المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث حول الأحاديث الواردة في تحريم الصدقة على آل البيت


أبو إبراهيم
01-16-2006, 10:05 PM
الأحاديث الواردة في تحريم الصدقة على آل البيت
1 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : أخذ الحسن بن علي تمرةً من تمر الصدقة فجعلها في فِيْهِ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ((كَخْ كِخْ))( )، ليطرحها، ثم قال : ((أمَا شعرتَ أنّا لا نأكل الصدقة))( ).
2 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي، ثم أرفعُها لآكلَها، ثم أخشى أن تكون صدقةً فأُلقيها))( ).
3 ـ عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخُ الناس( )...))( ).
4 ـ عن أنس ـ رضي الله عنه ـ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بتمرةٍ بالطريق فقال : ((لولا أن تكون من الصدقة لأكلتُها))( ).
4 ـ عن أبي رافع ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : ((إن الصدقة لا تحل لنا؛ وإن مولى القوم منهم))( ).
5 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا أتى بطعام سأل عنه، فإن قيل : هديّة، أكلَ منه، وإن قيل : صدقة،
لم يأكل منها( ).
6 ـ عن أنس ـ رضي الله عنه ـ : أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُتي بلحم تُصدِّق به على بريرة ـ مولاة عائشة رضي الله عنها ـ، فقال : ((هو عليها صدقة، وهو لنا هديّة))( ).
قال النووي : ((باب إباحة الهديّة للنبي صلى الله عليه وسلم ولبني هاشم وبني المطلب وإن كان المُهدى ملكها بطريق الصدقة، وبيان أن الصدقة إذا قبضها المتصدق عليه زال عنها موصف الصدقة وحلّت لكل أحد ممن كانت الصدقة محرمة عليه)) :
( 2/754، رقم : 1075 ) . ((شرح مسلم)) للنووي .
قال ابن حجر : ((واستنبط البخاري من قصة بريرة أن للهاشمي أن يأخذ من سهم العاملين إذا عمل على الزكاة؛ وذلك أنه إنما يأخذ على عمله، قال : فلما حلّ للهاشمي أن يأخذ ما يملكه بالهدية مما كان صدقة لا بالصدقة كذلك يحل له أخذ ما يملكه بعمله لا بالصدقة .
واستدل به ـ أيضـًا ـ على جواز صدقة التطوّع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم فرقوا بين أنفسهم وبينه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يُنكِر عليهم ذلك، بل أخبرهم أن تلك الهدية بعينها خرجت عن كونها صدقة بتصرّف المتصدّق عليه كما تقدّم تقريره . والله أعلم)) . ((فتح الباري)) : ( 3/418 ) .







أقوال العلماء في حكم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام
1 ـ قال ابن عبد البر : ((أما الصدقة المفروضة فلا تحلُّ للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا لبني هاشم، ولا لمواليهم . ولا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك، إلا أنّ بعض أهل العلم قال : إن موالي بني هاشم لا يحرم عليهم شيءٌ من الصدقات؛ وهذا خلافُ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم)) .
قال : ((واختلف العلماء أيضـًا في جواز صدقة التطوّع لبني هاشم، والذي عليه جمهور أهل العلم ـ وهو الصحيحُ عندنا ـ : أن صدقة التطوّع لا بأس بها كبني هاشم ومواليهم؛ ومما يدلّك على صحّة ذلك : أن عليـًّا والعباس وفاطمة ـ رضي الله عنهم ـ وغيرهم تصدّقوا، وأوقفوا أوقافـًا على جماعة من بني هاشم؛ وصدقاتهم الموقوفة معروفة ومشهورة)) .
وقال ـ أيضـًا ـ : ((ولا خلاف علمتُه بين العلماء في بني هاشم وغيرهم في قبول الهدايا، والمعروف سواء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((كل معروف صدقة))( ).
وأما امتناعه صلى الله عليه وسلم من أكل صدقة التطوّع فمشهورٌ ومنقول من وجوه صحاح)) .
وقال ـ أيضـًا ـ : ((وإنما لم تجز صدقة التطوّع للنبي صلى الله عليه وسلم
ـ والله أعلم ـ لأن الصدقة لا يُثاب عليها صاحبُها؛ لأنه لا يبتغي بها إلاّ الآخرة، وأبيحت له الهديّة لأنه يثيب عليها، ولا تلحقه بذلك منّة))( ).
2 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ((المحرّم عليهم صدقة الفرض، وأما صدقات التطوّع فقد كانوا يشربون من المياه المسبّلة بين مكة والمدينة، ويقولون : إنما حرم علينا الفرض، ولم يحرم علينا التطوّع)) .
وقال ـ أيضـًا ـ : ((وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة؛ لأنه محلّ حاجة وضرورة، ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميّين وهو محكيٌّ عن طائفة من أهل البيت))( ) انتهى .


3 ـ قال ابن مفلح الحنبلي( ): ((ومال شيخنا [ ابن تيمية ] إلى أنهم إن منعوا الخمس أخذوا من الزكاة، وربما مال إليه أبو البقاء، وقال : إنه قول القاضي يعقوب في أصحابنا، وقال : وتجوز إلى ولد هاشميّة من غير هاشمي في ظاهر كلامهم))( ).
4 ـ قال العراقي : ((والصحيح عند أصحابنا : أن المحرَّم عليهم [ آل البيت ] : الزكاة دون صدقة التطوع، وكذا هو الصحيح عند الحنابلة، وبه قال الحنفيّة؛ وهو رواية أصبغ عن القاسم))( ).
5 ـ قال ابن حجر العسقلاني : ((وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((الصدقة أوساخ الناس)) ـ كما رواه مسلم ـ( )؛ ويؤخذ من هذا : جواز التطوّع دون الفرض، وهو قولُ أكثر الحنفيّة، والمصحّح عند الشافعية، والحنابلة .
وأما عكسه فقالوا : أن الواجب حقٌّ لازم لا يلحق بأخذه ذلة بخلاف التطوّع)) .
وقال ـ أيضـًا ـ : ((وجه التّفرق بين بني هاشم وغيرهم أنّ موجب المنع : رفع اليد الأدنى عن الأعلى؛ فأما الأعلى على مثله فلا، ولم أرى لمن أجاز مطلقـًا دليلاً إلاّ ما تقدّم عن أبي حنيفة))( ).


6 ـ قال الخطّابي : ((وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ولا يأخذ الصدقة لنفسه، وكأنَّ المعنى في ذلك أنّ الهديّة إنما يراد بها ثواب الدنيا؛
فكان صلى الله عليه وسلم يقبلها ويثيب عليها فتزولُ المنّة عنه . والصدقة يراد بها ثواب الآخرة، فلم يجز أن يكون يد أعلى من يده في ذات الله وفي أمر الآخرة))( ).



ومن خلال ما نقلنا من كلام العلماء يتبيّن أنّ الصدقة على قسمين : صدقة فريضة، وصدقة تطوّع؛ فأما الفريضة فلا تجوز في حالة وجود الخمس، وأما التطوّع فتجوز؛ لأن العلّة منتفية فيه .
ولا شكّ أن الإحسان إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم إن كانوا فقراء أولى من الإحسان إلى غيرهم وسدِّ حاجتهم أولى من سدّ حاجة غيرهم؛ لأنهم اجتمع فيهم الإسلام وحقّ القرابة . والله أعلم .
وأما الهدية والهبة وغيرها من المسميّات فلا بأس بها، وقد قبلها صلى الله
عليه وسلم .
-----------------------------------------------------------

( ) كَـِخ ـ بفتح الكاف وكسرها المعجمة مثقّلاً ومخفّفـًا، وبكسر الخاء منونة وغير منونة؛ فيخرج من ذلك ستّ لغات ـ، والثانية توكيدٌ للأولى . وهي كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يستقذر، قيل عربية، وقيل عجمية ... .
( ) أخرجه البخاري : ( رقم : 1491 )، و مسلم : ( 2069 ) .
( ) أخرجه مسلم : ( 3/751 )، و أحمد : ( رقم : 1727 ) .
( ) أوساخ الناس : معناها إنها تطهير لأموالهم ونفوسهم؛ فهي كغسالة الأوساخ لكرامتهم، كقوله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيْهُم بِهَا } .
( ) أخرجه مسلم : ( 3/752 )، والنسائي : ( 2608 )، وأبو داود : ( 2985 ) .
( ) أخرجه مسلم : ( رقم : 1071 )، وأبو داود : ( 1652 ) .
قال النووي : ((التمرة من محقّرات الأموال، لا يجب تعريفُها، وتركها النبيُّ خشيةَ أن تكون من الصدقة)) .
( ) أخرجه أبو داود ( رقم : 1650 )، والترمذي ( رقم : 657 )، والنسائي :
( رقم : 1611 ) .
وإسنادُه صحيح .
( ) أخرجه مسلم : ( 1077 )، والنسائي : ( 2612 )، والترمذي : ( 626 ) .
( ) أخرجه البخاري ( كتاب الزكاة، باب إذا تحولت الصدقة : 3/417، رقم : 1495 )
ـ مع الفتح ـ، مسلم : ( كتاب الزكاة : 2/754، رقم 3075 ) .
( ) أخرجه مسلم:(كتاب الزّكاة، باب بيان أنّ اسم الصّدقة يقع على كلّ نوع من المعروف، رقم:1005) من حديث حذيفة رضي الله عنه ، وأبو داود (باب المعونة للمسلم) [رقم:4947].
( ) التمهيد لابن عبد البر : ( 3/91 ـ 98 ) .
( ) منهاج السنة : ( 4/260 )، الاختيارات الفقهية ( ص 104 ) .
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((رضيتُ لكم عن غسالة الأيدي؛ لأن لكم من خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم)) . تفسير ابن جرير الطبري : ( 13/554 )، تفسير ابن كثير : ( 4/18 ) .
وقال ابن كثير : ((حسن الإسناد)) .
وعن مجاهد قال : (كان آل محمد لا تحلُّ لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس) . تفسير ابن جرير الطبري : ( 13/554 )، نصب الراية للزيلعي : ( 2/404 ) .
وفي رواية : ( قد علم الله أن في بني هاشم الفقراء فجعل لهم الخمس مكان الصدقة ) .
( ) ابن مفلح : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين، المقدسي، ثم الصالحي : أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد؛ قال عنه ابن قيّم الجوزية : ((وهو
ـ معاصر له ـ ما تحت قبّة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من الشيخ محمد بن مفلح))؛ توفّي ـ رحمه الله ـ سنة 763ه‍ . مقدمة الفروع للمرداوي ( 24 )، الأعلام :
( 7/107 ) .
( ) الفروع : ( 2/639 ) .
( ) طرح التُثريب : ( 4/34 ) .
( ) مسلم ( رقم : 1072 ) .
( ) فتح الباري : ( 3/415 ) .
( ) شرح الخطّابي لأبي داود : ( 2/299 ) .