , عدا المطلع الذي نسب له ؛ لأنه نظم عليه , فظُنَّ أنه له , و ما يرجح أن المطلع ليس لحداد , روايته مقترنا ببيت آخر لم يرد في ديوان حداد و هو :
دِرُّكُوا قُـومُوا مِعِيِّه يا صَحـابي حِلَّها لا حَدْ يِبالي
و انظُرُوا ما حَلِّ بِيِّه هَذَّرِن كِبدِي مِنِ الشُّبَّاك ثِنتَِين
و أغنية رابعة غناها بلفقيه من الدَّان الحضرمي , هي :
يا ربِّ سَالَك تِخَلِّي سِرَّنا مكتوم
التي يقول شاعرها حدَّاد بن حسن الكاف في مطلعها :
قال الفتى قلبِيِ اللِّيلِه سِمِع عَنْقَه وُ ناحَتِ العَصِر بِالأنغام
يا غَارَةَ الله حِسْ في صوتَها رِقَّه بِاللَّحِـن تِشـــجي
وُ بِْلَحنَها خَلَّتِ العاشِق ضَوَى مَغرُوم
يا ربِّ سالَك تِخَلِّي سِرَّنا مكتوم
و هو صوت يصنف ضمن المخموس , لعدم احتساب الشَّلَّة , و قد ذكر الكاتب محمد عبدالقادر با مطرف في كتابه ( الشاعر الغَزِل ) , نقلا عن الشاعر الملحن حدَّاد نفسه , ملابسات وضعه لهذا اللحن , حيث كان حداد يتنزَّه في مساء يوم بين بعض البساتين , فرأى امرأةً بارعةَ الجمال تعمل في بستان و هي تغنِّي بصوتٍ جميلٍ آسِر , فوقف يُصخِي السَّمع لغنائها و يكتحل بجمالها , مفتونا مشدوها , فوضع هذا اللحن مستفيدا من بعض الجُمَلِ الموسيقية في اللَّحن التي كانت تلك المرأة الجميلة تتغنَّى به , و قد حكى حداد قصته مع هذه المرأة في قصيدته , و يجزم الشاعر محفوظ عبد القادر التوي _ أطال الله في عمره _ أن هذا اللحن لسعيد مبارك مرزوق , و قد روى لي بعض أقرباء المطرب بلفقيه , أن المناسبة التي كتب فيها حداد الكاف هذه القصيدة لم تكن كما رواها با مطرف , و إذا صح هذان الرأيان يكون با مطرف قد انتحل لهذه القصيدة تلك المناسبة و نسبها إلى حداد ليبرر ما ورد فيها من ذكر ( عنقة , حيط نجدي , بستانها , الغصن و الورقة ) .
و أغنية خامسة تصنف ضمن المربوع غنَّاها بلفقيه , هي :
فَصِل نِسنِس و احكمِ المَغنَى
من لحن و شعر حداد الكاف , ذلك النبع الذي اغترف منه بلفقيه كثيرا , و قد حافظ على اللحن و غّيَّر بعض مفردات الشعر , منها في قول حداد :
لي ثَمَـانَ ايَّـام ما اتهَنَّى نومِيِ اتزَعَّـلْ مِنِ اعيُونِه
لي ذَكَرتِه عَذِب فِي الغَنَّا صّبِّ دَمعِي عَلَى الأَوجَان
فأبدل كلمة ( اترَحَّل ) بـ ( اتزَعَّل ) , ربَّما لأن ( اتزعل ) قد لا تفيد عربيا ما تفيده من معنى في اللهجة الحضرمية , و هو عدم الاستمرار في النوم و عدم الوصول فيه العمق , فالتزعُّل هو كثرة الاستيقاظ من النوم , و لكن هذا المعنى الذي أراده الشاعر لا يستفاد من كلمة ( اترحَّل ) إذ أن الترحُّل يفيد معنيين : أحدهما , عدم النوم مطلقا لأيَّامٍ , فيضاف سهد ليلة إلى سهد الليلة التي سبقتها , فهو نوم مُرَحَّل من ليلة إلى أخرى بسبب قلق و معاناة . و الثاني , الارتحال , أي ذهاب النوم عن الإنسان مطلقا , أي أن النوم قد ارتحل عن العينين , و قد استخدم حداد هذه الكلمة في قصيدة أخرى بنفس دلالتها في القصيدة السابقة , يقول حداد :
البارحه و اليوم طرفي في زَعَل و قبلَها بَيَّت سمير الليل يتزعَّل
غَلَّط حسابي ظبي مرحوم القَبَل تعجبك تِقفاته و لِقبال
و هكذا فعل الشاعر سليمان بن عون فقد استخدم هذه الكلمة بنفس معناها في العامية , و في ذلك يقول :
مسكين في مسكين يا مسكين من هو في الهوى مبلي
يبات يِتزَعَّل من الهجران ما اتهنَّى منامه
يوحي شبيه النار في جوفه تُوَهَّم
يا الله انظر للفتى لا خاب لاَسْهان
و مع أن معنى ( اتزعَّل ) أبلغ في الدِّلالة , لما تفيده من عدم الاستقرار على حال , و هو نفسه المعنى التي تفيده كلمة ( تِنَقَّز ) في لهجة بعض مناطق حضرموت .
أما البيت الأخير في الأغنية , فهو قول حداد في ديوانه :
رَبَّنا و اجعَل خَوَاتِمنا خَلَّها الأسـرار مكنُـونِه
كُل ثَمانَ ايَّام تِجمَعنا لَجِل نِطفِي حَرَرْ و احزان
و قد لاحظ بلفقيه في قول حداد ( ربنا و اجعل خواتمنا ) , فسأل نفسه : اجعل خواتمنا ما ذا ؟ فأدرك الجواب فأثبته في النص , و لكن حـدادا لم يجب و لم يقل : اجعل خواتمنا حسنةً , و حسبي أن حدادا يعرف هذا حق المعرفة , و لكنه آثر الحذف بلاغةً في القول , لدلالة السِّياق عليه , إذ لا يدعو الإنسان ربَّه في حال كهذه إلا بحُسن الخاتمة إذا بلغت الرُّوحُ التَّرَاقِي , و لذا فهو أمر بديهي عند حداد , و لأن عادة الشعراء يدعون ربهم في آخر قصائدهم بحسن الخاتمة , فهو من قبيل المفهوم مسبَّقا , و الشعر هو الإيماء و الإيحاء , و التصريح يفسده .
و قول حداد في البيت ( حرر ) فإن الحرر , هو حرارة الشوق التي يصطلي منها قلب العاشق في صدره و يتصعَّد هذا الشوق زفرات كاللهب , و أراها أبلغ من أي كلمة أخرى يمكن أن تحل محلها , و لا أحسـب ( حـرر ) كلمة مغلقة المعنى , في أقرب شبها بجذر المادة الثلاثي , و لن يغيب معناها عن ذهن السامع العربي .
و هذا غيض من فيض من الأغنيات التي تنتسب إلى الدَّان مما غنَّاه بلفقيه , الذي خدم الدان خدمة جليلة لا تُنسى , و كان خير سفير له إلى العالم .
و ما ذكر سلفا مما غناه بلفقيه من الدَّان إنما هو الدان الحدري , أي الدان المعروف في وسط و شرق وادي حضرموت من شبام غربا إلى عينات شرقا , و لكن ثمة لون آخر من الدان كان لبلفقيه فيه إسهام في التغنِّي به , و هو الدان المعلوي , نسـبة إلى أعلا وادي حضـرموت , و هي المناطق التي تقع غرب الوادي من القطن و ما حوته منطقة الكَسِر و وادي عمد و وادي دوعن بفرعيه , الوادي الأيمن و الوادي الأيسر , و وادي العين , و يتميز الدان المعلوي عن الحدري بقصر أوزانه و أشطره و سرعة إيقاعه , و طرقة غنائه كالحدري مع أنه يمكن أن يصاحب الغناء به عزف على الناي ( الشُّبَابَة / المَدْرُوف / القَصَبَة ) , مما ليس في الدان الحدري , فمنه الصوت الفَرْد ( المؤَلَّف من بيت مفرد ) , و المثنِي , و المثلوث , و المربوع , و هذا بكثرة , و المخموس و المسدوس بقلَّة , و يندر مجيء المسبوع و المثمون , و أهم ما يختلف فيه الدان المعلوي عن شقيقه الحـدري , أن المعلوي قد يُكسَـر , أي يُرقَص عليه بالرقـص المعـروف بـ ( الدِّحَِيفِة ) , و هي رقصة شائعة حيث يشيع الدان المعلوي , يقف الرجال فيه صفين متقابلين أو دائرة , يتغنَّون بالصوت على إيقاع طبل كبير وهم يصفِّقُون بأيديهم و يضربون بأرجلهم الأرض و ثمة من يقفز منهم إلى الحلبة في حركات رشيقة راقصا مع آخر , و ربما مع أخرى.
هذا اللون من الدان تغنَّى به بلفقيه , كسلفه المطرب شيخ البار , فمن ذلك أغنيته :
( الجبال السود ) و هي من ( المثني ) للشاعر حسن بن عبد الله الكاف , والد الشاعر حداد الكاف , التي مطلعها :
كفاه الله لي عدَّى و لا سلَّم عبر يمشي و سيفه ع العرب مجرود
حبيبي حطِّني بين الجبال السُّود
و من هذه الأغنيات , أغنية ( يا حامل الأثقال ) و هي على صوت مربوع للشاعر حسين أبوبكر المحضار :
يَا حَامِلِ الأَثقَـال
خِفِّفْهَـا شُوَيْ ذَا حِمِل مَا يِنشَال
عَادِ النَّجِد قِدَّامَك حُسُر وُ جِبَال
يَا مَصْـعَب مَنَالِه
و مثل ذلك أغنيته :
غـدرا على الناس يا شمس الضحية هيا اشرقي
با شوف دار المحبة لي مرصَّع باللول و المرجان
و هو صوت مثلوث من أصوات الدِّحِيفة .
و منه أغنيته :
من يوم قابلت محبوبي بيوم الخميس
فاللحن فيه تطوير و تجديد و زيادة فيه و في أشطره الشعرية , و هو لحن قديم حافظ بلفقيه على بعض أصوله في اللحن و الشعر , و هو صوت مثلوث , أصله أو مما نظم على أصله قديما :
يا خَِير بَكرَة عُمانِيِّة لَطِيفِة خَفُوف مَا تُصلِح الا لِعاشِق لاَ عَشِيِّة يِطُوف
وُ امحزَّمِه في جِنَاح
و اليوم وافَقِت مَضنُوني بِيومِ السَّمَاح
و أغنيته :
بنات حواء ما تساوين
فهي مطوَّرة لحنا و شعرا عن صوت مثلوث قديم هو ( يا عشدلي مولاك خلاَّك ) , و أصله أو مما نظم على أصله , قول الشاعر المجهول :
بَنات حَوَّا مَا تِسَـاوَين وُ البِيض زَادَُوهِن بِقِسمَِين
يَُوخُذِن عُمرَك بِالتِّهِنتَاك يَا عَشْـدَلي مَُولاك خَلاَّك2
و على هذا الصوت قال الشاعر محمد صالح بلفاس :
أهل الهـوى باتـوا بليله لي قُوتُهُم لَُوزِه وُ هَِيلِه
ما حَدْ فَرَعْهُم مِثِل لَديَاك يا عشدلي مولاك خلاك
و غنى بلفقيه أيضا أغنية :
حبيبي مولَّع للوطن مشتاق
و هو صوت مثلوث قديم مجهول الملحن , و قد حافظ بلفقيه على اللحن و الشَّلَّة , و هي الشطر الذي يتكرر بعد كل بيت , و قد نظم على هذا الصوت بعض الشعراء قديما , فقال الشاعر عمر عبد الله الحبشي :
تغانَم وُقُوتَك لا تِخَلِّي صَفُو ساعِه يِفُوتَك عَاد قبلَك موت وُ فْراق
حبِيب المُوَلَّع للوطَن مُشتاق
و قال الشاعر عبد الرحمن بن حسن الحبشي :
وُ عِدُّوا غَنَمكُم شُفِت ذِيبِ العَصِر لَِيلِة قَمَركُم شَل عَليكُم تَِيس بَا سَاق
حبيب المولَّع للوطن مشتاق
و قال الشاعر عبد القادر بن سالم الحبشي :
وَ انَا جِيت بَا اسْمُر مَا بَِغَِيتِ اللَّحِم وُ الرُّزِّ وُ البُر قَصْدِيَ الاَّ بِالتِّمِزَّاق
حبيب المولع للوطن مشتاق
و قال شاعر اسمه بَلَّوْقَاش :
وُ في القَلْبِ حَنِّه يَُوم حُورِ العِين فِي كُلِّ جَنِّه يِعشَقِن مِن كَان مِعشَاق
حبيب المولع للوطن مشتاق
و هذه الألحان من التراث الحضرمي استطاع بلفقيه أن يجدد فيها و يطوِّرها و يخرجها إلى العالم , ناشرا تراث أمته و مواطنيه , و مُعرِّفا به , وفاءً للأرض التي خطا عليها أولى خطواته في الحياة و في الفن . ناهيك عن الأغنيات التي غنَّاها للشاعر حسين بن أبي بكر المحضار .
حفظ الله هذا المطرب الفذ , الراعي لجيل من الفنانين , مربِّيا و أستاذا و موجِّها , يشار إليه بالبنان و لا يُنكَرُ جميلُه , و لا يُجحَدُ فضلُه . و لا أنسى في الختام أن أقدم شكري و تقديري للشاعر القدير محفوظ عبد القادر ( خميس ) التُّوَي ساكن مدينة الحوطة ( خلع راشد ) الذي نقلت عنه بعض الأبيات , فهو _ أمَدَّ الله في عمره _ ممن يحفظ الكثير من الشعر القديم , و استطاع أن يحتفظ بذلك في كراسة تعد كنزا مهما و توثيقا تمس الحاجة إليه , إلى جانب اهتمامه بتدوين شعره .

[الزعيم]

شكرا جزيلا وبارك الله فيك استا ذي با رجاء استمر على هذا المنوال وجزيت خيرا ..

[الشبامي]

كلمات رائعه
تليق بعملاق اروع كأبواصيل
احسنت اخي علي على هذا الأبداع
ومزيدا
مزيدا

[محمد بن سلم]

مهما كتبنا عن بلفقيه لن نعطيه حقه

نشكر الاستاذ علي وحبيت نستذكرك بهذا الموضوع القديم

.

[شيخ القبايل.]

سعدنا كثيرا بقراءة مقال الاستاذ بارجاء .. ونتمنى ان يتواصل معنا في السقيفة كما كان .. وان يمنحنا شيئا من وقته .. كما عودنا في بدايات سقيفة الشبامي .

شكرا لك يابارجاء

[باغوزه]

شكرا لك من القلب استاذنا الكريم الاخ / علي احمد بارجاء على هذا السرد المفيد والشرح الوافي عن جزء من سيرة ونمو الفنان القدير ابوبكر سالم بلفقية اطال الله فى عمره .

اننا ياسيدي الكريم عندما نتذكر رحيل عمالقة الفن فى بلادنا وآخرهم الشاعر المرحوم حسين ابوبكر المحضار والفنانين امثال بدوي الزبير وكثير ممن رحلو عنا فان عزاؤنا ان بيننا الفنان الكبير ابو اصيل اطال الله فى عمره وابقاه علم من اعلام الفن الاصيل ومخزون من التراث الذي يجمع بين الماضي والحاضر .

جميل كل ماكتبته عن هذا الفنان الكبير وجميل ان نتعرف على كثير من جوانب فنه الاصيل من خلال هذا الموضوع المثري والمفيد .

شكرا لك اخى العزيز علي احمد بارجاء ونتمنى تواصلكم من مواقع التراث والحضارة بكل مايفيد المتصفح والمتابع هنا فى سقيفة الشبامي بكل ما هو جديد ومفيد في كافة المجالات الفنية والاعلاميه .

حبذا لو يعطى على احمد بارجاء القاري نبذة عن شعراء حضرموت الداخل ومقتطفات من قصائدهم الشعبية وتعريف القاري بهؤلاء الشعراء .

مجددا نشكرك ونتمنى لك التوفيق والنجاح ومزيدا من التواصل .

[abu iman]

شكرا يا أخ علي بارجاء على موضوعك و أتمنى
لو نتواصل باستمرار مع مواضيع جديدة فلربما نتبادل
المعلومات التي تفيد الجميع في المنتدى

[abu iman]

أخي العزيز/ با رجاء
اطلعت على مقالك حول بلفقيه و أعجبني كثيرا التفاصيل الدقيقة التي أوردتها و لعلك قد أشبعت الفصل في شرح الدان و هذا من حقك فأنت من أبناء مدينة الدان و لعل الشبامي ان لم أكن مخطئا تحدث أيضا عن الدان في المنتدى و بإسهاب و ما أعجبني كثيرا و لفت انتباهي - و لا أقصد ان لا شيء لفت انتباهي غيره - و هو ذكرك للفنان العملاق في سياق مقالك بعبارتك ( مثل سلفه شيخ البار) لعلك بهذا قد أعطيت فنانا حقه فالبار بحق من رواد الأغنية الحضرمية و إن عاش خارج حضرموت فيكفينا شعوره القوي بالأنتماء إلى حضرموت فيا ليت حديثك القادم حول هذا الفنان الذي كثيرا ما غمطوا حقه . و لعل الجيل الجديد ربما لا يعرفون من هو البار ؟ و ما دوره في الأغنية الحضرمية ؟