الاتجاه المعاكس
01-01-2006, 08:49 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجو من المشرف تثبيت الموضوع كمرجع لكل باحث وطالب علم
صدر هذا الكتاب لأول مرة في 22 / 6 / 2000 ثم صدرت نسخة أخرى معدلة في 23 / 11 / 2000 و تم إصدار هذه النسخة المعدلة و المنقحة في 20 / 8 / 2001 .
المراسلة عبر البريد الإليكتروني : [email protected]
بدء الحرب الأمريكية
ضد الإمام المهدي (عليه السلام )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله الطيبين الطاهرين .
إن ما حفزني لتأليف هذا الكتاب هو حالة اليأس و القهر التي يمر بها عالمنا العربي و الإسلامي نتيجة لتكالب الأعداء عليه من الشرق و الغرب فأردت أن ابعث روح الأمل و التفاؤل بالمستقبل و أنير شمعة في هذا الظلام الذي أحاط بأمة هي خير أمة أخرجت للناس وحتى لا ييئس المسلمون ولا يقنطوا من رحمة الله و ليعرفوا أن الله ناصرهم على أعدائهم في وقت يكاد يكون قريبا إنشاء الله و لو كره الكافرون.
لقد بدأ اهتمامي بموضوع الإمام المهدي ( عليه السلام ) و ظهوره بعد أول مرة قرأت فيها عنه وحاولت أن اقرأ كل كتاب يتحدث عن هذا الأمر فلقد كتب الكثير من الكتاب حول هذا الموضوع قديما و حديثا و وجدت أن معظم هذه الكتب هي مجرد سرد للأحاديث النبوية الشريفة و شرح ما قاله علماء المسلمين عنها و المشكلة أن الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت هذا الموضوع اختلف في صحتها المسلمين فمنهم من صححها و منهم من ضعفها بل أن حتى الذين صححوا هذه الأحاديث و يؤيدون ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) يوجد فيما بينهم اختلاف واضح في الأحاديث التي يوردها كل فريق منهم عن حقيقة هذا الأمر و كيفية حدوثه و هذا مما يوقع أي قارئ لهذه الكتب في حيرة من أمره و يوقعه في دائرة الشك فلم يستطع أي كاتب أن يأتي بدليل دامغ و قوي يثبت صحة و إمكانية حدوث هذا الأمر و لهذا قررت أن أقوم بأجراء بحثي الخاص في هذا الموضوع لإيجاد دلائل و إثباتات جديدة حول هذا الموضوع الذي دار حوله الكثير من الجدل و لقد وفقني الله سبحانه و تعالى في الوصول إلى معلومات و إثباتات يكشف عنها لأول مرة و لا تقبل الشك أو النقض لأنها مسنودة بالدليل العلمي الذي يمكن لأي إنسان أن يتأكد من صحته و مصداقيته بنفسه و أنا أضعها بين أيديكم في هذا الكتاب لعله يزيل الشك و الجدل الذي دار حول هذا الموضوع . و أرجو منك عزيزي القارئ أن تقرأ الكتاب بروية و فهم عميق لما فيه لأنه قد تكون هذه المرة الأولى التي يطرح و يبحث هذا الموضوع من هذا الجانب . و أرجو من أي قارئ لهذا الكتاب أن لا يحكم على ما جاء فيه إلا بعد يكمل قرأته و يفهم ما جاء فيه و يطرح عن نفسه رداء التعصب الأعمى حتى يكون منصفا في حكمه . و لعل الكتاب يرشده ليعرف الحق و يتبعه لعله يكون أحــــد جنود الإمـــام المهدي ( عليه السلام ) لرفع راية لا اله إلا الله محمد رسول الله و ينصر أمته العربية و الإسلامية و الله ناصر المؤمنين إنشاء الله .
ماجد المهدي
991
12/ 10 / 1999
المقدمة
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) ( من كتم علما علمه الله له لجم يوم القيامة بلجام من نار ) و قال عليه الصلاة و السلام و على آله ( العلم ضالة المؤمن أنّـا وجدها كان أولى الناس بها ) و لقد سهل الله سبحانه و تعالى لي في معرفة ما يمكن أن يطلق عليه علما و هو علم المعرفة بشي و ما دمت قد عرفته فكان واجبا علي نشره و تعريف الناس به و هو كغيره من المعارف و العلوم سيجد من يؤيده و يؤمن به و كذلك سيجد من يرفضه و لا يعترف به لأن لكل منا في داخله تراثا فكريا و ثقافيا و عقائديا خاصا به استطاع أن يكونه خلال عمره الطويل مما قرأ و ما سمع و شاهد و مما آمن به . و كل إنسان له الحرية المطلقة في الأيمان و الاقتناع بما يعرض عليه و ما يطرح عليه من آراء و أفكار و الإنسان ما كان له أن يصل إلى ما وصل إليه لولا اطلاعه على أفكار و آراء غيره من البشر حتى لو علم أن ما سيطلع عليه مناقض لما يعتقد بل أن إطلاعه على آراء المقابل و أفكاره قد يؤكد له أنه على حق و يزيد أيمانه بما لديه و يثبت له صحة اعتقاده و تفكيره . أما الذي يتهيب من المعرفة و الاطلاع و يفضل الانغلاق على نفسه فسيصحو في يوم من الأيام و يجد أن الركب قد فاته و لن يستطيع أن يلحق به . و أنا شخصيا قد قرأت الكثير من الكتب التي اعرف إنها قد لا تتفق مع ما اعتقد فمجرد أن اعرف انه يطرح أفكارا جديدة و في المواضيع التي اهتم بها فأسارع لقراءته و هو أكيد سيضيف لي علما لا اعلمه و يجعلني اعرف بما يفكر الطرف الأخر و أؤكد لكم أن هذا هو ما ساعدني بالدرجة الأولى في تأليف هذا الكتاب لأن هذا جعلني ابحث في مصداقية ما اقرأ .
و أرجو أن يفتح هذا الكتاب الطريق للقارئ و يستطيع أن يكشف المزيد من العلوم من خلال البحث و القراءة المستمرة لأن المعرفة سلسلة متصلة لا يستطيع إنسان واحد أن يلم بها لوحــده مهما كانت درجة معرفته و علمه . طبعاً أن القارئ سيجد انه قد يختلف معي في بعض الآراء و الأفكار التي اطرحها و هذا ادعى لأن يقرأ الكتاب و أنا متأكد أنه سيقرأ كتاب لم يقرأ ما جاء فيه في أي كتاب آخر و الله اعلم .
الفصل الأول
المنقذ الإلهي
إن الناس في كل أنحاء العالم بصورة عامة منقسمون حول موضوع المنقذ المنتظر الذي ينتظر ظهوره في آخر الزمان إلى قسمين قسما يرى أن من المهم معرفة كل ما يمكن من معلومات عن المنقذ المنتظر وكل ما يتعلق به و بوقت ظهوره و حقيقة شخصيته و غالبا أن هذه الفئة هي من المؤمنين بوجود الله الخالق لأن كل الديانات السماوية و حتى الغير سماوية قد بشرت بظهور هذا المنقذ في آخر الزمان الذي سيخوض حرباً عالمية ضد الشر بكل صوره و سينشر العدل و السلام في الأرض و نزول المسيح ( عليه السلام ) و من ثم بعد هذا لن يبقى إلا عدة عقود من السنين و تقوم القيامة و ما تمثله من انتهاء وجود الإنسان على هذه الأرض و انتقاله إلى عالم آخر حيث يحاسب الله سبحانه و تعالى كل إنسان على عمله .
أما القسم الآخر فهم معتنقو الأفكار العلمانية أو الإلحادية حيث إنهم يرون أن كل ما ذكر عن هذا المنقذ ما هي إلا خرافات و معتقدات آمنت بها الشعوب المتخلفة و المغلوبة على أمرها و التي كانت ترزح تحت سيطرة شعوب أقوى منها فمنّت نفسها بسراب الخلاص على يد إنسان ذو قدرات خارقة يظهر حين غفلة من الزمن و ينتقم لهم من مستعبديهم و يعيد لهم مجدهم و سيطرتهم التي وعدهم بها الله على بقية الخلق … و أن هذا الاعتقاد مما يقود و يشجع الشعوب على الاستكانة للذل و الخضوع و يعرقل كل من يسعى للتحرر و التقدم للأفضل و هم يعتقدون أن كل من يبحث أو يخوض في هذا الأمر هو إنسان يؤمن بالخرافات و المعتقدات البالية ومما لا داعي لإضاعة الوقت في نقاشه و الحوار معه حول الموضوع و هؤلاء يشكلون تقريبا وحدة واحدة في الرأي لا اختلاف في ما بينهم .
و في الحقيقة أن حتى البعض من المسلمين المؤمنين بظهور المنقذ العالمي يعتقدون أن من الأفضل عدم الخوض في هذا الأمر الآن لأنه قد يسبب في شيوع حالة من التكاسل و التخاذل بين المسلمين عن السعي لتحرير فلسطين و القدس الشريف من الاحتلال الصهيوني البغيض ( اكثر مما نحن عليه الآن ) )!!!!.
و أما الذين يؤمنون بظهور هذا المنقذ العالمي فأن الاختلاف في ما بينهم ظاهر فكل منهم يدعي أن المنقذ المنتظر سيظهر من جماعته و أن الباقين واقعين في ضلالة و أن المنقذ سيقتص منهم لأنـهم لم يؤمنوا بظهوره ( شخصيا ) مع كل صفاته التي ذكرتها كل أمة .. بل أن الاختلاف حاصل مع أفراد الدين الواحد في صفات و العلامات التي تدل أو تخص هذا الشخص .
و كل الديانات تؤكد أن للعالم نهاية لا ريب فيها و سوف يسبق هذه النهاية ظهور علامات مثل كثرة الزلازل و انتشار الفساد و انتشار الظلم و من ثم نزول المنقذ المنتظر بقدرة الإلهية, لإنقاذ المؤمنين من الفساد و الظلم الذي يسود الأرض . وسأستعرض بعض المعلومات المختصرة عن ما ذكره بعض أصحاب الديانات السماوية في مختلف أرجاء العالم عن هذا المنقذ .
و أجد من المهم هنا أن أؤكد أني لا احمل أي ضغينة أو عداء لأي من اتباع الديانات السماوية من غير المسلمين و اقصد هنا ( اليهود و النصارى ) إلا من كان منهم معاديا للإسلام والمسلمين و يسعى للأضرار بهم و بدينهم و أن كل ما سيرد في الكتاب ما هو إلا شرح لوقائع و أحداث وقعت و ستقع إنشاء الله .
إن أهم الديانات السماوية المنتشرة في العالم هي الديانات اليهودية و المسيحية و الإسلامية و هذه الديانات الثلاثة ظهرت في منطقة جغرافية واحدة و هي منطقة الشرق الأوسط و كلها بدأت بنبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) فكل أنبياء هذه الديانات يرجعون في نسبهم إليه ففي الديانة اليهودية التي جاء بها موسى ( عليه السلام ) و من جاء من بعده من الأنبياء قد وردت عدة تنبؤات تتحدث عن هـذا المنقذ العظيم و الذي سيقوم اله بني إسرائيل ( يهوه ) بإرساله لإنقاذهم من أعدائهم على أساس انهم شعب الله المختار ( و في الواقع أن لليهود اكثر من منقذ ( مسيح ) كما صرحت التوراة بهذا ) و لهـــذا نرى أن اله بني إسرائيل ( يهوه ) في التوراة يسمي ملك الفرس ( كورش ) بالمسيح و كما ورد في سفر أشعيا الإصحاح الخامس و الأربعين :
( سأقوم بكتابتها و كما وردت في نسخة الانجيل الموجودة عندي ( مع ما فيها من اخطاء لغوية )
Is:45:1:
1 : هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما واحقاء ملوك احل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق.
Is:44:28:
28 : القائل عن كورش راعيّ فكل مسرتي يتمم ويقول عن اورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس
Is:45:3:
3 : وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ لكي تعرف إني أنا الرب الذي يدعوك باسمك اله إسرائيل.
و لم تكن نبؤة اشعيا النبؤة الوحيدة فلقد وجدت نبؤات أخرى في سفر النبي دانيال عليه السلام الذي رأى رؤيا تبشر بظهور منقذ لبني إسرائيل كما جاء في الإصحاح الثامن من سفر دانيال:
1- في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر الملك ظهرت لي أنا دانيال رؤيا بعد التي ظهرت لي في الابتداء
2 - فرأيت في الرؤيا وكان في رؤياي وأنا في شوشن القصر الذي في ولاية عيلام. ورأيت في الرؤيا وأنا عند نهر أولاي
3 - فرفعت عينيّ ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيرا.
4 - رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم.
5 - وبينما كنت متأملا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمسّ الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه.
6 - وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رايته واقفا عند النهر وركض إليه بشدة قوته.
7 - ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده.
8 - فتعظم تيس المعز جدا ولما اعتزّ انكسر القرن العظيم وطلع عوضا عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع.
9 - ومن واحد منها خرج قرن صغير وعظم جدا نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي.
10 - وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم.
11 - وحتى إلى رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه.
12 - وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح.
13 - فسمعت قدوسا واحدا يتكلم فقال قدوس واحدا لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين.
14 - فقال لي إلى ألفين وثلاث مائة صباح ومساء فيتبرأ القدس
15 - وكان لما رأيت أنا دانيال الرؤيا وطلبت المعنى إذا بشبه إنسان واقف قبالتي
16 - سمعت صوت إنسان بين أولاي فنادى وقال يا جبرائيل فهّم هذا الرجل الرؤيا.
17 - فجاء إلى حيث وقفت ولما جاء خفت وخررت على وجهي.فقال لي افهم يا ابن آدم أن الرؤيا لوقت المنتهى.
18 - وإذ كان يتكلم معي كنت مسبخا على وجهي إلى الأرض فلمسني و أوقفني على مقامي.
19 - وقال هاأنذا اعرّفك ما يكون في آخر السخط.لأن لميعاد الانتهاء.
20 - أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس.
21 - والتيس العافي ملك اليونان والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول.
22 - وإذا انكسر وقام أربعة عوضا عنه فستقوم أربع ممالك من الأمة ولكن ليس في قوته.
23 - وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل.
24 - وتعظم قوته ولكن ليس بقوته.يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين.
25 - وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعاظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر.
26 - فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق.أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيام كثيرة.
27 - أنا دانيال ضعفت ونحلت أياما ثم قمت وباشرت أعمال الملك وكنت متحيّرا من الرؤيا ولا فاهم ….
و لقد فسر بعض المفسرين القدماء هذا الإصحاح على أن الكبش ذي القرنين يمثل مملكتين تتحدان وهما مملكة مادي و فارس و تكونان مملكة عظيمة يقودها ملك قوي لا تستطيع كل الدول مواجهته , أما التيس ( العنزة ) ذي القرن الواحد الذي حارب الكبش فالمراد منه ( ملك اليونان ) و القرن البارز من راس التيس فهو ملك من اليونان أي الاسكندر المقدوني و تعبر هذه الرؤيا بالنسبة لليهود هي البشارة بخلاصهم من الأسر البابلي بعد قيام المملكة الممثلة بالكبش ذي القرنين أي ملك مادي و فارس حيث أن ملك هذه المملكة سيغير على مملكة بابل و يتغلب عليها و تحرير اليهود من الأسر البابلي و هو ما حدث بالفعل حيث هاجم الملك الفارسي ( كورش ) الممالك في الغرب و الشرق و الجنوب أي في مملكة بابل و حقق الانتصارات فيها و حرر اليهود من الأسر و سمح لهم بالعودة إلى فلسطين و بناء هيكلهم من جديد و من المعروف تاريخيا أن بعد فترة هاجم الاسكندر المقدوني مملكة فارس فأحتلها و بسط سلطانه عليها و بهذا تحققت هذه النبؤة في تلك الفترة و اليهود الآن لا يقبلون بهذا التفسير و يقولون أن هذه النبؤة لم تتحقق بعد و لهذا فهم ينتظرون مسيحا آخر و يدعون أن مسيحهم القادم سيقوم بشن حربا ضد كل أعداءهم و ينتصر عليهم وسيظل اليهود يحرقون أسلحة أعدائهم لمدة سبع سنوات متوالية و من ثم ستأتي شعوب الأرض للمسيح و تقدم له الهدايا و تطلب منه المغفرة فيغفر لهم و يسامحهم و لكنه سيرفض هدايا المسيحيين و لن يغفر لهم ولا يقبلهم في دينه لأنهم من نسل الشياطين . و هم لا يؤمنون بالمسيح الذي يؤمن به النصارى ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و يعتبرونه (حاشاه ) أنه رجل ولد من زنا و يريد أن يضل اليهود بادعائه أنه هو المسيح و لهذا فلقد قاموا بصلبه . وهناك خلاف بين الحاخامات اليهود حول مدة بقاء المسيح على الأرض فمنهم من يقول أن بقاءه سيطول بنفس المـــدة التي سبقت مجيئه أو منذ زمن نوح ( عليه السلام ) و البعض قال أن بقاءه سيكون لمدة أما أربعين أو سبعين سنة .
و لقد ساند بعض النصارى المتصهينون رأي اليهود و يدعون أن هذه النبؤة لم تتحقق لحد الآن وإنها ستحقق في زماننا هذا و لقد فسروها على إن الكبش ذي القرنين هما يمثلان قوتان ســــتتحالفان فيما بينهما ( روسيا و إيران و ما تمثله من الدول الإسلامية ) حيث سيكون بينهما اتفاق و تعاون عسكري و سيقومون بشن حرب على إيطاليا و فرنسا وجنوب أوربا و يكون حينها اليهود قد تجمعوا مرة أخرى في فلسطين هنا تظهر العنزة التي تمثل ( أمريكا ) فتقوم بالقضاء على الكبش و كسر قرنيه و سحقه و السيطرة على العالم و عندها ستساعد اليهود في بناء هيكلهم المقدس و عندها سيظهر المسيح الذي ينتظرونه …
أما بالنسبة للنصارى فلهم وجهة نظر أخرى مختلفة عن هذا المنقذ الموعود . فالمنقذ المنتظر عندهم هو نفسه المسيح ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و الذي سيظهر لهم في آخر الزمان و يقوم بإنقاذهم من أعداءهم و ينصر المسيحيون في كل الأرض و يقتل كل من لم يؤمن به من البشر . و النصارى منقسمون حول حقيقة من قـام بصلب المسيح ( عليه السلام ) فكل المسيحيون الشرقيين و اغلب المسيحيون ( الكاثوليك ) خاصة يعتقدون أن اليهود هم من قام بعملية الصلب ( مع أن بابا الفاتيكان قد قام أخيرا بتبرئة اليهود من هذه التهمة بضغط من اليهود و المنظمات الصهيونية في العالم ) أما البروتستانت ( اغلب مسيحيو أمريكا ) فهم يقولـــون أن لا علاقة لليهود بصلب المسيح ( عليه السلام ) و أن الرومان هم الذين قاموا بصلبه .... و هم من اشد المؤمنين برجوع المسيح عيسى ابن مريم (عليهما السلام ) و لهم علامات يؤمنون بها تسبق نزوله و يعتقدون أن المسيح لن يرجع إلى الأرض إلا إذا تمت هذه العلامات و من أهمها تجمع اليهود في فلسطين و بناء الهيكل للمرة الثالثة و عندها سينزل المسـيح ( عليه السلام ) و عندها سيقوم المسيح برفعهم إلى السماء وتحدث معصرة الرب و هي المعركة الكبرى ( معركة هرمجدون ) . و لهذا فهم من اشد المؤيدين لقيام إسرائيل و تجميع اليهود في فلسطين لتتم لهم النبؤة التي بشروا بها و هي ظهور المسيح ( عليه السلام ) مرة أخرى .
