مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع مفتي مصر
الدكتور أحمد باذيب
04-28-2006, 01:38 AM
مفتي مصر: تعدد الفتاوى اختلاف تنوع ورحمة للأمة
الاسلام اليوم
حوار / عوض الغنام 28/3/1427
26/04/2006
• أمريكا وإسرائيل دولتان مارقتان .
• لا أحد يحاسب إسرائيل على ترسانتها النووية ؟؟
• فرق كبير بين مقاومة المحتل الغاصب والإرهاب !
• لا مشكلة في تعدد جهات الفتوى بعالمنا الإسلامي
أكد الدكتور علي جمعة (مفتي مصر) بأن ثمة مخاطر عدة باتت تحيط بأمتنا العربية والإسلامية تستدعي شحذ همة الأمة نحو صد هذه المخاطر التي تحيط بعالمنا العربي والإسلامي، ولعل أهمها وجود المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، والفرقة العربية الإسلامية القائمة.. والتي انعكست سلبا على أوضاع الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان
كما تطرق فضيلته لقضية الفتوى ودور المجامع الفقهية في هذا المجال ..
قضايا عديدة وساخنة ناقشناها مع فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية في هذا الحوار:
فضيلة المفتي قبل الحديث عن تهديدات اليهود نود أن نسألكم: لماذا تفرقت الأمة على الرغم من أن عوامل جمعها مؤكدة وحتمية؟
- نعم هذا سؤال مهم جداً؛ لأنه يوضح مدى الانفصال بين الدين وأتباعه.. أعني مدى إهمال الأمة الإسلامية لدينها قرآناً وسنة، شريعة وعقيدة.. فلو أن الأمة الإسلامية واعية لِما تقرأ في كتاب الله -عز وجل- ولِما تدرس في سنة نبيها -صلى الله عليه وسلم- لَما تفرقت على هذه الصورة المؤسفة المخزية، ذلك أن كتابها – القرآن الكريم – ينادي عليها ليل نهار وفي كل لحظة (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً).. هذا أمر الله بالاعتصام والالتفاف حول الحق، والحق هو الله -عز وجل- وهو القرآن الكريم كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم يحذر الأمة (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). هكذا يرى القرآن أن المنازعة في غير حق لا تجلب إلا الفرقة والفشل ، فنبهنا سبحانه حتى لا نختلف إلى درجة المنازعة والاقتتال، ولو بالكلام، وهذا شأن من يحكّم هواه، أو يتحكّم فيه هواه ومصالحه الشخصية (وأنِ احكمْ بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك). انظر إذا غلب الهوى، وغلبت المصالح الشخصية على مبدأ الحق وإقرار الحق فالنتيجة مخزية ومؤسفة.. وهذا -ولا شك- طرأ بعض منه على طريقة مناقشتنا لقضايانا العربية، فغلبت المصالح عند البعض، وغلب الهوى عند البعض الآخر، والنتيجة فشل ذريع أخرج كل الأمة أمام الأمم التي تسمي نفسها متحضرة.. وخسرنا سمعتنا وكرامتنا كأمة بكل أسف.
الدكتور أحمد باذيب
04-28-2006, 01:43 AM
ماذا تقول للزعماء والقادة العرب في هذا السياق ؟
أنا أطالبهم بالاتفاق من أجل خدمة مصالح شعوبهم، ومن ذلك توحيد العملة – مثلا - لتكون عملة الأمة واحدة، وهذا سيجلب خيراً كثيراً للشعوب المسلمة، كما أنه ليس بدعة؛ فأوروبا أخيراً وبعد حروب طاحنة استطاعت أن تعلو وترتفع فوق ماضيها المؤلم جداً ، لتتفق بعد دراسة جادة ونظرة واعية على توحيد العملة، وأظن أنها أثمرت خيراً لأوروبا حتى الآن.
كما أطالب الرؤساء والملوك والأمراء أن يفتحوا الحدود بين الدول الإسلامية كلها، وأن تكون الحركة بينها بدون تأشيرة؛ فنحن في الواقع أمة واحدة كما قال ربنا عز وجل: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).
إن هذه الحدود الفاصلة على هذا النحو لا تخدم قضيتنا أبداً؛ إذ يشعر العالم من حولنا أننا عبارة عن جزر منفصلة إن لم تكن متناحرة.. وهذا مطلب شعبي عام أظنه ليس خافياً على أحد، كما أتمنى بناء طريق بري يربط بين هذه الدول، ويسهل الحركة بين بلاد الأمة كلها .. ولا أعرف لماذا تقاعست حكومات الأمة حتى الآن عن تنفيذ هذه الفكرة الهامة جداً..
هل تتوقع سلاماًعربياً إسرائيلياً قريباً أو بعيداً؟
- إسرائيل دولة مارقة ودولة غير ملتزمة بأي مواثيق ولا أعراف دولية ولا أخلاق إنسانية، إسرائيل كما يرى العالم تحشد ترسانة نووية، ولا تجد من يحاسبها، ولا من يوقف هذا التضخم النووي.. وإسرائيل تبيد شعباً، وتسرق أرضه أمام أعين العالم، وإسرائيل تقتل وتذبح وتهدم البيوت وتخرب الزراعات ، حتى لم ترحم شيخاً قعيداً كبيراً ، بل قل طاعناً في السن تقتله "الشيخ الشهيد أحمد ياسين"، وكلما أتت حكومة تبرأت من اتفاقيات من سبقها، وماطلت في تنفيذ المواثيق والاتفاقات التي شهد عليها العالم.
هي إذن لا تريد سلاماً، لذلك أنا أشك في تحقيق سلام معها .
الدكتور أحمد باذيب
04-28-2006, 01:44 AM
العمليات التفجيرية التي يقوم بها الشباب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي البعض يرى أنها عمليات استشهادية والبعض الأخر يرى أنها عمليات انتحارية، فما هي رؤيتكم لهذه العمليات؟
- هناك فرق كبير بين المقاومة المشروعة و "الإرهاب"؛ فالمقاومة المشروعة التي أقرها الناس أجمعون من المسلمين وغيرهم، تتمثل في الدفاع عن الأوطان، وعن النفس، وعن العرض، وعن المال والممتلكات، وهي ضد السيطرة والهيمنة بالقوة المسلحة والعدوان والاعتداء، وهذا أمر أقره جميع الناس في العالم وأقرّته الأمم المتحدة وصدرت قرارات كثيرة في هذا وما زالت تصدر. وهذه المقاومة المشروعة تختلف عن "الإرهاب"، وهو فرض الرأي على الآخرين بالقوة المسلحة، والخلط بين المصطلحات يؤدي إلى خلط في المفاهيم، ونحن لا نريد أن يختل مصطلح معين، ويأخذ مفهوماً معيناً؛ لأن الاحتلال والاختلال أمران لا يوصلان إلى الحقيقة، وكل ما كان مشروعاً هكذا فلا بأس به؛ لأنه مشروع ويظل مشروعاً؛ لأنه دفاع عن الحق في ذاته، وما لم يكن كذلك فإنه يتحول إلى نوع من أنواع الفوضى، ومن أنواع الاعتداء على الآخر، والله -سبحانه وتعالى- نهى عن العدوان، هذا هو الأساس للفتوى؛ فالواقع الذي نعيشه مرتبط بهذا الأساس، فالمقاومة محمودة وهي مشروعة، ولا بد منها، وهي واجب شرعي في عنق كل من كانت لديه المقدرة عليها، وأما "الإرهاب" فممنوع ومدان من كل الأديان، وأول هذه الأديان الإسلام.
هناك حملة صهيونية ضد شخصك نظراً لمواقفك الإيجابية من العمليات الاستشهادية؟
- الصهاينة ينزعجون من كلمة الحق، وكل من يجاهر بالحق يلفّقون له تهمة اسمها "معاداة السامية".. وهي تهمة لا أساس لها، ولا محلّ لها من الإعراب، ولذلك أعجب من بعض الشخصيات التي تحسب حساباً لمثل هذه التفاهات والاتهامات.. ما هي السامية.. وما هي عقوبة معاداتها..؟ أن تغضب الأوساط الصهيونية؟ "طبْ ما تغضب"..!!
أنا قلت بعد اغتيال الشهيد الشيخ أحمد ياسين إن قتله إجرام، وإن القصاص مشروع، وإن جهاد الفدائيين حق؛ لأنه دفاع عن الوطن وعن الأرض والعرض، والعالم كله يقول ما أقول إلا أمريكا وإسرائيل، وهما بشهادة الإنسانية كلها دول مارقة، ودول ظالمة ومغتصبة لكل حقوق الإنسانية في العالم.. لهذا أنا لا أخاف من اتهامات الصهيونية، ولا تزعجني معاداة السامية، وسأظل أقول الحق، وأدافع عن الحق ما حييت؛ لأنه يرضى ربي عز وجل ..
الدكتور أحمد باذيب
04-28-2006, 01:46 AM
ما الدور الذي ستقوم به دار الإفتاء المصرية في الفترة المقبلة؟ وهل ستحدثون نوعاً من التجديد في مهام الدار؟
- دار الإفتاء المصرية دار عريقة لها امتداد في التاريخ، وهي تسير على منهج متوازن رصين علمي، وعلى أفكار وأسس وضعها كل هؤلاء العلماء الذين تولّوْا مسؤولياتها على مدى أكثر من مائة عام، شرّفوا فيها مصر، وقدّموا الفتاوى الدينية الصحيحة التي ترضي الله وتنفع الناس، فليس هناك في دار الإفتاء أي نوع من أنواع الخلل حتى يحتاج إلى إصلاح، ونحن ندعو الله -سبحانه وتعالى- أن نستمر في نفس الطريق، ونسير على درب هؤلاء الأعلام السابقين منذ الشيخ حسونة النواوي، والشيخ محمد عبده، والشيخ بخيت المطيعي، وأمثال هؤلاء الذين حافظوا على العلم عبر العصور، وبهؤلاء كانت واجهة مصر أمام العالم الإسلامي كقائد ورائد لهذه الأمة.
هناك حديث عن وجود ظاهرة تضارب في الفتوى وتعدُّد جهاتها.. كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟
- تعدُّد جهات الفتوى ليس فيه مشكلة، فالفتوى إذا كانت صادرة من مجامع فقهية ومن علماء مؤهلين للإفتاء فهذه ظاهرة خير ومرونة وسعة للأمة، أما إذا كانت تصدر من الذين يهتفون بما لا يعلمون فهي ظاهرة سيئة تؤدي إلى تصدّر الجهلة قضايا العلم، خاصة فيما يتعلق بعلم "كالشريعة" يمس الناس في حياتهم، وينبغي أن يتقي الله كل شخص تصدّر للفتوى من غير أن يكون مؤهلاً لها، أما اختلاف أهل الفهم الواعي للدين فهذا اختلاف تنوّع، واختلاف تكامل، وهو في حقيقته رحمة وسعة ومرونة محمودة.
لماذا لا يتم إنشاء مجلس إسلامي عالمي للفتوى لمنع التضارب والاختلاف؟
- الاقتراح بإنشاء مجلس فقهي أو مجلس للفتوى يضم العلماء لا بأس به، لكن قضية الصدام بين العلم والجهل قضية قديمة قدم الكون، وينبغي علينا جميعاً أن ننكر الجهل، ونتصدّى له، وأن نؤيّد العلم ونلتفّ حوله.
البعض يطالب بتجديد الفقه، فهل الفقه الإسلامي في حاجة إلى تجديد بالفعل؟
-الفقه له أصول وأسس، وهي أدوات للفهم، ولذلك لا يمكن أن نطالب بتطوير الفهم، إنما نحن نطالب بإدراك الواقع وبفقه الموازنات والأولويّات.
الدكتور أحمد باذيب
04-28-2006, 01:54 AM
هل الاجتهاد من حق أي شخص .. وهل هناك شروط للمجتهد ؟
- الاجتهاد علم له أركانه العملية التعليمية وهي خمسة: الأستاذ والكتاب والمنهج والجو العلمي والتلميذ، فعلم الطب أو الهندسة وعلم الفقه وغيرها لا بد من توفر هذه الأركان الخمسة في كل منها، فإذا كان الإنسان خارج نطاق هذا العلم بهذه الكيفية فكلامه سيكون جريمة في حق نفسه، وفي حق الآخرين، فلو تصدّر أحدهم لقضايا الطب وهو لم يتخرج من كلية الطب فإنه يكون مجرماً، وكذلك من تصدّر للفتوى في الأديان التي هي أغلى على الإنسان من الأبدان يكون أشد إجراماً وافتراءً.
في بعض الأحيان يحدث تضارب في الفتاوى التي تصدر عن دار الإفتاء ولجنة الفتوى ومجمع البحوث في الأزهر، فلماذا لا يحدث نوع من التنسيق لمنع هذا التضارب؟
- دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى بالأزهر كلٌّ لا يتجزأ من ناحية الاتجاه العلمي، ومن ناحية الرصانة العلمية، ومن ناحية أنها جميعاً تعمل تحت لواء الأزهر، وتحت رعاية شيخه فليس هناك أية تناقضات، والخلاف في المسائل الفقهية يمثل تكاملاً وإثراء للمعرفة الفقهية وهذا رحمة للأمة، وهذا النوع من الخلاف كان موجوداً منذ المذاهب الفقهية الكبرى، فقد كان عدد المجتهدين أكثر من مائة، وكان هناك الخلاف، وكان هناك الاتفاق والاستقرار، وهذه المسائل إجرائية مقبولة، ويجب التعاون فيها بين العلماء والمؤسسات المختلفة، وأعتقد أن اختلاف وتضارب الفتوى ناتج عن تصدّر غير المتخصّصين بخطيئة يرتكبونها، تتمثل في تصديهم للإفتاء قبل أن يتعلّموا، هذه قضية مختلفة، فهناك فرق بين التعاون بين المجتهدين والعلماء، والصدام بين العلماء والجهلاء.
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir