المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي



لورنس العرب

الســقيفه العـامه


إضافة رد
قديم 10-16-2009, 10:56 PM   #1
عدن الام
حال جديد
 
الصورة الرمزية عدن الام

Thumbs up لورنس العرب

لورنس العرب


توماس إدوارد لورنس

توماس إدوارد لورنس (16 أغسطس 1888 - 19 مايو 1935) ضابط إستخبارات بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية عن طريق انخراطه في حياة العرب الثوار وعرف وقتها بلورنس العرب.

صُور عن حياته فيلم شهير حمل اسم لورنس العرب، شارك فيه الممثل المصري عمر الشريف في أول دور عالمي له. وقد هوجم هذا العمل الدرامي لما رآه البعض افتقاراً للدقة التاريخية ولإسرافه في تصوير دور لورنس في الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية. لاحقا كتب لورنس سيرته الذاتية في كتاب حمل اسم اعمدة الحكمة السبعة.

قال عنه ونستون تشرشل: "لن يظهر له مثيل مهما كانت الحاجه ماسه له"غغغغغ
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حياتة الخاصة

ولد في 16 أغسطس 1888 وتوفي 19 مايو 1935. ولد لأم من اسكوتلندا وأب من إنجلترا. انفصل والده عن زوجته الارستقراطيه المتسلطه الليدي تشابمان بعد أن وقع في حب خادمته ساره (والدة توماس لورنس).انصل ادوارد مع ساره وعاشا معا دون زواج وانجبا خمسة أبناء هم على الترتيب بوب وتوماس (لورنس العرب) وويل وفرانك و أرنولد. توفي ادوارد لورنس سنة 1919.

انتقلت الأسرة إلى عدة مناطق إلى ان استقرت في فرنسا في مقاطعة يريتياني. تلقى توماس لورنس التعليم على يد مربيته الانجليزيه حتى ألحقه والده بمدرسة سانت ماري في عامه السادس. ثم عادت الأسرة إلى إنجلترا في عامه الثامن وعاشت في مقاطعة اكسفورد أكثر المناطق رقيا وافضلها في البناء. عاش لورنس طفوله تتسم بالرفاهيه والنعومه. ألحقه والده بمدرسة اكسفورد الثانويه ليلتحق بجامعة اكسفورد بعد ذلك. كان لورنس لا يحب الرياضه المنظمه فيقول في مذكراته "لم أكن اهتم بالألعاب المنظمه لأنها منظمه ولأن لها قواعد وأحكاما ونتائج فأنا بطبعي لا أنافس أحدا من الناس في أي شئ على وجه الاطلاق"

أرادت اسرة لورنس أن تعيش في جو ملتزم بالتقاليد المسيحية رغم ما بها من علاقه غير شرعيه بين الأب ولاأم. ومع ذلك فقد تعودوا على التردد على الكنيسه باستمرار. ظهر اهتمام لورنس وولعه بدراسه علوم الاثار والتاريخ. ولما لاحظ فيه ابوه ذلك اصطحبه معه في زيارته لباريس لمشاهدة الحفريات والآثار المذهلة .



صباه

التحق لورنس بجامعةاكسفورد سنة 1908 ووطد علاقته باساتذه المشهورين من امثال رجينالد لان بول. اعجب لورنس بشخصية نابليون بونابرت الذي كان معرفا بقصر قامته مثل لورنس فقد كان قصير القامه فاهتم بدراسه الهندسه والاستراتيجيه العسكريه وبحث التاريخ العسكري.

في نهاية عام 1908 قام لورنس بعمل اثار اعجاب كل من حوله فقد طلبت الكليه بحثا ميدانيا حول التاريخ العسكري. فسافر لورنس إلى فرنسا على متن دراجته الهوائيه قاطعا مسافة 2400 ميلا لتحصيل هذا البحث. كان يتناول في الرحله الحليب والثمار الطازجه ولا يهتم الا ببحثه. عندما رأى والده هذا النبوغ أعد له غرفتي في حديقة منزله بعيده عن صخب المنزل ليعيش فيها بمفرده ويتفرغ لنجاحه

ظل أعزب و يروي بعض المؤرخين انه كان شاذاً ويستدلون بعلاقتة مع صبي بدوي يدعى سليم احمد الداهوم كان قد رثاه في قصيدة. كما يعتقد البعض بأن إهداءه المبهم (إلى س. أ.) في صدر كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة" هو لسليم أحمد، رغم أنه ادعى لاحقاً بأنه وضع الإهداء على نحو عشوائي، وأن الحرفين (س. أ.) لا يحملان أية دلالة فعلية


رحلات لورنس للشرق

اقترح لورنس على استاذه العالم الأثري المعروف هو غارت أن يقوم بزيارة لمنطقة الشرق لأنها مشهورة بحضاراتها وحفرياتها. قام لورنس بالاعداد لرحتله بتعلم بعض قواعد اللغة العربية التي تساعده على التواصل مع الاخرين. تقدم لورنس لمدير الكلية الياسوعية بجامعة اكسفورد بطلب للاتصال بالسلطات التركية بهدف تزويدة بكتاب تاريخي وأثري يسهل مهمته.

سافر لورنس على سفينة منغولية متحهة إلى الشرق في 18 يونيو 1909. رست السفينة على شواطئ بيروت لتبدأ رحلته الاستكشافية. اعتمد في تنقلاته على التحرك على قدميه لمسافات أميال طويله. وصلت سفرياته على الأقدام إلى 13 ساعة في بعضها مما اثار عجب المحيطين به من أهل المناطق. ورغم انه كان يصطحب معه مرشدا سياحيا لحمايته وارشاده إلا أن ذلك لم يمنعه من مواجهة مخاطر كادت أن تودي بحياته إما من الحيوانات المفترسه أو من السرقه والسطو.

توجه في زيارته إلى صيدا والنبطية ثم إلى قلعة بيوفورت وواصل رحلته حتى وصل إلى وادي الأردن ثم البحر الميت. كان يقضي نهاره مسافرا وبالليل كان يطرق أبواب أهل المناطق الذين يعتبرونه غريبا واجبا اكرامه وضيافته. وصل في رحلته إلى طرابلس واستقر في المدرسة التبشيرية الأمريكية. وقد اعجب بعمل هذه المدرسة. وصل إلى قلعة الحصن في سوريا في 16 أغسطس. قضى فيها ثلاثة أيام يتفحصها بدقة. كانت رحلته بها الكثير من العناء والمخاطر مما أصابه بالاحباط وضعف امكانياه فقرر العودة إلى بلاده لضرورة التقدم بأوراق دراسته ومهمته لاعتماده طالبا مجتهدا.

في طريق عودته إلى إنجلترا رست السفينة في ميناء نابولي الايطالي فقام بجولة سريعة للتعرف على عادات وتقاليد أهلها. وقد اشترى تمثال برونزي معروض للبيع نظير ثماني فرنكات واهداه إلى جامعة أكسفورد. حصل على بكالريوس العلوم من أكسفورد في 28 يوليو 1910. توجه لورنس إلى بيروت مرة أخرى في 10 ديسمبر 1910. في هذه الأثناء كان لورنس يتحدث اللغة العربية بطلاقه. اتجه لورنس إلى طرابلس لفحص اثارها. وقد شاهد خلال الرحلة القلاع الصليبية المتناثرة في أماكن عديدة. وقد ألف فيما بعد كتابه الذي أسماه "القلاع الصليبية"

أصيب لورنس بمرض الدوسنتاريا. وقد اعتنى به في هذا المرض الشيخ حمودي مساعده في أعمال الحفر والبحث والفتى دوحان الذي استضافه في مرضه في بيته. عاد لورنس إلى إنجلترا في 12 أغسطس بغرض أن يعوض ما فقده من تعب في مرضه. في أغسطس عام 1911 عاد لورنس إلى طرابلس. نصحه البعض لزيارة مصر لمطالعة الآثار الفرعونية. توجه لورنس إلى الإسكندرية ثم القاهرة ومنها إلى قرية كفر عمار. لم يعجب لورنس بعمل التنقيب في المقابر وكان يستاء من منظر المنقيبين وهم يقطعون الممياوات ومن الروائح الكريهة المنبعثه منها مما جعله يمقت مصر ويقفل عائدا إلىى طرابلس.

قام ببناء سكنه خاصة بعلماء بحث الآثار في منطقة بيريدجيك. في هذه الأوقات كان لورنس يتحدث اللغة العربية مثل أهل المناطق العربية بطلاقة تامة. في هذه الأثناء كان الألمان يسعون لبناء خط حديدي ضخم بين بغداد وبرلين. شعر بضخامة هذا الخطر على المصالح البريطانية. فتوجه إلى القاهرة لمقابلة اللورد كتشنر وتوضيح الأمر له. فوجئ بأن اللورد على علم بالخبر وأخبره أنه راسل السلطات البريطانيه كثيرا بهذا الشأن إلا أنه لم يلق الرد المناسب. وأخبره بأنه يتوقع قيام حرب في غضون عامين وهو ماحدث في الحرب العالمية الأولى.غغغغغغغغغغغ
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لورنس ضابط مخابرات

قامت الحرب الحرب العالمية الأولى وأعلنت الدولة العثمانية الحرب على إنجلترا. في هذه الأثناء كانت الدولة العثمانية تعاني من كراهية العرب لحكمها نتيجة التفرقة بين الأتـراك والعرب والظلم والقهر الذي مارسة الأتراك في هذا االشأن. سعت إنجلترا في الاستفادة من امكانياتها في المنطقه لتحقيق نصر في الحرب. فقام السير "جليبرت كلايتون" باستدعاء لورنس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة. أمر كلايتون بتعيين لورنس في قسم الخرائط. وكانت هذه هي الفرصة الوحيدة للتثبت من صحة الخرائط بالواقع. ظهرت عبقرية لورنس في هذا المجال كما امتدت آراؤه للخطط العسكرية في هذا الشأن. فقام كلايتون بنقله إلى قسم المخابرات السرية. كان لورنس يحفظ المواقع التركية عن ظهر قلب مما ساعد الأنجليز كثيرا. استغل لورنس علاقاته بالعرب لإيهامهم أنه يريد مساعدته لمواجهة الغطرسة التركية وقد ساعدته معرفته باللغة العربية لإضافة مصداقية له في هذا الشأن.



لورنس في الجزيرة العربية

انتقل لورنس إلى الجزيرة العربية ليقف على حقيقة الثورة العربية المشتعلة ضد الأتراك بقيادة الشريف حسين. تقابل لورنس مع الأمير عبد الله الأبن الثاني للشريف حسين. كان لورنس يبحث عن شخصية الزعيم والقائد للثورة التي يمكن أن تساندها إنجلترا.

طلب لورنس من الأمير عبد الله أن يأذن له بالتجول في البلاد ليقف على حقيقة الوضع ويرفع به تقرير للقيادة العامة في القاهرة. وبعد موافقة الشريف حسين على الهاتف, أرسل الأمير عبد الله خطابا لشقيقة الأمير "على" ليرافق لورنس ويضمن سلامته. استخدم لورنس الزي العربي للتنقل في الجزيرة قد تحدث العربية على أنه عربي من حلب.

لم يجد لورنس في الأمير عبد الله ولا الأمير على تلك الشخصية القيادية التي يبحث عنها. ثم التقى بعد ذلك بالأمير فيصل النجل الأكبر للشريف حسين. وقد وجد لورنس في شخصية فيصل ما كان يبحث عنه. تباحث لورنس مع فيصل في وضع الثورة ونجاحاتها واخفاقتها وتبين له أن الهجوم الأول للثوار على المدينة المنورة قد فشل نتيجة استخدام الأتراك للأسلحة الحديثة وخصوصا المدافع التي أثارت الرعب في نفوس العرب لجهلهم بها أو كيفية استخدامها.

قام لورنس بتفقد قوات الشريف المتمركزة في منطقة الخيف وقد اختبر كفاءة هذه القوات حتى يستطيع اخبار القيادة العامة في القاهرة. كان لورنس شديد الاعجاب بالشعور الوطني لدى النفوس المتمثل بالقومية العربية والبعيد كل البعد عن النزعات العقائدية ولا علاقة لها بالإسلام. وادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية قومية وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس. تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام.


مساندة الإنجليز للأمير فيصل

قفل لورنس عائدا إلى القاهرة ولكنه في ميناء جده تقابل مع سفينة الميرال "ويمس" المتجهة للسودان للقاء مستر "ريجالد وينت". ولمعرفة لورنس باهتمام ريجالد بالثورة العربية فقد اتجه مع ويمس إلى الخرطوم حيث قابل ريجالد وأطلعه على نتائج زيارته للجزيرة العربية ثم اتجه إلى القاهرة.

في هذه الأثناء كان رئيس البعثة العسكرية الفرنسية في جدة "بريموند" يرى ضرورة تدخل القوات البريطانية مع الفرنسية مباشرة في الحجاز وهو ما عارضه لورنس بشده حيث كان رأيه أن تدخل القوات الأجنبيه مباشرة سيفقد الثورة تأثيرها ويثير الروح العقائدية ويمنع كثير من مؤيدي الثورة لمحاربة الأتراك المسلمين. وقد أكد لورنس للقيادة العامة أن القوات العربية تستطيع مجابهة الأتراك والصمود لفترات طويلة اذا تم تزويدهم بالأسلحة والخطط الفنية التي وعدهم بها لورنس. وقد اقتنعت القيادة البريطانية العامة في القاهرة برأي لورنس مما اشعل الضغينة بينه وبين بريموند.


عودة لورنس إلى الجزيرة العربية

قررت القيادة البريطانية اعادة إرسال لورنس إلى الجزيرة العربية ليكون بجانب الأمير فيصل ويعمل كمستشاره الذي يتحمل مسؤلية اتخاذ القرارات وتوجيهاته. عاد لورنس في 3 نوفمبر إلى ميناء ينبع ليجد الأمير فيصل وقد لحقت به هزيمة ساحقة وقاسية على أيدي القوات التركية أثناء محاولة الأمير فرض حصار على المدينة المنورة لكن سلاح الطيران التركي استطاع فك هذا الحصار.

رست السفن البريطانية المحملة بالأسلحة الحديثة لمساندة الأمير فيصل كما أراد لورنس. عمل لورنس على تجاوز اثار الهزيمة وتدريب قوات الأمير بسرعة على استخدام الأسلحة الحديثة. في هذه الأثناء حاولت القوات التركية استغلال الانتصار الساحق على قوات الأمير فاتجهوا لملاحقته في معسكره. انطلقت صفارات الإنذار في ينبع تحذر من اقتراب القوات التركية على بعد ثلاثة أميال. اجتمع الأمير فيصل مع لورنس في خيمته وخرج منها ليعطي أوامره للجنود بوضع الاستعداد ورفع الأيدي على الأسلحة والسكون والهدوء التام. وفجأه انقطعت الحياة تماما في معسكر الأمير فيصل. هذا السكون أثار خوف القوات التركية التي اعتادت على تتبع العرب عن طريق ضوضاء طبولهم وأناشيدهم الحماسية. فقرر قادة الأتراك إيثار السلامة والانسحاب. كان لهذا الانسحاب عظيم الأثر في نفوس قوات الأمير التي ظنت ان القوات التركية لا تهزم.

عاشت القوات التركية بعد هذا الانسحاب حالة من الخوف واليأس خصوصا بعد أن داهمتهم الأمراض والأوبئه وأوشكت المؤن على النفاد. علم لورنس بذلك من خلال جواسيس الأمير فيصل فقرر اغتنام الفرصة.



أحقاد لورنس مع الاخرين

منذ عودة لورنس إلى الجزيرة العربية والصراع قائم بينه وبين بريموند المقتنع بضرورة التدخل الإنجليزي الفرنسي المباشر في الصراع. كان الكولونيل ويلسون القائد الإنجليزي يميل إلى رأي لورنس على حساب رأي بريموند. بيد أن القيادة العامة في القاهرة بدأت تقتنع برأي بريموند لذلك أعدت قوة بريطانية فرنسية مستعدة للتدخل في الحجاز وارسلت خبراء لتقييم الوضع والتمهيد لهذه القوة.

قرر لورنس تجاهل هذا الأمر والاسراع في استغلال الوضع السئ للقوات التركية مما زاد من حقد وكراهية بريموند. أعد ويلسون خطة لتغيير الوضع في الجزيرة. فخطط بأن تقوم قوات الأمير عبد الله بحصار المدينة المنورة بينما تقوم قوات الأمير زيد -الأبن الأصغر للشريف حسين- بالزحف على مواقع البحر الأحمر. ويقوم الأمير فيصل باحتلال ميناء (وجه). فضلا عن ست مدمرات بريطانية تقوم بعملية إنزال ضخمة لخمسمائة جندي عربي وعدد من الجنود البحرية البريطانية بقيادة (بوبل).

في 28 يناير تحركت قوات الأمير فيصل وقد رافقه لورنس. كان أحد القادة البريطانين ويدعى "فيكري" يرافق الأمير فيصل. كان "فيكري" يتحدث العربية بطلاقه بكافة لهجاتها بينما لورنس يتحدثها بلهجة أهل حلب فقط. كان "فيكري" يرى في لورنس مجرد طالب آثار لا علاقة له بالعسكرية. كل هذا اثار لورنس الذي خاف على مكانته عند الامير وتهديدها من "فيكري". عمد لورنس إلى أقذر الأساليب لتعجيز "فيكري" فكان يتندر به ويتهكم عليه ويسخر من أمام قوات الأمير مما دفع "فيكري" إلى ترك قوات الأمير متجها إلى معسكر بوبل على ان يتزامن هجوم بوبل مع هجوم الأمير على الميناء.

وحين وصلت قوات فيصل وجدت الضابط "فيكري" والقائد "بوبل" قد انهيا المعركة وانتصرا على الأتراك دون انتظار الأمير فيصل الذي قطع مسافة طويلة ورحلة مضنية مما اثار حنق لورنس والأمير فيصل. بعد الانتصار ألقى "فيكري" خطابا مطولا عن الانتصار. وبعد أن فرغ منه فوجئ بلورنس وهو ينتقده ويتهمه باغفال العرب الذين قاتلوا في المعركة وماتوا فيها وبأنه قد ارتكب خطأ عظيما أهدر به الكثير من المال والأرواح التي كان يمكن انقاذها لو أنه انتظر مجئ قوات الأمير وتنفيذ الهجوم المتزامن.


لورنس بين شيوخ القبائل العربية

في هذه الأثناء كانت قوات الشريف حسين تسيطر على مكة المكرمة والطائف وينبع ورابغ ووجه في حين أن القوات التركية تسيطر على المدينة المنورة. لذلك كان الوضع في الجزيرة العربية صعبا جدا بالنسبة للأتراك مما أثار شهية القوات البريطانية التي قررت زيادة دعمها للقوات العربية.

من هنا بدأ لورنس خطة جديدة لاستقطاب شيوخ وزعماء القبائل والعشائر العربية وضمها في صفوف الثورة. فذهب إلى زعماء القبائل بصفته مبعوث الأمير فيصل وتحت حراسته يتفاوض معهم حتى استطاع اقناعهم بوقف الحروب فيما بينهم والانضمام للثورة.

كان من هؤلاء الذين اعلنوا تأييدهم للثورة "جعفر باشا" والزعيم المعروف "نواف الشعلان" والزعيم "عودة أبو تايه". بعد ذلك عرض لورنس على الأمير فيصل ضرورة احتلال العقبة لانهاء وجود الأتراك في هذا الميناء الحيوي.


العقبة

بعد أن اجتمع رجال القبائل تحت إمرة الأمير فيصل تحركت قواته صوب العقبة. رافق لورنس هذه القوات في رحلتها الطويلة في الصحراء القاحلة وتعرضت لأخطار كثيرة أبرزها قلة المؤن والعطش الشديد ومواجهات متفرقة مع الأتراك. استمرت رحلة هذه القوات ثمانية أسابيع قضاها لورنس اما راكبا أو ماشيا حتى وصلت إلى العقبة. وفور وصولها قرر لورنس الذهاب سريعا إلى السويس للمطالبة بدعم القوات البرطانية بالمؤن والطعام. ترك لورنس القوات العربية عند العقبة تحت قيادة الزعيم "عودة أبو تايه". ثم اتجه لورنس صوب السويس ومنها إلى القاهرة. وقد وعده الأنجليز بارسال مؤن عاجله إلى القوات في العقبة.

فوجئ لورنس لدى وصوله إلى السويس بأن الجنرال اللمبي قد تم تعيينه قائدا عاما خلفا للقائد "مورى" الذي أقيل وعاد إلى لندن. تقابل لورنس مع اللنبي في القاهرة وقد فوجئ الأخير بمنظره حيث كان يرتدي ملابس عربية بدوية وقدمية حافيتين.

استفاض لورنس في شرح الموقف للجنرال اللنبي حتى استطاع كسر جمود تفكيره -الجنرال اللمبي- وحرصه الشديد الذي اشتهر بهما واثار حماسته لمساندة القوات العربية. كان لورنس في هذه الأثناء يضع احتلال دمشق نصب عينيه ورأى انها المحطة القادمة بعد العقبة.

عرض لورنس على الجنرال اللمبي فكرة سلخ جيش الأمير فيصل عن جيش الشريف حسين ونقل الأمير فيصل والقاعدة الإنجليزية من ميناء وجه إلى ميناء العقبة حتى تكون هذه القاعدة هي الجناح الأيمن لجيش اللنبي. وقد تطلع لورنس في هذه الأثناء لدور أكبر في فلسطين داعما فكرة الوكالة الصهيونية العالمية في أطماعها. وافق اللنبي على هذا الاقتراح ولكن بقيت مهمة اقناع الشريف حسين بهذا الأمر.

اتجه لورنس مع الجنرال ويلسون لمقابلة الشريف حسين في جده. وقد توقع لورنس أن يثور الشريف حسين إلا أنه فوجئ به يوافق في هدوء. وقد أدرك لورنس أن السبب في ذلك هو سيطرة الجنرال ويلسون على الشريف حسين وقوة تأثيرة عليه. في هذه الأثناء كان الوضع في العقبه قد استتب بعد نجاح "عودة أبو تايه" في احتلالها.


سقوط القدس

بعد احتلال العقبه سعت القوات التركيه بشى الطرق محاولة استدعاء هذا الميناء المهم. فدفعت بتعزيزاتها صوب العقبه وجرب مواجهات عنيفه انتهت بسحق القوات التركية وانتصار الثوار خصوصا بعد أن نجح لورنس في استجلاب دعم الطيران الإنجليزي من الجنرال اللنبي ووصول الطائات البريطانيه إلى العقبه. وكانت أشد هذه المواجهات في منطقة أبو لسان.

بعد ذلك اعتمد لورنس على حرب العصابات. فقام بتنفيذ الكثير من عمليات زرع الألغام على خطوط السكك الحديد التركيه وجنى من هذه العمليات انتصارات كبيره ساعدته على تثبيت اسمه.

اتجه بعد ذلك لورنس للقاء الجنرال اللنبي وقد توقع من الأخير أن يغدق عليه من الأوسمه والنياشين. بيد أن اللنبي كان يرى ضرورة صرف الانتباه من مجرد حرب على السكك الحديده لحرب مباشره لتنفيذ أطماع بريطانيا في فلسطين. فتكلم مع لورنس بغطرسه اثارت حنقه. تحدث اللنبي مع لورنس على ضرورة اشعال الثورة العربيه بالشكل الذي يسمح بتأليب الشعوب لتجني بريطانيا ثمار هذه الثوره بأقل تكاليف.

نجح اللنبي في صرف انتباه الأتراك نحو غزه حيث أوهمهم بأنه عازم على احتلال غزه مما دفع الأتراك إلى التأهب والاستعداد في حين أنه نفذ هجوم قاسي على أضعف المناطق التركيه مما اسهم في تحقيق انتصارات سهله أمام المشاه الأنجليز.

اتجه لورنس بنفسه إلى الدرعا للاستيلاء عليها قبل أن يجني اللنبي هذه الثمره بعد كل هذا التمهيد من جانب لورنس والأمير فيصل. ولأنه اتجه وحيدا فقد وقع في أيدي الأتراك الذين لم يعرفوا شخصيته. أوهمهم لورنس بأنه شركسي ولكنهم أصروا على أن يمثل بين يدي "ناهي بك" الحاكم التركي. سرت شائعه بعد ذلك بأن "ناهي بك" قد أقام علاقه شذوذ بلورنس إلا أن هذه الاشاعه لا يمكن التأكد من مصداقيتها وقد تكون وشايه من جانب الأنجليز بالحاكم التركي. المهم أن لورنس نجح في أن يتحرر من قبضة الأتراك وعاد كما كان ولكنه كان محمل بخيبة أمل الهزيمه التي تعرض لها في الدرعا وكان يخشى من مواجهة اللنبي المتغطرس المنتصر.

بعد عودته علم أن اللنبي نجح في احتلال القدس وانه يريد مقابلته في اليوم التالي. تقابل لورنس مع اللنبي وقد لاحظ الأخير مدى تأثر لورنس بالهزيمه التي تعرض لها. فوعده -اللنبي- بأن يضع خطه عسكريه لاشعال فتيل الثورة العربيه مما أطرب لورنس.

قام لورنس بتنفيذ هذه الخطه فقامت القوات العربيه بمهاجمة "الطفيله " وبعد شد وجذب مع القوات التركيه وتبادل النصر والهزيمه نجحت القوات العربيه في احتلال "الطفيله" في عام 1918. وعاد الأمل للورنس مره أخرى بعد أن نجح في قطع خطوط مواصلات الجيش التركي عبر البحر الميت.



سقوط دمشق وانتهاء الثورة

اتجه لورنس إلى مقر القائد العام اللنبي في القدس حيث اتفقا على ضرورة زيادة دعم الأمير فيصل باعتباره القائد القادم للثورة. مما دفع اللنبي إلى التعهد بتحمل كافة نفقاته وأرسل اليه مع لورنس مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه وجمال محمله بالمؤن.

في هذه الأثناء لمع نجم نوري السعيد كنائب وقائد في صفوف قوات الأمر فيصل. وقد عينه فيصل بعد ذلك رئيسا للحكومة في العراق.


اتفق لورنس مع الأمير فيصل على تنفيذ الخطة المعده مسبقا بين لورنس واللنبي. تقوم الخطة على تنفيذ هجوم من بلدة أريحا في الخامس من مايو 1918 واحتلال مدينة السلط وبلدة معان وتدمير خط السكك الحديدة جنوب عمان. وقد أعد لورنس مع "نوري السعيد" القوات المتأهبة للحرب.

احتلت القوات البريطانيه مدينة السلط لكن الجيش التركي بقيادة القائد التركي العنيد "جمال باشا" العنيد استطاع استعادة مدينة عمان والسلط ثم كثرت الأقاويل عن قرب سقوط القدس المقر العام للنبي. ولكي يتأكد لورنس من هذا الوضع فقد تخفى في زي نساء البدو وتسلل إلى عمان ولاحظ الهرج في شوارع المدينة بعد أن عاث الأتراك فسادا في شوارع عمان لمحاكمة الخونه والعملاء.

سقطت مدينة السلط مرة أخرى في يد الأنجليز ثم استعادها الأتراك. ومن أجل ذلك ألتقى اللنبي مع لورنس حيث طلب الأخير بضرورة حسم الحرب بتدخل القوات الجوية بقيادة الجنرال "سالموند". وطلب لورنس من اللنبي امداده بالهجانه. وقد أذعن اللنبي لهذه الطلبات.

عاد لورنس مع فرقه الهجانه ووعود بتدخل القوات الجوية البريطانية إلى الأمير فيصل وقد أصبح الطريق ممهدا إلى دمشق.

فكر لورنس في العودة إلى بلاده بعد احتلال دمشق وصرح بذلك للأمير فيصل الذي أصر على ضرورة استمرار لورنس معه. كانت رؤية لورنس هي أن الهدف الأساسي أمامه طرد الأتراك من الجزيرة العربية وهيمنة القوات البريطانية والتمهيد لمشروع الدولة اليهودية الذي صاغه ثيودور هرتزل ووعد به آرثر جيمس بلفور وزير خارجية إنجلترا في سنة 1917 فيما يعرف بوعد بلفور.

طلب لورنس من الأمير فيصل أن يطلب من والده امداده بفرقه عسكرية. وقسم لورنس الجيش إلى ثلاثة أقسام:

1. قسم يدافع عن معان
2. قسم يهاجم قطاع درعا ودمشق
3. قسم يتجه للنبي الذي سوف يدخل دمشق بعد انشحاب الأتراك من فلسطين
اتجه لورنس إلى الشريف حسين لاقناعه بالأمر. إلا أنه فوجئ بالشريف حسين يتنصل من مقابلته متعللا باعتكافه في مكه مما يصعب على لورنس الوصول اليه لأنه غير مسلم ممنوع من دخول مكة. كان الشريف حسين يرى أن ابنه الأمير فيصل لا ينصاع لأوامره كأخوته علي وعبدالله وزيد. وأنه ينفذ أرتمى في أحضان الأنجليز وأنه ينفذ أوامرهم فحسب. ومن أجل ذلك أصدر قراره بتعيين "جعفر باشا" قائدا للجيش العربي واتبعه بعد ذلك بقرار بعزل الأمير فيصل من كافة صلاحياته. وتواردت الرسائل بين الشريف حسين ولورنس واللنبي حتى نجح لورنس في اقناع الشريف بالعدول عن قرار عزل الأمير فيصل حتى لا تفشل الثورة.

ظهرت الضغينة بين أفراد العائلة الواحدة التي باعت نفسها منذ البداية للأنجليز. ولكن الحقد في تفضيل الأنجليز للأمير فيصل. احتشد الجيش العربي تحت قيادة الأمير فيصل مدعوما بالأنجليز. وقد قام لورنس باذهال الأتراك عندما نسف الجسر الوراصل بين درعا ودمشق مما عزل درعا تماما استعدادا للهجوم الكبير بقيادة اللنبي. انطلق لورنس على رأس قوات نوري السعيد لنسف جسر اليرموك ومحطة البنزين. في صباح 19 سبتمبر 1918 بدأ هجوم اللنبي الكبير. توغلت القوات البريطانية داخل مدينتي حيف ونابلس وقامت بتدمير الفرق السابعة والثامنة للجيش التركي.

في "أم الطايع" ضغط شيوخ القبائل العربية بضرورة استغلال الوضع وتنفيذ هجوم على دمشق الأمر الذي رفضه لورنس لعدم وجود غطاء جوي. وأمام هذا الضغط طار لورنس إلى الجنرال اللنبي للتباحث معه.

وضع لورنس خطة على شن ثلاث هجمات عنيفه على الأتراك: 1. هجوم على مدينة عمان عبر فرقة الجنرال "شايتور" 2. هجوم الفرقة الهندية بقيادة الجنرال "بارو" في منطقة درعا 3. هجوم الفرقة الأسترالية بقيادة الجنرال "شوفيل" على مدينة دمشق.

واختتم لورنس خططته بضرورة توفير غطاء جوي.

بدأت المعارك وقد شهدت هذه الحرب الكثير من المذابح -من الطرفين- التي يندى لها الجبين والتي راح ضحيتها الكثير من الأطفال والنساء دون أدنى احترام للعهود والمواثيق وتعاليم الإسلام لأي من الطرفين. اتجه الزحف على كافة الأصعده حتى وصل إلى دمشق. كانت مخاوف اللنبي من غضبة الجماهير السورية الرافضه لأي وجود إنجليزي والخلفية العقائدية لمساندة الحكم الإسلامي. بحث لورنس مع الأمير فيصل كيفية اقناع السوريين بتأييد الأنجليز في مواجهة الأتراك. كانت لجنة الأمير فيصل التي يترأسها "علي رضا" و"شكري باشا الأيوبي" في دمشق تستعد لادارة شؤون المدينة حال انهيار الحكم التركي تفاديا لفراغ سياسي قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبه من الأمير فيصل.

قرر لورنس والشريف ناصر -أحد حلفاء الامير فيصل- إرسال أحد رجال الشريف ناصر لفتح قناة اتصال بين لورنس واللجنه. فوجئ مبعوث الشريف ناصر بأن "علي رضا" قد أرسل من قبل الأتراك لقيادة الجيش التركي المنسحب من منطقة الجليل هربا من مواجهة الفرقة الأسترالية بقيادة "شوفيل" وأن "شكري باشا الأيوبي" قد تلقى دعما هائلا من الأخوين الجزائريين "عبد القادر" و"محمد سعيد" لتشكيل حكومة وطنية ورفع الأعلام أمام الجيش التركي والألماني المنسحب. كان لورنس يكره الأخويين الجزائريين بشده حيث وصفهم بضيق نظرتهم وتعصبهم الديني وبأنهم كانوا يساعدون الأتراك عندما كانت الغلبه لهم.

دخل لورنس مع الشريف ناصر إلى دمشق مع ظهور أول الصباح. وكان الشريف ناصر يتلهف لدخول المدينة في المساء إلا أن لورنس حذره من ذلك لخطورة الظلام وأقنعه بأن ذلك ليس من مكانة الشريف ناصر بل عليه دخول دمشق في وضح النهار. اتجه الشريف ناصر صوب سراي الحكومة وسط تأييد شعبي. علم لورنس أن الجنرال "شوفيل" قد وصل إلى جنوب دمشق فأسرع إليه يطلب منه أن يبقى يومين خارج المدينة لتهيئة الأوضاع ومنعا لإثارة الجماهير.

أصدر لورنس قراره بتعيين شكري باشا الأيوبي حاكما عسكريا ونوري السعيد قائدا للقوات المسلحه ساعيا بشتى الطرق لتهميش دور الأخويين الجزائريين. مما دفع الأخوين لمحاولة اغتيال لورنس لولا تدخل الشيخ "نوري شعلان" -أحد حلفاء الأمير فيصل- وعودة أبو تايه واعلانهم أن لورنس تحت حمايتهم.

حاول الأخوان اثارة القلاقل عن طريق تنظيم ثورة جماهيرية كبيرة بعد اثارة الجماهير واقناعه بأن الحكومة الجديدة عميلة للأجانب وأن الهدف منها انهاء الخلافه الإسلامية. سارع لورنس إلى "نوري السعيد" الذي قام بنشر الفرق العسكرية في المناطق الاستراتيجية في المدينة والقبض على كل من يتظاهر ضد الحاكم العسكري "شكري باشا الأيوبي". بعد استتباب الأمن وفي صباح اليوم التالي وصل الجنرال اللنبي إلى دمشق بمرافقة الجنرال كلايتون والجنرال كونواليس وقد أظهروا جميعا امتنانهم للورنس.

تبع ذلك وصول الأمير فيصل إلى دمشق وقد حرص لورنس على استقباله لدى وصوله على متن القطار. هنا طلب لورنس من الجنرال اللنبي بالسماح له بالعودة إلى إنجلترا بعد انتهاء مهمته وتحقيق اهدافه. وأمام اصرار لورنس سمح له اللنبي بالعودة. نجحت الثورة وانتهت بعد تنصيب فيصل ملكا على العراق والأمير عبدالله ملكا على الأردن برعاية اتفاق بين الأثنين برعاية اللنبي.


عودة لورنس إلى إنجلترا

عاد لورنس إلى إنجلترا. وفي عام 1920 بدأ في كتابة كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة" حتى انهاه في عام 1925. إلتحق لورنس بعد ذلك تحت اسم مستعار بسلاح الجو الملكي. والواقع أنه عانى كثيرا من الضغط العصبي جراء الحياه الصعبه التي عاشها وخصوصا بعد أن أصبح مطلوبا من العرب المعارضين لثورة الشريف حسين وانكشاف أنه عميل للمخابرات البريطانية.

في عام 1934 تلقى إنذار بقرب اعفاؤه من سلاح الجو الملكي مما أصابه بانهيار عصبي.ععععععع
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لورنس, الأمير عبد الله الأول بن الحسين, الجنرال سالموند قائد القوات الجوية البريطانية, السير هربرت صموئيل, وغيرهم

مقتله

قضي لورنس بقية حياته في كوخ في شمال "بوفينجتون". في عام 1935 توفي عن ستة واربعين عاما بعد سقوطه من دراجته النارية التي كان يقودها بسرعة كبيرة في محيط مدينة اكسفورد وهو عائد إلى البيت من مكتب البريد بحادث قيل أنه كان مفتعلا.

دفن في مقبرة موريتون بعد تشييعه في جنازه مهيبه حضرها شخصيات سياسية وعسكرية مهمة ورمروز للمجتمع البريطاني الأرستقراطي مثل ونستون شرشل، لورد لويد، ليدي آستور، الجنرال وفل، اغسطس جون وغيرهم، إضافة إلى حلقة من اصدقائه الذين يدعونه باسم تي.اي.شو.

وقد تم تشييد تمثال نصفي له أمام كاتدرائية القديس بول في لندن.

  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 08:42 PM   #2
الدكتور منير
حال جديد

افتراضي

شاهدت فيلم لورانس العرب الذي يصور دور ضابط استخبارات انجليزي اسمه لورانس في تحريك العرب وتحريضهم على الثورة ضد الاتراك واشترك في الفلم الفنان المصري عمر الشريف
وكان الفلم من اروع الافلام التي انتجتها هوليود وتكشف جوانب من دور لورانس العرب.
  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 08:56 PM   #3
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور منير [ مشاهدة المشاركة ]
شاهدت فيلم لورانس العرب الذي يصور دور ضابط استخبارات انجليزي اسمه لورانس في تحريك العرب وتحريضهم على الثورة ضد الاتراك واشترك في الفلم الفنان المصري عمر الشريف
وكان الفلم من اروع الافلام التي انتجتها هوليود وتكشف جوانب من دور لورانس العرب.

إليك ما كتبه سليمان فيضي باشا في مذكّراته:
الزقاق القذر
( في الساعة التاسعة من صباح الجمعة 7 نيسان 1916 بينما كنت جالسا في مكتبي التجاري دخل عليّ رجلان ، أحدهما المدعو: الياس يلدا من أهالي البصرة ، وثانيهما شاب مصري لم أعرف اسمه ، وقدما إليّ الكتاب التالي:
البصرة: 7 إبريل 1916
لحضرة الأكرم الأفخم سليمان فيضي أفندي المحترم
أسعد الله أوقاتكم . بعده أرجوكم تشرفون إلى محلي اليوم نمرة: 6 درب الأعوج في العشار لأجل المواجهة ودمتم .
C.C.More,capt Ceneral Stoff, Lntellgence دائرة الأخبار العسكرية ) .
لورانس كان قبل الإحتلال البريطاني للعراق قنصلا لبريطانيا في الكويت ، وأثارت رسالته الكثير من المخاوف لدى سليمان: ( ... في زمن كان الرجال يساقون إلى السجون والمنافي سوق الأغنام إلى المجازر ) .
أسرّ إلى موظفه بأن يكتم الخبر حتى يعود ، وإذا لم يعد في المساء فإن عليه إخطار أهله ليرسلوا إليه فراشه وألبسته باعتباره موقوفا .
خرج مع الرسولين ، وطفقت افتراضات سيئة على كل حال ، إما وأن ينفى وإلا يودع في السجن ، وكان همه الأول: ما سوف يحل بعائلته من نكبات ، والهم الثاني: ما سوف يحل بتجارته . لم يطل به التفكير ، إذ سرعان ما دلفت به العربة في ( الزقاق القذر الذي أسماه الكابتن: درب الأعوج ) .
عرفه مور على لورانس ، قائلا: ( أقدم إليك الكابتن لورانس الذي طلب تنظيم هذه المقابلة الخاصة والتي أعتقد أنها ستكون على جانب من الخطورة والأهمية ) .
وبلهجة مصرية متقنة رحّب لورانس بضيفه ، وأبدى تلهفه للمقابلة ، وعبر عن اشتياقه الشديد للتعرف على سليمان . أما سليمان فقد بدأ يطمئن إلى أن عرضه وماله في الحفظ والصون . بالغ لورانس في تودده ، وليس من العادة أن يبدي ضابط في جيش محتل ضروب ( المجاملة والملق لمواطن من بلد مستضعف ) ، مما جعل سليمان يفكر في أن المقصود غيره ممن يتوادون مع لورانس ويتواد معهم .

الصفقة
أتوعدني بوعد بعد وعد === ولم أر فيهم وعدا صحيح
كأن وعودكم نغمات زمر === تلذّ لها المسامع وهي ريح
طلب منه لورانس من خلال حوار طويل أن يعد العدّة للانقضاض على الأتراك مقابل مال وجاه وقوة نفوذ:
لورانس: ( .... إذن فلا بدّ من الثورة لتنال البلاد العربية استقلالها . وقد فوضتني الحكومة البريطانية لإشعال تلك الثورة وبذل ما يلزم لها من المال والسلاح وغير ذلك ، كما خولتني حق اتخاذ جميع الوسائل والطرق التي تكفل نجاحها . وإني قد اخترتك لتقوم بمهمة إذكاء نار الثورة ، بعد الذي علمته عنك من رجال القضية العربية البارزين في مصر . فإن أنت أقدمت فإنك واجد كل ما تحتاج إليه من وسائل هذه الثورة ، فسأضع تحت تصرفك البنك بكل أمواله وسيمدك الجيش بما تشاء من السلاح . فهيا إلى العمل في سبيل القضية العربية وفي سبيل استقلال بلادك وحرية قومك ) .
( .... إن الثروة التي تنتظرك لو أقدمت على العمل لعظيمة جدا ، وما أرباح التجارة بالنسبة إليها إلا كقطرة في بحر ) .
( ... وسيكون المال الذي وعدتك كفيل بسد احتياجاتك وعامل على جذب الجمهور إليك . أما النفوذ الذي ذكرته فليس أهون من تدبير أمره ، ذلك بأن تنصب لك خياما في جهة من البصرة ، وتلحق بخدمتك عددا كبيرا من الحرس والخدم والتابعين ، وتهيئ الزاد للوافدين والضيوف ، وتجزل الهدايا وتمنح العطايا للأنصار والمؤيّدين . حينئذ سيقبل عليك أفوجا أفوجا ... ) .
الذي سال لعابه وشرب الشاي بنهم في الحاثة الأولى رفض الثروة والجاه والنفوذ في الحادثة الأخرى . هكذا تتجلى معادن الرجال .
يعلم سليمان فيضي وبعض النخب الوطنية الشريفة في العراق أن الإنجليز يستخدمون كافة الوسائل من أموال طائلة وأسلحة فتاكة وتجنيد رجال استخبارات محليين وزرع رموز هدامة ، كل ذلك من أجل إثارة الحروب والفتن في سبيل توطيد سيطرتهم على البلدان والعراق أحدها .
لم يعلم الجمهور في حينها بحوار الصفقة هذه ، تماما كما هو الحال اليوم ، فمن يدري عن صفقات القتل والتفخيخ التي تدار في السر ، فتفتك بالأبرياء وتسوق العراق نحو كوارث وأزمات؟ . وكما علمنا اليوم عن صفقات عام: 1916 بين القوى الغازية ومعاونيها في الداخل سيعلم أبناؤنا وأحفادنا ـ بالتفاصيل ـ عن صفقات المأساة العراقية بين القوات الغازية ، المحتلة وبين عناصر الداخل في مطلع القرن الواحد والعشرين . ستمائة وخمسة وخمسون قتيلا عراقيا في الفترة من: عام 2003 إلى شهر أكتوبر من عام: 2006 من جراء الاحتلال ، ويحاكمون صدام حسين في إعدام مائة وأربعين في حادثة الدجيل التي تعرض فيها رئيس البلاد إلى الاغتيال .
خداع مكشوف وكذب مفوضح:
مما قاله ووعد به لورانس: ( ..... فهيا إلى العمل في سبيل القضية العربية وفي سبيل استقلال بلدك وحرية قومك ) .
كرر لورانس مثل هذه الوعود لأنه يعرف أن العربي يحسن الظّن . جاءت هذه المعرف والإلمام من خلال دراسة تاريخية ونفسية لقوم لا يعرفون الغدر ونكث العهود . فمن الجمل الكاذبة: ( إني شغوف بحب العرب ، مفتون بسجاياهم ، حريص على كل ما ينفعهم .... ) . لكنه قابل رجلا وطنيا ، واعيا ، صادقا مع الله ومع نفسه ومع أمّته ، إذ لم ينطلي عيه الخداع ولا الجمل الكاذبة لأنه يعرف نوايا المستعمر الوحشي . وإننا لنعجب من تصديق ادّعاءاتهم اليوم بالتحرير وإرساء الديمقراطية من قبل كثير ممن لا نشك في أنهم أذكياء ، يعقلون ما يدار ويحاك .
هذا الرجل الوطني الفولاذي النزيه عرف كيف يكشف لورانس أمام نفسه مما حدا به ـ أي لورانس إلى القول: ( إنك سيء الظن في شرف الحكومة البريطانية وفي صدق عهودها .. ثق أن حكومتي إذا قطعت على نفسها عهدا وفت به ) .
محق لورانس فيما قال وادّعى ، فإن الحكومة البريطانية وعدت اليهود بإقامة دولة لهم على أرض فلسطين ، ووفت بوعدها فكان وعد بلفور عام 1917 ، وكان القتل والتهجير للفلسطينيين وهدم بيوتهم واقتلاع أشجار الزيتون ومصادرة الأراضي . أما في الشأن العربي فإليك هذه الخدعة:
لما فشل لورانس في إقناع سليمان فيضي بإشعال الثورة ضد الأتراك ، استدار نحو الشريف حسين ، وجرت مفاوضات توّجت باتفاقية تعهدت فيها الحكومة البريطانية بتشكيل حكومة عربية مستقلة استقلالا تامّا في الداخل والخارج . كانت المعاهدة التي أبرمت بين الشريف حسين وبين مكماهون خالية من توقيع وزير خارجية بريطانيا ، عن تعمد وقصد كيلا لا تتعارض مع بنود اتفاقية التقسيم: ( سايكس وبيكو ) .
مرت الخدعة على الملك حسين الذي باشر مهامه على وجه السرعة ، فأعلن الثورة ضد الأتراك ، وعندما انتهت الحرب وانتصرت بريطانيا ذهب الأمير فيصل إلى الحكومة البريطانية يعرض عليها المعاهدة المقدسة ، ويذكرها بوعودها المعسولة ، فقوبل بالإنكار والتجاهل ، وادّعى وزير خارجيتها بأن لا علم لديه بالمعاهدة أو بنودها ، وذهب دم العرب هدرا.....
إنه استبداد القوي بالضعيف ، وهذه الحقيقة والذي يحزننا هو استمرا الكذب والتضليل والخداع من قبل القوي الذي يقابله من الجهة الأخرى ، جهة الضعيف التصديق ، لا بل الخنوع ، فإما حسن نوايا وطيبة قلوب أو خيانات .
طالما أن الغازي أو المحتل يصفّي خصومه ، وكان الخصم آنذاك الدولة العثمانية فإن المرء يتساءل: يا ترى من هم خصوم الغزاة والمحتلين للعراق في الداخل؟ وما هي الخطة لتصفيتهم؟ . ومن يظن بأن الاقتتال في الساحة العراقية هو طائفي أو مناطقي أو عرقي كمن يعمل ضد نفسه ، ذلك أن البشاعة والكارثة التي حلّت بالعراق من ورائها لورانس جديد .
وإذا كان الغزاة في السابق يعمدون إلى الحيلة والكذب والخداع والمكر ، فإن كل ذلك يتوجهون به إلى الحاكم كي يطمئن ، ثم يطعن من الخلف مثلما حدث وجرى مع الشريف حسين . أما اليوم فإنهم أي الغزاة واثقون من صداقة الحاكم وبدلا من أن يسير الخداع في اتجاه الحاكم أصبح من فوهات مدافع الإعلام الموالي في اتجاه الشعوب .

في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة ، التاسع عشر من شهر يناير 1951 توفي سليمان فيضي باشا ودفن في الزبير وكتب على قبره: ( المغفور له الحاج سليمان فيضي باشا عاش شجاعا كريما أبيا وفيا عالما مؤمنا صادقا شفوقا عفيفا نزيها ، نصر الحق على الباطل وجاهد في سبيل أمته وبلاده . ولد في الموصل عام 1302هـ ـ 1885م ، وتوفي عام: 1370هـ 1951م ) .
الخديعة الكبرى
وافق الشريف حسين على إعلان الثورة ضد الأتراك وبدأت المفاوضات مع السير مكماهون المعتمد البريطاني في مصر وانتهت إلى إبرام الاتفاقية التالية:
1 – تتعهد بريطانيا بتشكيل حكومة عربية مستقلّة استقلالا تاما في الداخل والخارج يحدّها الخليج العربي شرقاً ، والبحر الأحمر وقناة السويس والبحر الأبيض غربا ، وحدود ولاية حلب وولاية الموصل شمالا والبحر العربي جنوبا ما عدا مستعمرة عدن الخاضعة للحكم البريطاني .
2 _ تتعهد بريطانيا بالمحافظة على هذه الدولة وصيانتها من أي تدخل خارجي أو اعتداء على سلامة حدودها البرية والبحرية .
3 _ تبقى البصرة تحت الاحتلال البريطاني حتى تتم تشكيلات الحكومة العربية الجديدة .
4 _ تتعهد بريطانيا بتزويد ربيبتها الحكومة العربية الجديدة بالأسلحة والذخائر والأموال أثناء الحرب ، وتزويدها بالمال اللازم بعد انتهاء الحرب لإنعاشها ريثما تستقر الأوضاع الاقتصادية فيها .
سارع الملك حسين بإعلان الثورة مدفوعا بحسن النية ، فلقد انطلت عليه خدعة مكماهون ، ذلك أن الإتفاقية خلت من توقيع وزير الخارجية البريطانية وتعمدت الحكومة البريطانية عدم التصديق ، وحينما فرغت بريطانيا من مشاغل الحرب وخرجت منها منتصرة بتضحيات عربية ، هلل العرب للإستقلال الموعود وذهب الأمير فيصل إلى الحكومة البريطانية يعرض عليها المعاهدة المقدسة ويذكها بوعودها المعسولة ، فأنكرته وتجاهلته وأنكر وزير خارجيتها أن يكون له علم بالمعاهدة أو بنودها . وهكذا خان الحليف حليفه واستبد القوي بالضعيف .

أسلوب لورانس في الحوار
إنه الأسلوب الإستخباراتي الدّال على قدرة صاحبه الفائقة على الإحتواء والخلخلة ، أسلوب المطلع المتمكن ، الدارس لنفسيات الغير والسياسي البارع المحنّك الذي يرسم الإستراتيجيات البعيدة . جمع بين المفاجآت والوعد بتحقيق الأماني ورسم الأحلام والإغراء والتخويف وكثير من الترغيب وشيء من ترهيب ، فيه المال بدا واضحا أكثر إرهابا .
سنورد هنا ـ بالنّص ـ ما قاله لورانس في الحوار مع سليمان فيضي باشا الذي كتب في مذكراته عن هذا الحوار: ( هذا حديث ولا كالأحاديث . هذا حديث طالما استعدته كلما خلوت إلى نفسي ، فأقول لها: أتراني جنيت على البلاد يوم رفضت دعوة لورانس فحرمتها سعادة أكيدة واستقلالا هنيئا؟ أم ترى أنني حقنت دماء بريئة ووفرت جهودا كادت تذهب أدراج الرياح؟............ ) .
نقول نحن: حقنت دماء بريئة ـ يا أيها الرجل الشهم ـ والعبرة في ما آل إليه الشريف حسين من وراء وعودهم الكاذبة .
حوار لورانس:
.... قلت أني أعلم كل شيء عنك فأرجو أن تخبرني بالحقيقة كاملة .....
أرجو أن لا تخفي شيئا .
ما هو مدى اتصالك بعزيز علي؟
كيف ومتى عرفت السيد رشيد رضا ورفيق العظم وحقي العظم وحسن خالد؟
ما هي علاقتك بياسين الهاشمي؟
أتعرف نوري الشعلان؟
ماذا تعلم عن محمد النجيفي من أهالي الموصل؟
هل تربطك بالأمير عبد العزيز آل سعود معرفة أو صداقة؟
هل تعرف الشريف حسين شريف مكة؟
هل تعرف أحدا من أولاده؟
من تعرف من أهل سوريا؟
هل تعرف عبد الرحمن باشا اليوسف؟
.... وإني قد اخترتك لتقوم بمهمة إذكاء نار الثورة بعد الذي علمته عنك من رجال القضية العربية البارزين في مصر ...... فسأضع تحت تصرفك البنك بكل أمواله ، وسيمدك الجيش بما تشاء من السلاح .....
...... وسيكون المال الذي وعدتك به كفيل بسد احتياجك وعامل على جذب الجمهور إليك . أما النفوذ الذي ذكرته فليس أهون من تدبير أمره ، ذلك بأن تنصب لك خياما في جهة من البصرة ، وتلحق بخدمتك عدد كبير من الحرس والخدم والتابعين ، وتهيئ الزاد للوافدين والضيوف ، وتجزل الهدايا وتمنح العطايا للأنصار والمؤيدين . حينئذ سيقبل عليك أفوجا أفواجا ، أما ما ذكرته من كره الشعب العراقي للإنجليز فليس ذي بال ، وهو شعور مؤقت سيزول حتما في مدّ وجيزة .
دعنا من الجدل وأقدم على الأمر إقدام الواثق من الفوز ، ولك من المال الذي أضعه تحت تصرفك عونا وأيّ عون .
...... إن الثروة التي تنتظرك لو أقدمت على العمل لعظيمة جدا ، وما أرباح التجارة بالنسبة إليها إلا كقطر في بحر .
***
اتسم الحوار في بداياته بتحفظ من جانب سليمان فيضي باشا إلا أنه لمس الأمان من جانب لورانس فتحدث بصراحة:
سليمان: لو سلّمنا جدلا بأنهم آمنوا بدعوتي ، فقدموا إلي واشتركوا معي في الثورة ، فمن ذا الذي يضمن مستقبلهم؟ ...........
لورانس: إذا شئت فإني أقدم لك تعهدا رسميا ، وبموجب هذا التعهد تستطيع أن تعدهم بضمان مستقبلهم ومستقبل البلاد .
سليمان: هب أنني اختلفت مع الإنجليز ، فماذا تفيدني العهود؟ غدا سيقولون لي: إذهب إلى لورانس فهو الذي تعهد لك .
لورانس: إني أتعهد باسم الحكومة البريطانية ، وزيادة في تطمينك ، فسيوقع عليها السير: برسي كوكس ممثل حكومة جلالة الملك .
سليمان: لو فرضنا أن حكومتكم تنصلت من وعودها فماذا عساني أفعل بتلك الوريقة التي تحمل توقيع ممثلها؟ وأيّ سلطة أراجع كي أرغم الإمبراطورية البريطانية على تنفيذ أحكام التعهد؟ .
لورانس: إنك سيء الظن في شرف الحكومة البريطانية وفي صدق عهودها ... ثق إن حكومتي إذا قطعت على نفسها عهدا وفت به ...
موقف ثابت:
لم يستطع لورانس أن يثني الرجل القدوة الشهم عن موقفه الوطني الشريف ، وخاب أمله بعد أن سمع من سليمان في آخر لقاء الآتي:ـ
إسمح أن أجمل لك رأيي النهائي . إني لا أوافق مهما حاولت ، فلا تزعجن نفسك بإعادة الجدل .
لو تكلّمنا أسابيع فلن أتخلّى عن موقفي . فلماذا لا تدعني أعود إلى داري حرّا طليقا؟
ولما طلب منه لورانس السفر بصحبته إلى جبهة القتال في علي غربي لاستكمال الحوار ، قال له سليمان:
.... ذهابي بصحبتك سيحمل الناس على الإعتقاد بأني جاسوس ، وفي هذا الكفاية لتحطيم سمعتي .
المال لا يصلح سمعة المرء . ثق بأن دخولي إلى دار القيام اليوم جعل مني في نظر بعضهم جاسوسا أو عميلا ، فكيف بي إذا ذهبت إلى جبهة القتال .
إذا أرسلت بطلب فراشي بنية السفر فليس إلى علي الغربي ( ساحة القتال ) ، بل إلى معسكرات الأسرى في الهند .
أرجو لك السلامة ، ولا تنتظرن أن تلقى تبدلا في معتقداتي عند عودتك .
***
التوقيع :
  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 08:59 PM   #4
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

وبعد انفرادنا في الغرفة جرت بيننا المحادثة التالية ، أسوقها إلى القارئ الكريم بأمانة ، وإذا كانت السطور الآتية تختلف عن حديثنا في شيء فإنما في الألفاظ ، وليس في المعاني ، ورغبة مني في الإختصار فسوف أرمز إلى لورانس بالحرف: [ ل ] وإلى أسمي بالحرف: [ س ]:
ل – إني وصلت البصرة هذا الصباح قادما من مصر لغرض الإتصال بك شخصا ، لذلك طلبت حضورك إلى هنا حال وصولي .
س – أشكرك ، وأرجو أن تسامحني إذا سألتك عما إذا كان أحدنا قد تشرف بمقابلة الآخر قبل اليوم .
ل – كلا ، لم يسبق أن تعرف أحدنا على الآخر ، ولكني أعرفك جيدا ، أو بالأحرى أعرف عنك الشيء الكثير ، خاصة عن أعمالك .
س – كيف ولماذا عرفتني؟ ثم ما الذي تعنيه بأعمالي؟
ل – أعني أعمالك السياسية . قلت: أني أعلم كل شيء عنك فأرجو أن تخبرني بالحقيقة كاملة.
حثني عن جمعية العهد ومدى قوتها .
س – لا توجد جمعية بهذا الإسم ولا بغيره ، كما وأني لم أسمع عن وجود أي جمعية في البصرة منذ الإحتلال .
ل – أرجو أن لا تخفي عني شيئا .
س – تأكد أنه لم يبق لتلك الجمعية أو لغيرها أثر في عهد الاحتلال ، كما وأنني شخصيا نفضت يدي من كل موضوع يمت إلى السياسية بصلة ، وقد حصرت جل همي في أشغالي التجارية وأموري الخاصة .
ل – ألم تكن قبل الحرب نائبا معارضا للإتحاديين في مجلس النواب العثماني.
س – كنت .
ل – ألم تكن منتسبا إلى حزب اللامركزية وجمعية العهد؟
س – نعم كان ذلك قبل الحرب أما الآن........
ل – ألم تعمل على بث الفكرة القومية العربية في العراق ، لا سيما في الموصل؟
س – نعم هذا صحيح .
ل – أخالك لا تزال حذرا مني ، فلكي أزيل هذا الحذر أبلغك تحيات بعض أصدقاءك ، الذين طالما أثنوا على كفاحك في سبيل القضية العربية ، وأطروا على جهادك في مضمار القومية ، مما حدا بي إلى مقابلتك والاعتماد عليك لانجاز مهمتي الخطيرة . أما أولئك الأصدقاء فهم: عزيز علي ، والسيد رشيد رضا ، ورفيق العظم ، وحقي العظم ، وحسن خالد الصيادي .
س – أشكرك على ثقتك بي ، كما أشكرهم على حسن ظنهم وجميل ثنائهم . إني في الحقيقة لم أقم بعمل يستحق الذكر .
ل – هذا تواضع . على كل فإني أرجو أن تكون الآن في غاية الاطمئنان ، وأن لا تخشى بأسا . إني أثق بك وأصدق كل مت تقوله ، فأخبرني عن جمعياتكم وعن مدى قوتها . إنك تعلم أننا أعداء الترك ، وزيادة على ذلك فإني أعاهدك على كتمان المعلومات السرية التي سوف تدلي بها إلي .
س – تأكد أنه لا توجد الآن في البصرة أية جمعية . وكل ما ذكرته كان قبل الحرب .
ل – ما هو مدى لاتصالك بعزيز علي؟
س – لم يسبق أن قابلته ، وإنما تجمعني وإياه رابطة المبدأ . عرفته قبل أن يعرفني لصيته الذائع . أما هو فقد عرفني يوم سجن في الأستانة وحكم عليه بالموت ، فكان فريق من أصحابه وبعض أقاربه ولفيف من أعضاء جمعية العهد والضباط العرب يجتمعون في داري بالأستانة لتدبير أمر نجاته . حتى يسر اله أمر خروجه من السجن وسفره إلى مصر .
ل – كيف ومتى عرفت السيد رشيد رضا ورفيق العظم وحقي العظم وحسن خالد؟
س – تعرفت بالسيد رشيد رضا حين زار البصرة قبل خمسين سنة ، ثم التقينا مرارا في مصر . أما الآخرون فقد تعرفت عليهم أثناء زيارتي لمصر في الطريق إلى الأستانة . هذا علاوة على الإتصال الكتابي والمراسلة المستمرة التي كانت بيني ، بصفتي سكرتيرا للجمعية الإصلاحية ولحزب الائتلاف ، وبينهم بصفتهم أقطاب الفكرة العربية .
ل – ما هي علاقتك بياسين الهاشمي؟
س – إني أعرفه مذ كنا طلاب في المدرسة ، ثم توثقت صداقتنا عندما ذهبت إلى الموصل عام 1912 تأسيس جمعية إصلاحية فيها ، ولبث الفكرة القومية العربية بين أبنائها .وكان ياسين في ذلك الوقت قائدا لحامية الموصل ، وكان هو الآخر متحمسا للفكرة ، فكان يعنيني في مهمتي ويسهل لي الاجتماع بالضباط العرب سرا .
ل – أتدري أين هو الآن؟
س – كلا .
ل – إنه في أدرنة قائدا لحاميتها . وقد أرسلته الحكومة الاتحادية على هناك بعد أن افتضح أمر انتمائه إلى جمعية العهد .
س – لم أكن أعلم بذلك .
ل – أتعرف نوري الشعلان؟
س – كلا .
ل – ماذا تعلم عن محمد النجيفي من أهالي الموصل؟
س – أعرفه ، فهو من وجهاء الموصل .
ل – إنه اتحادي أليس كذلك؟
س – حينما كنت في الموصل علمت أنه اتحادي ، كذلك كان الكثيرون غيره.....
ل – هل تربطك بالأمير عبدالعزيز السعود معرفة أو صداقة؟
س – عرقته شخصيا منذ سفرتي إلى نجد بصحبة السيد طالب النقيب . لقد نزلنا في ضيافته ، ولقيت منه محبة وتوددا ، حتى أنه فاتحني أكثر من مرة طالبا بقائي في خدمة إمارته ، فاعتذرت .
ل – هل تعرف الشريف حسين شريف مكة؟
س – نعم قابلته مرتين أو ثلاثة في مكة ستة 1910 أثناء وجودي فيها لأداء فريضة الحج .
ل – هل تعرف أحد من أولاده؟
س – تعرفت على الشريف فيصل نائب جد في مجلس النواب العثماني حين كنت نائبا عن البصرة . ورأيت الشريف عبدالله في مكة والأستانة دون أن يحصل بيننا تعارف .
ل – أتدري أين الشريف فيصل الآن؟
س – كلا .
ل – إنه الآن في الشام .
س – ليس لي علم بكل ما يجري في البلاد العثمانية ، بسبب انقطاع البريد بين البصرة ويبن الأقطار العربية التي لا تزال في قبضة الأتراك .
ل – من تعرف من أهل سوريا؟
س – لي أصدقاء كثيرون هناك مثل محمد كرد واخوانه ، وشكيب أرسلان ، وفوزي العظم ، وشكري العسلي ، وعادل أرسلان ، وبديع المؤيد ، وعبدالحميد الزهراوي ، وسليم الجزائري ، وفارس الخوري ، ومحمد بيهم ، وسلام علي سلام ، وأحمد طبارة ، والشيخ عباس الأزهري ، وبشير القصار، وعبد الغني العريسي ، وطه المدور ، وعمر حمد ، وعبدالكريم قاسم الخليل ، وغيرهم .
ل – هل تعرف عبدالرحمن باشا اليوسف؟
س – نعم .
ل – كيف ترى وضع الضباط العرب في الجيش العثماني الآن؟
س – أعتقد أن أكثرهم غير مرتاح من الترك .
ل – هل تعلم السبب الذي حدا بي إلى القدوم إلى البصرة ومقابلتك؟
س – لا ، أبدا .
ل – غاية جليلة جدا ، فيها استقلال بلادك وسعادة العرب في مختلف أقطارهم وفيها تقدمك معنويا ، واستفادتك ماديا إذا عاضدتني وأنجزت المهمة التي سوف أعهد إليك القيام بها .
س – يا حبّذا سعادة البلاد واستقلالها . ولكن كيف يتسنى لي أن أعاضدك وأنا فرد . وما هو هذا العضد الذي ترتجيه مني يا ترى؟

ضرب على الوتر الحساس
( وهنا اعتدل لورانس في جلسته ، , وأطرق قليلا كمن يستجمع شتات فكره ، ليصوغ عبارات الحديث الخطير الذي سوف يدلي به ، ثم نابع حديثه قئلا:
ل – إني شغوف بحب العرب ، مفتون بسجاياهم ، حريص على كل ما ينفعهم . وقد سنحت لي الفرصة الآن بتحقيق أمنيتي بتقديم خدمة عظيمة إليهم ، وخاصة العراقيين منهم ، بأن أعمل على إنالتهم استقلالهم .
إنها يا سيدي فرصة ذهبية ، ذلك أن أكثرية الشعب الإنجليزي لا ترتاح إلى استعمار بلاد جديدة بعيدة عن الجزر البريطانية ، وهذه الأكثرية الشعبية تسند حزب الأكثرية في البرلمان . فمن الواضح إذن أن لا تفكر الحكومة البريطانية في استعمار البلدان التي سوف تصبح تحت الاحتلال البريطاني بعد الحرب ، وهي بدون شك عازمة على إفساح المجال للشعوب العربية كي تتمتع باستقلالها وتنال حقوقها ، بشرط أن يساهم العرب أنفسهم في الحصول على ذلك الاستقلال ، وأن يبرهنوا على رغبتهم فيه .
وهناك على ما أعتقد وسيلة واحدة لتحقيق ذلك ، ألا وهي الثورة على الأتراك ، فإذا أعلن العرب الثورة على الأتراك وحاربوهم بجانب الجيوش البريطانية ، فيكون لهم الاستقلال والحرية . إما إذا قبعوا في دورهم ، آملين أن تمنحهم بريطانيا الاستقلال بعد نصرها ، فذلك أمر غير مقبول ، خاصة وأن بريطانيا مسئولة أمام حلفائها عن تصرفاتها تجاه الشعوب الخاضعة للحكم العثماني . إذن فلا بدّ من الثورة لتنال البلاد العربية استقلالها . وقد فوضتني الحكومة البريطانية لإشعال تلك الثورة وبذل ما يلزم لها من المال والسلاح وغير ذلك ، كما خولتني حق اتخاذ جميع الوسائل ، والطرق التي تكفل نجاحها . وإني قد اخترتك لتقوم بمهمة إذكاء نار الثورة ، بعد الذي علمته عنك من رجال القضية العربية البارزين في مصر . فإن أقدمت فإنك واجد كل ما تحتاج إليه من وسائل هذه الثورة ، فسأضع تحت تصرفك البنك بكامل أمواله ، وسيمدك الجيش بما تشاء من السلاح . فهيا إلى العمل في سبيل القضية العربية ، وفي سبيل استقلال بلادك وحرية قومك .
س – إنك غير موفق على ما أظن في اختيارك إياي للقيام بمثل هذه العمل الجبار . فأنا رجل متحضر لا تعضدني عشيرة ، وأنا متوسط الحال ليس لي نفوذ الأثرياء وسطوة الإقطاعيين. إنك بحاجة إلى رجل ذي نفوذ عظيم وشهرة واسعة بين الناس ، وأنا لست بهذا ولا ذاك . أضف إلى هذا شعور العداء الذي يكنه العراقيون لبريطانيا بعد الذي لمسوه من معاملة سيئة وازدراء مشين على أيدي رجالها العسكريين .
ل – ربما كنت أنت الواهم يا سيدي فيما ذهبت إليه ، فليس النفوذ والثروة هما كل شيء في الموضوع ، وسيكون المال الذي وعدتك الذي وعدتك به كفيل بسد احتياجك وعامل على جذب الجمهور إليك . أما النفوذ الذي ذكرته فليس أهون ن تدبير أمره ، ذلك بأن تنصب لك خياما في جهة من البصرة ، وتلحق بخدمتك عددا كبيرا من الحرس والخدم والتابعين ، وتهيئ الزاد للوافدين والضيوف ، وتجزل الهدايا وتمنح العطايا للأنصار والمؤيدين . حينئذ سيقبل عليك أفواجا أفواجا ، أما ما ذكرته من كره الشغب العراقي للإنجليز فليس ذي بال ، وهو شعور مؤقت ، سيزول حتما في مدة وجيزة .
س –إن خطتك قد تنجح على شرط أن يقوم بها رجل آخر ، ولعل السيد طالب باشا النقيب يستطيع أن ينجز هذه المهمة ، على الوجه الأكمل ، فلماذا لا تفاوضه في منفاه في الهند؟ .
ل – إن الحكومة تفضل بقاء السيد طالب في الهند . فأرجو أن تعتمد على نفسك ، وأن تثق بمقدرتك ، واعلم أن للإخلاص والمقدرة أهمية أعظم بكثير من النفوذ والمال .
س – لقد أبنت رأيي صراحة بأنني لا أستطيع القيام بهذا الأمر ، فابحث عن غيري ، ولك مني الإرشاد . اذهب إلى أحمد باشا الصانع وفاوضه لعله يقبل ، فهو ذو كلمة مسموعة في البصرة وذو علاقة متينة بعشائر المنتفك .
ل – إن العلم والمقدرة يؤهلان المرء القيام بأخطر المهام . فأرجو أن توافق على قيامك شخصيا بهذا الواجب المقدس دون أن ترشدني إلى أحد سواك .
س – قد يكون للمقدرة والعلم المقام الأول في تقدم الرجال عندكم ، أما هنا فالناس يلتفون حول ذوي الألقاب وأصحاب الجاه العريض والغنى الفاحش .
ل – دهنا من الجدل ، وأقدم على الأمر إقدام الواثق من الفوز ، ولك من المال الذي أضعه تحت تصرفك عونا وأي عون .
س – لا يحفاك أني أمارس التجارة في الوقت الحاضر ، ولي مع سائر أنحاء الهند والخليج علاقات تجارية واسعة . أفلا تتصور مقدار الأضرار التي سوف تلحق بي وبعملائي لو أني أقدمت على هذا العمل .
ل – تفضل وقدر الأضرار التي تتصور أنها ستلحق بك ، فادفعا لك شيكا على البنك حالا .. كعربون . إن الثروة التي تنتظرك لو أقدمت على العمل لعظيمة جدا ، وما أرباح التجارة بالنسبة إليها إلا كقطرة في بحر .
س – هب أني نلت ثروة عظيمة . أفلا تظن أن الترك سوف ينتقمون من أبي وإخوتي وأقربائي في الموصل ، إن الترك لن يغفرون لي مثل هذا العمل ، ولا أهلي الذين سيذهبون ضحية إقدامي عليه .
ل – إن من يطلب الاستقلال لبلاده والمجد لشعبه ولنفسه ، يهون عليه حتى مقتل أبنائه في سبيل ذلك .

الصراحة أجدى
( وهنا اعتدلت في جلستي ، وعزمت على أن أصارحه بوجهة نظري الحقيقية ):
س – أريد الآن أن أصارحك بالحقيقة كاملة ، إذا ضمنت لي السلامة وكتمان الحديث .
ل – إني أرجو أن تصرح بكل ما يجول في خاطرك ، ولك عهد بكتمان السر .
س – إني شخصيا لست أرى مبررا إلى الانتقام من الترك ، إذ ليس بيننا وبنهم عداء ، وإنما العداء مستحكم بينهم وبينكم فحسب .
ل – عجيب ما تقول . أليس الترك أعداءكم؟ ألم يستعبدونكم القرون الطوال؟ ألم تحاربوهم بألسنتكم وأقلامكم؟ أما انتظمتم في جمعيات سرية وتآمرتم على حكمهم ، وودتم لو أخرجتموهم من دياركم؟ .
س – لا تعجب مما قلت . فالترك لم يستعبدونا بالمعنى الصحيح ، لقد كان العربي والتركي سواسية أمام القانون ، وكانت أبواب الوظائف الحكومية ومراتب الجيش مفتوحة للجميع ، فبإمكان التركي أن يرقى في المناصب حتى يصبح واليا أو وزيرا ، كذلك العربي إن هو أثبت أهلية وجدارة ، ولم يكن بين الموظفين في البلاد العربية غير القليل من الأتراك ، أما الأكثرية فقد كانت من أبناء البلاد
العدو

دار عدوّك لأحد أمرين: إما لصداقة تؤمنك أو فرصة تمكنك .
كأمة تسعى على هذه الأرض لتعيش في وفاق مع الآخرين في إطار المحبة والسلام ، لا تصبر ـ كغيرها ـ على الضيم والذّل ، ومن القهر والضيم سلب الحقوق وقمع الإرادة ، ومن الواجبات المقدسة الدفاع عن الحقوق في الأرض والسيادة . هذه الأمة الصابرة مسلوبة الحقوق ناقصة السيادة في بعض أراضيها ، مكتومة الأنفاس شعوبها . إذا هناك خصوم وأعداء ، وعدو لدود اغتصب الأرض ويعمل على مصادرة السيادة ويسعى على تفتيت الأمة وتمزيقها . ولما يكون هذا العدو من الشراسة والصلف بمنزلة الأحمق المتغطرس المعتمد على ذراعه الحديدي ، كثور هائج في معرض خزف ، دون مراعاة لعرف دولي أو مبدأ إنساني وأخلاقي ، فإن مقاومته باتت أمرا مشروعا في طريق اقتلاع ظلمه وجبروته .
ومن الخزي والعار أن لا يتفق الأشقاء في الرؤية الواحدة تجاه الخصم كإسرائيل الجاثمة على صدور الأمة ، المدعومة من دول لنا معها عداء تاريخي ، وإن تبسمت لنا وابتسمنا لها فما ذاك إلا نفاق سياسي ، لكن أن يحتضنها الشقيق ويقبل بصداقة العدو قبل تسوية الخلافات واستعادة الحقوق دون مراعاة لأحاسيس ومشاعر أصحاب الحق وهي الأمة بمساريها القومي والديني ، فذاك ما لا ينبغي .
سئل بزجمهر: من أحب إليك ، أخوك أو صديقك؟ فقال: ما أحب أخي إلا إذا كان صديقي .
قيل لحكيم: بأي شيء تعرف وفاء الرجل ودوام عهده دون تجربة واختبار؟ ، فقال: بحنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وتلهفه على ما مضى من زمانه .

هذا العدو كيف يكون صديقا لشقيقي ومؤانسا ومؤازرا لابن عمّي؟ . ما هذه الفضائح ، وما هذا العبث السياسي في هذا الزمن الرديء ، إن كانت لدى الشقيق أوابن العم سياسة؟ .
لم نقرا في تاريخ أمّتنا المجيدة أي عمل عبثي في مصير الأمة من قبل صفوة رجالنا إلا من نفر هابط ، ظهرت لهم بذاءة وحقارة وخسة في تاريخ سقوط الأندلس واحتلال العراق الصامد العصي ، يتقزز منها صغار أمتنا العريقة .
الذي يحدد العدو من الصديق في الشأن القومي والإنساني من يعرف الأمن القومي وحقوق الإنسان وحقوق السيادة على الأرض . فعندما اجتهد لورانس عام 1916 في غرس مبدأ العداء المطلق للأتراك في نفس سليمان فيضي والعراقيين في سياق العمل العبثي إيّاه تجاه المصير ، من خلال حواره:
لورانس: ( ... أليس الترك أعداءكم؟ ألم يستعبدونكم القرون الطوال؟ الم تحاربوهم بألسنتكم وأقلامكم؟ أما انتظمتم في جمعيات سرية وتآمرتم على حكمهم وودتم لو أخرجتموهم من دياركم؟ ) .
جاء الردّ المسئول من رجل وطني خبير بأمته وثقافتها يعرف من هو عدو الأمة ويعرف كيف يميز بين الأعداء . كان ردّه ، ردّ القيادي الواعي المخلص لأمته:
سليمان: ( ... الترك لم يستعبدوننا بالمعنى الصحيح ، لقد كان العربي والتركي سواسية أمام القانون . أما نضالنا في السر والعلن ضد الحكومة العثمانية فكان في نطاق الشئون الداخلية ، ولغرض الحصول على بعض الحقوق المشروعة التي كانت قد أنكرتها على الشعوب العربية... فكفاحنا والحال هذه كان أشبه باختلاف حصل بين ورثة كل يطالب بحصة أكبر .......الخ ) .
في خضم الصراع العنيف والدّامي في الشام وبلاد الرافدين ، لا بل والمصيري بين العرب والأتراك حدد سليمان فيضي من هو العدو الحقيقي والخصم اللدود ، فوجده بأطماعه ووحشيته في بريطانيا التي تسببت عبر التاريخ ـ في أذى العرب وأوغلت فيه حتى بلغت أوصلته إلى جروح غائرة نازفة ، ولا تزال ، وهي اليوم متحالفة مع القطب الأوحد في مسعى لإذلال العرب وإخضاعهم للسيطرة .
هناك اليوم من ينظر إلى العدو التاريخي للأمة ، القاتل للأطفال والنساء ، المغتصب للأرض نظرة الصديق . نفى العدوانية الإسرائيلية الدائمة ليدخل في قاموس النفاق الصداقة العربية الإسرائلية ، ويحول العداء إلى المقاومة الإسلامية في فلسطين [ حماس ] ، والمقاومة اللبنانية: [ حزب الله ] .
لقد صدق لورانس في ما قال ، فسليمان فيضي وشلة من الأحرار أمثال السيد طالب بك النقيب وأحمد باشا الزهير ونيازي بك وغيرهم قاوموا الأترك عبر الصحافة والحشد الجماهيري والتحريض ومستعدين لرفع وتيرة المقاومة إلى الكفاح المسلح إلا أنهم يرون في بريطانيا العدو الظالم ، الشرس الذي لا يرحم ، والذي يجب استئصاله من بلاد العرب . من هنا لم يرضخ لمطالب لورانس بإشعال ثورة ضد الأتراك رغم المغريات التي قدمها له والوعود بقوة النفوذ والجاه .
كان سليمان فيضي جريئا في الحوار مع لورانس في رفضه إقناع الضباط العرب في مقاتلة الأتراك ، لأنه صادقا مع الله ومع نفسه ومع أمته . فعندما تظاهر لورانس بالصدق والنزاهة حول وعوده باستقلال البلاد العربية من خلال عبارات تتنافى مع النوايا ، لم يتردد سليمان في الرّد الصريح والجريء:
لورانس: ( إذا شئت فإني أقدم إليك تعهدا رسميا ، وبموجب هذا التعهد تستطيع أن تعدهم بضمان مستقبلهم ومستقبل البلاد ) .
سليمان: ( هب إنني اختلفت مع الإنجليز ، فماذا تفيدني العهود؟ غدا يقولون لي: اذهب إلى لورانس فهو الذي تعهد لك ) .
لورانس: إني أتعهد باسم الحكومة البريطانية ، وزيادة في اطمئنانك ، فسيوقع عليها السير برسي كوكس ممثل حكومة جلالة الملك .
سليمان: ( لو فرضنا إن حكومتكم تنصلت من وعودها ، فماذا عساني افعل بتلك الوريقة التي تحمل توقيع ممثلها؟ وأيّ سلطة أراجع كي أرغم الإمبراطورية البريطانية على تنفيذ أحكام التعهد؟
من يجرؤ ممن لهم صلاحية الحوار مع الكبار على قول كهذا؟
لكنه سليمان فيضي ورجال العراق الأبي ونخب وشعوب هي التي لديها الجرأة لسبب واحد فقط: أنها صادقة . تركنا سليمان فيضي نضحك بسخرية بعد أن أثار لورانس فقال كذبته الكبيرة التي هي جزء من ثقافة حكومته .
لورانس: ( إنك سيء الظن في شرف الحكومة البريطانية وفي صدق عهودها ..
ثق إن حكومتي إذا قطعت على نفسها عهدا وفت به .. ثم لا تنسى أن العمل الذي عهدت به إليك هو لمنفعتكم ليس إلا ... ) .
أين شرف الحكومة البريطانية من تهجير وتشريد الفلسطينيين من ديارهم أيام الانتداب البريطاني؟ كانت فلسطين عهدة وأمانة لدى بريطانيا فسلمتها رويدا رويد لإسرائيل ، فأين هو الشرف؟ لذلك يضحك ويسخر حتى أطفالنا .
أين الشرف وهي ـ أي بريطانيا ـ تسعى مع أمريكا في مجلس الأمن إلى تعطيل جهود إيقاف الحرب الإسرائيلية الظالمة ، والتي لم يعرف لها التاريخ مثيلا ، على لبنان؟
أين الشرف والقنابل الذكية ترد من القواعد الأمريكية على مطار هيثرو لتقتل آلاف اللبنانيين من النساء والأطفال؟
نعم أعرف عدوك ، ثم داره إما لصداقة تؤمنك أو فرصة تمكنك .

فرق تسد

جئت لألقي نارا على الأرض أتظنون أنّي جئت لألقي سلاما
جغرافيا واجتماعيا وسياسيا ومذهبا وطائفيا سعوا إلى التفريق بين اللحمة الواحدة ، فزرعوا ألغاما موقوتة يفجرونها أنى شاءوا ، بينما تاريخ أمتنا المجيدة يحكي عن تآخي ساد بين أطياف ومكونات الشعوب .
احلم تسد .
وليس فرّق تسد ، فالدم حرام والإنسان مكرم عند من يعدل
ويحلم ، ومستباح عند من يرمي القنابل بالأطنان فوق رؤوس
الأبريا من بني آدم .
استغلال المسألة الكردية
استثمرت بريطانيا لصالح مآربها ومخططاتها في عموم الشرق الأوسط القضية الكردية ، وفي العراق بصورة خاصة ، وتعمل جاهدة لاستغلال هذه القضية إلى جانب زرع بذور الفتن الطائفية في وفاق تام مع القوى الاستعمارية الأخرى والقوى الصهيونية .
[ الأكراد شعب جبلي قديم استوطن أساسا بعض المناطق من إيران وتركيا ، ويذكر عدد من المؤرخين أنهم أحفاد الميديين ، وهم اليوم يبلغون حوالي: 15 ـ 16 مليون نسمة ، يتوزعون بين تركيا وإيران والعراق وإلى حد ما سوريا . [ القضية الكردية في العشرينات ] . د . عزيز الحاج
ليس هناك اتفاق عام حول أصل الأكراد وهويتهم ومناطقهم ، وقد بدأ الإهتمام ـ فقط ـ بأصلهم وموطنهم وخصائصهم منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، وذلك الاهتمام جاء عبر خلفيات سياسية فرضتها المنافسة على مناطق النفوذ واقتسام العالم .
[ لم يتفق العلماء والباحثون على تحديد أصل الأكراد ، فجاء التباين:
يعتقد العالم الروسي مارّ أن الأكراد هم السكان الأصليون لجبال آسيا الصغرى ، وهم في ذلك مثل الأرمن والجورجيين والخالديين . ويربط مارّ أصل الأكراد بقوم ورد ذكرهم كثيرا في الكتابات القديمة تحت اسم: كروخ .
وللعالم الروسي الآخر: [ مينورسكي ] نظرية طرحها عام 1938 ، وهو يرى أن الأمة الكردية تنحدر من أسلاف من بيتها قبيلتان أبناءهم ، هما: Les Mardes – Les Kyrtu ، وقد هاجروا بعد سقوط نينوى علم 612 ق. م .
يرى العالمان: محمد علي علي عوني وحسين حسني أن الأكراد شعب من أصل هندو – أوروبي ].
إذن فالإهتمام بالمسألة الكردية جاء على خلفيات سياسية ، وما نشاهده اليوم من غزو إنجلو - أميريكي على العراق هو خير دليل على أن القوى الإستعمارية تناور وتلعب بالورقة الكردية .

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 10-18-2009 الساعة 09:02 PM
  رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 09:06 PM   #5
الدكتور منير
حال جديد

افتراضي

وضحك الانجليزي على العرب ونكثوا بوعودهم . ولا استقلال منح لهم وضاعت فلسطين .
والتاريخ يعيد نفسه .
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اليمن ، إلى أين ؟ - 4 - التأريخ والجغرافيا .. الإنسان والحضارة (3) حضرموت 2 نجد الحسيني سقيفة الحوار السياسي 41 02-22-2010 10:22 PM
اتحاد المعلمين العرب يدعو جماهير الأمة العربية للتحرك الشعبي الواسع تضامنا مع وحدة ال يماني وشامخ كياني سقيفة الأخبار السياسيه 1 11-14-2009 02:38 AM
منهم العرب ومنهم العرب المستعربه سالم بامخشب الســقيفه العـامه 10 08-21-2009 03:49 PM
بقع من النيران (ومن فمك يا طارق الفضلي تتم الإدانة) شاهين سقيفة الحوار السياسي 21 08-14-2009 07:13 AM
لماذا رفضوا القادة العرب إقتراح اليمن بمشروع إتحاد عربي حسب الطريقة اليمنية ؟ احمد سعيد سقيفة الحوار السياسي 9 04-06-2009 08:54 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas