المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حضرموت الكبيران أشعلا الساحة الحضرمية في المملكة


حد من الوادي
06-11-2015, 10:35 PM
الكبيران أشعلا الساحة الحضرمية في المملكة

11/06/2015 12:31:57


منصور باوادي

حال كثير منا اليوم أننا إذا أحبننا كيانا ما غالينا في الحب, وإذا اعترضنا على كيان ما غالينا أيضا في الكره, وصيرنا كلماتنا قنابل بل صواريخ في بعضنا البعض, بينما من البدهيات أن الناس لا يجتمعون أبدا على رأي واحد, لكن بعض الناس ينتقد الخطأ والبعض الآخر يتجاوزه إلى الشخص وبعضنا يجمع الاثنين, حتى أصبحت خلافاتنا مثل كرة الثلج المتدحرجة التي تكبر يوما بعد يوم.

أبرز مكونين بارزين في حضرموت الآن هما المجلس الأهلي وحلف قبائل حضرموت, وكلاهما أفرزته مرحلة استثنائية, ولم يكونا ضمن النسق الطبيعي للحركة السياسية في حضرموت, وبالتالي رافقتهما كثير من الأخطاء والمؤاخذات التي لم نحسن التعامل معها إطلاقا.

فقواسم الاشتراك بين الاثنين أكثر بكثير من قواسم الاختلاف, وإمكانية الالتقاء ممكنة بنسبة كبيرة جدا, لكن ما يفوت هذه الفرص عوامل عدة, بعضها داخلية في ذات الكيان وأخرى خارجية, تحتاج إلى حلحلة صادقة مخلصة كون المرحلة لا تقتضي التأخير.

هذا الخلاف الحاصل بين الكبيرين ألقى بظلاله على الخارج وتحديدا المملكة, وانقسم الناس هنا إلى مؤيد لهذا ومعارض للآخر, وقادح هنا ومادح هناك, والخارج مهما كان متابعا بدقة للداخل إلا أنه تغيب عنه كثير من التفاصيل التي لو عاشها لتغيرت النظرة أو على أقل تقدير لرأينا نقدا صحيحا سليما.

ليس من الحكمة أن تصل خلافاتنا إلى حد مكنونات الصدور, وإلى القدح في نوايا الآخرين, ونفصّل الوطنية مثلما نفصل قطعة القماش, ونجعلها أحد الأملاك التي نتصرف فيها وفي توزيعها كيفما شئنا, وبمجرد أن خالفني زيد من الناس فمعنى هذا أن وطنيته باتت مخدوشة مهزوزة ويستوجب الاستدعاء الفوري للتخوين والتحذير والتنديد.

في المقابل ليس كل ناقد حاقد, يهوى ممارسة ضرب وحدة الصف وتشتت الجمع وخلط الأوراق, وأنه لا يساهم في الاجتماع والتقارب, فهذا أيضا مثل الأول, فالنقد مبدأ قرآني سني قد تكاثرت الآيات والأحاديث فيه, حيث الغرض منه معالجة الواقع وتقويمه وإصلاحه والله تعالى يقول مخاطبا الفئة المؤمنة في عزوة أحد " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" وهكذا يمضي القرآن في معالجة الأخطاء بأسلوب راق رفيع وتأتي السنة وفي ذات السياق بلوحة جمالية رائعة جدا صاغها المنهج نفسه لما تقدم قوم بالشفاعة في قطع يد المخزومية التي سرقت وطلبوا شفيعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني أنه يحبه, فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: " أتشفع في حد من حُدودِ الله تعالى؟, ثم قام فاختطب ثم قال : (( إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهمُ الشريف تركوهُ ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها)) متفقٌ عليه, وانتهى المشهد عند نقد الحالة وبيان خطأها دون الغور أكثر في الخبايا والنوايا.

هناك خيط رفيع جدا بين النقد البناء الصحيح غير المتكئ على حظوظ النفس والشخصنة, وبين النقد الذي يصدر عن مواقف خاصة وينساق خلف كيانه الخاص منتصرا له بغض النظر عن الصواب والخطأ, فيشحذ قلمه ويسلُط لسانه في خصومه بغير حق ولا إنصاف, وقليل جدا من يهتدي لهذا الفرق.

مشكلتنا نحن ومع تقدم التكنولوجيا وتحديدا وسائل التواصل أصبح كل واحد منا قناة بحالها تبث على العالم, يطل من خلالها على الآخرين, لا رقيب ولا حسيب عليه, ولا فريق عمل متخصص يقدم مادة بناءة, وإنما أصبح كل واحد منا يضع ما يحلو له, ويكتب ما يريد ويقول ما يريد في مَن يريد, حتى صار حالنا كمن يتخاصم مع ثوبه ونعليه.

ختاما: أشدُّ على يد إخواني أن نعي جيدا حقيقة الخلاف المسموح به الذي بمجموعه يشكل وحدة متماسكة مترابطة, وأن النقد كالماء منه نقي صاف, ومنه عكر مطحلب, وأنه لابد من التجرد من حظوظ النفس, والموازنة بين الايجابيات والسلبيات, وأن نتحلى بالقوة والأمانة ونثني خيرا على المحسن, كما ننتقد المخطئ ونوضح خطأه, وأن لا تتبرم أنفسنا من النقد, فمن يريد أن يسلم من النقد فليجلس في بيته, ويغلق عليه بابه, ولعل وعسى أن يسلم من لوم ونقد.