عاشق القبه الخضراء
03-15-2006, 04:11 AM
هذه المقدمه فقط: الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 5)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون .... و صلى الله عليه و على آله إلى يوم الدين
أما بعد ....
من سليمان بن عبدالوهاب إلى حسن بن عيدان ...
سلام على من اتبع الهدى ، و بعد ...
قال الله تعالى ( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر )(1) ، و قال النبي(ص) ( الدين النصيحة )(2) ، و أنت كتبت إليَ أكثر من مرة تستدعي ما عندي حيث نصَحتُك على لسان ابن أخيك ، فها أنا أذكر
هامش_____________________________
1 - سورة آل عمران الآية 104
2 - أخرجه البخاري في التاريخ /110:2:1 / و مسلم / 55 / و النسائي / 4197-4198 / و أبو داود / 4944 /
و أحمد / 16493-16494-16498-16499 / عن تميم بن أوس الدري
و أخرجه الترمذي / 1926 / و النسائي / 4199-4200 / و أحمد / 7894 / و ابن النجار عن أبي هريرة
و أخرجه أحمد / 3271 / عن عبدالله بن العباس
و أخرجه الدرامي / 2754 / عن عبدالله بن عمر
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 7 )
و قال (ص) ( لا يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة )(1) .
و جعل اقتفاء أثر هذه الأمة واجبا على كل أحد بقوله تعالى : ( و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوَله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيراً )(2) .
و جعل إجماعهم حجةً قاطعةً لا يجوز لأحدٍ الخروج عنه ، و دلائل ما ذكرنا معلومة عند كل مَن له نوعُ ممارسةٍ في العلم .
اعلم أن ما جاء به محمد (ص) أن الجاهل لا يستبدٌ برأيه (3) ، بل يجب عليه أن يسأل أهل العلم كما قال تعالى :
( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )(4) .
و قال (ص) ( هل لا إذا لم يعلموا سألوا ، فإنما دواء العيٍ (5)السؤال )(6) ....
هامش ______________________
1 - أخرجه البخاري / 71 -3116 - 7312 / و مسلم / 1037 / عن معاوية
2 - سورة النساء الآية 115
3 - يقول النبي (ص) ( ثلاث مهلكات : شحٌ مطاعٍ و هوى متبع ، و إعجاب المرء برأيه )
أخرجه الخطيب في تاريخه و العسكري عن عبدالله بن العباس
و يقول النبي (ص) ( إذا رأيت شحاً مطاعاً و هوى متبعاً و دنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك و دع العوام ، فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلٍ يعملون مثل عملكم )
أخرجه الترمذي / 3058 / و أبو داود / 4341 / و ابن ماجه / 4014 /
4 - سورة الأنبياء الآية 7 و سورة النحل الآية 43
5 - العي : هو التحير في الكلام و المراد الجهل
6 - الحديث أن رجلا من أصحاب رسول الله أصابه جرح في عهد رسول الله ثم أحتلم فقال : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة و أنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبي (ص) أخبر بذلك فقال ( قتلوه قتلهم الله ألا سألوا / و في رواية هلا سألوا / إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال )
أخرجه أبو داود /337 / و ابن ماجه /572 / و أحمد /3048 / و الدرامي / 752 /
و أخرجه أبو داود / 336 / عن جابر بن عبدالله .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 8 )
و هذا إجماع .
قال في غاية السؤال : ( قال الإمام أبو بكر الهروي : أجمعت العلماء قاطبة على إنه لا يجواز لأحدٍ أن يكونَ إماما في الدين و المذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذه الخصال و هي : أن يكون حافظا للغات العربية و اختلافها ، و معاني أشعارها و أصنافها ، و اختلاف العلماء و الفقهاء ، و يكون عالماً فقيهاً ، و حافظا للإعراب و أنواعه و الاختلاف ،
عالما بكتاب الله حافظاً له و لا ختلاف قراءته و اختلاف القراءة فيها ، عالماً بتفسيره و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه و قصصه ، عالماً بأحاديث الرسول (ص) ، مميزا بين صحيحها و سقيمها و متصلها و منقطعها و مراسيلها و مسانيدها و مشاهيرها ، و أحاديث الصحابه موقوفها و مسندها ، ثم يكون روعاً ديناً صائِباً لنفسه صدوقاً ثقةً بيني مذهبه و دينه على كتاب الله و سنة رسوله (ص) .
فإذا جمع هذه الخصال فحينئذٍ يجوز أن يكون إماماً ، و جاز أن يقلدَ و يجتَهِدَ في دينه و فتاويه ، و إذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال و أخل بواحدةٍ منها كان ناقصاً و لم يَجُز أن يكونَ إماماً و يقلدَه الناس .
قال : و إذا ثبت أن هذه شرائط لصحة الاجتهاد و الإمامة فقد كَل من لم يكن كذلك أن يقتديَ بمن هو بهذه الخصال المذكورة ) .
و قال : ( الناس في الدين على قسمين : مقلدٌ و مجتَهِدٌ ، و المجتهدون مختصون بالعلم ، و علم الدين يتعلق بالكتاب و السنة و اللسان العربي الذي وردا به ، فمن كان فيما يعلم الكتاب و السنة و حُكم ألفاظِها و معرفة الثابت من أحكامها ، و المنتقل من الثبوت بنسخٍ أو غيره ، و المقدم و المؤخر صحَ اجتهادُه و أن يقلدَه مَن ْ لم يبلغْ درجته ، و فرضُ من ليس بمجتهدٍ أن يسألَ و يقلدً ، و هذا لاخلاف فيه ) .
:الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 9 )
انظر قوله : ( و هذا لا خلاف فيه ) ..
و قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1) : ( لا يجوز لأحد أن يأخذَ من الكتاب و السنة ما لم يجتمع فيه شروط الاجتهاد و من جميع العلوم ) .
قال أحمد بن المنادي : ( سأل رجل أحمد بن حنبل : إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث هل يكون فقيها ؟ قال : لا ، قال : فمائتي ألف حديث ؟ قال : لا ، قال فثلثمائة ألف حديث ؟ قال : لا ، قال : فأربعمائة ؟ قال : نعم . قال أبو الحسن فسألت جدي : كم كان يحفظ أحمد ، ؟ قال : أجاب عن ستمائة ألف حديث (2) ) .
قال أبو إسحاق : ( لما جلست في جامع المنصور للفتيا ذكرت هذه المسألة فقال رجل : فأنت تحفظ هذه المقدار حتى تفي الناس ؟ قلت : لا ، إنما أفتي بقول مَنْ يحفظ هذه المقدار ) .
و لو ذهبنا نحكي من نحكي الإجماع لطال ، و في هذا الكفاية للمسترشد .
و إنما ذكرت هذه المقدمة لتكونَ قاعدةً يُرجَع إليها فيما نذكره ، فإن اليوم ابتُلِيَ الناسُ بمن ينتسب إلى كتاب و السنة و يستنبط من علومهما و لا يبالي مَن خالفه ، و إذا طلبت منه أن يعرضَ كلامه على أهل العلم لم يفعلْ ، بل يوجبُ على الناس الأخذ بقوله و بمفهومه ، و من خالفه فهو عنده كافر ... هذا و هو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد ، و لا و الله عِشْرُ واحدة .. و مع هذا راجَ كلامه على كثير من الجهالُ فإنا لله و إنا إليه راجعون ... الأمة كلها تصيح بلسان واحد و مع هذا لا يردُ لهم في كلمةٍ ، بل كلُهم كفار أو جهال .... اللهم اهْدِ الضالَ و رُدَه إلى الحق !
هامش____________________________
1 - إشارة إلى كتابه ( إعلام الموقعين عن رب العالمين )
2 - و في بعض الروايات ألف ألف حديث .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 10 )
فنقول .. قال الله عز و جل : ( إن الدين عند الله الإسلام )(1) ، و قال تعالى : ( و من يتبعِ غير الأسلام ديناً فلن يقبلَ منه )(2) و قال تعالى : ( فإن تابوا و أقاموا الصلوة و آتو الزكاة فخلوا سبيلهم )(3) ، و في الآية الأخرى : ( فإخوانكم في الدين )(4) .
قال ابن عباس : ( حرَمَتْ هذه اللآية دماءَ أهل القبلة ) .
و قال أيضا : ( لا تكونوا كالخوارج تؤوِلوا آياتِ القرآن في أهل القبلة ، و إنما نزلت في أهل الكتاب و المشركين ، فجهلوا علمها ، فسفكوا بها الدماء ، و انتهكوا الأموال ، و شهدوا على أهل السنة بالضلالة ، فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرآن ) .
و كان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق ... قال ( إنهم عمدوا في آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين)(5)
فحينئذٍ ذكر الله عز و جل ( إِنَ الديِن عند الله الإسلام )(6) .
هامش______________________________
1 - سورة أل عمران الآية 19
2 - سورة أل عمران الآية 85
3 - سورة التوبة الآية 5
4 - سورة الأحزاب الآية 5 + سورة التوبة الآية 11
5 - الحديث أثر موقوف على عبدالله بن عمر ورد في البخاري في باب قتل الخوارج و الملحدين بعد إقامة الحجة عليهم و قول الله تعالى : ( و ما كان الله ليضلَ قوما بعد إذ هداهم حتى يبينَ لهم ما يتقون )
و كان ابن عمر يراهم شرار خلق الله و قال ( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلها على المؤمنين ) .
6 - سورة آل عمران الآية 19
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 11 )
و قد قال النبي (ص) في حديث جبريل : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدأً رسول الله )(1) .
و في حديث ابن عمر : ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله )(2) .
هامش__________________________
1 - عن عبدالله بن عمر قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب قال : بينما نحن عند رسول الله (ص) ذات يوم إذ ضلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي (ص) فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفَيْه على فخذيه و قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ،
فقال رسول الله (ص) : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت ، قال : فعجبا له يسأله و يصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان ، قال : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره . قال : صدقت ، قال فأخبرني عن الإحسان ، قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : فأخبرني عن الساعة ، قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن إماراتها ، قال : أن تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان .
قال ثم انطلق ، فلبثت ملياً ثم قال لي : يا عمر ، أتدري من السائل ؟ قلت : الله و رسوله أعلم ، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .
أخرجه مسلم / 8 / و الترمذي / 2610 / و النسائي / 4990 / و أبو داود / 4695 / و ابن ماجه / 63 /
و أحمد / 185-369-376-5822 / .
2 - سأل رجل عبدالله بن عمر ألا تغزو ؟؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما سمعت النبي (ص) يقول ( بني الإسلام على خمسٍ : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله / و في رواية على أن يوحد الله / و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الحج و صوم رمضان ) .
أخرجه البخاري / 8 / و مسلم / 16 / و الترمذي / 2609 / و النسائي / 5001 /
و أحمد / 5639-5979-6265 / و الطبراني في الكبير .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 12 )
و في حديث و فد عبد القيس قال فيه النبي (ص) ( آمركو بالإيمان بالله وحده ... أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله )(1) ...و غير ذلك من الأحاديث وصَفَ الإسلام بالشهادتين و ما معهما من الأركان ، و هذا إجماع الأمة ، بل أجمعوا أن من نطق بالشهادتين أجريت عليه أحكام الإسلام لحديث ( أمرت أن أقاتل الناس )(2) ، و لحديث الجارية : ( أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة )(3)
هامش__________________________
1- عن عبد الله بن عباس أن وفد عبد القيس أتوا النبي (ص) فقال : من الوفد - أو من القوم ؟- قالوا : ربيعة ، فقال : مرحباً بالقوم - أو بالوفد - غير خزايا و لا ندامى ، قالوا : إنا نأتيك من شقة بعيدة ( أي أرض بعيد ) و بيننا و بينك هذا الحيَ من كفار مضر و لا نستطيع أن نأتيَك إلا في شهر حرام ، فمُرنا بأمر نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة ،
فأمرهم بأربع و نهاهم عن أربع ، أمرهم بالإيمان بالله عز و جل وحده ، قال : هل تدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا الله و رسوله أعلم قال : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله إقام الصلاة و إيتاء الزكاه و صوم رمضان و تعطوا الخُمسَ من المغنم و نهاهم عن الدباء ( هو إناء يصنع من القرع ) و الحنتم ( هو إناء يصنع من طين و شعر ودم ) و المزفت ( هو إناء مطلي بالزفت و القار ) . - قال شعبة ربما النقير ( هو جذع الشجر ينقر و يتخذ وعاء ) ، و ربما قال : المقير ( أي المطلي بالقار ) .
أخرجه البخاري / 53 / و مسلم / 17 / و الترمذي / 1599 - 2611 / و النسائي / 5031 /
و أبو داود / 3692-3696-4677 / و أحمد / 3396 / .
2 - الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة . فإذا فعلوا ذلك عصموا في دماؤهم و أموالهم إلا بحق الإسلام و حسابهم على الله ) .
أخرجه البخاري 25 / و مسلم / 22 /
و لهذا الحديث ألفاظ و روايات عديدة سيرد ذكرها لا حقاً .
3 - عن معاوية بن الحكم السلمي قال : كانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَل أحدُ الجوَانية ، فطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ، و أنا رجل من بني آدم أسف كما يأسفون ، لكني صككنها ( أي ضربتها ) صكة ، فأتيت رسول الله (ص) فعظَم ذلك علي ، قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ، قال : ائتني بها فأتيته بها فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال أعتقها فإنها مؤمنة .
أخرجه مسلم / 537 / و أبو داود / 930 - 3282 / و أحمد / 27718 - 27720 /
و أخرجه بلفظ آخر النسائي / 3653 / و الدرامي / 2348 / و أحمد / 17485 - 18961 - 18972
و أبو نعيم عبد الرزاق عن الشريد بن سويد الثقفي .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 13 )
و لحديث ( كفوا عن أهل لا إله إلا الله )(1) .... و غير ذلك .
قال ابن القيم : ( أجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، فقد دخل الإسلام ...
... و كذلك أجمع المسلمون أن المرتد إذا كانت ردته بالشرك فإن توبته بالشهادتين ...
... و أما القتال .. إن كان ثَمَ إمام قاتل الناس حتى يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة ) .
و كلُ هذا مسطور مبين في كتب أهل العلم ، مَنْ طلَبة وجده ، فالحمد لله على تمام الإسلام .
هامش____________________________
1 - الحديث ( كفوا عن أهل لا إله إلا الله ، لا تكفروهم بذنب ، فمن كفَر أهل لا إله إلا الله فهو إلى الكفر أقرب ) .
أخرجه الطبري في الكبير عن عبدالله بن عمرو .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 14)
فصل
إذا فهمتم ما تقدم فإنكم تكفرون من شهد أن لا إله إلا الله و حده و أن محمداً عبده و رسوله و أقام الصلاة و آتى الزكاة و صام رمضان و حج البيت مؤمناً بالله و ملائكته و رسله ملتزماً لجميع شعائر الإسلام ، و تجعلونهم كفاراً و بلادهم بلاد حرب ، فنحن نسألكم مَنْ إمامكم في ذلك و ممن أخذتم هذا المذهب عنه ؟!!؟!!
فإن كفَرناهم لأنهم مشركون بالله ، و الذي منهم ما أشرك بالله لم يكفِرْ مَنْ أشرك بالله لأنه سبحانه قال ( إِن الله لا يغفرُ أن يُشرَكَ به )(1) و ما في معناها من الآيات و إن أهل العلم قد عدوا في المكفرات مَنْ أشرك بالله ، قلنا هذه الآيات حق و كلام أهل العلم حق ،
و لكن أهل العلم قالوا في تفسير مَنْ أشرك بالله : أي ادعى أن لله شريكا ، كقول المشركين ( هؤلاء شركاؤنا )(2) ، و قوله تعالى ( و ما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكـم شركاء )(3) ، ( و إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون )(4) ، ( أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً )(5) ... إلى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه و رسوله و أهل العلم ، لكن هذه التفاصيل التي تفصلون مِن فعل كذا فهو مشرك و تخرِجونه من الإسلام ..... من أين
هامش _____________________________
1 - سورة النساء الآية 116
2 - سورة النحل الآية 86
3 - سورة الأنعام الآية 49
4 - سورة الصافات الآية 35
5 - سورة ص الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 15)
لكم هذا التفصيل ؟! استنبطتم ذلك بمفاهيمكم ؟!! .. فقد تقدم لكم إجماع الأمة أنه لا يجوز لمثلكم الاستنباط .
ألكم في ذلك قدوة من إجماع أو تقليد من يجوز تقليده ؟؟!!
مع أنه لا يجوز للمقلد أن يكفرَ إن لم تُجْمِع الأمةُ على قول متبوعه ... فبينوا لنا من أين أخذتم مذهبكم هذا ؟؟؟!! و لكم علينا عهد الله و ميثلقه إن بيَنتم لنا حقاً يجب المصير إليه لَنَتَبَع الحق إن شاء الله ،
فإن كان المراد مفاهيمكم .. فقد تقدم أنه لا يجوز لنا و لا لمن يؤمن بالله و اليوم الآخر الأخذ بها ، و لا نكفر من معه الإسلام الذي أجمعت الأمة على ما أتى به فهو مسلم .
فأما الشرك ففيه أكبر و أصغر ، فيه كبير و أكبر ، و فيه ما يخرِج من الإسلام ، و هذا كله باقي لا
و تفاصيل ما يخرج مما لا يخرج يحتاج إلى تبيين أئمة أهل الإسلام الذين اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد ، فإن أجمعوا على أمرٍ لم يسعْ أحدٌ الخروج عنه ، و إن اختلفوا فالأمر واسعْ . فإن كان عندكم عن أهل العلم بيان واضح فبينوا لنا .. و سمعاً و طاعة ، و إلا فالواجب علينا و عليكم الأخذ بالأصل المُجْمَع عليه و اتباع سبيل المؤمنين .
و أنتم تحتجون أيضاً بقوله عز و جل ( لئن أشركت ليحبطنَ عملك )(1) .
و بقوله عز و جل في حق الأنياء : ( و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )(2) , و بقوله تعالى : ( و لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة و النبيين أرباباً )(3) ...
هامش____________________________
1 - سورة الزمر الآية 65
2 - سورة الأنعام الآية 88
3 - سورة آل عمران الآية 80
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 16)
فنقول : نعم ، كل هذا حق يجب الإيمان به ، و لكن مِن أين لكم ان المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله إذا دعى غائباً أو ميتاً أو نذر له أو ذبح لغير الله أو تمسَحَ بقبرٍ أو أخذ من ترابه أن هذا هو الشرك الأكبر الذي مَنْ فَعَلَ حبط عمله و حلَ ماله و دمه ، و أنه الذي أراد الله سبحانه من هذه الآية و غيرها في القرآن .
فان قلتم فهمنا ذلك من الكتاب و السنة ، قلنا : لا عبرة بمفهومكم ، و لا يجوز لكم و لا لمسلم الأخذ بمفهومكم ، فإن الأمة مجمعة كما تقدم ان الاستنباط مرتبة أهل الاجتهاد المطلق .
و مع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجلٍ ، لم يجبْ على أحدٍ الأخذ بقوله دون نظر .
قال الشيخ تقي الدين : ( من أوجب تقليد الإمام بعينه دون نظرٍ فإنه يستتاب ، فإن تاب أو قتل ) .
و إن قلتم : أخذنا ذلك من كلام بعض أهل العلم ، كابن تيمية و ابن القيم لأنهم سموا ذلك شركاً ...
قلنا هذا حق و نوافيكم على تقليد الشيخين أن هذا شرك ، و لكم هم لم يقولوا كما قلتم إن هذا شرك أكبر يخرِجُ من الإسلام و تجري على كل بلد هذا فيها أحكام أهل الرده ، بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه أحكام أهل الرده ، و لكنهم رحمهم الله ذكروا أن هذا شرك ، و شددوا فيه و نهوا عنه ، و لكن ما قالوا كما قلتم و لا عِشْرَ مِعشاره ، و لكنكم أخذتم من قولهم ما جازَ لكم دون غيره ، بل في كلامهم رحمهم الله ما يدل على أن هذه الأفاعيل شرك أصغر .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 17 )
و على تقدير ان في بعض أفراده ما هو شرك أكبر على حسب حال قائله و نيته ، فهم ذكروا في بعض مواضع من كلامهم ان هذه لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفُرُ تاركها كما يأتي في كلامهم إن شاء الله مفصلاً .
و لكن المطلوب منكم هو الرجوع إلى كلام أهل العلم و الوقوف عند الحدود التي حدُوا . فإن أهل العلم ذكروا في كلِ مذهبٍ من الذاهب الأقوال و الأفعالَ التي يمون بها المسلم مرتَداً ...
و لم يقولوا من نذر لغير الله فهو مرتد ....
و لم يقولوا من طلب مِن غير الله فهو مرتد ....
و لم يقولوا مَن ذبح لغير الله مرتد ....
و لم يقولوا مَن تمسَحَ بالقبور و أخذ من ترابها فهو مرتد كما قلتم أنتم .
فإن كان عندكم شيء فبينوه ، فإنه لا يجوز كتم العلم .. و لكنكم أخذتم هذا بمفاهيمكم و فارقتم الإجماع و كفرتُم أمة محمد (ص) كلهم حيث قلتم من فعل هذه الأفاعيل فهو كافر ، و مَنْ لم يكفرْه فهو كافر .
و معلوم عند الخاص و العام ان هذه الأمور ملأت بلاد المسلمين ، و عند أهل العلم منهم أنها ملأت بلاد المسلمين مِن أكثر من سبعمائة عام ، و إن من لم يفعل هذه الأفاعيل مِن أهل العلم لم يكفروا أهل هذه الأفاعيل و لم يجروا عليهم أحكام المرتدين ، بل أجروا عليهم أحكام المسلمين بخلاف قولكم حيث أجريتم الكفر و الردة على أمصار المسلمين و غيرها من بلاد المسلمين ، و جعلتم بلادهم بلاد حرب حتى الحرمين
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 18 )
الشريفين اللذَيْن أخبر النبي (ص) في الأحاديث الصحيحة (1) الصريحة أنها لا يزالان بلاد الإسلام و أنها لا تعبد فيهما الأصنام ، و حتى أن الدجال في آخر الزمان يطأ البلاد كلها إلا الحرمين (2) كما تقف على ذلك إن شاء الله في هذه الرسالة .
فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب ، كفار أهلُها لأنهم عبدوا الأصنام على قولكم ، و كلهم عندكم مشركون كشركاً مخرِجاً عن الملة .. فإنا لله و إنا إليه راجعون .. فو الله إن هذا عين المحادَة(3) لله و لرسوله و لعلماء المسلمين قاطبة ،
فأعظم من رأينا مشدِداً في هذه الأمور التي تكفرون بها الأمة النذور و ما معها ابن تيمية و ابن القيم ، و هما رحمهما الله قد صرَحا في كلامهما نصريحاً واضحاً إن
هامش_______________________________
1 - قال رسول الله (ص) ( إن مكة حرمها الله و لم يحرمها الناس ، و لا يحل لإمرئ يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يسفك فيها دماً أو يعضد بها شجرة ) .
أخرجه البخاري / 104 و مسلم / 1365 / و النسائي / 2876 / و أحمد / 15938 - 15942 - 26619 - 26623 / عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي الكعبي .
و قال (ص) : أي يوم أعظم حرمة ؟ قالوا : يومنا هذا ، قال فأي شهر أعظم حرمة ، قالوا : شهرنا هذا ، قال فأي بلد أعظم حرمة قالوا : بلدنا هذا ، قال فإن دمائكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
أخرجه أحمد / 1356 / عن جابر بن عبدالله .
و اطلَع لرسول الله (ص) أحدٌ فقال : هذا جبل يحبنا و نحبه ، اللهم إن ابراهيم حرم مكة و أنا أحرم ما بين لابتيها
( و اللابة هي الأرض فيها حجارة سوداء و تعرف بالحرة ) .
أخرجه البخاري / 3367 / و مسلم / 1365 / و الترمذي / 3922 / عن أنس بن مالك .
2 - قال (ص) ( ليس من بلدٍ إلا سيطؤه الدجال إلا مكة و المدينة ليس له من نقابها نقب ( أي طريق أو مدخل )
أخرجه البخاري / 1881 / و مسلم / 2943 / و الترمذي / 2242 / و أحمد / 11835 - 12676 - 12732 - 12980 / عن أنس بن مالك .
و قال (ص) ( إن طيبة المدينة .. إن الله حرم حرمي على الدجال أن يدخلها )
أخرجه أحمد / 27831 / عن عائشة .
3 - حاد أي غاضب و عادي ، و في الآية ( إن الذين يحادون الله و رسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم )
سورة المجادلة الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 19 )
هذا ليس من الشرك الذي ينقُلُ عن الملة ، بل قد صرحوا في كلامهم أن من الشرك ما هو أكبر من هذا بكثير كثير ، و إنَ مِن هذه الأمة مِنْ هذه الأمة مَنْ فعله و عاند فيه ، و مع هذا لم يكفِره كما يأتي كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى .
فأما النذر فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه و ابن القيم و هما من أعظم من شدَد و سماه شركاً فنقول :
قال الشيخ تقي الدين : ( النذر للقبور و أهل القبور - كالنذر لابراهيم الخليل عليه السلام أو الشيخ فلان - نذر معصيةٍ لا يجوز الوفاء به ، و إن تصدًق بما نذر من ذلك على مَنْ يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيراً له عند الله و أنفع ) .
فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمُرْه بالصدقة ، لأن الصدقة لا تُقْبَلُ من الكافر ، بل يأمره بتجديد إسلامه ، و يقول له : خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله .
قال الشيخ أيضاً : ( مَنْ نذر إسراج بئرٍ أو بقبرٍ أو جبلٍ أو شجرةٍ أو نذرٍ له أو لسكانه لم يَجُزْ و لا يجوز الوفاء به ، و يصرف في المصالح ما لم يعرف ربه (1) )
فلو كان الناذر كافراً لم يأمرْه بردِ نذره إليه ، بل أمر بقتله .
و قال الشيخ أيضاً : ( من نذر قنديلَ نقد للنبي (ص) صُرِفَ لجيران النبي (ص) )
فانظر كلامه هذا و تأمله ، هل كفر فاعل هذا ، أو كفر مَنْ لم يكفرْه ، أو عد هذا من المكفرات هو أو غيره من أهل العلم كما قلتم أنتم و خرقتم الإجماع ؟
و قد ذكر ابن مفلح في الفروع عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية : ( و النذر لغير الله ، كنذره لشيخ معيَن للاستغاثة و قضاء الحاجة منه كحلفه بغي ) .
و قال غيره هو نذر معصية .
هامش___________________________
1 - أي صاحبه
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 20 )
فانظر إلى هذا الشرط المذكور ، أي نذر له لأجل الاستغاثة به ، بل جعله الشيخ كحلف بغير الله ، و غيره من أهل العلم جعله نذر معصية .. هل قالوا مثل ما قلتم : مَن فعل هذا فهو كافر ؟ و من لم يكفره فهو كافر ؟ عياذاً بك اللهم من قول الزور !! .
كذلك ابن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من المدارج (1) و استدل به بالحديث الذي رواه أحمد عن النبي (ص) ( النذر حلفه )(2) ، و ذكر غيره من جميع من تسمونه شركا و تكفرون به فعل الشرك الأصغر .
و أما الذبح لغير الله فقد ذكره في المحرمات و لم يذكره في المكفرات ، إلا إن ذُبح للأصنام أو لما عُبِد من دون الله كالشمس و الكواكب ، و عدَه الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها ، كمن غيَر منار الأرض أو من ضارَ مسلماً . كما يأتي في كلامه إن شاء الله تعالى . و كذلك أهل العلم ذكروا ذلك مما أهِلَ به لغير الله ، و نهوا عن أكله و لم يكفروا صاحبه .
و قال الشيخ تقي الدين : ( كما يفعله الجاهلون بمكة شرَفها الله تعالى و غيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن و لذلك نهى النبي (ص) عن ذبائح الجن (3) ) .
و لم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر ، بل مَنْ لم يكفرْه فهو كافر كما قلتم أنتم .
و أما السؤال من غير الله قفد فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله : ( و إن كان السائل يسأل مِن المسؤول مثل غفران الذنوب و إدخال الجنة و النجاة من النار و إنزال
هامش________________________________
1 - إشارة إلى كتاب ( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين ) .
2 - الحديث لم أقف عليه بهذا اللفظ و لكن ورد عن النبي (ص) أنه قال ( كفارة النذر كفارة اليمين )
أخرجه مسلم / 1645 / و الترمذي / 1582 / و النسائي / 3832 / و أبو داود / 3323 /
و أحمد / 1680 - 16868 - 16874 - 16889 - 16970 / عن عقبه بن عامر .
3 - أخرجه البيهقي في السنن عن الزهراوي و سلاً
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 21 )
المطر و إنبات الشجر و أمثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك و ضلال يستتاب صاحبه ، فإن تاب و إلا قُتِل ...
و لكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقومَ عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي في ذلك إن شاء الله .
فإن قلت : ذكر عنه في الإقاع أنه قال : ( من جعل بينه و بين الله وسائط يدعوهم و يسألهم و يتوكل عليهم كَفَرَ إجماعا ) .
قلت : هذا حق ، و لكن البلاء من عدم فهم كلام أهل العلم . لو تأمَلتم العبارة تأملا تاما لعرفتهم أنكم تأوَلْتم العبارة على غير تأويلها ، و لكن هذا من العجب ، تتركون كلامه الواضح ، و تذهبون إلى عبارة مجمَلة تستنبطون منها ضد كلام أهل العلم ، و تزعمون أن كلامكم و مفهومكم إجماع ؟! هل سبقكم إلى مفهومكم من هذا العبارة أحد ؟؟!!. يا سبحان الله أما تخشون الله !! .
و لكن انظر إلى لفظ العبارة و هو قوله : ( يدعوهم و يتوكل عليهم و يسألهم ) كيف جاء بواو العطف و قرنَ بين الدعاء و التوكل و السؤال .
فإن الدعاء في لغة العرب هو العبارة المطلقة ، و التوكل عمل القلب ، و السؤال هو الطلب الذي تسمونه الآن الدعاء ، و هو في هذه العبارة لم يقل ( أو سألهم ) بل جمع بين الدعاء و التوكل و السؤال و الآن أنتم تكفرون بالسؤال وحده ،
فأين أنتم و مفهومكم من هذه العبارة مع أنه رحمه الله بيَن هذه العبارة و أصلها في مواضع من كلامه . و كذلك ابن القيم بين أصلها ، قال الشيخ : ( من الصائِبةِ(1) المشركين ممن يُظْهِرُ الإسلام و يعظر الكواكب ، و يزعم أنه يخاطبها بحوائجه ، و يسجد لها و ينحر و يدعو .
هامش_________________________________
1 - صبأ إذا خرج من دين إلى دين و الصائبة هم قوم على الضلالة ، و قيل هم قوم كانوا يعبدون النجوم و الكواكب .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 22 )
وقد صنف بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصائبة و المشركين البراهمة كناباً في عبادة الكواكب ، و هي من السحر الذي عليه الكنعانيون الذين ملوكهم النماردة الذي بعث الخليل صلوات الله عليه بالحنيفة ملة ابراهيم و إخلاص الدين لله إلى هؤلاء ،
و قال ابن القيم في مثل هؤلاء : ( يقرون أن للعالَمِ صانعاً فاضلاً حكيماً مقدساً عن العيوب و النقائص ، و لكن لا سبيل لنا إلى الوجهة إلى جلاله إلا بالوسائط .
فالواجب علينا أن نتقرب إليه بالتوسطات الروحانيات القريبة منه ، فنحن نتقرب بهم إليه ، فهم أربابنا و آلهتنا و شفهائنا عند رب الأرباب و إله الآلهة .
فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلْفى ، فحينئذٍ نسأل حاجاتِنا منهم و نعرض أحوالنا عليهم و نصبو(1) في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون إلى إلهنا و إلههم و ذلك لا يحصل إلا من جهة الاستمداد بالروحانيات و ذلك بالتضرع و الابتهال من الصلوات و الزكاة و الذبائح و القرابين و البخورات ،
هؤلاء بالأصْلَيْن اللذَين جاءت بهما جميع الرسل :
أحدهما : عبادة الله و حده لا شريك له ، و الكفر بما يعد من دونه من إله .
و الثاني : الإيمان برسله و بما جاؤوا به من عند الله تصديقاً و إقراراً و انقياداً .
فانظر إلى الوسائط المذكورة في العبادة كيف يحملونها على غير محملها .
و لكن ليس هذا بعجب حملكم كلام الله و كلام رسوله و كلام أئمة الإسلام عللا غير المحمل الصحيح مع خرقكم الإجماع .
و أعجب من هذا أنكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها و من نقلها ، ترون بها صريح كلامهم في عين المسألة . و هل عملكم هذا إلا اتباع المتشابهه و ترك المحكم أنقذنا الله و إياكم من متابعة الأهواء ..
هامش___________________________
1 - أي نرجع و نؤول
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 23 )
و أما التبرك و التمسح بالقبور و أخذ التراب منها و الطواف بها فقد ذكره أهل العلم ، فبعضهم عَده في المكروهات ، و بعضهم عَده في المحرومات و لم ينطق واحد منهم بأن فاعل ذلك مرتد كما قلتم أنتم ، بل تكفرون من لم يكفرْ فاعل ذلك . فالمسألة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن و زيارة الميت .
فإن أردت الوقوف على ما ذكرت لك فطالع الفروع(1) و الإقناع وغيرهما من كتب الفقه . فإن قَدَحتُم فيمن صنف هذه الكتب فليس ذلك منكم بكثير ، و لكن ليكن معلوماً عندكم أن هؤلاء لم يحكموا مذهب أنفسهم ، و إنما حكموا مذهب أحمد بن حنبل و أحزابه من أئمة الهدى الذي أجمعت الأمة على هدايتهم و درايتهم ، فإن أييتم إلا العناد وادَعيتم المراتب العلية و الأخذ من الأدلة من غير تقليد أئمة الهدى فقد تقدم ان هذا خرق للإجماع .
هامش______________________________
1 - إشارة إلى كتاب ( الفروع من الكافي ) لمؤلفه أبي جعفر الكلبي الرازي ..
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 24 )
فصل
و على تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنها كفر - أعني النذر و ما معه - فهنا أصل آخر ما أصول أهل السنة محمعون عليه كما ذكره الشيخ تقي الدين و ابن القيم عنهم ، و هو أن الجاهل و المخطئ من هذه الأمة و لو عمل من الكفر و الشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً أنه يعذر بالجهل و الخطأ حتى تتبين له الحاجة التى يكفر تاركها بيناً واضحاً لا يلتبس على مثله أو ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعاً جلياً قطعياً يعرفه كلٌ من المسلمين من غير نظرٍ و تأملٍ ، كما يأتي إن شاء الله تعالى ، و لم يخالفْ في ذلك إلا أهل البدع .
فإن قلت قال الله عز و جل ( من كفر بالله إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان و لكن شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم )(1) ، الآية نزلت في المسلمين تكلموا بالكفر مكرَهين عليه .. هذا حق ، و هي حجة عليكم لا لكم . فإن الذين تكلموا به هو سب رسول الله (ص) و التبري من دينه ،
و هذا كفر إجماعاً يعرفه كل مسلم ، و مع هذا فإن الله عز و جل عذَرَ مَنْ تكلم بهذا الكفر مكرهاً و لم يؤاخذْه ، و لكن الله سبحانه و تعالى كفَر مَنْ شرح بهذا الكفر صدراً ، و هو من عَرَفَهُ و رَضِيَهُ و احتاره على الإيمان غيرَ جاهلٍ به . و هذا الكفر في الآية مما أجمع عليه المسلمون و نقلوه في كتبهم كل من عد المكفرات ذكره
هامش______________________________________
1 - سورة النحل الآية 16
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 25 )
و أما هذه الأمر التي تكفرون بها المسلمين فلم يسبقْكم إلى تكفير بها أحد من أهل العلم و لا عدُوها في المكفرات ، بل ذكرها من ذكرها منهم في أنواع الشرك ، و بعضهم ذكرها في المحرمات ، و لم يقلْ أحد منهم أن من فعله فهو كافر مرتد ، و لا احتجَ عليه بهذه الآية كما احتججتم ..
و لكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآيات نزلت في الذين : ( إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون . و يقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون )(1) ، و الذين يقال لهم ( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرىَ )(2) ،
و الذين يقولون ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء )(3) ،
و الذين يقولون ( أجعل الآلهة إها واحداً )(4) ...
و مع هذا تستدلون بهذه الآيات و تنزلونها على الذين يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله ، و يقولون ما لله من شريك ، و يقولون ما أحد يستحق أن يعبد مع الله .
فالذي يستدلُ بهذه الآيات على من شهد له رسول الله (ص) و أجمع المسلمون على إسلامه ما هو بعجيب لو استدل بالآية على مذهبه .
هامش_______________________________
1 - سورة الصافات الآيتين 35 + 36
2 - سورة الأنعام الآية 19
3 - سورة الأنفال الآية 32
4 - سورة ص الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 26 )
فإن كنتم صادقين ، فاذكروا لنا من استدل بهذه الآية على كفر من كفرْتموه بخصوص الأفعال و الأقوال التي تقولون أنها كفر .
و لكن و الله ما لكم مَثَلٌ إلا عبدالملك بن مروان لما قال لابنه : ( ادع الناس إلى طاعتك ، فمن قال عنك برأسه فقل بالسيف على رأسه هكذا ) يعني اقطعه .. فإنا لله و إنا إليه راجعون .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 27 )
فصل
و ها هنا أصل آخر ، و هو أن المسلم قد يجتمع فيه المادتان : الكفر و الإسلام ، و الكفر النفاق ، و الشرك و الإيمان (1) .. و إنها تجتمع فيه المادتان و لا يكفر كفراً ينقل عن الملة كما هو مذهب أهل السنة و الجماعة كما يأتي تفصيله و بيانه إن شاء الله ، و لم يخالفْ في ذلك إلا أهل البدع .
هامش_________________________________
1 - يقول النبي (ص) : ( إن الشيطان لمة بابن آدم و للملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإعاد بالشر و تكذيب الحق ، و أما لمة الملك فإعاد بالخير و تصديق الحق ..)
أخرجه الترمذي / 2988 / عن عبدالله بن مسعود
و قال (ص) ( لا يزني الزاني حين يزني و هم مؤمن و لا يشرب الخمر حين يشرب و هو مؤمن ، و لا يسرق حين يسرق و هو مؤمن ، و لا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها و هم مؤمن ) .
أخرجه البخاري / 2475 - 5578 - 6772 / و مسلم /57 / و الترمذي / 2625 / و النسائي / 4870 - 4871 - 4872 - 5659 - 5660 / و أبو داود / 4689 / و ابن ماجه / 3936 / و أحمد / 7276 - 27419 - 8781 / و الدرامي / 2106 / عن أب هريرة .
و قال (ص) : ( إذا زنى رجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة ، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان )
أخرجه أبو داود / 4690 / و الترمذي / 3653 / و الحاكم / 22 : 1 / عن أبي هريرة .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 28 )
فصل
اعلم أن أول فرقة فارقت الجماعة الخوارج الذي خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، و ذكرهم رسول الله (ص) و أمر بقتلهم و قتالهم و قال : ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم )(1) .
هامش_________________________________
1 - الحديث له عدة روايات نذكر بعضها : فعن أبي سعيد الخدري قال : ( بينما كان رسول الله (ص) يقسم قسماً ، فأتاه ذو
الخويصرة / و هو رجل من بني تميم ، فقال : يا رسول الله اعدل فقال : ويلك و من يعدل إذا لم أعدل . قد خبت و خسرت إن لم أكن
أعدل فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال : دعه ، فإن له أصحاب يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم و صيامه
مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ( و الترقوه هو العظم بين أعلى الصدر و العانق ) يمرقون ( أي ) يخرجون من الدين
كما يمرق السهم من الرمية ينظرمن نصله ( أي رأس سهمه ) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافة ( هو ما يلف على مدخل
النصل في السهم ) فما يوجد فيه شيئ ثم ينظر إلى تضيِه ( وهو قِدحه ) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه ( أي ريش السهم ) فلا
يوجد فيه شيء .. قد سبق الفرث و الدم . آيتهم رجل أسود احى عضديه مثل ثدي المرآة أو مثل البضعة ( أي قطعة لحم ) تدردر
( أي تضطرب و تتحرك ) و يخرجون على حين فرقة من الناس .
أخرجه البخاري / 3344 - 3610 - 5058 - 6931 - 6933 / و مسلم / 1064 / و النسائي / 2578 - 4101 / و أبو داود / 4764 - 4765 / و ابن ماجه / 169 / و أحمد /10625 - 10734 - 10898 - 11096 - 1143 - 11185 - 11220 - 11227 - 11254 - 11298 / و مالك / 477 /
و عن علي قال : سمعت رسول الله (ص) يقول يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ، يقول مِن خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر من قتلهم يوم القيامة .
أخرجه البخاري / 3611 - 5057 - 6930 / و مسلم / 1066 / و النسائي / 4102 / و أبو داود / 4767 - 1468 / و أحمد / 674 - 708 - 1089 - 1305 - 1348 / عن علي بن أبي طالب .
و أخرجه مسلم / 1063 / و ابن ماجه / 172 / و أحمد / 14390 - 14406 / عن جابر بن عبد الله .
و أخرجه الترمذي / 1288 / و ابن ماجه / 168 / و أحمد / 3821 / عن عبد الله بن مسعود .
و أخرجه النسائي / 4103 / و أحمد / 19284 - 19307 / عن برزه الأسلمي .
و أخرجه ابن ماجه / 170 / و أحمد / 21021 / عن أبي ذر الغفاري .
و أخرجه أحمد / 12204 - 12475 / عن أنس بن مالك .
و أرجه البخاري / 6934 / و أحمد 15547 / عن سهل بن حنيف .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 29 )
و قال فيهم : ( إنهم كلابُ أهل النار )(1) .
و قال : ( إنهم يقتلون أهل الإسلام )(2) .
و قال : ( شرُ قتلى تحت أديم السماء )(3) .
و قال : ( يقرؤون القرآن ، يحسبونه لهم و هو عليهم )(4) .
إلى غير ذلك مما صح عن رسول الله (ص) فيهم .
و هؤلاء خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و كَفروا علياً و عثمان و معاوية و من معهم ، و استحلوا دماء المسلمين و أموالهم ، و جعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب و بلادهم بلاد الإيمان ، و يزعمون أنهم أهل القرآن و لا يقبلون من السنة إلا ما وافق مذهبهم ، و مَن خالفهم و خرج عن ديارهم فهو كافر ، و يزعمون أن علياً و الصحابه رضي الله عنهم أشركوا بالله و لم يعملو بما في القرآن ، بل هم - على زَعْمهم - الذين عملوا به .
و يستدلون لمذهبهم بمتشابه القرآن ، و يُنْزِلون الآيات التي نزلت في المشركين المكذبين في أهل الإسلام ، و في أكابر الصحابة عندهم ، و يدعوهم إلى الحق و إلى المناظرة ، و ناظَرَهُم ابن عباس رضي الله عنهما . و رجع منهم إلى الحق أربعة آلاف ..
هامش_______________________________
1 - أخرجه ابن ماحه / 176 / و الترمذي / 3000 / عن أبي أمامة .
2 - جزء من الحديث الذي سبق تخريجه في الحاشية / 1 / من الصفحة السابقة و هذا اللفظ أخرجه البخاري / 7422/ و مسلم / 1064 / و النسائي / 2578 - 4101 / و أبو داود / 4764 / و أحمد / 11254 - 11298 / عن أبي سعيد الخدري .
3 - جزء من الحديث النبوي ورد في الحاشية / 1 / من هذه الصفحة و نص الحديث : ( شر قتلى قتِلوا تحت أديم السماء و خير قتيل من قتلوا كلاب أهل النار . قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً )
أخرجه ابن ماجه / 176 / و الترمذي / 3000 / عن أبي أمامة .
4 - لم أقف على تخريجه
الخاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــه
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب
(مقتطفات من الكتاب)
صفحة 31: يقول في رسالته ( و إلا فاتقوا الله و لا تلبسوا الحق بالباطل و تقيسوا الكافرين على المسلمين بآرائكم
الفاسدة و مفاهيمكم الواهية )
************
صفحة 34: يقول في رسالته ( أن مثلكم أو مَن هو أجَلُ منكم ، لا يجوز له الاستنباط و لا القياس ، و لا يجوز لأحد
أن يقلدَه ، بل يجب على من لم يبلغْ رتبة المجتهدين أن يقلدَهم و ذلك بالإجماع )
************
صفحة 54: يقول في رسالته ( فيا عباد الله تنبهوا و ارجعوا إلى الحق و امشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث
وقفوا ، لا يستفزَنكم الشيطان و يزِينْ لكم تكفير أهل الإسلام ، و تجعلون ميزان كفر
الناس فخالفتكم و ميزان الإسلام موافقتكم )
************
صفحة 60: يقول في رسالته ( أما في هذا عبرة لكم تكفرون عوام المسلمين ، و تستبيحون دماءهم و أموالهم ،
و تجعلون بلادهم بلاد حرب ، و لم يوجد منهم عِشر معشار ما وجد مِنْ هؤلاء ؟ ... )
************
صفحة 62: يقول في رسالته ( فلم توجبون على الأمة الأخذ بقولكم ؟ أم تزعمون أنكم أئمة تجب طاعتكم ؟ فأنا أسألكم
بالله هل اجتمع في رجلٍ منكم شروط الإمامة التي ذكرها أهل العلم أو حتى خصلة واحدة
من شروط الإمامة ؟؟؟
( بالله عليكم انتبهوا ، ما تركوا التعصب ... هَبْنا عَذَرْنا العامِيِ الجاهل الذي لم يمارس شيئا
من كلام أهل العلم ، فأنت ما عذرك عن الله إذا لقيته ؟! )
************
صفحة 65: يقول في رسالته ( نسأل الله العظيم أن يخرجكم من الظلمات إلى النور و أن يهدِينا و إياكم الصراط
المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين )
************
صفحة 74: يقول في رسالته ( و حقيقة الأمر أنكم ما قلدتم أهل العلم و لا عباراتهم و إنما عُمْدَتُكم مفهومكم و
استنباطكم الذي تزعمون أنه الحق )
************
صفحة 75: يقول في رسالته ( و إن لم يكن عندكم إلا القذف و الشتم و الرمي بالعزلة و الكفر ... فالله المستعان
لآخر هذه الأمة أسوة بأولها الذين أنزل الله عليهم لم يسلموا من ذلك )
************
صفحة 77: يقول في رسالته ( قال في مختصر الروضة الصحيح : إن من كان مِن أهل الشهادتين فإنه لا يكفَر ببدعةٍ
على الإطلاق ما استند فيها إلى تأول يلتبس به الأمر على مثله ، و هو الذي رجحه
شيخنا أبو العباس ابن تيمية )
************
صفحة 88: يقول في رسالته ( و العجب كل العجب أن الفرقة الناجية و صفها رسول الله (ص) بأوصاف و كذلك
وصفه أهل العلم ، و ليس فيكم خصلة واحدة منها ... )
************
صفحة 93: يقول في رسالته ( و مما يدل على بطلان مذهبكم ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي
(ص) أنه قال ( رأس الكفر نحو المشرق ) و في رواية ( الإيمان يماني و الفتنة من ها هنا حيث يطلع قرن الشيطان ) .
************
صفحة 95: يقول في رسالته ( و هذا خلاف زعمكم و إن اليوم عندكم الذين دعى لهم رسول الله (ص) كفار ، و الذين
أبى أن يدعوَ لهم و أخبر أن منها يطلع قرن الشيطان و أن منها الفتن هي بلاد الإيمان
تجب الهجرة إليها )
************
صفحة 103: يقول في رسالته ( و بينوا أن هذا الكلام منه (ص) يدل على أن مكة لا تزال دار الإيمان بخلاف مذهبكم
فإنكم توجبون الهجرة منها إلى بلاد الإيمان - بزعمكم - التي سماها رسول الله (ص)
بلاد الفتن )
************
صفحة 112: يقول في رسالته ( و مع هذا كله مَن خالفكم في مفاهيمكم الفاسدة التي لايجوز لمن يؤمن بالله و اليوم
الآخر أن يتبعَكم عليها و يقلدَكم فيها كافراً ؟! )
************
صفحة 113: يقول في رسالته ( و لكن هذه تَسميَتُكم التي اخترعتموها من بين سائر أهل العلم ، و حملتم كلام الله
تعالى و رسوله (ص) و كلام أهل العلم رحمهم الله على مفاهيمكم الفاسدة ... )
************
صفحة 141: يقول في رسالته ( و عن ثابت بن الضحاك عن النبي (ص) : ( من قذف مؤمناً بالكفر فهو كقتله )
و من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال : أيما رجل قال
لأخيه يا كافر ، فقد باءَ به أحدهما )
************
الصفحة الأخيرة : يقول في ختام رسالته ( و الله سبحانه و تعالى أعلم ، و نسأله من فضله أن يختم لنا بالإسلام
و الإيمان ، و أن يجنن مما يُغضِبُ و جهه الكريم ، و أن يهدينا و جميع
المسلمين الصراط المستقيم ، إنه رحيم كريم .
و الحمد لله رب العالمين أولا و آخراً ، و ظاهراً و باطناً
و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم أجمعين
تمت رسالة الصواعق الإلهية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 5)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و أشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون .... و صلى الله عليه و على آله إلى يوم الدين
أما بعد ....
من سليمان بن عبدالوهاب إلى حسن بن عيدان ...
سلام على من اتبع الهدى ، و بعد ...
قال الله تعالى ( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر )(1) ، و قال النبي(ص) ( الدين النصيحة )(2) ، و أنت كتبت إليَ أكثر من مرة تستدعي ما عندي حيث نصَحتُك على لسان ابن أخيك ، فها أنا أذكر
هامش_____________________________
1 - سورة آل عمران الآية 104
2 - أخرجه البخاري في التاريخ /110:2:1 / و مسلم / 55 / و النسائي / 4197-4198 / و أبو داود / 4944 /
و أحمد / 16493-16494-16498-16499 / عن تميم بن أوس الدري
و أخرجه الترمذي / 1926 / و النسائي / 4199-4200 / و أحمد / 7894 / و ابن النجار عن أبي هريرة
و أخرجه أحمد / 3271 / عن عبدالله بن العباس
و أخرجه الدرامي / 2754 / عن عبدالله بن عمر
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 7 )
و قال (ص) ( لا يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة )(1) .
و جعل اقتفاء أثر هذه الأمة واجبا على كل أحد بقوله تعالى : ( و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوَله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيراً )(2) .
و جعل إجماعهم حجةً قاطعةً لا يجوز لأحدٍ الخروج عنه ، و دلائل ما ذكرنا معلومة عند كل مَن له نوعُ ممارسةٍ في العلم .
اعلم أن ما جاء به محمد (ص) أن الجاهل لا يستبدٌ برأيه (3) ، بل يجب عليه أن يسأل أهل العلم كما قال تعالى :
( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )(4) .
و قال (ص) ( هل لا إذا لم يعلموا سألوا ، فإنما دواء العيٍ (5)السؤال )(6) ....
هامش ______________________
1 - أخرجه البخاري / 71 -3116 - 7312 / و مسلم / 1037 / عن معاوية
2 - سورة النساء الآية 115
3 - يقول النبي (ص) ( ثلاث مهلكات : شحٌ مطاعٍ و هوى متبع ، و إعجاب المرء برأيه )
أخرجه الخطيب في تاريخه و العسكري عن عبدالله بن العباس
و يقول النبي (ص) ( إذا رأيت شحاً مطاعاً و هوى متبعاً و دنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك و دع العوام ، فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلٍ يعملون مثل عملكم )
أخرجه الترمذي / 3058 / و أبو داود / 4341 / و ابن ماجه / 4014 /
4 - سورة الأنبياء الآية 7 و سورة النحل الآية 43
5 - العي : هو التحير في الكلام و المراد الجهل
6 - الحديث أن رجلا من أصحاب رسول الله أصابه جرح في عهد رسول الله ثم أحتلم فقال : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة و أنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبي (ص) أخبر بذلك فقال ( قتلوه قتلهم الله ألا سألوا / و في رواية هلا سألوا / إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال )
أخرجه أبو داود /337 / و ابن ماجه /572 / و أحمد /3048 / و الدرامي / 752 /
و أخرجه أبو داود / 336 / عن جابر بن عبدالله .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 8 )
و هذا إجماع .
قال في غاية السؤال : ( قال الإمام أبو بكر الهروي : أجمعت العلماء قاطبة على إنه لا يجواز لأحدٍ أن يكونَ إماما في الدين و المذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذه الخصال و هي : أن يكون حافظا للغات العربية و اختلافها ، و معاني أشعارها و أصنافها ، و اختلاف العلماء و الفقهاء ، و يكون عالماً فقيهاً ، و حافظا للإعراب و أنواعه و الاختلاف ،
عالما بكتاب الله حافظاً له و لا ختلاف قراءته و اختلاف القراءة فيها ، عالماً بتفسيره و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه و قصصه ، عالماً بأحاديث الرسول (ص) ، مميزا بين صحيحها و سقيمها و متصلها و منقطعها و مراسيلها و مسانيدها و مشاهيرها ، و أحاديث الصحابه موقوفها و مسندها ، ثم يكون روعاً ديناً صائِباً لنفسه صدوقاً ثقةً بيني مذهبه و دينه على كتاب الله و سنة رسوله (ص) .
فإذا جمع هذه الخصال فحينئذٍ يجوز أن يكون إماماً ، و جاز أن يقلدَ و يجتَهِدَ في دينه و فتاويه ، و إذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال و أخل بواحدةٍ منها كان ناقصاً و لم يَجُز أن يكونَ إماماً و يقلدَه الناس .
قال : و إذا ثبت أن هذه شرائط لصحة الاجتهاد و الإمامة فقد كَل من لم يكن كذلك أن يقتديَ بمن هو بهذه الخصال المذكورة ) .
و قال : ( الناس في الدين على قسمين : مقلدٌ و مجتَهِدٌ ، و المجتهدون مختصون بالعلم ، و علم الدين يتعلق بالكتاب و السنة و اللسان العربي الذي وردا به ، فمن كان فيما يعلم الكتاب و السنة و حُكم ألفاظِها و معرفة الثابت من أحكامها ، و المنتقل من الثبوت بنسخٍ أو غيره ، و المقدم و المؤخر صحَ اجتهادُه و أن يقلدَه مَن ْ لم يبلغْ درجته ، و فرضُ من ليس بمجتهدٍ أن يسألَ و يقلدً ، و هذا لاخلاف فيه ) .
:الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 9 )
انظر قوله : ( و هذا لا خلاف فيه ) ..
و قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1) : ( لا يجوز لأحد أن يأخذَ من الكتاب و السنة ما لم يجتمع فيه شروط الاجتهاد و من جميع العلوم ) .
قال أحمد بن المنادي : ( سأل رجل أحمد بن حنبل : إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث هل يكون فقيها ؟ قال : لا ، قال : فمائتي ألف حديث ؟ قال : لا ، قال فثلثمائة ألف حديث ؟ قال : لا ، قال : فأربعمائة ؟ قال : نعم . قال أبو الحسن فسألت جدي : كم كان يحفظ أحمد ، ؟ قال : أجاب عن ستمائة ألف حديث (2) ) .
قال أبو إسحاق : ( لما جلست في جامع المنصور للفتيا ذكرت هذه المسألة فقال رجل : فأنت تحفظ هذه المقدار حتى تفي الناس ؟ قلت : لا ، إنما أفتي بقول مَنْ يحفظ هذه المقدار ) .
و لو ذهبنا نحكي من نحكي الإجماع لطال ، و في هذا الكفاية للمسترشد .
و إنما ذكرت هذه المقدمة لتكونَ قاعدةً يُرجَع إليها فيما نذكره ، فإن اليوم ابتُلِيَ الناسُ بمن ينتسب إلى كتاب و السنة و يستنبط من علومهما و لا يبالي مَن خالفه ، و إذا طلبت منه أن يعرضَ كلامه على أهل العلم لم يفعلْ ، بل يوجبُ على الناس الأخذ بقوله و بمفهومه ، و من خالفه فهو عنده كافر ... هذا و هو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد ، و لا و الله عِشْرُ واحدة .. و مع هذا راجَ كلامه على كثير من الجهالُ فإنا لله و إنا إليه راجعون ... الأمة كلها تصيح بلسان واحد و مع هذا لا يردُ لهم في كلمةٍ ، بل كلُهم كفار أو جهال .... اللهم اهْدِ الضالَ و رُدَه إلى الحق !
هامش____________________________
1 - إشارة إلى كتابه ( إعلام الموقعين عن رب العالمين )
2 - و في بعض الروايات ألف ألف حديث .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 10 )
فنقول .. قال الله عز و جل : ( إن الدين عند الله الإسلام )(1) ، و قال تعالى : ( و من يتبعِ غير الأسلام ديناً فلن يقبلَ منه )(2) و قال تعالى : ( فإن تابوا و أقاموا الصلوة و آتو الزكاة فخلوا سبيلهم )(3) ، و في الآية الأخرى : ( فإخوانكم في الدين )(4) .
قال ابن عباس : ( حرَمَتْ هذه اللآية دماءَ أهل القبلة ) .
و قال أيضا : ( لا تكونوا كالخوارج تؤوِلوا آياتِ القرآن في أهل القبلة ، و إنما نزلت في أهل الكتاب و المشركين ، فجهلوا علمها ، فسفكوا بها الدماء ، و انتهكوا الأموال ، و شهدوا على أهل السنة بالضلالة ، فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرآن ) .
و كان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق ... قال ( إنهم عمدوا في آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين)(5)
فحينئذٍ ذكر الله عز و جل ( إِنَ الديِن عند الله الإسلام )(6) .
هامش______________________________
1 - سورة أل عمران الآية 19
2 - سورة أل عمران الآية 85
3 - سورة التوبة الآية 5
4 - سورة الأحزاب الآية 5 + سورة التوبة الآية 11
5 - الحديث أثر موقوف على عبدالله بن عمر ورد في البخاري في باب قتل الخوارج و الملحدين بعد إقامة الحجة عليهم و قول الله تعالى : ( و ما كان الله ليضلَ قوما بعد إذ هداهم حتى يبينَ لهم ما يتقون )
و كان ابن عمر يراهم شرار خلق الله و قال ( إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلها على المؤمنين ) .
6 - سورة آل عمران الآية 19
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 11 )
و قد قال النبي (ص) في حديث جبريل : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدأً رسول الله )(1) .
و في حديث ابن عمر : ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله )(2) .
هامش__________________________
1 - عن عبدالله بن عمر قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب قال : بينما نحن عند رسول الله (ص) ذات يوم إذ ضلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي (ص) فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفَيْه على فخذيه و قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ،
فقال رسول الله (ص) : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت ، قال : فعجبا له يسأله و يصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان ، قال : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره . قال : صدقت ، قال فأخبرني عن الإحسان ، قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : فأخبرني عن الساعة ، قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن إماراتها ، قال : أن تلد الأمة ربتها و أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان .
قال ثم انطلق ، فلبثت ملياً ثم قال لي : يا عمر ، أتدري من السائل ؟ قلت : الله و رسوله أعلم ، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .
أخرجه مسلم / 8 / و الترمذي / 2610 / و النسائي / 4990 / و أبو داود / 4695 / و ابن ماجه / 63 /
و أحمد / 185-369-376-5822 / .
2 - سأل رجل عبدالله بن عمر ألا تغزو ؟؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما سمعت النبي (ص) يقول ( بني الإسلام على خمسٍ : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله / و في رواية على أن يوحد الله / و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و الحج و صوم رمضان ) .
أخرجه البخاري / 8 / و مسلم / 16 / و الترمذي / 2609 / و النسائي / 5001 /
و أحمد / 5639-5979-6265 / و الطبراني في الكبير .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 12 )
و في حديث و فد عبد القيس قال فيه النبي (ص) ( آمركو بالإيمان بالله وحده ... أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله )(1) ...و غير ذلك من الأحاديث وصَفَ الإسلام بالشهادتين و ما معهما من الأركان ، و هذا إجماع الأمة ، بل أجمعوا أن من نطق بالشهادتين أجريت عليه أحكام الإسلام لحديث ( أمرت أن أقاتل الناس )(2) ، و لحديث الجارية : ( أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة )(3)
هامش__________________________
1- عن عبد الله بن عباس أن وفد عبد القيس أتوا النبي (ص) فقال : من الوفد - أو من القوم ؟- قالوا : ربيعة ، فقال : مرحباً بالقوم - أو بالوفد - غير خزايا و لا ندامى ، قالوا : إنا نأتيك من شقة بعيدة ( أي أرض بعيد ) و بيننا و بينك هذا الحيَ من كفار مضر و لا نستطيع أن نأتيَك إلا في شهر حرام ، فمُرنا بأمر نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة ،
فأمرهم بأربع و نهاهم عن أربع ، أمرهم بالإيمان بالله عز و جل وحده ، قال : هل تدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا الله و رسوله أعلم قال : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله إقام الصلاة و إيتاء الزكاه و صوم رمضان و تعطوا الخُمسَ من المغنم و نهاهم عن الدباء ( هو إناء يصنع من القرع ) و الحنتم ( هو إناء يصنع من طين و شعر ودم ) و المزفت ( هو إناء مطلي بالزفت و القار ) . - قال شعبة ربما النقير ( هو جذع الشجر ينقر و يتخذ وعاء ) ، و ربما قال : المقير ( أي المطلي بالقار ) .
أخرجه البخاري / 53 / و مسلم / 17 / و الترمذي / 1599 - 2611 / و النسائي / 5031 /
و أبو داود / 3692-3696-4677 / و أحمد / 3396 / .
2 - الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة . فإذا فعلوا ذلك عصموا في دماؤهم و أموالهم إلا بحق الإسلام و حسابهم على الله ) .
أخرجه البخاري 25 / و مسلم / 22 /
و لهذا الحديث ألفاظ و روايات عديدة سيرد ذكرها لا حقاً .
3 - عن معاوية بن الحكم السلمي قال : كانت لي جارية ترعى غنماً لي قِبَل أحدُ الجوَانية ، فطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ، و أنا رجل من بني آدم أسف كما يأسفون ، لكني صككنها ( أي ضربتها ) صكة ، فأتيت رسول الله (ص) فعظَم ذلك علي ، قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ، قال : ائتني بها فأتيته بها فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال أعتقها فإنها مؤمنة .
أخرجه مسلم / 537 / و أبو داود / 930 - 3282 / و أحمد / 27718 - 27720 /
و أخرجه بلفظ آخر النسائي / 3653 / و الدرامي / 2348 / و أحمد / 17485 - 18961 - 18972
و أبو نعيم عبد الرزاق عن الشريد بن سويد الثقفي .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 13 )
و لحديث ( كفوا عن أهل لا إله إلا الله )(1) .... و غير ذلك .
قال ابن القيم : ( أجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، فقد دخل الإسلام ...
... و كذلك أجمع المسلمون أن المرتد إذا كانت ردته بالشرك فإن توبته بالشهادتين ...
... و أما القتال .. إن كان ثَمَ إمام قاتل الناس حتى يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة ) .
و كلُ هذا مسطور مبين في كتب أهل العلم ، مَنْ طلَبة وجده ، فالحمد لله على تمام الإسلام .
هامش____________________________
1 - الحديث ( كفوا عن أهل لا إله إلا الله ، لا تكفروهم بذنب ، فمن كفَر أهل لا إله إلا الله فهو إلى الكفر أقرب ) .
أخرجه الطبري في الكبير عن عبدالله بن عمرو .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 14)
فصل
إذا فهمتم ما تقدم فإنكم تكفرون من شهد أن لا إله إلا الله و حده و أن محمداً عبده و رسوله و أقام الصلاة و آتى الزكاة و صام رمضان و حج البيت مؤمناً بالله و ملائكته و رسله ملتزماً لجميع شعائر الإسلام ، و تجعلونهم كفاراً و بلادهم بلاد حرب ، فنحن نسألكم مَنْ إمامكم في ذلك و ممن أخذتم هذا المذهب عنه ؟!!؟!!
فإن كفَرناهم لأنهم مشركون بالله ، و الذي منهم ما أشرك بالله لم يكفِرْ مَنْ أشرك بالله لأنه سبحانه قال ( إِن الله لا يغفرُ أن يُشرَكَ به )(1) و ما في معناها من الآيات و إن أهل العلم قد عدوا في المكفرات مَنْ أشرك بالله ، قلنا هذه الآيات حق و كلام أهل العلم حق ،
و لكن أهل العلم قالوا في تفسير مَنْ أشرك بالله : أي ادعى أن لله شريكا ، كقول المشركين ( هؤلاء شركاؤنا )(2) ، و قوله تعالى ( و ما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكـم شركاء )(3) ، ( و إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون )(4) ، ( أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً )(5) ... إلى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه و رسوله و أهل العلم ، لكن هذه التفاصيل التي تفصلون مِن فعل كذا فهو مشرك و تخرِجونه من الإسلام ..... من أين
هامش _____________________________
1 - سورة النساء الآية 116
2 - سورة النحل الآية 86
3 - سورة الأنعام الآية 49
4 - سورة الصافات الآية 35
5 - سورة ص الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 15)
لكم هذا التفصيل ؟! استنبطتم ذلك بمفاهيمكم ؟!! .. فقد تقدم لكم إجماع الأمة أنه لا يجوز لمثلكم الاستنباط .
ألكم في ذلك قدوة من إجماع أو تقليد من يجوز تقليده ؟؟!!
مع أنه لا يجوز للمقلد أن يكفرَ إن لم تُجْمِع الأمةُ على قول متبوعه ... فبينوا لنا من أين أخذتم مذهبكم هذا ؟؟؟!! و لكم علينا عهد الله و ميثلقه إن بيَنتم لنا حقاً يجب المصير إليه لَنَتَبَع الحق إن شاء الله ،
فإن كان المراد مفاهيمكم .. فقد تقدم أنه لا يجوز لنا و لا لمن يؤمن بالله و اليوم الآخر الأخذ بها ، و لا نكفر من معه الإسلام الذي أجمعت الأمة على ما أتى به فهو مسلم .
فأما الشرك ففيه أكبر و أصغر ، فيه كبير و أكبر ، و فيه ما يخرِج من الإسلام ، و هذا كله باقي لا
و تفاصيل ما يخرج مما لا يخرج يحتاج إلى تبيين أئمة أهل الإسلام الذين اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد ، فإن أجمعوا على أمرٍ لم يسعْ أحدٌ الخروج عنه ، و إن اختلفوا فالأمر واسعْ . فإن كان عندكم عن أهل العلم بيان واضح فبينوا لنا .. و سمعاً و طاعة ، و إلا فالواجب علينا و عليكم الأخذ بالأصل المُجْمَع عليه و اتباع سبيل المؤمنين .
و أنتم تحتجون أيضاً بقوله عز و جل ( لئن أشركت ليحبطنَ عملك )(1) .
و بقوله عز و جل في حق الأنياء : ( و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )(2) , و بقوله تعالى : ( و لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة و النبيين أرباباً )(3) ...
هامش____________________________
1 - سورة الزمر الآية 65
2 - سورة الأنعام الآية 88
3 - سورة آل عمران الآية 80
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 16)
فنقول : نعم ، كل هذا حق يجب الإيمان به ، و لكن مِن أين لكم ان المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله إذا دعى غائباً أو ميتاً أو نذر له أو ذبح لغير الله أو تمسَحَ بقبرٍ أو أخذ من ترابه أن هذا هو الشرك الأكبر الذي مَنْ فَعَلَ حبط عمله و حلَ ماله و دمه ، و أنه الذي أراد الله سبحانه من هذه الآية و غيرها في القرآن .
فان قلتم فهمنا ذلك من الكتاب و السنة ، قلنا : لا عبرة بمفهومكم ، و لا يجوز لكم و لا لمسلم الأخذ بمفهومكم ، فإن الأمة مجمعة كما تقدم ان الاستنباط مرتبة أهل الاجتهاد المطلق .
و مع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجلٍ ، لم يجبْ على أحدٍ الأخذ بقوله دون نظر .
قال الشيخ تقي الدين : ( من أوجب تقليد الإمام بعينه دون نظرٍ فإنه يستتاب ، فإن تاب أو قتل ) .
و إن قلتم : أخذنا ذلك من كلام بعض أهل العلم ، كابن تيمية و ابن القيم لأنهم سموا ذلك شركاً ...
قلنا هذا حق و نوافيكم على تقليد الشيخين أن هذا شرك ، و لكم هم لم يقولوا كما قلتم إن هذا شرك أكبر يخرِجُ من الإسلام و تجري على كل بلد هذا فيها أحكام أهل الرده ، بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه أحكام أهل الرده ، و لكنهم رحمهم الله ذكروا أن هذا شرك ، و شددوا فيه و نهوا عنه ، و لكن ما قالوا كما قلتم و لا عِشْرَ مِعشاره ، و لكنكم أخذتم من قولهم ما جازَ لكم دون غيره ، بل في كلامهم رحمهم الله ما يدل على أن هذه الأفاعيل شرك أصغر .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 17 )
و على تقدير ان في بعض أفراده ما هو شرك أكبر على حسب حال قائله و نيته ، فهم ذكروا في بعض مواضع من كلامهم ان هذه لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفُرُ تاركها كما يأتي في كلامهم إن شاء الله مفصلاً .
و لكن المطلوب منكم هو الرجوع إلى كلام أهل العلم و الوقوف عند الحدود التي حدُوا . فإن أهل العلم ذكروا في كلِ مذهبٍ من الذاهب الأقوال و الأفعالَ التي يمون بها المسلم مرتَداً ...
و لم يقولوا من نذر لغير الله فهو مرتد ....
و لم يقولوا من طلب مِن غير الله فهو مرتد ....
و لم يقولوا مَن ذبح لغير الله مرتد ....
و لم يقولوا مَن تمسَحَ بالقبور و أخذ من ترابها فهو مرتد كما قلتم أنتم .
فإن كان عندكم شيء فبينوه ، فإنه لا يجوز كتم العلم .. و لكنكم أخذتم هذا بمفاهيمكم و فارقتم الإجماع و كفرتُم أمة محمد (ص) كلهم حيث قلتم من فعل هذه الأفاعيل فهو كافر ، و مَنْ لم يكفرْه فهو كافر .
و معلوم عند الخاص و العام ان هذه الأمور ملأت بلاد المسلمين ، و عند أهل العلم منهم أنها ملأت بلاد المسلمين مِن أكثر من سبعمائة عام ، و إن من لم يفعل هذه الأفاعيل مِن أهل العلم لم يكفروا أهل هذه الأفاعيل و لم يجروا عليهم أحكام المرتدين ، بل أجروا عليهم أحكام المسلمين بخلاف قولكم حيث أجريتم الكفر و الردة على أمصار المسلمين و غيرها من بلاد المسلمين ، و جعلتم بلادهم بلاد حرب حتى الحرمين
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 18 )
الشريفين اللذَيْن أخبر النبي (ص) في الأحاديث الصحيحة (1) الصريحة أنها لا يزالان بلاد الإسلام و أنها لا تعبد فيهما الأصنام ، و حتى أن الدجال في آخر الزمان يطأ البلاد كلها إلا الحرمين (2) كما تقف على ذلك إن شاء الله في هذه الرسالة .
فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب ، كفار أهلُها لأنهم عبدوا الأصنام على قولكم ، و كلهم عندكم مشركون كشركاً مخرِجاً عن الملة .. فإنا لله و إنا إليه راجعون .. فو الله إن هذا عين المحادَة(3) لله و لرسوله و لعلماء المسلمين قاطبة ،
فأعظم من رأينا مشدِداً في هذه الأمور التي تكفرون بها الأمة النذور و ما معها ابن تيمية و ابن القيم ، و هما رحمهما الله قد صرَحا في كلامهما نصريحاً واضحاً إن
هامش_______________________________
1 - قال رسول الله (ص) ( إن مكة حرمها الله و لم يحرمها الناس ، و لا يحل لإمرئ يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يسفك فيها دماً أو يعضد بها شجرة ) .
أخرجه البخاري / 104 و مسلم / 1365 / و النسائي / 2876 / و أحمد / 15938 - 15942 - 26619 - 26623 / عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي الكعبي .
و قال (ص) : أي يوم أعظم حرمة ؟ قالوا : يومنا هذا ، قال فأي شهر أعظم حرمة ، قالوا : شهرنا هذا ، قال فأي بلد أعظم حرمة قالوا : بلدنا هذا ، قال فإن دمائكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
أخرجه أحمد / 1356 / عن جابر بن عبدالله .
و اطلَع لرسول الله (ص) أحدٌ فقال : هذا جبل يحبنا و نحبه ، اللهم إن ابراهيم حرم مكة و أنا أحرم ما بين لابتيها
( و اللابة هي الأرض فيها حجارة سوداء و تعرف بالحرة ) .
أخرجه البخاري / 3367 / و مسلم / 1365 / و الترمذي / 3922 / عن أنس بن مالك .
2 - قال (ص) ( ليس من بلدٍ إلا سيطؤه الدجال إلا مكة و المدينة ليس له من نقابها نقب ( أي طريق أو مدخل )
أخرجه البخاري / 1881 / و مسلم / 2943 / و الترمذي / 2242 / و أحمد / 11835 - 12676 - 12732 - 12980 / عن أنس بن مالك .
و قال (ص) ( إن طيبة المدينة .. إن الله حرم حرمي على الدجال أن يدخلها )
أخرجه أحمد / 27831 / عن عائشة .
3 - حاد أي غاضب و عادي ، و في الآية ( إن الذين يحادون الله و رسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم )
سورة المجادلة الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 19 )
هذا ليس من الشرك الذي ينقُلُ عن الملة ، بل قد صرحوا في كلامهم أن من الشرك ما هو أكبر من هذا بكثير كثير ، و إنَ مِن هذه الأمة مِنْ هذه الأمة مَنْ فعله و عاند فيه ، و مع هذا لم يكفِره كما يأتي كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى .
فأما النذر فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه و ابن القيم و هما من أعظم من شدَد و سماه شركاً فنقول :
قال الشيخ تقي الدين : ( النذر للقبور و أهل القبور - كالنذر لابراهيم الخليل عليه السلام أو الشيخ فلان - نذر معصيةٍ لا يجوز الوفاء به ، و إن تصدًق بما نذر من ذلك على مَنْ يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيراً له عند الله و أنفع ) .
فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمُرْه بالصدقة ، لأن الصدقة لا تُقْبَلُ من الكافر ، بل يأمره بتجديد إسلامه ، و يقول له : خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله .
قال الشيخ أيضاً : ( مَنْ نذر إسراج بئرٍ أو بقبرٍ أو جبلٍ أو شجرةٍ أو نذرٍ له أو لسكانه لم يَجُزْ و لا يجوز الوفاء به ، و يصرف في المصالح ما لم يعرف ربه (1) )
فلو كان الناذر كافراً لم يأمرْه بردِ نذره إليه ، بل أمر بقتله .
و قال الشيخ أيضاً : ( من نذر قنديلَ نقد للنبي (ص) صُرِفَ لجيران النبي (ص) )
فانظر كلامه هذا و تأمله ، هل كفر فاعل هذا ، أو كفر مَنْ لم يكفرْه ، أو عد هذا من المكفرات هو أو غيره من أهل العلم كما قلتم أنتم و خرقتم الإجماع ؟
و قد ذكر ابن مفلح في الفروع عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية : ( و النذر لغير الله ، كنذره لشيخ معيَن للاستغاثة و قضاء الحاجة منه كحلفه بغي ) .
و قال غيره هو نذر معصية .
هامش___________________________
1 - أي صاحبه
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 20 )
فانظر إلى هذا الشرط المذكور ، أي نذر له لأجل الاستغاثة به ، بل جعله الشيخ كحلف بغير الله ، و غيره من أهل العلم جعله نذر معصية .. هل قالوا مثل ما قلتم : مَن فعل هذا فهو كافر ؟ و من لم يكفره فهو كافر ؟ عياذاً بك اللهم من قول الزور !! .
كذلك ابن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من المدارج (1) و استدل به بالحديث الذي رواه أحمد عن النبي (ص) ( النذر حلفه )(2) ، و ذكر غيره من جميع من تسمونه شركا و تكفرون به فعل الشرك الأصغر .
و أما الذبح لغير الله فقد ذكره في المحرمات و لم يذكره في المكفرات ، إلا إن ذُبح للأصنام أو لما عُبِد من دون الله كالشمس و الكواكب ، و عدَه الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها ، كمن غيَر منار الأرض أو من ضارَ مسلماً . كما يأتي في كلامه إن شاء الله تعالى . و كذلك أهل العلم ذكروا ذلك مما أهِلَ به لغير الله ، و نهوا عن أكله و لم يكفروا صاحبه .
و قال الشيخ تقي الدين : ( كما يفعله الجاهلون بمكة شرَفها الله تعالى و غيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن و لذلك نهى النبي (ص) عن ذبائح الجن (3) ) .
و لم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر ، بل مَنْ لم يكفرْه فهو كافر كما قلتم أنتم .
و أما السؤال من غير الله قفد فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله : ( و إن كان السائل يسأل مِن المسؤول مثل غفران الذنوب و إدخال الجنة و النجاة من النار و إنزال
هامش________________________________
1 - إشارة إلى كتاب ( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين ) .
2 - الحديث لم أقف عليه بهذا اللفظ و لكن ورد عن النبي (ص) أنه قال ( كفارة النذر كفارة اليمين )
أخرجه مسلم / 1645 / و الترمذي / 1582 / و النسائي / 3832 / و أبو داود / 3323 /
و أحمد / 1680 - 16868 - 16874 - 16889 - 16970 / عن عقبه بن عامر .
3 - أخرجه البيهقي في السنن عن الزهراوي و سلاً
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 21 )
المطر و إنبات الشجر و أمثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك و ضلال يستتاب صاحبه ، فإن تاب و إلا قُتِل ...
و لكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقومَ عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي في ذلك إن شاء الله .
فإن قلت : ذكر عنه في الإقاع أنه قال : ( من جعل بينه و بين الله وسائط يدعوهم و يسألهم و يتوكل عليهم كَفَرَ إجماعا ) .
قلت : هذا حق ، و لكن البلاء من عدم فهم كلام أهل العلم . لو تأمَلتم العبارة تأملا تاما لعرفتهم أنكم تأوَلْتم العبارة على غير تأويلها ، و لكن هذا من العجب ، تتركون كلامه الواضح ، و تذهبون إلى عبارة مجمَلة تستنبطون منها ضد كلام أهل العلم ، و تزعمون أن كلامكم و مفهومكم إجماع ؟! هل سبقكم إلى مفهومكم من هذا العبارة أحد ؟؟!!. يا سبحان الله أما تخشون الله !! .
و لكن انظر إلى لفظ العبارة و هو قوله : ( يدعوهم و يتوكل عليهم و يسألهم ) كيف جاء بواو العطف و قرنَ بين الدعاء و التوكل و السؤال .
فإن الدعاء في لغة العرب هو العبارة المطلقة ، و التوكل عمل القلب ، و السؤال هو الطلب الذي تسمونه الآن الدعاء ، و هو في هذه العبارة لم يقل ( أو سألهم ) بل جمع بين الدعاء و التوكل و السؤال و الآن أنتم تكفرون بالسؤال وحده ،
فأين أنتم و مفهومكم من هذه العبارة مع أنه رحمه الله بيَن هذه العبارة و أصلها في مواضع من كلامه . و كذلك ابن القيم بين أصلها ، قال الشيخ : ( من الصائِبةِ(1) المشركين ممن يُظْهِرُ الإسلام و يعظر الكواكب ، و يزعم أنه يخاطبها بحوائجه ، و يسجد لها و ينحر و يدعو .
هامش_________________________________
1 - صبأ إذا خرج من دين إلى دين و الصائبة هم قوم على الضلالة ، و قيل هم قوم كانوا يعبدون النجوم و الكواكب .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 22 )
وقد صنف بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصائبة و المشركين البراهمة كناباً في عبادة الكواكب ، و هي من السحر الذي عليه الكنعانيون الذين ملوكهم النماردة الذي بعث الخليل صلوات الله عليه بالحنيفة ملة ابراهيم و إخلاص الدين لله إلى هؤلاء ،
و قال ابن القيم في مثل هؤلاء : ( يقرون أن للعالَمِ صانعاً فاضلاً حكيماً مقدساً عن العيوب و النقائص ، و لكن لا سبيل لنا إلى الوجهة إلى جلاله إلا بالوسائط .
فالواجب علينا أن نتقرب إليه بالتوسطات الروحانيات القريبة منه ، فنحن نتقرب بهم إليه ، فهم أربابنا و آلهتنا و شفهائنا عند رب الأرباب و إله الآلهة .
فما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلْفى ، فحينئذٍ نسأل حاجاتِنا منهم و نعرض أحوالنا عليهم و نصبو(1) في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون إلى إلهنا و إلههم و ذلك لا يحصل إلا من جهة الاستمداد بالروحانيات و ذلك بالتضرع و الابتهال من الصلوات و الزكاة و الذبائح و القرابين و البخورات ،
هؤلاء بالأصْلَيْن اللذَين جاءت بهما جميع الرسل :
أحدهما : عبادة الله و حده لا شريك له ، و الكفر بما يعد من دونه من إله .
و الثاني : الإيمان برسله و بما جاؤوا به من عند الله تصديقاً و إقراراً و انقياداً .
فانظر إلى الوسائط المذكورة في العبادة كيف يحملونها على غير محملها .
و لكن ليس هذا بعجب حملكم كلام الله و كلام رسوله و كلام أئمة الإسلام عللا غير المحمل الصحيح مع خرقكم الإجماع .
و أعجب من هذا أنكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها و من نقلها ، ترون بها صريح كلامهم في عين المسألة . و هل عملكم هذا إلا اتباع المتشابهه و ترك المحكم أنقذنا الله و إياكم من متابعة الأهواء ..
هامش___________________________
1 - أي نرجع و نؤول
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 23 )
و أما التبرك و التمسح بالقبور و أخذ التراب منها و الطواف بها فقد ذكره أهل العلم ، فبعضهم عَده في المكروهات ، و بعضهم عَده في المحرومات و لم ينطق واحد منهم بأن فاعل ذلك مرتد كما قلتم أنتم ، بل تكفرون من لم يكفرْ فاعل ذلك . فالمسألة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن و زيارة الميت .
فإن أردت الوقوف على ما ذكرت لك فطالع الفروع(1) و الإقناع وغيرهما من كتب الفقه . فإن قَدَحتُم فيمن صنف هذه الكتب فليس ذلك منكم بكثير ، و لكن ليكن معلوماً عندكم أن هؤلاء لم يحكموا مذهب أنفسهم ، و إنما حكموا مذهب أحمد بن حنبل و أحزابه من أئمة الهدى الذي أجمعت الأمة على هدايتهم و درايتهم ، فإن أييتم إلا العناد وادَعيتم المراتب العلية و الأخذ من الأدلة من غير تقليد أئمة الهدى فقد تقدم ان هذا خرق للإجماع .
هامش______________________________
1 - إشارة إلى كتاب ( الفروع من الكافي ) لمؤلفه أبي جعفر الكلبي الرازي ..
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 24 )
فصل
و على تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنها كفر - أعني النذر و ما معه - فهنا أصل آخر ما أصول أهل السنة محمعون عليه كما ذكره الشيخ تقي الدين و ابن القيم عنهم ، و هو أن الجاهل و المخطئ من هذه الأمة و لو عمل من الكفر و الشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً أنه يعذر بالجهل و الخطأ حتى تتبين له الحاجة التى يكفر تاركها بيناً واضحاً لا يلتبس على مثله أو ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعاً جلياً قطعياً يعرفه كلٌ من المسلمين من غير نظرٍ و تأملٍ ، كما يأتي إن شاء الله تعالى ، و لم يخالفْ في ذلك إلا أهل البدع .
فإن قلت قال الله عز و جل ( من كفر بالله إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان و لكن شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم )(1) ، الآية نزلت في المسلمين تكلموا بالكفر مكرَهين عليه .. هذا حق ، و هي حجة عليكم لا لكم . فإن الذين تكلموا به هو سب رسول الله (ص) و التبري من دينه ،
و هذا كفر إجماعاً يعرفه كل مسلم ، و مع هذا فإن الله عز و جل عذَرَ مَنْ تكلم بهذا الكفر مكرهاً و لم يؤاخذْه ، و لكن الله سبحانه و تعالى كفَر مَنْ شرح بهذا الكفر صدراً ، و هو من عَرَفَهُ و رَضِيَهُ و احتاره على الإيمان غيرَ جاهلٍ به . و هذا الكفر في الآية مما أجمع عليه المسلمون و نقلوه في كتبهم كل من عد المكفرات ذكره
هامش______________________________________
1 - سورة النحل الآية 16
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 25 )
و أما هذه الأمر التي تكفرون بها المسلمين فلم يسبقْكم إلى تكفير بها أحد من أهل العلم و لا عدُوها في المكفرات ، بل ذكرها من ذكرها منهم في أنواع الشرك ، و بعضهم ذكرها في المحرمات ، و لم يقلْ أحد منهم أن من فعله فهو كافر مرتد ، و لا احتجَ عليه بهذه الآية كما احتججتم ..
و لكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآيات نزلت في الذين : ( إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون . و يقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون )(1) ، و الذين يقال لهم ( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرىَ )(2) ،
و الذين يقولون ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء )(3) ،
و الذين يقولون ( أجعل الآلهة إها واحداً )(4) ...
و مع هذا تستدلون بهذه الآيات و تنزلونها على الذين يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله ، و يقولون ما لله من شريك ، و يقولون ما أحد يستحق أن يعبد مع الله .
فالذي يستدلُ بهذه الآيات على من شهد له رسول الله (ص) و أجمع المسلمون على إسلامه ما هو بعجيب لو استدل بالآية على مذهبه .
هامش_______________________________
1 - سورة الصافات الآيتين 35 + 36
2 - سورة الأنعام الآية 19
3 - سورة الأنفال الآية 32
4 - سورة ص الآية 5
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 26 )
فإن كنتم صادقين ، فاذكروا لنا من استدل بهذه الآية على كفر من كفرْتموه بخصوص الأفعال و الأقوال التي تقولون أنها كفر .
و لكن و الله ما لكم مَثَلٌ إلا عبدالملك بن مروان لما قال لابنه : ( ادع الناس إلى طاعتك ، فمن قال عنك برأسه فقل بالسيف على رأسه هكذا ) يعني اقطعه .. فإنا لله و إنا إليه راجعون .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 27 )
فصل
و ها هنا أصل آخر ، و هو أن المسلم قد يجتمع فيه المادتان : الكفر و الإسلام ، و الكفر النفاق ، و الشرك و الإيمان (1) .. و إنها تجتمع فيه المادتان و لا يكفر كفراً ينقل عن الملة كما هو مذهب أهل السنة و الجماعة كما يأتي تفصيله و بيانه إن شاء الله ، و لم يخالفْ في ذلك إلا أهل البدع .
هامش_________________________________
1 - يقول النبي (ص) : ( إن الشيطان لمة بابن آدم و للملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإعاد بالشر و تكذيب الحق ، و أما لمة الملك فإعاد بالخير و تصديق الحق ..)
أخرجه الترمذي / 2988 / عن عبدالله بن مسعود
و قال (ص) ( لا يزني الزاني حين يزني و هم مؤمن و لا يشرب الخمر حين يشرب و هو مؤمن ، و لا يسرق حين يسرق و هو مؤمن ، و لا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها و هم مؤمن ) .
أخرجه البخاري / 2475 - 5578 - 6772 / و مسلم /57 / و الترمذي / 2625 / و النسائي / 4870 - 4871 - 4872 - 5659 - 5660 / و أبو داود / 4689 / و ابن ماجه / 3936 / و أحمد / 7276 - 27419 - 8781 / و الدرامي / 2106 / عن أب هريرة .
و قال (ص) : ( إذا زنى رجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة ، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان )
أخرجه أبو داود / 4690 / و الترمذي / 3653 / و الحاكم / 22 : 1 / عن أبي هريرة .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 28 )
فصل
اعلم أن أول فرقة فارقت الجماعة الخوارج الذي خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، و ذكرهم رسول الله (ص) و أمر بقتلهم و قتالهم و قال : ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم )(1) .
هامش_________________________________
1 - الحديث له عدة روايات نذكر بعضها : فعن أبي سعيد الخدري قال : ( بينما كان رسول الله (ص) يقسم قسماً ، فأتاه ذو
الخويصرة / و هو رجل من بني تميم ، فقال : يا رسول الله اعدل فقال : ويلك و من يعدل إذا لم أعدل . قد خبت و خسرت إن لم أكن
أعدل فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال : دعه ، فإن له أصحاب يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم و صيامه
مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ( و الترقوه هو العظم بين أعلى الصدر و العانق ) يمرقون ( أي ) يخرجون من الدين
كما يمرق السهم من الرمية ينظرمن نصله ( أي رأس سهمه ) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافة ( هو ما يلف على مدخل
النصل في السهم ) فما يوجد فيه شيئ ثم ينظر إلى تضيِه ( وهو قِدحه ) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه ( أي ريش السهم ) فلا
يوجد فيه شيء .. قد سبق الفرث و الدم . آيتهم رجل أسود احى عضديه مثل ثدي المرآة أو مثل البضعة ( أي قطعة لحم ) تدردر
( أي تضطرب و تتحرك ) و يخرجون على حين فرقة من الناس .
أخرجه البخاري / 3344 - 3610 - 5058 - 6931 - 6933 / و مسلم / 1064 / و النسائي / 2578 - 4101 / و أبو داود / 4764 - 4765 / و ابن ماجه / 169 / و أحمد /10625 - 10734 - 10898 - 11096 - 1143 - 11185 - 11220 - 11227 - 11254 - 11298 / و مالك / 477 /
و عن علي قال : سمعت رسول الله (ص) يقول يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ، يقول مِن خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر من قتلهم يوم القيامة .
أخرجه البخاري / 3611 - 5057 - 6930 / و مسلم / 1066 / و النسائي / 4102 / و أبو داود / 4767 - 1468 / و أحمد / 674 - 708 - 1089 - 1305 - 1348 / عن علي بن أبي طالب .
و أخرجه مسلم / 1063 / و ابن ماجه / 172 / و أحمد / 14390 - 14406 / عن جابر بن عبد الله .
و أخرجه الترمذي / 1288 / و ابن ماجه / 168 / و أحمد / 3821 / عن عبد الله بن مسعود .
و أخرجه النسائي / 4103 / و أحمد / 19284 - 19307 / عن برزه الأسلمي .
و أخرجه ابن ماجه / 170 / و أحمد / 21021 / عن أبي ذر الغفاري .
و أخرجه أحمد / 12204 - 12475 / عن أنس بن مالك .
و أرجه البخاري / 6934 / و أحمد 15547 / عن سهل بن حنيف .
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ( صفحة 29 )
و قال فيهم : ( إنهم كلابُ أهل النار )(1) .
و قال : ( إنهم يقتلون أهل الإسلام )(2) .
و قال : ( شرُ قتلى تحت أديم السماء )(3) .
و قال : ( يقرؤون القرآن ، يحسبونه لهم و هو عليهم )(4) .
إلى غير ذلك مما صح عن رسول الله (ص) فيهم .
و هؤلاء خرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و كَفروا علياً و عثمان و معاوية و من معهم ، و استحلوا دماء المسلمين و أموالهم ، و جعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب و بلادهم بلاد الإيمان ، و يزعمون أنهم أهل القرآن و لا يقبلون من السنة إلا ما وافق مذهبهم ، و مَن خالفهم و خرج عن ديارهم فهو كافر ، و يزعمون أن علياً و الصحابه رضي الله عنهم أشركوا بالله و لم يعملو بما في القرآن ، بل هم - على زَعْمهم - الذين عملوا به .
و يستدلون لمذهبهم بمتشابه القرآن ، و يُنْزِلون الآيات التي نزلت في المشركين المكذبين في أهل الإسلام ، و في أكابر الصحابة عندهم ، و يدعوهم إلى الحق و إلى المناظرة ، و ناظَرَهُم ابن عباس رضي الله عنهما . و رجع منهم إلى الحق أربعة آلاف ..
هامش_______________________________
1 - أخرجه ابن ماحه / 176 / و الترمذي / 3000 / عن أبي أمامة .
2 - جزء من الحديث الذي سبق تخريجه في الحاشية / 1 / من الصفحة السابقة و هذا اللفظ أخرجه البخاري / 7422/ و مسلم / 1064 / و النسائي / 2578 - 4101 / و أبو داود / 4764 / و أحمد / 11254 - 11298 / عن أبي سعيد الخدري .
3 - جزء من الحديث النبوي ورد في الحاشية / 1 / من هذه الصفحة و نص الحديث : ( شر قتلى قتِلوا تحت أديم السماء و خير قتيل من قتلوا كلاب أهل النار . قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفاراً )
أخرجه ابن ماجه / 176 / و الترمذي / 3000 / عن أبي أمامة .
4 - لم أقف على تخريجه
الخاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــه
الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية
للعالم العلامة النحرير الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب
(مقتطفات من الكتاب)
صفحة 31: يقول في رسالته ( و إلا فاتقوا الله و لا تلبسوا الحق بالباطل و تقيسوا الكافرين على المسلمين بآرائكم
الفاسدة و مفاهيمكم الواهية )
************
صفحة 34: يقول في رسالته ( أن مثلكم أو مَن هو أجَلُ منكم ، لا يجوز له الاستنباط و لا القياس ، و لا يجوز لأحد
أن يقلدَه ، بل يجب على من لم يبلغْ رتبة المجتهدين أن يقلدَهم و ذلك بالإجماع )
************
صفحة 54: يقول في رسالته ( فيا عباد الله تنبهوا و ارجعوا إلى الحق و امشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث
وقفوا ، لا يستفزَنكم الشيطان و يزِينْ لكم تكفير أهل الإسلام ، و تجعلون ميزان كفر
الناس فخالفتكم و ميزان الإسلام موافقتكم )
************
صفحة 60: يقول في رسالته ( أما في هذا عبرة لكم تكفرون عوام المسلمين ، و تستبيحون دماءهم و أموالهم ،
و تجعلون بلادهم بلاد حرب ، و لم يوجد منهم عِشر معشار ما وجد مِنْ هؤلاء ؟ ... )
************
صفحة 62: يقول في رسالته ( فلم توجبون على الأمة الأخذ بقولكم ؟ أم تزعمون أنكم أئمة تجب طاعتكم ؟ فأنا أسألكم
بالله هل اجتمع في رجلٍ منكم شروط الإمامة التي ذكرها أهل العلم أو حتى خصلة واحدة
من شروط الإمامة ؟؟؟
( بالله عليكم انتبهوا ، ما تركوا التعصب ... هَبْنا عَذَرْنا العامِيِ الجاهل الذي لم يمارس شيئا
من كلام أهل العلم ، فأنت ما عذرك عن الله إذا لقيته ؟! )
************
صفحة 65: يقول في رسالته ( نسأل الله العظيم أن يخرجكم من الظلمات إلى النور و أن يهدِينا و إياكم الصراط
المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين )
************
صفحة 74: يقول في رسالته ( و حقيقة الأمر أنكم ما قلدتم أهل العلم و لا عباراتهم و إنما عُمْدَتُكم مفهومكم و
استنباطكم الذي تزعمون أنه الحق )
************
صفحة 75: يقول في رسالته ( و إن لم يكن عندكم إلا القذف و الشتم و الرمي بالعزلة و الكفر ... فالله المستعان
لآخر هذه الأمة أسوة بأولها الذين أنزل الله عليهم لم يسلموا من ذلك )
************
صفحة 77: يقول في رسالته ( قال في مختصر الروضة الصحيح : إن من كان مِن أهل الشهادتين فإنه لا يكفَر ببدعةٍ
على الإطلاق ما استند فيها إلى تأول يلتبس به الأمر على مثله ، و هو الذي رجحه
شيخنا أبو العباس ابن تيمية )
************
صفحة 88: يقول في رسالته ( و العجب كل العجب أن الفرقة الناجية و صفها رسول الله (ص) بأوصاف و كذلك
وصفه أهل العلم ، و ليس فيكم خصلة واحدة منها ... )
************
صفحة 93: يقول في رسالته ( و مما يدل على بطلان مذهبكم ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي
(ص) أنه قال ( رأس الكفر نحو المشرق ) و في رواية ( الإيمان يماني و الفتنة من ها هنا حيث يطلع قرن الشيطان ) .
************
صفحة 95: يقول في رسالته ( و هذا خلاف زعمكم و إن اليوم عندكم الذين دعى لهم رسول الله (ص) كفار ، و الذين
أبى أن يدعوَ لهم و أخبر أن منها يطلع قرن الشيطان و أن منها الفتن هي بلاد الإيمان
تجب الهجرة إليها )
************
صفحة 103: يقول في رسالته ( و بينوا أن هذا الكلام منه (ص) يدل على أن مكة لا تزال دار الإيمان بخلاف مذهبكم
فإنكم توجبون الهجرة منها إلى بلاد الإيمان - بزعمكم - التي سماها رسول الله (ص)
بلاد الفتن )
************
صفحة 112: يقول في رسالته ( و مع هذا كله مَن خالفكم في مفاهيمكم الفاسدة التي لايجوز لمن يؤمن بالله و اليوم
الآخر أن يتبعَكم عليها و يقلدَكم فيها كافراً ؟! )
************
صفحة 113: يقول في رسالته ( و لكن هذه تَسميَتُكم التي اخترعتموها من بين سائر أهل العلم ، و حملتم كلام الله
تعالى و رسوله (ص) و كلام أهل العلم رحمهم الله على مفاهيمكم الفاسدة ... )
************
صفحة 141: يقول في رسالته ( و عن ثابت بن الضحاك عن النبي (ص) : ( من قذف مؤمناً بالكفر فهو كقتله )
و من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال : أيما رجل قال
لأخيه يا كافر ، فقد باءَ به أحدهما )
************
الصفحة الأخيرة : يقول في ختام رسالته ( و الله سبحانه و تعالى أعلم ، و نسأله من فضله أن يختم لنا بالإسلام
و الإيمان ، و أن يجنن مما يُغضِبُ و جهه الكريم ، و أن يهدينا و جميع
المسلمين الصراط المستقيم ، إنه رحيم كريم .
و الحمد لله رب العالمين أولا و آخراً ، و ظاهراً و باطناً
و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم أجمعين
تمت رسالة الصواعق الإلهية