حد من الوادي
09-03-2016, 02:35 PM
في الذكرى الـ62 علي تأسيسها.. لمصلحة من غياب اثير إذاعة عدن؟
السبت 03 سبتمبر 2016 12:00 مساءً
عدن(عدن الغد)خاص:
الإعلام هو السمة المميزة للعصر الحديث والنافذة العملاقة لسكان الكون على الكون كله، لما له من قدرات نفاثة وهائلة للتأثير في حياة الإنسان من جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والحضارية الفكرية والعاطفية، إذ ليس بمقدور أي فرد في هذا العالم أن يعيش بمنأى عنه في أي ركن من أركان الدنيا، فهو الذي يحرك العقول ويغير اتجاهات الأمم والأفراد ويوجههم إلى ما يريد فيصنع الأحداث ويقدم الأخبار ويقود الشعوب والدول ويتقدم بها إلى الأمام تلك هي مهمة الإعلام الرشيد الهادف، أو قد يعيدها إلى التخلف والجمود والظلام والفوضى والانحطاط، إن كان ذلك الإعلام إعلام مغرض عدائي يعتمد الأكاذيب والضلالات والخداع وتزييف الوعي وطمس الحقائق الثابتة بغية الوصول إلى أهداف آنية ذاتية أو ربما استراتيجيه طويلة الأمد.
حين يقودك الحديث عن (إذاعة عدن) فأنت بلا شك تتناول حديث مفتوح لقصة ليس لها بداية أو نهاية!، كيف لا؟، وهي ذلك الصرح الإعلامي الشامخ الذي ملأ الأرض نورا كنور الشمس في مستهل طلوعها، أو كنور القمر حينما يتألق وهجه في زرقة السماء الصافية لطالما كان صوتها يصدح بندية وعذوبة تلامس آذان السامعين ودفء يعانق الفؤاد في رقة ووداعة ورقي يفتح للعقول أفاقا واسعة ليس لها حدود، لكن كيف تحول ذلك كله بين عشية وضحاها إلى بقايا وشم على ذاكرة الأزمان لم يعد لها في الوجود سواه؟.
((عدن الغد)) تحث الخطى في رحلة الاستطلاع بين أطلال وحطام الإذاعة العتيقة في ذكراها الـ62 منذ تأسيسها منتصف القرن المنصرم، كجزء مهم مما تمليه عليها المسئولية الوطنية والأخلاقية وشرف المهنة النبيلة، فهي واحدة من أهم الوسائل الإعلامية الشهيرة التي عرفها الجنوب إلى جانب التلفزيون الرسمي وصحيفة 14 أكتوبر والعمال الحكوميتين وصحيفتي الأيام والطريق المستقلتين والقائمة تطول ولا عجب إذ لم يعد من كل هذا شيء على الوجود، عدا صحيفة 14أكتوبر التي تستغيث كمن نجا من الطوفان بعد أن أكل عليها الدهر وشرب .
تأسيس الإذاعة وتأريخها
تأسست إذاعة عدن في السابع عشر من شهر أغسطس من العام 1954م أي قبل أكثر من 62 عاما من الآن في مبناها القديم الواقع بمديرية التواهي محافظة عدن إبان حقبة الاحتلال البريطاني آنذاك قبل أن يتحول المبنى إلى ملكية وزير الإعلام الأسبق آنذاك عبدالرحمن الأكوع الشخص المقرب من عفاش بعد حرب صيف العام 1994م. وقد مرت الإذاعة بمراحل عدة من تطوير موجات البث الإذاعي والبرامج المتبعة وطواقم العمل في تلك الحقبة من الزمن، وقد تدرب العديد من الكوادر الإعلامية العدنية في هيئة الإذاعة البريطانية المعروفة حاليا بـbbc بقسميها العربي والانجليزي فأصبحوا هامات إعلامية يشار إليهم بالبنان في الكفاءة والمهنية، حتى وصلت إلى ذروة تألقها في مواكبة التطور المستمر لوسائل وأدوات البث الإذاعية حول العالم فقد مرت عبر سلسلة طواقم العمل الإذاعي بقيادة كوادر إعلامية مرموقة كان لها الفضل في إرساء قيم الحضارة والتقدم والرقي بعقل الإنسان من خلال ما تبثه من برامج مزجت بين الإرث الثقافي الإنساني للبلاد كقيمة راسخة وبين ما تتطلع إليه الأجيال من معارف ومعلومات في حياة البشرية.
البث الإذاعي:
بدا بث الإذاعة على جهاز إرسال بقوة 250 وات عبر الموجة المتوسطة ومن ثم إلى قوة 5 كيلو وات إلى جانب موجة قصيرة بقوة سبعة كيلو وات ونصف، وفي العام 1984م تم بناء محطة إرسال إذاعي بقوة 400 كيلو وات ثم أضيف لها جهازا إرسال بقوة 100 كيلو وات كل واحد منهما على موجتين قصيرتين إلى أن أضيفت أخيرا محطة إرسال متوسطة بقوة 750 كيلو وات حتى توقفت عن البث قبل حوالي عامين من الآن، ورغم ظهور بعض الإذاعات المحلية الصغيرة التي تحظى بدعم سخي هذه الأيام، إلا أن تلك الإذاعات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقدم أي نقلة نحو إعلام هادف كالذي كانت تقدمه إذاعة عدن.
الشخصيات الإذاعية البارزة:
أول من أطل بصوته في إذاعة عدن هو محمد عبدالله حاتم والشاعران لطفي جعفر أمان ومحمد سعيد جرادة وعند تطور البث بعد العام 1960م كان ضمن نخبة الكوادر العدنية احمد الزوقري، حسين الصافي، عمر محمد مدي، علوي السقاف، منور الحازمي، أبو بكر العطاس، محمد عمر بلجون، عبدالحميد سلام، أشرف جرجرة، محمد مدي، عبدالرحمن باجنيد، خالد محيرز، عبدالله العزعزي، محمد حامد وفي هندسة الصوت رجب عبد القادر وصالح عفارة.
كما كان دور المرأة العدنية حاضرا منذ المراحل الأولى للإذاعة فبرزت من النساء: صفية لقمان، ماهية نجيب، سعيدة باشراحيل، عديلة بيومي، فوزية عمر، فوزية غانم، عزيزة عبدالله، نبيهة محمد، والانجليزية (مس بيري) وفي المكتبة الإذاعية نوال خدابش وفوزية جوباني.
أما أول مدير للإذاعة فكان السيد توفيق إيراني من لبنان ثم أحمد محمد زوقري ومن بعده حسين الصافي. إلى أن ظهر أخر جيل في الإذاعة كاسمهان بيحاني والسيد احمد عمر بن سلمان ونبيلة حمود ومحمد منصر ولولة محفوظ وسالم العباب وصلاح الديني وجهاد لطفي وسالم بن شعيب وحُسْن الشرعبي ومحمد البرعي ورضية سلطان وجميلة جميل التي اغتالها الانقلابيون في الحرب الأخيرة وآخرون كثر ألتمس منهم ومن ذويهم العذر لعدم قدرتي على تذكر أسمائهم أو الحصول عليها في مثل هذا المقام.
أهم البرامج الإذاعية:
كانت هناك العديد من البرامج الشهيرة التي تبث عبر أثير الإذاعة في ساعات قليلة قبل تطوير البث الإذاعي وهي: بريد الأدب – في رحاب الشعر – أيام خالدات – نافذة التاريخ – ركن الطلبة بالانجليزية – ركن الرياضة – أقوال وحكايات - أجمل ما قرأت إضافة إلى أخبار السياسة وبرامج أخرى عديدة برزت فيها أصوات لمتحدثين عظماء منهم محمد عبده غانم ومحمد علي باشراحيل ومحمد على لقمان واحمد شريف الرفاعي وحمزة علي لقمان.
وبعد تطور البث وزيادة ساعات العمل في برامج الإذاعة كانت هناك برامج يومية تبدأ بالسلام الوطني يليه القران الكريم ثم تتبعه فقرات البث الصباحي ومثله يكون البث المسائي وقد اشتهرت برامج مثل: استراحة الظهيرة - ندا الوطن - لا يصح إلا الصحيح - عالم الرياضة - وبرنامجين احدهما ناطق بالانجليزي والأخر بالفرنسيةفي الفترة المسائية إلى جانب باقات الأغاني المحلية المتنوعة بتنوع الألوان الغنائية إضافة إلى الإذاعات الخارجية عبر عربات النقل الخاصة بالأذان وخطبتي وصلاة الجمعة ومباريات كرة القدم.
المبنى:
هو مبنى مكون من خمسة طوابق تعلوه لوحة زرقاء مستطيلة متهالكة ضاربة في القدم بالكاد تشاهد ما كتب عليها ذات يوم بعبارة ممزقة توحي بان المبنى يتبع (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون) عنوان تجاوزته الإحداث، وكم من عنوان ليس إلا شعارا بلا معنى، فحقيقة الأشياء هنا قد لا تكون حتما في مظهرها، وبالعودة إلى المبنى فقد انتشرت الصد وع والتشققات على جدرانه الواهنة ذات النوافذ المحطمة والأبواب المواربة وتصاعدت الأشجار والحشاش حوله زاحفة من كل اتجاه - لكأن تلك الأشجار والحشائش أرادت أن يكون لها نصيبا من جسد الضحية -، فأضحى مكانا مهجورا تسكنه الأشباح وبقايا من ذكريات الراحلين، في حين أطبق الصمت سياجه على المبنى حتى بات اشد رعبا من النطق بحقيقية لا نود سماعها، والصمت على هذا النحو يظل دائما يثير في النفوس رعبا يتجاوز ما نخشاه، وكلما اقتربت منه تتوالى أمام ناظريك مشاهد صادمة، تدعوك للتوقف عن المضي في السير نحوه كي لا تصاب بنوبة تفضي بك إلى عالم يستحيل عودتك منه نهائياً. انحشرت جميع الذكريات إلى مقدمة رأسي مع ما كنت أراه حقيقة ماثلة أمامي وعصفت بذهني تناقضات رهيبة لا تكاد توصف، غير أنني كلما يمنت بصري تلقاء ذلك المبنى وجدته في حوار صامت مع أحبابه من الأحياء والأموات، فلسوف تبكي إن طال بك البقاء هناك إذ لطالما وجدتني لوهلة غير قادر على منع نفسي من ذلك.
الخاتمة:
لكل أمة من الأمم كيان وهوية ومجد وتراث وتاريخ يميزها عن بعضها كي تبقى وتظل حدودا فاصلة بين الكيانات والأمم، كسنة كونية مقدرة لحفظ وديمومة النوع الإنساني وفكره ومصالحه من طمع الحاقدين وجشع العابثين ولسنا في الجنوب بمنأى عن ذلك، فحن أمة تمتلك كل هذه المقومات البشرية للاستمرار والبقاء والتطور، والحق كل الحق أننا قد سبقنا أمما كثيرة إلى مواكبة الحضارة الإنسانية حول المعمورة، لكن أمرا دبر بليل كان قد حال دون ذلك في لحظة مباغتة من زمن التقلبات العجيبة استعصى على الناس إدراكه ولم يفيقوا من غفلتهم تلك إلا بعد أن انفرط العقد وصدئت جواهره الثمينة في خضم أحداث عارمة متشابهة، تحركها دوافع الجشع الهائجة المائجة في نفوس العابثين، وتربطها روابط انتهازية وثيقة لا تنفصم عن بعضها، في حرب شعوا غير معلنة لا تعترف بمنطق القانون الذي أصبح جنديا تحت الطلب حينما يتعلق الأمر بنهب الممتلكات سواء قل منها أو كثر في هذه البقعة الجغرافية من العالم.
*من جلال السعيدي
http://www.adengd.net/news/219020/
جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}
السبت 03 سبتمبر 2016 12:00 مساءً
عدن(عدن الغد)خاص:
الإعلام هو السمة المميزة للعصر الحديث والنافذة العملاقة لسكان الكون على الكون كله، لما له من قدرات نفاثة وهائلة للتأثير في حياة الإنسان من جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والحضارية الفكرية والعاطفية، إذ ليس بمقدور أي فرد في هذا العالم أن يعيش بمنأى عنه في أي ركن من أركان الدنيا، فهو الذي يحرك العقول ويغير اتجاهات الأمم والأفراد ويوجههم إلى ما يريد فيصنع الأحداث ويقدم الأخبار ويقود الشعوب والدول ويتقدم بها إلى الأمام تلك هي مهمة الإعلام الرشيد الهادف، أو قد يعيدها إلى التخلف والجمود والظلام والفوضى والانحطاط، إن كان ذلك الإعلام إعلام مغرض عدائي يعتمد الأكاذيب والضلالات والخداع وتزييف الوعي وطمس الحقائق الثابتة بغية الوصول إلى أهداف آنية ذاتية أو ربما استراتيجيه طويلة الأمد.
حين يقودك الحديث عن (إذاعة عدن) فأنت بلا شك تتناول حديث مفتوح لقصة ليس لها بداية أو نهاية!، كيف لا؟، وهي ذلك الصرح الإعلامي الشامخ الذي ملأ الأرض نورا كنور الشمس في مستهل طلوعها، أو كنور القمر حينما يتألق وهجه في زرقة السماء الصافية لطالما كان صوتها يصدح بندية وعذوبة تلامس آذان السامعين ودفء يعانق الفؤاد في رقة ووداعة ورقي يفتح للعقول أفاقا واسعة ليس لها حدود، لكن كيف تحول ذلك كله بين عشية وضحاها إلى بقايا وشم على ذاكرة الأزمان لم يعد لها في الوجود سواه؟.
((عدن الغد)) تحث الخطى في رحلة الاستطلاع بين أطلال وحطام الإذاعة العتيقة في ذكراها الـ62 منذ تأسيسها منتصف القرن المنصرم، كجزء مهم مما تمليه عليها المسئولية الوطنية والأخلاقية وشرف المهنة النبيلة، فهي واحدة من أهم الوسائل الإعلامية الشهيرة التي عرفها الجنوب إلى جانب التلفزيون الرسمي وصحيفة 14 أكتوبر والعمال الحكوميتين وصحيفتي الأيام والطريق المستقلتين والقائمة تطول ولا عجب إذ لم يعد من كل هذا شيء على الوجود، عدا صحيفة 14أكتوبر التي تستغيث كمن نجا من الطوفان بعد أن أكل عليها الدهر وشرب .
تأسيس الإذاعة وتأريخها
تأسست إذاعة عدن في السابع عشر من شهر أغسطس من العام 1954م أي قبل أكثر من 62 عاما من الآن في مبناها القديم الواقع بمديرية التواهي محافظة عدن إبان حقبة الاحتلال البريطاني آنذاك قبل أن يتحول المبنى إلى ملكية وزير الإعلام الأسبق آنذاك عبدالرحمن الأكوع الشخص المقرب من عفاش بعد حرب صيف العام 1994م. وقد مرت الإذاعة بمراحل عدة من تطوير موجات البث الإذاعي والبرامج المتبعة وطواقم العمل في تلك الحقبة من الزمن، وقد تدرب العديد من الكوادر الإعلامية العدنية في هيئة الإذاعة البريطانية المعروفة حاليا بـbbc بقسميها العربي والانجليزي فأصبحوا هامات إعلامية يشار إليهم بالبنان في الكفاءة والمهنية، حتى وصلت إلى ذروة تألقها في مواكبة التطور المستمر لوسائل وأدوات البث الإذاعية حول العالم فقد مرت عبر سلسلة طواقم العمل الإذاعي بقيادة كوادر إعلامية مرموقة كان لها الفضل في إرساء قيم الحضارة والتقدم والرقي بعقل الإنسان من خلال ما تبثه من برامج مزجت بين الإرث الثقافي الإنساني للبلاد كقيمة راسخة وبين ما تتطلع إليه الأجيال من معارف ومعلومات في حياة البشرية.
