المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتوكلية الهاشمية و خصوصية حكم اليمن


حد من الوادي
08-17-2016, 03:33 PM
خصوصية حكم اليمن

17 - أغسطس - 2016 , الأربعاء 07:50 صباحا (GMT)

كلّ من استطاع أن يحكم اليمن، صنعاء تحديداً، لفترة طويلة أو حتّى قصيرة، خلال عشرات السنين الماضية، لم يحكمها إلّا برضاء محيطها القبلي والجغرافي والديني، والتصالح معه، ولو على مضض، وبعدما استوعب القوى الفاعلة فيه، التي تمتلك أسباب القوّة والتأثير، وتوحيّدها في أسوأ الأحوال، بصرف النظر عن مشروعية هذه القوى، التي تتوزّع بين قبلية ودينية ومذهبية وجغرافية وجهوية وتجارية وسياسية، ومشروعية أدواتها وطرقها، التي عادة ما تكون -ومازالت- أدوات ابتزاز ومصالح وتكسّب، تارة باسم الوطن، وتارة أخرى باسم الدين، وحتّى باسم القبيلة.

اليوم، يقبض على ناصية الأمور في اليمن عدّة قوى من الداخل والخارج، قبلية وحزبية وسياسية ودينية، بمختلف تفرّعات هذه الأخيرة المذهبية والطائفية المتشدّدة. وجميع هذه القوى تعرف، أو الأحرى بها أن تعرف، أن ليس بمقدور أحد منها أن يتفرّد بحكم صنعاء، ناهيك عن حكم اليمن كلّه.

هكذا يقول منطق التاريخ القديم، وهكذا تحدّثنا تجارب التاريخ المعاصر؛ فلم يستطع الأئمة، خلال عشرات السنين من حكمهم لليمن الشمالي، أن يبسطوا سلطانهم بأريحية وهدوء، حتّى في عزّ معاقلهم إلّا بالتراضي، وخطب ودّ الشافعي والقبيلي والرعوي حتّى.

وحين انتهى هذا العهد، لم يستطع حكّام الجمهورية أن يديروا شؤون البلاد ويبسطوا نفوذهم بشكل تامّ، حتّى في المناطق الأكثر ولاءاً للعهد الجديد، إلى أن أتى عام 1970م لتتوّج فيه المصالحة الشهيرة، بين الملكيّين والإماميّين، ويعود الوضع إلى وضع مزيج من الجمهورية والملكية، ويذوب الكلّ في الكلّ. بعد ذلك، لم يتمكّن حاكم لصنعاء من دون أن يحوز رضا أو شبه رضا الكثير من القوى، منذ حكم الرئيس الجمهوري السلال، حتّى فترة حكم الرئيس السابق صالح.

والقوى التي أطاحت بالأخير بعد ثلاثة عقود من الحكم، لم تستطع أن تحكم منفردة، وعمدت إلى مصالحة سريعة معه ومع مؤيّديه، قبليّين وحزبيّين، ومشاركته الحكم بعد فترة جفاء بينهم. وأتى شهر سبتمبر 2014م حاملاً معه سيطرة جماعة "أنصار الله" على صنعاء، وطرد القوى المناوئة لها، إلّا أن هذه الجماعة سرعان ما تداركت خطأها، وشرعت تنسج خيوط التحالفات حتّى مع ألد خصومها- صالح وحزبه- (ستّ حروب خاضها الطرفان في محافظات شمال الشمال)، وحاولت استمالة البقية، بمن فيهم حزب "الإصلاح"، لإدراكها أنّه من الصعوبة بمكان بل من المستحيل لأيّ قوّة، مهما بلغت من القوّة والتنظيم، أن تحكم صنعاء -ولا نقول اليمن كلّه- في ظلّ صراع مع الآخرين وتجاهلهم. فإن كانت القوى التي سبقت هذه الجماعة في حكم صنعاء، منذ عام 62م، لم تستطع أن تحكم، وهي تستمدّ الدعم الإقليمي والدولي، وتحظى بدعم داخلي أكثر ممّا تحظى به الجماعة الحوثية، فكيف للأخيرة وهي فاقدة هذا الدعم أن تحكم منفردة؟ وإدراكاً منها لهذه الحقيقة التاريخية، وهذه الخصوصية اليمنية، شرعت بإنشاء تحالفات سياسية، وحتّى فكرية، مع الكلّ، كما سلف ذكره.

ومن هذه الإطلالة العابرة على تجارب التاريخ اليمني الحديث -وإن كانت إطلالة على عجالة- يمكن أن نستشرف ونستشفّ ملامح الوضع السياسي، في الحاضر والمستقبل اليمنيّين، وهذا ما أودّ أن تتنبّه له النخب السياسية والثورية الجنوبية، وبالذات التي تراهن على حصان أعرج خاسر اسمه "اللعب على تناقضات وخلافات القوى في الشمال، وتلاشيها من المسرح". فحكومة عبدربه منصور هادي، ومن خلفها المملكة العربية السعودية وحزب "الإصلاح"، وكذلك علي عبدالله صالح وحركة الحوثيّين، جميهم يعرفون أن ليس بمقدور أحدهم منفرداً الحكم دون الآخر، ولا إقصاؤه وشطبه من الخارطة السياسية شطباً تامّاً، وما يدور ليس أكثر من محاولة إضعاف الآخر للظفر منه بمكاسب سياسية، والكلّ، في قرارة أنفسهم، يعرفون أنّه، وبصرف النظر عمّا سيؤول إليه الوضع العسكري والسياسي، فإن التقاسم والشراكة السياسية (وغير السياسية) هي الحلّ في نهاية المطاف لحكم صنعاء، وما يمكن أن تطاله أياديهم بالحكم من مرّان إلى منتجع معاشيق في عدن، إن ظلّ الجنوبيّون يلاحقون سراباً في صحراء الأوهام، ويجهلون خصوصية هذا الشمال المعقّد التركيبة، كمجتمع قبليّ تقليديّ، (قبل أن يكون دولة وكياناً سياسيّاً بمفهوم الدولة العصرية) محكوم بعُقد قبلية، وأرباق دينية مشدودة إلى الأذقان، لا فكاك لهم منها في المدى المنظور.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الملعب 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com

حد من الوادي
08-18-2016, 12:56 AM
الأربعاء 17 أغسطس 2016 11:05 مساءً

تجار الحروب في اليمن

محمد سعيد الشرعبي
صفحة الكاتب
الإصلاح يشرب من ذات الوحل!
توكل وعكاظ
قبل إسقاط تعز من الداخل
أين المقاومة مما يحدث في تعز؟
لست مناطقياً بل منطقياً


في كل حرب، يوجد من يطلق عليهم "تجار الحروب"، ويتكاثر عددهم حين تغيب مؤسسات الدولة، كما هو حال الحرب الراهنة التي أشعل صالح والحوثي فصلها الأعنف بدايات 2015 بعد إنقلابهم على الشرعية.

على اختلاف تموضعاتهم، يستثمر تجار الحروب في اليمن أشلاء الأبرياء، ولا يهمهم تحويل البلد مقبرة، وانهيار الاقتصاد الوطني، وتزايد المأساة الإنسانية، كما لا يكترثون بتبعات إجرامهم على حياة الشعب، وجل همهم إبقاء سلطة العصابة المركز المقدس.

في تحالف الإنقلاب يحرص تجار الحرب على إطالة فترة حربهم الإنتقامية من الشعب مادام استمرارها تزيد ثرواتهم الخاصة، وتكسب ساستهم وداعميهم الإقليميين أوراق تفاوض في ملفات أخرى، الملف النووي الإيراني مثلاً.

لا يكترث تحالف الإنقلاب بمآلات حربهم الهمجية، وما يترتب عنها من انهيار اقتصادي، وأزمات إنسانية، كون الحوثيين جماعة تقتات من الحرب، فيما علي صالح طاغية ناقم، وله تاريخ في استثمار الحروب، منها حروب صعدة ضد حلفائه الحوثيين أو الحرب على الإرهاب .

يشترك تحالف صالح والحوثي في جرائم نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ويحتكروا تجارة أهم المواد الغذائية الدوائية والمشتقات النفطية، وفتحوا أسواقهم السوداء لنهب الشعب.

وتتجلى قذارة حربهم في حصارهم الخانق على تعز، ومنع الغذاء والدواء عن قرابة مليون إنسان يعيشون في أحياء المدينة في مرمى مدافع وصواريخ ودبابات الإنقلاب، ومكمن البشاعة استخدامهم جريمة حصار المدينة، ومحاولتهم المستمرة لعزل المحافظة عن الجنوب، ورقة ضغط رابحة في المباحثات السياسية.

على الضفة الأخرى، برز تجار حروب في رأس هرم الشرعية، ولهم مآربهم من إطالة زمن المعركة في أكثر من جبهة، وتأجيل الحسم، وتأجيج الإنفلات الأمني، وفتح أسواق سوداء في المناطق المحررة.

والأغرب يعمل تجار الحرب في صف الشرعية بشكل مفضوح سوءاً في تأجيل الحسم وافتعال أزمات حياة، أو تأجيج الإنفلات خدمة للإنقلاب، ورغم ذلك، لم يتحرك الرئيس هادي لوقف جرائمهم بحق الشعب، بل يمكن بعضهم من احتكار مقاولات بأسم الشرعية.

لا غرابة أبداً حين يحيل الأوغاد المعركة الراهنة من مفاصلة تاريخية بين الجمهورية والإمامة إلى موسم تجميع الثروات الشخصية، والمؤسف تحكم أغلبهم بقرار الشرعية.

بلا شك، يعد تجار الحروب المندسين بصف الشرعية من مخلفات سلطة النظام السابق، وبعضهم لم تمس تجارتهم في المدن الواقعة تحت سيطرة المليشيات، و يدفعوا سراً وعلانية لجماعة الحوثي مبالغ مالية تُسمى "المجهود الحربي"!!!.

ويخطط تجار الحروب في الجانبين من الآن لاستثمار مرحلة ما بعد الحرب، وبداية إعادة الإعمار في بلد مدمر تتجاوز فيه أضرار الحرب سقف 14 مليار دولار، طبقا لإحصائية أعدها خبراء البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي.

يتزايد عدد الفقراء، وتتكاتف مآسي الحياة في هذا البلد، في حين تتصاعد ثروات تجار الحروب في ظل اتفاقهم على إطالة جحيم الحرب، ونسف عملية السلام دونما اكتراث بجرمهم بحق الوطن والمواطن.

تجارة الحرب في اليمن ازدهرت في عهد المخلوع علي صالح، وكان أبرز مستثمريها، إبتداءً من حربه القذرة في السبعينيات ضد الجبهة الوطنية (الإشتراكية)، وتوجها بحرب صيف 1994 ضد شركائه في الوحدة.

وبعد ذلك، فجر حروب صعدة عام 2004 للنيل من الجيش الوطني، كما وجد فرصته في الحرب على الإرهاب في السنوات الأخيرة من رئاسته، وبعدها، غادر الكرسي مكرها، واحتفظ بكل أدوات السلطة.

مرت سنوات الوفاق وسط حقول ألغامه، وقبيل الذهاب إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، دشن علي صالح وحلفائه الحوثيين إنقلابهم على الشرعية تزامنا مع إشعال نار حربهم ضد إرادة الشعب، وجلبوا على البلد عواصف التحالف.



اقرأ المزيد من عدن الغد