المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نسيت النوم وأحلامه!


حد من الوادي
08-15-2016, 12:58 AM
الأحد 14 أغسطس 2016 11:17 مساءً

نسيت النوم وأحلامه!

جمال حيدرة
صفحة الكاتب
لماذا لا تثور تعز إلا على الجنوب؟
عفاش والحوثي في مجاري عدن ..
حكومة الوجبات الجاهزة !
الصلوي والشندقي ومقاومة صنعاء (فضفضة)
امنعوا القات لكن لا تهينوا الناس !

مرة أخرى أجدني في القاهرة مهد الحضارة وعاصمة الحب والأنس والموسيقى والفرفشة.. أتذكر في أول زيارة لي لهذه المدينة في العام 2006م أنني وما أن لامست قدماي أرضها الطيبة حتى انطلقت بخطوات سريعة فرحة صوب كل شيء جميل فيها لقد كان يومي الأول قصير وأنا أوزع الساعات والدقائق بين مقاهيها ومعالمها وسينماتها ومسارحها وشوارعها ومولاتها حتى أنني ومن فرط شغفي بكل ذلك نسيت شيئا اسمه النوم ليومين متتاليين، وعشت أحلى النهارات مع الأغاني الشعبية الراقصة وأجمل الليالي مع مطربي الزمن الجميل (أم كلثوم وعبد الحليم وفريد) وفعلا نسيت "النوم وأحلامه نسيت لياليه وأيامه" وتكرر ذلك في زياراتي الثانية والثالثة والرابعة .. أتذكر أنني أجبت أخي يوم ذاك وهو يسالني عن انطباعي الأول عن القاهرة وكيف وجدتها بقولي وجدتها كما هي في الأفلام والمسلسات "مذهلة وبسيطة في آن واحد" ..

هذه الزيارة كانت مختلفة جدا ذلك أنها جاءت بعد عناء وتعب كبيرين صرفت خلالهما قرابة ستين يوما وأنا أبحث عن تأشيرة دخول تعبر بي الى أم الدنيا مصر وأيضا لأنها جاءت بعد شهرين من الحر والعطش والموت البطيء في العاصمة عدن .

حتى الآن مر قرابة الشهر وأنا متسمر أمام التلفزيون وتحت المروحة ولمبة النور وكأنني قادم من عصر الكهوف وللمرة الأولى أجد كل ذلك، ولا أجد أي رغبة للخروج والتجول، وما تزال صور المعاناة تجول بي أمام الطوابير الطويلة في محطات الوقود في خور مكسر والمنصورة تارة وتدخلني في عتمة الظلام تارة أخرى ..ما تزال آثار الحر على جسدي ولسع البعوض الناقل لحمى الضنك ينال من أطرافي وما تزال أصوات الانفجارات تتداوى في مسمعي ..
كنت اظن أنني وبمغادرة عدن ستشفى ذاكرتي من كل الأوجاع الخاصة والعامة لكن كيف للذاكرة أن تغادر الأوطان اذا كان الوطن مقيما في الروح ..

بالفعل ليس من السهولة أن تنسى أو تتناسى الآم شعبك ومعاناتهم بمجرد أن تجد الراحة ما لم تكون قد فقدت الذاكرة والاحساس معا، ولا يمكن لذلك أن يحصل إلا مع ثورجيي المنافي والمسترزقيين من هموم الناس وعذاباتهم والذين للأسف الشديد ما يزالون يشقون بعصاهم وحدة الهم والعذاب ..أيام ما كنت في عدن كان جزء من حملة المباخر يتحدثون عن حكومة المنافي كمسؤول وحيد لما آلت اليه الأوضاع في عدن، وكانوا يهدئون أوجاع الناس بشعارات قديمة وأقاويل كثيرة منها أن دول التحالف قد طردت حكومة بن دغر الى عدن لكي تقوم بمسؤولياتها وتعمل على حلحلة مشاكل الناس ويراهنون على غضب الشعب ودول التحالف في تغيرات سريعة وجذرية في حين أن الجزء الآخر من حملة المباخر كانوا يتحدثون عن فشل السلطات المحلية في ادارة شئون البلاد ويعدون الناس بتغيرات سريعة وجذرية تصب في خدمة الوطن والمواطن. وما بين المبخرتين تحترق عدن بنار التجاهل المتعمد والرخيص .

السلطات المحلية في عدن ما تزال مكتوفة الايدي وليس بيدها سيف أو في فمها ملعقة من ذهب واكتفت بان تعيش المعاناة مع الناس باستثناء بعض الوعود والتطمينات التي يبثها ثلة من (المفسبكيين) الفشلة هنا وهناك في حين أن بن دغر قد نجح في ما جاء من اجله وابرم صفقة بيع ثلاثة مليون برميل نفط وذهب بجيوب معبئة بالمال والذهب.

إذن الحقيقة الوحيدة في عدن هي المعاناة وما الاقاويل المتبادلة بين المبخرتين إلا اكاذيب مظللة فلا بن دغر نجح في الاطاحة بحكام عدن ولا الحكام استطاعوا أن يزحزحوا بن دغر قيد أنملة أو حتى يحولوا دون اتمام الصفقة. ولك الله يا عدن .

أفكر الآن بالعودة الى عدن ولا أدري فيما اذا كان قراري صائبا أو خاطئا لكن الأكيد أنني اشتقت لعدن ولساحل أبين وجولد مور وخور مكسر والمنصورة واشتقت لكل الأصدقاء والزملاء في الصهاريج نيوز ويافع نيوز وعدن الغد اشتقت للجلسات النقاشية الودية مع منصور صالح وأديب السيد وياسر اليافعي وعلي الصبيحي وردفان الدبيس وحيدر القاضي وفواز الحنشي ومحمد مساعد وبن تيسير وصالح حنش وياسين رضوان وصابر العمدة وعلي عسكر ومحمد النقيب وماهر الشعبي ونبيل الجنيد وبسام القاضي والكثير الكثير من الأصدقاء والزملاء الذين ما تزال أقلامهم تقاتل وتحاول فك شفرة المعاناة التي تعيشها عدن .



اقرأ المزيد من عدن الغد