حضرموت" رؤية لمستقبل حضرموت (7): عدالة الرؤية الجنوبية !

[حد من الوادي]

رؤية لمستقبل حضرموت (7): عدالة الرؤية الجنوبية !

المكلا اليوم / كتب: م. بدر باسلمة2011/5/20

خرج إجماع القاهرة للقيادات الجنوبية برؤية لمعالجة القضية الجنوبية تقوم على "إعادة صياغة الوحدة في دولة اتحادية - فيدرالية بدستور جديد من إقليمين شمالي وجنوبي، بوصفه واحدًا من أرقى أشكال الوحدة السياسية والوطنية، يقدم حلاً موثوقًا وعادلاً بعيدًا عن المصالح الذاتية والفئوية والحزبية ومكوّن أساسي في حزمة الحلول والمخارج للحفاظ على الوحدة المرتكزة على الشراكة المتكافئة بين شريكي الوحدة".


"إذ لا يمكن للشعب في الجنوب أن يتنازل عن حقوقه وتضحياته والقبول باستمرار الظلم والاستبداد وإلغاء هويته وتاريخه واستباحة أرضه وثرواته، وإن بأدوات وقوالب جديدة".. هاتان الفقرتان كانتا جزءا من نص بيان الرؤية الجنوبية ومن أهم ملامح بيان نص الرؤية الجنوبية كما ورد في نص البيان:

1- النظام السياسي الجديد: نظام اتحادي - فيدرالي - برلماني ديمقراطي.

2- يصاغ دستور جديد على أساس اتحادي- فيدرالي، يحمل اسم الدولة الجديدة، بإقليمين شمالي وجنوبي. وينتخب "برلمان اتحادي" يتكون من غرفتين الأولى: "مجلس نواب"، والثانية "مجلس الشورى"، وكلاهما يتشكلان بالتساوي بين الإقليمين ويعد قانون جديد للانتخابات الاتحادية والإقليمية والمحلية ويكون الإقليم دائرة انتخابية واحدة في الانتخابات الاتحادية.

3- ينتخب "برلمانين إقليميين" بصلاحيات تشريعية إقليمية. وبدورها تنتخب رؤساء الإقليمين، ويكونا نائبين لرئيس الاتحاد الذي ينتخب من قبل البرلمان الاتحادي.

4- تنتخب مجالس محلية في المحافظات وفق نظام حكم محلى كامل الصلاحيات في إدارة شؤونها.

5- تشكل حكومة اتحادية بالمناصفة، وتضم الوزارات السيادية، وتشكل حكومة مستقلة لكل إقليم.

6- إلى جانب الثروات العقارية والأراضي الزراعية والبيضاء تعتبر الثروات النفطية والمعدنية والسمكية ملكًا للإقليم، ويدعم الإقليمان الميزانية الاتحادية بنسبة يتفق عليها وينص عليها في الدستور.

7- إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية والشرطة على أسس إقليمية، والقوات المسلحة والاستخبارات العامة على أسس اتحادية، ووضع الضمانات الدستورية والقانونية لمنع الزج بالقوات المسلحة والأمن في الشئون السياسية وفى الحياة المدنية للمواطنين.

تدعي الرؤية بأنها تقدم حلاً موثوقًا وعادلاً بعيدًا عن المصالح الذاتية والفئوية والحزبية, وفي اعتقاد الكثيرين أن الرؤية لم توفق بأن تقدم حلا عادلا للقضية الجنوبية لأسباب عدة نذكر أهمها في الأتي:

1- مفهوم القضية الجنوبية: حصرت القضية الجنوبية في الرؤية على ساس قضية دولة الجنوب التي دخلت في شراكة اتحادية مع دولة الشمال على أساس الشراكة والاتحاد وليس على أساس الأصل والفرع، وقدم خلالها الجنوبيون السهم الأكبر في هذه الشراكة عبر الثروة والأرض التي تنعم بها بلادهم وما حصلوا عليه هو نهب ثرواتهم وتهميشهم. وهذه القضية لا خلاف عليها فقد تعرض الجنوب وحضرموت جزء منها لنهب الثروات وتهميش حقوق أبنائها ولكن القضية الجنوبية لا تنحصر فقط بهذا البعد فقط, للمعالجة الشاملة للقضية الجنوبية هناك بعدين آخرين يجب مراعاتهما.

البعد الثاني للقضية الجنوبية: لقد عانت المحافظات الجنوبية كثيرا من سطوة الحزب الواحد, تأميم ممتلكات الناس, السياسات الاقتصادية المنغلقة, قتل القطاع الخاص والمبادرات الفردية وانعدام حرية الرأي والتعبير وغيرها من الممارسات التي غرست الكره لهذا النظام حتى الآن.. ومما يؤكد هذا الطرح أن حرب 1994م كانت في الأساس حرب بين أبناء الجنوب حيث وقف غالبية أبناء الجنوب فيها إلى صف نظام الرئيس صالح ليس حباً في صالح ولا في الوحدة وإنما انتقاماً من النظام في الجنوب الذي أمم أملاكهم ومن سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة والتي كان نتيجتها انها زجت بأبناء الجنوب على عجالة في عملية وحدة غير مدروسة وعادلة مع الشمال.

البعد الثالث للقضية الجنوبية: تعود تراكمات هذه الفترة إلى ما قبل العام استقلال الجنوب عن بريطانيا وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1967م على أنقاض مشروع "الجنوب العربي" المندثر والمحمية الشرقية "حضرموت والمهرة وجزء من شبوة"، وقيام الجبهة القومية بالدمج القسري لكيانات ومشيخات وسلطنات مشروع الجنوب العربي والمحمية الشرقية ودمجها في الجمهورية الوليدة ونفي السلاطين وتأميم ممتلكاتهم وهي اتجاهات بدأت تبرز حاليا وعودتهم للمطالبة بحقوقهم.

2- القضية الجنوبية هي قضية شعب الجنوب الذي لحقه الظلم والتهميش وسلب لثرواته وليس قضية دولة الجنوب التي استعبدت شعب الجنوب بنظام الحزب الواحد الحديدي تطالب الرؤية بأن "يصاغ دستور جديد على أساس اتحادي- فيدرالي، يحمل اسم الدولة الجديدة، بإقليمين شمالي وجنوبي -" وهو يقدم حلاً موثوقًا وعادلاً بعيدًا عن المصالح الذاتية والفئوية والحزبية ولكن مع الأسف تأبى الرؤية ان تطبق هذا الحل العادل على مستوى المحافظات الجنوبية التي عانت في غترة الحكم الشمولي من الظلم والتعسف وبدلا من ذلك اقترحت ان "تنتخب مجالس محلية في المحافظات وفق نظام حكم محلى كامل الصلاحيات في إدارة شؤونها" ؟ أين العدل في هذا الطرح ؟ ولماذا لا يتم تطبيق مبدأ الفدرالية على مستوى المحافظات الجنوبية ؟ ألم تكفينا النتائج الفاشلة لتجربة المجالس المحلية لأكثر من عقد من الزمان ؟ إنه طرح غير عادل ويصب في مصالح المجاميع التي ذهبت إلى القاهرة والخائفة من ضياع البقرة الحلوب دوما حضرموت وثروتها.

3- الرؤية الجنوبية هي رؤية تعكس الرغبة للعودة بالجنوب إلى نظام ما قبل الوحدة.. ما ذا نتوقع من القيادات التي حكمت الجنوب فترة النظام الشمولي وبرعونتها تدخل الجنوب في وحدة غير مدروسة ومحسوبة العواقب.. والآن هم انفسهم بدلا من ان يحاكموا على ما اقترفوه بحق شعب الجنوب يقودون المسيرة لإعادة أمجاد دولة الجنوب.. نفس الرجال.. نفس العقليات لا يمكن إلا أن تنتج نفس النتائج الكارثية.

4- يجب أن تشتمل الرؤية الجنوبية على هدفين أساسين إذا أريد أن يلتف شعب الجنوب حولها:

- تحديد شكل الدولة بين طرفيها شمالا وجنوبا وفي كل من الطرفين بنظام دولة فدرالية ودستور جديد يكفل لأبناء المحافظات الجنوبية أن يكونوا شركاء حقيقيين ورئيسيين في وحدة تعطي لطرفيها الشمال والجنوب والكيانات المكونة لها تمثيل مساوي بقدر حجم السكان والمساحة والثروة لدى كل منها.

- معالجة كافة الاختلالات وآثار الممارسات الخاطئة لنظام الحزب الواحد في الجنوب لما قبل الوحدة وإرساء أسس النظام المؤدي إلى تحقيق التنمية والحرية والعدالة في توزيع الموارد بين المكونات المشكلة للجنوب ويخلق حالة من الرضا والانسجام وبما يلبي طموحات أبناء الجنوب.

- إعادة بناء الوحدة اليمنية بين طرفيها شمالا وجنوبا وفي كل من الطرفين بنظام دولة فدرالية ودستور جديد يكفل لأبناء المحافظات الجنوبية أن يكونوا شركاء حقيقيين ورئيسيين في وحدة تعطي لطرفيها الشمال والجنوب والكيانات المكونة لها تمثيل مساوي بقدر حجم السكان والمساحة والثروة لدى كل منها.

- معالجة كافة الاختلالات وآثار الممارسات الخاطئة لنظام الحزب الواحد في الجنوب لما قبل الوحدة وإرساء أسس النظام المؤدي إلى تحقيق التنمية والحرية والعدالة في توزيع الموارد بين المكونات المشكلة للجنوب ويخلق حالة من الرضا والانسجام وبما يلبي طموحات أبناء الجنوب.

ليسعى الحراك الجنوبي لفك الارتباط, وليطمح أصحاب الرؤية الجنوبية لإقامة دولة اتحادية فدرالية بين الجنوب والشمال, ما يهمنا ليس إنصاف حكومة الجنوب بل إنصاف شعب الجنوب وترسيخ العدالة بين مكوناته ولا يمكن تحقيقها إلا بنظام فدرالي على مستوى المكونات الجديدة للجنوب وبدون تمكين حضرموت من تحقيق حكمها الذاتي الكامل وبتمثيل بقدر حجم مساحتها وسكانها وثروتها, فان أي رؤية لا تحقق هذه المطالب غير مقبولة لحضرموت وسيقف كل أبنائها للدفاع عن حقهم في هويتهم وثرواتهم ومكانتهم.

رؤية لمستقبل حضرموت (6): لنوضع معا.. ماذا بعد ؟
رؤية لمستقبل حضرموت (5): مشروع إقليم حضرموت
رؤية لمستقبل حضرموت (4): الهوية الحضرمية سر النجاح.. وأسال التاريخ
رؤية لمستقبل حضرموت (3): خارطة طريق حضرموت
رؤية لمستقبل حضرموت (2): حضرموت والبدائل السياسية المطروحة
رؤية لمستقبل حضرموت (1): الاستقلال.. شرط تحقيق حلم حضرموت

[email protected]