الدكتور أحمد باذيب
07-13-2006, 05:38 PM
http://newsimg.bbc.co.uk/media/images/41700000/jpg/_41700958_leil9.jpg
عندما يهبط الليل وتغفو المدينة، ينتشل احسان نفسه بصعوبة من سريره الدافئ ويخرج الى شوارع لندن التي عادة ما يغلّفها البرد والمطر، قاصدا التوجه الى عمله.
وفي الطريق يلّح على احسان هاجسٌ يكاد يتحول الى شبح يطارده: لمَ يتوجب عليّ ان اقاسي لكي أوفر للآخرين اسباب البهجة؟
احسان واحد من الآلاف الذين يعملون ليلا في لندن، ولكل منهم تجربة وحكاية.
وتختلف دوافع وتأثيرات العمل الليلي من شخص لآخر، اذ ان قطاعا واسعا من العاملين ليلا مضطرون الى القيام بذلك ولا خيار لهم سوى هذا العمل وتراهم يعبّرون عن استيائهم منه ورغبتهم في تركه شاكين من آثاره على صحة الانسان ونفسيته وحياته الاجتماعية.
لكن آخرين يؤكدون ان العمل تحت جنج الظلام يناسبهم باعتبارهم "كائنات ليلية" تأبى الاستيقاظ مبكرا، وتستمتع بالسهر حيث السكينة والهدوء.
فمن هم العاملون ليلا وماذا يفعلون؟
جاء احسان سيف الى لندن من ايران قبل سنوات، وهو يعمل حارسا امنيا لمطعم وملهى في "ماي فير" احد ارقى احياء لندن.
يصف احسان وظيفته بأنها شاقة، فهو يعمل ليلا من العاشرة مساء وحتى الخامسة صباحا.
ولا يخفي انه غير مرتاح في عمله لكنه لا يملك خيارا آخر" فلندن مدينة غالية وانا أتابع دراساتي العليا في تكنولوجيا المعلومات وعليّ توفير المصروفات التي تساعدني على اكمال دراستي".
"حياة صعبة"
وماذا تشعر حين ترى الآخرين يمضون أوقاتا سعيدة في الداخل في حين انك تقضي الوقت كله واقفا امام المدخل؟
يرد احسان "اشعر ان الحياة ليس فيها عدل وان بعض الناس لديهم المال الكافي لكي يستمتعوا بأوقاتهم في حين ان مهمة البعض الآخر ان يعتني بهم فقط".
يتطلع جيمي للحصول على شهادة لقيادة سيارة جمع القمامة
يقول احسان "وظيفتنا هي الدفاع عن انفسنا والطلب من الزبائن ان يغادروا المكان بهدوء، وفي حال لم يقبلوا ذلك فمن واجبنا ان نخرجهم من المطعم لكننا لا نضربهم ابدأ".
ويروي احسان انه تعرض للعديد من المواقف الخطرة خلال قيامه بعمله "بعض الزبائن لا يفهم ان مهمتنا هي حماية المكان فقط بل يعتقدون اننا نتربص بهم شرا لذا فإنهم قد يحاولون الاعتداء علينا وهذا ما يتم غالبا نتيجة تأثير الخمور او بفعل تناولهم للمخدرات قبل ان يأتوا الى المطعم".
ويضيف احسان "في مثل هذه الحالات لا يكون لدينا أي خيار آخر وعلينا الدفاع عن انفسنا".
تأثيرات مثل هذه المواقف الصعبة ظهرت بوضوح على زميل احسان الذي بدت على وجهه آثار جرح غائر من اعلى الجبين الى اسفل الذقن.
مهن متنوعة
وتتنوع المهن التي يشغلها العاملون ليلا فمنهم الصحافيون وموزعو الصحف والأطباء والممرضون ورجال الشرطة وعمال جمع القمامة وسائقو الاجرة وصولا الى بائعات الهوى.
دنيس بايري يعمل سائقا لسيارة جمع قمامة في احدى الشركات الخاصة التي تتعاقد مع المطاعم والمقاهي وبعض المكاتب.
دنيس يعمل في هذه المهنة منذ اربعة اعوام ويقول انه يحصل على دخل جيد مقابل عمله.
