المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الأخبار السياسيه
سقيفة الأخبار السياسيه جميع الآراء والأفكار المطروحه والأخبار المنقوله هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها ومصادرها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


صنعاء" حتى استراتيجية "الصدمة والرعب" لن تنقذ الرئيس

سقيفة الأخبار السياسيه


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-22-2011, 02:07 AM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

صنعاء" حتى استراتيجية "الصدمة والرعب" لن تنقذ الرئيس


حتى استراتيجية "الصدمة والرعب" لن تنقذ الرئيس

ترتكز على إعادة الانتشار والتموضع العسكري والعمليات والمواجهات الأمنية الانتقائية الخاطفة والحوار السياسي المخادع والتفكيك السياسي والاجتماعي والديني
المصدر أونلاين - د. محمد المقرمي*

تعرف عقيدة "الصدمة والرعب" Doctrine of Shock and Fear بأنها مجموعة من الوسائل الهادفة إلى وضع الشخص المستهدف في حالة من الذهول والرعب الشديدين وإجباره على الاستسلام والخضوع للهدف الذي يراد تحقيقه.


نشأت هذه العقيدة في منتصف القرن الماضي في مجال الطب النفسي عندما قامت وكالة الاستخبارات الأميركية بدعم أبحاث البروفيسور كاميرون رئيس الجمعية الأمريكية للأمراض النفسية في مجال استخدامات الصدمة الكهربائية على أدمغة المرضى النفسيين. حيث سعى كاميرون (من خلال إحداث تيار كهربائي خفيف على أدمغة المرضى الذهانيين وعبر جلسات عديدة) ليس فقط لإلغاء الأعراض النفسية المرضية المسيطرة على المرضى ولكن لإلغاء كافة المعلومات والخبرات المكتسبة لدى المريض وإعادته إلى مرحلة الطفولة أو كما يقول لإعادته إلى صفحة بيضاء وذلك كمقدمة لإعادة تشكيل شخصيته من جديد. ويبرر كاميرون نظريته بعاملين مهمين يتعلقان بالمقدرة على تعرف الزمان والمكان أو بعبارة أخرى بذاكرتنا وإدراكنا، فالصدمة الكهربائية تمحي الذاكرة، وصناديق العزل تقضي على الإحساسات الخارجية أو الإدراك، وهو ما يؤدي إلى فقدان المرضى لإحساسهم بالزمان والمكان. وهذا هو ما كانت تحتاج أن تعرفه المخابرات الأمريكية لتطبيقه في برامجها الاستخبارية المختلفة.


وبناء على ذلك فإن أنجع السبل لتحطيم مصادر المقاومة لدى الشخص المستهدف وفقا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي:

1) عزل الشخص المستهدف عن الزمان والمكان (ليفقد الذاكرة ويقل الإدراك)، حيث يتم مثلا حرمان حواس السجين من أي مدخلات بصرية أو سمعية (بوضع غطاء على الرأس، وسدادة في الأذنين، وأغلال في اليدين والرجلين، ووضع السجين في عزلة تامة) وهو ما تم استخدامه مع المعتقلين في سجن جوانتانامو وما تفيد التقارير بأن أدوات قمع النظام تقوم بتطبيقه حاليا على المتظاهرين في اليمن.

2) توجيه مؤثرات جسدية ونفسية قوية وكاسحة على الشخص المستهدف كالحرمان من الطعام والشراب أو الضرب المبرح أو الصعقات الكهربية أو الحرق أو الكي أو عبر توجيه الشتائم والإهانات أو الاستجواب الطويل في ظروف صعبة..إالخ


وتهدف مرحلة تحطيم المقاومة هذه إلى استثارة ما يشبه الإعصار الانفعالي الشديد في نفسية الشخص المستهدف، حيث يبلغ التوتر والخوف والرعب والإحباط لدى السجين حدا يجعله غير قادر على التفكير المنطقي أو التصرف السليم. وفي مثل هذه الحالة من الصدمة لا يستطيع معظم السجناء التحمل وبالتالي يضطرون لإعطاء المحققين معهم كل ما يطلبونه من معلومات واعترافات ويتخلون عن معتقداتهم السابقة ويكونون أكثر استعدادا للخضوع والاستسلام والامتثال لهؤلاء المحققين، ويورد أحد دليلي وكالة الاستخبارات المركزية تفسيرا بليغا لذلك، حيث جاء فيه أن هنالك فترة -قد تكون قصيرة جدا- من تعليق أو توقف الأنشطة الحيوية للمعتقل بحيث تشكل نوعاً من الصدمة النفسية أو الشلل التام تفجر العالم المألوف لدى هذا الشخص، وتفجر تصوره لذاته ضمن ذلك العالم. ويميز المحققون المتمرسون هذا الأثر عندما يحدث، ويعلمون أن السجين في هذه اللحظة يكون أكثر استعداداً للتجاوب مع ما يطرح عليه، والامتثال بأفضل مما كان عليه قبل أن يتعرض للصدمة.


وفي الوقت الذي كان فيه البروفيسور كاميرون يبحث في وسائل غسل عقول الأفراد كان هناك بروفيسور آخر يبحث في وسائل غسل عقول المجتمعات، وكان هذا هو البروفيسور فريدمان أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة شيكاغو. ووفقا لفريدمان فإن عقيدة "الصدمة والرعب" التي تم استخدامها للسيطرة على عقول الأفراد يمكن استخدامها أيضا في السيطرة على عقول الجماعات والشعوب والدول، وذكر فريدمان أيضا أن الصدمات القوية والواسعة للمجتمعات هي أنسب طريقة للسيطرة عليها واحتوائها وتوجيهها، وهذا هو ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى عقيدة "الصدمة والرعب" خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين في إطار استراتيجيتها الدولية لمكافحة الإرهاب، حيث قامت بتنفيذ هذه العقيدة عبر قوات نظامية وغير نظامية كشركة "بلاك ووتر" الأمنية أثناء غزوها لكل من العراق وأفغانستان.


وبناءً على الملاحظات الدقيقة لمنهجية النظام اليمني في تعامله مع الثورة السلمية ووفقا للتحليلات العميقة للأساليب المختلفة التي تقوم أجهزة النظام المختلفة بتنفيذها بغرض القضاء على الثورة والحفاظ على النظام تبين أن هذه المنهجية وهذه الأساليب تتطابق بشكل كامل مع ما يسمى بعقيدة "الصدمة والرعب" التي تبنتها الولايات المتحدة عند مكافحتها للإرهاب وهي نفس الاستراتيجية التي قامت بتدريب قوات حلفائها عليها وكان النظام اليمني أحد أبرز حلفائها في المنطقة. ويبدو واضحا أن ما اكتسبته قوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة والحرس الخاص والأمن المركزي والأمن القومي من خبرات ومعلومات وقدرات وتقنيات عن وسائل مكافحة الإرهاب ومواجهته من خلال التدريب الأمريكي المكثف لها خلال سنوات طوال قد مثل رصيدا هائلا للنظام استغله في قمع الثورة الشعبية السلمية في اليمن. وسيتم عبر ما تبقى من هذا المقال التطرق إلى ما يمكن أن تسعى لتحقيقه من أهداف وما تمثله من مظاهر واقعية في اليمن بناء على ما تتضمنه عقيدة "الصدمة والرعب" الأمريكية من أهداف ووسائل.


تهدف استراتيجية "الصدمة والرعب" على ما يبدو إلى تحقيق هدفين اثنين وهما كسر إرادة الثوار وتطويع المجتمع اليمني للنظام المستبد.



تتضمن هذه الاستراتيجية الشاملة محاور عسكرية وأمنية وإعلامية واقتصادية وسياسية.



وترتكز على إعادة الانتشار والتموضع العسكري والعمليات والمواجهات الأمنية الانتقائية الخاطفة والحوار السياسي المخادع والتفكيك السياسي والاجتماعي والديني أو استخدام كافة أساليب الحرب النفسية والدعائية الهادفة إلى بث الخوف والرعب والإحباط، ولا تستهدف عقيدة "الصدمة والرعب" الثوار فحسب بل "المجتمع بأسره"، "فالصدمة الجماعية" أو "التعذيب الجماعي" هو جزء أساسي من هذه الاستراتيجية حتى لو تطلب ذلك إعادة اليمن خمسين عاما إلى الوراء أي إعادته إلى صفحة بيضاء يتمكن من خلالها النظام المستبد صياغته وتوجيهه كيف يشاء.



* مظاهر استراتيجية "الصدمة والرعب" للنظام:
لم تكن المذابح البشعة التي قامت بها الأجهزة الأمنية للنظام ضد أطفال وشباب اليمن العزل إلا إحدى تجليات هذه الاستراتيجية. فتلك المذابح التي تجاوز فيها وحوش النظام كل المعايير المألوفة في الثورات العربية المعاصرة كما تجاوزوا فيها كل الاعتبارات اليمنية المعروفة عندما قاموا بصب جام حقدهم وكراهيتهم وسكبوا رصاص غلهم على المتظاهرين السلميين في معظم محافظات اليمن خاصة في صنعاء وتعز والحديدة وعدن وإب والبيضاء. حيث ارتقى إلى ربه في الأسبوع الأخير فقط خمسة وعشرون شهيدا وسقط أكثر من أربعمائة جريح بالرصاص الحي وأصيب الآلاف منهم بالغازات السامة والقنابل الدخانية واعتقل منهم المئات.



وحتى تحقق عقيدة "الصدمة والرعب" كامل تأثيراتها المدمرة على عقول شباب اليمن الطاهر يقوم زبانية النظام بما يسمى بالحرمان الحسي عن طريق قطع الكهرباء في أماكن المواجهات فعندما يحدث حرمان بصري مع إطلاق كثيف للرصاص يصاب الطفل أو الشاب أو (المرأة) بالذهول ويظل مرعوبا ليس فقط لما يحدث بالفعل في تلك اللحظة ولكن لما يتخيله من أحداث فظيعة قد تحدث له في اللحظات المقبلة ويكون المشهد أكثر رعبا عندما تقوم سرايا الموت الصالحية بمحاصرة الأطفال والشباب ليلاً وفي مناطق ضيقة ولساعات طويلة، ولا تنتهي البطولات الوطنية العظيمة لهذه السرايا عند هذا الحد بل تمتد إلى أعمال خطف للأطفال والشباب والنساء والأطقم الطبية وباصات الإسعاف في ملحمة بربرية بشعة لم تقم بها إلا عصابات الإجرام الصهيونية عندما كانت تعمد إلى تنفيذ مثل هذه المذابح بغرض تهجير المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم بالقوة وهو ما ينطبق تماما مع أهداف هذه السرايا التي تسعى إلى إجبار المعتصمين والمتظاهر الى ترك ساحات الاعتصام بالقوة، ولإشباع شهيتهم الإجرامية البغيضة تقوم هذه الكائنات باعتقال أبنائنا وشبابنا وتمارس ضدهم تعذيباً جسدياً ونفسياً بشعاً يتضمن السجن الانفرادي والحرمان من الطعام والشراب والضرب المبرح والحرق والكي والصعق الكهربائي ثم يقومون بعد ذلك بإطلاق سراح بعضهم ليقوموا بإيصال رسالة قاسية وقوية للمتظاهرين الآخرين في مشهد يذكرنا ببعض مما قرأناه في كتب التاريخ عن التتار، فعقيدة الصدمة والرعب ليست موجهة ضد أفراد أو جماعات فقط ولكنها موجهة نحو المجتمع بأسره فالعنف المفرط هو رسالة للجميع بأن كل من يفكر بالخروج والاعتصام أو التظاهر ضد النظام سيكون هذا هو جزاؤه ومصيره. حيث يهدف هذا العنف المفرط الى إحداث أكبر قدر من الرعب لدى الشباب وهو ما يؤدي إلى محو ذاكرته وإلغاء مفردات الثورة من دماغه كما يؤدي إلى ترك ساحات الحرية والتغيير والعودة إلى وضعه السابق قبل الثورة.



ومن الملفت جدا في هذه الاستراتيجية أن معظم أدواتها ومنفذيها يأتون بلباس مدني وعبر بلاطجة مستأجرين أو مرتزقة محترفين ويعملون من خلال معسكرات أو مخيمات محمية في قلب المدن اليمنية وهي جريمة أخرى وخطة إرهابية تقوم على قمع الشعب ومواجهته ونشر ثقافة القتل، ليس وفق الأجهزة الأمنية الرسمية أو القوات النظامية للدولة، ولكن عبر وسائل هلامية غير نظامية وغير رسمية وخارج إطار القانون ودون توصيف محدد أو جهة معلومة يمكن انتقادها أو توجيه اللوم لها أو حسابها فيما بعد. وليس من المستبعد أن يكون هذا النظام قد قام بالتعاقد مع خبراء دوليين من منظمة "بلاك ووتر" الأمنية للقضاء على الثورة والحفاظ على نظام الحكم كما فعلت بعض دول الخليج العربي مؤخرا.



وكما أن العنف الأمني هو محاولة لاستعراض القوة، كذلك العرض الإعلامي ما هو إلا استعراض من نوع آخر حيث تقوم القنوات الفضائية التابعة للنظام ببث مستمر لمشاهد الخراب والدمار الناتج عن هذه المظاهرات كما تقوم بفبركة أحداث ومواقف مرعبة كقطع لسان أحد الشعراء، وتقوم أيضا ببث أفلام وصور مرعبة عن الحروب الأهلية التي وقعت في دول أخرى ويمكن أن تقوم في اليمن في محاولة للإيحاء بما سيكون عليه مصير اليمن من جراء الاستمرار في هذه الثورة ولكي يظل الناس أياما وأسابيع وشهورا يتخيلون ما يمكن أن يحل بهم وبوطنهم من خراب ودمار بسبب استمرار هذه الاعتصامات والمظاهرات. وبقراءة سريعة لما قاله السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية في اتصاله الأخير لقناة الجزيرة عندما انتحل شخصية أحد المتظاهرين يتضح للعيان كيف تسيطر على أذهانهم عقيدة الصدمة والرعب المذكورة حيث قال: إنني أرى أمام عيني عشرات المضرجين بالدماء وأرى القتلى لا يمكن إحصاءهم وتكاد هناك مجرزة.



وتتزامن هذه الاستراتيجية مع ما يسمى بالحرمان الحسي (عزل الإدراك) وهي المتعلقة بحرمان الناس من الإضاءة أو الكهرباء حيث ظل الشعب اليمني وسيظل غارقا في ظلام دامس ولمدة ساعات طويلة يوميا كجزء من هذه الاستراتيجية. ويتبع ذلك بالطبع حرمان المواطن من متابعة الأخبار والأحداث المتعلقة بالثورة عبر التلفزيون وهو ما يمثل بالنسبة لكثير من الناس مصدراً آخر للقلق والخوف والإحباط فأكثر ما يثير القلق والانزعاج عند الإنسان هو عدم معرفته بما يجري حوله ولماذا. وتأتي مصادرة الصحف الداعمة للثورة كمظهر آخر من مظاهر هذه الاستراتيجية وسيعقب ذلك ولا شك الحرمان من شبكة الانترنت وقطع الاتصالات والهواتف النقالة كجزء أساسي من عقيدة الصدمة والرعب.



ومن ضمن ما تتضمنه هذه العقيدة ما يسمى بالحرمان الجسدي ومن مظاهره حرمان الناس من احتياجاتهم الأساسية كارتفاع أسعار المواد الغذائية وافتعال أزمات الغاز المنزلي والبترول والديزل وقطع المرتبات وقطع الطرقات، وغيرها. فلكي يتم تطويع المجتمع لا بد من إحداث أزمات شديدة وقاسية تجعل الحياة صعبة ومزعجة للملايين من الناس حتى يعرف الناس –كما يقال- أن الله حق ويقوموا برفض الثورة ونسيان مفرداتها والعودة إلى الوضع السابق والنظام السابق.



كما أنه من المتوقع وفقا لهذه الاستراتيجية عمليات سرقة ونهب لكل ما هو غال وثمين من مكتسبات القطاع العام والخاص وستحرق كثير من المؤسسات العملاقة والمنشآت الحيوية والوزارات والمكاتب وستحدث عمليات تفجير ضخمة واغتيالات لشخصيات هامة في كثير من المحافظات وسنشاهد أفلام رعب لم تخطر على بال الشعب اليمني من قبل.



وفي هذه الأثناء يجري سياسيا ترويض الثورة ابتداءً من تصويرها على أنها مجرد أزمة سياسية بين طرفي الحكم -وليست صراعا مقدسا وثورة شعبية عارمة بين الشعب من جهة والرئيس المستبد ونظامه الفاسد من جهة أخرى- وانتهاءً بجولات حوارية صعبة ومفاوضات عسيرة يتم خلالها اختزال العمل الثوري بتشكيل حكومة وحدة وطنية ومرورا بانقسامات حادة وتفتت تلقائي لمكونات الثورة الشعبية. حيث تتضمن هذه الاستراتيجية تفكيك مكونات المجتمع المختلفة وتمزيق نسيجه الديني والاجتماعي والسياسي ومحو ذاكرة الشعب اليمني من مفردات الثورة والهوية الوطنية الواحدة وتطويع العقل اليمني الثائر عبر عسكرة المجتمع وتمزيقه عن طريق توزيع الأموال والأسلحة إلى مجموعات معينة داخل مكونات المجتمع اليمني. وعبر حرب نفسية ضارية تهدف إلى إصابتهم بالخوف والإحباط وفقدان الإرادة والانهيار النفسي وبالتالي ترك الساحات والمظاهرات ومحو الشخصية الثورية اليمنية وإعادة تغذيتها وصياغتها وفق مفاهيم الشرعية الدستورية والاحتكام للحوار وطاولة المفاوضات وعدم الخروج على ولي الأمر.



وفي المقابل يمكن أن تمثل الثورة الشعبية السلمية ضد الرئيس المستبد محاكاة كبيرة لنظرية الصدمة والرعب -غير أنها سلمية– حيث تمكنت الثورة من محاصرة الرئيس واعتقاله وعزله في منطقة ضيقة تسمى دار الرئاسة ومثلت الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات نوعا من التعذيب النفسي المستمر ومثلت كلمة "ارحل" وشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" اللتان يتردد صداهما في كافة المحافظات اليمنية نوعا من القصف المتواصل لمعاقل حكمه ومفاصل دولته طوال ما يقرب من أربعة أشهر، ويرى كثير من المتخصصين والمراقبين أن اندلاع هذه الثورة ضد الرئيس المستبد قد أدى إلى إصابته بما يشبه الانهيار النفسي خاصة في الأشهر الأولى لاندلاعها وهو ما بدا واضحا من خلال سلوكه المضطرب وخطاباته المتناقضة ولغة جسده المتسمة بالقلق والتوتر وعدم الاستقرار حتى أنه كان في تلك الفترة قاب قوسين أو أدنى من الامتثال لرغبة الثورة الشعبية السلمية.



في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة اليمنية جاءت المبادرة الخليجية فمدت بعمر النظام قليلا وزودته بفترة من الوقت استطاع من خلالها تحمل الضغوط الكبيرة التي فرضتها الثورة، ورغم أنه ظل معتقلا في غرفة خاصة تسمى دار الرئاسة لا يسمح له فيها إلا بزيارة خاطفة لمدة دقائق لزيارة الأهل والأصدقاء كل يوم جمعة في ميدان السبعين إلا أن هذه الفترة مكنته من التواصل الفعال مع بقية أركان حكمه ووفرت له فرصة ليستعيد توازنه النفسي ويستجمع قواته ويسترجع خططه المضادة المعدة سلفا والمكتسبة من خلال التدريب والدعم الأمريكي المستمر.



ويبدو أن عقيدة "الصبر الاستراتيجي" التي انتهجتها المعارضة اليمنية كوسيلة لتحقيق التغيير السلمي قد ساعدت الرئيس المستبد على امتصاص قوة الصدمة الشعبية الشديدة التي كادت أن تطيح به وتصيبه بالانهيار في منتصف الشهر الثالث من عمر الثورة. حيث التزمت الثورة بالسلمية المفرطة ولم تستخدم أي وسيلة من وسائل الصعق الكهربائي المتمثلة بمحاصرة المؤسسات الحكومية واستردادها من النظام الحاكم على الرغم مما ينصح به كثير من علماء السياسة الدوليون من أنه عندما تقع ثورة ضد حاكم ما فإنه لا بد من العمل بسرعة خاطفة لفرض تغيير لا يمكن الرجوع عنه قبل أن يثوب الحاكم الذي عزلته الثورة إلى طبيعته السابقة واستبداده السابق، حتى أنهم نصحوا أنه إذا لم يقم قادة الثورة باغتنام الفرصة للتصرف بصورة حاسمة خلال بضعة أشهر فربما لا تتاح لهم فرصة أخرى مماثلة.



* ثم ماذا بعد؟

ظن سدنة هذا النظام المستبد أن تبنيهم لعقيدة "الصدمة والرعب" ستحقق لهم القضاء على ثورة الشعب السلمية والحفاظ على سلطتهم المستبدة لكن ما يجهلونه هو أن هذه السياسة قد فشلت في جميع أنحاء العالم ابتداءً من أمريكا الجنوبية حيث بدأ تطبيقها وانتهاءً بالعراق حيث أدى تطبيق هذه العقيدة: إلى ردات فعل قوية ومعاكسة لم تقتصر على العراق فقط بل امتدت إلى مصدر هذه العقيدة الولايات المتحدة الأمريكية، فأدت إلى إسقاط الجمهوريين وكادت أن تصيب نظامها الاقتصادي بالانهيار وأجبرتهم على إلغاء هذه السياسة الفاشلة وتبني سياستهم الجديدة التي جاءت بأوباما وتهدف إلى سياسة توجيه العالم بدلا من السيطرة عليه التي كانت عقيدة "الصدمة والرعب" إحدى مظاهرها. وما لا يعلمه أركان هذا النظام أن شواهد التاريخ ومعطيات الواقع تؤكد أن الاستخدام المفرط للعنف لا يؤدي إلى إخضاع الخصم بل على العكس يؤدي إلى تحفيز مقاومته وهو ما يسمى بعلم النفس بـ"التأثير المعاكس" Paradoxical effect وهو شبيه تماما لقانون الفيزياء الذي يقول "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" إلا أنه لا يستطيع أحد قياس مدى قوة رد الفعل عندما يكون مصدره الشعب ويكون هذا الشعب هو الشعب اليمني الذي بات اليوم وأكثر من أي وقت مضى في تاريخه القديم والحديث واعيا ومدركا لكل ما يجري حوله كما أنه أصبح أكثر قدرة على امتلاك مفاعيل التأثير السياسي والاجتماعي المباشر لكنه فقط يبحث عن مخارج أقل تكلفة وأكثر موائمة مع البيئة المحلية والإقليمية والدولية. نسي هؤلاء أننا في عصر صدمات الشعوب لرؤسائها المستبدين وليس العكس، كما أنه لم يعد هناك من بديل للشعب اليمني غير الانتصار مهما كلفه ذلك من تضحيات.

* استشاري الطب النفسي.

- الصورة لقوات من الحرس الجمهوري تعيد انتشارها في ميدان السبعين يوم الجمعة (رويترز).
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas