الدكتور أحمد باذيب
11-02-2006, 08:19 PM
اسم الكتاب: الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد
المؤلف: أ د. "يوسف القرضاوي"
دار النشر: دار الشروق
سنة النشر: 1423 هـ = 2002م
عدد الصفحات: 367
كتاب (الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد) للأستاذ "يوسف القرضاوي" هو خلاصة أكثر من خمسين عامًا من العمل الرشيد في مجال الدعوة الإسلامية، وخلاصة علم وتجارب ومعاناة العالم الجليل خلال هذه الفترة الطويلة، ويهدف هذا الكتاب إلى تنقية "الصحوة الإسلامية" من بعض الشوائب التي علقت بها خلال سيرتها، والتي كدرت بعض صفوها، وشوهت بعض قسماتها، وكادت أن تُغطي على بعض معالمها، وأساءت إلى سمعتها، ومن ثم رأى القرضاوي- ضرورة النهوض لعلاجها وتقويم إعوجاجها؛ فمارس البناء والنقد من داخل الصف الدعوي، ولم يلجأ إلى النقد الهدام، أو تجريح الآخرين، واتخاذ الأخطاء ذريعة لشن حملات لا هوادةَ فيها عليهم تحت ستار الإصلاح ويقع الكتاب في (367) صفحة، ويتكون من عشرة فصول حملت عنوان الخطأ أو المرض والعلاج في ذات الوقت، وهي كالتالي:
1- من الشكل والمظهر إلى الحقيقة والجوهر:
ويهدف هذا الفصل إلى تقويم خطأ بعض الناس في انصراف اهتمامهم بالإسلام إلى الشكل لا الجوهر، والصورة لا الحقيقة ظنًا منه بأنه أن ذلك هو الإسلام، وناقش مسألة الإيمان، وأكد أن الإيمان ليس حفظ الصفات ولا معناها، وليس دراسة العقيدة دراسةً جافة لا تُحيي ضميرًا، ولا تلمس في الإنسان وروحه وترًا؛ لأن الإيمان حسبما جاء في القرآن والسنة هو نور يُضيء في جنبات النفس، وقوة تهدي إلى الحق، وتحفز على الخير، ومصدر للسكينة وكذلك التقوى فليست المحافظة على رسوم العبادات وطقوسها الزاهرة، ولكنها تتجلى في القلب الذي هو أساس النجاة في الآخرة، كذلك ناقش اتباع القرآن الكريم بين الشكل والجوهر، وأكد أن الصحابة يتلقون الوحي ليسارعوا بتنفيذه وتطبيق أحكامه وليس لوضعه في تمائم على الأعناق والصدور، كما تعرض لمسألة اتباع السنة المطهرة بين الشكل والجوهر، ودعا إلى ضرورة المحافظة على جوهرها وليس شكلياتها الزاهرة فقط.
2- من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل:
وأكد "القرضاوي" أن من مظاهر المراهقة في الصحوة الإسلامية: التشدق بالكلام، وكثرة القيل والقال فيما لا يبني ولا يجدي على حساب العمل المنتج البناء، الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، ومن أعرض هذا المرض: التحدث عن أمجاد الماضي والكلام عن أخطاء الماضي ومآسيه، والكلام عن أخطاء الآخرين، والجدل العقيم، والخوض في الأغاليط، والثرثرة الفارغة، والقول المخالف للفعل، وانطلق من هذه الظاهرة المرضية إلى المطالبة بضرورة العمل والعطاء؛ لأن هذا هو ما يفرضه الإسلام، وخصوصًا في أوقات المحن والفتن، ودعا إلى ضرورة أن يكون العمل هو العمل الصالح المطلوب قال تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (الملك: 2)، وأن يكون هو العمل الحسن فلا تقدم النافلة على الفريضة ولا الفرع على الأصل، ومن ثم يجب أن نضع كل عمل في مرتبته التي وضعها الشرع، كذلك من الضروري العمل للدين والدنيا معًا فلا خصومة بين المسلم والدنيا، وألا يكون العمل السياسي هو الهم الأول للصحوة الإسلامية وتناول عدد من معوقات العمل المنشود ومنها عائق اليأس من جدوى العمل، وعائق المثالية الحالمة، وموضع ودور أحاديث الفتن وأشراط الساعة في الإسلام، ومسألة تجديد الدين.
3- من العاطفية والغوغائية إلى العقلانية والعلمية: وأشرنا في هذا الفصل إلى أهمية العاطفة للإنسان، إلا أن ما أنكره في هذا الجانب هو تغليب العاطفة على العقل، لذلك كان حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان"، ومن مظاهر العاطفية في الصحوة: تمجيد الذات، والإسراف في الحب والبغض، الاستغراق في الإحلام والاستعجال في قطف الثمرة، الاعتماد على حسن النية، دون تحري الصواب، وعرض "القرضاوي" لعدد من الخطوات لتحري الصواب ومنها ألا يأخذ ما يلقنه المسلم على أنه مُسلَّمة بل من الواجب أن يمتحن صحتها، وألا يقحم نفسه فيما لا يحسنه، ومن مظاهر العاطفية العجلة والارتجال، والتوكل دون أن يعقل الناقة، وإغفال السنن في الكون والمجتمع، واعتماد المبالغة، والسطحية في فهم القضايا ومعالجتها، ودعا إلى ضرورة العلمية والتخطيط وسيادة الروح العلمية، وسيادة العقلية العلمية لدى أبناء الصحوة، واستخدام لغة الأرقام والإحصاءات، والتخطيط للمستقبل، وإقرار منطق التجربة في الأمور الدنيوية.
4- من الفروع والذيول إلى الرؤوس والأصول:
وأكد في هذا الفصل أن دوائر العمل رحبة، ومراتبه متعددة، فأي عمل لابد أن يُبتدئ به أبناء الصحوة، ولذلك انطلق "القرضاوي" إلى تصحيح التصور أولاً حتى يجمع الوجدان والإرادة مع الفكر لتكوين السلوك المستقيم، وتناول مخاطر التركيز على الفروع والجزئيات، ومن ذلك أنها رؤية مخالفة للمنهج القرآني، وأن الجزئيات لا تكاد تتناهى، وأن دائمًا مظنة للخلاف ثم تناول أخطاء بعض المتدينين في فهمهم وفقههم للفرائض والسنن والنوافل.
5- من التعسير والتنفير إلى التيسير:أوجز ما تُوصف به رسالة الإسلام: أنها رحمة الله إلى خلقه، وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالتيسير في كل شيء فقال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" (متفق عليه)، فالتيسير هو ضد التعسير، ومعنى التعسير هو اتباع التصعيب والتضييق والتشدد والإحراج لعباد الله، وهو منافٍ للمنهج القرآني والنبوي، ومظاهر التيسير كثيرة وأهمها الوسطية ومراعاة جانب الرخص، وتقديم الأيسر على الأحوط، والتيسير فيما تعم به البلوى، وتغليب جانب الرحمة والعفو، والتبشير بمستقبل الإسلام.
6- من الجمود والتقليد إلى الاجتهاد والتجديد:
وانتقد "القرضاوي" في هذا الفصل المقلدين والجامدين وسيطرة هؤلاء على غالبية مؤسسات التعليم الديني في البلاد الإسلامية، ودحض دعوى العجز عن فهم النصوص بدون الأئمة، ودعوى انقطاع الاجتهاد بعد الأئمة، وعرض لبعض مظاهر الجمود في الأحزاب والحركات الإسلامية، وأشار إلى بعض التطورات المحمودة في حركة الإخوان المسلمين، ومنها موقفها من المرأة وقضاياها، ومسألة ترشيحها في المجالس النيابية.
7- من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق:
وتناول مفهوم التعصب ومظاهره التي تناولها القرآن الكريم، وتناول مسألة التسامح الديني، والحوار الإسلامي- المسيحي، وعلاقتنا بالغرب المسيحي، والتسامح الفكري، ومن دلائل التسامح النظر إلى القول لا إلى قائله، والاعتراف بالخطأ، والترحيب بنقد الآخرين، وممارسة النقد الذاتي، والتنازل عن بعض الآراء الجزئية لجمع الكلمة، والاستفادة مما عند الآخرين.
