حد من الوادي
12-15-2015, 12:13 AM
استعدوا .. الانفصال قادم
14 - ديسمبر - 2015 , الإثنين 06:19 مسائا (GMT)
بات من الواضح حسب الأحداث السياسية المدعومة بالنتائج العسكرية على الأرض والجو ، منذ بدء عاصفة الحزم في ٢٦ مارس الماضي حتى هذه اللحظة ، سير البلاد بخطى ناعمة نحو الانفصال أو فك الارتباط ونيل الاستقلال حسب توصيف الإخوة الجنوبيين.
بعد تسعة أشهر من الاقتتال اليمني - اليمني ، المدعوم بعاصفة التحالف العربي والتدخل الدولي العسكري والسياسي ، يمكن القول أن كل التحليلات وجميع التوقعات سقطت سقوطًا مدويًا ، لأن أحدًا لم يكن يتوقع إطالة فترة الحرب ونزيف كل تلك الدماء ومشاهدة ذلك الخراب والدمار ، إضافة إلى تعنت أطراف الصراع وتباين وجهات نظر الحلفاء العرب وتدخلات الدول الكبرى ، التي ساهمت بعد أن أعادت الحرب الأهلية اليمنية البلاد إلى عصور ما قبل التواصل والتفاهم البشري المبني على المصالح المشتركة لشعب اليمن وجيرانه ودول الهيمنة والنفوذ العالمي .
راهن الجميع على النصر الخاطف لشرعية هادي المدعومة بالتحالف العربي ، وراهن المخلوع صالح وحليفه الحوثي على صد العدوان ومنع هادي وحكومة بحاح من العودة بل والبقاء والسيطرة على كل شبر في البلاد ، لكن الأيام المصبوغة بالدم اليمني - اليمني ، كشفت لكل المراهنين أن هناك لعبة سياسية تغيرت كثيرًا حسب نتائج القتال في التسعة الأشهر الماضية ، لتصل نحو مرفأ التقسيم والتشطير كحل قد يمثل رغم الألغام الناسفة العالقة في رماله ، مخرجًا مقبولًا لدى أطراف الصراع التي ترفض الخسارة الكاملة سيرًا على قاعدة (نصف الشيء خير من لا شيء).
عاد هادي إلى عدن بصورة نهائية ليبدأ في ترتيب أوراق الجنوب قبل أي أوراق أخرى ، مدفوعاً بنتائج تجربة مريرة خاضها مع مختلف القوى السياسية خلال الأربع السنوات الماضية وتحديدًا الشمالية منها ، إذ نكثت بكل العهود والمواثيق والاتفاقيات والمخرجات السياسية ، كما فعلت منذ عام ٩٠ م ، لتؤكد بذلك رفضها المطلق والصريح المساهمة الفاعلة في بناء مشروع الدولة والنظام والقانون ، بل والعمل على تدميره من الأساس ، لأنها (ثقافة) تعتقد وتؤمن أنها - أي القوى السياسية الشمالية - من يجب أن يحكم ويتولى مقاليد السلطة في الجمهورية اليمنية .
هادي في تحركاته السياسية يعلن بصمت كفره بوحدة لا معنى لها مع قوى لا تفهم سوى لغة السلاح ، لكنه علنًا لم يقل ذلك وربما لن يقله قريبًا لأسباب أهمها عدم منح خصومه ورقة هامة على المستوى الشعبي (الشمال تحديدًا) ، وثانيها الانتهاء أولًا من ترتيب البيت الجنوبي ولملمة قادته والإتفاق على رؤية واحدة فيما بينهم ، وهو ملف تولته دولة الإمارات التي شهدت تحركات دبلوماسية جنوبية دفعت بالبيض والجفري إلى العلن وشهدت لقاء بحاح والبيض ، في معزل كامل عن حضور وزير خارجية هادي الجديد.
يعلم هادي جيدًا أن المخلوع علي صالح لا يمانع في خسارة الوحدة طالما بقي في المشهد السياسي حتى على مستوى محافظ محافظة شمالية ، ويعلم هادي جيدًا أن الحوثيين أو ما يسمى مبالغة ( أنصار الله ) ميليشيا همجية في كل جوانب الحياة ، ليست على إستعداد لخسارة المكاسب التي حققتها - كما تعتقد - لذلك ستقتنع بنصف البلاد الواقعة عمليا تحت إدارتها مع شريكها المخلوع ، ولعلم هادي بقزامة المخلوع وجشعه الجنوني في البقاء مقابل أي ثمن ، ولعلمه بتشبث الحوثة بالحكم حتى لو سقط كل شعب الشمال ، فإنه - أي هادي - سيتنازل طوعًا عن تحديد موعد الانفصال وإعلان بيانه للمخلوع والحوثي ، ليبرأ نفسه من الإدانة التاريخية ملقيًا بتبعات العار على أولئك الذين دمروا الوحدة منذ عام ٩٠ م وليس فقط في عام ٢٠١٥ م عند إجتياحهم للجنوب بعد محافظات الشمال.
ما يعلمه هادي عن المخلوع والحوثي تعلمه أيضًا دول التحالف ، لذلك عملت بقوة وبسرعة وجهد كبير على المساهمة في تحرير المحافظات الجنوبية ، ثم إعادة صيانتها وبث الحياة في أوصالها ، لكنها - أي دول التحالف - وقفت على مشارف خطوط التماس التشطيري بقصد وإصرار ، تاركة الشمال يستنزف بعضه في حروب كر وفر شهدتها وتشهدها تعز ومأرب والبيضاء والجوف والجزء الشمالي من محافظة الضالع ، مع ملاحظة أنها قدمت دعم خجول لمقاومة الشمال كعذر مَثّل إسقاط واجب أمام أبناء المحافظات الشمالية الذين اتضح حسب مجريات الحرب في أشهرها الأخيرة ، أنهم سيكونون فقط المعنيون بإفراز قيادة جديدة لشطرهم الجغرافي إن أرادوا فعلًا التحرر والسير نحو بناء دولة نظام وقانون في المستقبل.
ترتيب البيت الجنوبي اليمني وإعادة بناء بنيته التحتية وضم أفراد المقاومة الجنوبية لتشكيل نواة جيش وأمن وشرطة ، ومنحهم المناصب العليا كتعيين الزبيدي وشلال ، والسعي الحثيث على عدم بروز أي خلافات داخل الصف الجنوبي - الجنوبي ، والعمل على إعادة كل القيادات الجنوبية من الخارج إلى الداخل ، رسائل عملية تمثل حسب رأيي أسس بناء وهيكلة المؤسسات النظامية القانونية لنظام قادم ترعاه الأموال الخليجية بكرم تاريخي غير مسبوق ، يمهد بوضوح لفك إرتباط ناعم مدروس بعناية سيعيد للجنوبيين دولتهم ويمنحهم إستقلالهم ، بعيدًا عن تدخلات ووجود أي قيادات ومساهمة شعبية شمالية لم يعد الشارع الجنوبي راغبًا حتى في وجودها على أرضه ، وذلك بدى ويبدوا واضحًا في عمليات التحريض والكراهية لكل ما هو شمالي بل والتشكيك والإنتقاص والإستهتار بكل ما يقوم به أبناء الشمال من مقاومة قتالية ضد المخلوع والحوثي في خطوط التماس الجغرافي الحدودي كتعز والبيضاء والضالع.
إذًا هناك عمل دؤوب يشهد رص قواعد وأسس دولة قوية في الجنوب ستستغرق بطبيعة الحال المنطقي فترة من الزمن ، بينما في الجهة الأخرى من جغرافية اليمن - أي الشمال - يتم العمل على إضعاف كل المكونات السياسية وتركها في حالة حرب إستنزاف لا ضير أن تستمر حتى سنوات ، طالما رغب المتحاربون في قتل بعضهم والرفض المطلق للخروج من المشهد وترك الفرصة لغيرهم من الكفاءات الوطنية ، ولعل المتتبع لمجريات الأحداث يدرك ذلك جيدًا ، كما سيدرك أيضًا الرغبة الواضحة والهدف المقصود لدى دول التحالف لبقاء الحرب الشمالية - الشمالية ، دون أن تسمح بإنتصار المقاومة أو هزيمة المخلوع والحوثي ، فهي وإن رفضت ممارسة الدور الحربي في الشمال كما فعلت في الجنوب ، ذهبت أيضًا نحو شق صف المقاومة وإثارة الخلافات في أوساطه تارة بتوجيه التهم للإصلاح وتارة بنشر إشاعات عن الناصري وتارة أخرى بإستقبال قيادات مقاومة وتجاهل قيادات أخرى ، لتمثل تلك الخطوات الكارثية لدول التحالف في الشمال دعم كامل لمشروع التقسيم على قاعدة بناء الجنوب وتقويته وإضعاف الشمال بقتال بعضه وإنشغاله بأحداثه ومجرياته.
التصور الوارد أعلاه مبني على تحليل وقائع سياسية وعسكرية وشعبية ورغبات إقليمية ودولية ، كان بالإمكان تغييرها رأسًا على عقب ، لو تواجدت الروح الوطنية لدى المخلوع والحوثي ، أو حتى تنبها وفطنا لخطورة ما فعلاه ويقومان به ، لكنهما إلى جانب رفضهما بناء الدولة الفيدرالية والنظام والقانون ، لا يملكان لا الروح ولا الذكاء ، ولعل ذهابهما إلى مفاوضات جنيف ٢ والرفض لوجود هادي وبحاح وحكومته كشرط مرافق لرحلة ذهابهما من خلال وفديهما التفاوضي غباء لا نظير له بل وإنتحار سياسي تشطيري يدعمه ويؤكده تصريح ناطق الحوثيين، الخاص بمقترح تهدئة على اساس تثبيت نفوذ الاطراف ضمن مناطق السيطرة الحالية، وتشكيل فرق مراقبة في ساحات القتال ، الى حين التوصل لاتفاق نهائي، في خطوة تدفع نحو تقسيم البلاد، وتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك رغبة المخلوع والحوثي في حل أمني على أساس تشطيري يضمن لهما البقاء في بقع النفوذ الشمالية.
أمام شرط وتعنت وفدي المخلوع والحوثي بإقصاء هادي ، سيظهر تعنت لوفد الشرعية في مفاوضات جنيف ، ليتم بذلك تكريس (بقاء الحال على ما هو عليه) لتحدث الممارسة الفعلية لتشطير ينتظر فقط الإعلان السياسي لا غير ، إذ أن هناك جنوب تحكمه شرعية هادي ، وشمال تتحكم فيه قوى إنقلابية ، ومناطق قتال تنتظر والأصابع على الزناد مخرجات وفود التفاوض والفرق السياسية ، بينما سيظل الشعب اليمني خاصة في الشمال تحت ويلات الحصار والجوع والقتل والإختطاف من قوى الداخل وطيران الخارج ، وفي كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة لتلك المعمعة على الشعب اليمني أن يستعد لعودة خلفية إلى مربع التشطير والتقسيم ، مؤمنًا بقناعة مطلقة أن الوحدة فشلت فشلًا ذريعًا بسبب ممارسات وأداء نظام المخلوع صالح وشراكة قوى سياسية عبثية فوضوية أهمها الحركة الحوثية ، ناظرًا بعقل التعلم والإستفادة لتجربة الوحدة الخاسرة بحكمة عدم الإنجرار والسير نحو حمل السلاح والحروب مرة أخرى ، والتوجه نحو البناء والتعمير والوحدة الإقتصادية والأمنية الضامنة لمصالح الشراكة ليس مع الجيران فحسب بل ومختلف دول العالم.
ختامًا لا بد من الإشارة إلى أن الوارد أعلاه يمثل وجهة نظر خاصة بقلمي المتواضع قد تحتمل الخطأ والصواب مبنية على الأحداث والمتغيرات التي يمكن أن تتغير وتخلق واقعًا مختلفاً في الأيام القادمة ، مع قناعتي المطلقة أن بإمكان القوى السياسية اليمنية تجاوز كل ذلك حال إحتكامها بصدق وعمل لمخرجات الحوار الوطني والشروع في بناء الدولة الإتحادية القائمة على أسس النظام الفيدرالي الضامن لوحدة حقيقية بين مختلف أبناء الشعب اليمني.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الملعب 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com
14 - ديسمبر - 2015 , الإثنين 06:19 مسائا (GMT)
بات من الواضح حسب الأحداث السياسية المدعومة بالنتائج العسكرية على الأرض والجو ، منذ بدء عاصفة الحزم في ٢٦ مارس الماضي حتى هذه اللحظة ، سير البلاد بخطى ناعمة نحو الانفصال أو فك الارتباط ونيل الاستقلال حسب توصيف الإخوة الجنوبيين.
بعد تسعة أشهر من الاقتتال اليمني - اليمني ، المدعوم بعاصفة التحالف العربي والتدخل الدولي العسكري والسياسي ، يمكن القول أن كل التحليلات وجميع التوقعات سقطت سقوطًا مدويًا ، لأن أحدًا لم يكن يتوقع إطالة فترة الحرب ونزيف كل تلك الدماء ومشاهدة ذلك الخراب والدمار ، إضافة إلى تعنت أطراف الصراع وتباين وجهات نظر الحلفاء العرب وتدخلات الدول الكبرى ، التي ساهمت بعد أن أعادت الحرب الأهلية اليمنية البلاد إلى عصور ما قبل التواصل والتفاهم البشري المبني على المصالح المشتركة لشعب اليمن وجيرانه ودول الهيمنة والنفوذ العالمي .
راهن الجميع على النصر الخاطف لشرعية هادي المدعومة بالتحالف العربي ، وراهن المخلوع صالح وحليفه الحوثي على صد العدوان ومنع هادي وحكومة بحاح من العودة بل والبقاء والسيطرة على كل شبر في البلاد ، لكن الأيام المصبوغة بالدم اليمني - اليمني ، كشفت لكل المراهنين أن هناك لعبة سياسية تغيرت كثيرًا حسب نتائج القتال في التسعة الأشهر الماضية ، لتصل نحو مرفأ التقسيم والتشطير كحل قد يمثل رغم الألغام الناسفة العالقة في رماله ، مخرجًا مقبولًا لدى أطراف الصراع التي ترفض الخسارة الكاملة سيرًا على قاعدة (نصف الشيء خير من لا شيء).
عاد هادي إلى عدن بصورة نهائية ليبدأ في ترتيب أوراق الجنوب قبل أي أوراق أخرى ، مدفوعاً بنتائج تجربة مريرة خاضها مع مختلف القوى السياسية خلال الأربع السنوات الماضية وتحديدًا الشمالية منها ، إذ نكثت بكل العهود والمواثيق والاتفاقيات والمخرجات السياسية ، كما فعلت منذ عام ٩٠ م ، لتؤكد بذلك رفضها المطلق والصريح المساهمة الفاعلة في بناء مشروع الدولة والنظام والقانون ، بل والعمل على تدميره من الأساس ، لأنها (ثقافة) تعتقد وتؤمن أنها - أي القوى السياسية الشمالية - من يجب أن يحكم ويتولى مقاليد السلطة في الجمهورية اليمنية .
هادي في تحركاته السياسية يعلن بصمت كفره بوحدة لا معنى لها مع قوى لا تفهم سوى لغة السلاح ، لكنه علنًا لم يقل ذلك وربما لن يقله قريبًا لأسباب أهمها عدم منح خصومه ورقة هامة على المستوى الشعبي (الشمال تحديدًا) ، وثانيها الانتهاء أولًا من ترتيب البيت الجنوبي ولملمة قادته والإتفاق على رؤية واحدة فيما بينهم ، وهو ملف تولته دولة الإمارات التي شهدت تحركات دبلوماسية جنوبية دفعت بالبيض والجفري إلى العلن وشهدت لقاء بحاح والبيض ، في معزل كامل عن حضور وزير خارجية هادي الجديد.
يعلم هادي جيدًا أن المخلوع علي صالح لا يمانع في خسارة الوحدة طالما بقي في المشهد السياسي حتى على مستوى محافظ محافظة شمالية ، ويعلم هادي جيدًا أن الحوثيين أو ما يسمى مبالغة ( أنصار الله ) ميليشيا همجية في كل جوانب الحياة ، ليست على إستعداد لخسارة المكاسب التي حققتها - كما تعتقد - لذلك ستقتنع بنصف البلاد الواقعة عمليا تحت إدارتها مع شريكها المخلوع ، ولعلم هادي بقزامة المخلوع وجشعه الجنوني في البقاء مقابل أي ثمن ، ولعلمه بتشبث الحوثة بالحكم حتى لو سقط كل شعب الشمال ، فإنه - أي هادي - سيتنازل طوعًا عن تحديد موعد الانفصال وإعلان بيانه للمخلوع والحوثي ، ليبرأ نفسه من الإدانة التاريخية ملقيًا بتبعات العار على أولئك الذين دمروا الوحدة منذ عام ٩٠ م وليس فقط في عام ٢٠١٥ م عند إجتياحهم للجنوب بعد محافظات الشمال.
ما يعلمه هادي عن المخلوع والحوثي تعلمه أيضًا دول التحالف ، لذلك عملت بقوة وبسرعة وجهد كبير على المساهمة في تحرير المحافظات الجنوبية ، ثم إعادة صيانتها وبث الحياة في أوصالها ، لكنها - أي دول التحالف - وقفت على مشارف خطوط التماس التشطيري بقصد وإصرار ، تاركة الشمال يستنزف بعضه في حروب كر وفر شهدتها وتشهدها تعز ومأرب والبيضاء والجوف والجزء الشمالي من محافظة الضالع ، مع ملاحظة أنها قدمت دعم خجول لمقاومة الشمال كعذر مَثّل إسقاط واجب أمام أبناء المحافظات الشمالية الذين اتضح حسب مجريات الحرب في أشهرها الأخيرة ، أنهم سيكونون فقط المعنيون بإفراز قيادة جديدة لشطرهم الجغرافي إن أرادوا فعلًا التحرر والسير نحو بناء دولة نظام وقانون في المستقبل.
ترتيب البيت الجنوبي اليمني وإعادة بناء بنيته التحتية وضم أفراد المقاومة الجنوبية لتشكيل نواة جيش وأمن وشرطة ، ومنحهم المناصب العليا كتعيين الزبيدي وشلال ، والسعي الحثيث على عدم بروز أي خلافات داخل الصف الجنوبي - الجنوبي ، والعمل على إعادة كل القيادات الجنوبية من الخارج إلى الداخل ، رسائل عملية تمثل حسب رأيي أسس بناء وهيكلة المؤسسات النظامية القانونية لنظام قادم ترعاه الأموال الخليجية بكرم تاريخي غير مسبوق ، يمهد بوضوح لفك إرتباط ناعم مدروس بعناية سيعيد للجنوبيين دولتهم ويمنحهم إستقلالهم ، بعيدًا عن تدخلات ووجود أي قيادات ومساهمة شعبية شمالية لم يعد الشارع الجنوبي راغبًا حتى في وجودها على أرضه ، وذلك بدى ويبدوا واضحًا في عمليات التحريض والكراهية لكل ما هو شمالي بل والتشكيك والإنتقاص والإستهتار بكل ما يقوم به أبناء الشمال من مقاومة قتالية ضد المخلوع والحوثي في خطوط التماس الجغرافي الحدودي كتعز والبيضاء والضالع.
إذًا هناك عمل دؤوب يشهد رص قواعد وأسس دولة قوية في الجنوب ستستغرق بطبيعة الحال المنطقي فترة من الزمن ، بينما في الجهة الأخرى من جغرافية اليمن - أي الشمال - يتم العمل على إضعاف كل المكونات السياسية وتركها في حالة حرب إستنزاف لا ضير أن تستمر حتى سنوات ، طالما رغب المتحاربون في قتل بعضهم والرفض المطلق للخروج من المشهد وترك الفرصة لغيرهم من الكفاءات الوطنية ، ولعل المتتبع لمجريات الأحداث يدرك ذلك جيدًا ، كما سيدرك أيضًا الرغبة الواضحة والهدف المقصود لدى دول التحالف لبقاء الحرب الشمالية - الشمالية ، دون أن تسمح بإنتصار المقاومة أو هزيمة المخلوع والحوثي ، فهي وإن رفضت ممارسة الدور الحربي في الشمال كما فعلت في الجنوب ، ذهبت أيضًا نحو شق صف المقاومة وإثارة الخلافات في أوساطه تارة بتوجيه التهم للإصلاح وتارة بنشر إشاعات عن الناصري وتارة أخرى بإستقبال قيادات مقاومة وتجاهل قيادات أخرى ، لتمثل تلك الخطوات الكارثية لدول التحالف في الشمال دعم كامل لمشروع التقسيم على قاعدة بناء الجنوب وتقويته وإضعاف الشمال بقتال بعضه وإنشغاله بأحداثه ومجرياته.
التصور الوارد أعلاه مبني على تحليل وقائع سياسية وعسكرية وشعبية ورغبات إقليمية ودولية ، كان بالإمكان تغييرها رأسًا على عقب ، لو تواجدت الروح الوطنية لدى المخلوع والحوثي ، أو حتى تنبها وفطنا لخطورة ما فعلاه ويقومان به ، لكنهما إلى جانب رفضهما بناء الدولة الفيدرالية والنظام والقانون ، لا يملكان لا الروح ولا الذكاء ، ولعل ذهابهما إلى مفاوضات جنيف ٢ والرفض لوجود هادي وبحاح وحكومته كشرط مرافق لرحلة ذهابهما من خلال وفديهما التفاوضي غباء لا نظير له بل وإنتحار سياسي تشطيري يدعمه ويؤكده تصريح ناطق الحوثيين، الخاص بمقترح تهدئة على اساس تثبيت نفوذ الاطراف ضمن مناطق السيطرة الحالية، وتشكيل فرق مراقبة في ساحات القتال ، الى حين التوصل لاتفاق نهائي، في خطوة تدفع نحو تقسيم البلاد، وتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك رغبة المخلوع والحوثي في حل أمني على أساس تشطيري يضمن لهما البقاء في بقع النفوذ الشمالية.
أمام شرط وتعنت وفدي المخلوع والحوثي بإقصاء هادي ، سيظهر تعنت لوفد الشرعية في مفاوضات جنيف ، ليتم بذلك تكريس (بقاء الحال على ما هو عليه) لتحدث الممارسة الفعلية لتشطير ينتظر فقط الإعلان السياسي لا غير ، إذ أن هناك جنوب تحكمه شرعية هادي ، وشمال تتحكم فيه قوى إنقلابية ، ومناطق قتال تنتظر والأصابع على الزناد مخرجات وفود التفاوض والفرق السياسية ، بينما سيظل الشعب اليمني خاصة في الشمال تحت ويلات الحصار والجوع والقتل والإختطاف من قوى الداخل وطيران الخارج ، وفي كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة لتلك المعمعة على الشعب اليمني أن يستعد لعودة خلفية إلى مربع التشطير والتقسيم ، مؤمنًا بقناعة مطلقة أن الوحدة فشلت فشلًا ذريعًا بسبب ممارسات وأداء نظام المخلوع صالح وشراكة قوى سياسية عبثية فوضوية أهمها الحركة الحوثية ، ناظرًا بعقل التعلم والإستفادة لتجربة الوحدة الخاسرة بحكمة عدم الإنجرار والسير نحو حمل السلاح والحروب مرة أخرى ، والتوجه نحو البناء والتعمير والوحدة الإقتصادية والأمنية الضامنة لمصالح الشراكة ليس مع الجيران فحسب بل ومختلف دول العالم.
ختامًا لا بد من الإشارة إلى أن الوارد أعلاه يمثل وجهة نظر خاصة بقلمي المتواضع قد تحتمل الخطأ والصواب مبنية على الأحداث والمتغيرات التي يمكن أن تتغير وتخلق واقعًا مختلفاً في الأيام القادمة ، مع قناعتي المطلقة أن بإمكان القوى السياسية اليمنية تجاوز كل ذلك حال إحتكامها بصدق وعمل لمخرجات الحوار الوطني والشروع في بناء الدولة الإتحادية القائمة على أسس النظام الفيدرالي الضامن لوحدة حقيقية بين مختلف أبناء الشعب اليمني.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الملعب 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com