اشعر احيانا ان لا عدل في الحياة وان بعض الناس لديهم المال ليستمتعوا بأوقاتهم في حين ان مهمة البعض الآخر الاعتناء بهم فقط
احسان ـ حارس ليلي في مطعم
"احيانا استمتع بعملي لكن في احيان اخرى اجد مشقة فيه وخصوصا عندما تمطر. حينها يصبح الامر معقّدا".
وهو يعمل في ساعات الليل فقط. يبدأ عمله في العاشرة مساء وينتهي في الخامسة صباحا.
أما زميله جيمي فيبدو الوضع اصعب بالنسبة له ويشكو من ان العمل شاق ويتطلب مجهودا كبيرا لأنه هو الذي يقوم بافراغ القمامة في السيارة.
ويتطلع جيمي الى الحصول على شهادة تخوله ان يقود السيارة وهو عمل اقل تعبا حسب ما يقول.
"استمتع بالعمل الليلي"
لكن ليس كل الذين يعملون ليلا يشعرون بالتعب بل ان بعضهم يستمتع به.
آصف حسين بائع في محل بقالة ويعمل ليلا لأنه يفضّل ان يحصل على ساعات نوم اطول في النهار.
ويؤكد حسين انه يشعر بغاية الرضا عن عمله ولا يفضل ان يتركه ليقوم بعمل آخر.
حسين هو أبلغ تعبير عن ظاهرة "الكائنات الليلية".
آصف يعشق العمل الليلي لانه يحب النوم صباحا
في العمل الليلي هناك ايضا تجارب انثوية. سيندي جالاجيلاني مهاجرة شابة من زيمبابوي تعمل أمينة صندوق لمدة ثماني ساعات في اليوم بين العاشرة مساء والسادسة صباحا لخمس مرات في الاسبوع.
وتقول سيندي "اجد العمل الليلي بالغ الصعوبة ويسبب لي احساسا بالتعب" وتضيف "من المفترض ان يوفر لك العمل الليلي ساعات فراغ خلال الليل لكنك لا يمكن ان تستفيد من ذلك لانك عادة ما تشعر بالتعب الى درجة لا تمكنك من القيام بأي شيء".
تضحيات
وتقول "لا اشعر ان لدي حياة اجتماعية فأنا اعمل في وقت نوم الآخرين وانام في وقت يعملون فيه او يتبادلون الزيارات".
وتتابع "كل من يعملون ليلا يفعلون ذلك مضطرين، وفي حالتي اخترت العمل الليلي لانني في حاجة الى متابعة دراستي في الجامعة خلال النهار".
وتمضي قائلة "كل من هو في وضعي عليه ان يقوم بتضحيات وها أنا أضحي براحتي وصحتي".
وتأمل سيندي في ان تتخرج من الجامعة وهو ما سيسمح لها بأن تحصل على وظيفة افضل وتتوقف عن العمل الليلي.
مخاطر
سلفاتوري ويكناسورا وهو من سريلانكا يعمل في محطة وقود منذ عشرة اشهر ملحق بها متجر للبضائع الاستهلاكية.
يرى سلفاتوري ان عمله ينطوي على خطر لانه يعمل وحيدا ويمكن ان يتعرض لمحاولة سرقة في أي وقت.
مخاطر عديدة تكتنف عمل سلفاتوري
لهذا فإن سلفاتوري يعمل من وراء حاجز زجاجي ولا يفتح باب المتجر إلا لمن يعرفه او يشعر انه لا يشكل خطرا.
لكن حدس سلفاتوري خاب مرتين حين تعرض لمحاولتي سرقة للبضائع في المتجر.
ويقول "تمكنت من اكتشاف محاولتي السرقة وهددت الفاعلين بأنني سأبلغ الشرطة فلاذا بالفرار".
ويبدو حظ سلفاتوري أفضل من احد اصدقائه الذي تعرض لمحاولة سرقة قام خلالها عدد من الاشخاص المخمورين بمحاولة اقتحام المتجر وطرقوا الباب والحاجز الزجاجي بشدة طالبين من صديق سلفاتوري ان يفتح لهم، لكنه رفض وقام بابلاغ الشرطة ففروا من المكان.
يعمل سلفاتوري في ورديتين: مرتين في النهار وثلاث مرات في الليل من الحادية عشرة الى السابعة.
ويستغل سلفاتوري عمله الليلي ليقضي وقتا اطول مع ابنه في النهار فيقوم بمراجعة دروسه او يصطحبه الى الحديقة ليلعبا معا.
عندما يهبط الليل وتغفو المدينة، ينتشل احسان نفسه بصعوبة من سريره الدافئ ويخرج الى شوارع لندن التي عادة ما يغلّفها البرد والمطر، قاصدا التوجه الى عمله.
وفي الطريق يلّح على احسان هاجسٌ يكاد يتحول الى شبح يطارده: لمَ يتوجب عليّ ان اقاسي لكي أوفر للآخرين اسباب البهجة؟
احسان واحد من الآلاف الذين يعملون ليلا في لندن، ولكل منهم تجربة وحكاية.
وتختلف دوافع وتأثيرات العمل الليلي من شخص لآخر، اذ ان قطاعا واسعا من العاملين ليلا مضطرون الى القيام بذلك ولا خيار لهم سوى هذا العمل وتراهم يعبّرون عن استيائهم منه ورغبتهم في تركه شاكين من آثاره على صحة الانسان ونفسيته وحياته الاجتماعية.
لكن آخرين يؤكدون ان العمل تحت جنج الظلام يناسبهم باعتبارهم "كائنات ليلية" تأبى الاستيقاظ مبكرا، وتستمتع بالسهر حيث السكينة والهدوء.
فمن هم العاملون ليلا وماذا يفعلون؟
جاء احسان سيف الى لندن من ايران قبل سنوات، وهو يعمل حارسا امنيا لمطعم وملهى في "ماي فير" احد ارقى احياء لندن.
يصف احسان وظيفته بأنها شاقة، فهو يعمل ليلا من العاشرة مساء وحتى الخامسة صباحا.
ولا يخفي انه غير مرتاح في عمله لكنه لا يملك خيارا آخر" فلندن مدينة غالية وانا أتابع دراساتي العليا في تكنولوجيا المعلومات وعليّ توفير المصروفات التي تساعدني على اكمال دراستي".
"حياة صعبة"
وماذا تشعر حين ترى الآخرين يمضون أوقاتا سعيدة في الداخل في حين انك تقضي الوقت كله واقفا امام المدخل؟
يرد احسان "اشعر ان الحياة ليس فيها عدل وان بعض الناس لديهم المال الكافي لكي يستمتعوا بأوقاتهم في حين ان مهمة البعض الآخر ان يعتني بهم فقط".
يتطلع جيمي للحصول على شهادة لقيادة سيارة جمع القمامة
يقول احسان "وظيفتنا هي الدفاع عن انفسنا والطلب من الزبائن ان يغادروا المكان بهدوء، وفي حال لم يقبلوا ذلك فمن واجبنا ان نخرجهم من المطعم لكننا لا نضربهم ابدأ".
ويروي احسان انه تعرض للعديد من المواقف الخطرة خلال قيامه بعمله "بعض الزبائن لا يفهم ان مهمتنا هي حماية المكان فقط بل يعتقدون اننا نتربص بهم شرا لذا فإنهم قد يحاولون الاعتداء علينا وهذا ما يتم غالبا نتيجة تأثير الخمور او بفعل تناولهم للمخدرات قبل ان يأتوا الى المطعم".
ويضيف احسان "في مثل هذه الحالات لا يكون لدينا أي خيار آخر وعلينا الدفاع عن انفسنا".
تأثيرات مثل هذه المواقف الصعبة ظهرت بوضوح على زميل احسان الذي بدت على وجهه آثار جرح غائر من اعلى الجبين الى اسفل الذقن.
مهن متنوعة
وتتنوع المهن التي يشغلها العاملون ليلا فمنهم الصحافيون وموزعو الصحف والأطباء والممرضون ورجال الشرطة وعمال جمع القمامة وسائقو الاجرة وصولا الى بائعات الهوى.
دنيس بايري يعمل سائقا لسيارة جمع قمامة في احدى الشركات الخاصة التي تتعاقد مع المطاعم والمقاهي وبعض المكاتب.
دنيس يعمل في هذه المهنة منذ اربعة اعوام ويقول انه يحصل على دخل جيد مقابل عمله.
اشعر احيانا ان لا عدل في الحياة وان بعض الناس لديهم المال ليستمتعوا بأوقاتهم في حين ان مهمة البعض الآخر الاعتناء بهم فقط
احسان ـ حارس ليلي في مطعم
"احيانا استمتع بعملي لكن في احيان اخرى اجد مشقة فيه وخصوصا عندما تمطر. حينها يصبح الامر معقّدا".
وهو يعمل في ساعات الليل فقط. يبدأ عمله في العاشرة مساء وينتهي في الخامسة صباحا.
أما زميله جيمي فيبدو الوضع اصعب بالنسبة له ويشكو من ان العمل شاق ويتطلب مجهودا كبيرا لأنه هو الذي يقوم بافراغ القمامة في السيارة.
ويتطلع جيمي الى الحصول على شهادة تخوله ان يقود السيارة وهو عمل اقل تعبا حسب ما يقول.
"استمتع بالعمل الليلي"
لكن ليس كل الذين يعملون ليلا يشعرون بالتعب بل ان بعضهم يستمتع به.
آصف حسين بائع في محل بقالة ويعمل ليلا لأنه يفضّل ان يحصل على ساعات نوم اطول في النهار.
ويؤكد حسين انه يشعر بغاية الرضا عن عمله ولا يفضل ان يتركه ليقوم بعمل آخر.
حسين هو أبلغ تعبير عن ظاهرة "الكائنات الليلية".
آصف يعشق العمل الليلي لانه يحب النوم صباحا
في العمل الليلي هناك ايضا تجارب انثوية. سيندي جالاجيلاني مهاجرة شابة من زيمبابوي تعمل أمينة صندوق لمدة ثماني ساعات في اليوم بين العاشرة مساء والسادسة صباحا لخمس مرات في الاسبوع.
وتقول سيندي "اجد العمل الليلي بالغ الصعوبة ويسبب لي احساسا بالتعب" وتضيف "من المفترض ان يوفر لك العمل الليلي ساعات فراغ خلال الليل لكنك لا يمكن ان تستفيد من ذلك لانك عادة ما تشعر بالتعب الى درجة لا تمكنك من القيام بأي شيء".
تضحيات
وتقول "لا اشعر ان لدي حياة اجتماعية فأنا اعمل في وقت نوم الآخرين وانام في وقت يعملون فيه او يتبادلون الزيارات".
وتتابع "كل من يعملون ليلا يفعلون ذلك مضطرين، وفي حالتي اخترت العمل الليلي لانني في حاجة الى متابعة دراستي في الجامعة خلال النهار".
وتمضي قائلة "كل من هو في وضعي عليه ان يقوم بتضحيات وها أنا أضحي براحتي وصحتي".
وتأمل سيندي في ان تتخرج من الجامعة وهو ما سيسمح لها بأن تحصل على وظيفة افضل وتتوقف عن العمل الليلي.
مخاطر
سلفاتوري ويكناسورا وهو من سريلانكا يعمل في محطة وقود منذ عشرة اشهر ملحق بها متجر للبضائع الاستهلاكية.
يرى سلفاتوري ان عمله ينطوي على خطر لانه يعمل وحيدا ويمكن ان يتعرض لمحاولة سرقة في أي وقت.
مخاطر عديدة تكتنف عمل سلفاتوري
لهذا فإن سلفاتوري يعمل من وراء حاجز زجاجي ولا يفتح باب المتجر إلا لمن يعرفه او يشعر انه لا يشكل خطرا.
لكن حدس سلفاتوري خاب مرتين حين تعرض لمحاولتي سرقة للبضائع في المتجر.
ويقول "تمكنت من اكتشاف محاولتي السرقة وهددت الفاعلين بأنني سأبلغ الشرطة فلاذا بالفرار".
ويبدو حظ سلفاتوري أفضل من احد اصدقائه الذي تعرض لمحاولة سرقة قام خلالها عدد من الاشخاص المخمورين بمحاولة اقتحام المتجر وطرقوا الباب والحاجز الزجاجي بشدة طالبين من صديق سلفاتوري ان يفتح لهم، لكنه رفض وقام بابلاغ الشرطة ففروا من المكان.
يعمل سلفاتوري في ورديتين: مرتين في النهار وثلاث مرات في الليل من الحادية عشرة الى السابعة.
ويستغل سلفاتوري عمله الليلي ليقضي وقتا اطول مع ابنه في النهار فيقوم بمراجعة دروسه او يصطحبه الى الحديقة ليلعبا معا.