اليمني
05-20-2006, 04:28 PM
اختلاف أمتي رحمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في
" الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .
و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه
وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم
في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث :
و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا
ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث
( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف
الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب
و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون
مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم
بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف
للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو
كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن
جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم
مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن
الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في
أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من
الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن
لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة !
و جملة
القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ،
لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ،
و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم
الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق
أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ
منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في
خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور
أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين
و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله
تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه
و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا
إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن
و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك
القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم
في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير
طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول
العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ،
و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث
و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار
الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال
و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )* .
السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في
" الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .
و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه
وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم
في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث :
و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا
ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث
( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف
الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب
و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون
مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم
بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف
للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو
كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن
جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم
مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن
الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في
أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من
الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن
لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة !
و جملة
القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ،
لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ،
و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم
الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق
أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ
منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في
خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور
أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين
و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله
تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه
و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا
إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن
و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك
القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم
في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير
طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول
العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ،
و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث
و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار
الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال
و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )* .
السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني