ابن حضرموت
01-17-2003, 10:43 AM
العيد سرور وفرح وزينة يحب الله أن يظهر فيه أثر نعمه على عباده بلبس الجديد من الثياب وتناول الطيب من الطعام دون إسراف.. لكن المسلمين نسوا المعنى الطيب من العيد، وهو شكر الله على انعامه وتوفيقه، واندفعوا في جلب المشقة على انفسهم وعلى غيرهم من ذوي الدخول المحدودة، فأدخلوا في أعيادهم ماليس منها فأصبح لزاماً عليهم في كل عيد - ومع دخول النصف الثاني من رمضان المبارك- أخذ الهم يسيطر على أرباب الأسر خاصة محدودة الدخل وأعلنت الطوارئ استعداداً لتوفير مقاضي العيد التي تلخصها أم إدريس بقولها: يرتبط العيد بمظاهر متعددة منها، الملابس والأحذية والعطورات والحلوى والكعك واللحوم والهدايا ولعب الأطفال ومصاريف التنزهات ومعايدة الأهل.. الخ»..
وهكذا تحولت الأعياد إلى مواسم للعادات وإهدار الوقت وإرهاق ميزانية وجهد الأسرة في إعداد طلبات العيد غير المنتهية
يقول محمد القباطي: استلمت الراتب عشرين ألفاً وذهبت لشراء ملابس العيد وملحقاتها فانتهى المبلغ كاملاً قبل إنتهاء الطلبات فاستلفت من صديق لي عشرين ألفاً أخرى واشتريت «الطلي» بعشرة آلاف، إضافة الى مستلزمات العيد الضرورية، حتى أصبح العيد واصبحنا معه «حراف».. والجهال يشتوا يسيروا الحدائق ويشتوا جعالة ولُعب.. والمره تشتي تسافر البلاد تزور أهلها من أجل المعايدة.. وأنا أشتي أخزن.. وهذا العيد جاء على نهاية الشهر.. وصاحب البيت جاء يطلب الايجار، فكيف تتوقع سيكون العيد في ظل هذه الهموم؟.. الأحسن أن الواحد يتظاهر بالمرض ويلازم الفراش حتى انتهاء فترة العيد».
أما وجدي الشيباني فيقول: استلمت الراتب قبل العيد بثلاثة أيام وقدره «18.000» ريال، إضافة الى 45ألف الزيادة من قانون المعلم، فلم يصمد ذلك المبلغ أمام مقاضي العيد سوى ثلاثة أيام، وكلما اشتريت شيئا ظهرت اشياء يتوجب عليّ شراؤها.. فجاء ثالث العيد وأنا لا أملك ثمن علبة سيجارة» حتى الطفلة مريام «ست سنوات» لم تسلم من الإعتداء على أخراصها الذهب.. تقول أمها: جاء العيد وأولادي العشرة من غير ملابس، وصعب عليَّ ذلك، وقمت ببيع غسالة الثياب ومكينة الخياطة لأشتري لهم الملابس والحلويات وكلفني ذلك أكثر من ثلاثين ألفاً وبعدها اضطررت إلى بيع أخراص ابنتي الصغيرة لشراء كبش العيد رغم أنها كانت تبكي وتقول: أنا مااشتي لحمة.. أشتي حقي الأخراص».. فلماذا نكلف انفسنا مثل تلك التصرفات التي جعلت الفرحة اندر من غراب أبيض.. فبعد أن كان العيد عيد الفكرة العابرة أصبح عيد الفكرة العابثة.. جلب الناس على انفسهم العناء والمشقة فأفسدوا العيد ونسوا الغاية منه المتمثلة في تقوية العلاقات الإجتماعية من ودٍ وعطاء وحب وصفاء وسخاء مادي يتمثل في بذل الصدقات وسد الحاجات فكانت النتيجة أعياداً بلا أفراح، بل ولجوء الكثيرين من المعدمين الى العزلة وملازمة منازلهم هروباً وحرجاً من أسئلة الناس وأعينهم الباحثة عن كل ماهو جديد أمامهم.
وهذا ماجعل وهج العيد يخبو في كثير من نفوس الناشئة الذين يرون غيرهم يهتمون بأعيادهم ويظهرون الفرح بينما هم يكابدون الأحزان ويتجرعون الآلام دون أن يجدوا لفتة صادقة تفرج عنهم كربهم وتخفف من مآسيهم.. وخلال موسم العيد ظهرت تغيرات جلية في الحركة التجارية على غير العادة، حيث شوهد إقبال كبير من المواطنين الى المفرشين، وتجار الرصيف والباعة المتجولين، أصحاب الملابس المستعملة، فيما بدت المعارض والمحلات التجارية شبه خالية من الإزدحام.. وهذا لا يعكس فقط حالة الفقر المتسعة بين المواطنين المرتبطة أيضاً بزيادة نسبة البطالة يوماً عن يوم، بل تعكس أيضاً الزيادة الكبيرة في أسعار السلع والمنتجات العيدية، ما أضطر غالبية الناس للاتجاه إلى اسواق البالة أو الحراج لشراء حاجياتهم من الثياب والمستلزمات الأخرى.
الحاج غانم عبدالله ملهي، واحد من أُولئك الذين اخذوا حاجياتهم من الحراج.. يقول: «أول مرة في حياتي أدخل هذه الأسواق وأشتري منها رغم علمي بخطورة استخدام مثل هذه الملابس، ولكني متوكل على الله، والحاجة تحتم ذلك، فأنا عاجز واولادي صغار يشتوا يفرحوا بالعيد مثل الناس، ولا أستطيع شراء الجديد، لأنه غالي، وكما يقول المثل: العيد عيد العافية».
أما أم إدريس فتقول: «اشتريت فستاناً لإبنتي من المعرض بسعر «2500» ريال واشترت جارتي نفس الفستان من المفرشين بسعر «1200» ريال، وعندما رجعناه، قالوا هذا أصلي، وهذاك تقليد».
وهذا يعني وجود تفاوت كبير في الأسعار بين أصحاب المحلات التجارية والباعة المتجولين في الأرصفة.
المهندس جمال الخولاني أمين عام المجلس المحلي بالأمانة يبين سبب ذلك التفاوت في حديث نشرته يومية الثورة قال فيه: «اصحاب المحلات التجارية ملتزمون بالقانون ويدفعون ضرائب وإيجارات ورسوماً قانونية أخرى وبالتالي فهم لايستطيعون بيع سلعهم بنفس سعر الباعة المتجولين، الذين أيضاً اتضح انهم يعملون لحساب تجار آخرين وليس لحسابهم، مما يمثل نوعاً من التهرب والتحايل على الالتزامات القانونية»..
فكـــان ذلك التفــــــاوت سببـــاً لميـــل الـــناس إلى المفرشين على الأرصفة وعزوفهم عن دخول المحلات التجارية لأن المواطن بسبب مايعانيه من فاقة وظروف قاسية يبحث عن الأرخص الذي يتناسب مع ظروفه وقدراته..
ولم يكن الغلاء قاصراً على الملبوسات وإنما شمل مختلف السلع والخدمات الإستهلاكية.. وهذه ظاهرة تتكرر خلال مواسم الأعياد..
أمين محمد الزبيري يقــــــول: خـــلال إجـــازة العيد زرت محافظتي عدن وحضرموت برفقة العائلة ومعي سيارتي الخاصة.. وهناك فوجئت بأسعار غير متوقعة وكأننا سياح أجانب من حيث الأسعار السياحية للسلع الإستهلاكية المختلفة.. وعلبة الماء مثلاً سعة «0.75» لتر بخمسـين ريالاً داخل الحدائق والفنادق.. وهذا في اعتقادنـــا لا يشجـــع السياحـــة الداخلية التي نريد.
وفي العيد هناك حديث من المرارة لا ينتهي.. لكن هذه فقط بعض المشاهد من العيد الصغير التي تتضاعف في العيد الكبير.. من دون التعرض لمن اقحموا انفسهم بأعياد أخرى كعيد الحب، ورأس السنة الميلادية.
وهكذا تحولت الأعياد إلى مواسم للعادات وإهدار الوقت وإرهاق ميزانية وجهد الأسرة في إعداد طلبات العيد غير المنتهية
يقول محمد القباطي: استلمت الراتب عشرين ألفاً وذهبت لشراء ملابس العيد وملحقاتها فانتهى المبلغ كاملاً قبل إنتهاء الطلبات فاستلفت من صديق لي عشرين ألفاً أخرى واشتريت «الطلي» بعشرة آلاف، إضافة الى مستلزمات العيد الضرورية، حتى أصبح العيد واصبحنا معه «حراف».. والجهال يشتوا يسيروا الحدائق ويشتوا جعالة ولُعب.. والمره تشتي تسافر البلاد تزور أهلها من أجل المعايدة.. وأنا أشتي أخزن.. وهذا العيد جاء على نهاية الشهر.. وصاحب البيت جاء يطلب الايجار، فكيف تتوقع سيكون العيد في ظل هذه الهموم؟.. الأحسن أن الواحد يتظاهر بالمرض ويلازم الفراش حتى انتهاء فترة العيد».
أما وجدي الشيباني فيقول: استلمت الراتب قبل العيد بثلاثة أيام وقدره «18.000» ريال، إضافة الى 45ألف الزيادة من قانون المعلم، فلم يصمد ذلك المبلغ أمام مقاضي العيد سوى ثلاثة أيام، وكلما اشتريت شيئا ظهرت اشياء يتوجب عليّ شراؤها.. فجاء ثالث العيد وأنا لا أملك ثمن علبة سيجارة» حتى الطفلة مريام «ست سنوات» لم تسلم من الإعتداء على أخراصها الذهب.. تقول أمها: جاء العيد وأولادي العشرة من غير ملابس، وصعب عليَّ ذلك، وقمت ببيع غسالة الثياب ومكينة الخياطة لأشتري لهم الملابس والحلويات وكلفني ذلك أكثر من ثلاثين ألفاً وبعدها اضطررت إلى بيع أخراص ابنتي الصغيرة لشراء كبش العيد رغم أنها كانت تبكي وتقول: أنا مااشتي لحمة.. أشتي حقي الأخراص».. فلماذا نكلف انفسنا مثل تلك التصرفات التي جعلت الفرحة اندر من غراب أبيض.. فبعد أن كان العيد عيد الفكرة العابرة أصبح عيد الفكرة العابثة.. جلب الناس على انفسهم العناء والمشقة فأفسدوا العيد ونسوا الغاية منه المتمثلة في تقوية العلاقات الإجتماعية من ودٍ وعطاء وحب وصفاء وسخاء مادي يتمثل في بذل الصدقات وسد الحاجات فكانت النتيجة أعياداً بلا أفراح، بل ولجوء الكثيرين من المعدمين الى العزلة وملازمة منازلهم هروباً وحرجاً من أسئلة الناس وأعينهم الباحثة عن كل ماهو جديد أمامهم.
وهذا ماجعل وهج العيد يخبو في كثير من نفوس الناشئة الذين يرون غيرهم يهتمون بأعيادهم ويظهرون الفرح بينما هم يكابدون الأحزان ويتجرعون الآلام دون أن يجدوا لفتة صادقة تفرج عنهم كربهم وتخفف من مآسيهم.. وخلال موسم العيد ظهرت تغيرات جلية في الحركة التجارية على غير العادة، حيث شوهد إقبال كبير من المواطنين الى المفرشين، وتجار الرصيف والباعة المتجولين، أصحاب الملابس المستعملة، فيما بدت المعارض والمحلات التجارية شبه خالية من الإزدحام.. وهذا لا يعكس فقط حالة الفقر المتسعة بين المواطنين المرتبطة أيضاً بزيادة نسبة البطالة يوماً عن يوم، بل تعكس أيضاً الزيادة الكبيرة في أسعار السلع والمنتجات العيدية، ما أضطر غالبية الناس للاتجاه إلى اسواق البالة أو الحراج لشراء حاجياتهم من الثياب والمستلزمات الأخرى.
الحاج غانم عبدالله ملهي، واحد من أُولئك الذين اخذوا حاجياتهم من الحراج.. يقول: «أول مرة في حياتي أدخل هذه الأسواق وأشتري منها رغم علمي بخطورة استخدام مثل هذه الملابس، ولكني متوكل على الله، والحاجة تحتم ذلك، فأنا عاجز واولادي صغار يشتوا يفرحوا بالعيد مثل الناس، ولا أستطيع شراء الجديد، لأنه غالي، وكما يقول المثل: العيد عيد العافية».
أما أم إدريس فتقول: «اشتريت فستاناً لإبنتي من المعرض بسعر «2500» ريال واشترت جارتي نفس الفستان من المفرشين بسعر «1200» ريال، وعندما رجعناه، قالوا هذا أصلي، وهذاك تقليد».
وهذا يعني وجود تفاوت كبير في الأسعار بين أصحاب المحلات التجارية والباعة المتجولين في الأرصفة.
المهندس جمال الخولاني أمين عام المجلس المحلي بالأمانة يبين سبب ذلك التفاوت في حديث نشرته يومية الثورة قال فيه: «اصحاب المحلات التجارية ملتزمون بالقانون ويدفعون ضرائب وإيجارات ورسوماً قانونية أخرى وبالتالي فهم لايستطيعون بيع سلعهم بنفس سعر الباعة المتجولين، الذين أيضاً اتضح انهم يعملون لحساب تجار آخرين وليس لحسابهم، مما يمثل نوعاً من التهرب والتحايل على الالتزامات القانونية»..
فكـــان ذلك التفــــــاوت سببـــاً لميـــل الـــناس إلى المفرشين على الأرصفة وعزوفهم عن دخول المحلات التجارية لأن المواطن بسبب مايعانيه من فاقة وظروف قاسية يبحث عن الأرخص الذي يتناسب مع ظروفه وقدراته..
ولم يكن الغلاء قاصراً على الملبوسات وإنما شمل مختلف السلع والخدمات الإستهلاكية.. وهذه ظاهرة تتكرر خلال مواسم الأعياد..
أمين محمد الزبيري يقــــــول: خـــلال إجـــازة العيد زرت محافظتي عدن وحضرموت برفقة العائلة ومعي سيارتي الخاصة.. وهناك فوجئت بأسعار غير متوقعة وكأننا سياح أجانب من حيث الأسعار السياحية للسلع الإستهلاكية المختلفة.. وعلبة الماء مثلاً سعة «0.75» لتر بخمسـين ريالاً داخل الحدائق والفنادق.. وهذا في اعتقادنـــا لا يشجـــع السياحـــة الداخلية التي نريد.
وفي العيد هناك حديث من المرارة لا ينتهي.. لكن هذه فقط بعض المشاهد من العيد الصغير التي تتضاعف في العيد الكبير.. من دون التعرض لمن اقحموا انفسهم بأعياد أخرى كعيد الحب، ورأس السنة الميلادية.