ود احمد
02-02-2003, 11:58 PM
هل يؤكل المالُ بعينـه؟
لما تمهّدت بلاد اليمن لتوران شاه بن أيوب (وهو أخو السلطان صلاح الدين)، واستقامت له أمورُها، كرِهَ المقام بها لأنها بلاد مجدبة. فكتب إلى صلاح الدين يستقيل منها، ويسأله الإذن له في العـَوْد إلى الشام، ويشكو حالَه. فأرسل إليه أخوه رسولاً مضمونُ رسالتِهِ ترغيبُه في الإقامة، وأن اليمن كثيرة الأموال ومملكة كبيرة. فلما سمع توران شاه الرسالة، قال لمتولـّي خزانته: احضر لنا ألف دينار. فأحضرها في كيس. فقال لأستاذ داره، والرسول حاضر عنده: أرسـِل هذا الكيس إلى السوق يشترون لنا بما فيه قطعة ثلج. فقال أستاذ الدار: يا مولانا، هذه بلاد اليمن، من أين يكون فيها ثلج؟! فقال: دعهم يشترون بها طبق مشمش لوزي. فقال: من أين يوجد هذا النوع ههنا؟ فجعل يعدّد عليه جميع أنواع فواكه دمشق، وأستاذ الدار يـُظْهـِر التعجب من كلامه، وكلما قال له عن نوع، يقول له: ومن أين يوجد هذا ههنا؟! فلما استوفى الكلام إلى آخره، قال توران شاه للرسول: ليت شعري ماذا أصنع بهذه الأموال إذا لم أنتفع بها؟ هل يؤكل المالُ بعينه؟ أم فائدته أن يتوصل به الإنسان إلى بلوغ أغراضه؟ فعاد الرسول إلى صلاح الدين، وأخبره بما جرى، فأذِن له في المجيء. من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان.
لما تمهّدت بلاد اليمن لتوران شاه بن أيوب (وهو أخو السلطان صلاح الدين)، واستقامت له أمورُها، كرِهَ المقام بها لأنها بلاد مجدبة. فكتب إلى صلاح الدين يستقيل منها، ويسأله الإذن له في العـَوْد إلى الشام، ويشكو حالَه. فأرسل إليه أخوه رسولاً مضمونُ رسالتِهِ ترغيبُه في الإقامة، وأن اليمن كثيرة الأموال ومملكة كبيرة. فلما سمع توران شاه الرسالة، قال لمتولـّي خزانته: احضر لنا ألف دينار. فأحضرها في كيس. فقال لأستاذ داره، والرسول حاضر عنده: أرسـِل هذا الكيس إلى السوق يشترون لنا بما فيه قطعة ثلج. فقال أستاذ الدار: يا مولانا، هذه بلاد اليمن، من أين يكون فيها ثلج؟! فقال: دعهم يشترون بها طبق مشمش لوزي. فقال: من أين يوجد هذا النوع ههنا؟ فجعل يعدّد عليه جميع أنواع فواكه دمشق، وأستاذ الدار يـُظْهـِر التعجب من كلامه، وكلما قال له عن نوع، يقول له: ومن أين يوجد هذا ههنا؟! فلما استوفى الكلام إلى آخره، قال توران شاه للرسول: ليت شعري ماذا أصنع بهذه الأموال إذا لم أنتفع بها؟ هل يؤكل المالُ بعينه؟ أم فائدته أن يتوصل به الإنسان إلى بلوغ أغراضه؟ فعاد الرسول إلى صلاح الدين، وأخبره بما جرى، فأذِن له في المجيء. من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان.