المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحليل: ما الذي يعنيه استقدام قوات سودانية إلى عدن؟ د. أفندي المرقشي


حد من الوادي
10-20-2015, 12:16 AM
تحليل: ما الذي يعنيه استقدام قوات سودانية إلى عدن؟


الاثنين 19 أكتوبر 2015 04:00 مساءً
القسم السياسي بصحيفة (عدن الغد)

على طول خط بري قصير يربط بين مدينة المنصورة وميناء البريقة النفطي بعدن سارت عدد من المركبات الصغيرة التي تحمل العشرات من الجنود السودانيين يوم الاثنين .

كان الجنود في طريقهم صوب مطار المدينة الذي يقع في خور مكسر وسط المدينة .

في الطريق إلى مطار عدن تمر القوات السودانية بعدد من نقاط التفتيش المحلية لعناصر من مقاتلي المقاومة الجنوبية التي قاتلت ضد القوات الموالية للحوثيين وصالح والتي سيطرت على عدن لعدة أشهر مطلع هذا العام .

يمثل الدفع بقوات سودانية إلى مدينة عدن احدث تطور سياسي وعسكري ويأتي فقط بعد حوالي أسبوعين من هجوم دام نفذته جماعة مسلحة واستهدف مقرا للحكومة وأخرى للإدارة الإماراتية في عدن .

دفعت قوات التحالف نهاية شهر يونيو من هذا العام بالعشرات من العسكريين الإماراتيين قبل ان تدفع بقوات إضافية أخرى بالإضافة إلى دعمها لقوات المقاومة الجنوبية وهي خليط من مقاتلين من الحراك الجنوبي وسلفيين ومواطنين عاديين تمكنوا في نهاية المطاف من إحراز تقدم ميداني في مواجهة القوات الموالية للحوثيين وصالح .

مع انتهاء الحرب في عدن قبل 3 أشهر من اليوم بدأ ان الملف الأمني والعسكري احد ابرز الملفات الشائكة التي واجهت إدارة الرئيس عبدربه منصور هادي وقوات التحالف في عدن .

ورغم حديث الطرفين عن ضرورة دمج مقاتلي المقاومة الجنوبية بالجيش الوطني ووحدات الأمن اليمنية السابقة إلا ان خطوة كهذه لم تتخذ حتى اليوم لايزال المئات من مسلحي المقاومة يجوبون الشوارع كل يوم .

يقول محمد ظافر وهو موظف بأحد البنوك المحلية في المدينة ان بنكهم الواقع بالمدينة القديمة بكريتر لايزال مغلقا حتى اليوم .

ترفض إدارة البنك فتح أبوابها وترى ان الاضطرابات الأمنية التي تعيشها عدن تمثل التحدث الأكبر الذي يواجه عمل البنك .

إلى جانب عدد من البنوك لم تتمكن غالبية المؤسسات التجارية من العمل بالإضافة إلى غالبية الدوائر الحكومية .

ورغم انقضاء عدة أيام على وصول القوات السودانية إلى مدينة عدن إلا ان السلطات الحكومية لم تتحدث بصراحة عن هذه الخطوة والتزمت الصمت .

عند التاسعة والنصف من صباح يوم الاثنين تسير حافلة صغيرة ببطئى في طريقها إلى مدينة التواهي وعلى متنها عدد من الأشخاص .

يقول سليمان أنور وهو سائق الحافلة ان الناس في عدن لم تعد تفهم شيء مما يحدث واستقبلت خبر وصول قوات سودانية إلى مدينة عدن بصمت بالغ .

يضيف بالقول :" لم نعد نعرف هل نرحب أم نتوجس؟ لاندري ما الذي يحدث ؟ لعل فيها خيرا لنا .

يتبادل الركاب وجهات نظر أخرى لكن الجميع يتفق لاحقا بأنهم يتمنون ان يستقر الوضع في مدينة عدن .

يمثل لجوء قوات التحالف العربية إلى استقدام قوات عربية أخرى وإضافية إلى مدينة عدن تأكيدا على ان الأوضاع في المدينة لايبدو أنها في طريقها إلى استقرار قريب لكن آخرين يرون ان هذا الاستقدام من شأنه ان يعزز من حضور سلطة الحكومة اليمنية .

القيادي في الحراك الجنوبي "فؤاد راشد يرى ان استقدام المزيد القوات العربية إلى عدن يأتي في ظل ترك المقاومة الوطنية الجنوبية تتحلحل وتنكمش على نفسها تمهيدا للقضاء عليها مخطط مكشوف وواضح يضرب في الصميم المشروع الجنوبي الذي حملته هذه المقاومة وانخرطت تقاتل من اجل تحقيقه قبل بدء التحالف العربي الإجراءات العسكرية من خلال عاصفة الحزم في 26 مارس الماضي .

ويضيف الرجل في حديث لصحيفة "عدن الغد" لاحظنا خلال سير المعارك في السبعة الأشهر الماضية كيف تم تهميش المقاومة الوطنية الجنوبية من خلال عدم مدها بالسلاح والإمكانات اللازمة لتطوير قدراتها وتامين احتجاجاتها وتأهيلها للمرحلة الحالية ومع ذلك صمدت وحققت انتصارات عظيمة في الضالع والعاصمة عدن .

ويختتم بالقول :" ان استقدام المزيد من القوات العربية لحفظ الأمن في العاصمة عدن دون تأهيل وتمكين المقاومة الوطنية الجنوبية من أداء دور امني وعسكري لن يحقق نجاحا كبيرا كما انه لن يقضي تماما على المقاومة أو ( غسلها وطنيا بتربة أخرى ) وهي التي نشات من الصفر تحمل على عاتقها مشروع وطن .

على خلاف الرؤية التي يحملها راشد يقدم عبدالصمد الجابري وهو كاتب صحفي من عدن رؤية مغايرة ويرى ان استقدام قوات سودانيه إلى عدن يأتي في إطار التنسيق بين دول التحالف وبين شرعيه هادي. وهي مثلها مثل الإمارات والسعودية وهي ستكلف بتعزيز القدرات العسكرية لدول التحالف ليس في عدن وحدها بل المحافظات المجاورة. اما مسالة المقاومة ودمجها في الجيش الوطني يضع امامنا عدة تساؤلات محيرة حول هذه المسألة ولا يتسع المجال لتناولها.

ويضيف بالقول :" والجيش الوطني هو جيش خليط من الشمال والجنوب وغالبيته من الشمال ولازال الجنوب الحلقة الأضعف في كل المشاريع المطروحة.. وحتى يمكن للمقاومة ان تسهم بدورها في حفظ الأمن بمحافظة عدن فلابد من الاهتمام بها وتدريبها وتوظيفها رسميا كقوى أمنية لمحافظة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى سيما وان هناك قوى الظلام المختلفة لاتريد للجنوب الأمن والأمان ولديها من الإمكانات والقدرات ما يفوق لدى الدولة ...ونعتقد ان الأوضاع ستتحسن كثيرا إذا استطاع أبناء الجنوب توحيد صفوفهم والتغلب على الحالات المرضية التي تنتابهم وأمام أبناء الجنوب مشوار طويل لتحقيق هدفهم السامي.

عبدالرحمن انيس والذي يعمل مديرا لهيئة تحرير صحيفة 14 أكتوبر الحكومية يرى وصول القوات السودانية إلى عدن كان ضرورة خاصة بعد التباطؤ إدماج المقاومة في الجيش والأمن وتزايد عمل المجموعات المسلحة في عدن وعمليات الاغتيال .. فكان لابد من نشر قوات أمنية تعمل على استتباب الأمن في المحافظة .. لكن وجود هذه القوات ينبغي ان يكون مؤقتا لحين تأهيل شباب المقاومة وإدماجهم في الجيش والأمن ومن ثم تسليمهم المهام الأمنية في المحافظة .



من جانبه يرى عارف عبد الحالمي وهو ناشط سياسي ان قدوم القوات السودانية سيكون أمر طبيعي إذا ماكان في إطار المجهود الحربي القتالي لدول التحالف العربي واتخاذ من عدن منطقة حشد للتوجه إلى الشمال ،اما إذا ماعطي لها دور أمني في عدن فذلك يعني ان المقاومة تواجه تهميش متعمد لمنعها من القيام بدورها وفشل الإعلان الارتجالي عن دمج المقاومة بالجيش الوطني المزعوم ووجود جيش في عدن له عقيدة ادلوجية متطرفة تلتقي مع قوى يمنيه تناصب العداء للجنوب وشعبه ،أمر يثير مزيد من القلق والخوف.

القيادي في الحراك الجنوبي حسن البيشي يرى ان استدعاء هذه القوات وبهذا التوقيت المتأخر يدل على ان سلطة الاحتلال اليمني ما تسمى بالشرعية لا تريد ان تسلم الأراضي الجنوبية المحررة لشعب الجنوب ممثلا بمقاومته وحراكه الثوري ولا تريد حتى ضم المقاومة إلى أجهزة الجيش والأمن ، وما يثير التوجس أكثر هو ان هذه القوات أتت إلى عاصمة الجنوب كبديل للإخوة الإماراتيين بعد استهدافهم بالتفجيرات الإرهابية بالتزامن مع استهداف شرعية الاحتلال اليمني للمقاومة الجنوبية والحراك الثوري الجنوبي بالتفريخ والتمزيق وإخراجهم من المشهد السياسي الراهن كقوتين رئيسيتين جنوبية معبرة عن إرادة شعب الجنوب وحقه في تحرير أرضه واستعادة دولته المستقلة ،.

ويضيف بالقول :"ما يؤكد صحة قولنا هو ان سلطة الاحتلال ما تسمى بالشرعية لم تقوم بأي تغيير جدي للجهاز الإداري والعسكري القديم في عدن العاصمة وبقية المحافظات الجنوبية بل أنها اعتمدت اعتماد كلي على جهزها القديم الغارق في الفساد المالي والسياسي والأخلاقي وما يجري الان من إهمال متعمد لمدينة عدن خير شاهد ، ولهذا استدعوا القوات السودانية لحمايتهم تحت مسمى حماية الشرعية وبالتالي بقاء شعب الجنوب وأرضه وثرواته تحت الاحتلال اليمني مع زيادة القهر والظلم لشعب الجنوب وإطالة فترة احتلاله وتكليفه تضحيات إضافية.



افندي المرقشي - ناشط حقوقي جنوبي يعمل في المرصد الجنوبي لحقوق الانسان بسويسرا قال ان استقدام القوات السودانية إلى عدن إذا كانت مهمتها داخلية في تامين عدن. فهذا يعني تهميش واضح للمقاومة الجنوبية وإضعافها وتشتيتها تدريجيا لغرض في نفس يعقوب، إي أن السلطات الشرعية أصبحت عاجزة عن حماية نفسها وغير قادرة في كسب ثقة مواطنيها واستيعابهم في حفظ الأمن والدفاع عن الوطن، أو ان هناك نوايا تريد تفرضها وتنفذها السلطات الشرعية في الجنوب بالقوة غصبا عن رغبات مواطنيها في الجنوب.

واضاف :" مضي 6 أشهر منذ تحرير عدن كانت كفيله ببناء قوة أمنية وعسكرية جنوبية قادرة على حماية المدن وتامين عدن، بل وتحرير باقي المناطق في الجنوب. فنحن لاينقصنا الرجال في الجنوب، لان لدينا اليوم الكثير ممن هم جاهزين للقيام بهذه المهمات وأكثر. وان استقدام هذه القوات إلى عدن كبديل للمقاومة الجنوبية يعتبر إجحاف في حق شباب المقاومة الذين ضحى الكثير منهم من اجل الوطن والوقوف إلى جانب الإخوة في دول التحالف العربي. فلولاهم لما انتصرت عدن وما وطئت أقدام رجال السلطات الشرعية على ترابها. فهل هذا جزاؤهم ؟ سؤال نطرحه على السلطات المحلية المدنية والعسكرية في عدن ومن وراءها رأس هرم السلطة الشرعية اليمنية في الرياض ؟ لماذا هذه المماطلة في استيعاب شباب المقاومة ؟ وهل هذا يخدم امن الوطن والمواطن في المناطق المحررة؟. فتجارب الماضي المرير في الجنوب علمتنا الكثير، فلا تعتقدوا ان استقدام قوات أجنبية سيحل المشكلة في عدن أو غيرها من المناطق الأخرى، ان لم يعتمد على أبنائها، الذين هم ادري بناسها وشعابها.



د. أفندي المرقشي