حد من الوادي
10-30-2015, 12:40 AM
الخميس 29 أكتوبر 2015 09:21 مساءً
هل ستخلد الذاكرة الشعبية الرئيس هادي .. بطلاً ؟
غازي المفلحي
صفحة الكاتب
عن انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي
توقفوا عن لعب دور المخدوعين واحسموا المعركة عسكريا
يا رجال الجنوب ... دافعوا عن رجال التحالف العربي في عدن
غابت صور هادي عن الفعالية لكن بصماته كانت حاضرة بقوة ..
كان على الغفوري ان يسأل حميد هذا السؤال
على امتداد تاريخهم الحديث واجه اليمنيون الكثير من الأحداث التي شكلت محطات ومنعطفات تركت بصماتها وآثارها في حياتهم ايجابا او سلبا .
ولو اخترنا ان نجعل من ثورة سبتمبر62 بداية تاريخ اليمن الحديث ، فان الثورة بحد ذاتها كانت حدثا تاريخيا ، وكذلك ثورة 14 اكتوبر في الجنوب ، وحركة نوفمبر عام 67 في الشمال، ثم استقلال الجنوب في العام نفسه ، وحركة 13 يونيو 74 في الشمال ، واستشهاد ابراهيم الحمدي عام 77 ، ووصول عفاش الى قمة السلطة عام 78 ، واحداث يناير عام 86 ، وقيام الوحدة عام 90 ، وحرب الضم والإلحاق عام 94 .. واخيرا وصول هادي الى قمة السلطة عام 2012 .
القاسم المشترك في كل تلك المحطات كان ظهور رجال شاءت اقدارهم في لحظة فارقة من تاريخ شعبهم ، ان تضعهم في بؤرة الحدث وترفعهم الى مستوى القادة ، فالتقطوا اللحظة التاريخية ووظفوها كل بما أملاه عليهم وعيه ، وطموحه ، وثقافته ، وتربيته ، وفي هذا السياق يمكننا التمييز بين نوعين من القادة اختزنتهما الذاكرة الشعبية :
النوع الأول : هم الذين رسخت صورتهم في السيرة الشعبية كأبطال بذلوا جهدهم - بقدر ما مكنتهم الظروف والإمكانيات - لتحقيق اهداف وطموحات شعبهم وبعضهم افنى حياته في سبيل ذلك ، حيث تصرفوا بطريقة كشفت عن شعور كبير بجسامة المسؤولية وعظم الأمانة التي القتها الأقدار على كواهلهم بغير رغبه منهم او سعي على الأرجح ، وتميزوا بطهارة اليد ، ونزاهة السلوك ، وكثافة الوعي ، والإحساس المرهف تجاه معاناة الفقراء والبسطاء والمعوزين من شعبهم .
النوع الثاني : وهم الذين احتفظت الذاكرة الشعبية لهم بصورة اللصوص والفاسدين ، ونقصد بهم هنا اولئك الذين اعتبروا اللحظة التاريخية التي واتتهم فرصة للوثوب واقتناص السلطة بغرض توظيفها لخدمة اطماع وطموحات شخصية وذاتية ، وهؤلاء تصرفوا بما ينمّ عن ضعف الشعور بالمسؤولية ، وسيطرة مشاعر الأنانية والذاتية على تفكيرهم وهو ما دفعهم الى استغلال مواقعهم لنهب شعوبهم وتكوين الثروات من المال الحرام، والنزوع الى المغامرة ، وممارسة البهلوانيات السياسية ، والإحساس المتبلد تجاه معاناة البسطاء والفقراء والمعوزين من شعبهم .
اختلفت المكانة التي حظي بها هؤلاء القادة في الذاكرة الشعبية باختلاف سلوك كل منهم ، والواقع ان كل فرد منهم وضع نفسه في المكانة التي اختار ان يخلده التاريخ فيها ، والتاريخ كما هو معروف لا يُهمل او يَغفل ، فهو يقيّم ، ويرصد ، ويسجل .
القادة الأبطال الذين ترفعوا عن الولاءات العشائرية والقبلية ، وكرسوا حياتهم حتى آخر لحظة في تحقيق ما استطاعوا تحقيقه لشعبهم من عزّ وكرامة ورفاهية ، وتميزوا بالشجاعة والنزاهة والطهارة والتفاني والعفة عن المال العام والترفع عن استغلال السلطة في غير مصلحة الشعب ، هؤلاء رفعتهم السيرة الشعبية الى مصاف العظماء وظلت - وسوف تظل - تتغنى بشجاعتهم ونزاهتهم وعفتهم ، وحتى عندما يحاول البعض من موقع الغيرة او الحقد او الحسد المس بهم او بمكانتهم ، تتصدى هذه الذاكرة للدفاع عنهم وحماية ذكراهم عبر تطويقهم بسياج عال من الحب والتقدير والعرفان ، ويأتي في مقدمة هؤلاء عملاقا الحركة الوطنية اليمنية إبراهيم الحمدي في الشمال ، وسالمين في الجنوب رحمهم الله جميعا .
ولم يكن نصيب النوع الآخر من القادة مماثلا في المكان ولا المكانة ، حيث قَصُر وعيهم أو حالت انانيتهم وسطحيتهم وولاءهم لمصالحهم الشخصية دون تمكينهم من مغادرة حفر وكهوف الولاء والانتماء العشائري والقبلي الى فضاء الولاء والانتماء الشعبي والوطني ، وهؤلاء اختاروا لأنفسهم مواقعهم ومكانتهم في الزوايا المظلمة من الذاكرة الشعبية في خانة لصوص الثورات والثروات ، مكللين بالخزي والعار ، وفي مقدمة هؤلاء يأتي اللئيم عفاش .
فأين نتوقع ان تكون مكانة هادي في هذه الذاكرة التاريخية ؟
الإنصاف يقتضي منا الإقرار اولا ان ما ورثه هادي من سلفة في الواقع هو شظايا او بقايا وطن يعاني من تمزق كائن وتمزق في طريقه الى ان يكون ، ثلاثي الفقر والجهل والمرض الذي اعلن الثوار قبل ما يزيد عن 50 عاما قيام ثورتهم للقضاء عليه لا يزال قائما بصورة أقسى وأشد ، ثم زاد عليه فساد في كل مرفق وفوضى في كل اتجاه ، وانفلات يكاد يجهز على ما تبقى من قيم المجتمع واخلاقه ، وعلى النظام والقانون ، ويسلب الأمان من حياة الناس ليزرع مكانها القلق والخوف في كل قلب وفي كل بيت .
هذا يعني انه من بين كل قادة اليمن الذين سبقوه – وربما الذين سيلحقونه ايضا - شاءت أقدار هادي ان تلقي بين يدية اللحظة التاريخية الأهم والأخطر في حياة شعبه ، لحظة سوف يترتب على ما سيقرره ويفعله فيها نتائج بالغة الخطورة والأثر، وحصيلتها ستكون مُثقله في ذاكرة الأجيال بالخير او الشر الذي ستحمله .
فهل يستطيع الناس تُعلّيق آمالهم عليه للخروج بهم من النفق المظلم الذي ساقهم سلفه إليه ، رغم انه – هو نفسه - خرج من تحت عباءة النظام البائد وكثيرون لا يزالون يحسبونه عليه ؟
حتى هذه اللحظة نستطيع القول بثقه ان هادي لم يخيب الظن ، فالقدر الكبير من الشجاعة ، والحكمة ، والصبر التي اظهرها في مواجهة الأهوال والتحديات التي جابهته منذ اليوم الأول لتحمله المسؤولية التاريخية ، كشفت في هادي عن معدن القائد الوطني ، الحصيف ، الأريب ، الفطن ، الجسور الذي يمكن المراهنة عليه ليس في صنع معجزات ، ولكن في تحقيق منجزات لا يصنعها الا الرجال العظام ، ولن يقلل من هذه الثقة انه ظل سنوات طويلة تحت عباءة حاكم سيء السمعة ، فقصص التاريخ مليئة بمثل هؤلاء الرجال الذين خرجوا من رحم الأنظمة الفاسدة ليصنعوا فجر شعوبهم المشرق .
الكيفية التي واجه بها هادي الأحداث التي عصفت به وبشعبه خلال الفترة الماضية بينت ايضا انه يدرك ويعي عظم المسؤولية التي القتها الأقدار على عاتقه ، كما يعي ويدرك ان الذاكرة الوطنية هي الأثر والإرث الذي بقي من القادة والمصلحين الذين سبقوه ، ممن تعاملوا مع شعوبهم بما اختزنوه من التفاني ، والصدق ، والأمانة ، والاستقامة ، فكافأتهم شعوبهم بما يستحقونه من الإجلال ، والتوقير ، والمحبة ، والثقة.
ومثل كل القادة المتميزين لم ينقص هادي ايضا وضوح الهدف المعبر عن الطموحات الشعبية ، ولا الطريق الى تحقيق هذا الهدف ، ولا التفاني في سبيل تحقيق هذا الهدف :
- فالهدف كما حدده هو بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية ، دولة المؤسسات وسيادة القانون والمواطنة المتساوية كشرط لا بد منه لنجاح تنفيذ المشروع النهضوي الشامل على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية .. الخ ..
- أما الطريق الى تحقيق هذه الهدف فهو رؤيه صنعتها الإرادة الشعبية بالتفاهم والتراضي والتوافق والنقاش المعمق ، في مؤتمر حوار ضم مختلف القوى والأحزاب والفعاليات المجتمعية ، وخرج في نهاية المطاف بوثيقة معبرة عن الإجماع الشعبي والوطني لما يمكن اعتباره خارطة طريق لتحقيق الهدف الكبير .
- وعندما تطلب الأمر ان يقاتل دفاعا عن هذا الهدف فقد خاض الحرب بشجاعة واخلاص وتفان .
لكنه من ناحية اخرى ، مثل اي قائد جماهيري يعلق عليه شعبه الأمل بتحقيق انجازات تاريخيه يحتاج الى ان تتوفر معه ادوات دفع ودعم تعزز من قدرته على تحقيق هذه الآمال والطموحات:
اولا : هو يحتاج الى تأييد جماهيري غير محدود ، والجماهير في كل المجتمعات ، خصوصا عند لحظاتها الفاصلة ومنعطفاتها الفارقة ، كانت بالنسبة للقادة العظام طاقة الإلهام الذي يوجّه ، وينير ، ويرشد ، والسياج الذي يصون ، ويحمي ، وينجد ، والدرع الذي عليه تتكسر الدسائس والمكائد التي تستهدف ايقاف المسيرة من الوصول الى غاياتها النبيلة .
ثانيا : هو يحتاج الى جبهة مؤازرة ومساندة ممتدة رأسيا وافقيا ، وتشمل كل القوى والفعاليات المجتمعية والسياسية الوطنية التي ترى في مشروعه النهضوي طريق الخلاص من مشاريع التخلف والقبلية والطائفية .
الهدف ليس سهلا اوهينا والطريق اليه شاقا وخطرا ، خصوصا وأن مراكز النفوذ الذين يعتبرون مشروع التغيير تهديدا مباشرا لنفوذهم ومصالحهم لا تنقصهم الإمكانيات ولا التصميم على التصدي لمشروع التغيير بكل الطرق والأساليب والإمكانيات المتوفرة لهم .
هذه مخاطر حقيقية ، لكن الشواهد جميعها تقول انه رغم كل هذه المخاطر فنحن بصدد انجاز العبور التاريخي نحو المستقبل الواعد ، وان هادي هو رجل المرحلة وقائد هذا العبور رغما عن كل حاقد .
اقرأ المزيد من عدن الغد
هل ستخلد الذاكرة الشعبية الرئيس هادي .. بطلاً ؟
غازي المفلحي
صفحة الكاتب
عن انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي
توقفوا عن لعب دور المخدوعين واحسموا المعركة عسكريا
يا رجال الجنوب ... دافعوا عن رجال التحالف العربي في عدن
غابت صور هادي عن الفعالية لكن بصماته كانت حاضرة بقوة ..
كان على الغفوري ان يسأل حميد هذا السؤال
على امتداد تاريخهم الحديث واجه اليمنيون الكثير من الأحداث التي شكلت محطات ومنعطفات تركت بصماتها وآثارها في حياتهم ايجابا او سلبا .
ولو اخترنا ان نجعل من ثورة سبتمبر62 بداية تاريخ اليمن الحديث ، فان الثورة بحد ذاتها كانت حدثا تاريخيا ، وكذلك ثورة 14 اكتوبر في الجنوب ، وحركة نوفمبر عام 67 في الشمال، ثم استقلال الجنوب في العام نفسه ، وحركة 13 يونيو 74 في الشمال ، واستشهاد ابراهيم الحمدي عام 77 ، ووصول عفاش الى قمة السلطة عام 78 ، واحداث يناير عام 86 ، وقيام الوحدة عام 90 ، وحرب الضم والإلحاق عام 94 .. واخيرا وصول هادي الى قمة السلطة عام 2012 .
القاسم المشترك في كل تلك المحطات كان ظهور رجال شاءت اقدارهم في لحظة فارقة من تاريخ شعبهم ، ان تضعهم في بؤرة الحدث وترفعهم الى مستوى القادة ، فالتقطوا اللحظة التاريخية ووظفوها كل بما أملاه عليهم وعيه ، وطموحه ، وثقافته ، وتربيته ، وفي هذا السياق يمكننا التمييز بين نوعين من القادة اختزنتهما الذاكرة الشعبية :
النوع الأول : هم الذين رسخت صورتهم في السيرة الشعبية كأبطال بذلوا جهدهم - بقدر ما مكنتهم الظروف والإمكانيات - لتحقيق اهداف وطموحات شعبهم وبعضهم افنى حياته في سبيل ذلك ، حيث تصرفوا بطريقة كشفت عن شعور كبير بجسامة المسؤولية وعظم الأمانة التي القتها الأقدار على كواهلهم بغير رغبه منهم او سعي على الأرجح ، وتميزوا بطهارة اليد ، ونزاهة السلوك ، وكثافة الوعي ، والإحساس المرهف تجاه معاناة الفقراء والبسطاء والمعوزين من شعبهم .
النوع الثاني : وهم الذين احتفظت الذاكرة الشعبية لهم بصورة اللصوص والفاسدين ، ونقصد بهم هنا اولئك الذين اعتبروا اللحظة التاريخية التي واتتهم فرصة للوثوب واقتناص السلطة بغرض توظيفها لخدمة اطماع وطموحات شخصية وذاتية ، وهؤلاء تصرفوا بما ينمّ عن ضعف الشعور بالمسؤولية ، وسيطرة مشاعر الأنانية والذاتية على تفكيرهم وهو ما دفعهم الى استغلال مواقعهم لنهب شعوبهم وتكوين الثروات من المال الحرام، والنزوع الى المغامرة ، وممارسة البهلوانيات السياسية ، والإحساس المتبلد تجاه معاناة البسطاء والفقراء والمعوزين من شعبهم .
اختلفت المكانة التي حظي بها هؤلاء القادة في الذاكرة الشعبية باختلاف سلوك كل منهم ، والواقع ان كل فرد منهم وضع نفسه في المكانة التي اختار ان يخلده التاريخ فيها ، والتاريخ كما هو معروف لا يُهمل او يَغفل ، فهو يقيّم ، ويرصد ، ويسجل .
القادة الأبطال الذين ترفعوا عن الولاءات العشائرية والقبلية ، وكرسوا حياتهم حتى آخر لحظة في تحقيق ما استطاعوا تحقيقه لشعبهم من عزّ وكرامة ورفاهية ، وتميزوا بالشجاعة والنزاهة والطهارة والتفاني والعفة عن المال العام والترفع عن استغلال السلطة في غير مصلحة الشعب ، هؤلاء رفعتهم السيرة الشعبية الى مصاف العظماء وظلت - وسوف تظل - تتغنى بشجاعتهم ونزاهتهم وعفتهم ، وحتى عندما يحاول البعض من موقع الغيرة او الحقد او الحسد المس بهم او بمكانتهم ، تتصدى هذه الذاكرة للدفاع عنهم وحماية ذكراهم عبر تطويقهم بسياج عال من الحب والتقدير والعرفان ، ويأتي في مقدمة هؤلاء عملاقا الحركة الوطنية اليمنية إبراهيم الحمدي في الشمال ، وسالمين في الجنوب رحمهم الله جميعا .
ولم يكن نصيب النوع الآخر من القادة مماثلا في المكان ولا المكانة ، حيث قَصُر وعيهم أو حالت انانيتهم وسطحيتهم وولاءهم لمصالحهم الشخصية دون تمكينهم من مغادرة حفر وكهوف الولاء والانتماء العشائري والقبلي الى فضاء الولاء والانتماء الشعبي والوطني ، وهؤلاء اختاروا لأنفسهم مواقعهم ومكانتهم في الزوايا المظلمة من الذاكرة الشعبية في خانة لصوص الثورات والثروات ، مكللين بالخزي والعار ، وفي مقدمة هؤلاء يأتي اللئيم عفاش .
فأين نتوقع ان تكون مكانة هادي في هذه الذاكرة التاريخية ؟
الإنصاف يقتضي منا الإقرار اولا ان ما ورثه هادي من سلفة في الواقع هو شظايا او بقايا وطن يعاني من تمزق كائن وتمزق في طريقه الى ان يكون ، ثلاثي الفقر والجهل والمرض الذي اعلن الثوار قبل ما يزيد عن 50 عاما قيام ثورتهم للقضاء عليه لا يزال قائما بصورة أقسى وأشد ، ثم زاد عليه فساد في كل مرفق وفوضى في كل اتجاه ، وانفلات يكاد يجهز على ما تبقى من قيم المجتمع واخلاقه ، وعلى النظام والقانون ، ويسلب الأمان من حياة الناس ليزرع مكانها القلق والخوف في كل قلب وفي كل بيت .
هذا يعني انه من بين كل قادة اليمن الذين سبقوه – وربما الذين سيلحقونه ايضا - شاءت أقدار هادي ان تلقي بين يدية اللحظة التاريخية الأهم والأخطر في حياة شعبه ، لحظة سوف يترتب على ما سيقرره ويفعله فيها نتائج بالغة الخطورة والأثر، وحصيلتها ستكون مُثقله في ذاكرة الأجيال بالخير او الشر الذي ستحمله .
فهل يستطيع الناس تُعلّيق آمالهم عليه للخروج بهم من النفق المظلم الذي ساقهم سلفه إليه ، رغم انه – هو نفسه - خرج من تحت عباءة النظام البائد وكثيرون لا يزالون يحسبونه عليه ؟
حتى هذه اللحظة نستطيع القول بثقه ان هادي لم يخيب الظن ، فالقدر الكبير من الشجاعة ، والحكمة ، والصبر التي اظهرها في مواجهة الأهوال والتحديات التي جابهته منذ اليوم الأول لتحمله المسؤولية التاريخية ، كشفت في هادي عن معدن القائد الوطني ، الحصيف ، الأريب ، الفطن ، الجسور الذي يمكن المراهنة عليه ليس في صنع معجزات ، ولكن في تحقيق منجزات لا يصنعها الا الرجال العظام ، ولن يقلل من هذه الثقة انه ظل سنوات طويلة تحت عباءة حاكم سيء السمعة ، فقصص التاريخ مليئة بمثل هؤلاء الرجال الذين خرجوا من رحم الأنظمة الفاسدة ليصنعوا فجر شعوبهم المشرق .
الكيفية التي واجه بها هادي الأحداث التي عصفت به وبشعبه خلال الفترة الماضية بينت ايضا انه يدرك ويعي عظم المسؤولية التي القتها الأقدار على عاتقه ، كما يعي ويدرك ان الذاكرة الوطنية هي الأثر والإرث الذي بقي من القادة والمصلحين الذين سبقوه ، ممن تعاملوا مع شعوبهم بما اختزنوه من التفاني ، والصدق ، والأمانة ، والاستقامة ، فكافأتهم شعوبهم بما يستحقونه من الإجلال ، والتوقير ، والمحبة ، والثقة.
ومثل كل القادة المتميزين لم ينقص هادي ايضا وضوح الهدف المعبر عن الطموحات الشعبية ، ولا الطريق الى تحقيق هذا الهدف ، ولا التفاني في سبيل تحقيق هذا الهدف :
- فالهدف كما حدده هو بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية ، دولة المؤسسات وسيادة القانون والمواطنة المتساوية كشرط لا بد منه لنجاح تنفيذ المشروع النهضوي الشامل على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية .. الخ ..
- أما الطريق الى تحقيق هذه الهدف فهو رؤيه صنعتها الإرادة الشعبية بالتفاهم والتراضي والتوافق والنقاش المعمق ، في مؤتمر حوار ضم مختلف القوى والأحزاب والفعاليات المجتمعية ، وخرج في نهاية المطاف بوثيقة معبرة عن الإجماع الشعبي والوطني لما يمكن اعتباره خارطة طريق لتحقيق الهدف الكبير .
- وعندما تطلب الأمر ان يقاتل دفاعا عن هذا الهدف فقد خاض الحرب بشجاعة واخلاص وتفان .
لكنه من ناحية اخرى ، مثل اي قائد جماهيري يعلق عليه شعبه الأمل بتحقيق انجازات تاريخيه يحتاج الى ان تتوفر معه ادوات دفع ودعم تعزز من قدرته على تحقيق هذه الآمال والطموحات:
اولا : هو يحتاج الى تأييد جماهيري غير محدود ، والجماهير في كل المجتمعات ، خصوصا عند لحظاتها الفاصلة ومنعطفاتها الفارقة ، كانت بالنسبة للقادة العظام طاقة الإلهام الذي يوجّه ، وينير ، ويرشد ، والسياج الذي يصون ، ويحمي ، وينجد ، والدرع الذي عليه تتكسر الدسائس والمكائد التي تستهدف ايقاف المسيرة من الوصول الى غاياتها النبيلة .
ثانيا : هو يحتاج الى جبهة مؤازرة ومساندة ممتدة رأسيا وافقيا ، وتشمل كل القوى والفعاليات المجتمعية والسياسية الوطنية التي ترى في مشروعه النهضوي طريق الخلاص من مشاريع التخلف والقبلية والطائفية .
الهدف ليس سهلا اوهينا والطريق اليه شاقا وخطرا ، خصوصا وأن مراكز النفوذ الذين يعتبرون مشروع التغيير تهديدا مباشرا لنفوذهم ومصالحهم لا تنقصهم الإمكانيات ولا التصميم على التصدي لمشروع التغيير بكل الطرق والأساليب والإمكانيات المتوفرة لهم .
هذه مخاطر حقيقية ، لكن الشواهد جميعها تقول انه رغم كل هذه المخاطر فنحن بصدد انجاز العبور التاريخي نحو المستقبل الواعد ، وان هادي هو رجل المرحلة وقائد هذا العبور رغما عن كل حاقد .
اقرأ المزيد من عدن الغد