المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشاركة الأولى: دباغ جلود الميتة


ابن اليماني
08-24-2006, 03:37 PM
صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان في المسألة أحدهما دباغ جلود الميتة طهورها ، وقد روي بصيغ مختلفة منها إذا دبِغ الإهاب فقط طهر. أو. أيما إهاب دبغ فقد طهر

وقد أخذ العلماء بهذا الحديث وعملوا به.
وفي المسألة تفصيل كبير نذكره فيما بعد.

لكن ورد حديث آخر فيه زيادة زمن الحديث وهو (أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر ، وفيه ولا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)

وقد اتجه تفكير أحمد بن حنبل إلى أن هذا الحديث ينبغي أن يكون ناسخا للأول لأن فيه التصريح بأنه (قبل وفاته بشهر) على أن الأول غير مصرح فيه بتاريخ. ويبعد أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام قد قال الأول في غضون آخر شهر.
ولذلك لم يوافق الفقهاء فيما ذهبوا إليه

لكن ما لم يفكر فيه أحمد بن حنبل أن الحديثين يمكن أن يُجمع بينهما
فلا ننتفع من الميتتة بإهاب إلا بعد دبغه

والمسألة قابلة لمزيد من الكلام

ابن اليماني
08-24-2006, 04:15 PM
لخص فيلسوف الإسلام أبو الوليد ابن رشد الحفيد القول في هذه المسألة في (بداية المجتهد) .

اختلفوا في الانتفاع بجلود الميتة،

- فذهب قوم إلى الانتفاع بجلودها مطلقا دبغت أو لم تدبغ،
- وذهب قوم إلى خلاف هذا، وهو ألا ينتفع به أصلا، وإن دبغت[هذا ما استقرّ عليه أحمد وهو موضوع المقال الرئيس]
- وذهب قوم إلى الفرق بين أن تدبغ وأن لا تدبغ، ورأوا أن الدباغ مطهر لها، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة،
وعن مالك في ذلك روايتان‏:‏

- إحداهما مثل قول الشافعي،
- والثانية أن الدباغ لا يطهرها، ولكن تستعمل في اليابسات،
والذين ذهبوا إلى أن الدباغ مطهر اتفقوا على أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة من الحيوان‏:‏ أعني المباح الأكل،
واختلفوا فيما لا تعمل فيه الذكاة،

- فذهب الشافعي إلى أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة فقط، وأنه بدل منها في إفادة الطهارة‏.‏
- وذهب أبو حنيفة إلى تأثير الدباغ في جميع ميتات الحيوان ما عدا الخنزير‏.‏
- وقال داود‏:‏ تطهر حتى جلد الخنزير‏.‏

وسبب اختلافهم تعارض الآثار في ذلك، وذلك أنه ورد في حديث ميمونة إباحة الانتفاع بها مطلقا، وذلك أن فيه أنه مر بميتة، فقال عليه الصلاة والسلام ‏"‏هلا انتفعتم بجلدها‏؟‏‏"‏ وفي حديث ابن عكيم منع الانتفاع بها مطلقا، وذلك أن فيه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب‏:‏ ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب‏"‏ قال‏:‏ وذلك قبل موته بعام‏.‏ وفي بعضها الأمر بالاتنفاع بها بعد الدباغ والمنع قبل الدباغ، والثابت في هذا الباب هو حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال ‏"‏إذا دبغ الإهاب فقد طهر‏"‏ فلمكان اختلاف هذه الآثار اختلف الناس في تأويلها، فذهب قوم مذهب الجمع على حديث ابن عباس، أعني أنهم فرقوا في الانتفاع بها بين المدبوغ وغير المدبوغ‏.‏ وذهب قوم مذهب النسخ، فأخذوا بحديث ابن عكيم لقوله فيه موته بعام‏.‏ وذهب قوم مذهب الترجيح لحديث ميمونة، ورأوا أنه يتضمن زيادة على ما في حديث ابن عباس، وأن تحريم الانتفاع ليس يخرج من حديث ابن عباس قبل الدباغ، لأن الاتنفاع غير الطهارة، أعني كل طاهر ينتفع به، وليس يلزم عكس هذا المعنى، أعني أن كل ما ينتفع به هو طاهر‏.‏