المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية إهمال اليمن، ونظرية إدماج اليمن


الدكتور أحمد باذيب
12-12-2005, 08:49 AM
كاتب خليجي يكتب عن اليمن ومجلس التعاون" د: أحمد الربعي"

أيام في صنعاء استمعت فيها الى آراء كثيرة، واختلافات كثيرة حول قضايا الحاضر والمستقبل في هذا البلد العربي الذي يجاور ثلاث دول خليجية، ويمثل بوابة الجزيرة العربية لأفريقيا.

في اليمن مشكلات جدية. بعضها أزلي، وبعضها حديث، بعضها يقال في كل مجالس القات وفي المؤتمرات التي لا تخلو فنادق اليمن ولا صالاتها من مؤتمر دولي أو إقليمي، وبعضها من المسكوت عليه، فليس كل ما يعرف يقال.

اليمن يواجه تحديات كثيرة، تحدي الصراع الأزلي بين سلطة الدولة المركزية وبين السلطة القبيلة، كل ضعف في الدولة المركزية وفي العاصمة سيقابله بالتأكيد استقواء للنزعات القبلية والطائفية والمناطقية.

البلد موارده محدودة وضعيفة، ولكن هناك اتهامات من أطراف عديدة بينها منظمات دولية ودول حليفة لليمن بأن الإدارة أيضا ضعيفة، أعني إدارة الأموال، وهي الكلمة الملطفة لكلمة الفساد المالي، حيث ينتشر مفهوم «حق القات» على مستويات عديدة تصل الى درجة أشخاص متنفذين في مؤسسات الدولة.

هناك حالة من التمترس السياسي، والاحتقان غير المسبوق بين أطراف اللعبة السياسية، وهو الذي دفع المتناقضات للتوحد، حيث تتشكل جبهة غير مفهومة وغير منطقية بين أكثر التيارات ليبرالية وهو الحزب الاشتراكي مع أكثر التيارات الأصولية وهو حزب الإصلاح مع خليط من تيارات أصولية قومية ويسارية.

تواجه البلد مشكلة اقتصادية خانقة ومعدلات من البطالة المرتفعة وتأخر للبنية التحتية وخاصة المواصلات ويواجه التعليم والخدمات الصحية مشاكل جدية، وهناك أزمة مياه خانقة في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى، وهناك مشكلة تبديد موارده ومدخرات الأفراد على القات، مع احتلاله لأكثر الأراضي اليمنية خصوبة.

وفي المقابل هناك انفتاح نسبي حقيقي لا ينكره إلا المعاندون، فنبرة الصحافة عالية جدا، وحرية العمل الحزبي مفتوحة، وهامش النقد للحكومة مرتفع، وصوت الإصلاح السياسي والاقتصادي وقضايا الحريات وقضايا المرأة كبيرة. وهو ليس بالوضع المثالي ولكنه ليس بالسيئ.
علينا أن ننتبه الى أن اليمن بإمكانياته الذاتية سيظل يدور في حلقة مفقودة، صحيح أن هناك غيابا للانضباط في المال العام، وهناك مصروفات كثيرة وغير مبررة على المؤسسة العسكرية، ولكن تبقى الموارد محدودة، وإمكانيات حل المشكلات العالقة صعبة.

واعترف بأنه رغم انحيازي المستمر للتفاؤل والأمل، إلا أن أوضاع اليمن على المدى المتوسط والبعيد لا تدعو الى التفاؤل، فالظروف الاقتصادية والفقر والبطالة والأمية تشكل بيئة صالحة للتطرف، وتظل هناك مشكلة صعبة في ظل غياب برنامج تنمية حقيقي يرفع مستويات دخول الأفراد ويساعد على إصلاح البنية التحتية ويوفر الحدود الدنيا للحياة الكريمة للأفراد ويصلح ما يمكن إصلاحه في حقول التعليم ويحسن الخدمات الصحية ويجعل انتماء الأفراد للدولة، التي تقوم بدور الحماية، والتي يرى فيها الفرد مؤسسة صالحة ورشيدة ولديها برنامج حقيقي للإصلاح وللحرب على الفساد.

