حد من الوادي
02-16-2016, 01:16 AM
http://www.mukallatoday.com
الكونيل صالح يسلم بن سميدع ومساهماته في الحياة الاجتماعية
2/15/2016 بقلم / محمد محفوظ بن سميدع
الشهيد اللواء صالح بن يسلم بن سميدع السكرتير الحربي للدولة الحضرمية القعيطية حتى 17سبتمبر 1967م الذي تم إعدامه في 13من فيراير 1973م على يد مجرمي الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، والتي حكمت البلاد بالحديد والنار حتى تم اقتلاعهم في 7 يوليو 1994م على يد إخوانهم الشماليين وإلى غير رجعه إن شاء الله.
هذا الشهيد البطل غني عن التعريف في المجال العسكري والسياسي فقد سطر العديد من البطولات والإنجازات في تثبيت الأمن والاستقرار في ربوع بلاده حضرموت وإنشاء القوات المسلحة الحضرمية على نمط حديث، وكان مثال رائعًا للعسكرية يحتذى به، لكن هناك مجالات كثيرة ومتعددة ساهم الشهيد فيها ومنها مجال التعليم، ورغم كونه رجلًا عسكريًا إلا أنه عمل الكثير في المجال التعليمي، وكان من أولوياته العمل على نشر التعليم في الأرياف وجاءت فكرة إنشاء المستشارية لمدارس أبناء البادية واختياره لقيادتها فرصة سانحة له لنشر التعليم، فراح يجول حضرموت من شرقها إلى غربها ومن شمالها الى جنوبها، فذهب إلى والوديان والصيطان والهضاب؛ لإقناع البدو بإلحاق أبنائهم في المدرسة،
وفي أكثر من منطقة جوبه بالرفض والصد من البادية، ولكنه بالإصرار والعزيمة استطاع جلب العديد من الأطفال للدراسة، وتم افتتاح المدرسة وأشرف شخصيًا على النظام وسير الدراسة فكان نعم المربي والموجه لهم، مما حدا بالعديد من القبائل إلى الحاق أبنائها بها، وكان المرحوم يرى أن البادية شريحة كبيرة من الشعب ولم يحظو بأي فرصة في التعليم، فقد كانت الامية سائدة وبشكل كبير في البادية، ويروي الكثير من الدارسين في المدرسة أن القائد بن سميدع كان بمثابة الأب لهم يعتني بهم ويعيش مشاكلهم، وكان همه الوحيد الارتقاء بحياة البادية، وكان سكنه بجانب المدرسة مباشرة، و باب بيته مفتوح للطلاب في اي وقت.
وقد تخرج من هذه المدرسة العديد من الكوادر التي رفدت جيش البادية الحضرمي والمؤسسات الحكومية المدنية خصوصًا في القطاع النسائي في مجال التدريس، وفي مجال التمريض من خريجات مدرسة بنات البادية التي أسهم بن سميدع في إنشائها، وكانت تحت إشرافه، واختار لها الشيخة السعد العامرية -رحمها الله- ، وكانت نعم الأم الحنونة، والمربية الفاضلة. وفي مدينة المكلا أنشاء أول مدرسة للتعليم في "شرج باسالم" منطقة "المنقد" مكونة من عريش، وعبارة عن فصلين، وكان يشرف بنفسه عليها، ويمدهم كل يوم بوعاءين من التمر، حيث تأتي سيارته في تمام الساعة العاشرة صباحًا تحمل التمر ليتم توزعيه على الطلاب، وإطعامهم، وفي نفس الوقت لترغيبهم في الدراسة، حيث ذكر لي القاضي عبدالله باحويرث -حفظه الله- والذي انتدبه بن سميدع مع زميله الاستاذ/ سالم عبدالله بامطرف -رحمه الله- للتدريس في المدرسة، وكانت هذه المدرسة نواة أولى لمدارس الشرج،
وكان بن سميدع يقوم بزيارة مدارس المكلا بواقع مرة في الأسبوع لتفقدها والاطلاع على احتياجاتها، وكانت مدرسة الوسطى بالغيل في صلب اهتماماته، وكان يزورها دائمًا، ويساهم في احتفالاتها، ويمدها بالمدربين العسكريين المتميزين، وفي معسكر جيش النظام في الرزميت أنشاء مدرسة ابتدائية لأبناء الضباط والجنود بالمعسكر، وجلب لها خيرة المدرسين، وكان يمدهم بجميع احتياجاتهم، وكل ما يحتاجه الطلاب، وقد ذكر لي أحد طلاب هذه المدرسة، وهو الاعلامي الخلوق الأستاذ/ محمد علي عمرة -مدير إذاعة المكلا الأسبق- أن القائد بن سميدع كان يتفقد حال المدرسة والطلاب بنفسه، وكان يحفز الطلاب على الاهتمام والمثابرة، ويعمل على تدليل الصعاب وحل مشاكلهم برغم مشاغله، وكان مهتمًا بتدريس الجنود وتعليمهم، فعمل على فتح فصل دراسي في المعسكر لغرض محو أميتهم وإجراء المسابقات بينهم لمن يتم استكمال محو أميته، ومنح الجوائز وترقيته، وقد استفاد العديد من الجنود من تلك الدراسة فيما بعد في حياتهم وعملهم، وكان بن سميدع يعتبر التعليم أساس بناء أجيال المستقبل، وكانت نظرته بعيده وهمه الأكبر نشر التعليم بين أوساط الشعب في ربوع بلاده حضرموت في المدينة وفي الريف على حدٍ سواء بكل فئاتهم،
وخلال جولاته الدورية في الألوية والأقاليم لا يمر منطقة إلا ويزور مدرستها، وكان يردد دائمًا أن الأمم لا ترتقي الا بالعلم . عند إنشاء مدرسة تحسين الوحدات العسكرية (المدرسة الحربية) بالمكلا، والتي كانت بحق مصنع للرجال، وكانت تعتبر في ذلك الزمان بمثابة أول كلية حربية في جزيرة العرب، أعطاها جل اهتمامه، فقد كان بن سميدع يحضر للمدرسة ليلقى فيها المحاضرات على الطلبة الدارسين، ويتابع سير الدراسة فيها بشكل متواصل بصفته مسولًا عنها، ومنها تخرجت العديد من الدفعات في المجالين العسكري والمدني، فقد كان يدرس فيها أغلب المسؤولين المدنيين والعسكريين قبل تحملهم المسؤولية من جميع ولايات حضرموت، بل إن المدرسة تستقبل العديد من الدارسين من سلطنات الجنوب العربي آنذاك لتأهيلهم، وعند إنشاء الفرقة الموسيقية السلطانية كان لابن سميدع الدور الأكبر في إنشاءها، وتنظيمها، واستقطاب المواهب الموسيقية لها، والاهتمام بها، وتقديم الدعم لها، وإعداد وتأهيل أفرادها عسكريًا وفنيًا؛ لتصبح أول فرقة موسيقية عسكرية في جزيرة العرب،
وقد كان للفرقة الموسيقية السلطانية دور بارز في إنجاح الاحتفالات التي أقيمت في مدينة عدن بذكرى الكومنولف، وبحضور ملكة بريطانيا مما دفع بملكة بريطانيا أن تلتقي بأفراد الفرقة الموسيقية السلطانية في لقاء حصري بهم في بستان الكمسري، وبحضور بن سميدع أعلنت ملكة بريطانيا عن إعجابها بما قدمته الفرقة الموسيقية السلطانية من عروض رائعة ووجهت لهم دعوة خاصة للحضور إلى لندن، وتحديدًا إلى قصر بيكنغهام على ان تتكفل حكومة جلالة ملكة بريطانيا بكل نفقات سفر الفرقة غير أن ظروف حالت دون سفر الفرقة الموسيقية، وهذه المعلومات ذكرها لي العم صالح التوي -حفظه الله- في لقاء معه في بيته في "شرج باسالم المنقد" في شهر رمضان الماضي، والعم صالح عبدالله التوي كان من أوائل المنظمين للفرقة الموسيقية السلطانية مع شقيقه أبوبكر عبدالله التوي -رحمه الله-، والعم عمر الصيعيري -رحمه الله- والد الأستاذ/على عمر الصيعيري، وغيرهم كثر لا يتسع المقام هنا لذكرهم.
لقد كان الشهيد بن سميدع رجل يحمل هم وطنه، ولم يتقوقع داخل مجاله العسكري، بل شارك في جميع مناحي الحياة في حضرموت، ووضع بصمته في العديد من مشاريع الخدميه مثل المياه والتعليم والصحة ودور العبادة، وكان له دور كبير في فترة المجاعة التي عصفت بحضرموت، فهب لإنقاذ العديد من الأسر في مناطق البادية والوديان، وسخر إمكانيات جيش النظام من أفراد وسيارات الجيش لنقل الأسر المنكوبة إلى الملاجئ التي أقامتها الدولة في المكلا والشحر، وكان ينقل الأطفال اليتامى من الأرياف وإلى مدينة المكلا خوفًا عليهم من الموت والضياع والتشرد، وكان يستقبلهم في مدينة المكلا المستشار البريطاني "إنجرامس" وزوجته "دورين".
ومن أعماله أيضًا ابتكار فكرة الزواج الجماعي، حيث شارك مع صديقه المقدم/ محمد سعيد الجوهي في إنجاح أول زواج جماعي، ونجحوا فيها وذلك للمساهمة في الحفاظ على من تبقى من الأسر التي شردتها المجاعة. لقد كان الشهيد القائد شخصية محبوبة وتلقى احترامًا وتقديرًا في المجتمع الحضرمي، كيف لا وهو لم يترك مجال في الحياة الحضرمية إلا وطرقه وترك فيه بصمته؟!، وخلف وراءه إرثا كبيرًا باقي حتى يومنا هذا، فقد كان -رحمه الله- رياضيًا ومحب للرياضة والرياضيين، فقد أسهم في تأسيس الفرق الرياضية للقوات المسلحة، وقد كانت خير رافدٍ للأندية الرياضة الأهلية باللاعبين الجيدين الموهوبين، ويكفي أن نعرف أن أفضل حارس مرمى في حضرموت في تلك الفترة كان من العسكريين من جيش النظام، وهو سالم ربيع الجابري، وأيضًا لاعب وحدة المكلا محمد حسن باحاج أفضل جناح، وعبدالله البطاطي وعيسى التميمي، وكلهم من منتسبي جيش النظام، وآخرين لم تسعفني بهم الذاكرة،
وترأس بن سميدع الجمعية الرياضية الحضرمية، وهي تعد أعلى سلطة رياضية في البلاد، وتهتم بشؤون الشباب والرياضة في الدولة (وزارة الشباب والرياضة) اليوم لفترة من الزمان في أزهى فترات الرياضة الحضرمية وخصوصًا كرة القدم، ويكفي أن تعرف أن المكلا القديمة كانت بها ثلاثة أندية فقط، ونادي في الشرج ونادي في الديس وكانت تضم في صفوفها كوكبة من اللاعبين الكبار أمثال يحي بن علي الحاج، وحامد رحيم والضني وصالح بن بريك وأحمد الفردي وغيرهم كثر، وزار حضرموت في تلك الفترة أشهر لاعب في العالم، وهو الإنجليزي بوبي كامبلج، وقد حكى لي السيد/حسين الجيلاني كيف كان يواظب بن سميدع على حضور الاجتماعات، ويستمع لآرائهم، ويناقش معهم كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الأندية وتطويرها،
وكان يواظب على حضور المباريات وزيارة الأندية في المكلا والشحر والغيل، وافتتاح معارضها السنوية، فقد كان -رحمه الله- لاعبًا بارعًا في الدراجات والجري وكرة القدم والشطرنج، وعند تأسيس نادي شباب الجنوب (التضامن) في منطقة الشرج ذهب أبناء الحي إلى الشهيد بن سميدع؛ لمساعدتهم في إنشاء ناديهم ولم يتردد -رحمه الله-، فقد قدم لهم الدعم ومنحهم مقر للنادي في بيته في الشرج، وهذا عرفته من الكابتن/ سالم عوض باكيلي، ومن المرحوم باواحدي (أبوطالب)، والكابتن سعيد باواحدي وهم من اللاعبين القدام في نادي شباب الجنوب. أكثر من 30 سنة قضاها الشهيد في خدمة وطنه حضرموت بكل إخلاص وجدارة كانت سمعته تملى الآفاق وله هيبته التي اكتسبها من نظافة يده وحزمه وتدينه، ولم يكن يومًا يريد مالًا أو جاهًا بل يريد إرضاء ربه –كما نحسبه.
لقد ابتليت حضرموت في أعوام 73/72م بأسواء مراحلها عندما تولى عليه الرعاع والغوغاء فأكثروا فيها الفساد والظلم والقتل، ويتحمل ذلك من تولى ذلك في تلك الفترة، وهم للأسف محسوبين على حضرموت الذين قتلوا وسحلوا واخفوا خيرة أبنائها وقادتها ومشايخها وعلمائها، وشردوا البقية، ففي تلك العامين أعدم الشهيد بن سميدع ورفاقه في أبشع مؤامرة استهدفت حضرموت الأرض والأنسان و لازلنا نتجرعها حتى يومنا هذا، حتى شاء الله لهم النهاية السوداء فانتهوا وانتهى عهدهم الأسود البغيض الى مزبلة التاريخ، ونبذهم الشعب إلى غير رجعة، إن نظرة واقعية للفترة من 1967م الى 1990م،
وما حدث فيها بحق حضرموت الارض والأنسان والعراقة تحكم بها مجموعة من دعاة القومية جعلوا من حضرموت حقل تجارب لنظرياتهم المستوردة التي تتعارض مع تعليم ديننا الإسلامي الحنيف وقيمه السامية وتتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا الحضرمية الأصيلة ليجعلوا من حضرموت تابعة لعدن في الوقت الذي كانت حضرموت دولة يشار لها بالبنان، دولة نظام وقانون دولة عرفت استقلال القضاء وحرية الرأي والتعبير دولة تحترم فيها حقوق الانسان . في الختام أملي أن أكون قفد وفقت في تقديم ولو جزءًا يسيرًا عن حياة البطل الشهيد القائد صالح بن يسلم بن سميدع الذي أعدم في يوم العاشر من محرم سنة 1393هجري الموافق 23فبراير 1973ميلادي في مدينة المكلا في سجن المنورة المركزي برغم الأمر الصادر من الرئيس سالم ربيع علي بالعفو عنه وإطلاق سراحه إلا أن السلطة الحاكمة في حضرموت آنذاك كان حقدها وتعطشها للدم قد أعمى بصرها وبصيرتها وأصرت على تنفيذ الإعدام بحق بن سميدع، رحم الله شهيدنا بن سميدع وكل شهداء حضرموت http://i.imgur.com/MCHeCBO.jpg
http://i.imgur.com/4LpxHLy.jpg
http://i.imgur.com/9ZuHOyQ.jpg
http://i.imgur.com/gsv5ypX.jpg
http://i.imgur.com/ZnxnOmK.jpg
الكونيل صالح يسلم بن سميدع ومساهماته في الحياة الاجتماعية
2/15/2016 بقلم / محمد محفوظ بن سميدع
الشهيد اللواء صالح بن يسلم بن سميدع السكرتير الحربي للدولة الحضرمية القعيطية حتى 17سبتمبر 1967م الذي تم إعدامه في 13من فيراير 1973م على يد مجرمي الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، والتي حكمت البلاد بالحديد والنار حتى تم اقتلاعهم في 7 يوليو 1994م على يد إخوانهم الشماليين وإلى غير رجعه إن شاء الله.
هذا الشهيد البطل غني عن التعريف في المجال العسكري والسياسي فقد سطر العديد من البطولات والإنجازات في تثبيت الأمن والاستقرار في ربوع بلاده حضرموت وإنشاء القوات المسلحة الحضرمية على نمط حديث، وكان مثال رائعًا للعسكرية يحتذى به، لكن هناك مجالات كثيرة ومتعددة ساهم الشهيد فيها ومنها مجال التعليم، ورغم كونه رجلًا عسكريًا إلا أنه عمل الكثير في المجال التعليمي، وكان من أولوياته العمل على نشر التعليم في الأرياف وجاءت فكرة إنشاء المستشارية لمدارس أبناء البادية واختياره لقيادتها فرصة سانحة له لنشر التعليم، فراح يجول حضرموت من شرقها إلى غربها ومن شمالها الى جنوبها، فذهب إلى والوديان والصيطان والهضاب؛ لإقناع البدو بإلحاق أبنائهم في المدرسة،
وفي أكثر من منطقة جوبه بالرفض والصد من البادية، ولكنه بالإصرار والعزيمة استطاع جلب العديد من الأطفال للدراسة، وتم افتتاح المدرسة وأشرف شخصيًا على النظام وسير الدراسة فكان نعم المربي والموجه لهم، مما حدا بالعديد من القبائل إلى الحاق أبنائها بها، وكان المرحوم يرى أن البادية شريحة كبيرة من الشعب ولم يحظو بأي فرصة في التعليم، فقد كانت الامية سائدة وبشكل كبير في البادية، ويروي الكثير من الدارسين في المدرسة أن القائد بن سميدع كان بمثابة الأب لهم يعتني بهم ويعيش مشاكلهم، وكان همه الوحيد الارتقاء بحياة البادية، وكان سكنه بجانب المدرسة مباشرة، و باب بيته مفتوح للطلاب في اي وقت.
وقد تخرج من هذه المدرسة العديد من الكوادر التي رفدت جيش البادية الحضرمي والمؤسسات الحكومية المدنية خصوصًا في القطاع النسائي في مجال التدريس، وفي مجال التمريض من خريجات مدرسة بنات البادية التي أسهم بن سميدع في إنشائها، وكانت تحت إشرافه، واختار لها الشيخة السعد العامرية -رحمها الله- ، وكانت نعم الأم الحنونة، والمربية الفاضلة. وفي مدينة المكلا أنشاء أول مدرسة للتعليم في "شرج باسالم" منطقة "المنقد" مكونة من عريش، وعبارة عن فصلين، وكان يشرف بنفسه عليها، ويمدهم كل يوم بوعاءين من التمر، حيث تأتي سيارته في تمام الساعة العاشرة صباحًا تحمل التمر ليتم توزعيه على الطلاب، وإطعامهم، وفي نفس الوقت لترغيبهم في الدراسة، حيث ذكر لي القاضي عبدالله باحويرث -حفظه الله- والذي انتدبه بن سميدع مع زميله الاستاذ/ سالم عبدالله بامطرف -رحمه الله- للتدريس في المدرسة، وكانت هذه المدرسة نواة أولى لمدارس الشرج،
وكان بن سميدع يقوم بزيارة مدارس المكلا بواقع مرة في الأسبوع لتفقدها والاطلاع على احتياجاتها، وكانت مدرسة الوسطى بالغيل في صلب اهتماماته، وكان يزورها دائمًا، ويساهم في احتفالاتها، ويمدها بالمدربين العسكريين المتميزين، وفي معسكر جيش النظام في الرزميت أنشاء مدرسة ابتدائية لأبناء الضباط والجنود بالمعسكر، وجلب لها خيرة المدرسين، وكان يمدهم بجميع احتياجاتهم، وكل ما يحتاجه الطلاب، وقد ذكر لي أحد طلاب هذه المدرسة، وهو الاعلامي الخلوق الأستاذ/ محمد علي عمرة -مدير إذاعة المكلا الأسبق- أن القائد بن سميدع كان يتفقد حال المدرسة والطلاب بنفسه، وكان يحفز الطلاب على الاهتمام والمثابرة، ويعمل على تدليل الصعاب وحل مشاكلهم برغم مشاغله، وكان مهتمًا بتدريس الجنود وتعليمهم، فعمل على فتح فصل دراسي في المعسكر لغرض محو أميتهم وإجراء المسابقات بينهم لمن يتم استكمال محو أميته، ومنح الجوائز وترقيته، وقد استفاد العديد من الجنود من تلك الدراسة فيما بعد في حياتهم وعملهم، وكان بن سميدع يعتبر التعليم أساس بناء أجيال المستقبل، وكانت نظرته بعيده وهمه الأكبر نشر التعليم بين أوساط الشعب في ربوع بلاده حضرموت في المدينة وفي الريف على حدٍ سواء بكل فئاتهم،
وخلال جولاته الدورية في الألوية والأقاليم لا يمر منطقة إلا ويزور مدرستها، وكان يردد دائمًا أن الأمم لا ترتقي الا بالعلم . عند إنشاء مدرسة تحسين الوحدات العسكرية (المدرسة الحربية) بالمكلا، والتي كانت بحق مصنع للرجال، وكانت تعتبر في ذلك الزمان بمثابة أول كلية حربية في جزيرة العرب، أعطاها جل اهتمامه، فقد كان بن سميدع يحضر للمدرسة ليلقى فيها المحاضرات على الطلبة الدارسين، ويتابع سير الدراسة فيها بشكل متواصل بصفته مسولًا عنها، ومنها تخرجت العديد من الدفعات في المجالين العسكري والمدني، فقد كان يدرس فيها أغلب المسؤولين المدنيين والعسكريين قبل تحملهم المسؤولية من جميع ولايات حضرموت، بل إن المدرسة تستقبل العديد من الدارسين من سلطنات الجنوب العربي آنذاك لتأهيلهم، وعند إنشاء الفرقة الموسيقية السلطانية كان لابن سميدع الدور الأكبر في إنشاءها، وتنظيمها، واستقطاب المواهب الموسيقية لها، والاهتمام بها، وتقديم الدعم لها، وإعداد وتأهيل أفرادها عسكريًا وفنيًا؛ لتصبح أول فرقة موسيقية عسكرية في جزيرة العرب،
وقد كان للفرقة الموسيقية السلطانية دور بارز في إنجاح الاحتفالات التي أقيمت في مدينة عدن بذكرى الكومنولف، وبحضور ملكة بريطانيا مما دفع بملكة بريطانيا أن تلتقي بأفراد الفرقة الموسيقية السلطانية في لقاء حصري بهم في بستان الكمسري، وبحضور بن سميدع أعلنت ملكة بريطانيا عن إعجابها بما قدمته الفرقة الموسيقية السلطانية من عروض رائعة ووجهت لهم دعوة خاصة للحضور إلى لندن، وتحديدًا إلى قصر بيكنغهام على ان تتكفل حكومة جلالة ملكة بريطانيا بكل نفقات سفر الفرقة غير أن ظروف حالت دون سفر الفرقة الموسيقية، وهذه المعلومات ذكرها لي العم صالح التوي -حفظه الله- في لقاء معه في بيته في "شرج باسالم المنقد" في شهر رمضان الماضي، والعم صالح عبدالله التوي كان من أوائل المنظمين للفرقة الموسيقية السلطانية مع شقيقه أبوبكر عبدالله التوي -رحمه الله-، والعم عمر الصيعيري -رحمه الله- والد الأستاذ/على عمر الصيعيري، وغيرهم كثر لا يتسع المقام هنا لذكرهم.
لقد كان الشهيد بن سميدع رجل يحمل هم وطنه، ولم يتقوقع داخل مجاله العسكري، بل شارك في جميع مناحي الحياة في حضرموت، ووضع بصمته في العديد من مشاريع الخدميه مثل المياه والتعليم والصحة ودور العبادة، وكان له دور كبير في فترة المجاعة التي عصفت بحضرموت، فهب لإنقاذ العديد من الأسر في مناطق البادية والوديان، وسخر إمكانيات جيش النظام من أفراد وسيارات الجيش لنقل الأسر المنكوبة إلى الملاجئ التي أقامتها الدولة في المكلا والشحر، وكان ينقل الأطفال اليتامى من الأرياف وإلى مدينة المكلا خوفًا عليهم من الموت والضياع والتشرد، وكان يستقبلهم في مدينة المكلا المستشار البريطاني "إنجرامس" وزوجته "دورين".
ومن أعماله أيضًا ابتكار فكرة الزواج الجماعي، حيث شارك مع صديقه المقدم/ محمد سعيد الجوهي في إنجاح أول زواج جماعي، ونجحوا فيها وذلك للمساهمة في الحفاظ على من تبقى من الأسر التي شردتها المجاعة. لقد كان الشهيد القائد شخصية محبوبة وتلقى احترامًا وتقديرًا في المجتمع الحضرمي، كيف لا وهو لم يترك مجال في الحياة الحضرمية إلا وطرقه وترك فيه بصمته؟!، وخلف وراءه إرثا كبيرًا باقي حتى يومنا هذا، فقد كان -رحمه الله- رياضيًا ومحب للرياضة والرياضيين، فقد أسهم في تأسيس الفرق الرياضية للقوات المسلحة، وقد كانت خير رافدٍ للأندية الرياضة الأهلية باللاعبين الجيدين الموهوبين، ويكفي أن نعرف أن أفضل حارس مرمى في حضرموت في تلك الفترة كان من العسكريين من جيش النظام، وهو سالم ربيع الجابري، وأيضًا لاعب وحدة المكلا محمد حسن باحاج أفضل جناح، وعبدالله البطاطي وعيسى التميمي، وكلهم من منتسبي جيش النظام، وآخرين لم تسعفني بهم الذاكرة،
وترأس بن سميدع الجمعية الرياضية الحضرمية، وهي تعد أعلى سلطة رياضية في البلاد، وتهتم بشؤون الشباب والرياضة في الدولة (وزارة الشباب والرياضة) اليوم لفترة من الزمان في أزهى فترات الرياضة الحضرمية وخصوصًا كرة القدم، ويكفي أن تعرف أن المكلا القديمة كانت بها ثلاثة أندية فقط، ونادي في الشرج ونادي في الديس وكانت تضم في صفوفها كوكبة من اللاعبين الكبار أمثال يحي بن علي الحاج، وحامد رحيم والضني وصالح بن بريك وأحمد الفردي وغيرهم كثر، وزار حضرموت في تلك الفترة أشهر لاعب في العالم، وهو الإنجليزي بوبي كامبلج، وقد حكى لي السيد/حسين الجيلاني كيف كان يواظب بن سميدع على حضور الاجتماعات، ويستمع لآرائهم، ويناقش معهم كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الأندية وتطويرها،
وكان يواظب على حضور المباريات وزيارة الأندية في المكلا والشحر والغيل، وافتتاح معارضها السنوية، فقد كان -رحمه الله- لاعبًا بارعًا في الدراجات والجري وكرة القدم والشطرنج، وعند تأسيس نادي شباب الجنوب (التضامن) في منطقة الشرج ذهب أبناء الحي إلى الشهيد بن سميدع؛ لمساعدتهم في إنشاء ناديهم ولم يتردد -رحمه الله-، فقد قدم لهم الدعم ومنحهم مقر للنادي في بيته في الشرج، وهذا عرفته من الكابتن/ سالم عوض باكيلي، ومن المرحوم باواحدي (أبوطالب)، والكابتن سعيد باواحدي وهم من اللاعبين القدام في نادي شباب الجنوب. أكثر من 30 سنة قضاها الشهيد في خدمة وطنه حضرموت بكل إخلاص وجدارة كانت سمعته تملى الآفاق وله هيبته التي اكتسبها من نظافة يده وحزمه وتدينه، ولم يكن يومًا يريد مالًا أو جاهًا بل يريد إرضاء ربه –كما نحسبه.
لقد ابتليت حضرموت في أعوام 73/72م بأسواء مراحلها عندما تولى عليه الرعاع والغوغاء فأكثروا فيها الفساد والظلم والقتل، ويتحمل ذلك من تولى ذلك في تلك الفترة، وهم للأسف محسوبين على حضرموت الذين قتلوا وسحلوا واخفوا خيرة أبنائها وقادتها ومشايخها وعلمائها، وشردوا البقية، ففي تلك العامين أعدم الشهيد بن سميدع ورفاقه في أبشع مؤامرة استهدفت حضرموت الأرض والأنسان و لازلنا نتجرعها حتى يومنا هذا، حتى شاء الله لهم النهاية السوداء فانتهوا وانتهى عهدهم الأسود البغيض الى مزبلة التاريخ، ونبذهم الشعب إلى غير رجعة، إن نظرة واقعية للفترة من 1967م الى 1990م،
وما حدث فيها بحق حضرموت الارض والأنسان والعراقة تحكم بها مجموعة من دعاة القومية جعلوا من حضرموت حقل تجارب لنظرياتهم المستوردة التي تتعارض مع تعليم ديننا الإسلامي الحنيف وقيمه السامية وتتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا الحضرمية الأصيلة ليجعلوا من حضرموت تابعة لعدن في الوقت الذي كانت حضرموت دولة يشار لها بالبنان، دولة نظام وقانون دولة عرفت استقلال القضاء وحرية الرأي والتعبير دولة تحترم فيها حقوق الانسان . في الختام أملي أن أكون قفد وفقت في تقديم ولو جزءًا يسيرًا عن حياة البطل الشهيد القائد صالح بن يسلم بن سميدع الذي أعدم في يوم العاشر من محرم سنة 1393هجري الموافق 23فبراير 1973ميلادي في مدينة المكلا في سجن المنورة المركزي برغم الأمر الصادر من الرئيس سالم ربيع علي بالعفو عنه وإطلاق سراحه إلا أن السلطة الحاكمة في حضرموت آنذاك كان حقدها وتعطشها للدم قد أعمى بصرها وبصيرتها وأصرت على تنفيذ الإعدام بحق بن سميدع، رحم الله شهيدنا بن سميدع وكل شهداء حضرموت http://i.imgur.com/MCHeCBO.jpg
http://i.imgur.com/4LpxHLy.jpg
http://i.imgur.com/9ZuHOyQ.jpg
http://i.imgur.com/gsv5ypX.jpg
http://i.imgur.com/ZnxnOmK.jpg