06-15-2007, 12:08 PM | #1 | |||||
حال نشيط
|
رحمـــــة الحبيــــــــب " صلى الله عليه وسلم "
رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم الْحَمْدُ للهِ الذي أرسل لنا نبيه المصطفى ، الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ؛ ليخرجنا من الظلمات إلى النور ، بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، فهو الزوج الكريم ، والأب الرحيم يسيل رقة وحناناً ، ويفيض حباً وشفقة ، وفوق كل ذلك هو زعيم خير أمةٍ ، مدبراً أميناً ومشرعاً بأمر الله حكيماً وحاكماً بما أنزل الله عدلاً رحيماً ، وهو القائد النبيه والبطل المغوار عند اشتداد البأس ، لا تبطره نشوة النصر ولا تستفزه القوة والغلبة .. ولقد منَّ الله على خلقه برسول كريم ، فكان الرحمة المهداة للعالمين يحدو بهم نحو طريق الفلاح ، ويضع خطط التغيير والإصلاح ، محفوفاً برعاية الله ، مستنيراً بهدي الله ، لا يأخذ الناس في دعوته بالمكر والحيلة ولا بالعنف والإكراه ، بل يترفق بهم ، ويلين لفظاظتهم ويخاطبهم بما يفهمون ، وهو يعلمهم ويرشدهم بما فيه مصلحة لهم من خيري الدنيا والآخرة .. فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه : عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ» حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .. وسنعرض هنا في هذا الموضوع بعضاً من صور لرحمته صلى الله عليه وسلم مع أهله وأصحابه وأزواجه وأمته ومع الأطفال ومع الحيوان والنبات ليزداد تعلقنا به صلوات ربي وسلامه عليه ......... رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم قال تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء-107 فمن هم العالمين ؟؟ هل هم المؤمنين والمشركين ؟ أم هم أهل الإيـمان خاصة دون أهل الكفر؟ وقد ذكر بعض أهل التفسير بل هم جميع العالم المؤمن والكافر. فأما مؤمنهم فإن الله هداه به، وأدخـله بالإيمان به وبالعمل بما جاء من عند الله الـجنة. وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بـالأمـم الـمكذّبة السابقة من العذاب والمسخ والخسف والقذف ، فهو أماناً للخلق من العذاب إلى نفخة الصور ، ويدخل معهم الملائكة أيضاً وبه يأمنوا من ما ابتلى به هاروت وماروت ، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة لهم وجب أن يكون أفضل منهم ، وأن النبـي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال: نعم كنت أخشى العاقبة فأمنت لثناء الله تعالى علي في القرآن بقوله سبحانه {ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ } (التكوير:20) .. ويأتي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلاّ مِنْ شَقِّي » - رواه أحمد وأبو داود - ليحضنا على الرحمة مع جميع الخلق ، فيدخل المؤمن والكافر والبهائم والمملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب ، ويدخل في الرحمة أيضاً نفس الإنسان فهي أولى بالشفقة والمرحمة عليها من غيرها ، بل فائدة شفقته على غيره راجعة إليها لقوله تعالى : {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} .. فإن الشفقة لا تسلب من قلب امرؤ إلا كان شقياً ، لأن الرحمة في الخلق رقة القلب ، والرقة في القلب علامة الايمان ، فمن لا رقة له لا إيمان له ، ومن لا إيمان له شقي ، فمن لا يرزق الرقة شقي .. وكنتيجة لرحمتنا بمن حولنا يرحمنا الله ويحسن إلينا ويتفضل علينا ، فالرحمة مقيدة باتباع الكتاب والسنة ، فإقامة الحدود والانتقام لرحمة الله لا ينافي كل منهما الرحمة .. وكان صلى الله عليه وسلم رحمة في الدين والدنيا ، أما في الدين فلأنه بعث والناس في جاهلية وضلالة ، وأهل الكتابين كانوا في حيرة من أمر دينهم لطول مكثهم وانقطاع تواترهم ووقوع الاختلاف في كتبهم فبعث الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين لم يكن لطالب الحق سبيل إلى الفوز والثبات . فدعاهم إلى الحق وبين لهم سبيل الثواب . وشرع لهم الأحكام وميز الحلال عن الحرام . ثم إنما ينتفع بهذه الرحمة من كانت همته طلب الحق فلا يركن إلى التقليد ولا إلى العناد والاستكبار . وكان التوفيق قريناً له .. قال تعالى : (( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ )) (فصلت: من الآية44) ..أما في الدنيا فلأنهم تخلصوا بسببه من كثير من الذل والقتال والحروب ونصروا ببركة دينه .. ومن ذلك قوم شعيب الذين سألوا نبيهم :{أسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت من الصادقين} فعاقبهم الله بعذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم، وأما نبي الرحمة ونبي التوبة المبعوث رحمة للعالمين فسأل إنظارهم وتأجيلهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئاً .. وكذلك الأحزاب لما أجلاهم عن المدينة بما أرسل عليهم من الريح والجنود الإلهية ، ولولا أن جعل الله رسوله رحمة للعالمين، لكانت هذه الريح عليهم أشد من الريح العقيم على عاد، ولكن قال تعالى: (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )) (لأنفال:33) ، فسلط عليهم هواء فرق شملهم كما كان سبب اجتماعهم من الهوى، وهم أخلاط من قبائل شتى أحزاب وآراء، فناسب أن يرسل عليهم الهواء الذي فرق جماعاتهم، وردهم خائبين خاسرين بغيظهم وحنقهم، ولم ينالوا خيراً لا في الدنيا مما كان في أنفسهم من الظفر والمغنم، ولا في الآخرة بما تحملوه من الآثام في مبارزة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدواة وهمهم بقتله واستئصال جيشه، ومن هم بشيء وصدق همه بفعله، فهو في الحقيقة كفاعله .. ولقد أرسل الله رسوله رحمة للناس كافة ليأخذ بأيديهم إلى الهدى وما يهتدي إلا أولئك المتهيئون المستعدون وإن كانت الرحمة تتحقق للمؤمنين ولغير المؤمنين ، ولقد كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لقومه ورحمة للبشرية كلها من بعده والمبادئ التي جاء بها كانت غريبة في أول الأمر على ضمير البشرية ، لبعد ما كان بينهما وبين واقع الحياة الواقعية والروحية من مسافة . ولكن البشرية أخذت من يومها تقرب شيئاً فشيئاً من آفاق هذه المبادئ . فتزول غربتها في حسها وتتبناها وتنفذها ولو تحت عنوانات أخرى .. فـ الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية وسعادةً لهم في الدارين .. وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم إنما أرسل رحمة للعالمين من آمن منهم ومن لم يؤمن على السواء . فالبشرية كلها قد تأثرت بالمنهج الذي جاء به طائعة أو كارهة ، شاعرة أو غير شاعرة ، وما تزال ظلال هذه الرحمة وارفة لمن يريد أن يستظل بها ، ويستروح فيها نسائم السماء الرخيمة في هجير الأرض المحرق وبخاصة هذه الأيام . وإن البشرية اليوم لفي أشد الحاجة إلى حسن هذه الرحمة ونداها وهي طلقة حائرة شاردة في متاهات المادية وجحيم الحروب وجفاف الأرواح والقلوب ، ثم يظهر عنصر الرحمة الأصيل في تلك الرسالة . عنصر التوحيد المطلق الذي ينقذ البشرية من أوهام الجاهلية ومن أثقال الوثنية ومن ضغط الوهم والخرافة والذي يقيم الحياة على قاعدتها الركينة ، قيربطها بالوجود كله وفق نواميس واضحة وسنن ثابتة ، لا وفق أهواء ونزوات وشهوات يكفل لكل انسان أن يقف مرفوع الرأس فلا تنحني الرؤوس إلا لله الواحد القهار . وما بعث الله محمداً إلا لإنقاذ البشرية من شقاء الجاهلية فهو في سلمه وحربه رحمة للإنسانية ولهذا لم يقل سبحانه رحمة للمؤمنين وإنما قال للعالمين فإن الله تعالى جعله الرحمة المهداة رحم به الإنسانية جمعاء لأنه جاءهم بالسعادة الكبرى والنجاة من الشقاوة العظمى ونالوا على يديه الخيرات الكثيرة الدينية والدنيوية ، فعلَّمهم بعد الجهالة ، وهداهم بعد الضلالة وأنقذهم من براثن الشرك والوثنية فكان رحمة للعالمين ؛ حتى الكفار رُحموا به ، حيث أخرَّ الله عقوبتهم فلم يستأصلهم بالعذاب كالخسف والمسخ والغرق كما حدث للأمم السابقة إكراماً لرسوله عليه الصلاة والسلام : (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ )) ، وحين حمل رسول الله السلاح إنما كان الغرض منه إنقاذ البشرية من الشقاء بقوة الحديد والنار كالطبيب الذي يستعمل المبضع لينقذ المريض من خطر داهم محقق .. وأنه لولا النبوات لم يكن في العالم علم نافع البتة ولا عمل صالح ولا صلاح في معيشة ولا قوام لمملكة ولكان الناس بمنزلة البهائم والسباع العادية والكلاب الضاربة التي يعدو بعضها على بعض، وكل خير في العالم فمن آثار النبوة وكل شر وقع في العالم أو سيقع فبسبب خفاء آثار النبوة ودروسها فالعالم جسد روحه النبوة ولا قيام للجسد بدون روحه، ولهذا إذا انكسفت شمس النبوة من العالم ولم يبق في الأرض شيء من آثارها البتة انشقت سماؤه وانتشرت كواكبه وكورت شمسه وخسف قمره ونسفت جباله وزلزلت أرضه وأهلك من عليها فلا قيام للعالم إلا بآثار النبوة .. المراجع : جامع البيان في تفسير القرآن للطبري ، تفسير ابن كثير ، والفخر الرازي وفي ظلال القرآن لسيد قطب ، قبس من نور القرآن ، مفتاح السعادة لابن القيم .. وللموضوع بقيه إن شاء الله السيدعبدلله فدعق الهاشمي والشيخ عائض القرني في منزل السيد عبدلله فدعق في حوار إسلامي هادف
|
|||||
التعديل الأخير تم بواسطة عاشق القبه الخضراء ; 06-15-2007 الساعة 03:43 PM |
||||||
06-15-2007, 09:49 PM | #2 | |||||
حال متالّق
|
كلام طيب يابن هاشم ونعم فيك دايم تجيب كل طيب تسلم يمينك وماقصرت سباق للخير
|
|||||
06-16-2007, 03:26 AM | #3 | |||||||
حال نشيط
|
ياسيـــــــــدي مخاوي الليـــــــــــــــــــل كلك ذوق وأشكرك على مروركم الكريم |
|||||||
06-16-2007, 03:41 AM | #4 | |||||
حال نشيط
|
حثه صلى الله عليه وسلم على الرحمة يربط رحمة الخلق برحمة الله : عن عبد الله بن عَمرو بن العاص يَبْلُغُ به النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: « الرّاحِمونَ يَرْحَمُهُمْ الرّحمٰن، ارْحَمُوا أَهْلَ الأرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السّماءِ ، والرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمٰن ، مَنْ وَصَلَها وَصَلَتْهُ، وَمَنْ قَطعها بَتَّتْه » رواه الإمام أحمد والترمذي قال أبو عِيسَى : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ . وينفي الإيمان على من لا يرحم : عن أبي موسى رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لن تؤمنوا حتى تراحموا) قالوا : يارسول الله كلنا رحيم قال: (( إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكن رحمة العامة)) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح .. سماحه بالبكاء على الميت : عن عمرو بن الأزرق قال: توفي بعض كنائن مروان فشهدها الناس وشهدها أبو هريرة ومعها نساء يبكين، فأمرهن مروان فقال أبو هريرة: دعهن، فإنه «مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة معها بواك، فنهرهن عمر رحمه الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن، فإن النفس مصابة والعين دامعة والعهد حديث» رواه أحمد . قال الزرقاني : أي لا ترفع الأصوات بـالبكاء، أما دمع العين وحزن القلب فـالسنة ثابتة بإبـاحة ذلك فـي كل وقت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى علـى ابنه إبراهيـم وعلـى ابنة زينب بنت رسول الله ، وقال: " هي رحمة جعلها الله فـي قلوب عبـاده" .. ترغيبه بالليــــن والسهولـــة : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبركم بمن يحرم على النار وبمن تحرم النار عليه ؟ على كل هين لين قريب سهل » أي قريب من الناس ، رواه أحمد و الترمذي وقال حديث حسن غريب .. عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المؤمنون هينون لينون كالجمل الآنف إن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ )) رواه الترمذي مرسلاً .. ترغيبه بالسماحـــة : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أفضل المؤمنين رجل سمح البيع ، سمح الشراء ، سمح القضاء ، سمح الاقتضاء )) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( غفر الله لرجل كان قبلكم ، كان سهلاً إذا باع ، سهلاً إذا اشترى ، سهلاً إذا اقتضى )) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب والبخاري في البيوع .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كان الرجلُ يُداينُ الناس، فكان يقولُ لفتاهُ: إذا أتيتَ مُعسِراً فتجاوَز عنه، لعلَّ اللهَ أن يَتجاوَز عنا ، قال : فلَقِيَ اللهَ فَتجاوَزَ عنه )) رواه البخاري ومسلم .. |
|||||
التعديل الأخير تم بواسطة عاشق القبه الخضراء ; 06-16-2007 الساعة 06:01 AM |
||||||
06-17-2007, 01:50 AM | #5 | |||||
حال جديد
|
اللهم صل وسلم دائما ابدا على حبيبك خير الخلق كلهم
مااعظم رحمة الله في خلقه وما اجل رحمة النبي عندما تربط برحمة رب الخلق شكرا لك اخي عاشق القبة الخضراء على هذا الموضوع |
|||||
06-17-2007, 02:28 PM | #6 | |||||||
حال نشيط
|
العفو سيدي الحبيب العيدروس وشكرآ على مروركم الكريــــــم |
|||||||
06-17-2007, 03:21 PM | #7 | |||||
حال نشيط
|
رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم بأمته
ولقد اشتهر أن النبي عليه الصلاة والسلام لما كسرت رباعيته قال: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»، فظهر أنه يوم القيامة يقول: «أمتي، أمتي» ، فهذا كرم عظيم منه في الدنيا وفي الآخرة، وإنما حصل فيه هذا الكرم وهذا الإحسان لكونه رحمة فإذا كان أثر الرحمة الواحدة بلغ هذا المبلغ فكيف كرم من هو رحمن رحيم؟ وأيضاً روي أنه عليه السلام قال: «اللهم اجعل حساب أمتي على يدي»، ثم إنه صلى الله عليه وسلم امتنع عن الصلاة على ميت لأجل أنه كان مديوناً بدرهمين، وأخرج عائشة عن البيت بسبب الإفك فكأنه تعالى قال له إن لك رحمة واحدة وهي قوله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} والرحمة الواحدة لا تكفي في إصلاح عالم المخلوقات، فذرني وعبيدي واتركني وأمتك فإني أنا الرحمن الرحيم، فرحمتي لا نهاية لها ومعصيتهم متناهية، والمتناهي في جنب غير المتناهي يصير فانياً، فلا جرم معاصي جميع الخلق تفنى في بحار رحمتي، لأني أنا الرحمن الرحيم .. حديث الشفاعة : سُئل ثابت البناني عن حديث الشفاعة فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس في بعض فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا إلى ربك فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله فيأتون موسى. فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجداً، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط واشفع تشفع ، فأقول : يا رب أمتي أمتي! فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل. وزاد أنس : " ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله. رواه البخاري .. خوفه على أمته من النار : و قد ورد في بعض كتب التفسير عند قوله تعالى :{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] ، أنه لمَّا نزلت عليه هذه الآية قال: " اللهم لا أرضى يوم القيامة و واحد من أمَّتي في النار" . عَنْ أَبِي مُوسَىٰ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَىٰ قَوْمَهُ. فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ. وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ. فَالنَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ. فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَىٰ مُهْلَتِهِمْ. وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ. فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ. وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ » رواه مسلم .. عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً. فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ. فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ » رواه مسلم وقال أبو عيسَى : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وقد روي من غير وجهٍ .. محبته لأمتــــه أن لا يهلكهم الله ولو آذوه : عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : (( هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحُدٍ ؟ قال: لقد لَقِيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيتُ منهم يومَ العقبةِ إِذ عرَضتُ نفسي على ابنِ عبد يا ليل بن عبد كُلال فلم يُجِبني إلى ما أردتْ فانطلقتُ وأنا مَهمومٌ على وَجهِي، فلم أستَفق إلا وأنا بقرنِ الثَّعالب، فَرَفَعتُ رأسي، فإذا أنا بَسحابةٍ قد أظلَّتْني، فنظرتُ فإذا فيها جِبريل، فناداني فقال: إِن الله قد سمعَ قولَ قومكَ لك وما رَدوا عليك، وقد بعث اللهُ إِليكَ مَلَكَ الجبالِ لتأمرَهُ بما شِئتَ فيهم، فناداني ملكُ الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد، فقال: ذلكَ فيما شئتَ، إن شِئتَ أن أطبِقَ عليهم الأخْشَبَينِ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخرجَ الله من أصلابهم من يَعبُدُ اللهَ وحدَهُ لا يُشركُ بهِ شيئاً )) رواه مسلم .. وروى ابن المنكدر أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى أمر السماء والأرض والجبال أن تطيعك " فقال : " أؤخر عن أمتي لعل الله أن يتوب عليهم " . دعاء رسول الله للميت : عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأشجعي رضي الله عنه ، يَقُولُ: صَلَّىٰ رَسُولُ اللّهِ عَلَىٰ جِنَازَةٍ. فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ. وَاعْفُ عَنْهُ. وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ. وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ. وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ. وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ. وَأَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ. وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ (أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ)». قَالَ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذٰلِكَ الْمَيِّتَ ، رواه مسلم (7/27) .. وفيه أن الاستغفار في حق الصغير لرفع الدرجات، وقيل المراد بالصغير والكبير الشاب والشيخ. وقد يكون سؤال من الله أن يغفر له ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعله بعد البلوغ من الذنوب حتى إذا كان فعله كان مغفوراً وإلا فالصغير غير مكلف لا حاجة له إلى الاستغفار .. دعاء الحبيب لأمته من ما بدى منه : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اللهم إني أتـَّخذ عندك عهداً لن تُخلفنيه . فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيتُهُ ، شتمتُهُ ، لعنتُهُ ، جلدتُهُ ، فاجعلها له صلاة وزكاة وقُربة تُقربُهُ بها إليك يوم القيامة )) رواه البخاري ومسلم واللفظ له .. فكأنه يقول : من كان باطن أمره عندك أنه ممن ترضى عنه فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضى حاله حينئذ طهوراً وزكاة فإنه صلى الله عليه وسلم متعبداً بالظواهر وحساب الناس في البواطن على الله . ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج الاشفاق وتعليم أمته الخوف من تعدي حدود الله ، فكأنه أظهر الاشفاق من أن يكون الغضب يحمله على زيادة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما وقعت ، أو اشفاقاً من أن يكون الغضب يحمله على زيادة يسيرة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما زادت .. وقد يكون اللعن والسب يقع من غير قصد إليه فلا يكون في ذلك كاللعنة الواقعة رغبة إلى الله وطلباً للاستجابة . وفي الحديث كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته وجميل خلقه وكرم ذاته حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم ، والاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ، إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلماً .. وربما يكون مما جرت به عادة العرب كقوله: تربت يمينك وعقرى حلقى، لا كبرت سنك. وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنه ونحو ذلك، لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهوراً وأجراً، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ولا لعاناً ولا منتقماً لنفسه، الأمة المرحومة : عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن هذه الأمة مرحومة ، جعل الله عزَّ وجلَّ عذابها بينها ، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل امرئ منهم رجل من أهل الأديان فقال : هذا يكون فداءك من النار )) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وأحمد .. وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أمتي أمة مرحومة ، ليس عليها في الآخرة عذاب ، إنما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل» رواه أحمد وأبو داود .. فهذه الأمة .. الأمة المحمدية هي أمة مرحومة إجماعها حجة لأنها لا تجتمع على ضلالة ولا محرم ، واختلاف علمائها رحمة ، وكان اختلاف من قبلهم عذاباً، روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله «اختلاف أصحابي رحمة» .. وقال: «اختلاف أمتي رحمة» وأن الطاعون لهم رحمة وكان على من قبلهم عذاباً .. وسواس الصدور هل نحاسب عليه ؟! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللّهَ تَجَاوَزَ لي عن أِمَّتِي مَا وسوست بِهِ صُدُورُها مَا لَمْ تَعْمَل أو تَتَكَلَّم » رواه البخاري .. هل نحاسب على الخطأ والنسيان ؟! عن أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " رواه ابن ماجة .. من دعاء رسول الله لأمته أن لا يهلكها ولا يعذبها : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قَوْلَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (إِبراهيم الآية: 36) الآيَةَ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ :{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (المائدة الآية: 118) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» وَبَكَى. فَقَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَسَأَلَهُ. فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللّهِ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ. فَقَالَ الله : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوءُكَ )) رواه مسلم .. وقال صلى الله عليه وسلم : (( وإني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة )) رواه الطبري وقال ابن حجر: إسناده صحيح .. إنها أمة مخصوصة بمزيد الرحمة وإتمام النعمة ، و بتخفيف الإصر والأثقال التي كانت على الأمم قبلها من قتل النفس في التوبة وإخراج ربع المال في الزكاة وقرض موضع النجاسة ، ليس عليها عذاب في الآخرة كعذاب الكفار .. فأنهم مجزيون بأعمالهم في الدنيا بالمحن والأمراض وأنواع البلايا .. عذابها في الدنيا الفتن والحروب الواقعة بينهم والزلازل وقتل بعضهم بعضاً، فإن عذاب الدنيا أخف من عذاب الآخرة. فإن شأن الأمم السابقة جار على منهاج العدل وأساس الربوبية وشأن هذه الأمة جار على منهج الفضل وجود الإلهية .. فقد اختصهم الله من بين سائر الأمم بعنايته ورحمته عليهم فإن أصيبوا بمصيبة في الدنيا حتى الشوكة يشاكها يكفر الله بها في الآخرة ذنباً من ذنوبهم، وليست هذه الخاصية لسائر الأمم ، وهذه الرحمة هي المشار إليها بقوله: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُْمِّيَّ } (الأعراف: من الآية 156-157) .. قد خُيّر لأمته بين أن يكون الصفا ذهباً وبين فتح باب التوبة : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أن قريش قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً ونؤمن بك قال : وتفعلون ؟ قالوا : نعم ، قال : فدعا فأتاه جبريل فقال : " إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين وإن شئت حسنة لهم باب التوبة والرحمة قال : " بل باب التوبة والرحمة " )) رواه أحمد (1/345) واللفظ له ، وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح .. أشد الناس عذاباً : عن خالد بن حكيم بن حزام قال: « تناول أبو عبيدة رجلاً بشيء فنهاه خالد بن الوليد، فقال: أغضبت الأمير، فأتاه فقال: إني لم أرد أغضبك، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إن أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة أشد الناس عذاباً للناس في الدنيا» رواه الإمام أحمد .. تبشير الخضر بأننا الأمة المرحومة : عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت زيدة جارية عمر بن الخطاب وكانت من المجتهدات في العبادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً فقالت : كنت عجنت لأهلي فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقى الثياب طيب الريح كأن وجهه دارة القمر على فرس أغر محجل فقال : هل أنت مبلغة عني ما أقول ؟ قلت : نعم إن شاء الله ، قال إذا لقيت محمداً فقولي له : ( إن الخضر يقرئك السلام ويقول لك ما فرحت بمبعث نبي ما فرحت بمبعثك لأن الله أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة وأعطاك نهرا في الجنة ) ووقع في رواية أبي سعد أن اسمها زائدة وأن الذي لقيها رضوان خازن الجنة " .. دعائه على الملك الظالم وللملك العادل : عن عائشةَ رضيَ اللَّه عنها قالت : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: (( اللهمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شيئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمّتِي شَيْئاً فَرَفِقَ بهم فأَرْفُقْ بِهِ )) رواه مسلم وابن حبان .. اختياره للأسهل في جميع الأمور : عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله " رواه البخاري .. وقت صلاة العشاء لولا المشقة : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " أَعْتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ. حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى. فَقَالَ: (( إِنَّهُ لَوَقْتُهَا. لَوْلاَ أَن أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي )) رواه مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل )) رواه ابن حبان .. قراءة القرآن بمختلف لهجات العرب : عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل عليه السلام فقال : (( " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك " ، ثم أتاه الثانية فقال : " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين " ، فقال : " أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك " ثم جاءه الثالثة فقال : " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف " فقال : " أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك " ثم جاء الرابعة فقال : " إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا " رواه مسلم .. استغفاره لأمته : عن بكر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم تعرض علي أعمالكم فإذا رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت شراً استغفرت الله لكم )) رواه ابن سعد مرسلاً وقال البيهقي رجاله رجل الصحيح .. مسامحته لأمتــــه رغم ما فعلوه له : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (( " كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " )) متفق عليه . . وروى أبو يعلى عن عبد الله : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين بالجعرانة فازدحموا عليه فقال : " إن عبداً من عبيد الله بعثه الله إلى قوم فكذبوه وضربوه وشجوه ، قال عبد الله : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر الرحل وقال هكذا : " رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " )) .. وصيتــــه بأهــــل مصــــر : عَنْ أَبِي ذَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ. وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّىٰ فِيهَا الْقِيرَاطُ. فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَىٰ أَهْلِهَا. فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً. أَوْ قَالَ: « ذِمَّةً وَصِهْراً. فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا ». قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحمَـٰن بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ، يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجْتُ مِنْهَا " رواه مسلم واللفظ له والإمام أحمد . أدى الأضحية عن أمتــــه : عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه : « أن رسول الله ذبح كبشاً أقرن بالمصلى، أي بعد أن قال: بسم الله والله أكبر. وقال: اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي ». جسد الأمــــــــــة : عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ترى المؤمنون في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسَدِه بالسَّهَر والحُمَّى )) رواه البخاري .. |
|||||
06-19-2007, 10:04 PM | #8 | |||||
حال نشيط
|
رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم بالصحابة
الوقفة الأولى : قال تعالى : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) (آل عمران:159) . ويمضي السياق القرآني في جولة جديدة .. جولة محورها شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقيقته النبوية الكريمة وقيمة هذه الحقيقة الكبيرة في حياة الأمة المسلمة ؛ ومدى ما يتجلى فيها من رحمة الله بهذه الأمة وحول هذا المحور خيوط أخرى من المنهج الإسلامي في تنظيم حياة الجماعة المسلمة ، وأسس هذا التنظيم فنجد حقيقة الرحمة الإلهية المتمثلة في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وطبيعته الخيرة الرحيمة الهينة اللينة ، المعدة لأن تتجمع عليها القلوب وتتألف حولها النفوس . فيتوجه الخطاب إليه صلى الله عليه وسلم بطيب قلبه وإلى المسلمين بشعرهم نعمة الله عليهم به .. ويذكره ويذكرهم رحمة الله الممثلة في خلقه الكريم الرحيم ، الذي تتجمع حوله القلوب .. الذي هو أفضل من الملائكة لأن الملائكة من العالمين ، وأن القوم لما انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ثم عادوا لم يخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتغليظ والتشديد وإنما خاطبهم بالكلام اللين ، ليستجيش كوامن الرحمة في قلبه صلى الله عليه وسلم فتغلب على ما أثاره تصرفهم فيه ؛ وليحسوا هم حقيقة النعمة الإلهية بهذا النبي الرحيم ثم يدعو أن يعفو عنهم ويستغفر الله لهم .. وأن يشاورهم في الأمر كما كان يشاورهم غير متأثر بنتائج الموقف – غزوة أحد – لإبطال هذا المبدأ الأساس في الحياة الإسلامية . فهي رحمة الله نالته ونالتهم ؛ فجعلته صلى الله عليه وسلم رحيماً بهم ، ليناً معهم ولو كان فظاً غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب ولا تجمعت حوله المشاعر . فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة وود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم .. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ؛ ويحمل همومهم ولا يعينهم بهمة ويجدون عنده الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا كانت حياته مع الناس ما غضب لنفسه قط ولا ضاق صدره بضعفهم البشري ، ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الحياة بل أعطاهم كل ما كانت يداه في سماحة ندية ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم . ومامن واحد منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه ؛ نتيجة لما أفاض عليه صلى الله عليه وسلم من نفسه الكبيرة الرحيمة . وكأن الله جل جلاله يقول له : فبرحمة الله يا مـحمد ورأفته بك، وبـمن آمن بك من أصحابك، لنت لهم لتبَّـاعك وأصحابك فسهلت لهم خلائقك، وحسنت لهم أخلاقك، حتـى احتـملت أذى من نالك منهم أذاه، وعفوت عن ذي الـجرم منهم جرمه، وأغضبت عن كثـير مـمن لو جفوت به وأغلظت علـيه ، لتركك ففـارقك ولـم يتبعك ولا ما بعثت به من الرحمة، ولكن الله رحمهم ورحمك معهم .. فطبيعتك يا محمد طبيعة تتناسب لما يطلب منك في هذه المسألة فهم خالفوك ولم يستجيبوا لك حينما قلت : " إليَّ عباد الله . إني رسول الله " ، وهذا شئ يُحفِظ ويُغضب ولكنه لا يُحفظ طبيعتك ولا يُغضب سجيتك لأنك مفطور مع أمتك على الرحمة فكأنه يريد أن يُحنن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته التي أصابته بالغم ، وهذه الآية جاءت عقب أحداث حدثت في أحد : الحدث الأول : أنه صلى الله عليه وسلم رأى ألا يخرج إلى قتال قريش خارج المدينة بل يظل في المدينة ، فأشار عليه المحبون للشهادة والقتال للتعويض كما فاتهم من شرف القتال في بدر أن يخرج إليهم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأيهم ولبس لأمته فلما أحسوا أنهم أشاروا على رسول الله بما يخالف ما كان قد بدر منه تراجعوا وقالوا : يا رسول الله إن رأيت ألا نخرج ، فقال : " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " . الحدث الثاني : تخلف عبد الله بن أُبيّ ابن سلول – رأس المنافقين - بثلث الجيش . الحدث الثالث : مخالفة الرماة لأمره صلى الله عليه وسلم وتركهم مواقعهم على الرغم من أنه صلى الله عليه وسلم قد حذرهم من ذلك وقال لعبد الله بن جبير الذي أمَّره على الرماة : " أنضح عنّا الخيل بالنَّبل ، لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك من قِبلك " ولكنهم خالفوا أمر رسول الله . الحدث الرابع : فرارهم حينما قيل : قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . الحدث الخامس : حيث كان يدعوهم ؛ فروا لا يلوون على شئ . كل هذه الأحداث كادت تترك في نفسه صلى الله عليه وسلم آثاراً ، فبالرحمة التي أُودعت في قلبك فاستعملها في كل مجال وبها قد التفوا حولك لأدبك الجم ولتواضعك الوافر لجمال خلقك ، ولبسمتك الحانية ، ونظرتك المواسية ، لتقديرك لظرف كل واحد حتى أنك إذا وضع أي واحد منهم يده في يدك لم تسحب يدك أنت حتى يسحبها هو ، خُلُقٌ عالٍ ، فاجعله حيثيه لتتنازل عن الهفوات وليسعها خُلقك وحلمك ، لأنك في دور التربية والتأديب . وهي لا تقتضي أن تغضب لأي بادرة تبدر منهم " وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " ، لأنك تخرجهم عما ألفوا من أمور الجاهلية والذي يخرج واحداً عما ألف لا يصح أن يجمع عليه اخراجه عما اعتاد بالأسلوب الخشن الفظ لأنه في حاجة إلى التودد والرحمة والملاطفة ، ولتكن معهم ليناً {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَن اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } (الشعراء: 215) وقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ }، {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم: 4) .. الوقفة الثانية : قال تعالى : ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً )) (النساء:64) .. وهذه حقيقة لها وزنها .. إن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مجرد ( واعظ ) يلقي كلمته ويمضي لتذهب في الهواء بلا سلطان – كما يقول المخادعون عن طبيعة الدين وطبيعة الرسل ، أو كما يفهم الذين لا يفهمون مدلول " الدين " . إن الدين منهج حياة واقعية بتشكيلاتها وتنظيماتها وأوضاعها وقيمها وأخلاقها وآدابها وعباداتها وشعائرها كذلك . وهذا كله يقضي أن يكون للرسالة سلطان يحقق المنهج وتخضع له النفوس خضوع طاعة وتنفيذ . والله أرسل رسله ليطاعوا بإذنه وفي حدود شرعه في تحقيق منهج الدين . منهج الله الذي أراده لتصريف هذه الحياة . ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) فتكون طاعته طاعة لله . ولم يرسل الرسل لمجرد التأثر الوجداني والشعائر التعبدية فهذا وهم في فهم الدين لا يستقيم مع حكمة الله من إرسال الرسل وهي إقامة منهج معين للحياة .. فحينما تسخطون على قضاء رسول الله أو تحتكمون إلى الطاغوت، أو حينما تصدر المعاصي منكم ، تكونون حينها قد ظلمتم أنفسكم وتحتاجون إلى من يستغفر الله لكم بإخلاص وتعتذروا إليه مما قد بدر منكم من إساءة في حقه وهو الذي يجهد نفسه لهدايتكم ويتحمل الصعاب والمشاق من أجلكم ، فإن استغفاركم قد لا يكون خالصاً لله ، أو قد يظهر فيه نوع من الخلل ، وحتى يتجاوز عن هذا الخلل ويقبل الله توبتكم وعذركم تحتاجون إلى ان يستغفر الرسول لكم ويستشفع لكم لأنكم أسأتم في حقه .. المعنى اللغوي : ذكر الله تبارك وتعالى هنا ( وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) ولم تأتي بضمير الخطاب تفخيماً لشأن الرسول، وتعظيماً لاستغفاره، وتنبيهاً على أن الشفاعة منه لها أهمية عند الله تعالى .. وذكر أيضاً ( إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ ) أداة شرط تحتاج إلى جواب شرط هو ( فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) ، ولا يتحقق جواب الشرط إلا بتحقق الفعل أي لا تتحقق المغفرة من الله جل شأنه إلا بتحقق الإتيان لرسول الله أي من طريقه فلا ينفع أن تستغفر الله وحدك وإنما يجب أن تكون عند رسول الله .. وهذه الآية متحققة في حياته وبعد وفاته إذ أن مماته صلى الله عليه وسلم حياةً له ، حينها فقط تجدون الله تواباً رحيماً قريباً منكم وليس قبل ذلك ، أي أنكم قد لا تجدون الله يقبل توبتكم إن جئتم بطريق غير هذا .. الوقفة الثالثة : قال تعالى : (( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )) (التوبة:128) . أنه تعالى لما أمر رسوله عليه السلام أن يبلغ في هذه السورة إلى الخلق تكاليف شاقة شديدة صعبة يعسر تحملها، إلا لمن خصه الله تعالى بوجوه التوفيق والكرامة، ختم السورة بما يوجب سهولة تحمل تلك التكاليف، وهو أن هذا الرسول منكم، فكل ما يحصل له من العز والشرف في الدنيا فهو عائد إليكم. وأيضاً فإنه بحال يشق عليه ضرركم وتعظم رغبته في إيصال خير الدنيا والآخرة إليكم، فهو كالطبيب المشفق والأب الرحيم في حقكم، والطبيب المشفق ربما أقدم على علاجات صعبة يعسر تحملها، والأب الرحيم ربما أقدم على تأديبات شاقة، إلا أنه لما عرف أن الطبيب حاذق، وأن الأب مشفق، صارت تلك المعالجات المؤلمة متحملة، وصارت تلك التأديبات جارية مجرى الإحسان. فكذا ههنا لما عرفتم أنه رسول حق من عند الله، فاقبلوا منه هذه التكاليف الشاقة لتفوزوا بكل خير .. أنه تعالى وصف الرسول في هذه الآية بخمسة أنواع من الصفات : الصفة الأولى : قوله {مّنْ أَنفُسِكُمْ } وفي تفسيره وجوه: الأول: يريد أنه بشر مثلكم كقوله: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مّنْهُمْ } (يونس: 2) وقوله: {إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ } (فصلت: 6) والمقصود أنه لو كان من جنس الملائكة لصعب الأمر بسببه على الناس .. الثاني : {مّنْ أَنفُسِكُمْ } أي من العرب قال ابن عباس: ليس في العرب قبيلة إلا وقد ولدت النبي عليه السلام بسبب الجدات، مضرها وربيعها ويمانيها .. والمقصود منه ترغيب العرب في نصرته، والقيام بخدمته، كأنه قيل لهم: كل ما يحصل له من الدولة والرفعة في الدنيا فهو سبب لعزكم ولفخركم، لأنه منكم ومن نسبكم .. الثالث : {مّنْ أَنفُسِكُمْ } خطاب لأهل الحرم، وذلك لأن العرب كانوا يسمون أهل الحرم أهل الله وخاصته، وكانوا يخدمونهم ويقومون بإصلاح مهماتهم فكأنه قيل للعرب: كنتم قبل مقدمه مجدين مجتهدين في خدمة أسلافه وآبائه، فلم تتكاسلون في خدمته مع أنه لا نسبة له في الشرف والرفعة إلى أسلافه؟ .. والقول الرابع: أن المقصود من ذكر هذه الصفة التنبيه على طهارته، كأنه قيل: هو من عشيرتكم تعرفونه بالصدق والأمانة والعفاف والصيانة، وتعرفون كونه حريصاً على دفع الآفات عنكم وإيصال الخيرات إليكم، وإرسال من هذه حالته وصفته يكون من أعظم نعم الله عليكم. وقرىء {مّنْ أَنفَسِكُمْ } أي من أشرفكم وأفضلكم، وقيل: هي قراءة رسول الله وفاطمة وعائشة رضي الله عنهما. والقول الخامس : أنه قال " من أنفسكم " ولم يقل : جاءكم رسول منكم ، وهي أشد حساسية وأعمق صلة وأدل على نوع الوشيمة التي تربطهم . فهو بضعة من أنفسهم تتصل بهم صلة النفس بالنفس .. الصفة الثانية : قوله تعالى {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } والعزيز هو الغالب الشديد، والعزة هي الغلبة والشدة. وأما العنت هي المشقة والشدة والمعنى أي يشق عليه مكروهكم، وأولى المكاره بالدفع مكروه عقاب الله تعالى، وهو إنما أرسل ليدفع هذا المكروه .. الصفة الثالثة : قوله {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } وهو الحرص على إيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة ، فهو شديدة معزته عن وصول شيء من آفات الدنيا والآخرة إليكم .. لا يُلقى بكم في المهالك ولا يدفع بكم إلى المهاوي فإذا هو كلفكم الجهاد وركوب الصعاب فما ذلك من هوان بكم عليه ولا بقسوة في قلبه وغلظة ، إنما هي الرحمة في صورة من صورها . الرحمة بكم من الذل والهوان والرحمة بكم من الذنب والخطيئة والحرص عليكم أن يكون لكم شرف حمل الدعوة وحفظ رضوان الله والجنة التي وعد المتقون .. الصفة الرابعة والخامسة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: سماه الله تعالى باسمين من أسمائه ، فقال : {بِٱلْمُؤْمِنِينَ * رَءوفٌ * رَّحِيمٌ } ولم يقل : رؤوف رحيم بالمؤمنين، فلم ترك هذا النسق ؟ الجواب أن قوله: {بِٱلْمُؤْمِنِينَ*رَءوفٌ * رَّحِيمٌ } يفيد الحصر بمعنى أنه لا رأفة ولا رحمة له إلا بالمؤمنين. فأما الكافرون فليس له عليهم رأفة ورحمة، وهذا كالمتمم لقدر ما ورد في هذه السورة من التغليظ كأنه يقول: إني وإن بالغت في هذه السورة في التغليظ إلا أن ذلك التغليط على الكافرين والمنافقين. وأما رحمتي ورأفتي فمخصوصة بالمؤمنين فقط ، فلهذه الدقيقة عدل على ذلك النسق. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا حلم أحب إلى الله تعالى من حلم إمام ورفقه ولا جهل أبغض الى الله من جهل إمام وخرقه» فلما كان عليه الصلاة والسلام إمام العالمين، وجب أن أكثرهم حلما وأحسنهم خلقاً .. وروى أن امرأة عثمان دخلت عليه صلى الله عليه وسلم وكان النبي وعلي يغسلان السلاح فقالت: ما فعل ابن عفان؟ أما والله لا تجدونه امام القوم، فقال لها علي: ألا إن عثمان فضح الزمان اليوم، فقال عليه الصلاة والسلام «مه» ، وروي عن بعض الصحابة أنه قال: لقد أحسن الله إلينا كل الاحسان، كنا مشركين، فلو جاءنا رسول الله بهذا الدين جملة، وبالقرآن دفعة لثقلت هذه التكاليف علينا، فما كنا ندخل في الاسلام، ولكنه دعانا إلى كلمة واحدة، فلما قبلناها وعرفنا حلاوة الايمان، قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة على سبيل الرفق إلى أن تم الدين وكملت الشريعة .. حبه للجهاد وتقديم مشاعر الضعفاء عليه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي ما تَخلَّفت عن سَريةٍ ولكن لا أجد حمولةً، ولا أجد ما أحمِلهم عليهِ، ويَشُقُّ عليَّ أن يَتخلَّفوا عني ، ولَوَدِدتُ أني قاتلتُ في سبيلِ الله فقُتِلتُ ثم أحْيِيت، ثمَّ قُتلتُ ثمَّ أُحييت )) رواه البخاري 6(2972) .. فإن نفوس ضعفاء الصحابة لا تطيب بالتخلف ولا يقدرون على التأهب لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره وتعذر وجوده عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن فضل الجهاد الشي الكثير الذي جعل رسول الله يتمنى لأجله أن يقتل مرات عديدة ، ومع ذلك قدم عليه البقاء معهم خوفاً على مشاعهرهم وليقول لهم أنه مهما فاتكم من مرافقتي في الغزوات فالقعود معي يحصل معه الأجر .. النهي عن المشقة في العبادات : شفقته في الصلاة : ونهاهم عن الصلاة وهم نعاس فإن النائم لا يدري ما يقول ، فارفق بنفسك ونم قليلاً وخذ قسطاً من الراحة ثم عد إلى صلاتك بعد ذلك ، وهاهي أمنا العظيمة عائشة رضي الله عنها تقول لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه )) متفق عليه .. أمر الإمام في الصلاة أن لا يطوّل : عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " أُمَّ قومك " قلت : يارسول الله ، إني أجد في نفسي شيئاً ، قال : " ادنه" . فجلَّسني بين يديه ثم وضع كفَّه في صدري بين ثديي ، ثم قال : " تحوَّل " . فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال : " أُمَّ قومك فمن أَمَّ قوماً فليخفف فإنَّ منهم الكبير ، وفيهم المريض وإنَّ فيهم الضعيف ، وإن فيهم ذا الحاجة ، وإذا صلى أحدكم وحده فليُصلِّ كيف شاء " رواه مسلم .. ..[/color] |
|||||
06-19-2007, 10:05 PM | #9 | |||||
حال نشيط
|
[color=#000000]
المشقة في الصيـــــــام : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه وقد ظُلِّلَ عليه ، فقال : ما له ؟ ، قالوا : رجل صائم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس من البر أن تصوموا في السفر عليكم برخصة الله التي رخص لكم " رواه البخاري (1946) . وقال ابن عمر : " من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة ". وروى الطبري من طريق مجاهد قال : " إذا سافرت فلا تصم ، فإنك إن تصم قال أصحابك : اكفوا الصائم، ارفعوا للصائم، وقاموا بأمرك ، وقالوا فلان صائم، فلا تزال كذلك حتى يذهب أجرك " .. وأخرج البخاري عن ابن عباس قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمسِ فسأل عنه فقالوا : هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يباع لا يستظل ولا يتكلم ويصوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه " .. عن عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللّهِ أَنَّهُ يَقُولُ: لأَقُومَنَّ اللَّيْلَ وَلأَصُومَنَّ النَّهَارَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : « آنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذلِك؟ » فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : « فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذلِكَ. فَصُمْ وَأَفْطِرْ. وَنَمْ وَقُمْ: وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِك. قَالَ: « صُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ » قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: « صُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً. وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ » قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ : «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذلِك » قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا: لأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلاَثَةَ الأَيَّامَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللّهِ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي » رواه البخاري ومسلم .. عن أنسٍ رضيَ اللّهُ عنه : « أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى شَيخاً يُهادى بينَ ابنَيهِ قال: ما بالُ هذا؟ قالوا: نَذَرَ أن يمشي قال: إِنَّ اللّهَ عن تعذيبٍ هذا نفسَهُ لغَنيّ ، وأمرَهُ أن يَرْكَبَ» رواه البخاري .. نهي الصحابة عن الوصال في الصوم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ )) قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ الله قَالَ: « إِنَّكُمْ لَسْتُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلِي. إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِيني فَاكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ )) رواه البخاري ومسلم .. وذلك رحمة لهم ، فلا يمنع التحريم فإن من رحمته لهم أن حرمه عليهم، وأما مواصلته بهم بعد نهيه فلم يكن تقريراً بل تقريعاً وتنكيلاً، فاحتمل منهم ذلك لأجل مصلحة النهي في أكيد زجرهم، لأنهم إذا باشروا ظهرت لهم حكمة النهي وكان ذلك أدعى إلى قلوبهم لما يترتب عليهم من الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهم منه وأرجح من وظائف الصلاة والقراءة وغير ذلك ، والجوع الشديد ينافي ذلك، وقد صرح بأن الوصال يختص به لقوله ” لست في ذلك مثلكم ” وقوله ” لست كهيئتكم ” هذا مع ما انضم إلى ذلك من استحباب تعجيل الفطر .. وقد اختلف العلماء في هذا الطعام والشراب المذكورين في قوله صلى الله عليه وسلم : أحدهما : أنه طعام وشراب حسي للفم ، قالوا : وهذه حقيقة اللفظ ولاموجب للعدول عنها . الثاني : أن المراد به مايغذيه الله به من معارفه ، ومايفيض على قلبه من لذة مناجاته ، وقرة عينه بقربه وتنعمه بحبه والشوق إليه ، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونعيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس والروح والقلب بما هو أعظم غذاء وأجوده وأنفعه وقد يقوي الجسم . كرهه أن يحمل حقداً على أصحابه : وروي عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً فأني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " رواه أبو داود والترمذي .. فقد أُخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسعى في تحصيل مقام سلامة صدورنا من الغل والحسد وغير ذلك ، فإن من كان غير سليم الصدر محروم من الخيرات كلها. فكان صلى الله عليه وسلم أحلم الناس ، وأرغبهم في العفو مع القدرة ، فإنه صلى الله عليه وسلم يتمنى أن يخرج من الدنيا وقلبه راض عن أصحابه من غير سخط على أحد منهم ، وهذا تعليم للأمة أو من مقتضيات البشرية .. تأثره بحزن أصحابه ورقة قلبه لهم : ومن رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى أحد أصحابه في حالة شدة وبأس يحزن لأجل ذلك حزناً شديداً ويرق قلبه ويبكي متأثراً من ذلك الموقف ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال : قد قضى ، قالوا : لا يا رسول الله ، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا فقال : " ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " وكان عمر رضي الله عنه يضرب فيه بالعصا ويرمى بالحجارة ويحثى بالتراب " رواه البخاري ، ومسلم .. معرفته بجوع أصحابه دون أن يخبروه : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطاب فاستقرأته آية من كتاب الله فدخل داره وفتحها عليَّ فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على رأسي فقال : " يا أبا هريرة " . فقلت : لبيك رسول الله وسعديك ، فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي إلى رحله ، فأمر لي بعيس من لبن فشربت منه ثم قال : " عد فاشرب يا أبا هر " فعدت فشربت ، ثم قال : " عد " فعدت فشربت حتى استوى فسار كالقدح ، قال : فلقيت عمر وذكرت له الذي كان من أمري ، وقلت له : تولى ذلك من كان أحق به منك ياعمر ، والله لقد استقرأتك الآية ولأنا أقرأ لها منك . قال عمر : والله لأن أكون أدخلتك أحبُّ من أن يكون لي مثل حمر النعم " رواه البخاري .. تأثره بموت عثمان بن مظعون : لمَّا مات عثمان بن مظعون بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبّله حتى قالت عائشة : " فرأيت دموع النبي صلى الله عليه وسلم تسيل على خد عثمان " رواه الترمذي ، وفي رواية : " أنه قبّل بين عينيه ثم بكى طويلاً " رواه ابن الجوزي .. من يبكي على حمزة ؟ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء بني عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولكن حمزة لا بواكي له !! " فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ويحهن ما انقلبن بعد مرورهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم " ذكره الطحاوي في شرح معاني الآثار .. أهل اليمــــن : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سَيَقْدُمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ هُمْ أَرَقُّ قُلُوباً لِلإسْلاَمِ مِنْكُمْ » قال: فقدم الأشعريون منهم أبو موسى الأشعري ، فلما قربوا من المدينة ، جعلوا يرتجزون وجعلوا يقولون : غدا نلقى الأحبة .. محمداً وحزبه .. قال: وكان هم أول من أحدث المصافحة " اسناده صحيح أخرجه أحمد .. لم يدعو على أحد قــط : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَدِمَ الطفيل بن عمرو الدَّوسيُّ وأصحابهُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ دَوساً عَصَتْ وأبَتْ ، فادْعُ اللهَ عليها ، فقيل: هلَكَتْ دَوسٌ. قال: " اللهمَّ اهدِ دَوساً وائْتِ بهم " رواه البخاري .. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كأني أَنظرُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضرَبَهُ قومه فأَدموه ، فهوَ يمسحُ الدمَ عن وجهه ويقول : « ربِّ اغفرْ لقومي فإنهم لا يعلمون » رواه البخاري .. سماحتــــه بالصحابــــة : عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أَنَّ رَسُولَ اللّهِ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْراً. فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ خِيَاراً رَبَاعِياً ، فَقَالَ: « أَعْطِهِ إيَّاهُ ، إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً » رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .. ترغيبه للصحابة للعفو : عن أبو هريرة رضي الله عنه قال :" لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :" ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعفو وإما أن يقتل " رواه الترمذي .. إنه يقتص من رسول الله !! عن أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍـ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ - قال: « بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ، فَطَعَنَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ ، فقَالَ : أصْبِرْني ، قالَ: اصْطَبِرْ، قال: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصاً وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ ، فَرَفَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ قَمِيصِهِ فاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، قالَ: إِنَّمَا أرَدْتُ هٰذَا يَا رَسُولَ الله » اسناده قوي أخرجه أبو داود .. لقد خاف على نفسه من الماء البارد !! عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل ، فأشْفَقْتُ إنْ أغْتَسِلَت أن أهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَروا ذَلِكَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صَلَّيْتَ بأصْحَابِكَ وَأنْتَ جُنُبٌ ؟ فأخْبَرْتُهُ بالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ وَقُلْتُ: إنِّي سَمِعْتُ الله يقولُ { وَلاَ تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ إنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً » رواه أبو داود .. إنه لا يجعل أيامهم كلها مواعظ : قال ابن مسعود رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا " متفق عليه .. المعلــــم الحنون : عن مسعود بن الحكم قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقلت : رحمك الله. فرماني القوم بأَبصارهم وضربوا بأَيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتُهم يُصْمتوني سكتُّ. قال : فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم : بأبي وأمي ، ما رأيتُ معلِّماً أحسنَ تعليماً منه . ما ضرَبني ولا سبَّني ، ثم قال: « إنّ هذه الصَّلاةُ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيءٌ مِن كَلاَمِ الآدَمِيِّينَ، إنَّمَا هو التَّسْبِيحُ والتَّحْمِيدُ والتَّكْبِيرُ » .. تجاوزه عن حاطب : عن أبي عبدِ الرحمنِ وكان عثمانياً، فقال لابنِ عَطيَّةَ وكان عَلَويّاً : إني لأعلم ما الذي جَرَّأ صاحبَكَ على الدِّماءِ، سمِعتُهُ يقول : بعَثَني النبيُّ صلى الله عليه وسلم والزُّبَيرَ فقال : ائْتوا روضة كذا، وَتجِدون بها امرأةً أعطاها حاطِب كتاباً. فقلنا: الكتابَ. قالت: لم يُعطِني. فقلنا : لتُخْرِجنَّ أو لأجرِّدَنَّكِ. فأخرَجَتْ من حُجْزَتها. فأرسلَ إلى حاطبٍ. فقال: لا تعجَلْ، واللهِ ما كفَرْتُ ولا ازدَدْتُ للإسلامِ إلا حُباً، ولم يكنْ أحدٌ من أصحابِكَ إلا ولهُ بمكةَ مَن يدفعُ اللهُ بهِ عن أهلِهِ ومالهِ ، ولم يكنْ لي أحَد، فأحبَبْتُ أن أتَّخِذَ عندَهم يَداً. فصدَّقهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم. فقال عمرُ: دَعْني أضرِبْ عُنقَه، فإنهُ قد نافق. فقال: وما يدرِيكَ لعلَّ اللهَ اطَّلَعَ على أهلِ بَدرٍ فقال: اعملوا ما شئتم. فهذا الذي جَرَّأَه» رواه البخاري .. ماعندك يا ثمامـــــة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ " فقال : عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكر . وإن كنت تُريد المال فسل منه ماشئت . فتُرك حتى كان الغد ، ثم قال له : " ما عندك يا ثمامة ؟ " قال : ما قُلتُ لك إن تُنعِم تُنعِم على شاكر . فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال : " ما عندك يا ثمامة ؟ " قال : ما قُلتُ لك . فقال : " أطلقوا ثمامة " . فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل فقال : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله . يا محمد ، والله ماكان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه إليَّ . والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك ، فأصبح دينُك أحبَّ الدِّين إليَّ . والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك ، فأصبح بلدك أحبَّ البلاد إليَّ . وإنَّ خيلك أخذتني وأنا أُريدُ العمرة . فماذا ترى ؟ فبشَّرهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة . قال له قائل : صبوت . قال : لا ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبَّةُ حنطةٍ حتى يأذن فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم )) رواه البخاري .. شباب المسلمين : عن أبي سليمانَ مالكِ بن الحُويرث قال : « أتينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ونحنُ شَبَبةٌ متقاربون، فأقمنا عندَه عشرينَ ليلة، فظنَّ أنّا اشتَقنا أهلَنا، وسألنا عمَّن ترَكنا في أهلِنا فأخبرناه ، وكان رقيقاً رحيماً، فقال: ارجعوا إلى أهْليكم فعلِّموهم ومُروهم ، وصَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي، وإذا حَضَرَتِ الصلاةُ فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم، ثمَّ ليَؤُمّكم أكبرُكم » رواه البخاري .. وصيـــته بالأنصــــار : عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الأنصار كرشي وعيبتي وإن الناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم" كرشي وعيبتي أي جماعتي وخاصتي ، رواه البخاري .. عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان في حجري جارية من الأنصار فزوجتها قالت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسها فلم يسمع غناء ولا لعباً فقال : " يا عائشة هل غنيتم عليها أو لا تغنون عليها ثم قال إن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء " رواه الإمام أحمد . تفسير فخر الرازي ، تفسير الطبري ، في ظلال القرآن .. تفسير الشيخ الشعرواي البحر المحيط ، قبس من نور القرآن ، الوفا بأحوال المصطفى |
|||||
06-27-2007, 12:39 AM | #10 | |||||
حال جديد
|
اخي عاشق القبة الخضراء جزاك الله الف الف خير على هذه المشاركة
الجميلة ومنتضرين المزيد من هذه الدرر واتمنى من المشرفين في هذا المنتدى وضع سقيفة بأسم محمد الانسان الكامل(صلى الله عليه وسلم) بحيث تتم المشاركة بمواضيع مخصوصة لمناقب وشمايل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسامحوني ان ماعرفت اوضح المقصود او طلبي بصورة واضحة وشكراً |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
(نار العصبية في حضرموت)بحث | ابوسعدالنشوندلي | سقيفة إسلاميات | 1 | 09-02-2016 10:26 PM |
المولد النبوي الشريف / للكاتب القدير / حسن البار | من السادة | سقيفة الحوار الإسلامي | 10 | 03-06-2011 07:48 AM |
(نار العصبية في حضرموت)بحث | ابوسعدالنشوندلي | سقيفة إسلاميات | 0 | 02-09-2011 01:34 PM |
خمسون معلومة عن الرسول صلى الله عليه وسلم | المشجري العد يلي | سقيفة إسلاميات | 0 | 01-21-2011 10:36 AM |
قصيدة بلسان امنا عائشة رضي الله عنها ,’, | ابو عمر شماخ | سقيفة عذب الكلام | 3 | 11-20-2010 12:16 PM |
|