الدكتور أحمد باذيب
10-26-2006, 12:16 AM
حتى النصف الثاني من هذا القرن كان الاعتقاد بأن "السرطان يعني الموت" منتشرًا إلى حد موجع، فالأطباء يخفون التشخيص عن المصابين به ويبلغون به أسرهم فقط، وبرغم مرور الوقت والتقدم العلمي المذهل ما زال التأثير النفسي للسرطان عند المريض وربما يكون مدمرًا، فلا تزال الكلمة تستحضر مخاوف الموت والتشوه والاعتماد على الغير بدنيًّا والعجز عن حماية أولئك الذين يعتبرهم أعزاء لديه، وعادة ما تكون ردة الفعل الفورية عند تشخيص المرض لدى فرد ما هي عدم التصديق والإصابة بالصدمة.
وقد يُحدِّث المرء نفسه أن "ذلك لا يمكن أن يحدث لي، لا بد أنهم أخطئوا عند فحص الشرائح"؛ ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الضيق الحاد والهياج الشديد والاكتئاب الذي قد ينطوي على الانهماك في التفكير بالمرض والموت والقلق وفقدان الشهية والأرق وضعف التركيز والعجز عن القيام بالأعمال الروتينية.
وفي الأحوال المثالية يبدأ المرض بعد أسبوع أو أسبوعين بالشعور بأنهم لم يفقدوا كل شيء وعلى مدى الأسابيع أو الأشهر التالية يتعلمون ببطء كيف يتغلبون على الحقيقة القاهرة للمرض.
وترتبط الطريقة التي يتكيف بها الناس مع السرطان إلى حد كبير بقدراتهم السابقة على مواجهة مشكلات الحياة وأزماتها.
فالبعض يتغلب على تحديات المرض بأسلوب هادئ وبنّاء نسبيًّا، في حين قد يتضاعف الأثر لدى آخرين خاصة الذين يعانون سلفًا من صعوبات نفسية واضطرابات عاطفية.
وعلى مدار العقدين الماضيين تحسن الاتصال بين الأطباء والمرضى فيما يتعلق بالمواضيع النفسية، واليوم يطالب المزيد من المرضى بالنظر في "الجانب الإنساني" والعناية بهم، ومن جانب آخر توصل معظم الأطباء إلى كيفية تبليغ الأنباء للمرضى؛ وهذا له أثر فعال في استجاباتهم للمعالجة.
وربما إلى الآن لا يزال الأطباء يجدون صعوبة في تحديد متى تبلغ مشاعر المرضى من الحزن والقلق حدًّا من الشدة يستدعي التدخل العلاجي، وإحدى العقبات هي تحاشي كثير من المرضى مناقشة مشاعرهم؛ لأنهم لا يريدون أن يُفهموا على أنهم "ضعاف واهنون".
وتبقى الضائقة النفسية خفية وبالتالي دون معالجة.
وقد بدا حديثًا اهتمام كبير من قبل كل من الأوساط الطبية وعامة الناس بتأثير العقل في الصحة والحالة النفسية على تقدم العلاج والشفاء.
إن كثيرًا من المقالات والكتب تحض المرضى على أن "يفكروا إيجابيًّا" وأن "يقاوموا" المرض، وكان الأطباء يذكرون للمرضى أن إظهار النفس كمحارب يقاوم "تنين" السرطان؛ قد يساعد على التخفيف من آثار المرض، خاصة أولئك الذين واجهوا مشكلات الحياة في السابق بالأسلوب نفسه.
وقد أظهرت بحوث عديدة انخفاض معدل الوفيات عند الأفراد الذين تتوافر لهم علاقات اجتماعية داعمة، مقارنة بأولئك الذين يفتقرون إلى تلك الروابط، وأظهرت دراسة أجريت عام 1993 في نيويورك على مصابات بسرطان الثدي المتقدم تأثيرًا إيجابيًّا ليس فقط في نوعية الحياة بل في طول البقاء على قيد الحياة.
والآن يركز الباحثون على الكيفية التي يمكن بها للعلاقات الداعمة والمساعدة أن تُحسّن صحة المرضى. سواء افترض أن هذه العلاقات تؤثر في جهازي المناعة والغدد الصماء أو بافتراض أن أعضاء العائلة والأصدقاء وغيرهم ربما يمكنهم مساعدة المرضى على الالتزام بالمعالجة والتحول إلى غذاء أكثر نفعًا للصحة، واتباع الخطوات التي تساعدهم على تقبل الحياة، بل الاستمتاع بها.
العائلة هي أهم مصدر للدعم النفسي لمرضى السرطان عادة، إضافة إلى أن توفر الطبيب اللبيب الشفيق الذي يمكن الوصول إليه أمر لا يقدر بثمن، ويقدم الأصدقاء والمنظمات في المجتمع المستوى التالي من الدعم، كما تستطيع الجماعات الدينية ورجال الدين تقديم المساعدة.
وتساعد جماعات معاونة الذات Self-help والجماعات الخاصة بمرض السرطان التي يقودها المهنيون المحترفون، والتي أصبحت الآن شائعة في معظم المجتمعات؛ الأفراد على تخفيف الشعور بالوحدة ومشاطرة أحاسيسهم مع الآخرين الذين يتفهمونها (لأنهم يشعرون بها) وملاحظة كيف يتغلب الأشخاص المختلفون على المشكلات نفسها، كما يستطيع الأعضاء في هذه الجماعات تبادل المعلومات المتعلقة بالمعالجة والمستشفيات، ولا تصلح المعالجة الجماعية للجميع، فبعض الأفراد يرفضون مشاركة غيرهم في مشاعرهم الخاصة أو ينزعجون من سماع مشكلات الآخرين، وقد يؤثرون المعالجة النفسية الفردية في التعامل مع الأزمات المرتبطة بالمرض.
وفي المراحل المتقدمة من المرض تزداد كل من الأعراض البدنية والنفسية، ويجب أن يتحول اهتمام القائمين على العناية بالمرضى من المعالجة إلى المواساة، وفي هذه المراحل من المرض يُصبح المريض وذووه في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي.
- وقد يكون من الصعب أن نصدق أنه ليس جميع الناجين من السرطان ينظرون إلى الجانب القاتم من تجربتهم مع هذا المرض، فقد روى بعضهم: "أعلم أن ذلك يبدو جنونًا، ولكني سعيد أنني مصاب بالسرطان، فقد غيرت التجربة حياتي نحو الأفضل".
وهكذا نرى أن المواجهة مع مرض خطير أحيانًا تقود بعض الناس إلى النضج العاطفي؛ ومن ثم محاولة تصحيح المشكلات القائمة منذ وقت طويل، أو استكشاف نواحٍ من الحياة لم يتمكنوا من التفرغ لها سابقًا.
وربما لا تزال هناك طرق للحد من التأثير النفسي المدمر بالنسبة للكثيرين ممن لم يبلغوا تلك الدرجة من التفاؤل بشأن تجربتهم.
لقد انتهت تلك الأيام التي كان يتعين على مرضى السرطان فيها أن يعانوا بمفردهم في صمت.
معًا نهزم السرطان
1- لا تقبل القول المأثور القديم "السرطان يعني الموت" فالكثير من السرطانات يمكن شفاؤها اليوم، ويمكن السيطرة على أنواع أخرى فترات طويلة قد تتوافر خلالها معالجات جديدة.
2- لا تعتقد بأنك أنت الذي سببت السرطان لنفسك، فليس هناك أي دليل يربط ظهور السرطانات بأنواع معينة من الشخصيات أو حالات عاطفية أو حوادث مؤلمة في الحياة.
3- اعتمد على الخطط البارعة التي ساعدتك سابقًا على حل المشكلات مثل جمع المعلومات والتحدث مع الآخرين وإيجاد الطرق التي تشعرك بحالة السيطرة والتحكم واطلب العون إن لم يُجْد ذلك نفعًا.
4- لا تشعر بالذنب إن لم تتمكن من المحافظة على موقف إيجابي طوال الوقت فسوف تمر بفترات من الاكتئاب مهما بلغت قدرتك على التغلب على المشكلات فالجأ إلى الله دائمًا.
5- لا يحرجنك طلب استشارة متخصص صحة نفسية فهذا دليل قوة لا دليل ضعف، وقد تساعدك الاستشارة على تحمل أعراضك ومعالجاتك بشكل أفضل.
6-اتبع كل الطرق التي تساعدك على استعادة السيطرة على انفعالاتك كالتأمل والاسترخاء.
7- ابحث عن الطبيب الذي تستطيع أن تناقش معه أسئلتك وتشعر معه بالثقة والاحترام المتبادل ويجب أن تلح في أن تكون شريكًا له في معالجتك، واسأل عن التأثيرات الجانبية المتوقعة، وكن مهيأ لها فغالبا ما يكون التعامل مع المشكلات أيسر لدى توقع حدوثها.
8- لا تبق المشكلات القلقة بالنسبة لك سرًا عن الشخص الأقرب إليك، واطلب من هذا الشخص مرافقتك في زياراتك للطبيب عندما تناقش طرق العلاج، فالأبحاث تظهر أنك غالبا لا تسمع أولا تستوعب المعلومات عندما تكون قلقًا، ووجود الشخص الثاني سيساعدك على تفسير ما قد قيل.