البث الإذاعي:
بدا بث الإذاعة على جهاز إرسال بقوة 250 وات عبر الموجة المتوسطة ومن ثم إلى قوة 5 كيلو وات إلى جانب موجة قصيرة بقوة سبعة كيلو وات ونصف، وفي العام 1984م تم بناء محطة إرسال إذاعي بقوة 400 كيلو وات ثم أضيف لها جهازا إرسال بقوة 100 كيلو وات كل واحد منهما على موجتين قصيرتين إلى أن أضيفت أخيرا محطة إرسال متوسطة بقوة 750 كيلو وات حتى توقفت عن البث قبل حوالي عامين من الآن، ورغم ظهور بعض الإذاعات المحلية الصغيرة التي تحظى بدعم سخي هذه الأيام، إلا أن تلك الإذاعات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقدم أي نقلة نحو إعلام هادف كالذي كانت تقدمه إذاعة عدن.
الشخصيات الإذاعية البارزة:
أول من أطل بصوته في إذاعة عدن هو محمد عبدالله حاتم والشاعران لطفي جعفر أمان ومحمد سعيد جرادة وعند تطور البث بعد العام 1960م كان ضمن نخبة الكوادر العدنية احمد الزوقري، حسين الصافي، عمر محمد مدي، علوي السقاف، منور الحازمي، أبو بكر العطاس، محمد عمر بلجون، عبدالحميد سلام، أشرف جرجرة، محمد مدي، عبدالرحمن باجنيد، خالد محيرز، عبدالله العزعزي، محمد حامد وفي هندسة الصوت رجب عبد القادر وصالح عفارة.
كما كان دور المرأة العدنية حاضرا منذ المراحل الأولى للإذاعة فبرزت من النساء: صفية لقمان، ماهية نجيب، سعيدة باشراحيل، عديلة بيومي، فوزية عمر، فوزية غانم، عزيزة عبدالله، نبيهة محمد، والانجليزية (مس بيري) وفي المكتبة الإذاعية نوال خدابش وفوزية جوباني.
أما أول مدير للإذاعة فكان السيد توفيق إيراني من لبنان ثم أحمد محمد زوقري ومن بعده حسين الصافي. إلى أن ظهر أخر جيل في الإذاعة كاسمهان بيحاني والسيد احمد عمر بن سلمان ونبيلة حمود ومحمد منصر ولولة محفوظ وسالم العباب وصلاح الديني وجهاد لطفي وسالم بن شعيب وحُسْن الشرعبي ومحمد البرعي ورضية سلطان وجميلة جميل التي اغتالها الانقلابيون في الحرب الأخيرة وآخرون كثر ألتمس منهم ومن ذويهم العذر لعدم قدرتي على تذكر أسمائهم أو الحصول عليها في مثل هذا المقام.
أهم البرامج الإذاعية:
كانت هناك العديد من البرامج الشهيرة التي تبث عبر أثير الإذاعة في ساعات قليلة قبل تطوير البث الإذاعي وهي: بريد الأدب – في رحاب الشعر – أيام خالدات – نافذة التاريخ – ركن الطلبة بالانجليزية – ركن الرياضة – أقوال وحكايات - أجمل ما قرأت إضافة إلى أخبار السياسة وبرامج أخرى عديدة برزت فيها أصوات لمتحدثين عظماء منهم محمد عبده غانم ومحمد علي باشراحيل ومحمد على لقمان واحمد شريف الرفاعي وحمزة علي لقمان.
وبعد تطور البث وزيادة ساعات العمل في برامج الإذاعة كانت هناك برامج يومية تبدأ بالسلام الوطني يليه القران الكريم ثم تتبعه فقرات البث الصباحي ومثله يكون البث المسائي وقد اشتهرت برامج مثل: استراحة الظهيرة - ندا الوطن - لا يصح إلا الصحيح - عالم الرياضة - وبرنامجين احدهما ناطق بالانجليزي والأخر بالفرنسيةفي الفترة المسائية إلى جانب باقات الأغاني المحلية المتنوعة بتنوع الألوان الغنائية إضافة إلى الإذاعات الخارجية عبر عربات النقل الخاصة بالأذان وخطبتي وصلاة الجمعة ومباريات كرة القدم.
المبنى:
هو مبنى مكون من خمسة طوابق تعلوه لوحة زرقاء مستطيلة متهالكة ضاربة في القدم بالكاد تشاهد ما كتب عليها ذات يوم بعبارة ممزقة توحي بان المبنى يتبع (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون) عنوان تجاوزته الإحداث، وكم من عنوان ليس إلا شعارا بلا معنى، فحقيقة الأشياء هنا قد لا تكون حتما في مظهرها، وبالعودة إلى المبنى فقد انتشرت الصد وع والتشققات على جدرانه الواهنة ذات النوافذ المحطمة والأبواب المواربة وتصاعدت الأشجار والحشاش حوله زاحفة من كل اتجاه - لكأن تلك الأشجار والحشائش أرادت أن يكون لها نصيبا من جسد الضحية -، فأضحى مكانا مهجورا تسكنه الأشباح وبقايا من ذكريات الراحلين، في حين أطبق الصمت سياجه على المبنى حتى بات اشد رعبا من النطق بحقيقية لا نود سماعها، والصمت على هذا النحو يظل دائما يثير في النفوس رعبا يتجاوز ما نخشاه، وكلما اقتربت منه تتوالى أمام ناظريك مشاهد صادمة، تدعوك للتوقف عن المضي في السير نحوه كي لا تصاب بنوبة تفضي بك إلى عالم يستحيل عودتك منه نهائياً. انحشرت جميع الذكريات إلى مقدمة رأسي مع ما كنت أراه حقيقة ماثلة أمامي وعصفت بذهني تناقضات رهيبة لا تكاد توصف، غير أنني كلما يمنت بصري تلقاء ذلك المبنى وجدته في حوار صامت مع أحبابه من الأحياء والأموات، فلسوف تبكي إن طال بك البقاء هناك إذ لطالما وجدتني لوهلة غير قادر على منع نفسي من ذلك.
الخاتمة:
لكل أمة من الأمم كيان وهوية ومجد وتراث وتاريخ يميزها عن بعضها كي تبقى وتظل حدودا فاصلة بين الكيانات والأمم، كسنة كونية مقدرة لحفظ وديمومة النوع الإنساني وفكره ومصالحه من طمع الحاقدين وجشع العابثين ولسنا في الجنوب بمنأى عن ذلك، فحن أمة تمتلك كل هذه المقومات البشرية للاستمرار والبقاء والتطور، والحق كل الحق أننا قد سبقنا أمما كثيرة إلى مواكبة الحضارة الإنسانية حول المعمورة، لكن أمرا دبر بليل كان قد حال دون ذلك في لحظة مباغتة من زمن التقلبات العجيبة استعصى على الناس إدراكه ولم يفيقوا من غفلتهم تلك إلا بعد أن انفرط العقد وصدئت جواهره الثمينة في خضم أحداث عارمة متشابهة، تحركها دوافع الجشع الهائجة المائجة في نفوس العابثين، وتربطها روابط انتهازية وثيقة لا تنفصم عن بعضها، في حرب شعوا غير معلنة لا تعترف بمنطق القانون الذي أصبح جنديا تحت الطلب حينما يتعلق الأمر بنهب الممتلكات سواء قل منها أو كثر في هذه البقعة الجغرافية من العالم.
*من جلال السعيدي
http://www.adengd.net/news/219020/
جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}