دوام الحـــال من المحــال

[سالم علي الجرو]

دوام الحال من المحال

قرن انتصارات أصحاب النفوذ الدولي مضى وبدأ القرن الواحد والعشرون ، قرن الهزائم فيما يبدو والانحسار مؤكدا.
أمريكا خسرت في ديارنا الملتهبة وإن انتصرت عسكريا ، فإن الهزيمة السياسية ماحقة وعليها أن تغامر بضربات مجنونة أو أن تحاور الأعداء ، وإلى أين هي متجهة الآن؟
كانت في السابق تتحدث بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن أصدقائها وهي المنتصرة ، فهل سيبقى ذات الخطاب وهي تستجدي السلامة ، أم أن الموقف سيتغيّر على قاعدة: تجديد الحلفاء المرحليين.

الحليف المدلل

إسرائيل خارج حسابات حلفاء المراحل وإذا ما بدأ الحوار الأمريكي الإيراني فإن ضمان الأمن الإسرائيلي سيكون من أولويات نقاط الحوار ، تليها بالطبع ضمان المصالح الأمريكية ، وهذه نقاط سيحسمانها ثم تبدأ التفاصيل وتبدأ التنازلات.

ماذا لدى أمريكا لتتنازل عنه؟

الاعتراف بثقل إيران ودورها الأمني والسياسي في المنطقة وبأنها رقم صعب في المعادلة لا يمكن تجاوزه ، والاعتراف يعني التّمدد الإيراني بالضرورة نظرا لتمدد المذهب ويعني التهميش والانكماش العربي الحليف لأمريكا وهو التنازل المحتمل .

نقطة الضعف القاتلة

أن يعتقد الجانب العربي المتحالف مع أمريكا أنه القوي
أن يعتقد الجانب المتحالف مع إيران أنه القوي
إنه الشتات بعينه والضعف القاتل

نخاف لعبة الأوراق فنصير ورقة بيدي متحاورين ....................... اللهم ألطف بنا

[سالم علي الجرو]

طريق المراوغة والمناورة

إذا ما حاولت أمريكا أن تسلك سلوك عرقوب ، تعد هنا في أمريكا اللاتينية وتعد هنا حيث البقعة الساخنة في ديارنا من أجل كسب الوقت رغم أزمات الاقتصاد الخانقة لعل معجزة ما تحدث كأن يغيب رأس كتلة من كتل المعارضين الأشدّاء فتضعف الكتلة أو يحدث اختراق سياسي هنا أو هناك يخفف من عبء أزماتها ، فإن حرص جيرانها الفقراء المعارضين في جنوبها ونباهة أشبال جيفارا قد وضع في الحسابات لعبة كهذه حينما قال شافيز:
مرّت شهور ثلاثة من الكلام ونحن في انتظار فعل؟ ، وكذلك في إقليمنا المنهك تنبّهوا:
إيران تقول: كثر الكلام ونحن نريد فعل.
العرب يقولون: مبادرة السلام لن تستمر على الطاولة طويلا
ذلك يعني أن القلوب قد بلغت الحناجر ، وأن عامل الوقت مهم؟
سقطت حسابات السنين الطويلة والساعة في هذا الظرف كعام مما كانوا يعدون في القرن العشرين.

[سالم علي الجرو]

روح المغامرة والتّحدّي

هما شرطان لتحقيق النجاح ، وإذا لم يوجدا في الفرد أو القيادة، فإن روح الإستسلام والهزيمة هي الأقرب ، غير أن أمريكا غامرت بحروبها ضدّ ما يسمّى بالإرهاب وغامرت بالدخول في عداء مع أمم الأرض وغامرت عندما خططت لفوضى سمّتها بالفوضى الخلاّقة. النتيجة: الفشل.

هي الآن تحرص على الأمن في كلّ مكان لها في حراكه السياسي أصبع:
في الصومال
في السودان
في اليمن
ليس من مصلحتها فرط عقد المسبحة في كلّ بقعة متوتّرة ، لذلك تهتم بأمن اليمن على سبيل المثال ، وإن كان كما تدّعي تاريخيا بأن اليمن: للداء حاضنة وللجرثومة قابلة ، والداء والجرثومة في القاموس السياسي الأمريكي كلّ فكر نيّر وكلّ عزيمة وبسالة في سبيل الاعتزاز بالذّات والاستقلالية.

اليمن عملاق ذو عراقة والدليل أنه محاصر دون إعلان ومستهدف منذ عقود.

[سالم علي الجرو]

نعم مستهدف منذ عقود ، منذ الستينيات من القرن العشرين ، أي منذ ثورة 26 سبتمبر 1962 وعنفوان حركات التحرر الوطني والمد القومي.
زاد العبء ثقلا عندما استرخى الروس في شواطئ البحر العربي ، ولا يخفى على قارئ التاريخ ما حدث من حروب ، ومن يعتقد أن روح تلك الحروب طواها النسيان واهم.
صحيح في الجانب المظلم منها وهي الخطايا في حق الأشقاء من دول الجوار طواه النسيان وإن لم فيجب أن ينسى ، لكن الغايات التي قاتل من أجلها اليمن هي حضوره وكيانه ومصيره.
حضوره: اليمن الفاعل
كيانه: اليمن التاريخي العريق
مصيره: اليمن الإنسان والأخلاق والحضارة

لا تستعجلن يا رفيقي وتتهمني بالإنشاء ، وهل نسيت يا صا ح الدّماء ومن أدرجوا في قوائم الشّهداء ، أم أنّ دماءهم مــاء؟

[سالم علي الجرو]

اقتباس :

لا تستعجلن يا رفيقي وتتهمني بالإنشاء ، وهل نسيت يا صا ح الدّماء ومن أدرجوا في قوائم الشّهداء ، أم أنّ دماءهم مــاء؟

تاريخ صعب مرّ على هذي البلاد الشّقية ، وصحيح من قال: " يخطط العباقرة وينفّذ الشجعان ويقطف الثمار الجبناء "

المشهد اليمني

يتآكل من داخله بين أنياب من يقتات من عظامه وأفكار وهوى وتسلط من لا يفكر إلا في شأنه ، وهم في هؤلاء:

الحكومة
الأحزاب السياسية
المنظمات التجارية أو ما يسمى: مؤسسات المجتمع المدني
التّجّـار

وبدلا من تلاحم جهود الوطنيين الخيّرين وهم من يقف ضد الفوضى والفساد للتضييق على الأشرار وهم المتسلطين على أرزاق العباد ، من خلال حوار وطني مسئول يقدر التاريخ ويثمن الدماء والأرواح ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، جاء المشهد المخزي:
أصوات تتعالى لتمزيق اليمن

اليمن المطلوب

ـ اليمن المتحرر من سلطة القبيلة
ـ يمن دولة مؤسسات السياسة والإقتصاد ويمن العشرين مليون نسمة ، لا يمن الأفراد.
ـ يمن الزراعة والكوادر الحيّة ، فأين هي الزراعة ؟ وأين هم الكوادر؟
إننا لا نصدّق أيّ مسئول يتحدّث عن الزراعة في بلادنا والقات أكبر دليل على مزروعاتنا
ومن يتشدّق بتخرّج كوادر لا نسأله عن البطالة المتفشية وهي شاهد حال ، لكننا نسأله:

أين هم في أسواق الخليج العربي؟

يقولون في اليمن: 35.000 ألف طفل في الشوارع
يقولون إن الدعم لمشتقات النفط يبلغ خمسمائة مليار ريال يمني سنويا ، تذهب معظمها لسيارات الأغنياء الفارهة وقوارب النّزهة ، وكما قال الدكتور العسلي في تساؤل: أيّهم أبدأ غذاء الفقراء أم غذاء السيارات؟
هل بات على اليمنيين أن يعيشوا جياع يطحنهم الفقر وهم بين من:
يفسد دون محاسبة وبين من يدعو إلى تمزيق الوطن وبين ترقب مفاجآت الجرعات القاتلة؟

[سالم علي الجرو]

اقتباس :

اليمن المطلوب ـ اليمن المتحرر من سلطة القبيلة ـ يمن دولة مؤسسات السياسة والإقتصاد ويمن العشرين مليون نسمة ، لا يمن الأفراد.

المطالبة بتحرير اليمن من سلطة القبيلة ليس لأنها قبيلة بل لأن العدالة غائبة ، فهي إذن مناشدة قوية وبكل عزم وتصميم على توزيع العدالة في الوطن الواحد وليس في توزيع الوطن على عدالة غائبة.
الكلام اليوم ، وهذه اللحظة بالذّات خارج عن دائرة الأوراق المختومة ذات البصمات تحت أيّ مسمى ، فلا ( نسب اليوم ولا حلّة = إتّسع الخرق على الرّاقع ) ، إنه للواقع ولا غير الواقع وعلى العقل أن يحسم الأمر في الحوار النظيف.

الذين يؤيّدون الوحدة سيتناقص عددهم إن بقي الظّلم واستمرّت المناورات ، والذين يريدون فصل الجنوب سيقل عددهم في صالح الوحدة إذا ما أزيحت المظالم ، وعلى الحكمة اليمانية الحضور الفاعل في هذا اليوم.

[سالم علي الجرو]

لن يدوم حال مساومة الأطراف على الخيارات القاتلة:
من هم في السلطة يقايضون وحدة البلاد بدوام الفساد
من هم خارج السلطة في المعارضة يطالبون بالإصلاح بمزيد من ضياع الوقت ولعبة الأوراق
من هم خارج الديار يحركون من هم في الداخل يساومون على تفكيك عرى الوحدة ولو ذهبت البلاد والعباد إلى الجحيم

ما هذه الخيارات القاصمة للظهر يا سادة يا كرام؟

[سالم علي الجرو]

شرعيــة الوحدة

كل منا قد عرفها على علاّتها بين مناصر ومعارض:
سلطة واحدة تحت قيادة واحدة نشهر عليها سلاح الكلمة
نطالبها بإصلاح الحال المتفاقم نحو السوء

قيادة وشرعية الإنفصال

أين هي؟ من يدلّنا عليها كي نشهر سلاح الكلمة:
ماذا أنتم بنا وباليمن فاعلون؟
هل أنتم اليمن ، وأين االقيادة؟
هل أنتم الجنوب اليمني ، وأين القيادة؟
هل أنتم الجنوب العربي ، وأين القيادة؟
هل أنتم حضرموت ، وأين القيادة؟

وأخيرا:
هل أنتم بحق:

جـــادّون؟؟؟

[سالم علي الجرو]

فترة التجربة ومرّت
نقاط سيئة سجلت منذ عام 1990 إلى يومنا هذا
· السلطة ما قبل يوم واحد من الوحدة بكافة عناوينها ومكوناتها ، هي السلطة بعد الوحدة إلى حال التاريخ في الوقت الذي سمعنا خلاله عن خطايا دون تصحيح ، فماذا تعني الديمقراطية وإلى ماذا قادت الانتخابات طالما أن الحال مستقر؟

· الشأن القضائي والشأن المالي:
أين نتاج عملهما على مدى 17 عاما؟

· الشأن السياسي:
كان يحكمنا فرد: إمام وسلطان ورئيس وحزب ، وجميعهم غير مناسب للحكم وغير متوافق مع العصر ، وكان الجمهور يأكل في استرخاء وهدوء.

ثمّ جاءت التعددية:
أحزاب تتبعها صحافة وقنوات فضائية وإذاعات منتظرة
منظمات مدنية لها آراء ومواقف
قبائل شتّى ولكل قبيلة أكثر من رأس
مذاهب

قيل أن هذه هي الديمقراطية والحياة السياسية المتناغمة مع روح العصر . حال تصالح ـ حسب الزعم ـ مع روح العصر ، لكن الجمهور يلهث خلف رغيف الخبز في قلق .

أعيدوا لنا إمامنا أو أعيدوا لنا سلطاننا أو أعيدوا لنا رئيسنا الواحد بصرف النظر عن الجهل والدكتاتورية ، كي نتغذّى في أمان ، وسيكون الأفضل لنا:
تعددية خلفها عقل ومسئولية

لكم الخيار يا سادة والمقياس:
" رغيف الخبز في أمــان "
بدونه لا أمن ولا أمــان:
صعدة
المحافظات الجنوبية
وكل يوم واليمن في حال وشأن

أنقذونا وأنقذوا اليمن كفانا ضيق وشدّة وامتحان وابتلاء

[سالم علي الجرو]

المسيرات الأخيرة والأهداف

المسيرات مشروعة وتكميم الأفواه غير مشروع وليس أخلاقي ، كما هو غير مشروع وليس أخلاقي الخروج عن أهداف أيّة تظاهرة.
مسيرة المكلا بالأمس
رفعت شعارات:
" لا شمالي بعد اليوم "
" لا وحدة بعد اليوم "

يا ليت الشعارات كانت:
" لا يمني نافذ بعد اليوم "
" لا وحدة ليمن مخطوف "

عفوا لاستعمال جملة:
" غير أخلاقي "

لكن ماذا نقول وأغلب اليمنيين مسّتهم أضرار في المعيشة والأخلاق؟

في الجانب الآخر:
يعدون بلجنة ستبحث مطالب كلّ محافظة على حدة نظرا لعدم توّحد المطالب كما يقولون . هكذا افترضوا أن كل محافظ لها مطالب خاصة بها ، وهم يعلمون علم اليقين بأن كلّ اليمن وكل محافظاته وأريافه وقراه تطالب بالعدالة وإنهاء الفساد العام ، لا بل محاكمة المفسدين.
إلى متى سنظل نخطئ في الاتجاهين ونختار لغة السياسة والبلاد تغرق؟

اليمن ليس لمن يفكر في مصالحه يجتمع ويخزن ويقرر وعلى كتفه رشّاش أو صاحب لسان طويل ، اليمن لأهله ، فمن أراد معهم فليرينا أعمال الرشد والصلاح ، ومن لم يرد إلا النهب والتسلط وإدامة الفساد من جهة أطراف وجانب ، ومن يسعى إلى فتنة وشتات البلاد من جهة أطراف أخرى وجانب آخر فعلى الجميع ترك بلادنا لنا ، أي ترك اليمن لأهله.
آن الأوان لحوار وطني جاد ومسئول
حسبنا الله ونعم الوكيل.