9- أعد اكتشاف ذاتك وتقرب إلى الله فقد يساعدك ذلك على إيجاد معنى لتجربة المرض الذي تمر به والخروج منها بمكاسب في الدنيا والآخرة.
منقول للفائدة
وقد يُحدِّث المرء نفسه أن "ذلك لا يمكن أن يحدث لي، لا بد أنهم أخطئوا عند فحص الشرائح"؛ ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الضيق الحاد والهياج الشديد والاكتئاب الذي قد ينطوي على الانهماك في التفكير بالمرض والموت والقلق وفقدان الشهية والأرق وضعف التركيز والعجز عن القيام بالأعمال الروتينية.
وفي الأحوال المثالية يبدأ المرض بعد أسبوع أو أسبوعين بالشعور بأنهم لم يفقدوا كل شيء وعلى مدى الأسابيع أو الأشهر التالية يتعلمون ببطء كيف يتغلبون على الحقيقة القاهرة للمرض.
وترتبط الطريقة التي يتكيف بها الناس مع السرطان إلى حد كبير بقدراتهم السابقة على مواجهة مشكلات الحياة وأزماتها.
فالبعض يتغلب على تحديات المرض بأسلوب هادئ وبنّاء نسبيًّا، في حين قد يتضاعف الأثر لدى آخرين خاصة الذين يعانون سلفًا من صعوبات نفسية واضطرابات عاطفية.
وعلى مدار العقدين الماضيين تحسن الاتصال بين الأطباء والمرضى فيما يتعلق بالمواضيع النفسية، واليوم يطالب المزيد من المرضى بالنظر في "الجانب الإنساني" والعناية بهم، ومن جانب آخر توصل معظم الأطباء إلى كيفية تبليغ الأنباء للمرضى؛ وهذا له أثر فعال في استجاباتهم للمعالجة.
وربما إلى الآن لا يزال الأطباء يجدون صعوبة في تحديد متى تبلغ مشاعر المرضى من الحزن والقلق حدًّا من الشدة يستدعي التدخل العلاجي، وإحدى العقبات هي تحاشي كثير من المرضى مناقشة مشاعرهم؛ لأنهم لا يريدون أن يُفهموا على أنهم "ضعاف واهنون".
وتبقى الضائقة النفسية خفية وبالتالي دون معالجة.
وقد بدا حديثًا اهتمام كبير من قبل كل من الأوساط الطبية وعامة الناس بتأثير العقل في الصحة والحالة النفسية على تقدم العلاج والشفاء.
إن كثيرًا من المقالات والكتب تحض المرضى على أن "يفكروا إيجابيًّا" وأن "يقاوموا" المرض، وكان الأطباء يذكرون للمرضى أن إظهار النفس كمحارب يقاوم "تنين" السرطان؛ قد يساعد على التخفيف من آثار المرض، خاصة أولئك الذين واجهوا مشكلات الحياة في السابق بالأسلوب نفسه.
وقد أظهرت بحوث عديدة انخفاض معدل الوفيات عند الأفراد الذين تتوافر لهم علاقات اجتماعية داعمة، مقارنة بأولئك الذين يفتقرون إلى تلك الروابط، وأظهرت دراسة أجريت عام 1993 في نيويورك على مصابات بسرطان الثدي المتقدم تأثيرًا إيجابيًّا ليس فقط في نوعية الحياة بل في طول البقاء على قيد الحياة.
والآن يركز الباحثون على الكيفية التي يمكن بها للعلاقات الداعمة والمساعدة أن تُحسّن صحة المرضى. سواء افترض أن هذه العلاقات تؤثر في جهازي المناعة والغدد الصماء أو بافتراض أن أعضاء العائلة والأصدقاء وغيرهم ربما يمكنهم مساعدة المرضى على الالتزام بالمعالجة والتحول إلى غذاء أكثر نفعًا للصحة، واتباع الخطوات التي تساعدهم على تقبل الحياة، بل الاستمتاع بها.
العائلة هي أهم مصدر للدعم النفسي لمرضى السرطان عادة، إضافة إلى أن توفر الطبيب اللبيب الشفيق الذي يمكن الوصول إليه أمر لا يقدر بثمن، ويقدم الأصدقاء والمنظمات في المجتمع المستوى التالي من الدعم، كما تستطيع الجماعات الدينية ورجال الدين تقديم المساعدة.
وتساعد جماعات معاونة الذات Self-help والجماعات الخاصة بمرض السرطان التي يقودها المهنيون المحترفون، والتي أصبحت الآن شائعة في معظم المجتمعات؛ الأفراد على تخفيف الشعور بالوحدة ومشاطرة أحاسيسهم مع الآخرين الذين يتفهمونها (لأنهم يشعرون بها) وملاحظة كيف يتغلب الأشخاص المختلفون على المشكلات نفسها، كما يستطيع الأعضاء في هذه الجماعات تبادل المعلومات المتعلقة بالمعالجة والمستشفيات، ولا تصلح المعالجة الجماعية للجميع، فبعض الأفراد يرفضون مشاركة غيرهم في مشاعرهم الخاصة أو ينزعجون من سماع مشكلات الآخرين، وقد يؤثرون المعالجة النفسية الفردية في التعامل مع الأزمات المرتبطة بالمرض.
وفي المراحل المتقدمة من المرض تزداد كل من الأعراض البدنية والنفسية، ويجب أن يتحول اهتمام القائمين على العناية بالمرضى من المعالجة إلى المواساة، وفي هذه المراحل من المرض يُصبح المريض وذووه في أمس الحاجة إلى الدعم النفسي.
- وقد يكون من الصعب أن نصدق أنه ليس جميع الناجين من السرطان ينظرون إلى الجانب القاتم من تجربتهم مع هذا المرض، فقد روى بعضهم: "أعلم أن ذلك يبدو جنونًا، ولكني سعيد أنني مصاب بالسرطان، فقد غيرت التجربة حياتي نحو الأفضل".
وهكذا نرى أن المواجهة مع مرض خطير أحيانًا تقود بعض الناس إلى النضج العاطفي؛ ومن ثم محاولة تصحيح المشكلات القائمة منذ وقت طويل، أو استكشاف نواحٍ من الحياة لم يتمكنوا من التفرغ لها سابقًا.
وربما لا تزال هناك طرق للحد من التأثير النفسي المدمر بالنسبة للكثيرين ممن لم يبلغوا تلك الدرجة من التفاؤل بشأن تجربتهم.
لقد انتهت تلك الأيام التي كان يتعين على مرضى السرطان فيها أن يعانوا بمفردهم في صمت.
معًا نهزم السرطان
1- لا تقبل القول المأثور القديم "السرطان يعني الموت" فالكثير من السرطانات يمكن شفاؤها اليوم، ويمكن السيطرة على أنواع أخرى فترات طويلة قد تتوافر خلالها معالجات جديدة.
2- لا تعتقد بأنك أنت الذي سببت السرطان لنفسك، فليس هناك أي دليل يربط ظهور السرطانات بأنواع معينة من الشخصيات أو حالات عاطفية أو حوادث مؤلمة في الحياة.
3- اعتمد على الخطط البارعة التي ساعدتك سابقًا على حل المشكلات مثل جمع المعلومات والتحدث مع الآخرين وإيجاد الطرق التي تشعرك بحالة السيطرة والتحكم واطلب العون إن لم يُجْد ذلك نفعًا.
4- لا تشعر بالذنب إن لم تتمكن من المحافظة على موقف إيجابي طوال الوقت فسوف تمر بفترات من الاكتئاب مهما بلغت قدرتك على التغلب على المشكلات فالجأ إلى الله دائمًا.
5- لا يحرجنك طلب استشارة متخصص صحة نفسية فهذا دليل قوة لا دليل ضعف، وقد تساعدك الاستشارة على تحمل أعراضك ومعالجاتك بشكل أفضل.
6-اتبع كل الطرق التي تساعدك على استعادة السيطرة على انفعالاتك كالتأمل والاسترخاء.
7- ابحث عن الطبيب الذي تستطيع أن تناقش معه أسئلتك وتشعر معه بالثقة والاحترام المتبادل ويجب أن تلح في أن تكون شريكًا له في معالجتك، واسأل عن التأثيرات الجانبية المتوقعة، وكن مهيأ لها فغالبا ما يكون التعامل مع المشكلات أيسر لدى توقع حدوثها.
8- لا تبق المشكلات القلقة بالنسبة لك سرًا عن الشخص الأقرب إليك، واطلب من هذا الشخص مرافقتك في زياراتك للطبيب عندما تناقش طرق العلاج، فالأبحاث تظهر أنك غالبا لا تسمع أولا تستوعب المعلومات عندما تكون قلقًا، ووجود الشخص الثاني سيساعدك على تفسير ما قد قيل.
9- أعد اكتشاف ذاتك وتقرب إلى الله فقد يساعدك ذلك على إيجاد معنى لتجربة المرض الذي تمر به والخروج منها بمكاسب في الدنيا والآخرة.
منقول للفائدة