طبعا أن ما قاله أو يقوله أهل الكتاب من يهود و نصارى لا يمكن أن نجعله دليلا أو منطلقا لبحثنا في حقيقة ظهور المنقذ العالمي و الذي نسميه نحن ( الإمام المهدي عليه السلام ) لأننا كمسلمين لدينا كتابنا ( القرآن الكريم ) و الأحاديث النبوية الشريفة و لنا تراثنا و ثقافتنا الخاصة والتي يمكن منها أن نستشف و نستخرج منها العلوم و المعارف الشيء الكثير و لكن لا مانع من الاستئناس بما ورد عندهم مما يمكن أن يؤيد ما سيظهر من خلال البحث . و بما أن المسلمين منقسمون بصورة عامة إلى مجموعتين سنة و شيعة و كل من هذه المجموعة له نظرة خاصة في حقيقة هذا المنقذ و لهذا فيجب علينا الاستناد على ما ورد عند كلا الفريقين في عملية البحث و التحقق من صحة ما ذهب إليه كل فريق و لقد توصلت إلى العديد من النتائج التي يساند إحداها الآخر و أهملت ذكر نتائج البحث التي وصلت فيها إلى نهايات مغلقة .
فبالنسبة للمنقذ المنتظر في الدين الإسلامي فالمسلمون بصورة عامة ينتظرون رجلا من آل بيت الرسول محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) من نسل ابنته السيدة فاطمة الزهراء( عليها الســـلام ) يطلقون عليه اســــــم ( المهدي ) يظهر في آخر الزمان عندما تملأ الأرض جورا و ظلما ليحارب الشر و ينشر العدل و السلام في كل الأرض. و لا أجد من داعي لذكر كل الأحاديث النبوية التي تؤكد أن كلا الفريقين من المسلمين سنة و شيعة ينتظرون المنقذ المنتظر لأنها مذكورة في كتب الأحاديث الصحيحة و يمكن للراغب أن يرجع إليها لو شاء و لكني سأذكر بعض الأحاديث خلال البحث في الكتاب و لو أن الأحاديث عند الشيعة وردت عندهم اكثر مما موجــودة عند السنة لأن الــــــذي لا يؤمن من الشيعة بظهـــور ( المهدي ) فهو عندهم مخالف للمذهب و خـــارج عنه ( و ليس خارجا عن الإسلام ) . و في الحقيقة أن الفكرة التي يقولها الشيعة في الإمام المهدي (عليه السلام) قد يكون فيها نوع من اللامعقولية و التي لا تصدقها العقول في بعض جوانبها و لكن هذا لا يعني أن يُهمل كل ما قالـوه لأن من الممكن أن يكون ما يقولــــوه صحيحا ( إن الاختلاف في ما بين السنة و الشيعة بصورة رئيسية هو أن الشيعة يقولون أن الإمام المهدي هو الأمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام و اسمه ( محمد بن الحسن العسكري ) و ولد سنة 255 هجرية و أنه غاب عن الأنظار ( بأمر من الله سبحانه و تعالى ) حماية له من أعدائه و أنه حي منذ ذلك الوقت و أنه سيظهر عندما تملأ الأرض ظلما و جورا و عندهم أحاديث منسوبة إلى الرســـــول ( محمد صلى الله عليه و آله و سلم ) تؤيد ما يقولون … و كل هذا مما لا يصدق به أهل السنة و ينكرون أن تحدث مثل هذه الأحداث و يقولون أن المعجزات من هذا النوع لا تحدث إلا للأنبياء … و لكن أي إنسان منصف ممكن أن يجد اكثر من دليل على إمكانية حدوث مثل هذه الحوادث فمثلا أصحاب الكهف حدثت لهم معجزة الاختفاء في الكهف و إطالة أعمارهم إلى ما شاء الله و كذلك بالنسبة للخضر( عليه السـلام ) حيث أن الله سبحانه أطال عمره إلى ما شاء الله و أخفاه عن الأعين وأعطاه من العلوم مما جعل نبي الله موسى ( عليه السلام ) البحث عنه للتزود من علمه و تذكر الأحاديث النبوية أن الدجال كان موجودا على زمن الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و هو باقي إلى زمان خروجه و اعظم من هذا كله أن الملايين من قوم ياجوج و ماجوج مختفون خلف سد بناه ذي القرنين ( عليه السلام ) ( بنص القرآن الكريم ) و لكن لحد الآن لم يرهم أي إنسان بل أن حتى الأقمار الصناعية و التي تمسح الأرض يوميا و لم تبقي شبرا واحدا لم تتجسس عليه و تعرف ما فيه لم تكشف وجودهم و مع هذا فكل المسلمين يؤمنون بوجودهم ( في مكان ما ) كما أن العجائب و الغرائب التي نطلع عليها كل يوم عن طريق التلفزيون و الإنترنت مما لا يمكن تصديقه تجعل ما يقوله الشيعة في الإمام المهدي ممكن استساغته و البحث في مصداقيته .
من هذا نفهم أن كلا من السنة والشيعة ينتظرون ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و لو أن فيما بينهما اختلاف فيه و هذا نتيجة للاختلاف في بعض الأحاديث النبوية التي لدى كل فريق و الشيء الأكيد انه عندما يظهر فأن كل المسلمين سيعرفون حقيقته و سينصرونه لأنه سيكون أملهم في رفع راية لا اله إلا الله محمد رسول الله و رفع الظلم و البلاء الذي يلاقيه المسلمون من أعداءهم الصهاينة و الأمريكان .
و من خلال قراءتي لبعض الكتب التي تتحدث عن آخر الزمان و ما سيحدث فيه و جدت أن اغلب الكتاب يفرضون طوقا من التعتيم حول الإمام المهدي ( عليه السلام ) وحقيقة ظهوره في آخر الزمان و تحريره للقدس الشريف و المسجد الأقصى مـع أن هذا ما ذكره الرسول الكريم محــــمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) في الأحاديث النبوية الشريفة المسندة بل أن حتى رجال الدين في المساجد و في أجهزة الأعلام كافة يتجاهلون هذا الموضوع ففي كل الأحاديث الصحفية و اللقاءات التلفزيونية و ما أن يطرح موضوع الإمام المهدي ( عليه السلام ) حتى تتكهرب الأجواء و تبدأ عملية التشكيك بصحة الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت عن هذا الموضوع أو أن يتم نفي احتمال حدوث هذا الظهور في الوقت الحاضر أو القريب حتى وعلى أساس أن علامات الظهور لم تكتمل بعد .... و أنا اعتقد أن هذا الأمر مقصود حتما وهو محاباة لسلاطين و حكام الجور الذين يحكمون الدول العربية و الإسلامية في زماننا هذا . وهو ما كان حاصلا أيضا و منذ انتهاء عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم و قيام الدولة الأموية و العباسية وبدء الإرهاب و التقتيل الذي مارسته هاتان الدولتان ضد أهل البيت النبوي الشريف ( عليهم السلام ) وتصديقا لحديث الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) حيث نقل عنه عبد الله بن عمر قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) إذ اقبل فتيه من بني هاشم فلما رآهم النبي(صلى الله عليه و آله و سلم) اغرورقت عيناه وتغير لونه فقالوا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شي نكرهه فقال إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا و أن أهل بيتي سيلاقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق و معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطوه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملاها عدلا وقسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(كشف الغمة م2 ص472) و هذا جعل كتاب الأحاديث ترهب من ذكر أي حديث يمجد أهل البيت ( عليهم السلام ) و خاصة ذكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) و ذلك لكون الحكام الأمويين و العباسيين و من جاء بعدهم ( و لحد زماننا هذا ) عاثوا في الأرض فسادا و نشروا الظلم و الفساد و الجور فخافوا أن يظهر الإمام المهدي ( عليه السلام ) في زمن أي واحد منهم و يطالبهم بإقامة العدل و السلام و إقامة الدين كما أنزله الله سبحانه و تعالى على رسوله العظيم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) و أكيد أن الناس ستلتف حوله و تناصره و عندها يزول ملكهم و سلطانهم وتسلطهم على رقاب العباد فأرادوا بهذا إزالة فكرة ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) من نفوس الناس حتى لا يجد من يناصره حين ظهوره فقاموا بإرهاب الناس و خاصة كتاب الأحاديث و رواته لطمس الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عنه و التشكيك بصحتها و لو انهم لم يستطيعوا أن يثنوا بعض من رواة الحديث من ذكر الأحاديث التي تتحدث عن الإمام المهدي ( عليه السلام ) فوصل إلينا العديد من هذه الأحاديث و لو أن بعضها قد يناقض البعض الآخر و من المعروف أن الأحاديث النبوية لم تدون إلا بعد عهد الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم و لهذا قد يكون دخل فيها بعض ما استطاع هؤلاء الحكام بما يملكون من سطوة و سلطان على رقاب العباد أن يدخلوه في الأحاديث النبوية و هذا ظاهر من الاختلاف في بعض الأحاديث حيث أن الاختلاف فيها في جوهر المعنى و ليس في المعنى العام و كل هذا ادخل الشك في قلوب بعض المسلمين من فكرة ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و هذا ما ظهر جليا في زماننا هذا .
إن كل المسلمين ينتظرون ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ومنذ أن اخبر به الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) حيث ذكرت الأحاديث انه في آخر الزمان سيخرج رجلا من آل محمد من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن تكون قد ملئت جورا وظلما. ولقد بين الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) أن آخر علامة من علامات الساعة الصغرى هي ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ومن هذه العلامات ارتفاع البنيان واستحلال الخمر واتخاذ المعازف والمغنين و قطيعة الرحم وائتمان الخائن ظهور موت الفجأة و تقارب الزمان وكثرت الزلازل و تكالب الامم على المسلمين وغيرها كثير والملاحظ أن اغلب هذه العلامات قد تحققت في هذا الزمان أي أننا اقتربنا من زمان ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) . و هي تكاد تكون نفس العلامات التي تم ذكرها في الديانة اليهودية و المسيحية . ولقد عرف أعداء الدين من اليهود هذا الأمر(أمر الإمام المهدي (عليه الســـلام )) ومنذ أن اخبر به رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فشنوا حربا شعواء على الإسلام لأنهم يعرفون أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيحاربهم ويقضي عليهم عندما يظهر في أخر الزمان . و لقد كان هذا الموضوع هاجس اليهود لأكثر من 1400 سنة وهم يعرفون أن هذا الأمر حاصل لا محالة . إن اشتغال أحبار اليهود و كهنتهم بالفلسفة و الروحانيات ساعدهم في معرفة بعض الأمور التي لا يعرفها عامة اليهود حيث إن لديهم علوم و كتب سرية منها كتاب يسمى ( الكــابــالا ) وهو كتاب لليهود الصوفية لا يطلع عليه إلا كبار الكهنة اليهود يعرفون منه بعض ما سيكون من أحداث و وقائع مستقبلية وقد اخبر أحد الأحبار ممن لديهم معرفة بأسرار هذه العلوم أن القضاء عليهم سيكون على يد رجل مسلم من آل محمد سيظهر بعد أن يصل اليهود إلى أعلى مراحل القوة والسلطة و تقام دولة لليهود ( إسرائيل ) ولهذا فأن هناك طائفة من اليهود يرفضون قيام دولة إسرائيل ويقولون أن دمار اليهود سيكون بعد قيام هذه الدولة . ولقد ذكر ذلك أيضا السيد بسام في كتابه (زوال إسرائيل سنة 2022 م نبؤة قرآنية أم صدفة رقمية ) نقلا عن أحد الكتّاب حيث اخبره أحد أصدقاءه العراقيين انه عندما أعلن قيام دولة إسرائيل جاءت إحدى جاراتهم وهي من اليهود العراقيين وهي تبكي وتولول و أخبرتهم أن قيام دولة لليهود في فلسطين هي علامة على قرب نهاية أمر اليهود و القضاء عليهم .
و لقد ذكرت التوراة ما يمكن أن يكون دليلا قاطعا على أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) الذي ينتظره المسلمون سيظهر في آخر الزمان و سيقضي على اليهود ( و سأبين كيفية تحريفهم للآيات المذكورة لطمس ما فيها من معلومات ) و لو أن البعض من المفكرين وعلماء المسلمين فسروا هذه الآيات على أساس إنها تنبئ بظهور الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) .
فلقد جاء في الإصحاح التاسع و الأربعون من سفر التكوين :
Gn:49:1:
1 : ودعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام
Gn:49:2:
2 : اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب. أصغوا إلى إسرائيل أبيكم.
Gn:49:10:
10 : لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلوه وله يكون خضوع شعوب.
The sceptre shall not depart from Judah, nor a lawgiver from between his feet, until Shiloh come; and unto him shall the gathering of the people be. (KJV))
إن هذه ما تذكره الآيات المذكور في نسخ العهد القديم المتداولة الآن في الإنجيل العربي الذي تطبعه و توزعه الكنائس المسيحية في البلاد العربية ..... و تحت الآية العاشرة منها نفس الآية و لكن كما وردت في النسخة الإنكليزية للإنجيل ( نسخة الملك جيمس ) و التي تعترف بها الكنيسة المسيحية الآن .
و نفس هذه الآيات ذكرت في التوراة العربية المطبوعة في مجموعة باريس (طبعت سنة 1645م) ومجموعة لندن (طبعت سنة 1657م) و لكن كما يلي :
(1)سفر التكوين الإصحاح (49) :
1 .(ثم دعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا أبارك فيكم وأخبركم بما ينالكم في آخر هذه الأيام) .
2. ( اجتمعوا واسمعوا ذلك يا بني يعقوب واقبلوا من إسرائيل أبيكم) ...
10. (لا يزول القضيب من يهوذا والرسم من تحت أمره ، إلى أن يجئ الذي هو لـه ، وإليه تجتمع الشعوب) .
ومن الواضح أن النص قد حدث فيه تغيير وبخاصة الفقرة العاشرة فهو هنا يتحدث عن شخص إلهي موعود يظهر في آخر الأيام و تجتمع إليه الشعوب ( من غير اليهود ) و أما في الطبعة المتداولة الآن فلقد ظهرت كلمة ( شيلوه ) و التي قيل أن لها معنيين الأول هو أنها اسم مدينة في فلسطين أما الثاني فهو أنها كلمة محرفة عن كلمة ( شلوح ) و التي تعني ( المبعوث أو الرســـول ) ( لان كلمة ( الرسول أو المبعوث ) باللغة العبرية تكتب ( شلوح ) و هي تشبه بصورة كبيرة جدا لكلمة ( شــيلوه ) حيث أن الاختلاف هنا في الحـــرف الأخير فــقط و حرف ( الحــاء ) و ( الهاء ) لهما نفس الرسم تقريبا باللغة العبرية و أنا في الحقيقة ارجح هذا الاحتمال مع أن كلمة هنا هي ( شلوح ) لأننا لو راجعنا الآية سنجد إنها وردت بهذه الصيغة :
( حتى يأتي شيلوه ( شلوح) ) انظر النص الإنكليزي . Shiloh come;
و نفهم منها إن ( شلوح أي المبعوث سيأتي و عندها سيزول القانون اليهودي ).
و لم ترد كما في بقية الأماكن :
( حتى يأتي إلى شيلوه )come to Shiloh ;
و التي يمكن أن نفهم منها ( أن هناك شخصا سيأتي إلى مكان أو مدينة ( شيلوه ) و عندها يزول الدين أو القانون اليهودي ) .
و ما يؤيد هذا الكلام هو أن هناك ترجمة عربية للعهد القديم طبعت سنة 1753 م في مطبعة (ملاك روتيلي) ، وردت الآية العاشرة و في الصفحة 66-67 و جاءت كما يلي
10 . (لا يزول القضيب من يهوذا ولا القائد من فخذه ، حتى يأتي الْمُزمَع أن يرسل ، وهو يكون انتظار الأمم) .
وهذه الترجمة العربية المهملة والمنسية هي ترجمة حرفية للترجمة اللاتينية المنتشرة إلى اليوم عند اتباع الكنيسة الكاثوليكية وهي الترجمة المعروفة بـ( الفولكات ) و التي قام بها القس (جيروم) بأمر من البابا (دماسيوس) الذي كلفه بتنقيح الكتاب المقدس .
وكان (جيروم) اعظم علماء المسيحيين في عصره ، أتم مراجعته للترجمة اللاتينية للإنجيلِ واستعان ببعض الأساتذة اليهود في تلك المهمة ، وكان قد بدأ عملـه في فلسطين سنة 390 م وانتهى منه سنة 405 م ، أي قبل بعثة النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم ) بقرنين من الزمن تقريبا وبعد أربعة قرون من بعثة عيسى (عليه السلام ) تقريبا .
إن جيروم صاحب ترجمة (الفولكات) اعتمد الأصل العبري في ترجمته و هذا معناه أن النص الحقيقي المذكور في التوراة هو النص الذي ذكره ( جيروم ) و الذي لم تذكر فيه كلمة ( شيلوه ) بل كلمة ( شلوح ) في كلــمة ( يرسل : من رسول أو مبعوث ) كما أن الآية تذكر انه ( يكون انتظار الأمم ) بدلاً من ( أن يكون له اجتماع أو خضوع الشعوب ) في النسخ الحالية المتداولة للتوراة . و يجب الانتباه إلى أن كلمة ( الشعوب ) أو ( الأمم ) عندما ترد في العهد القديم فهي تعني (( غير اليهود )).
و لقد ظهرت تفاسير و تحريفات أخرى للآية العاشرة سأذكرها أثناء بيان حقيقة معنى الآية إنشاء الله . إن كل ما قاموا به هؤلاء اليهود من محاولات لطمس حقيقة مفهوم الآيات السابقة و تغييرهم لها و لمعانيها ما هو إلا تأكيد لمعناها بل بالعكس فلقد أضافوا إليها من المعلومات و التفسيرات ما يجعلها اكثر وضوحا و فهما من إنها تصف و تصور ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و لكن قبل أن أبين حقيقة معنى هذه الآيات كان لابد لي أن أبين الأسباب التي أبعدتني عن الاعتقاد أن هذه الآيات جاءت لتبشر بظهور الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و التي هي:
إن يعقوب ( عليه السلام ) يقول لبنيه تعالوا لأخبركم عما يصيبكم في آخر هذه الأيام . و آخر هذه الأيام من مفهوم كلامه تعني ( قبل قيام الساعة ) … و الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لم يظهر في آخر الزمان لأنه لحد الآن مر اكثر من 1420 سنة منذ بدء البعثة و هذا لا يمكن أن ينطبق عليه قول آخر الأيام ( ولو أن ظهور الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) هو من علامات آخر الزمان ) و الدلائل اللاحقة ستؤكد هذا الأمر .
إن هذا ما يخص الآية الأولى .
لو أخذنا جميع التفاسير و التراجم التي ظهرت للآية المذكورة ستجد إنها تقول في الجزء الأول منها :
( إن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي )
أما الجزء الثاني فقد فسر على أساس :
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجــل الهي ( تكون كل الأمم بانتظاره ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجـــل الهي ( تجتمع إليه الأمم ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( تطيعه الأمم ) .
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( و الذي حفظت له الأشياء و تنتظره الأمم من غير اليهود ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( يعود له القضيب و تنتظره جميع الأمم من غير اليهود ).
نرى أن جميع هذه التفاسير للآية لا يمكن أن تنطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و للأسباب التالية :
تذكر هذه الآية أن ملك و شريعة اليهود ستزول عند مجيء هذا الرجل . و هذا لم يحدث عند ظهور الرســـول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأنهم بالأساس كانوا مشتتين و لم يكن لهم دولة أو سلطان و كما أن الدين اليهودي ظل موجودا حتى يومنا هذا أي أن حالهم لم يتغير عما قبل البعثـــــة النبوية . ثم يجب الانتباه إلى أن كلمـــة الزوال تعني هنــا الزوال التام ( القضاء التام على الملك و الدين اليهودي ) و هذا لم يحدث لحد الآن .
تذكر هذه الآية أن كل الشـعوب و الأمم ستكون بانتظاره و هذا لا ينطبق على الرســول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأن لا أحد من الشعوب بانتظاره بل على العكس فأن اليهود هم الذين كانوا ينتظرون ظهوره لأنهم يمتلكون علاماته ودلائل ظهوره و لاعتقادهم انه سيخرج من بينهم و تركوا ارض الميعاد التي يدعون أن الله سبحانه و تعالى وهبها لهم و رحلوا إلى شبه الجزيرة العربية و سكنوا فيها حتى يكون ظهور النبي من بينهم و لكن بعد أن ظهر من العرب تنكروا له و أنكروا ما موجود عندهم في كتبهم بل انهم حذفوا الآيات التي تبشر بظهوره .
تذكر الآية أن هذا الرجل ستجتمع إليه شعوب و أمم الأرض و هذا أيضا لم يحدث لأن عند وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه و آله و سلم ) إلى رحمة الله لم يكن قد ( اجتمع إليه ) إلا قبائل عربية معدودة لا يمكن أن نطلق عليها لفظ ( شعوب) ثم أن كلمة شعوب تعني ( أجناس مختلفة ) و أعداد هائلة من البشر . و لا يمكن أن نفرض أن تجمع و كثرة المسلمين الآن تنطبق على هذه الآية لأن التجمع يجب أن يكون إلى الرجل ( و في أثناء حياته و إلا كيف يتجمع إليه الناس و هو ميت ؟؟؟) وليس إلى القانون أو الشريعة التي جاء بها .
و هذا ينطبق أيضا على ( تطيعه الأمم ) فلم تطع الرسول محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) الأمم و الشعوب بل أن بعض المسلمين أيضا لم يطيعوه و عصوا أوامره .
تذكر أن بعض الأشياء حفظت لهذا الرجل و الذي تنتظره الأمم من غير اليهود . في الجزء الأول من هذه الآية يمكن القول أنها تنطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) أما الجزء الثاني فلا يمكن كما بينا سابقا .
و تذكر الآية ( سيعود إليه القضيب و تنتظره الأمم من غير اليهود ) و القضيب هنا يعني السلطان أو الحكم و هذا لا ينطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأن قبل بعثته عليه الصلاة و السلام و على آله لم يكن له سلطان أو حكم حتى يقال أن الحكم سيعود إليه ؟؟ و قلنا أن اليهود هم الذين ينتظروه …
من كل ما سبق أثبتنا أن المقصود في الآية ليس الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) !!! فمن هو إذا ؟؟؟؟؟
إن المقصود بها هو الإمام المهدي المنتظر ( عليه السلام ) و الذي بشر بظهوره كل الأنبياء و الأديان و الذي سيظهر في آخر الزمان إنشاء الله .
لأننا لو طبقنا كل التفاسير السابقة عليه فأنها ستنطبق تمام الانطباق و كما يلي :
إن يعقوب (عليه السلام ) يقول أبنيه (لا يزول القضيب من يهوذا ولا القائد من فخذه ، حتى يأتي الْمُزمَع أن يرسل ، وهو يكون انتظار الأمم) و الزوال هنا يعني الفناء التام للملك و الدين اليهودي و هذا لم يحدث لليهود في أي زمن و لا حتى أثناء السبي البابلي لليهود على يد القائد العراقي نبوخذ نصر . و لكنه سيحدث إنشاء الله عند ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) في آخر الزمان و يقضي على اليهود و يحرر بيت المقدس و كما ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة أن في آخر الزمان ( بعد ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيتم القضاء على بني إسرائيل و لن يبقى منهم إلا شرذمة قليلة ستكون من اتباع المسيح الدجال و عندها سيقضى عليهم تماما و هذا ما ذكرته الأحاديث النبوية الشريفة فأن حتى الحجر سيقول للمسلم يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله ) . و هذا يعني أن لا يبقى يهودي على وجه الأرض و بهذا يزول القانون و الدين اليهودي و اليهود كما تقول الآية . و اليهود الموجودين اليوم في فلسطين المحتلة هم أكيد من سبط يهوذا خاصة و سبطي لآوى و بنيامين عامة لأن كل المبادئ التي يؤمنون بها اليوم هي مما آمن به هؤلاء الأسباط الثلاثة ( تقديس جبل صهيون ( ومنها أخذت الصــهيونية اسمها ) و أن التوراة الموجودة الآن بين أيدينا تحوي الأسفار نفسها التي آمن بها العبرانيون ( سكان يهوذا ) . و ربما عند ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) يكون أحد أبناء سبط يهوذا الحاكم في ذلك الوقت و الله اعلم , و المعروف أن نبوخذنصر قد اخذ عشرات الآلاف من اليهود ( من أبناء دولة يهوذا ) في أثناء السبي البابلي و الذي رجع الكثير منهم إلى فلسطين المحتلة و كان آخرهم اليهود الذين هاجروا من العراق إلى فلسطين المحتلة بعد قيام إسرائيل سنة 1948 ميلادية .
و لو رجعنا إلى الجزء الثاني من الآية (10 ) سنجد إن كل التفاسير المذكورة تنطبق على الإمام المهدي ( عليه السلام ) :
( إن كل الشعوب من غير اليهود بانتظاره ) و هذا معروف فكل الأديان بشرت بظهوره في آخر الزمان و اليهود لا ينتظروه لأنه سيقضي عليهم .( و هم يطلقون عليه اسم المسيح الدجال الذي سيخرج إليهم من بابل ) !!!!
( ستجتمع إليه الشعوب ) و هذا لا ينطبق إلا على الإمام المهدي ( عليه السلام ) لأن كل شعوب الأرض ستكون تحت لوائه . و ينطبق هذا على ( تطيعه جميع الأمم و الشعوب ).
( حفظت له الأشياء ) ألم تخبرنا الأحاديث النبوية أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيظهر أسرار القرآن الكريم عند ظهوره و انه سيخرج كنوز الأرض بحيث انه سيحثو المال حثيا و لا يعده عدا !!!.
( سيعود له القضيب ) و هي تعني أن يعاد الحكم إليه و الذي تمنحه إياه سلطته الدينية و الإلـهية حيث تدل كلـــــمة ( سيعاد القضيب ) أن الحكم و السلطان كان من حقه ولكن سلب منه أو منع عنه و من ثم سيعود إليه عندما يظهر . بدلالة حديث عبد الله ابن عمر حيث نقل عنه انه قال : بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) إذ اقبل فتيه من بني هاشم فلما رآهم النبي(صلى الله عليه و آله و سلم) اغرورقت عيناه وتغير لونه فقالوا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شي نكرهه فقال أنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلاقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق و معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطوه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملاها عدلا وقسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(كشف الغمة م2 ص472).
و حتى لو قال اليهود و النصارى أن الكلمة التي وردت في الآية العاشرة هي كلمة ( شيلوه ) أي انه اسم مدينة فأنها أيضا تؤكد نفس المعنى حيث انه تفسر و كما يلي :
تفسر الآية على أساس أنها تعني ( أن ملك اليهود أي ( شريعتهم ) ستزول عندما يدخل الرجل المرسل من الله إلى مدينة شيلوه والذي ستجتمع عليه جميع شعوب الأرض من غير اليهود ) و من المعروف أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيدخل القدس ( و كل فلسطين التي تقع فيها مدينة شيلوه ) و يقضي على اليهود إنشاء الله .
ولقد عرف بعض أحبار و علماء اليهود هذا الأمر من خلال ما توصلوا إليه من علوم وبحث في كتب الدين والفلسفة والغيبيات أن نهايتهم ستكون على يد هذا الرجل و لكنهم كتموه عن بقية أبناء جلدتهم و جعلوا كل صفات التي عرفوها عن هذا الرجل تنطبق مع الصفات التي وضعوها للمسيح الدجال الذي سيظهر أيضا في آخر الزمان بل و اقنعوا النصارى بها أيضا و هذا ما سنكشفه سويه في هذا الكتاب .
نحن نعرف كيف أن اليهود والنصارى حاربوا الدين الإسلامي وبكل ما يملكون من قوة و محاولاتهم القضاء عليه ولقد كان اليهود وراء اغلب هذه المحاولات حيث قاموا وبكل ما يملكوه من مكر ودهاء بإقناع النصارى أن الإسلام يستهـدفهم كمـا يستهدف اليهود. إن معرفة اليهود بنهايتهم المحتومة جعلهم يحاولون السيطرة على العالم وبشتى الطرق ولقد نجحوا في هذا لحد كبير فهم الآن يسيطرون على أسواق المال والاقتصاد وعلى الحكومات في مختلف دول العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية . فلقد استطاعوا أن يصلوا إلى ارفع المناصب الحكومية وتسيير هذه الدول مع ما يتماشى مع المصالح الصهيونية . بل أن سلطانهم وصل إلى الفاتيكان نفسها حيث اخذوا من البابا صك براءة اليهود من دم المسيح (عليه السلام ) و هاهم يسخّـرون البابا مرة أخرى لخدمة مصالحهم حيث انه صرح و أثناء زيارته الأخيرة لفلسطين المحتلة أن على شعوب المنطقة أن تعقد اتفاقية بأن لا تحاول أي دولة أن تستخدم القوة العسكرية و الحرب للسيطرة على القدس الشريف ( لجعل مطالبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) بتحرير المسجد الأقصى مطالبة غير مشروعة ومن ثم محاربته بمباركة البابا نفسه ) . و نحن نرى أن اليهود قد ساعدوا المسيحيين بنشر الدين المسيحي ( و هذا ساعدهم في السيطرة على الفكر المسيحي ) حيث أن معظم الكنائس المسيحية مدعومة من قبل الصهيونية العالمية و السر في هذا أن اليهود لا يعرفون ما يسمى بالتبشير بالديانة اليهودية لان اليهودية عندهم عرق وليس دين وانهم كلهم أبناء النبي يعقوب (إسرائيل) ( عليه السلام ) فكيف يصبح الإنسان يهوديا بمجرد انه اتبع الديانة اليهودية . إن هذا الأمر مرفوض عندهم و لا يسمح فيه إلا في حالات محدودة أما في الديانة المسيحية فهناك ما يسمى بالتبشير بالدين المسيحي و كذلك بالنسبة للدين الإسلامي فهناك ما يدعى بنشر الدعوى الإسلامية .
و بما أن الدين الإسلامي يطرح الحرب ضد المفسدين وأعداء الله و الدين وبما أن اليهود هم أعظم المفسدين في الأرض وانهم سيكونون من جنود ( المسيح الدجال) فلقد وجه اليهود سهامهم ضد الإسلام واستطاعوا إقناع العالم المسيحي أن الإسلام يستهدفهم أيضا لأن المسلمين يريدون نشر الدين الإسلامي في كل بقاع الأرض و سوف يكون الدور عليهم بعد أن يتم القضاء على اليهود و لقد آمن العالم المسيحي بهذا الطرح فساندوا اليهود في محاربة الدين الإسلامي والقضاء عليه فقاموا باحتلال الدول الإسلامية الواحدة تلو الأخرى وقاموا بتقسيم الدولة العثمانية فيما بينهم ومارسوا كل الوسائل لطمس الهوية العربية والإسلامية لهذه الشعوب المغلوبة على أمرها و لقد استطاعوا أن يحققوا جزءا من غاياتهم في بعض الدول ولكن بصورة عامة فأن الإسلام بقى قويا و صامدا بوجه هذه المؤامرات . وبما أن اليهود قد عرفوا العلامات التي سيكون فيها زمان دمارهم وعرفوا أن هذا الزمان اصبح قريبا ولهذا فأنهم جندوا أنفسهم وبكل ما يملكون من قوة حيث أن إسرائيل اليوم تملك 200 قنبلة نووية قادرة على أن تبيد الجنس البشري و هذا بالإضافة إلى المناصب الحساسة التي يشغلها اليهود في كل دول العالم وخاصة الدول الغربية فبعد أن كان اليهود منبوذون في كل المجتمعات التي تواجدوا فيها وينحصر وجودهم في أماكن خاصة بهم اتقاءاً لشرهم والظاهر أن بعض المتبصرين من الغربيين كان لديهم إحساس بأن اليهود سيجرون عليهم الويلات في يوم من الأيام فقاموا باضطهادهم و التنكيل بهم على مر العصور ولقد بلغ ذروته على يد هتلر الذي قام بحرق اليهود بغرف الغاز و قتل منهم ما يقارب ستة ملايين يهودي ( مع ما دار حول هذا الأمر من شكوك ) . و مع هذا فلقد استطاع اليهود أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن مصداقا لقوله تعالى( و قضينا إلى بني إسرائيل في الكتب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا)(4)الإسراء. وهاهم في مرحلة العلو الثاني .حيث أن اليهود لم يصلوا إلى هذا العلو (الثاني) ومنذ عهد موسى (عليه السلام) (العلو الأول) . و لقد وجهوا كل اهتمامهم للسيطرة على أقوى دولة في العالم ألا و هي الولايات المتحدة الأمريكية و نجحوا في هذا إلى حد بعيد و بما أن الولايات المتحدة مسيطرة الآن على كل دول العالم و من وراءها الصهيونية العالمية إذا فأن الصهيونية العالمية هي التي تسيطر على العالم . و الويل كل الويل لمن يحاول التملص من القبضة اليهودية فمصيره سيكون التدمير التام. وهكذا استطاعت الصهيونية العالمية أن تجند كل دول العالم في حربها القادمة ضد الإمام المهدي (عليه السلام ) . فهاهي الولايات المتحدة منفردة بالعالم و من خلفها الصهيونية العالمية و أصبحت تحارب هذا وتدمر ذاك و تفرض مفاهيمها و أحكامها على الأمور على كل دول العالم . و لقد بينا أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيحارب الظلم والجور ليحل بعده الأمن والسلام في الأرض إذا فهذا هو عصر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) فلقد علوا اليهود علوا كبيرا وساد الظلم والجور في العالم و تكالبت الأمم على المسلمين كما تتكالب الأكلة على قصعتها. ولقد استطاعت الولايات المتحدة و الصهيونية العالمية أن تسير الأمور لمصلحتها و حسب ما تريد حيث انهم يخططون لما يريدون لمدة خمسين سنة قادمة وهاهم يصرحون أن لديهم خطط لمائة وخمسون سنة قادمة و ليس كما نفعل نحن في الدول النامية حيث أننا لا نعرف ما سيحدث لنا بعد أسبوع من الآن . و لكن مهما فعلوا و خططوا فان أمر الله نافذ فيهم و لعل ما يقومون به هو الذي سيقودهم إلى نهايتهم (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) .
لقد استطاع اليهود أن يعرفوا عن طريق إطلاعهم و بحوثهم ودراساتهم في الفلسفة والروحانيات وكتبهم المقدسة و خاصة ما كشفه المتنبي الفرنسي اليهودي الأصل (ميشيل نوستراداموس ) من أن المسلمون سيحاربونهم في يوم من الأيام و عرفنا نحن من الأحاديث النبوية و ما سأكشفه من تنبؤات نوستراداموس في هذا الكتاب أن ساحة حرب الإمام المهدي ( عليه السلام ) ومكان ظهوره ستكون في منطقة الشرق الأوسط ( إيران ,العراق,الجزيرة العربية , وبلاد الشام , ومصر ) . فمن منطقة خراسان ( منطقة مشتركة بين أفغانستان و إيران ) ستخرج رايات سود (سوداء) لنصرة الإمام المهدي ( عليه السلام ) . قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) (إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خرا سان فأتوها فأن فيها خليفة الله المهدي ) كنز العمال . و ذكره الترمذي في كتاب الفتن الحديث رقم 2270 عن آبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) قال (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شي حتى تنصب بايلياء(القدس) . أما العراق فسيكون مركزا لدولته و سيتخذ مدينة الكوفة عاصمة له بعد أن يحررها من قوات السفياني وقد ذكر عن الإمام الباقر (عليه السلام ) (ينزل القائم (المهدي) يوم الرجفة بسبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو حتى ينزل الكوفة ) . أما الجزيرة العربية فأن أول ظـــهور للإمام المهدي ( عليه السلام ) سيكون في( المدينة المنورة ) ثم يلجأ منها إلى مكة المكرمة لقدوم قوات السفياني للقضاء عليه و ستكون هناك حالة فراغ سياسي في ذلك الوقت بعد موت ملك و اسمه (عبد الله) ونحن نعرف إن الأمير عبد الله هو ولي العهد في السعودية اليوم وان مسالة تسلمه الحكم أصبحت مسالة وقت وقد يكون هناك حاكما آخر هناك اسمه ( عبد الله ) غير الأمير عبد الله و الله اعلم . وقد ذكر عن الإمام الصادق( عليه السلام ) (من يضمن لي موت عبد الله اضمن له القائم (المهدي) أما انه إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد….). أما بلاد الشام فأن السفياني سيظهر من هناك حيث سيتحرك من هناك للقضاء على الإمام المهدي ( عليه السلام) بتحريض من بعض أعداء الإمام المهدي ( عليه السلام ) ولكن الله سبحانه وتعالى سيخسف به البيداء ما بين المدينة المنورة و مكة المكرمة. أما مصر فأن الإمام المهدي (عليه السلام) سيتخذها منبرا إعلاميا له و لقد ذكـر هذا في حديث عن الإمام الصـــــــادق ( عليه السلام ) : (ثم تسيرون إلى مصر فيصعد منبره فيخطب بالناس فتستبشر الأرض بالعدل ) و نحن نرى مكانة مصر الآن و خاصة في مجال الإعلام فهي الدولة العربية الوحيدة الرائدة في هذا المجال فهي بحق ستكون المنبر الإعلامي للإمام المهدي ( عليه السلام ) ليعلن منه انتهاء الظلم و الجور و سيادة العدل الإلهي ... و قد ذكر عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في إحدى خطبه في ما هو حاصل في آخر الزمان: ( لأبنين بمصر منبرا ولأنقضن دمشق حجرا حجرا و لأخرجن اليهود من كل كور العرب ) فقال الراوي وهو عباية الاسدي : قلت يا أمير المؤمنين كأنك تخبر انك تحيا بعدما تمـــوت ؟ فـــــقال هيــهات يا عباية ذهبت غير مذهب … يفعله رجل مني ) بحار الأنوار ج 53 ص 60 .
إن جيش الإمام المهدي (عليه السلام) سيحارب جيوش بعض الدول في المنطقة لأن هذه الدول ستكون محكومة بحكام سيؤيدون الولايات المتحدة و من ورائها الصهيونية العالمية ضده وسيصورونه على انه غازي أو محتل يريد تدمير الدين والدولة وانه يريد تفريق المسلمين وهو ومن معه من الإرهابيين و هذه ستكون دعواهم على خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) وسيصدقهم الكثير من الناس الذين يجهلون من هو المهدي وصفاته لان رجـال الدين ( وعاض السلاطين ) و بتوجيه من بعض هؤلاء الحكام الفاسدين سيقومون بتشويه الصورة الصحيحة لحقيقته و لحقيقة ظهوره فيختلط على الناس أمره و يقل مناصروه . إن هؤلاء الحكام يعتقدون انهم بخضوعهم للولايات المتحدة و أرادتها يجعلهم في مأمن من جيش الحق لأنها وبما تملك من قوة هائلة قادرة على الدفاع عنهم و هم لا يدركون أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيكون معه من القوة والعلوم والتي ستكون هبه من الله سبحانه و تعالى ما يتفوق به على كل ما تملك الولايات المتحدة من علم وتكنولوجيا حيت تذكر الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن ما سيضيفه الإمام المهدي ( علي السلام ) من العلوم عند ظهوره بنسبة خمسة وعشرين إلى اثنين . و نحن نعرف أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيظهر بأمر من الله سبحانه و تعالى و عادة ما يهب الله سبحانه و تعالى للذين يكلفهم بمثل هذه المهام بتأييد رباني معجز يتناسب مع العصر الموجودين فيه و لقد كان هذا ظاهرا جدا في معجزات الأنبياء عليهم السلام ففي عصر موسى ( عليه السلام ) كان انتشار السحر و السحرة هي سمة ذلك الزمان و المكان فأيد الله سبحانه و تعالى نبيه بمعجزة مشابهة للســـــحر و لكنها أعظم منها وكذلك أعطى للمســـيح ( عليه السلام ) معجزة أحياء الموتى في زمان و مكان كان سمته انتشار علوم الطب و العلاج و كذلك معجزة القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه و تعالى على الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و لهذا فيجب أن تكون معجزة الإمام المهدي ( عليه السلام ) ( مع الأخذ بنظر الاعتبار انه ليس نبيا ) متناسبة مع سمة هذا الزمان ألا و هي انتشار العلم و التكنولوجيا و طبعا سيكون من ضمنها علم الباراسيكولوجي ( علم الخارقية ) وهذا ما يؤيد الحديث الوارد عن أهل البيت ( عليهم السلام ) أن بعض المدن ستفتح بالتكبير (الله اكبر) حيث قال الأمام الصادق (عليه السلام) : يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين يشهدون الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا يبيد الظلم و أهله .بشارة الإسلام ص 297. فليس من المعقول أن يحارب الإمام المهدي (عليه السلام) بالسيف والخيل بينما تمتلك أمريكا احدث أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا إذا فيجب أن يكون مع الإمام المهدي (عليه السلام) من العلوم ما يتفوق به على هذه القوة .
و لقد ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة و أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) العديد من علامات التي ستسبق ظهور الإمام المهدي(عليه السلام ) منقولة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) وعن أهل البيت (عليهم السلام) وهذا قسم من هذه الأحاديث : عن أبى نظرة قال: كنا جلوسا عند جابر بن عبد الله فقال قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا من أين قال من قبل العجم ثم قال يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدى فقلنا من أين فقال من قبل الروم ثم سكت هنيئة ..ثم قال يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا و لا يعده عدا ) رواه مسلم . و القفيز هو مكيال أهل العراق والمدى مكيال أهل الشام (صدق رسول الله فها هو العراق محاصر من قبل الأعاجم). (إن كلمة الأعاجم تشمل كل من لا يتكلم العربية وليس ما هو دارج فهمه من انهم الإيرانيين لأن هؤلاء يطلق علـــــيهم الفــرس). و هذا الحديث يدل على أن ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيكون بعد حصار العراق و حصار الشــــام القريب ( و ها هم يحضرون العدة له لضرب سوريا و لبنان ) و الذي ســـيقوم به الغرب ( أي انه ليس حصارا عالميا مثل الحصار ضد العراق و لكنه أمريكي غربي صهيوني لتهيئة المناخ الملائم للسفياني ) .
ولقد ذكر الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في إحدى خطبه التي تخبر عن أمور تحدث في آخر الزمان (…..يا أهل العراق أتتكم المجان المطرقة السهام المفوقة…….) والمجان في اللغة تعني الدروع التي كان يلبسها المحاربين في ذلك الوقت و هي ربما تعني في وقتنا الحاضر الدبابات أو الدروع الحربية أما السهام المفوقة فهي تعني الطائرات الحربية أو الصواريخ العابرة ... صدق رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في ما اخبر به . وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) : ينزل بأمتي بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء اشد منه حتى تضيق بهم الأرض الرحبة و حتى تملا الأرض جورا وظلما حتى لا يجد المؤمن ملجأ يلجا إليه من الظلم حتى يبعث الله عز و جل رجلاً من عترتي يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا و ظلما..). وعن الإمام الباقر (عليه السلام)انه قال : يزجر الناس قبل قيام القائم (المهدي)(عليه السلام ) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء , وحمرة تخلل السماء, وخسف ببغداد و خسف ببلدة البصرة , و دماء تسفك بها وخراب دورها وفناء في أهلها …. وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار) بحار الأنوار ج 52 ص 221. وهل هناك وصف لما حدث في العراق في حرب الخليج الثانية و بعدها اصدق من هذا. وفي حديث للإمام الحسين (عليه السلام ) ذكر محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إن قدام القائم بلوى من الله قلت ما هي جعلت فداك فقال : فقرأ (و لنبلونكم بشي من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات و بشر الصابرين) ثم قال الخوف من ملوك بني فلان والجوع من غلاء الأسعار ونقص في الأموال من كساد التجارات و قلة الفضل فيها و نقص بالأنفس بالموت الذريع… ثم قال و بشر الصابرين عند ذلك بظهور الإمام المهدي(عليه السلام ) . الإرشاد م 2 ص 378 . يبين هذا الحديث حالة أهل العراق قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) فالخوف من ملوك بني فلان يتمثل بحالة الخوف و الرعب التي أصابت العراقيين من العصابة التي حكمت العراق و التي سيطر فيها الطاغية صدام حسين و أولاده و عشيرته على مقدرات العراق و ثرواته و استخدامهم القتل و الإرهاب و التعذيب لكل أبناء الشعب العراقي للقضاء على أي محاولة قد يقوم بها الشعب العراقي للتخلص من هذه الزمرة الباغية و للاستمرار بتنفيذ المخططات الأمريكية و الصهيونية المرسومة للعراق و الذي انتدب الطاغية للقيام بها . أما الجوع و غلاء الأسعار و نقص الأموال ....... فكل هذا حدث عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية الحصار الظالم على الشعب العراقي بحجة الغزو العراقي للكويت . وتوجد أحاديث أخرى كثيرة تتحدث عن هذا الموضوع يمكن للراغب الاطلاع عليها من مختلف المصادر .
ولقد ذكرنا سابقا أن الصهيونية العالمية تدرك المصير الأسود الذي ينتظرها و لهذا فأنهم خططوا ومنذ أمد بعيد لتدمير كل ما يمكن أن يمثل قوة قد يستغلها الإمام المهدي (عليه السلام ) في حربه القادمة ضدهم ( و يتوقـعون خروجه في سنة 2001 ميلادية حسب حسابات قامــوا بها ) فلقد عرف أبناء صهيون ( قبل أن نعرف نحن ) أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سينطلق لتدميرهم من منطقة معينة و لقد ذكرها لنا الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز ( و لكن على القلوب أقفالها) و في الحقيقة لقد نبهني أليها أحد أصدقائي المتبصرين ( و عرفت أن الكاتب الإسلامي الأردني سعيد حوا كان قد ذكر نفس التفسير للآيات في كتابه الأساس في التفسير في طبعة صدرت في مصر سنة 1985 ....) و هي إننا من خـــلال كتاب السيد بســام نهاد جـــرار ( زوال إسرائيل سنة 2022 .....) قد عرفنا إن زوال إسرائيل إنشاء الله سيكون في العام 2022 م و برهن هذا بالاستناد إلى سورة الإسراء و الشيء الذي لم يذكره السيد بسام في كتابه هو من الذي سيحرر بيت المقدس من اليهود المغتصبين فهو ذكر انهم المسلمين فقط و لم يحدد مَنْ مـِنَ المسلمين بالدرجة الأساس و من سيكون قائد المسلمين آنذاك و أنا سأبين من هم الذين سيقومون بالتحرير ومن أين سينطلقون لتحرير القدس الشريف و سأبين من هو قائد هذه الجحافل من خلال هذا الكتاب لنرجع للآيات في سورة الإسراء ( و قضينا في الكتاب إلى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين و لتعلن علوا كبيرا (4) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباد لنا أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار و كان وعـدا مفعولا (5) ثم رددنا لكم الكرة عليهم و أمددناكم بأموال و بنين وجعلناكم اكثر نفيرا (6)إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسووا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علوا تتبيرا (7) إن الآية تخبرنا أن بني إسرائيل سيعلون في الأرض مرتين و سيفسدون فيها مرتين و أن هذا الأمر كتبه الله عليهم و أن فترة العلو الأول كانت في أوجها في فترة ملك النبي سليمان (عليه السلام ) بعدها بدء الفساد الأول و الذي عاقبهم الله سبحانه و تعالى عليه ببعث عليهم من وصفهم بـ(عباد لنا أولي باس شديد) و هم سكان المنطقة التي كان فيها البابليين و عاصمتهم بابل ( و هذا ما مثبت تاريخيا ) و كلمة عباد لنا ليس شرطا أن يخاطب بها المؤمنين فقط بل هي تطلق للمؤمن و لغير المؤمن مثل قوله سبحانه و تعالى ( نهدي به من نشاء من عبادنا ) الشورى 142 . و كذلك في الآية ( إن الله بعباده لخبير بصير ) فاطر31 و الله سبحانه عليم بكل عباده المؤمن منهم و الكافر من هنا ندرك أن إطلاق كلمة (عباد لنا ) ممكن أن تشمل المؤمنين و غير المؤمنين و يصف الله سبحانه و تعالى كيف أن هؤلاء العباد جاسوا خلال الديار أي استباحوا الأرض و ما عليها فأخذوا بني إسرائيل سبايا إلى بابل و لازال اليهود يبكون تلك الأيام. ثم يذكر انه كان وعدا مفعولا أي انه عند نزول هذه الآيات يكون هذا الحادث قد حدث في الماضي. ثم أن الله سبحانه و تعالى يخبرنا انه سيجعل بني إسرائيل (سيردون الكرة على من شردهم و دمر دولتهم في المرة الأولى و هذا ما قامت به الصهيونية العالمية في أثناء حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و هي نفسها صرحت بأنها قامت بهذه الحرب من اجل إسرائيل بالإضافة إلى اشتراك الآلاف من اليهود في هذه الحرب من قواد و جنرالات و وزراء و مصداقا للآية الكريمة ثم أن الله سبحانه و تعالى يهددهم إنهم أن أحسنوا ( و الإحسان هو عمل ما يرضي الله ) فالإحسان لأنفسهم أما إن لم يحسنوا فأنهم سيلاقون نتائج عملهم و نحن نعرف أن اليهود الصهاينة لم يفعلوا غير القتل و التدمير و الفساد لبني البشر .
ثم إن الله سبحانه و تعالى ينذرهم في إن إذا جاء وعد الآخرة فأن من دمر دولتهم في أول مرة ( و الذين خرجوا إليهم من ارض بابل في العراق ) سيعودون إليهم ومن نفــس المكان لأن الله سبحانه و تعالى يقول في الآية الكريمة ( …فإذا جاء وعد الآخرة ليسووا وجوهكم و ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علوا تتبيرا )(7) الإسراء و من مفهوم الآية ندرك أن الذين سيسؤون وجوه بني إسرائيل و يدخلوا المسجد (كما دخلوه أول مرة ) و يدمروا كل ما قام به الإسرائيليون من علوا هم أنفسهم الذين قاموا بالتدمير الأول لدولة بني إسرائيل ( و الذين سينطلقون من نفس المكان أي العراقيون و من سيكون معهم من المسلمين الذين سيكونون مع الإمام المهدي ( عليه السلام )) و بما إن أهل العراق اصبحوا من المسلمين إذا فأن الوصف انهم ( عباد لنا أولي باس شديد ) ينطبق عليهم أيضا. من هنا نعرف أن الله سبحانه و تعالى قد اختار هذه المنطقة من العالم ليبعث منها من يدمر دولة بني إسرائيل و هذا ما صرح به أهل البيت ( عليهم السلام ) في أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيتخذ مدينة الكوفة ( و هي مدينة واقعة الآن ضمن حدود الدولة البابلية القديمة و كانت تسمى ( كوفان )) عاصمة لدولته قبل الانطلاق لتحرير القدس من اليهود الغاصبين و لهذا قامت الولايات المتحدة و الصهيونية العالمية بتجنيد الطاغية صدام حسين ليقوم بتدمير شعب العراق و مقدراته التي يملكها فساعدت على وصول حزب البعث إلى السلطة في العراق و من ثم تمكين عميلهم صدام بالوصول إلى رأس الحكم في العراق ليبدأ بتنفيذ مخططهم الشيطاني المرسوم سلفا و خاصة بعد أن شعرت الولايات المتحدة الأمريكية و الصهيونية العالمية بالخطر الداهم من قيام الجمهورية الإسلامية في إيران و بعد أن فشلت في الحفاظ على الحاكم التابع لها في إيران ( شاه إيران ) و التي كانت تعده لقمع الرايات السود التي ستخرج من خراسان لتنصر الإمام المهدي (عليه السلام) و التي ذكرت في الأحاديث النبوية الشريفة و إدراكها أن لا شي سيمنع رايات المشرق من أن تظهر من خراسان و إنها ستجد الطريق سالكا في الجمهورية الإسلامية في إيران لنصرة الإمام المهدي ( عليه السلام ). و لهذا فأن أول مهمة أوكلتها المخابرات الأمريكية إلى الطاغية هي القيام بشن حرب على جمهورية إيران الإسلامية و بهذا فأن الولايات المتحدة ستضرب عصفورين بحجر واحد ألا و هو تدمير الشعبين العراقي و الإيراني مرة واحدة و لقد أدت هذه الحرب إلى تدمير الدولتين و تدمير اقتصادهما و إمكاناتهم العسكرية و إلى تفريغ هاتين الدولتين من عناصر القوة التي تمتلكانها بامتلاكهما اكبر احتياطي للنفط في العالم و لأن النفط يمثل قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة ومن ثم قوة عسكرية فاعلة والتي كان من الممكن أن توجه ضد العدو الصهيوني واستمرت هذه الحرب ثمان سنوات أكلت الأخضر و اليابس في كلا البلدين و كلفت الشعبين ملايين القتلى و الجرحى و المعوقين بالإضافة إلى مئات المليارات من الدولارات أحرقتها ماكنة الحرب التي أشعلها الطاغية صدام. و لقد اصبح طاغية العراق ( بطـل النصر و السلام ) و بطل العرب حيث أن الإعلام الغربي و العربي طبل و زمر للدكتاتور لأنه خرج منتصرا في الحرب !!. و لكن مهمة الطاغية لم تكن لتنتهي عند هذا الحد فلقد كانت هذه المرحلة الأولى للخطة المرسومة له فاستمر باضطهاد الشعب العراق و قتل أبنائه بصورة لم يرتكبها أي جزار في التاريخ فقام بشن حرب إبادة و قتل و تشريد للشعب الكردي في شمال العراق حيث قتل و شرد ما يزيد نصف مليون من الأكراد في عملية إجرامية أطلق عليها اسم ( الأنفال ) بالإضافة لاستخدامه الأسلحة الكيماوية في مدينة حلبجة الكردية في شمال العراق و التي أدت إلى مقتل خمسة آلاف شخص من أطفال و نساء و شيوخ . فهل شهد التاريخ الإنساني إجراما اكثر من هذا ؟؟
و بعد كل هذا كان تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني في بدايته فبعد سنتين بالضبط من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أوعزت المخابرات الأمريكية للطاغية للقيام بالهجوم على دولة الكويت و غزوها ( و قصة لقاء الطاغية صدام بالسفيرة الأمريكية في بغداد و إعطائها له الضوء الأخضر لغزو الكويت معروفة ) و هذه كانت اكبر خدمة قدمها الطاغية للولايات المتحدة الأمريكية و للصهيونية العالمية فجاءت القوات و الأساطيل الأمريكية و غزت ارض العرب بحجة تحرير الكويت و أنشأت القواعد العسكرية الأمريكية و عقدت المعاهدات الدفاعية مع اغلب الدول العربية و قامت القوات الأمريكية بتحرير الكويت و دمرت كل ما استطاعت تدميره في كلا الدولتين العراق و الكويت حتى تفوز بعقود اعمار الكويت و استنزاف موارد الكويت المالية و الاقتصادية على مدى سنوات طويلة و لقد تكفلت الدول العربية الخليجية بمصاريف الحرب من الألف إلى الياء . و بقى الطاغية صدام على رأس السلطة في العراق لأن الرئيس الأمريكي جورج بوش أوقف تقدم القوات الأمريكية بعد أن أدرك إن قواته تتقدم في داخل العراق و قد تصل إلى بغداد في غضون يوم أو يومين و قام بوقف إطلاق النار !!!! طبعا جرى هذا لحماية عميلهم المخلص في بغداد فمهمته لم تنتهي بعد .
في هذا الأثناء قام أبناء الشعب العراقي في الجنوب ( الشيعة ) و في الشمال ( الأكراد) بانتفاضة شعبية عارمة سقطت على أثرها أربعة عشر محافظة عراقية من سيطرة الطاغية و لم تبقى إلا أربعة محافظات في وسط البلاد تحت سيطرته و هنا أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن عميلها في بغداد على وشك السقوط و بما أن المخطط الأمريكي يهدف لتدمير الشعب العراقي و سحقه كليا و خاصة الشيعة في الجنوب ( لأنها تدرك أن هؤلاء سيكونون بالتأكيد من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام ) عند ظهوره ) فأطلقت يد الطاغية على الجنوب و سمحت له بالتحرك العسكري لقمع الانتفاضة المباركة و هكذا قامت القوات التابعة للنظام و أركان النظام بأنفسهم بضرب مدن الجنوب بالمدفعية الثقيلة و بصواريخ ارض – ارض و بطائرات الهليكوبتر و تم قمع الانتفاضة و قتل و اسر مئات الآلاف من أبناء الجنوب و لم يعرف مصير اغلبهم لحد الآن وتم كذلك ضرب المراقد المقدسة للائمة الأطهار من أهل البيت ( عليهم السلام ) في النجف الأشرف و كربلاء المقدسة بالمدفعية الثقيلة و قاذفات الصواريخ و أصابتها بأضرار بالغة لازال بعضها ظاهرا لحد الآن .
و لقد كان من الأهمية بمكان للمخابرات الأمريكية و الدوائر الصهيونية الإبقاء على الطاغية صدام في الحكم حتى يتسنى لهم إكمال عملية تدمير الشعب العراقي ففرضوا حصارا اقتصاديا شاملا على الشعب العراق و ربطوا عملية رفع الحصار بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بحرب تحرير الكويت و بإزالة أسلحة الدمار الشامل التي أدعى رئيس النظام العراقي بامتلاكها على الملأ ( الكيمياوي المزدوج , غاز الأعصاب , غاز الخردل و غيرها ) و وقع الشعب العراق بين المطرقة و السندان و الكل سمع بعملية الشد و الجذب و المماطلة التي مارسها طاغية العراق لإعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الحجة لإبقاء الحصار على الشعب العراقي أطول فترة ممكنة و لقد دمر هذا الحصار البقية الباقية من البنية التحتية من صحية و تعليمية و اجتماعية و ثقافية و غيرها للشعب العراقي و لا أحد يعلم إلى متى سيستمر هذا الحصار اللعين .
إن هذا هو سر العداء الذي يكنه بني إسرائيل لأهل العراق بصورة خاصة لأنهم يعرفون إن من هذا البلد ستخرج جحافل تحرير بيت المقدس هو الذي سيدمرهم في يوم من الأيام . لأن هذا ما هو مذكور عندهم في كتبهم المقدسة التي حرفوها لتتناسب مع ما يريدون فهم يطلقون على بابـل ( المدينة الملعونة ) و ( السيدة الزانية) و كل هذا للانتقاص من بابل و ما تمثله من أسباب دمارهم . و لعل هذا هو التفسير الذي احتار الناس فيه و لم يستطيعوا معرفة سبب العداء الأمريكي ( الصهيوني ) للعراق و لشعبه فأمريكا لا يهمها النفط العراقي و لا السيطرة عليه لأنها مسيطرة عليه فعلا فأكبر دولة تستورد النفط من العراق هي الولايات المتحدة الأمريكية و خاصة منذ فرض الحصار الاقتصادي عليه و كانت أمريكا تستطيع بما تملك من قوة أن تسيطر على العراق و على نفطه كما هو حاصل مع كل دول المنطقة النفطية و تجعل صدام حسين مثله مثل بقية الحكام العرب يأكل و يشرب و ينام هو و شعبه و لكنها أدركت أنها لو قامت بهذا فان الشعب العراقي و ما يملك من تراث ثقافي حضارة عريقين يمتد لخمسة آلاف سنة سيستغل هذا الأمر بالنهوض بنفسه و يصبح قوة إقليمية لا يمكن التكهن بمدي قوتها و تكوين مجتمعا قويا من كل النواحي قادرا على المقاومة و التحدي و من ثم يستغلها الإمام المهدي ( عليه السلام ) آنذاك في حربه ضدهم . و لهذا جعلت الطاغية صدام يلبس لبس المتحدي للوجود و النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية و للاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية و أن ينادي بالثورة و تحرير فلسطين و العداء الشديد للكيان الصهيوني ( إسرائيل ) لينخر الجسد العربي من الداخل و تركت له جزء من ثروة العراق لكي يبددها كيفما شاء هو و جلاوزته و أبناء عشيرته فاصبح هو و ولديه و زوجته و أقرباءه من أغنى أغنياء العالم و جعلوا الشعب العراقي يعيش كأفقر شعوب العالم ….
منقول
ارجو من المشرف تثبيت الموضوع كمرجع لكل باحث وطالب علم
صدر هذا الكتاب لأول مرة في 22 / 6 / 2000 ثم صدرت نسخة أخرى معدلة في 23 / 11 / 2000 و تم إصدار هذه النسخة المعدلة و المنقحة في 20 / 8 / 2001 .
المراسلة عبر البريد الإليكتروني : [email protected]
بدء الحرب الأمريكية
ضد الإمام المهدي (عليه السلام )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله الطيبين الطاهرين .
إن ما حفزني لتأليف هذا الكتاب هو حالة اليأس و القهر التي يمر بها عالمنا العربي و الإسلامي نتيجة لتكالب الأعداء عليه من الشرق و الغرب فأردت أن ابعث روح الأمل و التفاؤل بالمستقبل و أنير شمعة في هذا الظلام الذي أحاط بأمة هي خير أمة أخرجت للناس وحتى لا ييئس المسلمون ولا يقنطوا من رحمة الله و ليعرفوا أن الله ناصرهم على أعدائهم في وقت يكاد يكون قريبا إنشاء الله و لو كره الكافرون.
لقد بدأ اهتمامي بموضوع الإمام المهدي ( عليه السلام ) و ظهوره بعد أول مرة قرأت فيها عنه وحاولت أن اقرأ كل كتاب يتحدث عن هذا الأمر فلقد كتب الكثير من الكتاب حول هذا الموضوع قديما و حديثا و وجدت أن معظم هذه الكتب هي مجرد سرد للأحاديث النبوية الشريفة و شرح ما قاله علماء المسلمين عنها و المشكلة أن الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت هذا الموضوع اختلف في صحتها المسلمين فمنهم من صححها و منهم من ضعفها بل أن حتى الذين صححوا هذه الأحاديث و يؤيدون ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) يوجد فيما بينهم اختلاف واضح في الأحاديث التي يوردها كل فريق منهم عن حقيقة هذا الأمر و كيفية حدوثه و هذا مما يوقع أي قارئ لهذه الكتب في حيرة من أمره و يوقعه في دائرة الشك فلم يستطع أي كاتب أن يأتي بدليل دامغ و قوي يثبت صحة و إمكانية حدوث هذا الأمر و لهذا قررت أن أقوم بأجراء بحثي الخاص في هذا الموضوع لإيجاد دلائل و إثباتات جديدة حول هذا الموضوع الذي دار حوله الكثير من الجدل و لقد وفقني الله سبحانه و تعالى في الوصول إلى معلومات و إثباتات يكشف عنها لأول مرة و لا تقبل الشك أو النقض لأنها مسنودة بالدليل العلمي الذي يمكن لأي إنسان أن يتأكد من صحته و مصداقيته بنفسه و أنا أضعها بين أيديكم في هذا الكتاب لعله يزيل الشك و الجدل الذي دار حول هذا الموضوع . و أرجو منك عزيزي القارئ أن تقرأ الكتاب بروية و فهم عميق لما فيه لأنه قد تكون هذه المرة الأولى التي يطرح و يبحث هذا الموضوع من هذا الجانب . و أرجو من أي قارئ لهذا الكتاب أن لا يحكم على ما جاء فيه إلا بعد يكمل قرأته و يفهم ما جاء فيه و يطرح عن نفسه رداء التعصب الأعمى حتى يكون منصفا في حكمه . و لعل الكتاب يرشده ليعرف الحق و يتبعه لعله يكون أحــــد جنود الإمـــام المهدي ( عليه السلام ) لرفع راية لا اله إلا الله محمد رسول الله و ينصر أمته العربية و الإسلامية و الله ناصر المؤمنين إنشاء الله .
ماجد المهدي
991
12/ 10 / 1999
المقدمة
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) ( من كتم علما علمه الله له لجم يوم القيامة بلجام من نار ) و قال عليه الصلاة و السلام و على آله ( العلم ضالة المؤمن أنّـا وجدها كان أولى الناس بها ) و لقد سهل الله سبحانه و تعالى لي في معرفة ما يمكن أن يطلق عليه علما و هو علم المعرفة بشي و ما دمت قد عرفته فكان واجبا علي نشره و تعريف الناس به و هو كغيره من المعارف و العلوم سيجد من يؤيده و يؤمن به و كذلك سيجد من يرفضه و لا يعترف به لأن لكل منا في داخله تراثا فكريا و ثقافيا و عقائديا خاصا به استطاع أن يكونه خلال عمره الطويل مما قرأ و ما سمع و شاهد و مما آمن به . و كل إنسان له الحرية المطلقة في الأيمان و الاقتناع بما يعرض عليه و ما يطرح عليه من آراء و أفكار و الإنسان ما كان له أن يصل إلى ما وصل إليه لولا اطلاعه على أفكار و آراء غيره من البشر حتى لو علم أن ما سيطلع عليه مناقض لما يعتقد بل أن إطلاعه على آراء المقابل و أفكاره قد يؤكد له أنه على حق و يزيد أيمانه بما لديه و يثبت له صحة اعتقاده و تفكيره . أما الذي يتهيب من المعرفة و الاطلاع و يفضل الانغلاق على نفسه فسيصحو في يوم من الأيام و يجد أن الركب قد فاته و لن يستطيع أن يلحق به . و أنا شخصيا قد قرأت الكثير من الكتب التي اعرف إنها قد لا تتفق مع ما اعتقد فمجرد أن اعرف انه يطرح أفكارا جديدة و في المواضيع التي اهتم بها فأسارع لقراءته و هو أكيد سيضيف لي علما لا اعلمه و يجعلني اعرف بما يفكر الطرف الأخر و أؤكد لكم أن هذا هو ما ساعدني بالدرجة الأولى في تأليف هذا الكتاب لأن هذا جعلني ابحث في مصداقية ما اقرأ .
و أرجو أن يفتح هذا الكتاب الطريق للقارئ و يستطيع أن يكشف المزيد من العلوم من خلال البحث و القراءة المستمرة لأن المعرفة سلسلة متصلة لا يستطيع إنسان واحد أن يلم بها لوحــده مهما كانت درجة معرفته و علمه . طبعاً أن القارئ سيجد انه قد يختلف معي في بعض الآراء و الأفكار التي اطرحها و هذا ادعى لأن يقرأ الكتاب و أنا متأكد أنه سيقرأ كتاب لم يقرأ ما جاء فيه في أي كتاب آخر و الله اعلم .
الفصل الأول
المنقذ الإلهي
إن الناس في كل أنحاء العالم بصورة عامة منقسمون حول موضوع المنقذ المنتظر الذي ينتظر ظهوره في آخر الزمان إلى قسمين قسما يرى أن من المهم معرفة كل ما يمكن من معلومات عن المنقذ المنتظر وكل ما يتعلق به و بوقت ظهوره و حقيقة شخصيته و غالبا أن هذه الفئة هي من المؤمنين بوجود الله الخالق لأن كل الديانات السماوية و حتى الغير سماوية قد بشرت بظهور هذا المنقذ في آخر الزمان الذي سيخوض حرباً عالمية ضد الشر بكل صوره و سينشر العدل و السلام في الأرض و نزول المسيح ( عليه السلام ) و من ثم بعد هذا لن يبقى إلا عدة عقود من السنين و تقوم القيامة و ما تمثله من انتهاء وجود الإنسان على هذه الأرض و انتقاله إلى عالم آخر حيث يحاسب الله سبحانه و تعالى كل إنسان على عمله .
أما القسم الآخر فهم معتنقو الأفكار العلمانية أو الإلحادية حيث إنهم يرون أن كل ما ذكر عن هذا المنقذ ما هي إلا خرافات و معتقدات آمنت بها الشعوب المتخلفة و المغلوبة على أمرها و التي كانت ترزح تحت سيطرة شعوب أقوى منها فمنّت نفسها بسراب الخلاص على يد إنسان ذو قدرات خارقة يظهر حين غفلة من الزمن و ينتقم لهم من مستعبديهم و يعيد لهم مجدهم و سيطرتهم التي وعدهم بها الله على بقية الخلق … و أن هذا الاعتقاد مما يقود و يشجع الشعوب على الاستكانة للذل و الخضوع و يعرقل كل من يسعى للتحرر و التقدم للأفضل و هم يعتقدون أن كل من يبحث أو يخوض في هذا الأمر هو إنسان يؤمن بالخرافات و المعتقدات البالية ومما لا داعي لإضاعة الوقت في نقاشه و الحوار معه حول الموضوع و هؤلاء يشكلون تقريبا وحدة واحدة في الرأي لا اختلاف في ما بينهم .
و في الحقيقة أن حتى البعض من المسلمين المؤمنين بظهور المنقذ العالمي يعتقدون أن من الأفضل عدم الخوض في هذا الأمر الآن لأنه قد يسبب في شيوع حالة من التكاسل و التخاذل بين المسلمين عن السعي لتحرير فلسطين و القدس الشريف من الاحتلال الصهيوني البغيض ( اكثر مما نحن عليه الآن ) )!!!!.
و أما الذين يؤمنون بظهور هذا المنقذ العالمي فأن الاختلاف في ما بينهم ظاهر فكل منهم يدعي أن المنقذ المنتظر سيظهر من جماعته و أن الباقين واقعين في ضلالة و أن المنقذ سيقتص منهم لأنـهم لم يؤمنوا بظهوره ( شخصيا ) مع كل صفاته التي ذكرتها كل أمة .. بل أن الاختلاف حاصل مع أفراد الدين الواحد في صفات و العلامات التي تدل أو تخص هذا الشخص .
و كل الديانات تؤكد أن للعالم نهاية لا ريب فيها و سوف يسبق هذه النهاية ظهور علامات مثل كثرة الزلازل و انتشار الفساد و انتشار الظلم و من ثم نزول المنقذ المنتظر بقدرة الإلهية, لإنقاذ المؤمنين من الفساد و الظلم الذي يسود الأرض . وسأستعرض بعض المعلومات المختصرة عن ما ذكره بعض أصحاب الديانات السماوية في مختلف أرجاء العالم عن هذا المنقذ .
و أجد من المهم هنا أن أؤكد أني لا احمل أي ضغينة أو عداء لأي من اتباع الديانات السماوية من غير المسلمين و اقصد هنا ( اليهود و النصارى ) إلا من كان منهم معاديا للإسلام والمسلمين و يسعى للأضرار بهم و بدينهم و أن كل ما سيرد في الكتاب ما هو إلا شرح لوقائع و أحداث وقعت و ستقع إنشاء الله .
إن أهم الديانات السماوية المنتشرة في العالم هي الديانات اليهودية و المسيحية و الإسلامية و هذه الديانات الثلاثة ظهرت في منطقة جغرافية واحدة و هي منطقة الشرق الأوسط و كلها بدأت بنبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) فكل أنبياء هذه الديانات يرجعون في نسبهم إليه ففي الديانة اليهودية التي جاء بها موسى ( عليه السلام ) و من جاء من بعده من الأنبياء قد وردت عدة تنبؤات تتحدث عن هـذا المنقذ العظيم و الذي سيقوم اله بني إسرائيل ( يهوه ) بإرساله لإنقاذهم من أعدائهم على أساس انهم شعب الله المختار ( و في الواقع أن لليهود اكثر من منقذ ( مسيح ) كما صرحت التوراة بهذا ) و لهـــذا نرى أن اله بني إسرائيل ( يهوه ) في التوراة يسمي ملك الفرس ( كورش ) بالمسيح و كما ورد في سفر أشعيا الإصحاح الخامس و الأربعين :
( سأقوم بكتابتها و كما وردت في نسخة الانجيل الموجودة عندي ( مع ما فيها من اخطاء لغوية )
Is:45:1:
1 : هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما واحقاء ملوك احل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق.
Is:44:28:
28 : القائل عن كورش راعيّ فكل مسرتي يتمم ويقول عن اورشليم ستبنى وللهيكل ستؤسس
Is:45:3:
3 : وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ لكي تعرف إني أنا الرب الذي يدعوك باسمك اله إسرائيل.
و لم تكن نبؤة اشعيا النبؤة الوحيدة فلقد وجدت نبؤات أخرى في سفر النبي دانيال عليه السلام الذي رأى رؤيا تبشر بظهور منقذ لبني إسرائيل كما جاء في الإصحاح الثامن من سفر دانيال:
1- في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر الملك ظهرت لي أنا دانيال رؤيا بعد التي ظهرت لي في الابتداء
2 - فرأيت في الرؤيا وكان في رؤياي وأنا في شوشن القصر الذي في ولاية عيلام. ورأيت في الرؤيا وأنا عند نهر أولاي
3 - فرفعت عينيّ ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيرا.
4 - رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم.
5 - وبينما كنت متأملا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمسّ الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه.
6 - وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رايته واقفا عند النهر وركض إليه بشدة قوته.
7 - ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده.
8 - فتعظم تيس المعز جدا ولما اعتزّ انكسر القرن العظيم وطلع عوضا عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع.
9 - ومن واحد منها خرج قرن صغير وعظم جدا نحو الجنوب ونحو الشرق ونحو فخر الأراضي.
10 - وتعظم حتى إلى جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلى الأرض وداسهم.
11 - وحتى إلى رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه.
12 - وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح.
13 - فسمعت قدوسا واحدا يتكلم فقال قدوس واحدا لفلان المتكلم إلى متى الرؤيا من جهة المحرقة الدائمة ومعصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين.
14 - فقال لي إلى ألفين وثلاث مائة صباح ومساء فيتبرأ القدس
15 - وكان لما رأيت أنا دانيال الرؤيا وطلبت المعنى إذا بشبه إنسان واقف قبالتي
16 - سمعت صوت إنسان بين أولاي فنادى وقال يا جبرائيل فهّم هذا الرجل الرؤيا.
17 - فجاء إلى حيث وقفت ولما جاء خفت وخررت على وجهي.فقال لي افهم يا ابن آدم أن الرؤيا لوقت المنتهى.
18 - وإذ كان يتكلم معي كنت مسبخا على وجهي إلى الأرض فلمسني و أوقفني على مقامي.
19 - وقال هاأنذا اعرّفك ما يكون في آخر السخط.لأن لميعاد الانتهاء.
20 - أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس.
21 - والتيس العافي ملك اليونان والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول.
22 - وإذا انكسر وقام أربعة عوضا عنه فستقوم أربع ممالك من الأمة ولكن ليس في قوته.
23 - وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل.
24 - وتعظم قوته ولكن ليس بقوته.يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين.
25 - وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعاظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر.
26 - فرؤيا المساء والصباح التي قيلت هي حق.أما أنت فاكتم الرؤيا لأنها إلى أيام كثيرة.
27 - أنا دانيال ضعفت ونحلت أياما ثم قمت وباشرت أعمال الملك وكنت متحيّرا من الرؤيا ولا فاهم ….
و لقد فسر بعض المفسرين القدماء هذا الإصحاح على أن الكبش ذي القرنين يمثل مملكتين تتحدان وهما مملكة مادي و فارس و تكونان مملكة عظيمة يقودها ملك قوي لا تستطيع كل الدول مواجهته , أما التيس ( العنزة ) ذي القرن الواحد الذي حارب الكبش فالمراد منه ( ملك اليونان ) و القرن البارز من راس التيس فهو ملك من اليونان أي الاسكندر المقدوني و تعبر هذه الرؤيا بالنسبة لليهود هي البشارة بخلاصهم من الأسر البابلي بعد قيام المملكة الممثلة بالكبش ذي القرنين أي ملك مادي و فارس حيث أن ملك هذه المملكة سيغير على مملكة بابل و يتغلب عليها و تحرير اليهود من الأسر البابلي و هو ما حدث بالفعل حيث هاجم الملك الفارسي ( كورش ) الممالك في الغرب و الشرق و الجنوب أي في مملكة بابل و حقق الانتصارات فيها و حرر اليهود من الأسر و سمح لهم بالعودة إلى فلسطين و بناء هيكلهم من جديد و من المعروف تاريخيا أن بعد فترة هاجم الاسكندر المقدوني مملكة فارس فأحتلها و بسط سلطانه عليها و بهذا تحققت هذه النبؤة في تلك الفترة و اليهود الآن لا يقبلون بهذا التفسير و يقولون أن هذه النبؤة لم تتحقق بعد و لهذا فهم ينتظرون مسيحا آخر و يدعون أن مسيحهم القادم سيقوم بشن حربا ضد كل أعداءهم و ينتصر عليهم وسيظل اليهود يحرقون أسلحة أعدائهم لمدة سبع سنوات متوالية و من ثم ستأتي شعوب الأرض للمسيح و تقدم له الهدايا و تطلب منه المغفرة فيغفر لهم و يسامحهم و لكنه سيرفض هدايا المسيحيين و لن يغفر لهم ولا يقبلهم في دينه لأنهم من نسل الشياطين . و هم لا يؤمنون بالمسيح الذي يؤمن به النصارى ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و يعتبرونه (حاشاه ) أنه رجل ولد من زنا و يريد أن يضل اليهود بادعائه أنه هو المسيح و لهذا فلقد قاموا بصلبه . وهناك خلاف بين الحاخامات اليهود حول مدة بقاء المسيح على الأرض فمنهم من يقول أن بقاءه سيطول بنفس المـــدة التي سبقت مجيئه أو منذ زمن نوح ( عليه السلام ) و البعض قال أن بقاءه سيكون لمدة أما أربعين أو سبعين سنة .
و لقد ساند بعض النصارى المتصهينون رأي اليهود و يدعون أن هذه النبؤة لم تتحقق لحد الآن وإنها ستحقق في زماننا هذا و لقد فسروها على إن الكبش ذي القرنين هما يمثلان قوتان ســــتتحالفان فيما بينهما ( روسيا و إيران و ما تمثله من الدول الإسلامية ) حيث سيكون بينهما اتفاق و تعاون عسكري و سيقومون بشن حرب على إيطاليا و فرنسا وجنوب أوربا و يكون حينها اليهود قد تجمعوا مرة أخرى في فلسطين هنا تظهر العنزة التي تمثل ( أمريكا ) فتقوم بالقضاء على الكبش و كسر قرنيه و سحقه و السيطرة على العالم و عندها ستساعد اليهود في بناء هيكلهم المقدس و عندها سيظهر المسيح الذي ينتظرونه …
أما بالنسبة للنصارى فلهم وجهة نظر أخرى مختلفة عن هذا المنقذ الموعود . فالمنقذ المنتظر عندهم هو نفسه المسيح ( عيسى ابن مريم ) عليهما السلام و الذي سيظهر لهم في آخر الزمان و يقوم بإنقاذهم من أعداءهم و ينصر المسيحيون في كل الأرض و يقتل كل من لم يؤمن به من البشر . و النصارى منقسمون حول حقيقة من قـام بصلب المسيح ( عليه السلام ) فكل المسيحيون الشرقيين و اغلب المسيحيون ( الكاثوليك ) خاصة يعتقدون أن اليهود هم من قام بعملية الصلب ( مع أن بابا الفاتيكان قد قام أخيرا بتبرئة اليهود من هذه التهمة بضغط من اليهود و المنظمات الصهيونية في العالم ) أما البروتستانت ( اغلب مسيحيو أمريكا ) فهم يقولـــون أن لا علاقة لليهود بصلب المسيح ( عليه السلام ) و أن الرومان هم الذين قاموا بصلبه .... و هم من اشد المؤمنين برجوع المسيح عيسى ابن مريم (عليهما السلام ) و لهم علامات يؤمنون بها تسبق نزوله و يعتقدون أن المسيح لن يرجع إلى الأرض إلا إذا تمت هذه العلامات و من أهمها تجمع اليهود في فلسطين و بناء الهيكل للمرة الثالثة و عندها سينزل المسـيح ( عليه السلام ) و عندها سيقوم المسيح برفعهم إلى السماء وتحدث معصرة الرب و هي المعركة الكبرى ( معركة هرمجدون ) . و لهذا فهم من اشد المؤيدين لقيام إسرائيل و تجميع اليهود في فلسطين لتتم لهم النبؤة التي بشروا بها و هي ظهور المسيح ( عليه السلام ) مرة أخرى .
طبعا أن ما قاله أو يقوله أهل الكتاب من يهود و نصارى لا يمكن أن نجعله دليلا أو منطلقا لبحثنا في حقيقة ظهور المنقذ العالمي و الذي نسميه نحن ( الإمام المهدي عليه السلام ) لأننا كمسلمين لدينا كتابنا ( القرآن الكريم ) و الأحاديث النبوية الشريفة و لنا تراثنا و ثقافتنا الخاصة والتي يمكن منها أن نستشف و نستخرج منها العلوم و المعارف الشيء الكثير و لكن لا مانع من الاستئناس بما ورد عندهم مما يمكن أن يؤيد ما سيظهر من خلال البحث . و بما أن المسلمين منقسمون بصورة عامة إلى مجموعتين سنة و شيعة و كل من هذه المجموعة له نظرة خاصة في حقيقة هذا المنقذ و لهذا فيجب علينا الاستناد على ما ورد عند كلا الفريقين في عملية البحث و التحقق من صحة ما ذهب إليه كل فريق و لقد توصلت إلى العديد من النتائج التي يساند إحداها الآخر و أهملت ذكر نتائج البحث التي وصلت فيها إلى نهايات مغلقة .
فبالنسبة للمنقذ المنتظر في الدين الإسلامي فالمسلمون بصورة عامة ينتظرون رجلا من آل بيت الرسول محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه و آله و سلم) من نسل ابنته السيدة فاطمة الزهراء( عليها الســـلام ) يطلقون عليه اســــــم ( المهدي ) يظهر في آخر الزمان عندما تملأ الأرض جورا و ظلما ليحارب الشر و ينشر العدل و السلام في كل الأرض. و لا أجد من داعي لذكر كل الأحاديث النبوية التي تؤكد أن كلا الفريقين من المسلمين سنة و شيعة ينتظرون المنقذ المنتظر لأنها مذكورة في كتب الأحاديث الصحيحة و يمكن للراغب أن يرجع إليها لو شاء و لكني سأذكر بعض الأحاديث خلال البحث في الكتاب و لو أن الأحاديث عند الشيعة وردت عندهم اكثر مما موجــودة عند السنة لأن الــــــذي لا يؤمن من الشيعة بظهـــور ( المهدي ) فهو عندهم مخالف للمذهب و خـــارج عنه ( و ليس خارجا عن الإسلام ) . و في الحقيقة أن الفكرة التي يقولها الشيعة في الإمام المهدي (عليه السلام) قد يكون فيها نوع من اللامعقولية و التي لا تصدقها العقول في بعض جوانبها و لكن هذا لا يعني أن يُهمل كل ما قالـوه لأن من الممكن أن يكون ما يقولــــوه صحيحا ( إن الاختلاف في ما بين السنة و الشيعة بصورة رئيسية هو أن الشيعة يقولون أن الإمام المهدي هو الأمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام و اسمه ( محمد بن الحسن العسكري ) و ولد سنة 255 هجرية و أنه غاب عن الأنظار ( بأمر من الله سبحانه و تعالى ) حماية له من أعدائه و أنه حي منذ ذلك الوقت و أنه سيظهر عندما تملأ الأرض ظلما و جورا و عندهم أحاديث منسوبة إلى الرســـــول ( محمد صلى الله عليه و آله و سلم ) تؤيد ما يقولون … و كل هذا مما لا يصدق به أهل السنة و ينكرون أن تحدث مثل هذه الأحداث و يقولون أن المعجزات من هذا النوع لا تحدث إلا للأنبياء … و لكن أي إنسان منصف ممكن أن يجد اكثر من دليل على إمكانية حدوث مثل هذه الحوادث فمثلا أصحاب الكهف حدثت لهم معجزة الاختفاء في الكهف و إطالة أعمارهم إلى ما شاء الله و كذلك بالنسبة للخضر( عليه السـلام ) حيث أن الله سبحانه أطال عمره إلى ما شاء الله و أخفاه عن الأعين وأعطاه من العلوم مما جعل نبي الله موسى ( عليه السلام ) البحث عنه للتزود من علمه و تذكر الأحاديث النبوية أن الدجال كان موجودا على زمن الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و هو باقي إلى زمان خروجه و اعظم من هذا كله أن الملايين من قوم ياجوج و ماجوج مختفون خلف سد بناه ذي القرنين ( عليه السلام ) ( بنص القرآن الكريم ) و لكن لحد الآن لم يرهم أي إنسان بل أن حتى الأقمار الصناعية و التي تمسح الأرض يوميا و لم تبقي شبرا واحدا لم تتجسس عليه و تعرف ما فيه لم تكشف وجودهم و مع هذا فكل المسلمين يؤمنون بوجودهم ( في مكان ما ) كما أن العجائب و الغرائب التي نطلع عليها كل يوم عن طريق التلفزيون و الإنترنت مما لا يمكن تصديقه تجعل ما يقوله الشيعة في الإمام المهدي ممكن استساغته و البحث في مصداقيته .
من هذا نفهم أن كلا من السنة والشيعة ينتظرون ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و لو أن فيما بينهما اختلاف فيه و هذا نتيجة للاختلاف في بعض الأحاديث النبوية التي لدى كل فريق و الشيء الأكيد انه عندما يظهر فأن كل المسلمين سيعرفون حقيقته و سينصرونه لأنه سيكون أملهم في رفع راية لا اله إلا الله محمد رسول الله و رفع الظلم و البلاء الذي يلاقيه المسلمون من أعداءهم الصهاينة و الأمريكان .
و من خلال قراءتي لبعض الكتب التي تتحدث عن آخر الزمان و ما سيحدث فيه و جدت أن اغلب الكتاب يفرضون طوقا من التعتيم حول الإمام المهدي ( عليه السلام ) وحقيقة ظهوره في آخر الزمان و تحريره للقدس الشريف و المسجد الأقصى مـع أن هذا ما ذكره الرسول الكريم محــــمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) في الأحاديث النبوية الشريفة المسندة بل أن حتى رجال الدين في المساجد و في أجهزة الأعلام كافة يتجاهلون هذا الموضوع ففي كل الأحاديث الصحفية و اللقاءات التلفزيونية و ما أن يطرح موضوع الإمام المهدي ( عليه السلام ) حتى تتكهرب الأجواء و تبدأ عملية التشكيك بصحة الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت عن هذا الموضوع أو أن يتم نفي احتمال حدوث هذا الظهور في الوقت الحاضر أو القريب حتى وعلى أساس أن علامات الظهور لم تكتمل بعد .... و أنا اعتقد أن هذا الأمر مقصود حتما وهو محاباة لسلاطين و حكام الجور الذين يحكمون الدول العربية و الإسلامية في زماننا هذا . وهو ما كان حاصلا أيضا و منذ انتهاء عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم و قيام الدولة الأموية و العباسية وبدء الإرهاب و التقتيل الذي مارسته هاتان الدولتان ضد أهل البيت النبوي الشريف ( عليهم السلام ) وتصديقا لحديث الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) حيث نقل عنه عبد الله بن عمر قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) إذ اقبل فتيه من بني هاشم فلما رآهم النبي(صلى الله عليه و آله و سلم) اغرورقت عيناه وتغير لونه فقالوا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شي نكرهه فقال إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا و أن أهل بيتي سيلاقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق و معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطوه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملاها عدلا وقسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(كشف الغمة م2 ص472) و هذا جعل كتاب الأحاديث ترهب من ذكر أي حديث يمجد أهل البيت ( عليهم السلام ) و خاصة ذكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) و ذلك لكون الحكام الأمويين و العباسيين و من جاء بعدهم ( و لحد زماننا هذا ) عاثوا في الأرض فسادا و نشروا الظلم و الفساد و الجور فخافوا أن يظهر الإمام المهدي ( عليه السلام ) في زمن أي واحد منهم و يطالبهم بإقامة العدل و السلام و إقامة الدين كما أنزله الله سبحانه و تعالى على رسوله العظيم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) و أكيد أن الناس ستلتف حوله و تناصره و عندها يزول ملكهم و سلطانهم وتسلطهم على رقاب العباد فأرادوا بهذا إزالة فكرة ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) من نفوس الناس حتى لا يجد من يناصره حين ظهوره فقاموا بإرهاب الناس و خاصة كتاب الأحاديث و رواته لطمس الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عنه و التشكيك بصحتها و لو انهم لم يستطيعوا أن يثنوا بعض من رواة الحديث من ذكر الأحاديث التي تتحدث عن الإمام المهدي ( عليه السلام ) فوصل إلينا العديد من هذه الأحاديث و لو أن بعضها قد يناقض البعض الآخر و من المعروف أن الأحاديث النبوية لم تدون إلا بعد عهد الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم و لهذا قد يكون دخل فيها بعض ما استطاع هؤلاء الحكام بما يملكون من سطوة و سلطان على رقاب العباد أن يدخلوه في الأحاديث النبوية و هذا ظاهر من الاختلاف في بعض الأحاديث حيث أن الاختلاف فيها في جوهر المعنى و ليس في المعنى العام و كل هذا ادخل الشك في قلوب بعض المسلمين من فكرة ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و هذا ما ظهر جليا في زماننا هذا .
إن كل المسلمين ينتظرون ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ومنذ أن اخبر به الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) حيث ذكرت الأحاديث انه في آخر الزمان سيخرج رجلا من آل محمد من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن تكون قد ملئت جورا وظلما. ولقد بين الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) أن آخر علامة من علامات الساعة الصغرى هي ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ومن هذه العلامات ارتفاع البنيان واستحلال الخمر واتخاذ المعازف والمغنين و قطيعة الرحم وائتمان الخائن ظهور موت الفجأة و تقارب الزمان وكثرت الزلازل و تكالب الامم على المسلمين وغيرها كثير والملاحظ أن اغلب هذه العلامات قد تحققت في هذا الزمان أي أننا اقتربنا من زمان ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) . و هي تكاد تكون نفس العلامات التي تم ذكرها في الديانة اليهودية و المسيحية . ولقد عرف أعداء الدين من اليهود هذا الأمر(أمر الإمام المهدي (عليه الســـلام )) ومنذ أن اخبر به رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فشنوا حربا شعواء على الإسلام لأنهم يعرفون أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيحاربهم ويقضي عليهم عندما يظهر في أخر الزمان . و لقد كان هذا الموضوع هاجس اليهود لأكثر من 1400 سنة وهم يعرفون أن هذا الأمر حاصل لا محالة . إن اشتغال أحبار اليهود و كهنتهم بالفلسفة و الروحانيات ساعدهم في معرفة بعض الأمور التي لا يعرفها عامة اليهود حيث إن لديهم علوم و كتب سرية منها كتاب يسمى ( الكــابــالا ) وهو كتاب لليهود الصوفية لا يطلع عليه إلا كبار الكهنة اليهود يعرفون منه بعض ما سيكون من أحداث و وقائع مستقبلية وقد اخبر أحد الأحبار ممن لديهم معرفة بأسرار هذه العلوم أن القضاء عليهم سيكون على يد رجل مسلم من آل محمد سيظهر بعد أن يصل اليهود إلى أعلى مراحل القوة والسلطة و تقام دولة لليهود ( إسرائيل ) ولهذا فأن هناك طائفة من اليهود يرفضون قيام دولة إسرائيل ويقولون أن دمار اليهود سيكون بعد قيام هذه الدولة . ولقد ذكر ذلك أيضا السيد بسام في كتابه (زوال إسرائيل سنة 2022 م نبؤة قرآنية أم صدفة رقمية ) نقلا عن أحد الكتّاب حيث اخبره أحد أصدقاءه العراقيين انه عندما أعلن قيام دولة إسرائيل جاءت إحدى جاراتهم وهي من اليهود العراقيين وهي تبكي وتولول و أخبرتهم أن قيام دولة لليهود في فلسطين هي علامة على قرب نهاية أمر اليهود و القضاء عليهم .
و لقد ذكرت التوراة ما يمكن أن يكون دليلا قاطعا على أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) الذي ينتظره المسلمون سيظهر في آخر الزمان و سيقضي على اليهود ( و سأبين كيفية تحريفهم للآيات المذكورة لطمس ما فيها من معلومات ) و لو أن البعض من المفكرين وعلماء المسلمين فسروا هذه الآيات على أساس إنها تنبئ بظهور الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) .
فلقد جاء في الإصحاح التاسع و الأربعون من سفر التكوين :
Gn:49:1:
1 : ودعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا لأنبئكم بما يصيبكم في آخر الأيام
Gn:49:2:
2 : اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب. أصغوا إلى إسرائيل أبيكم.
Gn:49:10:
10 : لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلوه وله يكون خضوع شعوب.
The sceptre shall not depart from Judah, nor a lawgiver from between his feet, until Shiloh come; and unto him shall the gathering of the people be. (KJV))
إن هذه ما تذكره الآيات المذكور في نسخ العهد القديم المتداولة الآن في الإنجيل العربي الذي تطبعه و توزعه الكنائس المسيحية في البلاد العربية ..... و تحت الآية العاشرة منها نفس الآية و لكن كما وردت في النسخة الإنكليزية للإنجيل ( نسخة الملك جيمس ) و التي تعترف بها الكنيسة المسيحية الآن .
و نفس هذه الآيات ذكرت في التوراة العربية المطبوعة في مجموعة باريس (طبعت سنة 1645م) ومجموعة لندن (طبعت سنة 1657م) و لكن كما يلي :
(1)سفر التكوين الإصحاح (49) :
1 .(ثم دعا يعقوب بنيه وقال اجتمعوا أبارك فيكم وأخبركم بما ينالكم في آخر هذه الأيام) .
2. ( اجتمعوا واسمعوا ذلك يا بني يعقوب واقبلوا من إسرائيل أبيكم) ...
10. (لا يزول القضيب من يهوذا والرسم من تحت أمره ، إلى أن يجئ الذي هو لـه ، وإليه تجتمع الشعوب) .
ومن الواضح أن النص قد حدث فيه تغيير وبخاصة الفقرة العاشرة فهو هنا يتحدث عن شخص إلهي موعود يظهر في آخر الأيام و تجتمع إليه الشعوب ( من غير اليهود ) و أما في الطبعة المتداولة الآن فلقد ظهرت كلمة ( شيلوه ) و التي قيل أن لها معنيين الأول هو أنها اسم مدينة في فلسطين أما الثاني فهو أنها كلمة محرفة عن كلمة ( شلوح ) و التي تعني ( المبعوث أو الرســـول ) ( لان كلمة ( الرسول أو المبعوث ) باللغة العبرية تكتب ( شلوح ) و هي تشبه بصورة كبيرة جدا لكلمة ( شــيلوه ) حيث أن الاختلاف هنا في الحـــرف الأخير فــقط و حرف ( الحــاء ) و ( الهاء ) لهما نفس الرسم تقريبا باللغة العبرية و أنا في الحقيقة ارجح هذا الاحتمال مع أن كلمة هنا هي ( شلوح ) لأننا لو راجعنا الآية سنجد إنها وردت بهذه الصيغة :
( حتى يأتي شيلوه ( شلوح) ) انظر النص الإنكليزي . Shiloh come;
و نفهم منها إن ( شلوح أي المبعوث سيأتي و عندها سيزول القانون اليهودي ).
و لم ترد كما في بقية الأماكن :
( حتى يأتي إلى شيلوه )come to Shiloh ;
و التي يمكن أن نفهم منها ( أن هناك شخصا سيأتي إلى مكان أو مدينة ( شيلوه ) و عندها يزول الدين أو القانون اليهودي ) .
و ما يؤيد هذا الكلام هو أن هناك ترجمة عربية للعهد القديم طبعت سنة 1753 م في مطبعة (ملاك روتيلي) ، وردت الآية العاشرة و في الصفحة 66-67 و جاءت كما يلي
10 . (لا يزول القضيب من يهوذا ولا القائد من فخذه ، حتى يأتي الْمُزمَع أن يرسل ، وهو يكون انتظار الأمم) .
وهذه الترجمة العربية المهملة والمنسية هي ترجمة حرفية للترجمة اللاتينية المنتشرة إلى اليوم عند اتباع الكنيسة الكاثوليكية وهي الترجمة المعروفة بـ( الفولكات ) و التي قام بها القس (جيروم) بأمر من البابا (دماسيوس) الذي كلفه بتنقيح الكتاب المقدس .
وكان (جيروم) اعظم علماء المسيحيين في عصره ، أتم مراجعته للترجمة اللاتينية للإنجيلِ واستعان ببعض الأساتذة اليهود في تلك المهمة ، وكان قد بدأ عملـه في فلسطين سنة 390 م وانتهى منه سنة 405 م ، أي قبل بعثة النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم ) بقرنين من الزمن تقريبا وبعد أربعة قرون من بعثة عيسى (عليه السلام ) تقريبا .
إن جيروم صاحب ترجمة (الفولكات) اعتمد الأصل العبري في ترجمته و هذا معناه أن النص الحقيقي المذكور في التوراة هو النص الذي ذكره ( جيروم ) و الذي لم تذكر فيه كلمة ( شيلوه ) بل كلمة ( شلوح ) في كلــمة ( يرسل : من رسول أو مبعوث ) كما أن الآية تذكر انه ( يكون انتظار الأمم ) بدلاً من ( أن يكون له اجتماع أو خضوع الشعوب ) في النسخ الحالية المتداولة للتوراة . و يجب الانتباه إلى أن كلمة ( الشعوب ) أو ( الأمم ) عندما ترد في العهد القديم فهي تعني (( غير اليهود )).
و لقد ظهرت تفاسير و تحريفات أخرى للآية العاشرة سأذكرها أثناء بيان حقيقة معنى الآية إنشاء الله . إن كل ما قاموا به هؤلاء اليهود من محاولات لطمس حقيقة مفهوم الآيات السابقة و تغييرهم لها و لمعانيها ما هو إلا تأكيد لمعناها بل بالعكس فلقد أضافوا إليها من المعلومات و التفسيرات ما يجعلها اكثر وضوحا و فهما من إنها تصف و تصور ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) و لكن قبل أن أبين حقيقة معنى هذه الآيات كان لابد لي أن أبين الأسباب التي أبعدتني عن الاعتقاد أن هذه الآيات جاءت لتبشر بظهور الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و التي هي:
إن يعقوب ( عليه السلام ) يقول لبنيه تعالوا لأخبركم عما يصيبكم في آخر هذه الأيام . و آخر هذه الأيام من مفهوم كلامه تعني ( قبل قيام الساعة ) … و الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لم يظهر في آخر الزمان لأنه لحد الآن مر اكثر من 1420 سنة منذ بدء البعثة و هذا لا يمكن أن ينطبق عليه قول آخر الأيام ( ولو أن ظهور الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) هو من علامات آخر الزمان ) و الدلائل اللاحقة ستؤكد هذا الأمر .
إن هذا ما يخص الآية الأولى .
لو أخذنا جميع التفاسير و التراجم التي ظهرت للآية المذكورة ستجد إنها تقول في الجزء الأول منها :
( إن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي )
أما الجزء الثاني فقد فسر على أساس :
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجــل الهي ( تكون كل الأمم بانتظاره ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجـــل الهي ( تجتمع إليه الأمم ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( تطيعه الأمم ) .
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( و الذي حفظت له الأشياء و تنتظره الأمم من غير اليهود ).
أن ملك يهوذا ( و الشريعة اليهودية ) لن يزول حتى يظهر رجل الهي ( يعود له القضيب و تنتظره جميع الأمم من غير اليهود ).
نرى أن جميع هذه التفاسير للآية لا يمكن أن تنطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و للأسباب التالية :
تذكر هذه الآية أن ملك و شريعة اليهود ستزول عند مجيء هذا الرجل . و هذا لم يحدث عند ظهور الرســـول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأنهم بالأساس كانوا مشتتين و لم يكن لهم دولة أو سلطان و كما أن الدين اليهودي ظل موجودا حتى يومنا هذا أي أن حالهم لم يتغير عما قبل البعثـــــة النبوية . ثم يجب الانتباه إلى أن كلمـــة الزوال تعني هنــا الزوال التام ( القضاء التام على الملك و الدين اليهودي ) و هذا لم يحدث لحد الآن .
تذكر هذه الآية أن كل الشـعوب و الأمم ستكون بانتظاره و هذا لا ينطبق على الرســول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأن لا أحد من الشعوب بانتظاره بل على العكس فأن اليهود هم الذين كانوا ينتظرون ظهوره لأنهم يمتلكون علاماته ودلائل ظهوره و لاعتقادهم انه سيخرج من بينهم و تركوا ارض الميعاد التي يدعون أن الله سبحانه و تعالى وهبها لهم و رحلوا إلى شبه الجزيرة العربية و سكنوا فيها حتى يكون ظهور النبي من بينهم و لكن بعد أن ظهر من العرب تنكروا له و أنكروا ما موجود عندهم في كتبهم بل انهم حذفوا الآيات التي تبشر بظهوره .
تذكر الآية أن هذا الرجل ستجتمع إليه شعوب و أمم الأرض و هذا أيضا لم يحدث لأن عند وفاة الرسول محمد (صلى الله عليه و آله و سلم ) إلى رحمة الله لم يكن قد ( اجتمع إليه ) إلا قبائل عربية معدودة لا يمكن أن نطلق عليها لفظ ( شعوب) ثم أن كلمة شعوب تعني ( أجناس مختلفة ) و أعداد هائلة من البشر . و لا يمكن أن نفرض أن تجمع و كثرة المسلمين الآن تنطبق على هذه الآية لأن التجمع يجب أن يكون إلى الرجل ( و في أثناء حياته و إلا كيف يتجمع إليه الناس و هو ميت ؟؟؟) وليس إلى القانون أو الشريعة التي جاء بها .
و هذا ينطبق أيضا على ( تطيعه الأمم ) فلم تطع الرسول محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) الأمم و الشعوب بل أن بعض المسلمين أيضا لم يطيعوه و عصوا أوامره .
تذكر أن بعض الأشياء حفظت لهذا الرجل و الذي تنتظره الأمم من غير اليهود . في الجزء الأول من هذه الآية يمكن القول أنها تنطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) أما الجزء الثاني فلا يمكن كما بينا سابقا .
و تذكر الآية ( سيعود إليه القضيب و تنتظره الأمم من غير اليهود ) و القضيب هنا يعني السلطان أو الحكم و هذا لا ينطبق على الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) لأن قبل بعثته عليه الصلاة و السلام و على آله لم يكن له سلطان أو حكم حتى يقال أن الحكم سيعود إليه ؟؟ و قلنا أن اليهود هم الذين ينتظروه …
من كل ما سبق أثبتنا أن المقصود في الآية ليس الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم) !!! فمن هو إذا ؟؟؟؟؟
إن المقصود بها هو الإمام المهدي المنتظر ( عليه السلام ) و الذي بشر بظهوره كل الأنبياء و الأديان و الذي سيظهر في آخر الزمان إنشاء الله .
لأننا لو طبقنا كل التفاسير السابقة عليه فأنها ستنطبق تمام الانطباق و كما يلي :
إن يعقوب (عليه السلام ) يقول أبنيه (لا يزول القضيب من يهوذا ولا القائد من فخذه ، حتى يأتي الْمُزمَع أن يرسل ، وهو يكون انتظار الأمم) و الزوال هنا يعني الفناء التام للملك و الدين اليهودي و هذا لم يحدث لليهود في أي زمن و لا حتى أثناء السبي البابلي لليهود على يد القائد العراقي نبوخذ نصر . و لكنه سيحدث إنشاء الله عند ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) في آخر الزمان و يقضي على اليهود و يحرر بيت المقدس و كما ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة أن في آخر الزمان ( بعد ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيتم القضاء على بني إسرائيل و لن يبقى منهم إلا شرذمة قليلة ستكون من اتباع المسيح الدجال و عندها سيقضى عليهم تماما و هذا ما ذكرته الأحاديث النبوية الشريفة فأن حتى الحجر سيقول للمسلم يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله ) . و هذا يعني أن لا يبقى يهودي على وجه الأرض و بهذا يزول القانون و الدين اليهودي و اليهود كما تقول الآية . و اليهود الموجودين اليوم في فلسطين المحتلة هم أكيد من سبط يهوذا خاصة و سبطي لآوى و بنيامين عامة لأن كل المبادئ التي يؤمنون بها اليوم هي مما آمن به هؤلاء الأسباط الثلاثة ( تقديس جبل صهيون ( ومنها أخذت الصــهيونية اسمها ) و أن التوراة الموجودة الآن بين أيدينا تحوي الأسفار نفسها التي آمن بها العبرانيون ( سكان يهوذا ) . و ربما عند ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) يكون أحد أبناء سبط يهوذا الحاكم في ذلك الوقت و الله اعلم , و المعروف أن نبوخذنصر قد اخذ عشرات الآلاف من اليهود ( من أبناء دولة يهوذا ) في أثناء السبي البابلي و الذي رجع الكثير منهم إلى فلسطين المحتلة و كان آخرهم اليهود الذين هاجروا من العراق إلى فلسطين المحتلة بعد قيام إسرائيل سنة 1948 ميلادية .
و لو رجعنا إلى الجزء الثاني من الآية (10 ) سنجد إن كل التفاسير المذكورة تنطبق على الإمام المهدي ( عليه السلام ) :
( إن كل الشعوب من غير اليهود بانتظاره ) و هذا معروف فكل الأديان بشرت بظهوره في آخر الزمان و اليهود لا ينتظروه لأنه سيقضي عليهم .( و هم يطلقون عليه اسم المسيح الدجال الذي سيخرج إليهم من بابل ) !!!!
( ستجتمع إليه الشعوب ) و هذا لا ينطبق إلا على الإمام المهدي ( عليه السلام ) لأن كل شعوب الأرض ستكون تحت لوائه . و ينطبق هذا على ( تطيعه جميع الأمم و الشعوب ).
( حفظت له الأشياء ) ألم تخبرنا الأحاديث النبوية أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيظهر أسرار القرآن الكريم عند ظهوره و انه سيخرج كنوز الأرض بحيث انه سيحثو المال حثيا و لا يعده عدا !!!.
( سيعود له القضيب ) و هي تعني أن يعاد الحكم إليه و الذي تمنحه إياه سلطته الدينية و الإلـهية حيث تدل كلـــــمة ( سيعاد القضيب ) أن الحكم و السلطان كان من حقه ولكن سلب منه أو منع عنه و من ثم سيعود إليه عندما يظهر . بدلالة حديث عبد الله ابن عمر حيث نقل عنه انه قال : بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) إذ اقبل فتيه من بني هاشم فلما رآهم النبي(صلى الله عليه و آله و سلم) اغرورقت عيناه وتغير لونه فقالوا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شي نكرهه فقال أنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلاقون بعدي بلاء و تشريدا و تطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق و معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطوه فيقاتلون و ينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملاها عدلا وقسطا كما ملئوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .(كشف الغمة م2 ص472).
و حتى لو قال اليهود و النصارى أن الكلمة التي وردت في الآية العاشرة هي كلمة ( شيلوه ) أي انه اسم مدينة فأنها أيضا تؤكد نفس المعنى حيث انه تفسر و كما يلي :
تفسر الآية على أساس أنها تعني ( أن ملك اليهود أي ( شريعتهم ) ستزول عندما يدخل الرجل المرسل من الله إلى مدينة شيلوه والذي ستجتمع عليه جميع شعوب الأرض من غير اليهود ) و من المعروف أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيدخل القدس ( و كل فلسطين التي تقع فيها مدينة شيلوه ) و يقضي على اليهود إنشاء الله .
ولقد عرف بعض أحبار و علماء اليهود هذا الأمر من خلال ما توصلوا إليه من علوم وبحث في كتب الدين والفلسفة والغيبيات أن نهايتهم ستكون على يد هذا الرجل و لكنهم كتموه عن بقية أبناء جلدتهم و جعلوا كل صفات التي عرفوها عن هذا الرجل تنطبق مع الصفات التي وضعوها للمسيح الدجال الذي سيظهر أيضا في آخر الزمان بل و اقنعوا النصارى بها أيضا و هذا ما سنكشفه سويه في هذا الكتاب .
نحن نعرف كيف أن اليهود والنصارى حاربوا الدين الإسلامي وبكل ما يملكون من قوة و محاولاتهم القضاء عليه ولقد كان اليهود وراء اغلب هذه المحاولات حيث قاموا وبكل ما يملكوه من مكر ودهاء بإقناع النصارى أن الإسلام يستهـدفهم كمـا يستهدف اليهود. إن معرفة اليهود بنهايتهم المحتومة جعلهم يحاولون السيطرة على العالم وبشتى الطرق ولقد نجحوا في هذا لحد كبير فهم الآن يسيطرون على أسواق المال والاقتصاد وعلى الحكومات في مختلف دول العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية . فلقد استطاعوا أن يصلوا إلى ارفع المناصب الحكومية وتسيير هذه الدول مع ما يتماشى مع المصالح الصهيونية . بل أن سلطانهم وصل إلى الفاتيكان نفسها حيث اخذوا من البابا صك براءة اليهود من دم المسيح (عليه السلام ) و هاهم يسخّـرون البابا مرة أخرى لخدمة مصالحهم حيث انه صرح و أثناء زيارته الأخيرة لفلسطين المحتلة أن على شعوب المنطقة أن تعقد اتفاقية بأن لا تحاول أي دولة أن تستخدم القوة العسكرية و الحرب للسيطرة على القدس الشريف ( لجعل مطالبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) بتحرير المسجد الأقصى مطالبة غير مشروعة ومن ثم محاربته بمباركة البابا نفسه ) . و نحن نرى أن اليهود قد ساعدوا المسيحيين بنشر الدين المسيحي ( و هذا ساعدهم في السيطرة على الفكر المسيحي ) حيث أن معظم الكنائس المسيحية مدعومة من قبل الصهيونية العالمية و السر في هذا أن اليهود لا يعرفون ما يسمى بالتبشير بالديانة اليهودية لان اليهودية عندهم عرق وليس دين وانهم كلهم أبناء النبي يعقوب (إسرائيل) ( عليه السلام ) فكيف يصبح الإنسان يهوديا بمجرد انه اتبع الديانة اليهودية . إن هذا الأمر مرفوض عندهم و لا يسمح فيه إلا في حالات محدودة أما في الديانة المسيحية فهناك ما يسمى بالتبشير بالدين المسيحي و كذلك بالنسبة للدين الإسلامي فهناك ما يدعى بنشر الدعوى الإسلامية .
و بما أن الدين الإسلامي يطرح الحرب ضد المفسدين وأعداء الله و الدين وبما أن اليهود هم أعظم المفسدين في الأرض وانهم سيكونون من جنود ( المسيح الدجال) فلقد وجه اليهود سهامهم ضد الإسلام واستطاعوا إقناع العالم المسيحي أن الإسلام يستهدفهم أيضا لأن المسلمين يريدون نشر الدين الإسلامي في كل بقاع الأرض و سوف يكون الدور عليهم بعد أن يتم القضاء على اليهود و لقد آمن العالم المسيحي بهذا الطرح فساندوا اليهود في محاربة الدين الإسلامي والقضاء عليه فقاموا باحتلال الدول الإسلامية الواحدة تلو الأخرى وقاموا بتقسيم الدولة العثمانية فيما بينهم ومارسوا كل الوسائل لطمس الهوية العربية والإسلامية لهذه الشعوب المغلوبة على أمرها و لقد استطاعوا أن يحققوا جزءا من غاياتهم في بعض الدول ولكن بصورة عامة فأن الإسلام بقى قويا و صامدا بوجه هذه المؤامرات . وبما أن اليهود قد عرفوا العلامات التي سيكون فيها زمان دمارهم وعرفوا أن هذا الزمان اصبح قريبا ولهذا فأنهم جندوا أنفسهم وبكل ما يملكون من قوة حيث أن إسرائيل اليوم تملك 200 قنبلة نووية قادرة على أن تبيد الجنس البشري و هذا بالإضافة إلى المناصب الحساسة التي يشغلها اليهود في كل دول العالم وخاصة الدول الغربية فبعد أن كان اليهود منبوذون في كل المجتمعات التي تواجدوا فيها وينحصر وجودهم في أماكن خاصة بهم اتقاءاً لشرهم والظاهر أن بعض المتبصرين من الغربيين كان لديهم إحساس بأن اليهود سيجرون عليهم الويلات في يوم من الأيام فقاموا باضطهادهم و التنكيل بهم على مر العصور ولقد بلغ ذروته على يد هتلر الذي قام بحرق اليهود بغرف الغاز و قتل منهم ما يقارب ستة ملايين يهودي ( مع ما دار حول هذا الأمر من شكوك ) . و مع هذا فلقد استطاع اليهود أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن مصداقا لقوله تعالى( و قضينا إلى بني إسرائيل في الكتب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا)(4)الإسراء. وهاهم في مرحلة العلو الثاني .حيث أن اليهود لم يصلوا إلى هذا العلو (الثاني) ومنذ عهد موسى (عليه السلام) (العلو الأول) . و لقد وجهوا كل اهتمامهم للسيطرة على أقوى دولة في العالم ألا و هي الولايات المتحدة الأمريكية و نجحوا في هذا إلى حد بعيد و بما أن الولايات المتحدة مسيطرة الآن على كل دول العالم و من وراءها الصهيونية العالمية إذا فأن الصهيونية العالمية هي التي تسيطر على العالم . و الويل كل الويل لمن يحاول التملص من القبضة اليهودية فمصيره سيكون التدمير التام. وهكذا استطاعت الصهيونية العالمية أن تجند كل دول العالم في حربها القادمة ضد الإمام المهدي (عليه السلام ) . فهاهي الولايات المتحدة منفردة بالعالم و من خلفها الصهيونية العالمية و أصبحت تحارب هذا وتدمر ذاك و تفرض مفاهيمها و أحكامها على الأمور على كل دول العالم . و لقد بينا أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيحارب الظلم والجور ليحل بعده الأمن والسلام في الأرض إذا فهذا هو عصر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) فلقد علوا اليهود علوا كبيرا وساد الظلم والجور في العالم و تكالبت الأمم على المسلمين كما تتكالب الأكلة على قصعتها. ولقد استطاعت الولايات المتحدة و الصهيونية العالمية أن تسير الأمور لمصلحتها و حسب ما تريد حيث انهم يخططون لما يريدون لمدة خمسين سنة قادمة وهاهم يصرحون أن لديهم خطط لمائة وخمسون سنة قادمة و ليس كما نفعل نحن في الدول النامية حيث أننا لا نعرف ما سيحدث لنا بعد أسبوع من الآن . و لكن مهما فعلوا و خططوا فان أمر الله نافذ فيهم و لعل ما يقومون به هو الذي سيقودهم إلى نهايتهم (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) .
لقد استطاع اليهود أن يعرفوا عن طريق إطلاعهم و بحوثهم ودراساتهم في الفلسفة والروحانيات وكتبهم المقدسة و خاصة ما كشفه المتنبي الفرنسي اليهودي الأصل (ميشيل نوستراداموس ) من أن المسلمون سيحاربونهم في يوم من الأيام و عرفنا نحن من الأحاديث النبوية و ما سأكشفه من تنبؤات نوستراداموس في هذا الكتاب أن ساحة حرب الإمام المهدي ( عليه السلام ) ومكان ظهوره ستكون في منطقة الشرق الأوسط ( إيران ,العراق,الجزيرة العربية , وبلاد الشام , ومصر ) . فمن منطقة خراسان ( منطقة مشتركة بين أفغانستان و إيران ) ستخرج رايات سود (سوداء) لنصرة الإمام المهدي ( عليه السلام ) . قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) (إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خرا سان فأتوها فأن فيها خليفة الله المهدي ) كنز العمال . و ذكره الترمذي في كتاب الفتن الحديث رقم 2270 عن آبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) قال (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شي حتى تنصب بايلياء(القدس) . أما العراق فسيكون مركزا لدولته و سيتخذ مدينة الكوفة عاصمة له بعد أن يحررها من قوات السفياني وقد ذكر عن الإمام الباقر (عليه السلام ) (ينزل القائم (المهدي) يوم الرجفة بسبع قباب من نور لا يعلم في أيها هو حتى ينزل الكوفة ) . أما الجزيرة العربية فأن أول ظـــهور للإمام المهدي ( عليه السلام ) سيكون في( المدينة المنورة ) ثم يلجأ منها إلى مكة المكرمة لقدوم قوات السفياني للقضاء عليه و ستكون هناك حالة فراغ سياسي في ذلك الوقت بعد موت ملك و اسمه (عبد الله) ونحن نعرف إن الأمير عبد الله هو ولي العهد في السعودية اليوم وان مسالة تسلمه الحكم أصبحت مسالة وقت وقد يكون هناك حاكما آخر هناك اسمه ( عبد الله ) غير الأمير عبد الله و الله اعلم . وقد ذكر عن الإمام الصادق( عليه السلام ) (من يضمن لي موت عبد الله اضمن له القائم (المهدي) أما انه إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد….). أما بلاد الشام فأن السفياني سيظهر من هناك حيث سيتحرك من هناك للقضاء على الإمام المهدي ( عليه السلام) بتحريض من بعض أعداء الإمام المهدي ( عليه السلام ) ولكن الله سبحانه وتعالى سيخسف به البيداء ما بين المدينة المنورة و مكة المكرمة. أما مصر فأن الإمام المهدي (عليه السلام) سيتخذها منبرا إعلاميا له و لقد ذكـر هذا في حديث عن الإمام الصـــــــادق ( عليه السلام ) : (ثم تسيرون إلى مصر فيصعد منبره فيخطب بالناس فتستبشر الأرض بالعدل ) و نحن نرى مكانة مصر الآن و خاصة في مجال الإعلام فهي الدولة العربية الوحيدة الرائدة في هذا المجال فهي بحق ستكون المنبر الإعلامي للإمام المهدي ( عليه السلام ) ليعلن منه انتهاء الظلم و الجور و سيادة العدل الإلهي ... و قد ذكر عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في إحدى خطبه في ما هو حاصل في آخر الزمان: ( لأبنين بمصر منبرا ولأنقضن دمشق حجرا حجرا و لأخرجن اليهود من كل كور العرب ) فقال الراوي وهو عباية الاسدي : قلت يا أمير المؤمنين كأنك تخبر انك تحيا بعدما تمـــوت ؟ فـــــقال هيــهات يا عباية ذهبت غير مذهب … يفعله رجل مني ) بحار الأنوار ج 53 ص 60 .
إن جيش الإمام المهدي (عليه السلام) سيحارب جيوش بعض الدول في المنطقة لأن هذه الدول ستكون محكومة بحكام سيؤيدون الولايات المتحدة و من ورائها الصهيونية العالمية ضده وسيصورونه على انه غازي أو محتل يريد تدمير الدين والدولة وانه يريد تفريق المسلمين وهو ومن معه من الإرهابيين و هذه ستكون دعواهم على خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) وسيصدقهم الكثير من الناس الذين يجهلون من هو المهدي وصفاته لان رجـال الدين ( وعاض السلاطين ) و بتوجيه من بعض هؤلاء الحكام الفاسدين سيقومون بتشويه الصورة الصحيحة لحقيقته و لحقيقة ظهوره فيختلط على الناس أمره و يقل مناصروه . إن هؤلاء الحكام يعتقدون انهم بخضوعهم للولايات المتحدة و أرادتها يجعلهم في مأمن من جيش الحق لأنها وبما تملك من قوة هائلة قادرة على الدفاع عنهم و هم لا يدركون أن الإمام المهدي (عليه السلام ) سيكون معه من القوة والعلوم والتي ستكون هبه من الله سبحانه و تعالى ما يتفوق به على كل ما تملك الولايات المتحدة من علم وتكنولوجيا حيت تذكر الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن ما سيضيفه الإمام المهدي ( علي السلام ) من العلوم عند ظهوره بنسبة خمسة وعشرين إلى اثنين . و نحن نعرف أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيظهر بأمر من الله سبحانه و تعالى و عادة ما يهب الله سبحانه و تعالى للذين يكلفهم بمثل هذه المهام بتأييد رباني معجز يتناسب مع العصر الموجودين فيه و لقد كان هذا ظاهرا جدا في معجزات الأنبياء عليهم السلام ففي عصر موسى ( عليه السلام ) كان انتشار السحر و السحرة هي سمة ذلك الزمان و المكان فأيد الله سبحانه و تعالى نبيه بمعجزة مشابهة للســـــحر و لكنها أعظم منها وكذلك أعطى للمســـيح ( عليه السلام ) معجزة أحياء الموتى في زمان و مكان كان سمته انتشار علوم الطب و العلاج و كذلك معجزة القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه و تعالى على الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و لهذا فيجب أن تكون معجزة الإمام المهدي ( عليه السلام ) ( مع الأخذ بنظر الاعتبار انه ليس نبيا ) متناسبة مع سمة هذا الزمان ألا و هي انتشار العلم و التكنولوجيا و طبعا سيكون من ضمنها علم الباراسيكولوجي ( علم الخارقية ) وهذا ما يؤيد الحديث الوارد عن أهل البيت ( عليهم السلام ) أن بعض المدن ستفتح بالتكبير (الله اكبر) حيث قال الأمام الصادق (عليه السلام) : يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين يشهدون الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا يبيد الظلم و أهله .بشارة الإسلام ص 297. فليس من المعقول أن يحارب الإمام المهدي (عليه السلام) بالسيف والخيل بينما تمتلك أمريكا احدث أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا إذا فيجب أن يكون مع الإمام المهدي (عليه السلام) من العلوم ما يتفوق به على هذه القوة .
و لقد ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة و أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) العديد من علامات التي ستسبق ظهور الإمام المهدي(عليه السلام ) منقولة عن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) وعن أهل البيت (عليهم السلام) وهذا قسم من هذه الأحاديث : عن أبى نظرة قال: كنا جلوسا عند جابر بن عبد الله فقال قال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا من أين قال من قبل العجم ثم قال يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مدى فقلنا من أين فقال من قبل الروم ثم سكت هنيئة ..ثم قال يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا و لا يعده عدا ) رواه مسلم . و القفيز هو مكيال أهل العراق والمدى مكيال أهل الشام (صدق رسول الله فها هو العراق محاصر من قبل الأعاجم). (إن كلمة الأعاجم تشمل كل من لا يتكلم العربية وليس ما هو دارج فهمه من انهم الإيرانيين لأن هؤلاء يطلق علـــــيهم الفــرس). و هذا الحديث يدل على أن ظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيكون بعد حصار العراق و حصار الشــــام القريب ( و ها هم يحضرون العدة له لضرب سوريا و لبنان ) و الذي ســـيقوم به الغرب ( أي انه ليس حصارا عالميا مثل الحصار ضد العراق و لكنه أمريكي غربي صهيوني لتهيئة المناخ الملائم للسفياني ) .
ولقد ذكر الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في إحدى خطبه التي تخبر عن أمور تحدث في آخر الزمان (…..يا أهل العراق أتتكم المجان المطرقة السهام المفوقة…….) والمجان في اللغة تعني الدروع التي كان يلبسها المحاربين في ذلك الوقت و هي ربما تعني في وقتنا الحاضر الدبابات أو الدروع الحربية أما السهام المفوقة فهي تعني الطائرات الحربية أو الصواريخ العابرة ... صدق رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) في ما اخبر به . وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) : ينزل بأمتي بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء اشد منه حتى تضيق بهم الأرض الرحبة و حتى تملا الأرض جورا وظلما حتى لا يجد المؤمن ملجأ يلجا إليه من الظلم حتى يبعث الله عز و جل رجلاً من عترتي يملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا و ظلما..). وعن الإمام الباقر (عليه السلام)انه قال : يزجر الناس قبل قيام القائم (المهدي)(عليه السلام ) عن معاصيهم بنار تظهر في السماء , وحمرة تخلل السماء, وخسف ببغداد و خسف ببلدة البصرة , و دماء تسفك بها وخراب دورها وفناء في أهلها …. وشمول أهل العراق خوف لا يكون معه قرار) بحار الأنوار ج 52 ص 221. وهل هناك وصف لما حدث في العراق في حرب الخليج الثانية و بعدها اصدق من هذا. وفي حديث للإمام الحسين (عليه السلام ) ذكر محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إن قدام القائم بلوى من الله قلت ما هي جعلت فداك فقال : فقرأ (و لنبلونكم بشي من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات و بشر الصابرين) ثم قال الخوف من ملوك بني فلان والجوع من غلاء الأسعار ونقص في الأموال من كساد التجارات و قلة الفضل فيها و نقص بالأنفس بالموت الذريع… ثم قال و بشر الصابرين عند ذلك بظهور الإمام المهدي(عليه السلام ) . الإرشاد م 2 ص 378 . يبين هذا الحديث حالة أهل العراق قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) فالخوف من ملوك بني فلان يتمثل بحالة الخوف و الرعب التي أصابت العراقيين من العصابة التي حكمت العراق و التي سيطر فيها الطاغية صدام حسين و أولاده و عشيرته على مقدرات العراق و ثرواته و استخدامهم القتل و الإرهاب و التعذيب لكل أبناء الشعب العراقي للقضاء على أي محاولة قد يقوم بها الشعب العراقي للتخلص من هذه الزمرة الباغية و للاستمرار بتنفيذ المخططات الأمريكية و الصهيونية المرسومة للعراق و الذي انتدب الطاغية للقيام بها . أما الجوع و غلاء الأسعار و نقص الأموال ....... فكل هذا حدث عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية الحصار الظالم على الشعب العراقي بحجة الغزو العراقي للكويت . وتوجد أحاديث أخرى كثيرة تتحدث عن هذا الموضوع يمكن للراغب الاطلاع عليها من مختلف المصادر .
ولقد ذكرنا سابقا أن الصهيونية العالمية تدرك المصير الأسود الذي ينتظرها و لهذا فأنهم خططوا ومنذ أمد بعيد لتدمير كل ما يمكن أن يمثل قوة قد يستغلها الإمام المهدي (عليه السلام ) في حربه القادمة ضدهم ( و يتوقـعون خروجه في سنة 2001 ميلادية حسب حسابات قامــوا بها ) فلقد عرف أبناء صهيون ( قبل أن نعرف نحن ) أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سينطلق لتدميرهم من منطقة معينة و لقد ذكرها لنا الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز ( و لكن على القلوب أقفالها) و في الحقيقة لقد نبهني أليها أحد أصدقائي المتبصرين ( و عرفت أن الكاتب الإسلامي الأردني سعيد حوا كان قد ذكر نفس التفسير للآيات في كتابه الأساس في التفسير في طبعة صدرت في مصر سنة 1985 ....) و هي إننا من خـــلال كتاب السيد بســام نهاد جـــرار ( زوال إسرائيل سنة 2022 .....) قد عرفنا إن زوال إسرائيل إنشاء الله سيكون في العام 2022 م و برهن هذا بالاستناد إلى سورة الإسراء و الشيء الذي لم يذكره السيد بسام في كتابه هو من الذي سيحرر بيت المقدس من اليهود المغتصبين فهو ذكر انهم المسلمين فقط و لم يحدد مَنْ مـِنَ المسلمين بالدرجة الأساس و من سيكون قائد المسلمين آنذاك و أنا سأبين من هم الذين سيقومون بالتحرير ومن أين سينطلقون لتحرير القدس الشريف و سأبين من هو قائد هذه الجحافل من خلال هذا الكتاب لنرجع للآيات في سورة الإسراء ( و قضينا في الكتاب إلى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين و لتعلن علوا كبيرا (4) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباد لنا أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار و كان وعـدا مفعولا (5) ثم رددنا لكم الكرة عليهم و أمددناكم بأموال و بنين وجعلناكم اكثر نفيرا (6)إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسووا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علوا تتبيرا (7) إن الآية تخبرنا أن بني إسرائيل سيعلون في الأرض مرتين و سيفسدون فيها مرتين و أن هذا الأمر كتبه الله عليهم و أن فترة العلو الأول كانت في أوجها في فترة ملك النبي سليمان (عليه السلام ) بعدها بدء الفساد الأول و الذي عاقبهم الله سبحانه و تعالى عليه ببعث عليهم من وصفهم بـ(عباد لنا أولي باس شديد) و هم سكان المنطقة التي كان فيها البابليين و عاصمتهم بابل ( و هذا ما مثبت تاريخيا ) و كلمة عباد لنا ليس شرطا أن يخاطب بها المؤمنين فقط بل هي تطلق للمؤمن و لغير المؤمن مثل قوله سبحانه و تعالى ( نهدي به من نشاء من عبادنا ) الشورى 142 . و كذلك في الآية ( إن الله بعباده لخبير بصير ) فاطر31 و الله سبحانه عليم بكل عباده المؤمن منهم و الكافر من هنا ندرك أن إطلاق كلمة (عباد لنا ) ممكن أن تشمل المؤمنين و غير المؤمنين و يصف الله سبحانه و تعالى كيف أن هؤلاء العباد جاسوا خلال الديار أي استباحوا الأرض و ما عليها فأخذوا بني إسرائيل سبايا إلى بابل و لازال اليهود يبكون تلك الأيام. ثم يذكر انه كان وعدا مفعولا أي انه عند نزول هذه الآيات يكون هذا الحادث قد حدث في الماضي. ثم أن الله سبحانه و تعالى يخبرنا انه سيجعل بني إسرائيل (سيردون الكرة على من شردهم و دمر دولتهم في المرة الأولى و هذا ما قامت به الصهيونية العالمية في أثناء حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و هي نفسها صرحت بأنها قامت بهذه الحرب من اجل إسرائيل بالإضافة إلى اشتراك الآلاف من اليهود في هذه الحرب من قواد و جنرالات و وزراء و مصداقا للآية الكريمة ثم أن الله سبحانه و تعالى يهددهم إنهم أن أحسنوا ( و الإحسان هو عمل ما يرضي الله ) فالإحسان لأنفسهم أما إن لم يحسنوا فأنهم سيلاقون نتائج عملهم و نحن نعرف أن اليهود الصهاينة لم يفعلوا غير القتل و التدمير و الفساد لبني البشر .
ثم إن الله سبحانه و تعالى ينذرهم في إن إذا جاء وعد الآخرة فأن من دمر دولتهم في أول مرة ( و الذين خرجوا إليهم من ارض بابل في العراق ) سيعودون إليهم ومن نفــس المكان لأن الله سبحانه و تعالى يقول في الآية الكريمة ( …فإذا جاء وعد الآخرة ليسووا وجوهكم و ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علوا تتبيرا )(7) الإسراء و من مفهوم الآية ندرك أن الذين سيسؤون وجوه بني إسرائيل و يدخلوا المسجد (كما دخلوه أول مرة ) و يدمروا كل ما قام به الإسرائيليون من علوا هم أنفسهم الذين قاموا بالتدمير الأول لدولة بني إسرائيل ( و الذين سينطلقون من نفس المكان أي العراقيون و من سيكون معهم من المسلمين الذين سيكونون مع الإمام المهدي ( عليه السلام )) و بما إن أهل العراق اصبحوا من المسلمين إذا فأن الوصف انهم ( عباد لنا أولي باس شديد ) ينطبق عليهم أيضا. من هنا نعرف أن الله سبحانه و تعالى قد اختار هذه المنطقة من العالم ليبعث منها من يدمر دولة بني إسرائيل و هذا ما صرح به أهل البيت ( عليهم السلام ) في أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) سيتخذ مدينة الكوفة ( و هي مدينة واقعة الآن ضمن حدود الدولة البابلية القديمة و كانت تسمى ( كوفان )) عاصمة لدولته قبل الانطلاق لتحرير القدس من اليهود الغاصبين و لهذا قامت الولايات المتحدة و الصهيونية العالمية بتجنيد الطاغية صدام حسين ليقوم بتدمير شعب العراق و مقدراته التي يملكها فساعدت على وصول حزب البعث إلى السلطة في العراق و من ثم تمكين عميلهم صدام بالوصول إلى رأس الحكم في العراق ليبدأ بتنفيذ مخططهم الشيطاني المرسوم سلفا و خاصة بعد أن شعرت الولايات المتحدة الأمريكية و الصهيونية العالمية بالخطر الداهم من قيام الجمهورية الإسلامية في إيران و بعد أن فشلت في الحفاظ على الحاكم التابع لها في إيران ( شاه إيران ) و التي كانت تعده لقمع الرايات السود التي ستخرج من خراسان لتنصر الإمام المهدي (عليه السلام) و التي ذكرت في الأحاديث النبوية الشريفة و إدراكها أن لا شي سيمنع رايات المشرق من أن تظهر من خراسان و إنها ستجد الطريق سالكا في الجمهورية الإسلامية في إيران لنصرة الإمام المهدي ( عليه السلام ). و لهذا فأن أول مهمة أوكلتها المخابرات الأمريكية إلى الطاغية هي القيام بشن حرب على جمهورية إيران الإسلامية و بهذا فأن الولايات المتحدة ستضرب عصفورين بحجر واحد ألا و هو تدمير الشعبين العراقي و الإيراني مرة واحدة و لقد أدت هذه الحرب إلى تدمير الدولتين و تدمير اقتصادهما و إمكاناتهم العسكرية و إلى تفريغ هاتين الدولتين من عناصر القوة التي تمتلكانها بامتلاكهما اكبر احتياطي للنفط في العالم و لأن النفط يمثل قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة ومن ثم قوة عسكرية فاعلة والتي كان من الممكن أن توجه ضد العدو الصهيوني واستمرت هذه الحرب ثمان سنوات أكلت الأخضر و اليابس في كلا البلدين و كلفت الشعبين ملايين القتلى و الجرحى و المعوقين بالإضافة إلى مئات المليارات من الدولارات أحرقتها ماكنة الحرب التي أشعلها الطاغية صدام. و لقد اصبح طاغية العراق ( بطـل النصر و السلام ) و بطل العرب حيث أن الإعلام الغربي و العربي طبل و زمر للدكتاتور لأنه خرج منتصرا في الحرب !!. و لكن مهمة الطاغية لم تكن لتنتهي عند هذا الحد فلقد كانت هذه المرحلة الأولى للخطة المرسومة له فاستمر باضطهاد الشعب العراق و قتل أبنائه بصورة لم يرتكبها أي جزار في التاريخ فقام بشن حرب إبادة و قتل و تشريد للشعب الكردي في شمال العراق حيث قتل و شرد ما يزيد نصف مليون من الأكراد في عملية إجرامية أطلق عليها اسم ( الأنفال ) بالإضافة لاستخدامه الأسلحة الكيماوية في مدينة حلبجة الكردية في شمال العراق و التي أدت إلى مقتل خمسة آلاف شخص من أطفال و نساء و شيوخ . فهل شهد التاريخ الإنساني إجراما اكثر من هذا ؟؟
و بعد كل هذا كان تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني في بدايته فبعد سنتين بالضبط من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أوعزت المخابرات الأمريكية للطاغية للقيام بالهجوم على دولة الكويت و غزوها ( و قصة لقاء الطاغية صدام بالسفيرة الأمريكية في بغداد و إعطائها له الضوء الأخضر لغزو الكويت معروفة ) و هذه كانت اكبر خدمة قدمها الطاغية للولايات المتحدة الأمريكية و للصهيونية العالمية فجاءت القوات و الأساطيل الأمريكية و غزت ارض العرب بحجة تحرير الكويت و أنشأت القواعد العسكرية الأمريكية و عقدت المعاهدات الدفاعية مع اغلب الدول العربية و قامت القوات الأمريكية بتحرير الكويت و دمرت كل ما استطاعت تدميره في كلا الدولتين العراق و الكويت حتى تفوز بعقود اعمار الكويت و استنزاف موارد الكويت المالية و الاقتصادية على مدى سنوات طويلة و لقد تكفلت الدول العربية الخليجية بمصاريف الحرب من الألف إلى الياء . و بقى الطاغية صدام على رأس السلطة في العراق لأن الرئيس الأمريكي جورج بوش أوقف تقدم القوات الأمريكية بعد أن أدرك إن قواته تتقدم في داخل العراق و قد تصل إلى بغداد في غضون يوم أو يومين و قام بوقف إطلاق النار !!!! طبعا جرى هذا لحماية عميلهم المخلص في بغداد فمهمته لم تنتهي بعد .
في هذا الأثناء قام أبناء الشعب العراقي في الجنوب ( الشيعة ) و في الشمال ( الأكراد) بانتفاضة شعبية عارمة سقطت على أثرها أربعة عشر محافظة عراقية من سيطرة الطاغية و لم تبقى إلا أربعة محافظات في وسط البلاد تحت سيطرته و هنا أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن عميلها في بغداد على وشك السقوط و بما أن المخطط الأمريكي يهدف لتدمير الشعب العراقي و سحقه كليا و خاصة الشيعة في الجنوب ( لأنها تدرك أن هؤلاء سيكونون بالتأكيد من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام ) عند ظهوره ) فأطلقت يد الطاغية على الجنوب و سمحت له بالتحرك العسكري لقمع الانتفاضة المباركة و هكذا قامت القوات التابعة للنظام و أركان النظام بأنفسهم بضرب مدن الجنوب بالمدفعية الثقيلة و بصواريخ ارض – ارض و بطائرات الهليكوبتر و تم قمع الانتفاضة و قتل و اسر مئات الآلاف من أبناء الجنوب و لم يعرف مصير اغلبهم لحد الآن وتم كذلك ضرب المراقد المقدسة للائمة الأطهار من أهل البيت ( عليهم السلام ) في النجف الأشرف و كربلاء المقدسة بالمدفعية الثقيلة و قاذفات الصواريخ و أصابتها بأضرار بالغة لازال بعضها ظاهرا لحد الآن .
و لقد كان من الأهمية بمكان للمخابرات الأمريكية و الدوائر الصهيونية الإبقاء على الطاغية صدام في الحكم حتى يتسنى لهم إكمال عملية تدمير الشعب العراقي ففرضوا حصارا اقتصاديا شاملا على الشعب العراق و ربطوا عملية رفع الحصار بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بحرب تحرير الكويت و بإزالة أسلحة الدمار الشامل التي أدعى رئيس النظام العراقي بامتلاكها على الملأ ( الكيمياوي المزدوج , غاز الأعصاب , غاز الخردل و غيرها ) و وقع الشعب العراق بين المطرقة و السندان و الكل سمع بعملية الشد و الجذب و المماطلة التي مارسها طاغية العراق لإعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الحجة لإبقاء الحصار على الشعب العراقي أطول فترة ممكنة و لقد دمر هذا الحصار البقية الباقية من البنية التحتية من صحية و تعليمية و اجتماعية و ثقافية و غيرها للشعب العراقي و لا أحد يعلم إلى متى سيستمر هذا الحصار اللعين .
إن هذا هو سر العداء الذي يكنه بني إسرائيل لأهل العراق بصورة خاصة لأنهم يعرفون إن من هذا البلد ستخرج جحافل تحرير بيت المقدس هو الذي سيدمرهم في يوم من الأيام . لأن هذا ما هو مذكور عندهم في كتبهم المقدسة التي حرفوها لتتناسب مع ما يريدون فهم يطلقون على بابـل ( المدينة الملعونة ) و ( السيدة الزانية) و كل هذا للانتقاص من بابل و ما تمثله من أسباب دمارهم . و لعل هذا هو التفسير الذي احتار الناس فيه و لم يستطيعوا معرفة سبب العداء الأمريكي ( الصهيوني ) للعراق و لشعبه فأمريكا لا يهمها النفط العراقي و لا السيطرة عليه لأنها مسيطرة عليه فعلا فأكبر دولة تستورد النفط من العراق هي الولايات المتحدة الأمريكية و خاصة منذ فرض الحصار الاقتصادي عليه و كانت أمريكا تستطيع بما تملك من قوة أن تسيطر على العراق و على نفطه كما هو حاصل مع كل دول المنطقة النفطية و تجعل صدام حسين مثله مثل بقية الحكام العرب يأكل و يشرب و ينام هو و شعبه و لكنها أدركت أنها لو قامت بهذا فان الشعب العراقي و ما يملك من تراث ثقافي حضارة عريقين يمتد لخمسة آلاف سنة سيستغل هذا الأمر بالنهوض بنفسه و يصبح قوة إقليمية لا يمكن التكهن بمدي قوتها و تكوين مجتمعا قويا من كل النواحي قادرا على المقاومة و التحدي و من ثم يستغلها الإمام المهدي ( عليه السلام ) آنذاك في حربه ضدهم . و لهذا جعلت الطاغية صدام يلبس لبس المتحدي للوجود و النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية و للاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية و أن ينادي بالثورة و تحرير فلسطين و العداء الشديد للكيان الصهيوني ( إسرائيل ) لينخر الجسد العربي من الداخل و تركت له جزء من ثروة العراق لكي يبددها كيفما شاء هو و جلاوزته و أبناء عشيرته فاصبح هو و ولديه و زوجته و أقرباءه من أغنى أغنياء العالم و جعلوا الشعب العراقي يعيش كأفقر شعوب العالم ….
منقول