حد من الوادي
05-04-2015, 09:50 PM
لاثنين 04 مايو 2015 08:21 مساءً
استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب
د. يحيى شائف الشعيبي
صفحة الكاتب
من أجل الاستقلال سنسامح العالم كله
أبعاد احتلال المنصورة وكيفية تحريرها
حوار الحرب اليمني وسلام المقاومة الجنوبية
مبادرة لتجاوز مأساة المنصات
رسالة إلى اللجنة التحضيرية لمؤتمر قوى الثورة الجنوبية
( قراءة في مخاطر التخلّي عن الجنوب ) (يهدى لقوى التحالف العربي)
لا مستقبل للعالم إلا بالاستقرار ولا استقرار دون تحقيق عوامله وفي مقدمتها استقرار الجنوب إلا أن المنهج المخاتل لنوعية الصراع العالمي الجديد كتّم عن هذه الحقيقة سنوات طويلة خوفا على مصالحه الضيقة حتى كادت الأمور أن تفضي إلى حرب عالمية ثالثة في ظل صمت دولي مريب رغم المؤشرات الخطيرة بفعل الحشد المعلن لمئات البارجات إلى باب المندب بذرائع وهمية مكشوفة أمام مرى ومسمع الجميع لأول مرة في التاريخ ، وأمام هذا الوضع الخطير تفجرت الثورة الجنوبية في العام 2007م محذرة من خطر قادم يهدد العالم كله نتيجة لاضطراب الجنوب بفعل التجاهل الإقليمي والدولي للسيادة الجنوبية وبالرغم من التضحيات الجسيمة للثورة الجنوبية نيابة عن العالم إلا أنها جوبهت بسخرية يمنية وبرودة خليجية وصمت عربي ودولي مريب حتى بلغت النار معطف الجيران حينها انفجر الموقف بإعلان عاصفة الحزم العربية ضد القوى الغازية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بهدف إعادة انتشار الاحتلال في أخطر بقعة في العالم مما دفع بالثورة السلمية إلى تبني خيار المقاومة من أجل السيادة الجنوبية 0
أسرار الارتباط بين الاستقرار العالمي واستقرار الجنوب :
اثبتت الأحداث التاريخية (الحديثة والمعاصرة) بأن استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب نتيجة لـ(تفرد الموقع الاستراتيجي النادر للجنوب ) من خلال التالي : 1- تموضع الجنوب في قلب العالم وارتباطه بالمحيط الهندي شرقا والهادي غربا أضف إلى احتضانه لعدة بحار فريدة كـ(البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي) الذي يجمعها مضيق باب المندب النادر الذي تمر منه أكثر من نصف الطاقة الدولية 2 - وجوده بخاصرة شبه الجزيرة العربية الغنية بالثروات وحساسية المقدسات ولا سيما المملكة العربية السعودية وفضاءه المطل على منظومة الدول الخليجية إلى البصرة 3 - تربض فيه أضخم قاعدة عسكرية في العند محصنة بأقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط وتتحكم في أهم البحار والمحيطات الحساسة في العالم ، كما يتميز بمطار دولي في عدن يتفرد بمجاورته لثالث ميناء في العالم 0 وغيرها من المميزات الغنية 0
لهذه الأسباب وغيرها أصبح استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب واستقرار الجنوب مرهون بالحفاظ على لونه المستقل منذ الأزل ولنا في التاريخ الحديث خير دليل ولإثبات صحة ذلك من عدمه ينبغي أن نتساءل عن نوعية السياسات التي أُتُبِعَت من قبل القوى العالمية الكبرى في القرنين التاسع عشر والعشرين تجاه الوضع في الجنوب ، وهل عَمَدَتْ تلك القوى إلى تذويب الجنوب وتغييبه أو طمسه ومحوه من خارطة العالم السياسية بهدف التحكم به أم تعاملت معه بلونه الخاص بغض النظر عن وسيلة البقاء فيه ؟ فإذا ما تفحصنا في الإجابة سنلحظ بأن الإمبراطورية البريطانية قد أدركت أهمية الموقع الاستراتيجي للجنوب وتفرده ، ورأت بأن الحفاظ على الاستقرار العالمي مرهون باستقرار الجنوب من خلال التعامل معه بلونه المستقل ، مما ساعدها على الثبات كقوة عظمى في العالم ، لتأتي من بعدها الإمبراطورية الروسية وتتعامل مع الجنوب بنفس المنهج البريطاني الأمر الذي عزز من مكانتها كقوة عظمى ووفر لها حالة من الاستقرار وعكس نفسه على طبيعة الاستقرار الدولي بخلاف الإمبراطورية الأمريكية التي تدفع ثمن تقديراتها الخاطئة عندما تخلت عن اللون المستقل للجنوب في تسعينيات القرن العشرين 0
مخاطر التخلي عن استقرار الجنوب :
في نهاية القرن العشرين انهارت المنظومة الاشتراكية وأصبحت الإمبراطورية الأمريكية هي القوة الكبرى في العالم وعندما دعت إلى أمركة العالم لم تراعِ عوامل النجاح وأبرزها الحفاظ على استقرار الجنوب من خلال الحفاظ على لونه الخاص ، إذ سرعان ما أدى ذلك إلى اضطراب الوضع في الجنوب بفعل سلبية الموقف الامريكي تجاه الاحتلال اليمني للجنوب مما عكس نفسه سلبا على العالم لتكن أميركا هي الخاسر الأكبر ، من كل ذلك نستنتج بأن تغييب اللون الجنوبي من الخارطة السياسية منذ التسعينات كانت له نتائج وخيمة على استقرار اليمن والخليج والإقليم والعالم كله 0 وللتدليل على ذلك نورد أثر مخاطر التخلي عن استقرار الجنوب على النحو التالي :
أ - مخاطر التخلي على الصعيد العالمي :
لقد أدركت القوى الكبرى في العالم وخاصة في العصر الحديث والمعاصر بأنها لا تستطيع أن تتحول إلى قوى نفوذ عالمية إلا من خلال تواجدها في أكبر عدد ممكن من البحار وخاصة في المواقع الاستراتيجية التي تهيمن على عدة بحار استراتيجية ويأتي الجنوب في مقدمتها وحتى تضمن تواجدها في هذا المكان الدولي الحساس لابد أن تضمن استقراره من خلال الحفاظ على لونه المستقل ، وهي الحقيقة التي أدركتها بريطانيا في القرن التاسع عشر ومكنتها من التحول إلى إمبراطورية عظمى كما أدركتها روسيا في منتصف القرن العشرين ومكنتها من التحول إلى قوة عظمى قادرة على التحكم بالتوازن الدولي باقتدار بدليل فقدانها لتلك الميزة العظمى بعد تخليها عن الجنوب ، تلك الحقيقة لم تراعِها أميركا في تسعينات القرن العشرين مما عكس نفسه سلبا عليها وخاصة عندما أصبحت القوة الوحيدة في العالم بعد انهيار المعسكر الروسي ، وعندما قررت أن تتحول إلى إمبراطورية عالمية لم تراعِ شرط نجاح الامبراطوريات الذي يكمن في الحفاظ على استقرار المواقع الاستراتيجية في العالم وفي مقدمتها استقرار الجنوب من خلال الحفاظ على لونه المستقل ، إذ أوهمهم الاحتلال اليمني بأن مباركتهم لطمس معالم الجنوب ومحوه من الخارطة السياسية للعالم سيضمن لهم الهيمنة على العالم كله إلا أن الفخ اليمني للأمريكان أفقدهم فرصة تاريخية اخرت صعودهم لا تتكرر حتى نهضت أقطاب عالمية جديدة نحو (دول البركس) التي كانت في وضع صعب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلا أن اشتغالها على أخطاء السياسة الأمريكية في العالم وخاصة في الجنوب جعل منها اليوم قوة لا يمكن اغفالها وعندما أدركت أميركا مخاطر الغلطة التاريخية حاولت أن تسابق الزمن بخطوات مدروسة لتحافظ على تفردها عن بقية الأقطاب الأخرى إلا أن رواسب الغلطة السابقة أربكت السياسة الأمريكية الجديدة وأوقعتها في عدت أزمات نحو أزمة سبتمبر 2001م والأزمة الاقتصادية في العام 2008م مما جعلها تتراجع عن سياسة القطب الواحد وتقبل التعايش في إطار عالم متعدد الأقطاب وبإمكانها أن تعوض ذلك لتصبح القطب الأقوى إذا ما غيرت موقفها تجاه الجنوب لما يضمن استقراره المستقل وهي قادرة أن أرادت لتخدم بهذه الخطوة استقرارها واستقرار(اليمن والخليج والإقليم والعالم) 0
ب - مخاطر التخلي على الصعيد العربي :
عندما استشعر الشعب الجنوبي الثائر بأن وجوده معرض للزوال بفعل الصراع الخفي بين أطراف النظام العالمي الجديد وانعكاساته السلبية على دول الإقليم بسبب تجاهلهم للاستقرار العالمي الذي يبدأ باستقرار الجنوب نهض بثورته الوطنية السلمية مطالبا دول الجوار العربي ودول الإقليم والعالم كله لمساندته في استعادة دولته المستقلة كي يستقر الجنوب كخطوة أولى لاستقرار العالم إلا أن هذه الثورة الوطنية السلمية النادرة قوبلت بالبرودة حينا وبالتعتيم الإعلامي حينا آخر مما شجع الاحتلال على خلط الأوراق واللعب على الجميع الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على دول الإقليم وفي مقدمتها دول الخليج العربي التي وجدت نفسها أمام الواقع التالي : 1 - انفجار ثورات عربية مشوهة تتبنى أهداف معاكسة لأهداف الثورة الجنوبية المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية سلميا ، إذ تحركت الشعوب العربية للمطالبة بإسقاط دولها دون أن تستطيع إعادتها فسقطت سلميتها لتدخل في حروب أهلية مسلحة مفتوحة مما جعلها تطالب الدول الكبرى للتدخل والهيمنة مقابل الحفاظ على سلامة الشعوب 2 - بروز ثورات عربية مضطربة تتبنى مشاريع مناقضة للمشروع الوطني الذي تبنته الثورة الجنوبية ولم تتعاطف معه دول الاقليم ، إذ تحركت الشعوب العربية بمشاريع شرائحية ذاتية مما أدى إلى غياب المشروع الوطني الجامع الأمر الذي دفع بالشعوب العربية إلى تبني أهداف مذهبية تفضي إلى تحويل الصراع الاقتصادي بين المشروع العربي ومشاريع دول الإقليم إلى صراع مذهبي طويل الأمد بين السنة والشيعة يؤدي إلى استنزاف الجميع ، وهو الأمر الذي تلافته الدول العربية مؤخرا ولا سيما دول الخليج العربي مدركة بأن الاستقرار العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص مرهون باستقرار الجنوب وما يجري على أرض الواقع خير دليل 0
جـ - مخاطر التخلي على الصعيد اليمني :
عندما أصبحت عاصفة الحزم أمرا واقعا بفعل الصراع بين أطراف قوى الاحتلال اليمني الطاردة لأي لون جنوبي حتى لو تبنى لونها ، تلك القوى التي أرادت إعادة انتشار قواتها في الجنوب بما يتناسب مع مكانة ومصلحة القوى الجديدة القديمة وفي المواقع التي تضمن لها البقاء فترة أطول كان لزاما على ثورة الجنوب السلمية أن تنادي لجبهة جنوبية عريضة لمواجهة الاحتلال القديم الجديد تضم كل شرائح وأطياف الشعب الجنوبي الثائر ضد الاحتلال بكل شرائحه وأطيافه وعلى رأسهم الحوثيين فتشكلت (المقاومة الجنوبية) الباسلة بهدف الوصول إلى تحقيق استقرار الجنوب المستقل كخطوة أولى وأساسية ليس لاستقرار اليمن والخليج وحسب وإنما لاستقرار الإقليم والعالم كله لما للجنوب من أهمية في حفظ الأمن والسلام الدوليين ، فإذا استوعب الحكماء في دولة الاحتلال وأشقاؤنا في دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية الشقيقة لهذه الحقيقة سيتحقق التالي : 1- إفشال المخططات الرامية إلى تحويل الصراع الوطني بين الثورة الجنوبية والاحتلال اليمني إلى صراع مذهبي بين شيعة وسنة له بداية وليس له نهاية بل له نتائج تدميرية ليس على اليمن والجنوب بل وعلى دول الخليج والمنطقة برمتها 2- جلوس طرفي الصراع (الجنوبي واليمني) إلى طاولة مفاوضات ندية تفضي إلى إقامة دولتين وطنيتين متكاملتين في إطار المشروع العربي الواحد الذي تتبناه دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بدلا من عدة دويلات متناحرة يصل شرها إلى كل بيت في اليمن والخليج 0
إذا لم يتم إدراك هذه الحقيقة والتعامل معها من قبل قوى القرار بشكل إيجابي ستكون النتيجة مدمرة لاستقرار الجنوب كأهم موقع استراتيجي في العالم مما سيعكس نفسه سلبا ليس على استقرار اليمن والخليج بل وعلى دول الإقليم والعالم كله وهو الأمر الذي لن تقبل به ثورة الجنوب التحررية التي ضحت طوال ثمان سنوات ولا زالت بمآت الألآف من الشهداء والجرحى والمعتقلين وتحولت الجنوب بفعل الاحتلال القديم الجديد إلى ساحة حرب أكثر من (24 عاما) ولا زالت مما عرض أهلها ومنجزاتها للتدمير الشامل الأمر الذي جعلها أشبه بالغريق الذي يمد يده حتى لـ (000!!! ؟؟؟ ) وهم كثر في هذا الزمن المتناقض وما نتمناه أن لا يحصل ذلك بعد عاصفة الحزم ، وحتى وأن حصل قد يكون من قبل المحتل أما أشقاؤنا في دول التحالف فكلنا أمل من قدرتهم في تحقيق استقرار الجنوب المستقل ليس من أجل الجنوب وإنما من أجل استقرار العالم كله بما فيه استقرار دولة الاحتلال اليمني الغاشم 0
د 0 يحيى شايف الشعيبي / مشرف مركز صيانة الثورة الجنوبية / 24/4/2015م
استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب
د. يحيى شائف الشعيبي
صفحة الكاتب
من أجل الاستقلال سنسامح العالم كله
أبعاد احتلال المنصورة وكيفية تحريرها
حوار الحرب اليمني وسلام المقاومة الجنوبية
مبادرة لتجاوز مأساة المنصات
رسالة إلى اللجنة التحضيرية لمؤتمر قوى الثورة الجنوبية
( قراءة في مخاطر التخلّي عن الجنوب ) (يهدى لقوى التحالف العربي)
لا مستقبل للعالم إلا بالاستقرار ولا استقرار دون تحقيق عوامله وفي مقدمتها استقرار الجنوب إلا أن المنهج المخاتل لنوعية الصراع العالمي الجديد كتّم عن هذه الحقيقة سنوات طويلة خوفا على مصالحه الضيقة حتى كادت الأمور أن تفضي إلى حرب عالمية ثالثة في ظل صمت دولي مريب رغم المؤشرات الخطيرة بفعل الحشد المعلن لمئات البارجات إلى باب المندب بذرائع وهمية مكشوفة أمام مرى ومسمع الجميع لأول مرة في التاريخ ، وأمام هذا الوضع الخطير تفجرت الثورة الجنوبية في العام 2007م محذرة من خطر قادم يهدد العالم كله نتيجة لاضطراب الجنوب بفعل التجاهل الإقليمي والدولي للسيادة الجنوبية وبالرغم من التضحيات الجسيمة للثورة الجنوبية نيابة عن العالم إلا أنها جوبهت بسخرية يمنية وبرودة خليجية وصمت عربي ودولي مريب حتى بلغت النار معطف الجيران حينها انفجر الموقف بإعلان عاصفة الحزم العربية ضد القوى الغازية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بهدف إعادة انتشار الاحتلال في أخطر بقعة في العالم مما دفع بالثورة السلمية إلى تبني خيار المقاومة من أجل السيادة الجنوبية 0
أسرار الارتباط بين الاستقرار العالمي واستقرار الجنوب :
اثبتت الأحداث التاريخية (الحديثة والمعاصرة) بأن استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب نتيجة لـ(تفرد الموقع الاستراتيجي النادر للجنوب ) من خلال التالي : 1- تموضع الجنوب في قلب العالم وارتباطه بالمحيط الهندي شرقا والهادي غربا أضف إلى احتضانه لعدة بحار فريدة كـ(البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي) الذي يجمعها مضيق باب المندب النادر الذي تمر منه أكثر من نصف الطاقة الدولية 2 - وجوده بخاصرة شبه الجزيرة العربية الغنية بالثروات وحساسية المقدسات ولا سيما المملكة العربية السعودية وفضاءه المطل على منظومة الدول الخليجية إلى البصرة 3 - تربض فيه أضخم قاعدة عسكرية في العند محصنة بأقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط وتتحكم في أهم البحار والمحيطات الحساسة في العالم ، كما يتميز بمطار دولي في عدن يتفرد بمجاورته لثالث ميناء في العالم 0 وغيرها من المميزات الغنية 0
لهذه الأسباب وغيرها أصبح استقرار العالم مرهون باستقرار الجنوب واستقرار الجنوب مرهون بالحفاظ على لونه المستقل منذ الأزل ولنا في التاريخ الحديث خير دليل ولإثبات صحة ذلك من عدمه ينبغي أن نتساءل عن نوعية السياسات التي أُتُبِعَت من قبل القوى العالمية الكبرى في القرنين التاسع عشر والعشرين تجاه الوضع في الجنوب ، وهل عَمَدَتْ تلك القوى إلى تذويب الجنوب وتغييبه أو طمسه ومحوه من خارطة العالم السياسية بهدف التحكم به أم تعاملت معه بلونه الخاص بغض النظر عن وسيلة البقاء فيه ؟ فإذا ما تفحصنا في الإجابة سنلحظ بأن الإمبراطورية البريطانية قد أدركت أهمية الموقع الاستراتيجي للجنوب وتفرده ، ورأت بأن الحفاظ على الاستقرار العالمي مرهون باستقرار الجنوب من خلال التعامل معه بلونه المستقل ، مما ساعدها على الثبات كقوة عظمى في العالم ، لتأتي من بعدها الإمبراطورية الروسية وتتعامل مع الجنوب بنفس المنهج البريطاني الأمر الذي عزز من مكانتها كقوة عظمى ووفر لها حالة من الاستقرار وعكس نفسه على طبيعة الاستقرار الدولي بخلاف الإمبراطورية الأمريكية التي تدفع ثمن تقديراتها الخاطئة عندما تخلت عن اللون المستقل للجنوب في تسعينيات القرن العشرين 0
مخاطر التخلي عن استقرار الجنوب :
في نهاية القرن العشرين انهارت المنظومة الاشتراكية وأصبحت الإمبراطورية الأمريكية هي القوة الكبرى في العالم وعندما دعت إلى أمركة العالم لم تراعِ عوامل النجاح وأبرزها الحفاظ على استقرار الجنوب من خلال الحفاظ على لونه الخاص ، إذ سرعان ما أدى ذلك إلى اضطراب الوضع في الجنوب بفعل سلبية الموقف الامريكي تجاه الاحتلال اليمني للجنوب مما عكس نفسه سلبا على العالم لتكن أميركا هي الخاسر الأكبر ، من كل ذلك نستنتج بأن تغييب اللون الجنوبي من الخارطة السياسية منذ التسعينات كانت له نتائج وخيمة على استقرار اليمن والخليج والإقليم والعالم كله 0 وللتدليل على ذلك نورد أثر مخاطر التخلي عن استقرار الجنوب على النحو التالي :
أ - مخاطر التخلي على الصعيد العالمي :
لقد أدركت القوى الكبرى في العالم وخاصة في العصر الحديث والمعاصر بأنها لا تستطيع أن تتحول إلى قوى نفوذ عالمية إلا من خلال تواجدها في أكبر عدد ممكن من البحار وخاصة في المواقع الاستراتيجية التي تهيمن على عدة بحار استراتيجية ويأتي الجنوب في مقدمتها وحتى تضمن تواجدها في هذا المكان الدولي الحساس لابد أن تضمن استقراره من خلال الحفاظ على لونه المستقل ، وهي الحقيقة التي أدركتها بريطانيا في القرن التاسع عشر ومكنتها من التحول إلى إمبراطورية عظمى كما أدركتها روسيا في منتصف القرن العشرين ومكنتها من التحول إلى قوة عظمى قادرة على التحكم بالتوازن الدولي باقتدار بدليل فقدانها لتلك الميزة العظمى بعد تخليها عن الجنوب ، تلك الحقيقة لم تراعِها أميركا في تسعينات القرن العشرين مما عكس نفسه سلبا عليها وخاصة عندما أصبحت القوة الوحيدة في العالم بعد انهيار المعسكر الروسي ، وعندما قررت أن تتحول إلى إمبراطورية عالمية لم تراعِ شرط نجاح الامبراطوريات الذي يكمن في الحفاظ على استقرار المواقع الاستراتيجية في العالم وفي مقدمتها استقرار الجنوب من خلال الحفاظ على لونه المستقل ، إذ أوهمهم الاحتلال اليمني بأن مباركتهم لطمس معالم الجنوب ومحوه من الخارطة السياسية للعالم سيضمن لهم الهيمنة على العالم كله إلا أن الفخ اليمني للأمريكان أفقدهم فرصة تاريخية اخرت صعودهم لا تتكرر حتى نهضت أقطاب عالمية جديدة نحو (دول البركس) التي كانت في وضع صعب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلا أن اشتغالها على أخطاء السياسة الأمريكية في العالم وخاصة في الجنوب جعل منها اليوم قوة لا يمكن اغفالها وعندما أدركت أميركا مخاطر الغلطة التاريخية حاولت أن تسابق الزمن بخطوات مدروسة لتحافظ على تفردها عن بقية الأقطاب الأخرى إلا أن رواسب الغلطة السابقة أربكت السياسة الأمريكية الجديدة وأوقعتها في عدت أزمات نحو أزمة سبتمبر 2001م والأزمة الاقتصادية في العام 2008م مما جعلها تتراجع عن سياسة القطب الواحد وتقبل التعايش في إطار عالم متعدد الأقطاب وبإمكانها أن تعوض ذلك لتصبح القطب الأقوى إذا ما غيرت موقفها تجاه الجنوب لما يضمن استقراره المستقل وهي قادرة أن أرادت لتخدم بهذه الخطوة استقرارها واستقرار(اليمن والخليج والإقليم والعالم) 0
ب - مخاطر التخلي على الصعيد العربي :
عندما استشعر الشعب الجنوبي الثائر بأن وجوده معرض للزوال بفعل الصراع الخفي بين أطراف النظام العالمي الجديد وانعكاساته السلبية على دول الإقليم بسبب تجاهلهم للاستقرار العالمي الذي يبدأ باستقرار الجنوب نهض بثورته الوطنية السلمية مطالبا دول الجوار العربي ودول الإقليم والعالم كله لمساندته في استعادة دولته المستقلة كي يستقر الجنوب كخطوة أولى لاستقرار العالم إلا أن هذه الثورة الوطنية السلمية النادرة قوبلت بالبرودة حينا وبالتعتيم الإعلامي حينا آخر مما شجع الاحتلال على خلط الأوراق واللعب على الجميع الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على دول الإقليم وفي مقدمتها دول الخليج العربي التي وجدت نفسها أمام الواقع التالي : 1 - انفجار ثورات عربية مشوهة تتبنى أهداف معاكسة لأهداف الثورة الجنوبية المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية سلميا ، إذ تحركت الشعوب العربية للمطالبة بإسقاط دولها دون أن تستطيع إعادتها فسقطت سلميتها لتدخل في حروب أهلية مسلحة مفتوحة مما جعلها تطالب الدول الكبرى للتدخل والهيمنة مقابل الحفاظ على سلامة الشعوب 2 - بروز ثورات عربية مضطربة تتبنى مشاريع مناقضة للمشروع الوطني الذي تبنته الثورة الجنوبية ولم تتعاطف معه دول الاقليم ، إذ تحركت الشعوب العربية بمشاريع شرائحية ذاتية مما أدى إلى غياب المشروع الوطني الجامع الأمر الذي دفع بالشعوب العربية إلى تبني أهداف مذهبية تفضي إلى تحويل الصراع الاقتصادي بين المشروع العربي ومشاريع دول الإقليم إلى صراع مذهبي طويل الأمد بين السنة والشيعة يؤدي إلى استنزاف الجميع ، وهو الأمر الذي تلافته الدول العربية مؤخرا ولا سيما دول الخليج العربي مدركة بأن الاستقرار العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص مرهون باستقرار الجنوب وما يجري على أرض الواقع خير دليل 0
جـ - مخاطر التخلي على الصعيد اليمني :
عندما أصبحت عاصفة الحزم أمرا واقعا بفعل الصراع بين أطراف قوى الاحتلال اليمني الطاردة لأي لون جنوبي حتى لو تبنى لونها ، تلك القوى التي أرادت إعادة انتشار قواتها في الجنوب بما يتناسب مع مكانة ومصلحة القوى الجديدة القديمة وفي المواقع التي تضمن لها البقاء فترة أطول كان لزاما على ثورة الجنوب السلمية أن تنادي لجبهة جنوبية عريضة لمواجهة الاحتلال القديم الجديد تضم كل شرائح وأطياف الشعب الجنوبي الثائر ضد الاحتلال بكل شرائحه وأطيافه وعلى رأسهم الحوثيين فتشكلت (المقاومة الجنوبية) الباسلة بهدف الوصول إلى تحقيق استقرار الجنوب المستقل كخطوة أولى وأساسية ليس لاستقرار اليمن والخليج وحسب وإنما لاستقرار الإقليم والعالم كله لما للجنوب من أهمية في حفظ الأمن والسلام الدوليين ، فإذا استوعب الحكماء في دولة الاحتلال وأشقاؤنا في دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية الشقيقة لهذه الحقيقة سيتحقق التالي : 1- إفشال المخططات الرامية إلى تحويل الصراع الوطني بين الثورة الجنوبية والاحتلال اليمني إلى صراع مذهبي بين شيعة وسنة له بداية وليس له نهاية بل له نتائج تدميرية ليس على اليمن والجنوب بل وعلى دول الخليج والمنطقة برمتها 2- جلوس طرفي الصراع (الجنوبي واليمني) إلى طاولة مفاوضات ندية تفضي إلى إقامة دولتين وطنيتين متكاملتين في إطار المشروع العربي الواحد الذي تتبناه دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بدلا من عدة دويلات متناحرة يصل شرها إلى كل بيت في اليمن والخليج 0
إذا لم يتم إدراك هذه الحقيقة والتعامل معها من قبل قوى القرار بشكل إيجابي ستكون النتيجة مدمرة لاستقرار الجنوب كأهم موقع استراتيجي في العالم مما سيعكس نفسه سلبا ليس على استقرار اليمن والخليج بل وعلى دول الإقليم والعالم كله وهو الأمر الذي لن تقبل به ثورة الجنوب التحررية التي ضحت طوال ثمان سنوات ولا زالت بمآت الألآف من الشهداء والجرحى والمعتقلين وتحولت الجنوب بفعل الاحتلال القديم الجديد إلى ساحة حرب أكثر من (24 عاما) ولا زالت مما عرض أهلها ومنجزاتها للتدمير الشامل الأمر الذي جعلها أشبه بالغريق الذي يمد يده حتى لـ (000!!! ؟؟؟ ) وهم كثر في هذا الزمن المتناقض وما نتمناه أن لا يحصل ذلك بعد عاصفة الحزم ، وحتى وأن حصل قد يكون من قبل المحتل أما أشقاؤنا في دول التحالف فكلنا أمل من قدرتهم في تحقيق استقرار الجنوب المستقل ليس من أجل الجنوب وإنما من أجل استقرار العالم كله بما فيه استقرار دولة الاحتلال اليمني الغاشم 0
د 0 يحيى شايف الشعيبي / مشرف مركز صيانة الثورة الجنوبية / 24/4/2015م