حد من الوادي
07-23-2015, 04:11 PM
هل تتقاسم دول الخليج اليمن والجنوب العربي؟
طه بافضل
مما هو مؤكد, وغير قابل للجدال, أن عملية عاصفة الحزم التي اطلقتها المملكة العربية السعودية والدول التي تحالفت معها, كانت خطوة جبارة لا يمكن بحال أن يتجاهلها اليمنيون أو يجحدها من كان منهم ينتظر التدخل الإقليمي الدولي لينقذه من براثن الهمجية الحوثية والخطوات الانتقامية للرئيس المخلوع تجاه من يرى أنهم اختطفوا سلطته.
هذه مقدمة من الصعب المرور دون ذكرها والتنويه بها, لكن نحتاج أن نغوص قليلاً في عمق الجهود والخطوات والأعمال التي قامت بها دول “مجلس التعاون” الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة, التي كانت خطواتهما مفصلية ومحورية ومؤثرة غاية التأثير, آتت أكلها بتحرير مدينة عدن الجنوبية, والحرب مستمرة حتى يتم تحرير بقية الأرض اليمنية وهزيمة معسكر الانقلابيين الفاشيين.
تكاليف الحرب ليست بالهينة ولا القليلة, فالضربة الواحدة من طيران التحالف تكلف آلاف الدولارات, وشهريا عشرات الآلاف من ملايين الدولارات فكيف بالحملة كاملة؟! حيث يذكر أنها تبلغ المليارات؟ الانفاق هو من خزينة الدولتين الخليجيتين, وهي حملة بالطبع تهدف إلى حماية دول المجلس من الأطماع الإيرانية في المنطقة, إذ اليمن البوابة المهمة التي ستلج من خلالها ايران نحو الأراضي السعودية وتكتمل كماشتها بعدما التهمت العراق وسورية, بل ثورة إيران المزعومة تتجاوز المنطقة الخليجية إلى دول عربية أخرى في القارة الأفريقية.
نحن أمام مدافعة تكلف أرقاما باهظة, وهي نتيجة لتجاهل قديم من دول المجلس الخليجي لما يعتمل في اليمن والقبول والترحيب, بقصد أو بغير قصد, بسيناريوهات المكر والخداع التي كان يكتبها وينفذها الرئيس المخلوع طيلة فترة حكمه التي جاوزت ثلاثة عقود.
اليوم جاءت اللحظة الحاسمة لمقدمات التحول الذي يراد لليمن عموما, والجنوب العربي خصوصا, وما يعتمل حالياً, وبالذات بعد بشائر النصر في عدن وتقدم المقاومة في تعز ومأرب وخطوات التغيير التي يقوم بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من خلال التعيينات العسكرية والإدارية في المحافظات الجنوبية, فإن التدخل الخليجي المكمل للخطوات العسكرية بدأت تظهر توجهاته المستقبلية, فكأني بها ستقسم اليمن إلى ثلاثة أقسام:
الأول: مهمة اعمار مدينة عدن, وما حولها من مناطق لحج والضالع وأبين, ستسند إلى دولة الإمارات; فتصب اهتمامها بإنجازها في أسرع وقت ممكن, وهي لها تجربة سابقة في الاستثمار في ميناء عدن.
الثاني: ستكون مناطق اقليم حضرموت وإعمارها والاهتمام بها منوطة بالسعودية باعتبارها الأقرب لها, لاسيما والحدود الواسعة التي تربط بينهما, وكذا الارتباط التاريخي الوثيق بين الحضارم والسعودية, وتبقى مشكلة وجود “القاعدة” في ساحل حضرموت, وهي في ظني ليست معضلة أمام قوة وخبرة وحنكة القيادة السعودية وقدرتها في التعامل مع هذا التنظيم, والذي يُرجح أنها تعمل بشكل حثيث لإنهاء هذه المشكلة سريعا.
الثالث: يبقى الشمال اليمني الذي ينتظر أن تنبعث منه مقاومة جادة على الأرض ضد الانقلابيين وإلا فإنه أمام سيناريو جديد; وهو القبول بحكم الانقلابيين على الشمال لكن بضمانات الخضوع لما يمليه عليهم التحالف العربي والمجتمع الدولي من اتفاقات ومعاهدات تكفل قيام حكم سياسي منفتح مع جميع الأطراف السياسية على أن تكفل دولة خليجية أخرى مثل قطر لتتولى مهمة إعمار الشمال.
وبذلك يكون اليمن شماله وجنوبه تحت العناية الخليجية الفائقة, والتي سيكسب منها الجميع كل بحسبه; فالخليج سيتحصل على ضمان أكيد من إغلاق ملف الخطر الإيراني الذي يهدده, كما أنه مع استقرار هذا الجزء المهم من الجزيرة العربية فإنه سيكسب مساحة واسعة من حركة الاستثمار في شتى المجالات أرضا وثروة وإنسانا. مما قد يعوض النفقات الباهظة التي دُفعت للوصول إلى هذه النتيجة المتوقعة.
اليمنيون وأبناء الجنوب العربي جميعا, ستُفتح لهم آفاق كبيرة, ستؤدي بالضرورة إلى تحسن أوضاعهم المعيشية مع توفر نظام وقانون صارمين يحققان أكبر درجات الأمن والأمان, الذي بدورها ستحمسهم نحو العمل الجاد, وبناء المشاريع الكبيرة والصغيرة, وحرية الحركة والتجارة بعيدا عن الاحتكار والأساليب التي كان يطبقها النظام السابق التي دمر العباد والاقتصاد والبلاد.
لا يمكن, بحال أن يقال: إن هذا التدخل الخليجي الذي فصلتُ توقعاتي له آنفاً أنه “احتلال” أو استعمار جديد, بالعكس, بل إنه لا يخرج عن كونه استكمالا لعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل, فهذا الجزء من جزيرة العرب أثبت أنه خلال العقود الماضية, غير قادر على إدارة شؤونه بمفرده, من دون معونة جيرانه ومساعدتهم ووقوفهم إلى جانبه, وأي تقسيم ومحاصصة للقيام بهذا الدور من كل دول “مجلس التعاون” إنما هما ترجمة واضحة للمساعدة والمعونة الحقيقية التي يحتاجها هذا الجار العزيز والمهم, أما الوقوف فقط عند تحريره من قبضة انقلابييه, فإنهم سرعان ما سيعودون بلبوس جديد وطريقة جديدة أكثر مكرا ودهاء.
“السياسة الكويتية”
طه بافضل
مما هو مؤكد, وغير قابل للجدال, أن عملية عاصفة الحزم التي اطلقتها المملكة العربية السعودية والدول التي تحالفت معها, كانت خطوة جبارة لا يمكن بحال أن يتجاهلها اليمنيون أو يجحدها من كان منهم ينتظر التدخل الإقليمي الدولي لينقذه من براثن الهمجية الحوثية والخطوات الانتقامية للرئيس المخلوع تجاه من يرى أنهم اختطفوا سلطته.
هذه مقدمة من الصعب المرور دون ذكرها والتنويه بها, لكن نحتاج أن نغوص قليلاً في عمق الجهود والخطوات والأعمال التي قامت بها دول “مجلس التعاون” الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة, التي كانت خطواتهما مفصلية ومحورية ومؤثرة غاية التأثير, آتت أكلها بتحرير مدينة عدن الجنوبية, والحرب مستمرة حتى يتم تحرير بقية الأرض اليمنية وهزيمة معسكر الانقلابيين الفاشيين.
تكاليف الحرب ليست بالهينة ولا القليلة, فالضربة الواحدة من طيران التحالف تكلف آلاف الدولارات, وشهريا عشرات الآلاف من ملايين الدولارات فكيف بالحملة كاملة؟! حيث يذكر أنها تبلغ المليارات؟ الانفاق هو من خزينة الدولتين الخليجيتين, وهي حملة بالطبع تهدف إلى حماية دول المجلس من الأطماع الإيرانية في المنطقة, إذ اليمن البوابة المهمة التي ستلج من خلالها ايران نحو الأراضي السعودية وتكتمل كماشتها بعدما التهمت العراق وسورية, بل ثورة إيران المزعومة تتجاوز المنطقة الخليجية إلى دول عربية أخرى في القارة الأفريقية.
نحن أمام مدافعة تكلف أرقاما باهظة, وهي نتيجة لتجاهل قديم من دول المجلس الخليجي لما يعتمل في اليمن والقبول والترحيب, بقصد أو بغير قصد, بسيناريوهات المكر والخداع التي كان يكتبها وينفذها الرئيس المخلوع طيلة فترة حكمه التي جاوزت ثلاثة عقود.
اليوم جاءت اللحظة الحاسمة لمقدمات التحول الذي يراد لليمن عموما, والجنوب العربي خصوصا, وما يعتمل حالياً, وبالذات بعد بشائر النصر في عدن وتقدم المقاومة في تعز ومأرب وخطوات التغيير التي يقوم بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من خلال التعيينات العسكرية والإدارية في المحافظات الجنوبية, فإن التدخل الخليجي المكمل للخطوات العسكرية بدأت تظهر توجهاته المستقبلية, فكأني بها ستقسم اليمن إلى ثلاثة أقسام:
الأول: مهمة اعمار مدينة عدن, وما حولها من مناطق لحج والضالع وأبين, ستسند إلى دولة الإمارات; فتصب اهتمامها بإنجازها في أسرع وقت ممكن, وهي لها تجربة سابقة في الاستثمار في ميناء عدن.
الثاني: ستكون مناطق اقليم حضرموت وإعمارها والاهتمام بها منوطة بالسعودية باعتبارها الأقرب لها, لاسيما والحدود الواسعة التي تربط بينهما, وكذا الارتباط التاريخي الوثيق بين الحضارم والسعودية, وتبقى مشكلة وجود “القاعدة” في ساحل حضرموت, وهي في ظني ليست معضلة أمام قوة وخبرة وحنكة القيادة السعودية وقدرتها في التعامل مع هذا التنظيم, والذي يُرجح أنها تعمل بشكل حثيث لإنهاء هذه المشكلة سريعا.
الثالث: يبقى الشمال اليمني الذي ينتظر أن تنبعث منه مقاومة جادة على الأرض ضد الانقلابيين وإلا فإنه أمام سيناريو جديد; وهو القبول بحكم الانقلابيين على الشمال لكن بضمانات الخضوع لما يمليه عليهم التحالف العربي والمجتمع الدولي من اتفاقات ومعاهدات تكفل قيام حكم سياسي منفتح مع جميع الأطراف السياسية على أن تكفل دولة خليجية أخرى مثل قطر لتتولى مهمة إعمار الشمال.
وبذلك يكون اليمن شماله وجنوبه تحت العناية الخليجية الفائقة, والتي سيكسب منها الجميع كل بحسبه; فالخليج سيتحصل على ضمان أكيد من إغلاق ملف الخطر الإيراني الذي يهدده, كما أنه مع استقرار هذا الجزء المهم من الجزيرة العربية فإنه سيكسب مساحة واسعة من حركة الاستثمار في شتى المجالات أرضا وثروة وإنسانا. مما قد يعوض النفقات الباهظة التي دُفعت للوصول إلى هذه النتيجة المتوقعة.
اليمنيون وأبناء الجنوب العربي جميعا, ستُفتح لهم آفاق كبيرة, ستؤدي بالضرورة إلى تحسن أوضاعهم المعيشية مع توفر نظام وقانون صارمين يحققان أكبر درجات الأمن والأمان, الذي بدورها ستحمسهم نحو العمل الجاد, وبناء المشاريع الكبيرة والصغيرة, وحرية الحركة والتجارة بعيدا عن الاحتكار والأساليب التي كان يطبقها النظام السابق التي دمر العباد والاقتصاد والبلاد.
لا يمكن, بحال أن يقال: إن هذا التدخل الخليجي الذي فصلتُ توقعاتي له آنفاً أنه “احتلال” أو استعمار جديد, بالعكس, بل إنه لا يخرج عن كونه استكمالا لعمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل, فهذا الجزء من جزيرة العرب أثبت أنه خلال العقود الماضية, غير قادر على إدارة شؤونه بمفرده, من دون معونة جيرانه ومساعدتهم ووقوفهم إلى جانبه, وأي تقسيم ومحاصصة للقيام بهذا الدور من كل دول “مجلس التعاون” إنما هما ترجمة واضحة للمساعدة والمعونة الحقيقية التي يحتاجها هذا الجار العزيز والمهم, أما الوقوف فقط عند تحريره من قبضة انقلابييه, فإنهم سرعان ما سيعودون بلبوس جديد وطريقة جديدة أكثر مكرا ودهاء.
“السياسة الكويتية”