المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ربيع الأول مناسبة جاذبة لا طاردة / الحبيب عبدالله فدعق


من السادة
01-13-2013, 08:53 AM
ربيع الأول مناسبة جاذبة لا طاردة
الحبيب عبدالله فدعق

من الناس من يمتاز بحرصه على ذكرى مولد النبي الكريم بعقد الندوات والمحاضرات في الشمائل المحمدية، وهذا محمود ممدوح




يهل علينا غدا هلال شهر ربيع الأول، وتتجدد كامل الأشواق إلى أكمل الخلق في الأخلاق، سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتتجدد معها الاحتفالات بذكرى المولد الشريف.. قد يقول قائل: وما الحاجة إلى الاحتفال بالذكرى، فإن ذلك لم يثبت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن صحابته الكرام؟ والجواب (المنصف) نجده فيما ذكره أمير المؤمنين في حديث الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، ونقله عنه الحافظ عبدالرحمن الأسيوطي المشهور بجلال الدين السيوطي، إذ قال الأول: "أصل عمل المولد (بدعة) لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على (محاسن وضدها)، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا..".
شخصيا أعرف أن الناس في هذه المسألة بالذات تتعالم على بعضها البعض كثيرا، ولأجل ذلك أذكر أن منتهى المسألة عندي ـ كما تعلمت وأعلم ـ أنها محل خلاف، ومن القواعد الفقهية المشهورة لأهل الأصول: "لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المجمع عليه".
مناسبة ربيع الأول إذن مناسبة للفرح بسيد البشر ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ والذي ينبغي طرحه للنقاش هنا هو كيفية الاحتفال والاحتفاء بها؟ من الناس من يمتاز بحرصه على هذه الذكرى، وإكباره لها لجلال قدر صاحبها في النفوس، بعقد الندوات والمحاضرات في الشمائل المحمدية، وكذا القراءات في كتبها، وهذا محمود ممدوح، ومما يمدح ويحمد أيضا استغلال هذه المناسبة في التشجيع على إقران صادق الحب بصادق الاتباع {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}، وعلى تعظيم هذا الشهر وهذه الذكرى تعظيما لائقا، بزيادة الباقيات الصالحات، والحرص على أصول هذا الدين الذي جاءنا به ـ صلوات ربي عليه ـ فإن "من فاته الأصول حرم الوصول"، وعلى الإكثار من الصلاة عليه، وعلى الدعاء بالفوز بشفاعته في يوم الوعيد، وعلى تذكر شفقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ علينا، فو الذي نفسي بيده ما في البشرية أحد من سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ وإلى قيام الساعة أشد شفقة على أحد من شفقة الحريص الرؤوف الرحيم ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ على أمته، التي لم تنقطع بالتحاقه بالرفيق الأعلى، وإنما هي مستمرة إلى يوم القيامة.
يقول سيد البشر: "إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحَّمون فيها".. لقد مثل صلى الله عليه وسلم حاله مع أمته كحال رجل في برية، أوقد نارا، فجعل الجراد والفراش يقعن في ضوء النار وهو ـ فداه نفسي وولدي ووالدي ومالي ومن حولي ـ لحرصه جزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيا ورسولا عن أمته يأخذ بحجز الأمة ويشدها حتى لا تقع في هذه النار.. حقه علينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ عظيم، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، ولم يترك جهدا في منعنا وصدنا عن كل ما يضر ديننا ودنيانا.. اللهم ارزقنا جميعا حبه واتباعه ظاهرا وباطنا.