تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البوابة الرمادية للرئاسة


الدكتور أحمد باذيب
07-25-2006, 06:43 AM
البوابة الرمادية للرئاسة
عبدالرحيم محسن
24/07/2006


العقلية الشمولية والدكتاتورية تعتقد بأن السلطة والثروة مخزونات تجدها وراء البوابات الرمادية للقصور الملكية والجمهورية على حد سواء، لذلك يتحول الملك الوارث أو الرئيس المغتصب إلى طاغية متغطرس يضيق حتى بأولئك الذين لهم فضل بوثوبه إلى السلطة واستمراره على كرسي عرشها، على الرغم من أن التجربة التاريخية لأنظمة الحكم، أثبتت أن ليس هناك ثابت ومؤبد بل إن هناك تغيراً دائماً استناداً إلى القاعدة التالية: "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك البتة".

البوابات الرمادية للرئاسة في المنطقة أوصدت أمام الآخر دافعة به إلى طرق أبواب المؤامرة والانقلاب متجاوزاً الزمن الضروري لكل طاغية.

إن طريق المؤامرة والانقلاب مازال هو السلوك الأساس للقوى السياسية التي تعذر عليها ممارسة العمل السياسي العلني والنظيف.

في "موريتانيا" عمل "ولد الطائع" كل ما بوسعه لتوسيع رقعة استبداده زماناً ومكاناً مستخدماً الانتخابات النيابية الشكلية وحزبه الشمولي "الجمهوري" لتغطية لاستبداده وفساده، وليس هذا فسحب بل ذهب للبحث عن غطاء دولي مضمون بسرعة إقامة علاقة دبلوماسية مع "إسرائيل".

في "موريتانيا" كان المشهد السياسي قاتماً. فثلة الفساد والاستبداد المشاركة للرئيس "ولد الطائع" سلوكه السياسي أغرقت المعتقلات بالمعتقلين السياسيين المعارضين لنظام الحكم وبأصحاب الرأي الممانعين لسياسات حزب الحاكم "الحزب الجمهوري" ومنعت الصحف من الصدور بينما المعارضة السياسية تحاول اختراق هذه القتامة والتمسك بقشة الانتخابات الرئاسية وكان للعسكريين آراء أخرى حيث تفجر القتال من أجل الاستيلاء على السلطة بين مجموعة من الضباط بقيادة "بن حنان" وبين الموالين للرئيس وفي المقدمة قائد الانقلاب الناجح رئيس المخابرات الوطنية ... ونظم ولد الطائع انتخابات رئاسية شكلية فاز بها مسبقاً مما دفع به إلى تنظيم حملة اعتقالات كان أول ضحاياه منافسه رقم واحد، المشهد السياسي نحى نحواً آخر بنجاح انقلاب عسكري تحت قيادة الدفاع الرئيسية والقوية لولد الطائع!!

ولد الطائع كان ضحية سلوكه العدواني ضد الحكم المدني والديمقراطية وبسبب ذلك حرم من المرور عبر البوابة الرمادية للرئاسة التي اعتقد إنه مالكها الأبدي.

المشهد السياسي في العراق لم يكن فقط قاتماً بل كارثياً مأساوياً. فبعد انتخابات رئاسية هزلية فاز بها صدام بواقع 100% من الأصوات تجاوزت الدبابات الأمريكية البوابة الرمادية للرئاسة العراقية وانتزعت "المهيب" من حفرة مهجورة.

المشهد السياسي اليمني يسكن أزمان أخرى غير هذا الزمن ويلوك مفردات لعمل سياسي لم يعد له أثر الآن، فهو يتسم بالجمود والبلادة ولا يستجيب للأطباء ولا للرسائل الموجهة له بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويتحدى كل الموجات الهائلة بأدوات التخلف العقلي.

تُرى ماالذي يدفع هذا المشهد إلى الصحوة والعودة إلى مضمار الراهن؟

أعتقد أن أبجديات هذه الصحوة تكمن في معالجة العقل المريض للنظام الذي يعاند سياسياً معتمداً على سكونية الشعب اليمني وتصفيق الحاشية.

والعلاج لمرض كهذا يتم داخل مصحة كاملة التجهيز لتأهيله لتقبل رياح التغيير سلمياً بدلاً عن اللجوء إلى الخيارات المتعارف عليها في المنطقة.

المراقبون توقعوا حياءً وخجلاً عند الإدلاء بالتصريحات غير أن الذي جرى عكس مرضاً عضالاً في الذهنية الحاكمة والتى لا ترى في الشعب والمعارضة سوى "التوحش" هذا التوحش الذي يقابله توحشاً سلطوياً، أي بمعنى دقيق: إعلان الحرب على المعارضة لأنها قالت نعم للمنازلة الانتخابية، لا للاستفراد بالسلطة ونهب الثروة.

من وجهة نظري الشخصية هناك ثلاثة وجوه أو معطيات أو محددات لحسم المشهد السياسي.


الأول: المأزق الذي يعيشه النظام وانسداد أفقه السياسي بعد فقدانه شروط وجوده التاريخي، وفقدان الثقة بالتنظيم الذي أنشأه ولجوئه إلى الأجهزة الأمنية والاستخبارية لإنقاذه من ورطة الانسحاب السلمي من السلطة، الأمر الذي أحدث تشنجاً في ردوده الانفعالية.

ولقد أفصح النظام الحاكم بما لايدع مجالاً للشك بأن التمسك بتلابيب السلطة بتكاليف باهظة هي سياسة ثابتة لايمكن التحلحل منها حتى لو أدى ذلك إلى تفجير حقل الألغام الجاهز للتفجر في أي وقت كان.


الثاني: الموقف السياسي النوعي للقاء المشترك بقبول المبارزة الانتخابية معتمداً على الأرضية الانتخابية التي سوف تنشأ كنتيجة لموقف كهذا مناهض للفساد والاستبداد. إن اللقاء المشترك يدرك أن النظام يعتمد كلياً على منهجه الحربي والاستيلاء على الصناديق بقوة السلاح مستغلاً عزوف خصومه عن خوض معارك عنيفة لحماية مرشحيهم النيابيين ومرشحهم إلى الرئاسة، أما الاعتماد على اللجنة العليا وفروعها فهو من قبيل التقنية وإضفاء شرعية الانتخابات.


الثالث: الناخبون وهم مربط الفرس، كما يقول المثل. وعبرهم تتجلى المنازلة الانتخابية علماً بأن الناخبين يتميزون بنسبة عالية من الأمية ومن الفقر وتتزايد في الريف عملية تزييف إرادتهم، غير أن الانتشار الرشيد بينهم يمكن أن يقلب المعادلة.