المؤتمر الشعبي الحاكم اتهم الاصلاح المعارض بتفريخ أنصار القاعدة - الحكومة اليمنية دعت

[ابن حضرموت]

تبدي الأوساط السياسية والحزبية في اليمن قلقها من أن يؤدي تصاعد حدة الحملات الإعلامية المتبادلة بين حزبي المؤتمر الشعبي (الحاكم) وتجمع الإصلاح المعارض علي خلفية الأحداث الإرهابية الأخيرة التي وقعت في البلاد إلي مضاعفات خطيرة وحدوث أعمال عنف خلال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 27 نيسان (أبريل) المقبل.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تبادل الاتهامات بين الحزبين بشأن حادثتي اغتيال الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي جار الله عمر ومقتل ثلاثة أطباء أمريكيين حيث يؤكد الأول انتماء منفذي العمليتين إلي الإصلاح وينفي الأخير ذلك معتبراً أن حادثة اغتيال المسؤول الاشتراكي أثناء حضوره افتتاح المؤتمر العام للإصلاح عملية مدبرة استهدفت قيم الديمقراطية والحرية والعدالة ودق اسفين في تحالف المعارضة (اللقاء المشترك) الذي يقوده الإصلاح والاشتراكي قبل المواجهة الانتخابية المرتقبة.
ويري المحللون في صنعاء بأن أكبر أحزاب المعارضة اليمنية (الإصلاح) قد مني بصفعة قوية جراء حادثة الاغتيال التي وقعت خلال تدشين مؤتمره العام الثالث الذي كان يأمل الخروج منه بمكاسب سياسية وإعلامية تبرهن قدرته علي إدارة المواجهة مع المؤتمر الشعبي الحاكم من خلال تماسك التحالف الذي يقوده مع أحزاب المعارضة الرئيسة الأخري، فضلاً عن إدخال بعض الإصلاحات الداخلية في صفوفه والتي جري تأجيلها بسبب مقتل جار الله عمر.

اصطفاف وطني
وفي حين لاقت دعوة الحكومة اليمنية إلي اصطفاف وطني واسع صدي طيباً في مختلف الأوساط لمواجهة العناصر الإرهابية التي ألحقت أضراراً فادحة بسمعة اليمن واقتصاده الوطني وتعهدها بالشروع بإجراءات عملية تتضمن التصدي لثقافة العنف وظاهرة حمل السلاح ومعالجة الثأرات القبلية وبخاصة الأوساط السياسية والحزبية لكن قيادات في الإصلاح لا تخفي مخاوفها من أن تكون تلك الإجراءات مبرراً لتصفية حسابات تحت مظلة محاربة الإرهاب خاصة وأن الإصلاح الحزب الوحيد الذي وجهت إليه الحكومة اتهاماً ضمنياً في تقريرها الذي قدمته مؤخراً إلي البرلمان وأكدت فيه بأن نتائج التحقيقات التي تمت مع المتهمين في القضايا الإرهابية التي حدثت في الفترة الماضية قد اثبتت أن هناك علاقة مباشرة لشخصيات منتمية لبعض الأحزاب السياسية مع عناصر منتمية لتنظيم القاعدة وأن هذه الشخصيات الحزبية قد ساعدت علي تهريب عناصر إرهابية مطلوبة وحماية وإيواء بعضها كما عملت علي تسهيل دخول شباب من جنسيات مختلفة إلي البلاد وبعضهم من العائدين من أفغانستان ومطلوبين من قبل حكوماتهم بهدف إلحاقهم بمدارس وكليات دينية كطلبة أو مدرسين في إشارة إلي المعاهد الدينية التي كانت تحت سيطرة الإصلاح وتم إلغاؤها وإلي جامعة الإيمان التي يرأسها عبد المجيد الزنداني رئيس مجلس شوري الإصلاح (اللجنة المركزية) والتي ارتبط اسمها بأكثر من عملية نفذها متطرفون تقول الحكومة بأنهم من خريجي الجامعة أو سبق لهم أن درسوا فيها لبعض الوقت.
ومنذ قيام الوحدة اليمنية وإعلان التعددية الحزبية شهدت الساحة اليمنية تحالفات عدة وتبادل مواقع بين الأحزاب الرئيسية المؤتمر والإصلاح والاشتراكي.
فشهد عام 1990م أول تجربة ائتلافية بين حزبي المؤتمر والاشتراكي ، وجاءت الانتخابات النيابية في نيسان (أبريل) عام 1993 لتوسع إطار التحالف الحاكم بعد صعود نجم الإصلاح وحصوله علي المركز الثاني في تلك الانتخابات.
وبعد حرب صيف 1994 أصبح المؤتمر والإصلاح وحيدين في الحكم في تحالف كانت تصفه قيادتا الحزبين بالاستراتيجي، غير أن ذلك لم يحل دون بروز خلافات بينهما تجاه عدد من القضايا بينها موضوع توحيد التعليم وإلغاء المعاهد العلمية (الدينية) التي كان يشرف عليها الإصلاح بطريقة غير مباشرة وهو ما ظل يقاومه الإصلاح بشدة حتي تم دمج المعاهد في إطار نظام التعليم العام في البلاد منتصف عام 2001.
وجاءت انتخابات برلمان عام 1997 التي قاطعها الاشتراكي وحصل فيها المؤتمر علي أغلبية مريحيه لتشهد خروج الإصلاح من الحكم وتدشينه لمرحلة من التقارب التدريجي مع أحزاب المعارضة الرئيسة الاشتراكي والتنظيم الناصري توجت بإعلان صيغة (اللقاء المشترك) الذي يجمع أقطاب المعارضة اليمنية الفاعلة بجميع أطيافها الفكرية في إطار تنسيقي تمهيداً لخوض الانتخابات النيابية المقبلة .
وتعزز هذا التحالف خلال مرحلة التحضير والإعداد للسجل الانتخابي الجديد والتي شهدت تنسيقاً جاداً بين أحزاب هذا اللقاء تجاوز التكتيك الانتخابي إلي توحيد المواقف بشأن عدد من القضايا الوطنية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية حدثت مواجهات ساخنة بين أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الحاكم حول عدد من المسائل المتعلقة بالحرب علي الإرهاب ووجهت تلك الأحزاب انتقادات شديدة لحكومة المؤتمر بخصوص التعاون الأمني بين صنعاء وواشنطن وتحديداً منذ حادثة مأرب التي نفذت في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بواسطة صاروخ أمريكي أدي إلي تفجير السيارة التي كانت تقل أبو علي الحارثي وخمسة من المشتبهين بانتمائهم إلي تنظيم القاعدة والذين قتلوا جميعاً، واعتبرت أحزاب المعارضة تلك العملية تفريطاً بالسيادة الوطنية وهو ماتنفيه الحكومة وتشدد علي مشروعيته في إطار الالتزام الدولي والتنسيق الأمني بين اليمن والولايات المتحدة.