مظاهر الايمان بالله في الشعر والنثر الجاهلــــــــــــي

[مسرور]

قيل قديما أن الشعر ديوان العرب بمعنى أن الشعر كان سجلا واقعيا حيا لأخلاقهم وعاداتهم وعقليتهم وعقائدهم قبل الإسلام ، وفي جملة واحدة نقول : أ ن الشعر كان ذات أنفسهم وليس يعني هذا أن كل الناس كانوا على مستوى الشعراء وفهمهم أو كانوا على عقيدتهم ، لكن تعبير الشعر يفيد عن طبائع الناس وعوائدهم وتفكيرهم كما أنه غاليا ما يسفر عن حقيقتهم ، فالشعر في لغة العرب يعني العلم ، يقال : ليت شعري ( أي ليت علمي ) وأشعره بالأمر ( أي اعلمه به ) ومن ثم فالشاعر هو العالم ويقصد به من يشعر ( أي يعلم ) بما لا يشعر به ( أي يعلم به ) غيره وقد جاء في القرآن الكريم لفظ ( يشعركم ) بمعنى ( يعلمكم ) ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) .

لأن الشعر ديوان العرب كما أ سلفنا ولأن الشاعر يعلم ما لا يعلمه غيره فان استكناه الشعر الجاهلي واستجلاء أفكار الشعراء يكون أمرا لازما لا محيص عنه ولا معدى منه لبيان الحالة العقلية في العصر الجاهلي …… لقد حوى الشعر الجاهلي آراء مؤمنة بالله وآراء ملحدة وآراء عدمية ومن الشعر الذي حمل الإيمان بالله وعبّر عنه يقول امرؤ القيس بن حجر الكندي :

تلك السحاب إذا الرحمن أرسلها= روى بها من محول الأرض أيباسا
تلك الموازين والرحمن أنزلها = رب البرية بين الناس مقياسا

ويقول :

أرى ابلي والحمد لله أصبحت = ثقالا إذا ما استقبلها صعودها

ويقول حاتم الطائي :

إلههم ربي وربي إلههم= فأقسمت لا أرسو ولا أقعد

ويقول :

لا أخذل المولى وان كان خاذلا =ولا أشتم ابن العم إن كان مفحما
لحى الله صعلوكا مناه وهمه = من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما

ويقول :

أأفضح جارتي وأخون جاري = معاذ الله أفعل ما حييت

ويقول :

أتاني من الديان أمس رسالة = وعذرا بحي ما يقول مواسل

ويقول النابغة الذبياني :

محلتهم ذات الإله ودينهم = قويم فما يرجون غير العواقب

ويقول :

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة = وليس وراء الله للمرء مذهب

يتبع ...........................

[مسرور]

نواصل ما قاله النابغة الذبياني عن مظاهر الإيمان في شعره :

ولما وقاها الله ضربة فاسه= وللبر عين لا تغمض ناظره
فقال تعالي نجعل الله بيننا =على مالنا أو تنجزي لي آخره
فقالت معاذ الله أفعل إنني= رأيتك مسحورا يمينك فاجره

ويقول ورقة بن نوفل :

بدينك ربا ليس ربا كمثله = وتركك جنات الجبال كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته =ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
أدين لرب يستجيب ولا أرى =أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا
أقول إذا صليت في كل بيعة = تباركت قد أكثر باسمك داعيا

ويقول لبيد :

ألا كل شيء ما خلا الله باطل = وكل نعيم لا محالة زائل
وكل امرئ يوما سيعلم سعيه =إذا كشفت عند الإله الخصائل

ويقول عمرو بن كلثوم :

فلا العزى أدين ولا ابنتيها = ولا صنمي بني طسم أدير
أربا واحدا أم ألف رب = أدين إذا تقسمت الأمور
ولكن أعبد الرحمن ربي = ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوى الله ربكم أحفظوها= متى ما تحفظوها لا تبوروا

يتبع .....................

[مسرور]

ومن الشعر الذي يحمل ألفاظا وتعبيرات دينية مثل الوحي ، الشريعة ، النذير ، خليل الله ، البر ، النوافل ، مكارم الأخلاق ، قصد السبيل ، يقول زهير بن أبي سلمى :

لمن الديار غشيتها بالفرفر= كالوحي في حجر المسيل المخلد

ويقول عنترة العبسي :

وبعد العسر قد لاقيت يسرا = وملكا لا يحيط به الكلام

ويقول أيضا :

قسما بالذي أمات وأحيا = وتولى الأرواح والأجساما

ويقول امرؤ القيس الكندي :

أتت حجج بعدي فأصبحت = كخط زبور في مصاحف رهبان

ويقول أوس بن حجر :

وباللات والعزى ومن دان دينها = وبالله إن الله منهن أكبر

والى جانب هذا الشعر الوفير الزاخر كانت هناك نماذج من النثر ذي التفاعيل الحرة والإيقاعات المرسلة تقع ما بين موزاين الشعر وسجع الكهان أنس لها الناس وأرتاحوا فحفظوها وتمثلوا بها خاصة مع وجود الإيقاع وقيام المقابلات وانتصاب التوازنات ولجوئها الى الاستشهاد بالظاهر الطبيعية من نجوم وأمطار وأراض وبحور ودعوتها الناس الى عبادة الله ، وأشهر هذه النماذج النثرية ما يروى عن قس بن ساعدة الأيادي والذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم في سوق عكاظ وكان يعجب به وبقوله أشد الإعجاب فيردده عليه أبوبكر الصديق الذي كان يحفظه عن ظهر قلب وهو يقول :

أيها الناس اسمعوا وعوا ، وإذا وعيتم فأنتفعوا ، انه من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت ، ، مطر ونبات ، وأرزاق وأقوات ، وآباء وأمهات ، وأحياء وأموات ، وجمع وشتات ، وآيات بعد آيات ، ليل موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تغور وأرض تمور ، وبحور تموج وتجارة تروج ، وضوء وظلام ، وبر وآثام ، ومطعم ومشرب ، وملبس ومركب ، ألا أن أبلغ العظات السير في الفلوات ، والنظر الى محل الأموات ، إن في السماء لخبرا ، وان في الأرض لعبرا ، ليل داج وسماء ذات أبراج ، وأرض ذات رتاج ، وبحار ذات أمواج ، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا ، أم تركوا هناك فناموا ، أقسم بالله قسما حقا ، لا آثما فيه ولا حنثا ، إن لله دينا هو أحب إليكم من دينكم الذي أنتم عليه ، تبا لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية ، يا معشر أياد ، أين الآباء والأجداد وأين المريض والعواد ، وأين الفراعنة الشداد ، أين من بنى وشيد وزخرف ونجّد ، وغره المال والولد ، أين من بغى وطغى ، وجمع فاوعى ، وقال أنا ربكم الأعلى ، ألم يكونوا أكثر منكم أموالا ، وأطول منكم آجالا ، طحنهم الثرى بكلكله ، ومزقهم بتطاوله ، فتلك عظامهم بالية ، وبيوتهم خاوية ، عمرتها الذئاب العارية ، كلا بل هو المعبود .يتبع ..................

[مسرور]

ثمة أخبا ر تدل على أن العرب كانوا يقدسون الشعر ويعتقدون بأن هذا التقديس مستمد من أصله الديني ولذا كانوا ينشدونه على موتاهم وكانوا يتخذون من الشعر وسيلة للتقرب الى الله في موسم الحج فيلبون بأشعا ر معينّة وهم يطوفون حول الكعبة ، وكانوا يسمون الشاعر العالم والحكيم حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل كعب الأحبار قائلا : يا كعب هل تجد للشعراء ذكرا في التوراة ؟ فقال كعب : أجد في التوراة قوما من ولد إسماعيل أناجيلهم في صدورهم ، ينطقون بالحكمة ويضربون الأمثال لا نعلمهم إلا أنهم العرب ، وهكذا جعل كعب الأحبار الأشعار كالأناجيل في قدسيتها وان كان ما جرى بينه وبين عمر بعد الإسلام إلا أنه ينطبق على الشعر العربي في الجاهلية والإسلام والعصور التي تلته .

يقول قس بن ساعدة :

الحمد لله الذي = لم يخلق الخلق عبث

ويقول المتلمس صاحب الميمية الشهيرة :

وأعلم علم حق غير ظن = وتقوى الله من خير العتاد

ويقول لبيد :

إن تقوى ربنا خير نفل = وبإذن الله رثى وعجل
أحمد الله فلان له = بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى =ناعم البال ومن شاء أضل

وبما أن هناك ملحدون فان إلحادهم تجلى في أشعارهم أيضا كما جاء على لسان الأعشى الذي قال :

حياة ثم موت ثم بعث = حديث خرافة يا أم عمرو

وهذا المظهر الإلحادي لا يخفي ترك بعضهم أمره للأقدار وتسليمه بها كما يقول زهير بن أبي سلمى :

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش = ثمانون حولا لا أبالك يسأم
ومن لم يصانع في أمور كثيرة = يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب = تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم

وهكذا فان شبه جزيرة العرب بعامة وأرض الحجاز على وجه الخصوص كانت قبل البعثة المحمدية زاخرة بأفكار وآراء وأقوال كثيرة وواضحة ومحددة عن الله وتوحيده وذاته وصفاته واليوم الآخر ، كما كانت ثم ألفاظ وعبارات وصيغ دينية متداولة بين الجميع ببساطة وطلاقة مثل : أسلمت ، سنة ، شريعة ، وحي ، نذير ، نوافل ، ذنوب ، جهنم ، حلال ، حرام ، شفاعة ، مصحف ، الله أكبر ، الى آخر ذلك … وقد كان لذلك الأثر الكثير على فهم العرب لرسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى تقديرهم لها حتى كانوا من أولئك الذين بشروا بها وكانو ا منتظرين لها عاملين بما دعت إليه ، فأمية بن الصلت قال :

ألا نبي منا فيخبرنا =ما بعد غايتنا في راس محيانا

ومع ذلك فعندما قابل رسول الله وقرأ عليه الرسول أوائل سورة ياسين أعرض وتأبى ولم يسلم ، وفيما بعد قال عنه الرسول لقد أسلم شعر أمية ولم يسلم قلبه فشعره كله إسلام في إسلام ومع ذلك رغب عن الإيمان بالرسالة المحمدية ، وزيد بن عمرو بن نفيل ( ابن عم عمر بن الخطاب ) كان أول من ذكر لفظ الإسلام في الشعر العربي وكانت تصرفاته كلها إسلاما في إسلام ومع ذلك فانه لم يؤمن برسالة النبي مع أنه أدرك الرسالة وتوفى بعدها بفترة .

الخلاصة …… ما أردت الوصول إليه من هذا النقل أن العرب كانوا يعرفون الله حق المعرفة قبل الاسلام ويدركون ما بعد الموت وهم من قالوا في عبادتهم للاصنام أنها تقربهم الى الله زلفى ولهم مذاهب أخلاقية ثابته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأكيدها ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وأتاهم بقرآن من عند الله سيظل يتلى حتى قيام الساعة حوى لفظا يفوق ما برعوا فيه من ألفاظ فصاحة وبيانا وكانت حجة الله عليهم شبيهة بما برعوا فيه تماما كحجج الله في الأمم السابقة من ذات ما برعوا فيه أيضا .

آسف للإطالة .

تحياتي

المرجع : الخلافة الإسلامية لمحمد العشماوي

[حسن النعماني]

احسنت وبارك الله فيك

[عبدالله الجعيدي]

لاتعرف اخي العزيز مسرور مدا سعادتي عند مشاهدة موضوع جديد لك هنا لكونني اعرف ان ما ستطرحه لن يكون شيئا عاديا على الاطلاق بل مفيدا وبه من الابداع الكثير شكرا لك على ابداعك المتميز اخي الكريم لا فيما كتب هنا بل حيث مايخط يراعك العظيم . تحياتي

[سليمان السيباني]

مقال رائع من قلم عودنا على كل جميل ومفيد ..

لدي إستفسار للاستاذنا مسرور : اليس هنالك من شكك في نسبة بعض تلك الاشعار الي شعرائها ؟ ومثلكم يعرف ان الوضع في الشعر أنتشر كثيرا في فترة التدوين في العصر الاموي ؟ فهل هنالك احتمال ان تكون بعض تلك الابيات موضوعه ؟ مع شكرنا وتقديرنا لكل ما تقدمه من مواضيع جميلة وهادفة بنظرنا .

[مسرور]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان السيباني

مقال رائع من قلم عودنا على كل جميل ومفيد .. لدي إستفسار للاستاذنا مسرور : اليس هنالك من شكك في نسبة بعض تلك الاشعار الي شعرائها ؟ ومثلكم يعرف ان الوضع في الشعر أنتشر كثيرا في فترة التدوين في العصر الاموي ؟ فهل هنالك احتمال ان تكون بعض تلك الابيات موضوعه ؟ مع شكرنا وتقديرنا لكل ما تقدمه من مواضيع جميلة وهادفة بنظرنا .

شكك الدكتور طه حسين وبعض المستشرقين في نسبة جلّ الشعر الجاهلي إلى قائليه .

لنتجاوز المستشرقين ولنركز بشكل مقتضب على ما استند إليه طه حسين في تشكيكه :

عزى شكه إلى تضارب روايات القصائد وألفاظها وكيفية ترتيبها بإحلال لفظ محل لفظ وبيتا مكان بيت وعدم تطابق المضمون اللفظي لقصائد شعراء معينون مع الألفاظ السائدة في بيئتهم الإجتماعية ... تشكيك طه حسين لم يطل ما قيل عن مظاهر الإيمان بالله في الشعر الجاهلي .... وإذا أخذنا بعين الإعتبار أن الحنيفية كانت سائدة في شبه جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام فإن التشكيك حول مظاهر الإيمان في الشعر الجاهلي يصبح ضئيلا .


يلجأ بعض المؤرخون وعلماء الدين المسلمين في اعتقاد منهم بأنهم يخدمون الدين الإسلامي إلى نفي ما يشيعه المستشرقون من أن النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد اقتبس شيئا مما جاء في شعر الشاعر الجاهلي امرىء القيس بن حجر الكندي ويقدمون المبررات الدفاعية الواهية في حين أن المسألة برمّتها لا تحتاج إلى ذلك الإستبسال في الدفاع عن القرآن والرسول إذا سلّمنا مسبقا أن معجزة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتت مما برع القوم فيه من فصاحة ، وهنا يصبح استخدام الألفاظ أو المترادفات الكلامية وماحوته من بلاغة حقا لمن يتناول لغة القوم أو يحاججهم بموجبها وبها أو يقتبسها أو يؤكد على صحة مضمونها ... وللتحلل من أي رابط بين ماقاله امرؤ القيس في العصر الجاهلي وما جاء في قوله تعالى : اقتربت الساعة وانشق القمر لايعطينا الحق بتزوير التاريخ ومن ثم نسب ما جاء في تلك القصيدة إلى امرؤ القيس بن عابس الكندي الذي أسلم وحسن إسلامه ومات على الإسلام وإقصاء امرؤ القيس بن حجر الكندي الشاعر الجاهلي الذي توفي قبل البعثة بفترة طويلة بقصد ترسيخ أن محتوى القصيدة لاحقا للإسلام ومقتبسا من القرآن وليس العكس وإستغلال نفس مسوّغات طه حسين حول المتناقضات لفظا ونظما بين الاثنان وكلاهما امرؤ القيس لصالح ما يريد اثباته المؤرخون هذه المرّة :

دنت الساعة وانشق القمر = عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه = ناعس الطرف بعينيه حور
مرّ يوم العيد بي في زينة = فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك = فرّ عني كهشيم المحتضر
وإذا ما غاب عنّي ساعة = كانت الساعة أدهى وأمر
كتب الحسن على وجنته = بسحيق المسك سطرا مختصر
عادة الأقمار تسري في الدجى = فرأيت الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرت = فوقه ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شق العذار خدّه = دنت الساعة وأنشق القمر

ما جاء أعلاه يؤكد النسبة إلى امرؤ القيس بن حجر الكندي الشاعر الجاهلي ولا أخال ( وهذا رأيي الشخصي ) أن امرؤ القيس بن عابس الكندي العابد الزاهد الذي لم يرتد عن الإسلام مثل غيره من أبناء كنده بعد وفاة الرسول وثبت علي دين الإسلام سيقول شعر ا يحوي غزلا وهو الذي خاصم الحضرمي إلى رسول الله فقال للحضرمي بينتك وإلا فيمينه فقال امرؤ القيس : يارسول الله ان حلف ذهب بأرضي ، فقال الرسول : من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مالا لقي الله وهو عليه غضبان فقال امرؤ القيس : يارسول الله ماذا لمن تركها وهو يعلم انها حق ؟ قال : الجنّة ... قال : فأشهدك انني قد تركتها له ... هل سيتحرك لسان شخص قصد وجه الله بالتنازل عن ما يملكه من أجل وعد بالجنة بشعر يحوي غزلا ؟

نترك الإجابة للقارىء .

لقد وردت ألفاظا وعبارات مشابهة على ألسن شعراء العصر الجاهلي لما جاء في القرآن الكريم فلماذا التركيز على انشقاق القمر في شعر امرؤ القيس بن حجر الكندي وتجاهل ما قاله في جانب آخر ويتوافق مع جاء في آيات القرآن الكريم مع اختلاف في اللفظ وسبق لنا ايراده وسنعيده ثانية :

تلك السحاب إذا الرحمن أرسلهـا = روى بها من محول الأرض أيباسا
تلك الموازين والرحمـن أنزلهـا = رب البرية بيـن النـاس مقياسـا

لماذا يجري تجاهل ما قاله قس بن ساعدة الذي اعجب به رسول الله ايما إعجاب وجاء شيء منه في القرآن بصورة مغايرة قليلا ؟

اقتباس :

أيها الناس اسمعوا وعوا ، وإذا وعيتم فأنتفعوا ، انه من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت ، ، مطر ونبات ، وأرزاق وأقوات ، وآباء وأمهات ، وأحياء وأموات ، وجمع وشتات ، وآيات بعد آيات ، ليل موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تغور وأرض تمور ، وبحور تموج وتجارة تروج ، وضوء وظلام ، وبر وآثام ، ومطعم ومشرب ، وملبس ومركب ، ألا أن أبلغ العظات السير في الفلوات ، والنظر الى محل الأموات ، إن في السماء لخبرا ، وان في الأرض لعبرا ، ليل داج وسماء ذات أبراج ، وأرض ذات رتاج ، وبحار ذات أمواج ، مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا ، أم تركوا هناك فناموا ، أقسم بالله قسما حقا ، لا آثما فيه ولا حنثا ، إن لله دينا هو أحب إليكم من دينكم الذي أنتم عليه ، تبا لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية ، يا معشر أياد ، أين الآباء والأجداد وأين المريض والعواد ، وأين الفراعنة الشداد ، أين من بنى وشيد وزخرف ونجّد ، وغره المال والولد ، أين من بغى وطغى ، وجمع فاوعى ، وقال أنا ربكم الأعلى ، ألم يكونوا أكثر منكم أموالا ، وأطول منكم آجالا ، طحنهم الثرى بكلكله ، ومزقهم بتطاوله ، فتلك عظامهم بالية ، وبيوتهم خاوية ، عمرتها الذئاب العارية ، كلا بل هو المعبود

أعدكم بوقفة لاحقة والدعوة مفتوحة للاخوة الكرام للإضافة على محتوى الموضوع الذي تناولناه قبل فترة طويلة بقصد الإشارة إلى مظاهر الإيمان وليس بقصد التوسع وإخضاعه للجدل وآراء المستشرقين وأتباع الديانات الأخرى فيه ودفاع المؤرخون المعاصرون .


سلام .

[سليمان السيباني]

شكرا لك استاذي ويعجبني الانصاف دائما فالمنصف يقف في موقع يمكنه من رؤية نواحي الموضوع بشكل اكثر وضوحا .. وبالتالي يصبح حكمه اقرب للصواب .

ولن نقف مع المشككين في الشعر العربي ( خاصة فيما يتعلق بمظاهر الايمان ) فالجزيرة العربية عرفت عقيدة التوحيد كما عرفت عقيدة الشرك وورد اسم رحمن في النقوش الجنوبية . ودخلتها اليهودية والنصرانية في فترة نقاءهما .. والعرب جزء من الشعوب السامية التى عرفت عبادة التوحيد . وهم (اي العرب ) قريبون من بلاد فلسطين التى نزلت فيها الديانات التوحيدية .. كل تلك الامور تؤكد على وجود احتمال كبير لمعرفة العرب للتوحيد والالفاظ المرتبطة به ..

كما اننا لا نريد الانحراف بالنقاش الي وجود خلاف حول الشعر الجاهلي اجمالا ولاسيما في النقطة موضوع النقاش ( مظاهر الايمان بالله في الشعر والنثر الجاهلي ) .. ولكننا لا نعتقد بنقاء كل الشعر الجاهلي وان فيه وضع في نواحي منه ..

[عيون المكلا]

(

أعدكم بوقفة لاحقة والدعوة مفتوحة للاخوة الكرام للإضافة على محتوى الموضوع الذي تناولناه قبل فترة طويلة بقصد الإشارة إلى مظاهر الإيمان وليس بقصد التوسع وإخضاعه للجدل وآراء المستشرقين وأتباع الديانات الأخرى فيه ودفاع المؤرخون المعاصرون ).

القراءة مستمرة كما يبدو لي في الشعر الجاهلي بل الادب الجاهلي حتى ان عميد الادب العربي بعد ان ساق الحجة تلو الحجة من النواحي التاريخية واللغوية والفنية ليؤكد نظريته التي تنتهي به الى ان هذا الشعر لايمكن ان يكون قد قيل او اذيع قبل الاسلام , وهذا رد عليه وان بقية قضية الشعر مثارا للكثير ,استسمحك في الفقرة السابقة واتذكر من دراستي في متطلبات الجامعة (لغة عربية واحد واثنين ) بأن غالبية الشعراء بعد شعراء المعلقات الى يومنا لم يبدعوا على انه (كل بدعة ظلالة ) وانما شعرهم اتباع الا شاعرنا العملاق رحمة الله !عليه البردوني (واختك تفضل قراءة شعر الزبيري عن البردوني ) وكذلك الشاعر نزار القباني رحمه الله! ..بعض من االدارسين اوعز السبب الى صعوبة الالفاظ وغنى المعجم الجاهلي واسباب كثيرة لايسعني ذكرها للتطويل .
الشعر الجاهلي امام مظاهر الايمان امام امرين , احدهما عرضة للشك والاخر لاسبيل للشك فيه ,وماجاء في موضوعك اخي مسرور يبين الامرين .
ان حياة العرب وحضارتهم قبل الاسلام ليست كما يقال بانها مغلقة وقبائل متنازعة وليس فيها تواصل خارجي كانت رحلات الشتاء تثبت عكس مايقال ..ومن واقع الحال ونتيجة التواصل بمن هم اهل الكتاب سوف يتأثرالشاعر بمعلومة يطلع عليها ومعلومة يسمعها ليس هذا فقط كانوا اهل الاخدود قوم اهل كتاب ومنطقتهم وسط جزيرة العرب (نجران وحواليها ) فمن البديهي ان يكون التأثير مباشرة .. سوف ابحث عن امثلة ان وجدت .قف هنا تذكرت شيئا لقد شاعت في العرب اثناء ظهور الاسلام وبعده فكرة ان الاسلام يجدد دين ابراهيم )..فهل كلهم كانوا لايعرفوا شيئا عن ابراهيم ؟سؤال اتركة لحضرتك لتبحث فيه ,واختك عيون تبحث فيما تعهدت به ومن (سبق ...) .يعطيك الف عافية على افكار تنزعنا من منحدرات خطيرة تهوي بنا (اقصد عرب الجنوب ) الى قعر الهاوية ودليلي اختلاف الاخوة في موضوع كتبه الاخ الكريم فدعق وانت تعرفه .

.