حد من الوادي
10-03-2016, 03:25 PM
تحليل سياسي : الجنوب بين النموذجين السوداني والكردي
الاثنين 03 أكتوبر 2016 02:07 مساءً
كتب / خالد لقمان
قبل سنوات قليلة كان منتهى أمل الجنوبيين أن يقوموا بفعالية جماهيرية تنقلها قناة أخبارية عربية, وقبل ذلك بسنوات قليلة كان كل المحافظين ومدراء الأمن في الجنوب من الشمال. اليوم وبعد الاف القتلى والجرحى والمعتقلين تجاوزت القضية الجنوبية مرحلة الإعتراف المحلي والإقليمي وأصبحت دول الجوار تقابل رسمياً قادة المقاومة الجنوبية في القصور الرئاسية وتمدهم بالدعم العسكري والسياسي.
يتوق معظم الجنوببين إلى الإنفصال الفوري بينما يميل بعضهم إلى فيدرالية مع الشمال كخطوة مرحلية, ينظر الكثير من الجنوبيين للإنفصال كحل مضمون لمشاكلهم الأمنية والخدمية والتنموية والحقوقية, وتدغدغ بعضهم أحلام رفاهية دول الجوار النفطية. لكن القوى العظمى المؤثرة في القرار الدولي لا تتعامل مع القضايا الحقوقية من منطلق العدل والظلم بل من منطلق المنافع والأمن الدولي.
من الصعب والنادر أن ينجح مشروع (شعب) دون توفر إجماع داخي وراع إقليمي وموافقة قوة عظمى. في القضية الجنوبية ورغم عدم توحد الجنوب تحت إطار دولة واحدة إلا لفترة زمنية قصيرة وبالحديد والنار إلا أن إجماع الجنوبيين حول حقهم في تقرير المصير من الصعب إنكاره, وعلى مستوى الشمال أيضاً أصبح هناك قبول شعبي لإحتمالية فكاك الجنوب لدى الكثير من الشماليين ونخبهم.
الوضع أكثر تعقيداً على المستوى الإقليمي, حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أن القضية الرئيسية تكمن في صنعاء بينما يبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد حددت تدخلها ودعمها وتواجدها العسكري الناجح في حدود الجنوب عام 1994, ولا تبدو سلطنة عمان التي لديها تاريخ من التعامل مع جمهورية إيران الإسلامية داعمة للجنوب كما لا تبدو داعمة للحرب على الحوثيين وصالح في المقام الأول.
على مستوى الدول العظمى أضيف عامل الإرهاب إلى إنقسامات الحرب الباردة, كان اليمن على الدوام بين شمال أقرب لأمريكا وجنوب أقرب للإتحاد السوفيتي والصين. يبدو الموقف الأمريكي اليوم متفهماً للموقف السعودي ومنفتحاً على الدور الإماراتي في المنطقة بينما لم تبد روسيا دعماً متوقعاً للحوثيين من منطلق إحتسابهم على حليفتها إيران. سيبقى العامل الأكثر تأثيراً هو عامل مكافحة الإرهاب.
جنوب السودان, كنموذج للمقارنة, حصل على إستقلاله بعد مطالب وحروب دموية وفترات من الحكم الذاتي منذ خمسينيات القرن الماضي. أختلف جنوب السودان عن شماله دينياً وعرقياً مم سهل قبول مطالبه. كما حصل دعم إقليمي نكاية بشمال السودان حيث أنقسمت دول الجوار بين راع له وبين متفرج غير مهتم كما حصل على دعم قوى دينية عالمية وحملة دعاية قوية تبناها أحد نجوم هوليوود.
النموذج الكردي أقرب نسبياً للقضية الجنوبية وذلك في عوامل تأثير العامل الإقليمي وعامل مكافحة الإرهاب وعامل الصراعات الكردية-الكردية السابقة. حقق الأكراد نجاح كبير بعد عقود من الصراعات العنيفة حيث بسطوا سلطتهم على أرضهم التاريخية في العراق وفتحت معظم دول العالم قنصليات بدرجة سفارات لديهم, كما أنهم يتلقون دعماً عسكرياً وإستخبارياً قوياً من القوى العظمى.
مثل القضية الجنوبية إلى حد كبير, لا تدعم دولة من دول الجوار الكردي تأسيس دولة كردية مستقلة بل أن تركيا هددت بالتدخل العسكري في حالة توجه الأكراد لإعلان دولتهم. ومع ذلك وعلى مستوى مكافحة الإرهاب نجحت الفصائل العسكرية التركية التابعة للحزبين الكرديين الرئيسيين والمتقاتلين سابقاً في التوحد وفرض الأمن في كردستان وشاركت مع القوات العراقية المدعومة دولياً في محاربة داعش.
نستخلص من تاريخ القضية الكردية أن الجيش الكردي الحالي تأسس قبل أن يتأسس الكيان الكردي أو الدولة الكردية المرتقبة, نجح هذا الوضع العسكري والأمني في أن يتعامل العراق والإقليم والعالم مع الأكراد كدولة طبيعية في كل شيء ما عدا منحها مقعداً في الأمم المتحدة. في خطابه الذي سيكون الأخير كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة أشاد أوباما بنجاح التعاون مع الأكراد.
للحصول على إعتراف دولي, يمكن للجنوبيين تقديم أنفسهم للعالم عبر الإمارات العربية المتحدة كقوة عسكرية وأمنية منضبطة وذات كفاءة وفعالية في مكافحة الإرهاب وفي حفظ الأمن في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم وفي مضيق باب المندب وفي المشاركة مع قوات التحالف العربي في عمليات مكافحة الإرهاب وهي بكل تأكيد مهمة في غاية الصعوبة بسبب تعقيدات الواقع الجنوبي.
حقق الجنوبيين نجاحات كبيرة في مكافحة الإرهاب في عدن ولحج وأبين وحضرموت على الرغم من إختلاط عمليات القاعدة بإدعاءات تنفيذ تنظيم داعش لعمليات إرهابية في الأراضي الجنوبية مع وجود إحتمال كبير أن تكون العمليات الإرهابية المنفذة تتم بإيعاز من علي عبدالله صالح عبر سلسلة من المرتزقة اللذين لا ينتمون لتنظيمات إرهابية مم يزيد من تعقيد مهمة الجنوبيين في مكافحة الإرهاب.
هناك جهد أمني وعسكري كبير على الأرض على مستويات التدريب والتسليح والإنتشار والعمليات الإستخبارية, ومن الممكن إعطاء دفعة كبيرة لهذا الجهد عن طريق وضعه في إطار موحد يسمح بمشاركة أكبر للمعلومات ويسمح بالإستفادة من مخرجات التدريب والمتدربين في المواقع والمهام الأكثر حاجة. كما يمكن دعم هذا الجهد بتقنيات حديثة للمسح والمراقبة وأخذ البصمات عل سبيل المثال.
أصبح تأثير إنقسام القوى الأمنية والعسكرية في محافظات الجنوب المحررة وفي عدن على وجه الخصوص واضح في ضبابية عمليات التجنيد والتدريب والتعيين لاحقاً وفي إتخاذ القرارات وإعلانها للجمهور, هناك بالتأكيد شخصيات براجماتية نفعية مستفيدة من بقاء هذا الوضع عن طريق تقديم نفسها كوكلاء للتجنيد والسيطرة وهناك جهات وطنية مخلصة بالتأكيد قد تنقصها الثقة بكفاءة بعضها البعض.
على الرغم من الجهود الكبيرة لمحافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي ولمدير أمنها العميد شلال علي شايع فأنه من المقلق إحتمالية أن لا تتوفر لديهم المقدرة على إعطاء رقم واضح لعدد الأفراد في القوى الأمنية والعسكرية في المحافظة, أو تحديد زيهم العسكري, رتبهم العسكرية, جداول عملهم, سلم الرواتب, ميزانيتهم ومصادرها, حجم تسليحهم, تسلسل الأوامر لديهم.
كمرحلة أولى, أن تأسيس وتفعيل مجلس أمني موحد لمحافظة عدن يضم كل الجهات الأمنية والعسكرية العاملة على الأرض هو الخطوة الأولى في وضع كل الجهود في إطار واحد, يجب توحيد الأرقام العسكرية والزي العسكري والرواتب وجداول العمل وتحديد المناطق الأمنية. أنتهت مرحلة المقاومة الشعبية بنجاح كبير وبتضحيات عظيمة وبدعم بالمال والرجال والسلاح والدم من الإمارات العربية المتحدة وبدأت مرحلة بناء الأوطان عن طريق بناء مؤسسات إحترافية منضبطة.
جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}
الاثنين 03 أكتوبر 2016 02:07 مساءً
كتب / خالد لقمان
قبل سنوات قليلة كان منتهى أمل الجنوبيين أن يقوموا بفعالية جماهيرية تنقلها قناة أخبارية عربية, وقبل ذلك بسنوات قليلة كان كل المحافظين ومدراء الأمن في الجنوب من الشمال. اليوم وبعد الاف القتلى والجرحى والمعتقلين تجاوزت القضية الجنوبية مرحلة الإعتراف المحلي والإقليمي وأصبحت دول الجوار تقابل رسمياً قادة المقاومة الجنوبية في القصور الرئاسية وتمدهم بالدعم العسكري والسياسي.
يتوق معظم الجنوببين إلى الإنفصال الفوري بينما يميل بعضهم إلى فيدرالية مع الشمال كخطوة مرحلية, ينظر الكثير من الجنوبيين للإنفصال كحل مضمون لمشاكلهم الأمنية والخدمية والتنموية والحقوقية, وتدغدغ بعضهم أحلام رفاهية دول الجوار النفطية. لكن القوى العظمى المؤثرة في القرار الدولي لا تتعامل مع القضايا الحقوقية من منطلق العدل والظلم بل من منطلق المنافع والأمن الدولي.
من الصعب والنادر أن ينجح مشروع (شعب) دون توفر إجماع داخي وراع إقليمي وموافقة قوة عظمى. في القضية الجنوبية ورغم عدم توحد الجنوب تحت إطار دولة واحدة إلا لفترة زمنية قصيرة وبالحديد والنار إلا أن إجماع الجنوبيين حول حقهم في تقرير المصير من الصعب إنكاره, وعلى مستوى الشمال أيضاً أصبح هناك قبول شعبي لإحتمالية فكاك الجنوب لدى الكثير من الشماليين ونخبهم.
الوضع أكثر تعقيداً على المستوى الإقليمي, حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أن القضية الرئيسية تكمن في صنعاء بينما يبدو أن الإمارات العربية المتحدة قد حددت تدخلها ودعمها وتواجدها العسكري الناجح في حدود الجنوب عام 1994, ولا تبدو سلطنة عمان التي لديها تاريخ من التعامل مع جمهورية إيران الإسلامية داعمة للجنوب كما لا تبدو داعمة للحرب على الحوثيين وصالح في المقام الأول.
على مستوى الدول العظمى أضيف عامل الإرهاب إلى إنقسامات الحرب الباردة, كان اليمن على الدوام بين شمال أقرب لأمريكا وجنوب أقرب للإتحاد السوفيتي والصين. يبدو الموقف الأمريكي اليوم متفهماً للموقف السعودي ومنفتحاً على الدور الإماراتي في المنطقة بينما لم تبد روسيا دعماً متوقعاً للحوثيين من منطلق إحتسابهم على حليفتها إيران. سيبقى العامل الأكثر تأثيراً هو عامل مكافحة الإرهاب.
جنوب السودان, كنموذج للمقارنة, حصل على إستقلاله بعد مطالب وحروب دموية وفترات من الحكم الذاتي منذ خمسينيات القرن الماضي. أختلف جنوب السودان عن شماله دينياً وعرقياً مم سهل قبول مطالبه. كما حصل دعم إقليمي نكاية بشمال السودان حيث أنقسمت دول الجوار بين راع له وبين متفرج غير مهتم كما حصل على دعم قوى دينية عالمية وحملة دعاية قوية تبناها أحد نجوم هوليوود.
النموذج الكردي أقرب نسبياً للقضية الجنوبية وذلك في عوامل تأثير العامل الإقليمي وعامل مكافحة الإرهاب وعامل الصراعات الكردية-الكردية السابقة. حقق الأكراد نجاح كبير بعد عقود من الصراعات العنيفة حيث بسطوا سلطتهم على أرضهم التاريخية في العراق وفتحت معظم دول العالم قنصليات بدرجة سفارات لديهم, كما أنهم يتلقون دعماً عسكرياً وإستخبارياً قوياً من القوى العظمى.
مثل القضية الجنوبية إلى حد كبير, لا تدعم دولة من دول الجوار الكردي تأسيس دولة كردية مستقلة بل أن تركيا هددت بالتدخل العسكري في حالة توجه الأكراد لإعلان دولتهم. ومع ذلك وعلى مستوى مكافحة الإرهاب نجحت الفصائل العسكرية التركية التابعة للحزبين الكرديين الرئيسيين والمتقاتلين سابقاً في التوحد وفرض الأمن في كردستان وشاركت مع القوات العراقية المدعومة دولياً في محاربة داعش.
نستخلص من تاريخ القضية الكردية أن الجيش الكردي الحالي تأسس قبل أن يتأسس الكيان الكردي أو الدولة الكردية المرتقبة, نجح هذا الوضع العسكري والأمني في أن يتعامل العراق والإقليم والعالم مع الأكراد كدولة طبيعية في كل شيء ما عدا منحها مقعداً في الأمم المتحدة. في خطابه الذي سيكون الأخير كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة أشاد أوباما بنجاح التعاون مع الأكراد.
للحصول على إعتراف دولي, يمكن للجنوبيين تقديم أنفسهم للعالم عبر الإمارات العربية المتحدة كقوة عسكرية وأمنية منضبطة وذات كفاءة وفعالية في مكافحة الإرهاب وفي حفظ الأمن في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم وفي مضيق باب المندب وفي المشاركة مع قوات التحالف العربي في عمليات مكافحة الإرهاب وهي بكل تأكيد مهمة في غاية الصعوبة بسبب تعقيدات الواقع الجنوبي.
حقق الجنوبيين نجاحات كبيرة في مكافحة الإرهاب في عدن ولحج وأبين وحضرموت على الرغم من إختلاط عمليات القاعدة بإدعاءات تنفيذ تنظيم داعش لعمليات إرهابية في الأراضي الجنوبية مع وجود إحتمال كبير أن تكون العمليات الإرهابية المنفذة تتم بإيعاز من علي عبدالله صالح عبر سلسلة من المرتزقة اللذين لا ينتمون لتنظيمات إرهابية مم يزيد من تعقيد مهمة الجنوبيين في مكافحة الإرهاب.
هناك جهد أمني وعسكري كبير على الأرض على مستويات التدريب والتسليح والإنتشار والعمليات الإستخبارية, ومن الممكن إعطاء دفعة كبيرة لهذا الجهد عن طريق وضعه في إطار موحد يسمح بمشاركة أكبر للمعلومات ويسمح بالإستفادة من مخرجات التدريب والمتدربين في المواقع والمهام الأكثر حاجة. كما يمكن دعم هذا الجهد بتقنيات حديثة للمسح والمراقبة وأخذ البصمات عل سبيل المثال.
أصبح تأثير إنقسام القوى الأمنية والعسكرية في محافظات الجنوب المحررة وفي عدن على وجه الخصوص واضح في ضبابية عمليات التجنيد والتدريب والتعيين لاحقاً وفي إتخاذ القرارات وإعلانها للجمهور, هناك بالتأكيد شخصيات براجماتية نفعية مستفيدة من بقاء هذا الوضع عن طريق تقديم نفسها كوكلاء للتجنيد والسيطرة وهناك جهات وطنية مخلصة بالتأكيد قد تنقصها الثقة بكفاءة بعضها البعض.
على الرغم من الجهود الكبيرة لمحافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي ولمدير أمنها العميد شلال علي شايع فأنه من المقلق إحتمالية أن لا تتوفر لديهم المقدرة على إعطاء رقم واضح لعدد الأفراد في القوى الأمنية والعسكرية في المحافظة, أو تحديد زيهم العسكري, رتبهم العسكرية, جداول عملهم, سلم الرواتب, ميزانيتهم ومصادرها, حجم تسليحهم, تسلسل الأوامر لديهم.
كمرحلة أولى, أن تأسيس وتفعيل مجلس أمني موحد لمحافظة عدن يضم كل الجهات الأمنية والعسكرية العاملة على الأرض هو الخطوة الأولى في وضع كل الجهود في إطار واحد, يجب توحيد الأرقام العسكرية والزي العسكري والرواتب وجداول العمل وتحديد المناطق الأمنية. أنتهت مرحلة المقاومة الشعبية بنجاح كبير وبتضحيات عظيمة وبدعم بالمال والرجال والسلاح والدم من الإمارات العربية المتحدة وبدأت مرحلة بناء الأوطان عن طريق بناء مؤسسات إحترافية منضبطة.
جميع الحقوق محفوظة عدن الغد © {year}