مصدر التشاؤم هو انه في التحليل السياسي يجب أن نضع على الطاولة كل أنواع السيناريوهات بما فيها أسوأها، وهو بالتأكيد ما لا نتمناه لذلك البلد العربي، لكن الحقيقة أن السيناريو الأسوأ سيكون كارثة على الجميع، وستمتد نتائجه على الجميع، خاصة على جيران اليمن، وتحديدا على دول مجلس التعاون، ألم يؤد رفع أسعار المحروقات قبل أشهر محدودة إلى اضطرابات وقتل وتخريب للمنشآت، ومحاولة خلق حالة من الفلتان. وهو القرار الذي كان لا بد من اتخاذه في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي، رغم سوء التنفيذ، وماذا سيكون الحال لو تدهورت الأوضاع الاقتصادية ووصل الناس إلى مرحلة من الأزمة الحقيقية، ما الذي يمكن أن يحدث لبلد تستطيع فيه النزعات القبلية والمناطقية أن تدفع بآلاف الناس إلى الشوارع تحت شعارات الأزمة الاقتصادية وضغط البطالة وغيرها، مع ضرورة أن نتذكر أن قوى التطرف موجودة في اليمن، وأن الاضطرابات التي قادها الحوثي هي مثال واحد قابل للتكرار، هل يتحمل اليمن، وهل يتحمل جيرانه نموذجا أفغانيا، وحربا أهلية وبلدا قلقا يمتد على طول حدود ثلاث من دول مجلس التعاون؟

أمام مجلس التعاون الخليجي مسؤولية كبرى تجاه اليمن، إنها ليست مسؤولية أخلاقية فحسب، بل هي مسؤولية أمن قومي، وقضية استقرار إقليمي، فأية تطورات سلبية أو ايجابية في الساحة الخلفية لمجلس التعاون ستؤثر سلبا أو إيجابا على قضايا التنمية والاستقرار الإقليمي.

هناك نظريتان سائدتان في التفكير الخليجي تجاه اليمن، وهما نظريتان خطيرتان وستؤديان إلى نتائج خطيرة، هناك نظرية إهمال اليمن، والحديث عن أنه ليس لدينا مسؤولية تجاه أحد، وأنه يكفينا ما لدينا من مشاكل لنتفرغ «للآخرين» وهي نظرية بعيدة عن المسؤولية وبعيدة عن تقدير طبيعة الأوضاع السائدة في الإقليم، وهي نظرية هروب إلى الوراء من خلال إنكار وجود مشكلة.

أما النظرية الأخرى فهي نظرية الهروب إلى الأمام، وهي تلك الدعوة العاطفية الخالية من أي مضمون تنموي والتي تدعو إلى الاندماج الفوري لليمن في مجلس التعاون الخليجي، وهي نظرية تهمل حقائق أساسية على الأرض، فالوحدة تتم بين أطراف متكافئة، وبين مستويات متقاربة في التطور الاقتصادي ومعدلات النمو ودخول الأفراد، وحتى السوق الأوروبية التي هي تجمع اقتصادي ضخم صنفت الدول إلى قوائم ووضعت تواريخ محددة وشروطا لتأهيل هذه الدول لعضوية السوق بعيدا عن الأطروحات العاطفية والأخلاقية.

هناك من ينظر إلى مسألة دخول اليمن في مجلس التعاون نظرة تبسيطية خالية من أي رؤية تنموية، وهي نظرية تشوبها العاطفة أكثر مما يحركها العقل، ولو كانت الأمور تقاس بالمحبة وبالعواطف لربما كان كاتب هذه السطور أول من يرفع راية دخول اليمن الفوري للتعاون الخليجي، لكن التجارب التاريخية أمامنا، ونظريات الوحدة الفورية تعلمنا أن مثل هذه الخطوات هي من أعمال المراهقة السياسية التي قد تؤدي إلى نتائج سلبية على الجميع بما فيها اليمن نفسه.

أمام نظرية إهمال اليمن، ونظرية إدماج اليمن، ما هو المطلوب؟

شبامي متكرف
12-12-2005, 02:59 PM
مشكور على الموضوع

الوزيري
12-13-2005, 01:49 AM
امام نظرية اهمال اليمن ونظرية ادماج اليمن

اولاً شكراً لك د/احمد باذيب

انا تابعت المقال في الشرق الاوسط في يومة الثالث واتمنا من الجميع ان يضع تصوراتة ويناقش العنوان لي نتصور ماذا سيكون
في القمة القادمة لي دول مجلس التعاون في دولة الامارات ولاتنسو جولة وزير الخارجية اليمني لي دول المجلس!!
اولاً انا اعجبت بلهجة الكلام الموضوعية التي لم نكون نعتادها من الربعي في ما مضى ! كان الربعي اكثر حدة على
اليمن في كل شي
اما موضوعة الاخير اوايام صنعاء4 فهو سرد الحقيقة المرة للاسف لي بلدنا التي تخجل القاري لماذا لايخجل من
هم سبب مشاكلنا التنموية وسبب التهاون في تفشي الفساد الكبير وليس الفساد الصغير
ما قالة الربعي عن دور مجلس التعاون اخليجي تجاة اليمن شي ممتاز وهو مالم نعتادة منة ومن بعض الكتاب الرافضين للحديث عن اليمن في مجلس التعاون هنا اقول ان التغيرات في الفكر اوالحساسيات من ماضي قد ذهب
بلارجعة شي ممتاز ومن هنا يبدا النقاش
هل نحن نحلم لما نقول سوف ندخل مجلس التعاون وبتتغير احوالنا في يوم وليلة
هل لنا قبول عند الطرف الاخر وهوالمجلس بواقع نفرضة نحن اوضروف دولية (بعيد عن اخوان ونسائب)
هل القمة القادمة ستغير شي في الواقع النائم لي ملف اليمن مع المجلس وماهو المتوقع من القمة لليمن
هل المجلس يعاملنا مثل الدول المواهلة للدخول في الاتحاد الاوربي مطلوب منك كذا وعليك كذا والمدة كذا
ام هم يتعاملون معنا افرح اخونا اليمني وكل سنة تلحق سنة بدون جدوا ..
يليت يادكتو احمد توضع لنا تصورك انتة وتجيب على هذة الاسئلة وكل من عندة تصور لحالنا الذي نتمنى ان نكون
افضل مما نحن علية دمت بخير يادكتور

الدكتور أحمد باذيب
12-16-2005, 05:33 AM
مطلوب مشروع خليجي أشبه بمشروع مارشال الأوروبي لصالح اليمن. هذا المشروع هو مطلب أخلاقي ومطلب أمن قومي إقليمي، وهو مشروع يجب أن يأتي بمبادرة خليجية وبمشاركة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وأن يضع هذا الصندوق أولويات التنمية في اليمن ويضع آليات التنفيذ التي قد تمتد لعشر سنوات قادمة.
الدول الخليجية قدمت الكثير لليمن خلال العقود الماضية، لكن المطلوب هو اجتماع لصناديق التنمية الخليجية ووضع برنامج مشترك بدلا من المساعدات والقروض الفردية ووضع كل هذه المساهمات ضمن صندوق محدد الأهداف ومحدد الآليات بين الدول الخليجية والدول المانحة الأخرى.
هذا المشروع سيشكل أحد صمامات الأمن القومي الإقليمي، وسيوفر على المنطقة قلاقل ومشكلات قد تتعرض لها اليمن في ظل الضغوطات الاقتصادية الكبيرة، ومشكلات الفقر والأمية والتطرف.
هذا المشروع يتطلب تحركا من الحكومة اليمنية باتجاه الإصلاح المالي، ووقف كل عمليات التسيب، وتحديد مصروفات التسلح الباهظة، ويتطلب توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية الخاصة، التي يمكن أن تشكل الرافعة الثانية للتنمية إلى جانب الصندوق المقترح. وهناك شكاوى كثيرة من المستثمر الأجنبي في اليمن وأكثر من نلتقي بهم يكررون أن هناك قوانين استثمار أجنبي جيدة، ولكن هناك صعوبات حقيقية في التنفيذ، وصعوبة التعامل مع الجهاز الحكومي البيروقراطي في صنعاء، ومشكلات الرشوة والتسيب. وهذا يتطلب تشكيل هيئة مستقلة، ولا بأس أن تكون تابعة لأعلى سلطة في الدولة تقوم بمهمة مساعدة المستثمر الأجنبي وتذليل الصعوبات امامه، وحمايته من البيروقراطية الحكومية ومن الروتين وعمليات الابتزاز والرشوة.
الحقيقة التي يجب أن تكون واضحة في صنعاء، هي أنه لا أحد يستطيع أن يكون يمنيا أكثر من اليمنيين، وانه من دون إصلاح سياسي واقتصادي، ومن دون بيئة توفرها الدولة للتنمية والاستثمار الأجنبي فانه لا احد يمكنه أن يأتي من الخارج للإصلاح الداخلي.
مشروع مارشال خليجي هو أمر يستحق عناء البحث والمناقشة، وهو مدخل مهم للاستقرار الإقليمي ويصب في مصلحة الجميع، والمهم ألا نكتفي بالقلق على اليمن، بل المطلوب أن نساهم في خلق بيئة صالحة وإنسانية لدولة شقيقة ومجاورة.
صحيفة الشرق الاوسط

الدكتور أحمد باذيب
03-25-2006, 06:50 AM
قال تقرير خليجي صدر هذا الأسبوع إن الخطة العشرية لتأهيل اليمن اقتصاديا بهدف الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي لا يمكن أن تحقق أهدافها المرسومة في ظل الفوارق الكبيرة بين الطرفين، داعيا إلى قيام حوار عميق وأكثر شفافية لتقليل الفوارق بين الجانبين.

ويشير التقرير إلى الخطة التي تقدمت بها الحكومة اليمنية للمجلس لتأهيل اقتصاد اليمن بدعم من دول مجلس التعاون لدفع عملية التنمية وإصلاح البنى التحتية وتأهيل القوى البشرية كي يستطيع اليمن من خلالها "سد الفجوة الاقتصادية" بينه وبين بقية دول المجلس مما يؤهله للانضمام إلى عضوية المجلس، وهي الخطة التي اتخذ بناءً عليها قرار خليجي بإنشاء لجنة فنية من وزارات المالية في دول المجلس ووزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية والأمانة العامة لمجلس التعاون بالاستعانة بالجهات المالية الدولية لإعداد الدراسات اللازمة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن وتحويلها إلى خطة عمل وفق برنامج استثماري حتى العام 2015، بتكلفة إجمالية تصل إلى 40 مليار دولار.

وحسب التقرير الذي أصدره مركز الإمارات للدراسات الأسبوع الماضي فإن المحور الاقتصادي هو أضعف الحلقات التي تحول دون انضمام اليمن إلى دول المجلس، حيث ان هناك مشكلات أمنية وسياسية وأيديولوجية واجتماعية أكثر تعقيدا، وأكثر حساسية من الملف الاقتصادي بكل أبعاده وتبعاته.

ومع ذلك يقول ان خطة "سد الفجوة الاقتصادية" بين اليمن ودول المجلس من خلال استثمارات مالية ثابتة تصل إلى 40 مليار دولار خلال عشر سنوات، لا يمكن أن تقارب الفجوة الاقتصادية المتنامية بطبيعتها بين الجانبين لسبب رئيسي هو أن اقتصادات الدول الخليجية تتحرك حاليا بمعدلات نمو كبيرة هي الأعلى في المنطقة بفضل ما يتاح لها من إيرادات مالية ضخمة وفرص استثمارية ضخمة، غير متاحة لليمن بالقدر نفسه على الأقل في ظل ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية مؤخرا.

ويرى التقرير أن الفجوة الاقتصادية بين الجانبين تظل في اتساع مستمر، فبينما تتمتع دول الخليج، بصفة عامة، بأعلى مستويات دخل للفرد في العالم، إذ إن متوسط دخل الفرد الخليجي يزيد على 13500 ألف دولار، وفي أبوظبي وحدها يزيد هذا المتوسط على 46 ألف دولار، فإن 42 بالمائة من سكان اليمن البالغ عددهم 21 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

بينما يبلغ متوسط دخل الفرد اليمني نحو 510 دولارات فقط، أي ما يقل عن 4 بالمائة من دخل نظيره الخليجي، يضاف إلى هذا الفارق الشاسع بين الجانبين معدلات بطالة مرتفعة جدا في اليمن تصل إلى 22 بالمائة، ومستويات أمية تقدر بنحو 50 بالمائة، وهي من بين أعلى المعدلات في المنطقة العربية.

ويقول التقرير ان هذه صورة مختصرة عن حال الفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي تفصل بين اليمن ودول الخليج، وهي فوارق يصعب تجاوزها خلال السنوات العشر التي تستهدفها خطة تأهيل اليمن و"سد الفجوة الاقتصادية" بينه وبين بقية دول المجلس.

وشدد المركز على أن المطلوب لتأهيل اليمن أكبر من خطة اقتصادية عشرية قد تنعش الاقتصاد اليمني كثيرا، ولكنها بأي حال لن تضعه على قدم المساواة مع أي من الاقتصادات الخليجية الستة، أو على الأقل تؤهله للانضمام إلى منظومة "مجلس التعاون".

إذ إن انضمام اليمن إلى هذه المنظومة ـ حسب قوله ـ قضية ذات أبعاد معقدة ومتداخلة بعضها يرتبط بالأوضاع الداخلية اليمنية سواء في شقها الإيجابي و السلبي، والبعض الآخر يرتبط بخصوصية دول مجلس التعاون، وتماثل أنظمتها السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والتي تختلف في جوانب كثيرة عن اليمن، وهذا يتطلب الشروع بإقامة حوار عميق وأكثر شفافية لتقليل الفوارق بين الجانبين للوصول إلى أعلى مستوى ممكن من النجاح في تحقيق المصالح الذاتية بكل طرف، وترسيخ الثقة وإزالة المخاوف التي ترتهن بها آفاق المستقبل في تطوير العلاقات بين الطرفين.
منقول عن الايام