وادي عمر
08-12-2012, 03:19 PM
الإعجاز العلمي في رجع السماء (1)
أحمد محمد القنور
يقول ربنا سبحانه وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ).
هذا خالق الكون يصف لنا السماء بكلمةٍ واحدة، (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)، تشير هذه الآية القرآنية العجيبة، إلى صفة من صفات السماء، وهي أنها ذاتُ رجعٍ، فما معنى الرجع؟! ولماذا وصف الله سبحانه وتعالى السماء بأنها ذاتُ رجعٍ؟
كلمة الرجع، مشتقةٌ من الرجوع، وهو العودة، والارتداد، والرد، والإعادة، والترداد. ومعنى الآية أن السماء تقوم بوظيفة الإرجاع، والإعادة، والرد.. فما الذي تُرجعه السماء؟
تضرب الشمس البحر بشعاعها، وتلفحه بنارها، فيتحول ماؤه بخاراً، يصعد إلى السماء، فيصبح سحاباً عن طريق تكاثفه، ثم يعود إلى الأرض مرةً أخرى بعد أن فارق ملوحته، وعاد إليه صفاؤه وعذوبته، على شكل مطر.
فالسماء إذاً ترجع الماء الصاعد إليها مطراً، يجري في الأرض جداول وأنهاراً، ليمد الكائنات بالحياة..
وماء المطر كما تعلمون هو عصب الحياة، يحيي به الله سبحانه وتعالى ذابل الأرض من أزهارٍ وأشجار، ويستخرج دفينها، وينضج ثمارها، ويحيي ميتها، يقول سبحانه: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).
المطر نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل التي لا تعد ولا تحصى، ينبغي أن نشكر الله عليها..
الحقيقة أيها الإخوة، أخذت أقلب بين يدي أمهات الكتب في علم التفسير، فتبين لي بعد بحث دقيق، وبعد تأمل ونظر، أن كبار علماء التفسير الأقدمون بدءاً من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ثم التابعين، وتابعيهم، قد أجمعوا على أن الرجع في السماء هو المطر، وسميت السماء بذات الرجع لأنها ترجع بالغيث.. وقال بعضهم: ترجع السماء رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم.. وكما تعلمون رزق العباد يتوقف على نزول المطر، فإذا قحطت السماء، أجدبت الأرض، وإذا أجدبت الأرض، يموت الزرع، وبموت الزرع، تموت المواشي، ثم يموت الإنسان، ثم تنتهي الحياة!
صدقنا وآمنا وسلمنا بهذا التفسير.. يبقى السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه: إذا كان المقصود بالتعبير (رجع السماء) هو المطر فقط، فلماذا إذاً فضل القرآن الكريم لفظة الرجع، على لفظة المطر؟! ولماذا لم يأت القسم القرآني بالتعبير التالي: (والسماء ذات المطر) بدلاً من: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)..؟!
لفظة (الرجع) هنا أيها الإخوة، مستمدة من الفعل (رجع)، ورجع بمعنى: عاد، وآب كما بينا لكم قبل قليل، والرجوع من أدق تعريفاته: العود إلى ما كان منه البدء..! والعجيب أنه بعد تطور العلم، وبعد تطور التكنولوجيا والأجهزة الحديثة، وبعد الاكتشافات العلمية التي توصل إليها علماء الفلك، عن طريق هذه الأجهزة العلمية الدقيقة، ثبت أن من الصفات البارزة والأساسية لسمائنا، هي أنها ذات رجع وارتداد! بمعنى أن كثيراً مما يرتفع إليها من الأرض، ترده إلى الأرض ثانية! كيف؟
قالوا: هناك طبقة من طبقات الجو أودعها الله سبحانه وتعالى بمنه وفضله في سمائنا، أطلق عليها العلماء اسم (التروبوسفير)، هذه الطبقة أيها الإخوة والأخوات، لولاها لما كانت هذه المقالة، ولما كانت هذه الجريدة، ولما كانت هناك بلدٌ اسمها الكويت، بل لما كانت هناك حياة تدب على وجه هذا الكوكب الأرضي..! ما هي المهمة التي تقوم بها هذه الطبقة، وما هي وظيفتها؟
قلنا قبل قليل إن الشمس تضرب البحر بشعاعها، وتلفحه بنارها، فيتحول ماؤه بخاراً، يصعد إلى السماء، إلى أين؟ يصعد إلى هذه الطبقة (التروبوسفير) يتجمع فيها، ثم يصبح سحاباً عن طريق تكاثفه، ثم تقوم بإرجاعه إلى الأرض مرةً أخرى بعد أن فارق ملوحته، وبعد أن عاد إليه صفاؤه وعذوبته، على شكل أمطار، يسقي الله بها الضرع، وينبت بها الزرع..
هذه هي وظيفتها..! تصور لو أن هذه الطبقة تعطلت مهمتها، أو انعدمت، ما الذي يحصل؟ الذي يحصل أن بانعدامها ينعدم المطر، وبانعدام المطر، يموت النبات.. وبانعدام المطر والنبات، يموت الحيوان.. وبانعدام المطر والنبات والحيوان، يموت الإنسان.. وتنهي الحياة على وجه هذه المعمورة..!
إذاً من الصفات البارزة في سمائنا أيها الإخوة الكرام، أن كثيراً مما يرتفع إليها من الأرض، ترده إلى الأرض ثانية..!
قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ).
شيءٌ آخر.. هناك طبقة أخرى من طبقات الجو، مهمتها خطيرة جداً.. وهي أن كثيراً مما يهبط عليها من الفضاء الخارجي، يرتد بفعلها إلى المصدر الذي هبط منه، هذه الطبقة أطلق عليها العلماء اسم (الستراتوسفير)، وهي عبارة عن درع واق وعظيم للأرض، يحمينا من الشهب، والنيازك، والإشعاعات القاتلة للأحياء..
أيها الإخوة، علماؤنا اليوم يرون عشر صور من ذلك الرجع، جمعها لنا ربنا سبحانه وتعالى في لفظة واحدة، هي لفظة (الرجع)، وهذا من الإيجاز والإعجاز في القرآن الكريم، واعلموا أنه قد يرى القادمون من بعدنا، في هذه اللفظة ذاتها من المعاني فوق ما نراه نحن اليوم، بناءً على حقيقة أن القرآن لكل الأمم والشعوب، وأنه معجزة مستمرة ومتجددة إلى يوم القيامة..!
فالرجع أيها الإخوة صفة أساسية من صفات السماء، أودعها فيها خالق الكون ومبدعه، فلولا هذه الصفة، لما استقامت على الأرض حياة على الإطلاق، ولأصبحت حياتنا جحيما لا يُطاق..! وهذه من رحمة الله عز وجل بنا، ومن حكمته وروعته في الخلق والإحكام.. والله سبحانه وتعالى كما تعلمون أتقن كل شيء خلقه.
والحمد لله رب العالمين.
أحمد محمد القنور
يقول ربنا سبحانه وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ).
هذا خالق الكون يصف لنا السماء بكلمةٍ واحدة، (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)، تشير هذه الآية القرآنية العجيبة، إلى صفة من صفات السماء، وهي أنها ذاتُ رجعٍ، فما معنى الرجع؟! ولماذا وصف الله سبحانه وتعالى السماء بأنها ذاتُ رجعٍ؟
كلمة الرجع، مشتقةٌ من الرجوع، وهو العودة، والارتداد، والرد، والإعادة، والترداد. ومعنى الآية أن السماء تقوم بوظيفة الإرجاع، والإعادة، والرد.. فما الذي تُرجعه السماء؟
تضرب الشمس البحر بشعاعها، وتلفحه بنارها، فيتحول ماؤه بخاراً، يصعد إلى السماء، فيصبح سحاباً عن طريق تكاثفه، ثم يعود إلى الأرض مرةً أخرى بعد أن فارق ملوحته، وعاد إليه صفاؤه وعذوبته، على شكل مطر.
فالسماء إذاً ترجع الماء الصاعد إليها مطراً، يجري في الأرض جداول وأنهاراً، ليمد الكائنات بالحياة..
وماء المطر كما تعلمون هو عصب الحياة، يحيي به الله سبحانه وتعالى ذابل الأرض من أزهارٍ وأشجار، ويستخرج دفينها، وينضج ثمارها، ويحيي ميتها، يقول سبحانه: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).
المطر نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل التي لا تعد ولا تحصى، ينبغي أن نشكر الله عليها..
الحقيقة أيها الإخوة، أخذت أقلب بين يدي أمهات الكتب في علم التفسير، فتبين لي بعد بحث دقيق، وبعد تأمل ونظر، أن كبار علماء التفسير الأقدمون بدءاً من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ثم التابعين، وتابعيهم، قد أجمعوا على أن الرجع في السماء هو المطر، وسميت السماء بذات الرجع لأنها ترجع بالغيث.. وقال بعضهم: ترجع السماء رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم.. وكما تعلمون رزق العباد يتوقف على نزول المطر، فإذا قحطت السماء، أجدبت الأرض، وإذا أجدبت الأرض، يموت الزرع، وبموت الزرع، تموت المواشي، ثم يموت الإنسان، ثم تنتهي الحياة!
صدقنا وآمنا وسلمنا بهذا التفسير.. يبقى السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه: إذا كان المقصود بالتعبير (رجع السماء) هو المطر فقط، فلماذا إذاً فضل القرآن الكريم لفظة الرجع، على لفظة المطر؟! ولماذا لم يأت القسم القرآني بالتعبير التالي: (والسماء ذات المطر) بدلاً من: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ)..؟!
لفظة (الرجع) هنا أيها الإخوة، مستمدة من الفعل (رجع)، ورجع بمعنى: عاد، وآب كما بينا لكم قبل قليل، والرجوع من أدق تعريفاته: العود إلى ما كان منه البدء..! والعجيب أنه بعد تطور العلم، وبعد تطور التكنولوجيا والأجهزة الحديثة، وبعد الاكتشافات العلمية التي توصل إليها علماء الفلك، عن طريق هذه الأجهزة العلمية الدقيقة، ثبت أن من الصفات البارزة والأساسية لسمائنا، هي أنها ذات رجع وارتداد! بمعنى أن كثيراً مما يرتفع إليها من الأرض، ترده إلى الأرض ثانية! كيف؟
قالوا: هناك طبقة من طبقات الجو أودعها الله سبحانه وتعالى بمنه وفضله في سمائنا، أطلق عليها العلماء اسم (التروبوسفير)، هذه الطبقة أيها الإخوة والأخوات، لولاها لما كانت هذه المقالة، ولما كانت هذه الجريدة، ولما كانت هناك بلدٌ اسمها الكويت، بل لما كانت هناك حياة تدب على وجه هذا الكوكب الأرضي..! ما هي المهمة التي تقوم بها هذه الطبقة، وما هي وظيفتها؟
قلنا قبل قليل إن الشمس تضرب البحر بشعاعها، وتلفحه بنارها، فيتحول ماؤه بخاراً، يصعد إلى السماء، إلى أين؟ يصعد إلى هذه الطبقة (التروبوسفير) يتجمع فيها، ثم يصبح سحاباً عن طريق تكاثفه، ثم تقوم بإرجاعه إلى الأرض مرةً أخرى بعد أن فارق ملوحته، وبعد أن عاد إليه صفاؤه وعذوبته، على شكل أمطار، يسقي الله بها الضرع، وينبت بها الزرع..
هذه هي وظيفتها..! تصور لو أن هذه الطبقة تعطلت مهمتها، أو انعدمت، ما الذي يحصل؟ الذي يحصل أن بانعدامها ينعدم المطر، وبانعدام المطر، يموت النبات.. وبانعدام المطر والنبات، يموت الحيوان.. وبانعدام المطر والنبات والحيوان، يموت الإنسان.. وتنهي الحياة على وجه هذه المعمورة..!
إذاً من الصفات البارزة في سمائنا أيها الإخوة الكرام، أن كثيراً مما يرتفع إليها من الأرض، ترده إلى الأرض ثانية..!
قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ).
شيءٌ آخر.. هناك طبقة أخرى من طبقات الجو، مهمتها خطيرة جداً.. وهي أن كثيراً مما يهبط عليها من الفضاء الخارجي، يرتد بفعلها إلى المصدر الذي هبط منه، هذه الطبقة أطلق عليها العلماء اسم (الستراتوسفير)، وهي عبارة عن درع واق وعظيم للأرض، يحمينا من الشهب، والنيازك، والإشعاعات القاتلة للأحياء..
أيها الإخوة، علماؤنا اليوم يرون عشر صور من ذلك الرجع، جمعها لنا ربنا سبحانه وتعالى في لفظة واحدة، هي لفظة (الرجع)، وهذا من الإيجاز والإعجاز في القرآن الكريم، واعلموا أنه قد يرى القادمون من بعدنا، في هذه اللفظة ذاتها من المعاني فوق ما نراه نحن اليوم، بناءً على حقيقة أن القرآن لكل الأمم والشعوب، وأنه معجزة مستمرة ومتجددة إلى يوم القيامة..!
فالرجع أيها الإخوة صفة أساسية من صفات السماء، أودعها فيها خالق الكون ومبدعه، فلولا هذه الصفة، لما استقامت على الأرض حياة على الإطلاق، ولأصبحت حياتنا جحيما لا يُطاق..! وهذه من رحمة الله عز وجل بنا، ومن حكمته وروعته في الخلق والإحكام.. والله سبحانه وتعالى كما تعلمون أتقن كل شيء خلقه.
والحمد لله رب العالمين.