الدمام..في ذاكرة ووجدان المحضار

[باشراحيل]

الدمام..في ذاكرة ووجدان الشاعر المحضار

بقلم رياض عوض باشراحيل
الدمام طبيعة وحضارة في آن معاً .. فهي ثغر المنطقة الشرقية الباسم وروضتها الغناء أذكت مظاهر النمو والتنمية وغزو العمران والبنيان روح الجمال فيها .. تتعالى في أنحائها موسيقى الطير وأنغام النسيم فتبعث في النفس الراحة والطمأنينة والانتعاش..
وللدمام في ذاكرة الشاعر لوعة ونجوى وفي وجدانه أشواق يحمل لها في نفسه أطيب المشاعر وأجمل الذكريات التي تمتد جسورها منذ عام 1967م عندما قصدها زائراً أول مرة ونعم فيها بلقاء الأهل والأحباب وعاش بين أحضانها لحظات هناء وساعات صفاء خلدت في نفسه مشاعر خاصة أضفت إلى سماء وجدانه الشعور بالسعادة والبهجة .. لقد افتتن بها المحضار كأحد أبنائها الأبرار الفرحين بجمالها العريق فاهتزت قريحته وفاض الهامه .. ولطبيعة المنطقة الشرقية التي رمز لها الشاعر في قصائده بالدمام .. دورها الهام في توجيه الشاعر ومناداته بالاستجابة لبناها الجمالية والفنية وغرفه من ينابيعها ولأن الشعر هو تعبير عن خواطر النفس ومشاعرها فلا عجب أن تكون الدمام مصدر وحي الشاعر يبثها مشاعره ويناجيها بأشواقه مهما تراكم على سطوح ذكرياته من غبار السنين ومهما هبت رياح الأيام لإطفاء شموع تلك الذكريات العطرة أو تسدل عليها من ستارها ما يحجبه عن رؤية شعاعها فهيهات للشاعر المحب ذي العواطف الصادقة أن يغض الطرف عن ذكريات الحب والوفاء وكيف له ذلك وأحاسيسه ما تبرح تؤرقه ونار شوقه تضطرم في أحشائه فتنأى به عن السلوى ويحتضنه الحنين الدائم .. ولم يكن بدله وهو الذي يعاني حالة الشغف إلا أن ينفض غبار الأيام ويغض غلاف الذكريات فيغوص في أعماقها ويبحر في حلمها يزهو ويفخر بوفائه لأهل المنطقة ممن أسدوا إليه كل جميل ولم يكن وفاؤه لفرد أو أفراد دون غيرهم إنما كان للدمام بأسرها التي اختلط بناسها وارتبط بكل من فيها وما فيها فأنشد مترنما :

ذمام للدمام عندي حين حان الوفاء =وانا من الناس لي هم يحسنون الوفاء بالتمام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء = أيــام فـي الـمـنـطقة مني عليها سلام
ما باعبر فيها معدي يعتبر ذا جفاء = لازم نخيم بها سعف الــذي هم ناصبين الخيام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء = أيــام فـي الـمـنـطقة مني عليها سلام

وفي الوقت الذي حان للشاعر أن يغادرها ويترك أرضها يعيش في صراع مرير مع النفس تتقاذفه رياحها بين هواجس المغادرة ودوافع البقاء فيها بيتعانق الحاضر والمستقبل لديه عناق السعادة بالألم والغصة .. فماذا هو فاعل بعد ما ارتبط بكل ما فيها ومن فيها حتى صار لا يقوى على فراقها والبعد عنها..

فراقـــهم ما هو بودي منهم ما اشتفا= قلبي فيـاريت لي خيرتي باكون معم دوام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء = أيــام فـي الـمـنـطقة مني عليها سلام
من بعد ناسي واهل ودي ما وقع لي كفا=نهرج ونضحك ونامالي طرب بالضحك والـكلام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء = أيــام فـي الـمـنـطقة مني عليها سلام

ويبدع المحضار في صياغة مبدأ إسلامي جليل في قالب شعري جميل في قوله :

يا رب سالك خذ بيدي انني عاشفا =حبلك قوي باتقبض فيه ماباقبض حبل رام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء = أيــام فـي الـمـنـطقة مني عليها سلام

لقد كان لي شرف مرافقة الشاعر المحضار خلال زيارته الثانية للمنطقة الشرقية عام 1994م والتي دامت عشرة أيام ، إذ حظي الشاعر الكبير خلال هذه الزيارة بكل ود وتقدير معهود من أهالي المنطقة والتقى هناك ببعض رموزها الأدبية والفنية وآخرين من المطربين الشباب ومنهم الفنان صلاح باغوزة في أمسيات فنية خاصة جمعته بهم .. وراح يتنزه في جولات سياحية من مكان إلى آخر .. فنعيم الطبيعة مقيم فيها ومظاهر الحسن والجمال تكسوها وتلك المظاهر تختزن ما لا حد له من الأسرار والمشاعر تبثها الرموز التي لا يقبض عليها إلا حدس الشعراء النابهين والمبدعين , ولأن التجارب الشعرية هي امتداد للتجارب البشرية فإن وجود الشاعر على شاطئ الغروب يمازح خصلات الرمل الكثيف على أديمه قد أيقظ مشاعره وذكرياته للدمام وأذكى في نفسه هناء العودة إلى ربوع المنطقة فأنشد أغنية وصفية جديدة بهذه المناسبة اتخذ الشاعر من الوصف وسيلة فنية للإفصاح عن احساسه بالبهجة والسعادة برزت عباراتها مليئة بالحياة والأوصاف الوجدانية الدقيقة .. وهي تذكرنا بشعراء الوصف العرب ممن يخلقون من الطبيعة رسوماً ولوحات ومشاهد فنية بالغة الابداع والامتاع تتسم بسداد الوصف ودقته وجماله, اقطف من مطلعها قوله:

عـدنـا الى الـدمّـام عـدنـا والـخبـر = نــنــشـد ونتـخـبـّر
جـادت لنـا الأيـام مــتّـعـت الــنـظـر = ما أحـسـنه من منظــر
الأنــس فـيـهـا دام كل ليله ســـمــر = غــصـــن الـســلا اثـمــر
ودّيـت اجلـس عــام معـهـم او كـثــر= في بــرد أو فــي حــــر
بسـهـر ولا بـانام ويـامـحلى الـسـهــر=واللي يـحـب يــسـهـــر

[علي فدعق الهاشمي]

سلمـــــــــــت استاذي باشــــــــــــراحيل على ماقــــــــــدمت من مشاركه توضيحــيـــــــــه في رحله العم حسين المحضار لزيارته للـــــــــدمام واهلـهــــــــــا .

دمت بــــــــود

[باشراحيل]

شكرا لك اخي الحامدي على مرورك السريع على الموضوع

وتعقيبيك , وماكتبناه هو أقل الواجب في حق الحبيب ابومحضار

الذي ملأ حياتنا انشادا وتغريدا وغناء ...

والقادم اجمل ان شاء الله ..

ولك تحياتي .

[باغوزه]

[align=center]

شكرا لك اخي العزيز والاديب / رياض عوض باشراحيل على هذه الصفحة المضيئة من حياة شاعرنا الكبير المرحوم حسين ابوبكر المحضار والتى كانت تمثل زيارته التاريخية وعودته الى الدمام في المنطقة الشرقية , هذه المدينة التى عشقها فى روائعه وهفاء لها قلبه شوقا لزيارتها قبل مماته فكانت اجمل ايام قضت فى رحاب المحضار .

نعم اخى العزيز رياض باشراحيل لقد عشنا فى صيف 1994 اجمل الليالي فى جنب المحضار الشاعر والانسان ولم نكل او نمل من تلك الجلسات التى كنا ننتظر الغروب حتى نستعد لليلة محضارية .

وكما هو لسان حاله عندما نتغنى بكلماته العذبه ورائعة من روائعه المحضارية والتى يستشهد بها من خلال قصيدته : عدنا الى الدمام عدنا والخبر ننشد ونتخبر ..

وفي هذا البيت من القصيدة يؤكد الشاعر المحضار ماورد على لسان الاديب المتميز الاخ رياض باشراحيل اننا فى حالة سمر منعقد كل ليلة فى اجواء محضارية لم تتكرر

	الأنس فيها دام كل ليله سمـرغـصـن الـسـلا اثـمــر والجو فيها طاب هب ريح الشمالي والجنوب المنطقه حلوه وقلب المنطقه شاطي الغروب

لقد سعدت كل السعادة لوجود السيد الشاعر الكبير حسين المحضار بيننا وكانت سعادتى ايضا اننى من خلال هذا الحدث تعرفت على شخصية ذكرت عنها فى سياق آخر انها ( عصاء المحضار ) التى يتكى عليها والتى يهتدى بها وهي شخصية الاديب المتميز والانسان الخلوق / رياض عوض باشراحيل الذي لم اكن اسمع عنه الا من خلال دواوين المحضار ولكن شاءت الاقدار ان يجمعنى الله به ابان زيارة السيد المحضار رحمه الله للدمام .

كنت انظر الى رياض باشراحيل وهو فى ركن من اركان مجلس احمد مخارش بخوف ورهبة شديدة مخافة ان اخطئ فى جملة او انتقص حرفا او ازيد وانا فى حضرة المحضار وباشراحيل ولكنى ولله الحمد تجاوزت هذه المخاوف عندما طلب منى اغنية محضارية ..

علامك من قدا الوادي ؟ هل الاحباب كالعادة . والا قد نسوني وتركوا العادات ..

كانت اجمل ليالينا وكنا ننتقل فى كل ليلة من مكان الى آخر سعداء بهذه الاجواء المحضاريه وقد كانت هذه الجلسات بمشاركة الفنانين الذين وجب ذكرهم الفنان / علي العمودي والفنان احمد يسين .
تشرفت بان يكلفنى الشاعر الكبير المرحوم حسين المحضار ان اغنى له اغنية :
ايش اخبار لى من عندهم جيت يابدوي ..

وذلك فى منزل السيد جعفر المحضار بالخبر فكانت دافع لى ان انال فيها ثقة الحبيب المحضار مع اعترافي بشى من التخوف من انتقادات ذلك الاديب المتربص والذي لايقبل بالتحريف فى كلمات المحضار . كذلك فانى احب ان اتغنى باغنيته المرثية :
رغم الاسى والحزن قلبي ماتناسى الود . والوصل يوصل مانفصل ويقرب المبعد . ولا مع الانسان غير الجبر والكلمة الحسينة . لاطال حزنك ياسعاد الشحر يا ارض الزبينه

ولكنه رحمه الله دائما يمنعنى من غناؤها لغاية فى نفسه

ومن الطرائف فى تلك الايام كانت زيارة السيد المحضار قد صادفت الحرب فى اليمن 1994 وفى ليلة وتحديدا فى منزل السيد حامد الكاف كان الشاعر الكبير حسين المحضار قلقا جدا من جراء هذه الحرب
ولم يهداء له بال فتجده تارة فى المجلس وتارة بقرب التلفزيون ودائما يسألنى ايش الاخبار ياباغوزه وبدوري اجاوبه واقول له لاتخاف يابو محضار صاحبنا يقول : العنـــــد عنيــــــده ..

رحم الله حسين ابوبكر المحضار واسكنه فسيح جناته وعزاؤنا انه باق بيننا بتركه لنا موروث لاينقطع من كلماته الخالده ومن اشعار المحضار الفنان والانسان . وعزاؤنا ان بيننا رياض عوض باشراحيل هذا الانسان الذي لم يغفل تاريخ المحضار ويبذل قصار الجهد والجهيد فى احياء والحفاظ على روائع المحضار وتاريخه . ونسأل الله تعالى ان ينعم عليه بكمال الصحة وموفور العافية .

شكرا لك اخي الاديب المتميز / رياض عوض باشراحيل على هذه اللفتة الكريمة لموضوع مهم فى حياة شاعر الادب والغناء اليمنى الكبير / حسين ابوبكر المحضــار .
والتحية لكم جميعا ..

[محمد بن سلم]

الله عليك

أحلى مافي المحضار يذكر لحظات فرحه والكدر

بعبارات لائقه متسلسلة المعاني .. مانملها

[الزعيم]

شكرا عمي رياض وشكرا لأخي العزيز الفاضل باغوزة على ماأتحفتم نحن به ونحن وراكم وراكم وفي إنتظار كل ماهو جميل منكم ولكن هل البيت أدناه من نفس هذه القصيدة أو من غيرها أنا في انتظار ردكم والعفو إن كلفت عليكم مع التحية للجميع ..

لوما عرب في الشحر بعدي عيشهم ماصفا
عيحسبون الليالي لي تعدي علي زام زام
مرت علينا ليالي من ليالي الصفاء
وأيام في المنطقة مني عليها السلام

[سعيد محمد علي عبود باوزير]

استاذي القدير/ رياض باشراحيل
اديب وناقد وصحفي واهلا لها
تسلم اخي
على اهتمامك بالادب والشعر
والله يرحم شاعرنا الكبير حسين المحضار
ولك
احترامي
وتقديري
اخوك
سعيدباوزير

[باغوزه]

نعم اخى الزعيم سلمك الله شكرا لمرورك نيابة عن الاستاذ رياض باشراحيل والبيت :
لو ماعرب فى الشحر بعدي عيشهم ماصفاء + ع يحسبون الليالى لى تعدى على زام زام

هو بيت من قصيدة : ذمام للدمام منى حين حان الوفاء + ونا من الناس لى هم يحسنون الوفاء بالتمام .

وكذلك :
لو ما علايم شوق تبدى نورها ما اختفى + يظهر على من قدا سمعون فى الليل وقت المنام

هذه ابات من قصيدة ذمام للدمام والتى صاغها الفنان القدير ابوبكر سالم بافقية بقالب آخر على هذا النحو

سلام يااحباب قلبي ياوهيل الربى + وحقكم ان عينى ساهره مايجيها المنام
سلام مثل البرق يسرى مع نسيم الصباء + يحمل شجونى ويحمل لوعة العاشق المستهام

كلمات رائعه .. ورحم الله حسين ابوبكر المحضار واسكنه فسيح جناته وشكرا لاخينا العزيز باشراحيل ولكم جميعا .

[manar]

لقد وصفت وابدعت في الوصف و التنسيق ، لان الموصوف يعتبر روضة من رياض الادب والشعر الغنائي في اليمن خاصة وفي الوطن العربي عامة ( رحم الله المحضار ) وجزاك الله خير الجزاء على هذه الدقة في التفاصيل ، وهذه الصياغة الادبية الجميلة وهذا الحس المرهف في تجسيد الوفاء للاحباء حتى بعد غيابهم عن الوجود 0

[ماهر]

شكرا جزيلا على هذا الوصف الرائع.