تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : باشراحيل وحكومة تبيع البصل!


الدكتور أحمد باذيب
05-19-2006, 10:56 AM
أيــام الأيــام..حكومة تبيع بصلاً ما هي حكومة ودولة دون مؤسسات حقيقية ليست دولة

محمد عبدالله باشراحيل:


محمد عبدالله باشراحيل
في الوقت الذي كان فيه الراحل سالم ربيع علي (سالمين)، رئيساً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كان أيضاً رئيساً للجنة العليا للخطة، وبالرغم من كل السلبيات والأخطاء الكبيرة التي حصلت خلال فترة حكمه، فقد كان الرجل معروفاً ببساطته وتواضعه وحبه للفقراء والكادحين وكرهه للبرجوازية والبرجوازيين (كبار التجار) والإقطاع والإقطاعيين (ملاك الأراضي الكبار). ومن التقاليد التي التزم بها نزوله إلى المحافظات ومعه اللجنة العليا للخطة والفنيون لإجراء لقاءات لشرح ومناقشة مشاريع الخطة مع جماهيرها. وفي إحدى تلك اللقاءات بمدينة سيئون م/5 حضرموت وبعد انتهاء الرئيس من شرح الخطة فتح باب النقاش، وقد طرحت مجموعة من الملاحظات من قبل الحاضرين تركزت معظمها حول طلبات الناس وحاجتهم للمياه والمدارس والمراكز الصحية والكهرباء والطرقات، ثم فجأة رفع مواطن من البدو يده طالباً الإذن للسؤال - وكان جسمه وصباعيته مصبوغان بالنيل- فطلب الرئيس منه التقرب إلى جانب الميكروفون ليسمعه ويسمعه الناس، فإذا بأخينا البدوي يسأل سؤالاً غريباً وبعيداً عن مشاريع الخطة قائلاً بدون رسميات: «يا سالمين هل صحيح الحكومة تبيع بصل»، فضحك الرئيس وقال له: «أين السؤال يا أخ عن مشاريع الخطة» فأعاد البدوي نفس سؤاله، فضحك جميع الحاضرين، فرد عليه الرئيس وهو يبتسم: «نفترض أن الحكومة تبيع بصل فأين المشكلة؟» فأجابه البدوي البسيط: «المشكلة يا سالمين حكومة تبيع بصل ما هي حكومة». وفي رأينا أن هذا الكلام رغم بساطته وبساطة قائله إلا أنه يحمل في طياته بعداً سياسياً ومعنى عميقاً، يتمثل في أن الحكومة عليها الاهتمام بالقضايا الأساسية في الشؤون الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وألا تهدر الوقت وتضيعه في صغائر الأمور والتي ليست من مهامها.

ونحن مع كل ما قيل من حقائق مشينة عن حقبة الحكم في الجنوب التي سبقت عهد الوحدة وبعد الاستقلال مباشرة والتي بدأت بنظام حكم الحزب الواحد بمختلف مراحله بدءاً من الجبهة القومية ومروراً بالتنظيم السياسي الموحد وانتهاءً بالإعداد للحزب الطليعي من طراز جديد والذي تمخض عنه ولادة الحزب الاشتراكي اليمني، وبالرغم من كل ما رافق تلك المراحل من صراعات دموية وإخفاقات وسلبيات- كان للمتغيرات الدولية دور كبير فيها- فقد كان للدولة حضور بارز في الحياة العامة وهيبة والتزام بالقوانين حتى في التي كنا نعارضها ومنها تأميم المساكن والمحلات التجارية المؤجرة والإصلاح الزراعي واحتكار تجارة الجملة والاستيراد، وكان ليس من السهل خلال تلك الحقبة الزمنية اختراق الفساد والرشوة للمؤسسات المالية والاقتصادية والقضائية ووقتها كانت هناك طبقة وسطى واسعة وحية في المجتمع تتمثل في المدرسين والموظفين من مدنيين وعسكريين، لكن ومع كل ذلك فقد كان الوضع بوجه عام سيئاً للغاية، ويمكننا القول إن أوضاع الناس في الوقت الراهن أسوأ بكثير مما كانت عليه، فالطبقة الوسطى تكاد تكون معدومة وقد انحدرت إلى طبقة الفقراء التي يزداد عددها يوماً بعد يوم باستثناء بعض المتنفذين أو العسكريين الذين أصبحوا من ذوي الدخول العالية أو من أصحاب المليارات، الأمر الذي تشير له البيانات أن حوالي (75%) من الدخل تستحوذ عليه نسبة (15%) من السكان، بينما (25%) من الدخل فقط يوزع على حوالي (85%) من السكان، كما أن التخبط في السياسات الاقتصادية اعتبر سمة من سمات الحكم الراهن، فلا جرعة ولا استراتيجيات ولا قوانين جديدة حققت أهدافها أو نفذت بصورة صحيحة، ولم تف الحكومة بوعودها في تحسين المستوى المعيشي ولا في زيادة الأجور لموظفي الدولة أو زيادة معاش المتقاعدين كما هو متوقع، كما أن أحكام القضاء تطبق على ناس ولا تطبق على آخرين وقانون الضرائب لا يسري على الجميع، وأراض تنهب وتحتل بالقوة في محافظات جنوبية من قبل متنفذين أو عسكريين وبدلاً من محاكمتهم توفر لهم الحماية و...و..إلخ. هذا الوضع يجعلنا مجازاً نسمي الجمهورية (الجمهورية غير المؤسسية) ونطلق على النظام جمهوري قبلي أو بالمختصر (جم قبلي).

والخلاصة معروف أن أهل منطقة الحديدة يلفظون العين (أ) وقد قال أحد مواطنيها لمسؤول كبير زارها مجاملاً له بلهجته: «إن الوحدة إبادة ومنكم نتألم» ونحن نقول للمسؤول نفسه: «إن الوحدة عبادة ومنكم نتعلم» ولكن بطريقة أهل الحديدة. وأن حكومة تبيع بصلاً ما هي حكومة، ودولة بدون مؤسسات حقيقية ليست دولة.

الدكتور أحمد باذيب
05-21-2006, 03:46 AM
بقلم/ عباس الديلمي

لم أكن مسافراً على بغلة الشاعر الكبير أبي دلامة حتى أصل متأخراً فألقى بعصاة المسافر وأمسك بالقلم واكتب عن الحكومة الجديدة، وماحدث كان شيئاً متعمداً.
لقد تعمدت عدم الكتابة عن حكومة جديدة او تغيير حكومي هو الاول من نوعه في تاريخنا من حيث حجمه وابعاده ودوافعه المشيرة الى جدية في المعالجة، وتحريك للركود.
تعمدت عدم التسرع والكتابة فيما يندرج في خانة التكهنات او التعبير عن وجهات النظر وفضلت التأمل -وأن الاسابيع- فيما سيحدثه التغيير الحكومي، حتى اصل الى مايمكن تسميته بالملاحظات الأولى.
هذه الملاحظات نوردها تحت عنوان:-
«من بعثنا من مرقدنا» فما تشهده أروقة الوزارات والمؤسسات من حراك جراء تغيير شمل خمس وعشرين حقيبة وزارية.. استطيع اختزاله بما ورد في العنوان المشار اليه وان هناك من يبعثون من مراقدهم، بعدان ناموا وثم دخلوا مرحلة الرقود.
نلحظ هذا في الوزارات التي شهدت تغييرات في قياداتها الوسطية، وما فوق الوسطية وتحريك من كان يظن أنه المتحرك الذي لا يتحرك، لتأخذ العملية طريقها الى حيث ينبغي انه يصل تحريك وبعث من رقدوا في مواقعهم الوظيفية بجمود وسلبية، وان تحركوا او رأهم الناس يمشون على الأرض، فماهم الا نيام يمشون بثقة عالية نحو مصالح ورغبات يمليها عقل باطن متحرر من القيود والضوابط وامانة المهنة وشرفها وغالباً ما يحلم النائم وقد تحررعقله الباطن من كل الكوابح الدينية والاجتماعية.
ونلحظ ذلك في وزارات رقدت قدراتها الابداعية، وترهلت الضوابط الادارية والنظم المحاسبية فيها الى أن صارت الامور تسير بحكم العادة والعرف.. وكيف بدأت تلكم الوزارات والمؤسسات التابعة لها تشهد بوادر ايقاظ الرقود والسير نحو اصلاح ما اختل واستيفاء.
ماهناك من نواقص في اللوائح والنظم الادارية والمحاسبية.
ونلاحظ ذلك في وزارات ومرافق، تشكو رقدة الحبيب كما يقال أوكما قال الشاعر
«اشكو الذين أذاقوني محبتهم
حتى اذا أيقظوني للهوى رقدوا»
فبعد ان تعود العاملون فيها على المتابعة المستمرة من قيادتهم وتزويدهم المستمر بالملاحظات والتوجيهات وان هناك من يقوّم اداءهم باستمرار، بعد كل ذلك وجدوا انفسهم تحت امرة قيادة لم تنم فقط بل رقدت وسرى رقادها الى من تفود كما تسري الفيروسات المعدية.،
تلك نماذج نقيس عليها كي لا نطيل الحديث والخلاصة من هذه الملاحظات الاولى ان هناك في مرافق الدولة من يقول لسان حاله ياويلنا من بعثنا من مرقدنا ومن يقول شكراً لقرار بعثنا من مرقدنا.. وللجميع نقول هذا ما وعد الرحمن وسننظر بعين المراقب المتأمل لاداء حكومة جديدة.