المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


الفقية بامخرمة الحضرمي يتصدى لجماعة ابن عربي / للشيخ أكرم مبارك عصبان

سقيفة الحوار الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-29-2010, 02:59 PM   #1
حضرموت السنية
حال جديد

الفقية بامخرمة الحضرمي يتصدى لجماعة ابن عربي / للشيخ أكرم مبارك عصبان

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الفقية بامخرمة الحضرمي يتصدى لجماعة ابن عربي
للشيخ أكرم مبارك عصبان

من حضرموت التي ساد بأرضها التصوف وعشش فيها وفرّخ من بعد القرن السابع الهجري برز صهيل خيل يركبها فقيه من فقهائها عاش في القرن العاشر الهجري يزحف زحفا في الميدان ليلتحق بقافلة العلماء الذين تصدوا لجماعة ابن عربي ويسير في ركابهم، الذي مضى عيرها في مواجهة هذه الفرقة الضالة التي ما فتئيت تقطع طريق الحق بما تلقيه من عقائد باطلة غزت بها بلاد الإسلام بعدما تلقفتها من الفلاسفة وألبستها لباس الزهد فشد عليها العلماء بالرد وبيان حقيقتها ودفع ما تنشره من ضلالات عدت على التوحيد بالتشويه وغالت تعاليم الإسلام؛ حيث وجب على الناصحين القيام بالنصرة وفضح هذه الكتب التي في متونهن بلاء الشك والريب، ولولا كتائب العلماء تصول وتجول لزاد شرها وتطاير شررها، ومن فرسان هذا الميدان يأتي الفقيه الحضرمي.
هَلاّ سَأَلْتِ الخَيْلَ يا ابنَةَ مالِكٍ *** إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمي
وحديثنا يكون في خمسة مقامات على النحو التالي:

المقام الأول: نبذة عن الفقيه الحضرمي
الفقيه هو تقي الدين أبو الطيب عبد الله بن عمر بن عبد الله بن أحمد بامخرمة السيباني، العلامة الفقيه صاحب الفتاوى التي أودعها الفوائد والمصنفات التي اشتملت على الفرائد، برع في علوم متعددة، وكان ذا ملكة في الفقه ومعرفة بالقواعد والنصوص والأقوال، وقد اشتغل بالفقه الشافعي تدريسًا وتأليفًا وإفتاءً، وهو ينزع إلى تحرير المسائل والغوص في البحث دون الاكتفاء بتقرير من سبقه، كما جاء في جواب له على مسألة ( ولا شك أن سببهم في ذلك الاكتفاء بالتقليد وعدم الإمعان في الكشف عن المسألة وتتبع نقل الأصحاب فيها)، قاله في صاحب الأنوار والشيخ المقري والشيخ زكريا، وما زال يعني يرقى في المذهب حتى لقب بالشافعي الصغير، وقيل شيخ الشافعي الأخير.

ولد بالشحر، سنة سبع وتسعمائة، وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، تلقى العلم على يدي فقهاء عصره من علماء حضرموت وعدن وزبيد، وأخذ عن علماء الحرمين في رحلته للحجاز، تقلد الفقيه تقي الدين القضاء بالشحر مرتين في عهد السلطان بدر بو طويرق الكثيري كما تسنم رتبة الإفتاء وجمعت له الفتاوى الهجرانية والعدنية، وشغل وظيفة التدريس فقد استنابه عمه الطيب في تدريس المنصورية والظاهرية، كما تولى التدريس أيضًا بالمدرسة الفرحاتية، وكذا كان يجلس في الجامع بعدن للإفادة توفي سنة (972 هـ)(1).

المقام الثاني: مع مدرسة حضرموت في التصوف
للفقيه بامخرمة جولة ظافرة في التصدي لجماعة ابن عربي، وإن كانت المدرسة الحضرمية قد اتخذت منهجًا خاصًّا في التعامل مع كتب ابن عربي خطه أحد أقطابها الملقب العيدروس (ت 865 هـ)، ففي مواهب القدوس في مناقب أبي بكر بن عبد الله العيدروس أنه قال: لا أذكر أن والدي ضربني ولا انتهرني قط إلا مرة واحدة بسبب أنه رأى بيدي جزءا من الفتوحات المكية لابن عربي، فغضب غضبًا شديدًا فهجرتها من يومئذ، قال: وكان والدي ينهى عن مطالعة كتابي الفتوحات والفصوص لابن عربي، ويأمر بحسن الظن فيه وباعتقاد أنه من أكابر الأولياء العلماء بالله العارفين بالله تعالى، ويقول: إن كتبه اشتملت على حقائق لا يدركها إلا أرباب النهايات فتضر بأهل البدايات.

وأكد على هذا المسلك عبد الله بن علوي الحداد (ت 1132 هـ) فمما كتبه إلى بعض أصحابه: لا تعلق خاطرك بالشيخ ابن عربي وأضرابه فإن ذلك معجزة وربما دعا الناس إلى الدعوى بما لا يبلغه وعليك بالعلوم الغزالية وما جرى مجراها من الصوفيات الفقهيات، التي هي علوم الشرع وصريح الكتاب والسنة فثم السلامة والغنيمة، واحترز مما سوى ذلك فإنه ربما يشوش على الإنسان سلوكه(2).
والعيدروس والحداد هما شارحا الطريقة الحضرمية.

تنبيهات:
الأول: ما ذكر الشلي في المشرع الروي من أن أبا بكر المذكور آنفا تولى شرح كتاب الفصوص لا يتناقض مع ما ذكر؛ لأنه ربما أدرك رتبة النهايات المشار إليها، وقد ورد في المشرع ما نصه: وكان أبو بكر يكشف المشكلات والأسرار التي اشتمل عليها الفصوص لابن عربي، نقل عن تلميذه مؤلف مواهب القدوس تلميذه العلامة محمد بن عمر بحرق:
أظهرت ما أخفى الفصوص وغيره *** من كل علم حار فيه من دأب
أوضحته من غامض السر **** الذي قد حزته من غير كد أو نصب(3)
الثاني: ما قرره العيدروس في التعامل مع كتب ابن عربي سبق به ما ارتضاه السيوطي بقوله: (والقول الفصل -عندي طريقة لا يرضاها فرقتا أهل العصر لا من يعتقده ولا من يحط عليه وهي اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه فقد نقل عنه هو أنه قال نحن قوم يحرم النظر في كتبنا)(4).
الثالث: إن المتأمل لما طفحت به كتب الطريقة الحضرمية يجد أثرا واضحا بمصطلح القطبية والحقيقة المحمدية والشطحات وغير ذلك من عقائد ابن عربي التي تسللت إليها لواذا، مما يدل على مجانبة هذه الوصية من الناحية العملية على الأقل وما خلعوه من خصائص على الأقطاب تتنافى مع مقام الربوبية فضلا عن الانحراف في توحيد الألوهية ولا حول ولا قوة إلا بالله.

المقام الثالث: الرد على جماعة ابن عربي
وهذا هو بيت القصيد من الموضوع؛ حيث تبلور دفع الفقيه تقي الدين لصيال جماعة ابن عربي في كتاب أفرده لهذا الشأن أسماه (حقيقة التوحيد وصحيح الاعتقاد في تكفير طائفة الوحدة والاتحاد ولكننا بكل أسف لم نجد له أثرا، ولا سبيل للوصول إليه.
حَلّتْ بأرْضِ الزّائرينَ، فأَصْبَحَتْ *** عَسِرًا عليّ طِلابُكِ ابنة مَخْرَمِ
ولئن توارى بالحجب فإن شذرات من فتاواه عوضت بعض هذا الأسف تضمنتها الفتاوى العدنية، وهي ما سنعرض لها هنا، وهو بذلك ينتظم بذلك في سلك الفقهاء -لا سيما فقهاء زبيد- الذين ناصبوا هؤلاء المتصوفة العداء ونازعوهم نزاعًا عنيفًا حينما تفشى اعتقاد مذهب أهل الوحدة، ولا بد من الإشارة هنا بأن المتصوفة ليسوا سواء في المنهج وعليه فيختلف الحكم، وذلك قبل أن يغلب المصطلح على عقائد الغلاة ويتلوث بالقبورية بل هم طوائف متعددة وطرائق قددًا، وما أجمل ما قرره شيخ الإسلام بقوله: (فإن ابن عربي وأمثاله وإن ادعوا أنهم من الصوفية فهم من صوفية الملاحدة الفلاسفة، ليسوا من صوفية أهل الكلام فضلا عن أن يكونوا من مشايخ أهل الكتاب والسنة، كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبي سليمان الدراني ومعروف الكرخي والجنيد بن محمد وسهل بن عبد الله التستري وأمثالهم)(5).
ولنأت الآن إلى ما حوته هذه الفتاوى من إيضاح يشفي الغليل(6)

أولا: ثناؤه على من انتحل طريق الزهد:
لقد أثنى الفقيه بامخرمة على الصوفية القائمة على الزهد والعبادة، وفَرَّق بينها وبين أهل الوحدة والاتحاد، فهو يرى التصوف الذي مَبْناه على مراقبة الله والخوف، كالتي تميز بها الرعيل الأول مثل الجنيد، فقد مدحه على قوله: "إنها لا تقع النكتة من نكت القوم في قلبي فلا أقبلها إلا بشاهد من الكتاب والسنة"، قال بامخرمة: وقد دل قوله هذا على أنها تقع نكت بهم وتنقدح في خواطرهم وقد يركن إليها بعضهم ويعدها علمًا وأنه أعني الجنيد (رضي الله عنه) لم يغتر بذلك ولا ركن إليه بل رده إلى شهادة الكتاب والسنة، فيحق فيه من أنه سيد الطائفة (رضي الله عنه) ا.هـ.
وهو بهذا يفرق بين من يستسلم للشرع ومن يعارض نصوصه بالكشف والوجد والإلهام والرؤيا من الغلاة الذين يجعلون لشيوخهم قداسة ويصفونهم بالحفظ ولا يراعون النصوص حين تخالف كشفهم.

ثانيا: تأثره بمتكلمة المتصوفة:
وقد خاض فيما خاض فيه المتجهون نحو فناء الشهود في التوحيد وهو -عندهم- الذي يتلاشى فيه الأغيار، فالوجود بالنسبة للحق سبحانه وتعالى عدم لا حقيقة له ولم يبقَ إلا توحيده في الأزل قبل إيجاد الخلائق، ومن قال غير ذلك مال عن حقيقته، وأطال الوقوف في شرح معناه بما نقل عن الجنيد، وبالجملة فما أغناه عن الحديث فيما لم يؤذن له فيه، ويرد عليه أيضا في انتحال الفناء في الشهود ما رد به على أهل الوحدة من وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة، ولو أبحر باتجاه طريق السلف لسلم قال تعالى: ((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولِئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا)) وبالله التوفيق.

ثالثا: رده على جماعة ابن عربي
ويمكن دراسة ما جادت به ردوده في أجوبته في الفتاوى العدنية على النحو التالي:

1- فضح عقائدهم الكفرية: ومنها
- استحالة العذاب عذبا:
قولهم أن تخليد أهل النار في النار اقتضاه ذواتهم، قال: هو جهل عظيم من قائله وكفر صراح من معتقده.. وهو قول مرذول لم يقل به أحد من المسلمين، وإنما هو من أقوال الزنادقة الذين حرفوا كلام الله عن مواضعه وكذبوا رسل الله فيما جاؤوا به وتستروا بالتصوف والنسك والعبادة كابن عربي... فتارة يقولون إن دخول أهل النار النار اقتضاه ذواتهم، وتارة يقولون إن الكفار يعذبون في النار حينا ثم ينقلب في حقهم نعيما فيخلدون فيها في النعيم إلى غير ذلك من التناقض والكذب والمباهتة والتحريف الذي لم يسبقهم إليه أحد من أهل الملل الضالة من اليهود والنصارى، فإن غاية ما تقول اليهود ما حكى الله عنهم في قوله تعالى: ((وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً))، وذلك أنهم زعموا أنهم إنما يعذبون مدة.. ولم يقل أحد منهم قط أن عذاب النار يكون نعيما لا في الابتداء ولا في الانتهاء، ومع هذا فقد كذبهم الله تعالى ورد عليهم قولهم وأبطل دعواهم.

- القول بالوحدة:
رد على القيصري في شرح تائيتة ابن الفارض في نسبته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه (أنا النقطة من بسم الله وأنا السموات السبع وأرضين السبع وأنا العرش والكرسي وجنب الله الذي فرطتم فيه)، فقال: "إن هذا المروي عن سيدنا علي رضي الله عنه كذب موضوع عليه، وقد كان للشيعة الرافضة فيه غلو عظيم وعقائد فاسدة ردية، بحيث إنه كان في زمانه طوائف اعتقدوا إلهيته فلما تحقق ذلك منهم أحرقهم بالنار، وكذلك طوائف اعتقدوا ثبوت رسالته إلى غير ذلك من الأمور الباطلة وكذبوا عليه بأمور غالبها محال ووضعوا عليه أقوالا لم تصدر عنه، منها ما ذكره السائل -وفقه الله تعالى-، وإنما استشهد القيصري بذلك في شرح التائية لموافقة ذلك عقيدتهم الكفرية الفاسدة المحالية، وهي قولهم بوحدة الوجود وأن الله جل عن قولهم هو الوجود لا غيره وأنه عين الموجودات كلها من أفلاك وأملاك وسموات وأرضين ونبات وبحار وأشجار وجبال ورمال غيرها، وقد كفروا بذلك كفرا لم يسبقهم إليه سابق ولا لحقهم فيه لاحق من سائر أهل الملل والنحل، فإن النصارى على قبح كفرهم وفساد مقالتهم لا يستجيزون هذه المقالة وأكثر ما قالوا إنه ثالث ثلاثة، وكم من فرق بين من يقول ثالث ثلاثة وبين من يقول إنه عين الأصنام والأوثان بل وسائر النجاسات والفضلات، تعالى عن قولهم وتنزه عن كذبهم، والحاصل أن ما ذكره القيصري عن علي رضي الله عنه مبني على هذه لطريقة الكفرية التي لم يقلها قبلهم قائل منذ خلق الله الخلق إلى عصرهم لعنهم الله وأخزاهم.

- تصويب عبادة الأصنام:
ورد أيضا على بعض ضلالاتهم بعدما ذكر قولهم السابق بقوله: (وأضافت -أي هذه الفرقة- إلى ذلك أقوالا أخرى لم يقلها أحد من أهل الملل والنحل من تصويب عبادة الأصنام، وإن فرعون وعادا وثمود ومن أشبههم من المشركين إنما كذبوا الرسل عليهم الصلاة السلام لما عندهم أي المشركين من المعرفة بالله والعلم به إلى غير ذلك من العظائم التي لا ينبغي ذكرها إلا للتحذير منها والتنبيه عليها).

2- تسترهم بالتصوف:
أوضح في غير موضع أنهم يتسترون بالتصوف والزهد ليخفوا ما هم عليه من زيغ، فقال: ولما عرفوا أنهم ساعون في هدم الشريعة ورد ما جاء به محمد والأنبياء قبله -عليهم الصلاة والسلام- علموا أنهم لا يسلمون من قيام ملوك الإسلام عليهم وإنكار علماء الأنام وفتواهم بسفك دمائهم وتطهير الأرض من جثثهم فتستروا بالإسلام واتسموا بالتصوف، وأظهروا التنسك والعبادة والتقشف والزهادة وأبرزوا أقوالهم في أسلوب الحقائق ومزجوها باصطلاح القوم ودسوا تلك العقائد الكفرية بين علوم لدنية ومعارف زكية ليلبسوا الحق بالباطل ويموهوا على العوام والطغام، ولله در القائل فيهم وفيمن سلك مسلكهم من الزنادقة والباطنية:
وما انتسبوا إلى الإسلام إلا لحقن دمائهم ألا تسالا
فيأتون الفواحش في نشاط ويأتون الصلاة وهم كسالى
وقد ضلوا وأضلوا كثيرا، فضررهم على الإسلام أشد من ضرر الإفرنج وغيرهم الذين لا يلتبس كفرهم ولا يختفي شرهم.
وقال أيضا: فلعنهم الله وأخزاهم ودمرهم ولعن من يحبهم ويتأول لهم مع علمه بفساد عقائدهم ما دام الملوان وتعاقب الجديدان فلقد عم ضررهم وطار شررهم وغوا أمما بما لبسوا به من إظهار طريقة الصوفية... وإنما جعلوها شبكة لأرباب العقول الضعيفة والآراء السخيفة، وأما ثناء من أثنى عليهم فهو إما أن يعتقد ما اعتقدوه فهو منهم فلا عبرة بثنائه عليهم ومدحه إياهم وإما لا يعتقد ذلك ولكنه صوفي سمع بأنهم صوفية أهل عبادة وزهادة فأثنى عليهم من هذا الوجه مع عدم معرفته لعقائدهم الكفرية وعدم وقوفه على تصانيفهم وما فيها من الضلال والمحال فلا يكون ثناؤه عليهم حجة.
وقال أيضا: تستروا بالتصوف والنسك والعبادة كابن عربي صاحب الفصوص والفتوحات وابن سبعين وأتباعهما كالقونوي تلميذ ابن عربي والقيصري شارح الفصوص وعبد الكريم الكيلاني صاحب الكمالات والإنسان الكامل وغيرهم، لعنة الله عليهم وعلى معتقدي عقيدتهم وسالكي طريقتهم.

3- عدم التأويل لهم:
إنكاره التأويل لهؤلاء أشد الإنكار ويعتبره زلة لا تقال، وإن صدر من أكابر الفقهاء كالشيخ زكريا الأنصاري قال: أما ما وقع للشيخ زكريا رحمه الله في شرح الروض من رده على ابن المقرئ في تكفير طائفة ابن عربي وقوله إن مقالاته -أي ابن عربي- من باب اصطلاح الصوفية، فذلك دليل على أنه رحمه الله لم يقف على كلامه ولا عرف ما فيه وسمع بزهادته وعبادته فحمله حسن الظن على اعتقاده والذب عنه، ولعمري إنها غلطة منه لا يقال عثرها، وهفوة أحرق الدين شرارها، وإقدام لكان الواجب فيه التأخر، واستعجال كان المتعين فيه التمهل والتدبر، وقد قال أهل التحقيق: اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال، والله يتجاوز عنا وعنه ا.هـ.

المقام الرابع: مكانة بامخرمة
تتمة لتقوية هذا الصوت الذي تصدى لأفكار ابن عربي ينبغي الالتفات قليلا إلى مكانته العلمية حتى نعرف مدى تأثير هذا الإمام، فقد فاق الفقيه تقي الدين الأقران تفوقا لا يشذ عنه من ألقيت إليه مقاليد تقرير المذهب الشافعي، أعني ابن حجر، وقبل أن يبادر بعضهم بالإنكار أقول إن المعروف أن علماء حضرموت قد ذهبوا إلى أن المعتمد في المذهب ما قاله ابن حجر في التحفة كما عبّر عن ذلك الشيخ علي عبد الرحيم باكثير فقال
وشاع ترجيح مقال ابن حجر في يمن وفي الحجاز فاشتهر
وفي اختلاف كتبه في الرجح الأخذ بالتحفة ثم الفتح
ولكن مع هذا المذهب الذي ذهبوا إليه إلا أننا نجد اعترافًا منهم للفقيه تقي الدين بامخرمة بسعة العلم، ففي المقاصد السنية للشيخ محمد بن عبد الله باسودان قال: رأيت نقلًا عن شيخ والدي الجليل الشيخ حامد بن عمر حامد باعلوي نفع الله به ما نصه: معتمد سلفنا العلويين على ما قاله الشيخ ابن حجر، وليس ذلك لكثرة علمه فإن الشيخ عبد الله بامخرمه أوسع علمًا منه، ولكن ابن حجر له إدراك قوي أحسن منه بل ومن غيره من الفقهاء المصنفين فلذا اعتمده سلفنا بتريم(7).
ومما يدل على ذلك أنه قد ظهر له إشكال في مسألة في باب الحيض وسأل عنها جماعة من شيوخ العصر مشافهة منهم عمه الطيب بن عبد الله بامخرمه ومحمد بن عمر باقضام وأبا العباس الطنبداوي الزبيدي فما زاد أحد منهم القول بأنها مشكلة لا يهتدي إليها، قال: ثم لما حججت في سنة ست وأربعين وتسعمائة اجتمعت بالشيخ أبي الحسن البكري وتلميذه ابن حجر وذاكرت كلًّا منهما على حده في هذه المسألة فخلطا فيها تخليطًا لا يصدر ممن يعرف الفقه فعرفتهما بتخليطهما ورددته عليهما ا.ه (8).
قلت: لعلها التي عناها ابن حجر في الفتاوى الكبرى بقوله (ولقد وقعت بين فضلاء اليمن مباحث في عويصاته -الحيض- حتى حج بعضهم ممتحنًا أو مسائلًا عنها فألفت تأليفًا نفيسًا فغلب الحسد على بعض من لا توفيق عنده فسرق ذلك التأليف قبل كتابة نسخة أخرى منه…(9).
وله نكت وتعليقات على تحفة ابن حجر كما أن له تعقبات على فتاويه حدت هذه التعليقات والتعقبات بالشيخ عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف أن يقول: وما زلنا نتلقى من أفواه الرجال عن الشيخ عبد الله بن عمر بامخرمة أنه يحرم الإفتاء من كتب ابن حجر، فنحسب أنه غيران حمله على ذلك تنافس الأقران ثم ظهر بعد التفكير أن قد أصاب فلا نكير (10).

المقام الخامس: خلاصة الموضوع
إن الذي نخلص إليه مما سبق بيان دور هذا الفقيه في كشف ما عليه جماعة ابن عربي من ضلالات استقى منها كثير من الصوفية وبنوا على أصل وحدة الوجود فروعا متنوعة كالإنسان الكامل والحقيقة المحمدية ودائرة القطبية والشطحات وغير ذلك، مما خرج من عباءة الوحدة ويشير إليها، فالرد على هذا الأصل ينسف كل ما تفرع عنها ويدحض أقاويل من راموا تأويل هذه الضلالات وتسويقها بين الناس واعتذروا لمن تفوه بهذه الكفريات، فجزى الله خيرا كل من انبرى لتفنيد هذه الترهات وأدى الواجب المنوط به من بيان الحق وعدم كتمانه لم يخف لومة لائم؛ إذ إن من حاد عن الصدع بالحق فقد باء بالإثم والله نسأل الإخلاص في القول والعمل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


___________________
(1) انظر ترجمته الوافية في السنا الباهر للشلي، وتاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر لبافقيه، وصفحات من التاريخ الحضرمي لسعيد عوض باوزير.
(2) انظر مواهب القدوس وعقد اليواقيت لعيدروس بن عمر 1 / 9.
(3) المشرع الروي 2 / 36 ومما نقله عن عبد المعطي قوله:
فيا شيخي يا ابن العيدروس ومن له مقام به كل الرجال وقوف
شرحت لنا علم الحقيقة ظاهرا وأحييت محيي الدين وهو عريف
كلام ابن عربي وإن كان مغلقا وفي فهمه عسر وفيه عسوف
بتقريرك الميمون أوضحته لنا فصار لدينا معرب معروف
(4) انظر رسالة تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي للسيوطي في مجلة الحكمة العدد الحادي عشر، وقد رد عليه إبراهيم بن محمد الحلبي إمام جامع السلطان محمد الفاتح بالقسطنطينية عام 945 ه برسالة تسفيه الغبي في تنزيه ابن عربي، قال فيها عقب ما ذكر: "أقول هذا هو البله بل السفه وهل الولي يضيع زمانه فيما لا يفيد؟ فإذا كان يحرم النظر فيها فلأي شيء يصنفها ويمتدح بما أودع فيها ويمدحه ويدعو لأتباعه ويذم من خالفه"، تحقيق علي رضا بن عبد الله.
(5) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 127.
(6) مخطوطة الفتاوى العدنية آخر الجزء الثاني كتاب القائق.
(7) انظر المقاصد السنية مخطوطة وعنها والفوائد المكية ص 38.
(8) المسألة الثامنة والثمانين بعد المائة من مخطوطة الفتاوى الهجرانية.
(9) والفتاوى الكبرى لابن حجر، ذكر ذلك في كتابه على كتاب باقشير سنة 953ه، وانظر السنا الباهر ص 649 وفيه قول الطنبداوي للشيخ تقي الدين (وردت علينا بالأمس مسألة في الحيض لم تظهر لي أريد أن أسألكم عنها فأجاب عنها بعد اعتذار فظهر في وجه الشيخ البشر).
(10) انظر صوب الركام لعبد الرحمن بن عبيد الله 1 / 5.

منقول من شبكة صوفية حرموت
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas