mahdi
01-02-2006, 07:51 PM
المصطفى مسالي الكــاتب
من ينقل ابن الحركة الإسلامية المسكين؟ من يداويه؟ من يزيل عنه الأصفاد والأغلال؟من يخلصه من سم الرياء وحب الظهور؟ من يحرره من رق العبودية؟ من يبخره؟ من يطيبه؟ لا بد له من صحبة ولي مرشد (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) الكهف: 17، عارفا بخبايا النفوس وعويصات الطريق ولصوصها (1) في هذه العصور المتأخرة غيب فقه السلوك إلى الله، فقه المحبة،فقه الشوق إلى الله ومعرفته نتيجة هبوب عاصفة شديدة، عاصفة الإسلام الفكري الثقافي، ولوثة الغفلة والتسطيح فأطفأت ما كان مشتعلا من كوانين القلوب ومجاميرها.الفقه النفطي، فقه الكراهية، فقه محاكمة الناس وتكفيرهم، فقه العنف الأعمى الأهوج وبال وانتكاس وشرود عن المنهاج النبوي المغيب.أولى لبنات هذا المنهاج النبوي الصحبة والمحبة وهما دعامتان أساسيتان أقام عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم جماعته الأولى، وما الحركة الإسلامية إلا امتداد وتجديد لتلك الجماعة وذاك الإجتماع.الحركة الإسلامية جماعة دعوة وتوبة، تتوب إلى الله وتطلب من الناس أن يتوبوا إليه.سكوت إسلامي مريب عن لبنة- الصحبة والمحبة- من أهم اللبنات التي أسس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته ومنهاجه، والذي يظن أن معرفة الله والوصول إليه تتم عبر قراءة الكتب دون الصحبة والمخاللة، فتلك هي بداية الانحراف والمغامرة في بيداء الإسلام الفكري الثقافي المقفرة إلى غير وجهة.يخطئ من يظن أن الحركة الإسلامية حركة فكرية سياسية محضة، شأنها شأن باقي الحركات الأرضية المنقطعة، ويخطئ من يظن أنها تناوم ودروشة. بداية المشروع الجهادي النبوي صحبة في جماعة متآلفة متآخية.بلمسة منه صلى الله عليه وسلم، بنظرة، بهزة- يقول سيدنا عمر رضي الله في قصة إسلامه: فهزني، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هزة واحدة فما أن تمالكت إلا أن وقعت على ركبتي وقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهتزت دار الأرقم ابن الأرقم بتكبير الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: فرحوا بإسلام عمر رضي الله عن الجميع-، نقل الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة من عالم إلى عالم- عندما نكون عندك وتحدثنا عن الجنة والنار فكأننا نراه رأي عين-. من ينقل ابن الحركة الإسلامية المسكين؟ من يداويه؟ من يزيل عنه الأصفاد والأغلال؟من يخلصه من سم الرياء وحب الظهور؟ من يحرره من رق العبودية؟ من يبخره؟ من يطيبه؟ لا بد له من صحبة ولي مرشد (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) الكهف: 17، عارفا بخبايا النفوس وعويصات الطريق ولصوصها.وأنت يا ابن الحركة الإسلامية مكن نفسك الحية من عارف بالله مولع بترويض النفوس الأفاعي.إن لم تروض نفسك، ولم تصقلها بالذكر والإقبال على الله عز وجل فانتماؤك للحركة الإسلامية لا يعدو أن يكون انتماء حزبيا سياسويا منقطعا في مطالب أرضية لكن هيهات هيهات أن تظفر بالمطلب الأسنى الأعظم: معرفة الله عز وجل! رحم الله السادة الصوفية فلقد حافظوا على هذا اللب لكنهم انزووا وانكمشوا عن ميادين الجهاد وهو أمر لا نقبله، بل نموذجنا العالي الغالي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام اللذين جمعوا بين معاني الإقبال على الله عز وجل ومعاني الجهاد والتشمير لإقامة شرع الله عز وجل في الأرض فجمعوا بين الغايتين: الغاية الإحسانية: طلب وجه الله عز وجل، والغاية الاستخلافية إقامة العدل في الأرض.الصحبة مدخل أساس لفهم صحيح وإرادة ربانية وعمل موفق غير معكوس ولا منكوس.التغيير الذي تنشده الحركة الإسلامية معرض للانتكاس إذا لم يقده المحسنون أطباء القلوب، لأن المؤمنين مهما علا إيمانهم معرضون لنوازل الاختلاف.التغيير الإسلامي قومة إيمانية إحسانية الفاعل فيها الصحبة والمحبة – أستغفر الله بل الفاعل الله – ثم قومة إيمانية جهادية ثم قومة أمة. (2)عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).صحبة في جماعة حية بحياة المصحوب، وحياة الحب في الله شرط أساس من شرائط السير الراشد للحركة الإسلامية.واستمع إلى الإمام عبد القادر الجيلاني قدس الله سره يخاطبك: استمع ثم استمع: (يا مريض القلب! عليك بالدواء! الدواء لا يكون إلا عند الصالحين من عباد الله عز وجل، خذ الدواء منهم واستعمله، وقد جاءتك العافية الدائمة والصحة الأبدية لمعناك ولقلبك ولسرك ولخلوتك مع ربك عز وجل، تنفتح عينا قلبك، فتنظر بهما إلى ربك عز وجل تصير من المحبين على بابه الذين لا ينظرون إلى ما سواه، قلب فيه بدعة كيف ينظر إلى الحق عز وجل.) وأكبر بدعة ألا تكون لك حاجة عند الله عز وجل، ألا تبحث على من يدلك عليه، من خرج من الدنيا ولم يفز بالله فلا حد لحسرته.كيف يطيب لك مقام، ويغمض لك جفن، وأنت نكرة لا تذكر، ابك على نفسك لقد سبقها الرجال وتاهت في أزقة الغفلات.تحتاج إلى صحبة ولي مرشد يطلق سراح نفسك، يجعل لحياتك اتجاها ومعنى.الصحبة خلاص من شباك الحيرة المقلقة، وانطلاقة واعية تحرر الوارد على الحركة الإسلامية من الأنانية الفردية، وتنطلق به حرا طليقا في آفاق الإقبال على الله عز وجل، والتهيئ اللازم لتجديد الخلافة الثانية على منهاج النبوة. إن بقاء الإنسان في هذه الحياة دون صحبة تدله على الله وتقربه منه استهتار لا معنى له.وألق السمع مرة أخرى إلى الإمام عبد القادر قدس الله سره وهو يخاطبك: (أراك قليل المعرفة بالله عز وجل وبرسوله، قليل المعرفة بأولياء الله عز وجل وأبدال أنبيائه وخلفائه في خلقه أنت خال من المعنى! أنت قفص بلا طائر، بيت فارغ خراب! شجرة قد يبست وتناثر ورقها! عمارة قلب العبد بالإسلام ثم بالتحقيق في حقيقته وهي الاستسلام.) بيت خراب هو بيت الحركة الإسلامية إن لم تتنبه إلى خطر غياب المحسنين عن صفوفها،شجرة هي قد يبست وتناثر ورقها إن لم تمتلك المنار وهي في عالم كثير الظلام: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق.)، قفص هي بلا طائر إن لم تنبت وتثبت في أرض الصحبة المباركة الموصولة بالنبع المتسلسلة بالتلمذة والمجالسة والتزاور والتحابِّ في الله عز وجل والتي أخبر عنها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. (3)روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام «جماعة» من الناس، فيقولون، هل فيكم من صاحب من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم.) أين موقع الحركة الإسلامية اليوم من هذا التسلسل النوراني الممتد؟ الأمر يحتاج إلى حبال ورجال يصلون المنقطع وينقلون النور من قلب إلى قلب.روى الإمام مالك في الموطإ وابن عبد البر بسند صحيح عن أبي إدريس الخولاني عائذ الله، وهو من كبار التابعين، قال: (دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا والناس حوله، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه أليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقالوا: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجَّرتُ إليه «ذهبت إليه قبل الظهر» فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه، فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك في الله! فقال آلله! فقلت: آلله، فقال آلله! فقلت آلله! فأخذ بحبوة ردائي إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في، والمتباذلين في.) يسمي الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله هذا الحديث دستور المحبة في كتابه القيم: تنوير المؤمنات، عد إلى الكتاب واقرأه بعين القلب، وابحث عن كتابات الرجل فهي زاد للأحرار، ونقطة انطلاق لكل عائد تائب يريد أن تطهره الصحبة وتبخره في زمن قل فيه من يدل على الله ناسجا على المنوال النبوي مقتبسا من معينه.طمس الفقه النفطي هذه الأحاديث وطمرها فلا تكاد تسمع لها همسا في كتب الإسلاميين وكأن الحديث عن فقه ترقيق القلوب والسلوك إلى الله عز وجل جريمة نكراء. رحم الله الأستاذ البنا، فلا تكاد تخلو رسائله ولا مذكراته من هذه المعاني القلبية، ولا يفتأ يذكر أصحابه بهذه المعاني العالية الغالية كيف لا وهو من ذاق طعم الصحبة والذكر رفقة السادة الحصافية رضي الله عنهم، ارجع إلى مذكراته تجدها حافلة بهذه المعاني التي آن للحركة الإسلامية أن تعود إليها إن أرادت أن تعيد الفتل من جديد.وحفظ الله الأستاذ محمد أحمد الراشد فهو لا يفتأ يذكر بضرورة المقدمات التربوية لكل تغيير نستمع إليه في كتابه الرقائق وهو يقول: (وهكذا تكون الأخوة بين الدعاة هي الركن المهم في تربيتنا بعد الصلاة والتسبيح، وما من جزء من أجراء الحركة الإسلامية يقذف بنفسه في ميدان العمل العام قبل إحلال معان الأخوة الإيمانية في أعضائه إلا ذاق وبال تساهله وتفريطه، ولا مناص من أن تدرج بدايته على طريق الإيمان واستغلال دقائق الليل الغالية، ويكون فيه أدب الأخوة مترجما في تناصح وتكافل وتحابب يجمع القلوب ويعلمها التحالم – إن لم يكن الحلم- عند إبطاء المقصر وتجاوز الملحاح.)ونلمس ذلك أيضا في رسالته الأخيرة «معا نحمي العراق» والتي ضمَّنها معان تربوية عالية في وقت يشهد فيه العراق ما يشهد وما ذلك إلا لحرصه على التذكير بالأصول والثوابت التي ينبني عليها التحرك الإسلامي الراشد وإلا فلا تذهب نفسك عليه حسرات!! «أي العمل الإسلامي».لكن الحث على هذه المعاني شيء وصحبة الرجال شيء آخر. (4)يقول الإمام عبد القادر قدس الله سره: (اصحبوا شيخا عالما بحكم الله عز وجل وعلمه يدلكم عليه، من لا يرى المفلح لا يفلح! من لا يصحب العلماء العمال فهو من نبض التراب لا أب له ولا أم، اصحبوا من له صحبة مع الحق عز وجل.) نخشى ما نخشاه أن يعرض أبناء الحركة الإسلامية عن هذه المعاني ويظنوا يوما من الأيام أن التغيير، وإحداث التأثير في الناس، والغلبة على الأعداء يتم بقراءة الكتب، نحن لا ننكر أهمية القراءة والعلم، لكن ينبغي تحديد الأولويات، ورحم الله الإمام أبا حامد الغزالي وهو من هو في ميدان العلم والمعرفة لجأ في آخر أمره يبحث عن متبع مقدم يدله على الله عز وجل، ارجع إلى كتابه القيم «المنقذ من الضلال» اقرأه لتقف عند شهادة جهبذ من جهابذة هذه الأمة قال كلمة حق بعد أن أعياه التجوال في ميادين الثقافة والفكر بل والفقه وأدلة الأحكام، لكنه ذهب ليبحث عن فقه آخر فقه معرفة الله عز وجل، فقه كيفية السلوك إليه رحم الله إمامنا وجميع أئمة المسلمين. يقول الإمام أحمد الرفاعي قدس الله سره: (عليكم أي سادة بذكر الله! فإن الذكر مغناطيس الوصل، وحبل القرب، من ذكر الله طاب بالله، ومن طاب بالله وصل إلى الله، ذكر الله يثبت في القلب ببركة الصحبة, المرء على دين خليله، عليكم بنا! صحبتنا ترياق مجرب، والبعد عنا سم قاتل، أي محجوب! تزعم أنك اكتفيت عنا بعلمك! ما الفائدة من علم بلا عمل؟ ما الفائدة من علم بلا إخلاص؟ من ينهض بك إلى العمل؟ من يداويك من سم الرياء؟ من يدلك على الطريق القويم بعد الإخلاص؟ «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» النحل: 43، هكذا أنبأنا العليم الخبير.)يا أيتها الحركة الإسلامية إلى أين يركض بك الليل والنهار؟ هل ليلك ليل تبتل ونهارك نهار سبح؟ من يدلكِ على هاته المعاني؟ من ينقذكِ من ليل الفتنة البهيم؟ لا بد لكِ من صحبة ولي مرشد، من يعرِّفكِ عليه؟ الله، توجهي إليه فهو لا يخيب دعاء من رجاه سبحانه وتعالى. (5)الصحبة مفتاح.مفتاح لمغاليق القلوب.مفتاح للفهم والإرادة والعمل.مفتاح لكل تغيير ناجح راشد.مفتاح لمنهاج العمل وخطته.مفتاح السير الحركة الإسلامية القاصد نحو ساحات الفعل وميادين الجهاد.وأنت يا أيها الإنسان، هرول من هواك، وتبرأ من حولك وقوتك، واخرج من غفلتك وزلاتك، وانضم إلى صف الحركة الإسلامية القائم.يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في ديوانه شذرات: يا رب قيض قبل حين منيتي عبدا منيبا أتخذه خليلاأ نف الفؤاد من الحياة بدونكم فمتى أصيب إلى الوصول سبيلاومتى تداركني عناية فضلكم ومتى ألاقي في الطريق دليلا
من ينقل ابن الحركة الإسلامية المسكين؟ من يداويه؟ من يزيل عنه الأصفاد والأغلال؟من يخلصه من سم الرياء وحب الظهور؟ من يحرره من رق العبودية؟ من يبخره؟ من يطيبه؟ لا بد له من صحبة ولي مرشد (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) الكهف: 17، عارفا بخبايا النفوس وعويصات الطريق ولصوصها (1) في هذه العصور المتأخرة غيب فقه السلوك إلى الله، فقه المحبة،فقه الشوق إلى الله ومعرفته نتيجة هبوب عاصفة شديدة، عاصفة الإسلام الفكري الثقافي، ولوثة الغفلة والتسطيح فأطفأت ما كان مشتعلا من كوانين القلوب ومجاميرها.الفقه النفطي، فقه الكراهية، فقه محاكمة الناس وتكفيرهم، فقه العنف الأعمى الأهوج وبال وانتكاس وشرود عن المنهاج النبوي المغيب.أولى لبنات هذا المنهاج النبوي الصحبة والمحبة وهما دعامتان أساسيتان أقام عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم جماعته الأولى، وما الحركة الإسلامية إلا امتداد وتجديد لتلك الجماعة وذاك الإجتماع.الحركة الإسلامية جماعة دعوة وتوبة، تتوب إلى الله وتطلب من الناس أن يتوبوا إليه.سكوت إسلامي مريب عن لبنة- الصحبة والمحبة- من أهم اللبنات التي أسس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته ومنهاجه، والذي يظن أن معرفة الله والوصول إليه تتم عبر قراءة الكتب دون الصحبة والمخاللة، فتلك هي بداية الانحراف والمغامرة في بيداء الإسلام الفكري الثقافي المقفرة إلى غير وجهة.يخطئ من يظن أن الحركة الإسلامية حركة فكرية سياسية محضة، شأنها شأن باقي الحركات الأرضية المنقطعة، ويخطئ من يظن أنها تناوم ودروشة. بداية المشروع الجهادي النبوي صحبة في جماعة متآلفة متآخية.بلمسة منه صلى الله عليه وسلم، بنظرة، بهزة- يقول سيدنا عمر رضي الله في قصة إسلامه: فهزني، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هزة واحدة فما أن تمالكت إلا أن وقعت على ركبتي وقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهتزت دار الأرقم ابن الأرقم بتكبير الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: فرحوا بإسلام عمر رضي الله عن الجميع-، نقل الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة من عالم إلى عالم- عندما نكون عندك وتحدثنا عن الجنة والنار فكأننا نراه رأي عين-. من ينقل ابن الحركة الإسلامية المسكين؟ من يداويه؟ من يزيل عنه الأصفاد والأغلال؟من يخلصه من سم الرياء وحب الظهور؟ من يحرره من رق العبودية؟ من يبخره؟ من يطيبه؟ لا بد له من صحبة ولي مرشد (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) الكهف: 17، عارفا بخبايا النفوس وعويصات الطريق ولصوصها.وأنت يا ابن الحركة الإسلامية مكن نفسك الحية من عارف بالله مولع بترويض النفوس الأفاعي.إن لم تروض نفسك، ولم تصقلها بالذكر والإقبال على الله عز وجل فانتماؤك للحركة الإسلامية لا يعدو أن يكون انتماء حزبيا سياسويا منقطعا في مطالب أرضية لكن هيهات هيهات أن تظفر بالمطلب الأسنى الأعظم: معرفة الله عز وجل! رحم الله السادة الصوفية فلقد حافظوا على هذا اللب لكنهم انزووا وانكمشوا عن ميادين الجهاد وهو أمر لا نقبله، بل نموذجنا العالي الغالي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام اللذين جمعوا بين معاني الإقبال على الله عز وجل ومعاني الجهاد والتشمير لإقامة شرع الله عز وجل في الأرض فجمعوا بين الغايتين: الغاية الإحسانية: طلب وجه الله عز وجل، والغاية الاستخلافية إقامة العدل في الأرض.الصحبة مدخل أساس لفهم صحيح وإرادة ربانية وعمل موفق غير معكوس ولا منكوس.التغيير الذي تنشده الحركة الإسلامية معرض للانتكاس إذا لم يقده المحسنون أطباء القلوب، لأن المؤمنين مهما علا إيمانهم معرضون لنوازل الاختلاف.التغيير الإسلامي قومة إيمانية إحسانية الفاعل فيها الصحبة والمحبة – أستغفر الله بل الفاعل الله – ثم قومة إيمانية جهادية ثم قومة أمة. (2)عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).صحبة في جماعة حية بحياة المصحوب، وحياة الحب في الله شرط أساس من شرائط السير الراشد للحركة الإسلامية.واستمع إلى الإمام عبد القادر الجيلاني قدس الله سره يخاطبك: استمع ثم استمع: (يا مريض القلب! عليك بالدواء! الدواء لا يكون إلا عند الصالحين من عباد الله عز وجل، خذ الدواء منهم واستعمله، وقد جاءتك العافية الدائمة والصحة الأبدية لمعناك ولقلبك ولسرك ولخلوتك مع ربك عز وجل، تنفتح عينا قلبك، فتنظر بهما إلى ربك عز وجل تصير من المحبين على بابه الذين لا ينظرون إلى ما سواه، قلب فيه بدعة كيف ينظر إلى الحق عز وجل.) وأكبر بدعة ألا تكون لك حاجة عند الله عز وجل، ألا تبحث على من يدلك عليه، من خرج من الدنيا ولم يفز بالله فلا حد لحسرته.كيف يطيب لك مقام، ويغمض لك جفن، وأنت نكرة لا تذكر، ابك على نفسك لقد سبقها الرجال وتاهت في أزقة الغفلات.تحتاج إلى صحبة ولي مرشد يطلق سراح نفسك، يجعل لحياتك اتجاها ومعنى.الصحبة خلاص من شباك الحيرة المقلقة، وانطلاقة واعية تحرر الوارد على الحركة الإسلامية من الأنانية الفردية، وتنطلق به حرا طليقا في آفاق الإقبال على الله عز وجل، والتهيئ اللازم لتجديد الخلافة الثانية على منهاج النبوة. إن بقاء الإنسان في هذه الحياة دون صحبة تدله على الله وتقربه منه استهتار لا معنى له.وألق السمع مرة أخرى إلى الإمام عبد القادر قدس الله سره وهو يخاطبك: (أراك قليل المعرفة بالله عز وجل وبرسوله، قليل المعرفة بأولياء الله عز وجل وأبدال أنبيائه وخلفائه في خلقه أنت خال من المعنى! أنت قفص بلا طائر، بيت فارغ خراب! شجرة قد يبست وتناثر ورقها! عمارة قلب العبد بالإسلام ثم بالتحقيق في حقيقته وهي الاستسلام.) بيت خراب هو بيت الحركة الإسلامية إن لم تتنبه إلى خطر غياب المحسنين عن صفوفها،شجرة هي قد يبست وتناثر ورقها إن لم تمتلك المنار وهي في عالم كثير الظلام: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق.)، قفص هي بلا طائر إن لم تنبت وتثبت في أرض الصحبة المباركة الموصولة بالنبع المتسلسلة بالتلمذة والمجالسة والتزاور والتحابِّ في الله عز وجل والتي أخبر عنها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. (3)روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام «جماعة» من الناس، فيقولون، هل فيكم من صاحب من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم.) أين موقع الحركة الإسلامية اليوم من هذا التسلسل النوراني الممتد؟ الأمر يحتاج إلى حبال ورجال يصلون المنقطع وينقلون النور من قلب إلى قلب.روى الإمام مالك في الموطإ وابن عبد البر بسند صحيح عن أبي إدريس الخولاني عائذ الله، وهو من كبار التابعين، قال: (دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا والناس حوله، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه أليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقالوا: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجَّرتُ إليه «ذهبت إليه قبل الظهر» فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه، فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك في الله! فقال آلله! فقلت: آلله، فقال آلله! فقلت آلله! فأخذ بحبوة ردائي إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في، والمتباذلين في.) يسمي الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله هذا الحديث دستور المحبة في كتابه القيم: تنوير المؤمنات، عد إلى الكتاب واقرأه بعين القلب، وابحث عن كتابات الرجل فهي زاد للأحرار، ونقطة انطلاق لكل عائد تائب يريد أن تطهره الصحبة وتبخره في زمن قل فيه من يدل على الله ناسجا على المنوال النبوي مقتبسا من معينه.طمس الفقه النفطي هذه الأحاديث وطمرها فلا تكاد تسمع لها همسا في كتب الإسلاميين وكأن الحديث عن فقه ترقيق القلوب والسلوك إلى الله عز وجل جريمة نكراء. رحم الله الأستاذ البنا، فلا تكاد تخلو رسائله ولا مذكراته من هذه المعاني القلبية، ولا يفتأ يذكر أصحابه بهذه المعاني العالية الغالية كيف لا وهو من ذاق طعم الصحبة والذكر رفقة السادة الحصافية رضي الله عنهم، ارجع إلى مذكراته تجدها حافلة بهذه المعاني التي آن للحركة الإسلامية أن تعود إليها إن أرادت أن تعيد الفتل من جديد.وحفظ الله الأستاذ محمد أحمد الراشد فهو لا يفتأ يذكر بضرورة المقدمات التربوية لكل تغيير نستمع إليه في كتابه الرقائق وهو يقول: (وهكذا تكون الأخوة بين الدعاة هي الركن المهم في تربيتنا بعد الصلاة والتسبيح، وما من جزء من أجراء الحركة الإسلامية يقذف بنفسه في ميدان العمل العام قبل إحلال معان الأخوة الإيمانية في أعضائه إلا ذاق وبال تساهله وتفريطه، ولا مناص من أن تدرج بدايته على طريق الإيمان واستغلال دقائق الليل الغالية، ويكون فيه أدب الأخوة مترجما في تناصح وتكافل وتحابب يجمع القلوب ويعلمها التحالم – إن لم يكن الحلم- عند إبطاء المقصر وتجاوز الملحاح.)ونلمس ذلك أيضا في رسالته الأخيرة «معا نحمي العراق» والتي ضمَّنها معان تربوية عالية في وقت يشهد فيه العراق ما يشهد وما ذلك إلا لحرصه على التذكير بالأصول والثوابت التي ينبني عليها التحرك الإسلامي الراشد وإلا فلا تذهب نفسك عليه حسرات!! «أي العمل الإسلامي».لكن الحث على هذه المعاني شيء وصحبة الرجال شيء آخر. (4)يقول الإمام عبد القادر قدس الله سره: (اصحبوا شيخا عالما بحكم الله عز وجل وعلمه يدلكم عليه، من لا يرى المفلح لا يفلح! من لا يصحب العلماء العمال فهو من نبض التراب لا أب له ولا أم، اصحبوا من له صحبة مع الحق عز وجل.) نخشى ما نخشاه أن يعرض أبناء الحركة الإسلامية عن هذه المعاني ويظنوا يوما من الأيام أن التغيير، وإحداث التأثير في الناس، والغلبة على الأعداء يتم بقراءة الكتب، نحن لا ننكر أهمية القراءة والعلم، لكن ينبغي تحديد الأولويات، ورحم الله الإمام أبا حامد الغزالي وهو من هو في ميدان العلم والمعرفة لجأ في آخر أمره يبحث عن متبع مقدم يدله على الله عز وجل، ارجع إلى كتابه القيم «المنقذ من الضلال» اقرأه لتقف عند شهادة جهبذ من جهابذة هذه الأمة قال كلمة حق بعد أن أعياه التجوال في ميادين الثقافة والفكر بل والفقه وأدلة الأحكام، لكنه ذهب ليبحث عن فقه آخر فقه معرفة الله عز وجل، فقه كيفية السلوك إليه رحم الله إمامنا وجميع أئمة المسلمين. يقول الإمام أحمد الرفاعي قدس الله سره: (عليكم أي سادة بذكر الله! فإن الذكر مغناطيس الوصل، وحبل القرب، من ذكر الله طاب بالله، ومن طاب بالله وصل إلى الله، ذكر الله يثبت في القلب ببركة الصحبة, المرء على دين خليله، عليكم بنا! صحبتنا ترياق مجرب، والبعد عنا سم قاتل، أي محجوب! تزعم أنك اكتفيت عنا بعلمك! ما الفائدة من علم بلا عمل؟ ما الفائدة من علم بلا إخلاص؟ من ينهض بك إلى العمل؟ من يداويك من سم الرياء؟ من يدلك على الطريق القويم بعد الإخلاص؟ «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» النحل: 43، هكذا أنبأنا العليم الخبير.)يا أيتها الحركة الإسلامية إلى أين يركض بك الليل والنهار؟ هل ليلك ليل تبتل ونهارك نهار سبح؟ من يدلكِ على هاته المعاني؟ من ينقذكِ من ليل الفتنة البهيم؟ لا بد لكِ من صحبة ولي مرشد، من يعرِّفكِ عليه؟ الله، توجهي إليه فهو لا يخيب دعاء من رجاه سبحانه وتعالى. (5)الصحبة مفتاح.مفتاح لمغاليق القلوب.مفتاح للفهم والإرادة والعمل.مفتاح لكل تغيير ناجح راشد.مفتاح لمنهاج العمل وخطته.مفتاح السير الحركة الإسلامية القاصد نحو ساحات الفعل وميادين الجهاد.وأنت يا أيها الإنسان، هرول من هواك، وتبرأ من حولك وقوتك، واخرج من غفلتك وزلاتك، وانضم إلى صف الحركة الإسلامية القائم.يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في ديوانه شذرات: يا رب قيض قبل حين منيتي عبدا منيبا أتخذه خليلاأ نف الفؤاد من الحياة بدونكم فمتى أصيب إلى الوصول سبيلاومتى تداركني عناية فضلكم ومتى ألاقي في الطريق دليلا