8- من الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال:الإسلام منهج وسط في كل المجالات، ومنهج متوازن معتدل في العقيدة والعبادة والأخلاق والتشريعات، ولذلك رفض الغول والتفريط، وتناول مفهوم "الغلو الديني" ومظاهره، وأشار إلى ملاحظتين هامتين هما، أن مقدار تدين المرء، وتدين المحيط الذي يعيش فيه من حيث القوة والضعف، له أثر كبير في الحكم على الآخرين، أما الملاحظة الثانية أنه ليس من الإنصاف اتهام إنسان بالتطرف في دينه لمجرد أنه اختار رأيًا من الآراء الفقهية المتشددة ما دام يعتقد أنه الأصوب والأرجح، ويرى أنه ملزم به شرعًا، ومن ثم ليس من حقنا أن نجبره على التنازل عن رأيه.
ومن مظاهر الغلو ودلائله: عدم الاعتراف بالرأي الآخر، وإلزام جمهور الناس بالعزائم والتشدد، والتشدد في غير محله، الغلظة والخشونة، السقوط في هوة التفكير، ودعا "القرضاوي" في هذا الفصل إلى مقاومة التفريط التسبب، ثم بين معالم تيار الوسطية في الصحوة الإسلامية، ومنها تبني التيسير والتبشير، الجمع بين السلفية والتجديد، لأن التجديد في حقيقته لا ينافي السلفية، بل يعني العودة بالدين إلى ما كان عليه يوم ظهوره لأول مرة من حيث المعالم والخصائص والمقومات، كذلك المصالحة بين السلفية والصوفية، والاعتدال بين الظاهرية والمؤولة، والموازنة بين الثوابت والمتغيرات، ومراعاة الواقع، وتبني الشورى، وانصاف المرأة، وإحياء الاجتهاد.
9- من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة:
فمنهج الدعوة الإسلامية يقوم على الرفق واللين والرحمة وليس على العنف والغلظة والشدة، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- دعا إلى الرفق وأنكر العنف فقال: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"، كما أن الإسلام هو دين الرحمة حتى في حالة الحرب.
وتناول مبررات بعض جماعات العنف في ممارسة العنف داخليًا وخارجيًا والفلسفة التي تستند إليها، والفتاوى التي تصدر عنها، وأكد أن العنف ظاهرة عالمية وليس إسلامية، ثم شرح أسباب العنف في العالم الإسلامي، وأكد أن حسن النية لا يبرر الأعمال الطائشة، وتعرض لبعض أحكام القتال في الإسلام، وتناول مفهومي الجهاد والقتال والفارق بينهما، وشروط تغيير المنكر.
10- من الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن:
وأكد أعظم ما يؤذي الصحوة الإسلامية ويضربها، ويعوق مسيرتها ويمكن أعداءها منها، أن تتناكر فصائلها وأجنحتها المختلفة، أن تتعادى ولا تتآخى، وأن تتفرق ولا تتجمع، وأن يتوجس بعضها من بعض، ويسيء بعضها الظن ببعض، بل يكيد بعضها لبعض، ويعمل كثير منهم لهدم إخوانه وبناء نفسه على أنقاضه.
ودعا إلى ضرورة وحدة الصف بين أبناء الصحوة الإسلامية، وتأصيل فقه الاختلاف، واحترام الرأي المخالف في الفروع، وأشار أن بعض السلف كان يترك السنن لتأليف القلوب.
منقول للفائدة والاطلاع
المؤلف: أ د. "يوسف القرضاوي"
دار النشر: دار الشروق
سنة النشر: 1423 هـ = 2002م
عدد الصفحات: 367
كتاب (الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد) للأستاذ "يوسف القرضاوي" هو خلاصة أكثر من خمسين عامًا من العمل الرشيد في مجال الدعوة الإسلامية، وخلاصة علم وتجارب ومعاناة العالم الجليل خلال هذه الفترة الطويلة، ويهدف هذا الكتاب إلى تنقية "الصحوة الإسلامية" من بعض الشوائب التي علقت بها خلال سيرتها، والتي كدرت بعض صفوها، وشوهت بعض قسماتها، وكادت أن تُغطي على بعض معالمها، وأساءت إلى سمعتها، ومن ثم رأى القرضاوي- ضرورة النهوض لعلاجها وتقويم إعوجاجها؛ فمارس البناء والنقد من داخل الصف الدعوي، ولم يلجأ إلى النقد الهدام، أو تجريح الآخرين، واتخاذ الأخطاء ذريعة لشن حملات لا هوادةَ فيها عليهم تحت ستار الإصلاح ويقع الكتاب في (367) صفحة، ويتكون من عشرة فصول حملت عنوان الخطأ أو المرض والعلاج في ذات الوقت، وهي كالتالي:
1- من الشكل والمظهر إلى الحقيقة والجوهر:
ويهدف هذا الفصل إلى تقويم خطأ بعض الناس في انصراف اهتمامهم بالإسلام إلى الشكل لا الجوهر، والصورة لا الحقيقة ظنًا منه بأنه أن ذلك هو الإسلام، وناقش مسألة الإيمان، وأكد أن الإيمان ليس حفظ الصفات ولا معناها، وليس دراسة العقيدة دراسةً جافة لا تُحيي ضميرًا، ولا تلمس في الإنسان وروحه وترًا؛ لأن الإيمان حسبما جاء في القرآن والسنة هو نور يُضيء في جنبات النفس، وقوة تهدي إلى الحق، وتحفز على الخير، ومصدر للسكينة وكذلك التقوى فليست المحافظة على رسوم العبادات وطقوسها الزاهرة، ولكنها تتجلى في القلب الذي هو أساس النجاة في الآخرة، كذلك ناقش اتباع القرآن الكريم بين الشكل والجوهر، وأكد أن الصحابة يتلقون الوحي ليسارعوا بتنفيذه وتطبيق أحكامه وليس لوضعه في تمائم على الأعناق والصدور، كما تعرض لمسألة اتباع السنة المطهرة بين الشكل والجوهر، ودعا إلى ضرورة المحافظة على جوهرها وليس شكلياتها الزاهرة فقط.
2- من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل:
وأكد "القرضاوي" أن من مظاهر المراهقة في الصحوة الإسلامية: التشدق بالكلام، وكثرة القيل والقال فيما لا يبني ولا يجدي على حساب العمل المنتج البناء، الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، ومن أعرض هذا المرض: التحدث عن أمجاد الماضي والكلام عن أخطاء الماضي ومآسيه، والكلام عن أخطاء الآخرين، والجدل العقيم، والخوض في الأغاليط، والثرثرة الفارغة، والقول المخالف للفعل، وانطلق من هذه الظاهرة المرضية إلى المطالبة بضرورة العمل والعطاء؛ لأن هذا هو ما يفرضه الإسلام، وخصوصًا في أوقات المحن والفتن، ودعا إلى ضرورة أن يكون العمل هو العمل الصالح المطلوب قال تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (الملك: 2)، وأن يكون هو العمل الحسن فلا تقدم النافلة على الفريضة ولا الفرع على الأصل، ومن ثم يجب أن نضع كل عمل في مرتبته التي وضعها الشرع، كذلك من الضروري العمل للدين والدنيا معًا فلا خصومة بين المسلم والدنيا، وألا يكون العمل السياسي هو الهم الأول للصحوة الإسلامية وتناول عدد من معوقات العمل المنشود ومنها عائق اليأس من جدوى العمل، وعائق المثالية الحالمة، وموضع ودور أحاديث الفتن وأشراط الساعة في الإسلام، ومسألة تجديد الدين.
3- من العاطفية والغوغائية إلى العقلانية والعلمية: وأشرنا في هذا الفصل إلى أهمية العاطفة للإنسان، إلا أن ما أنكره في هذا الجانب هو تغليب العاطفة على العقل، لذلك كان حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان"، ومن مظاهر العاطفية في الصحوة: تمجيد الذات، والإسراف في الحب والبغض، الاستغراق في الإحلام والاستعجال في قطف الثمرة، الاعتماد على حسن النية، دون تحري الصواب، وعرض "القرضاوي" لعدد من الخطوات لتحري الصواب ومنها ألا يأخذ ما يلقنه المسلم على أنه مُسلَّمة بل من الواجب أن يمتحن صحتها، وألا يقحم نفسه فيما لا يحسنه، ومن مظاهر العاطفية العجلة والارتجال، والتوكل دون أن يعقل الناقة، وإغفال السنن في الكون والمجتمع، واعتماد المبالغة، والسطحية في فهم القضايا ومعالجتها، ودعا إلى ضرورة العلمية والتخطيط وسيادة الروح العلمية، وسيادة العقلية العلمية لدى أبناء الصحوة، واستخدام لغة الأرقام والإحصاءات، والتخطيط للمستقبل، وإقرار منطق التجربة في الأمور الدنيوية.
4- من الفروع والذيول إلى الرؤوس والأصول:
وأكد في هذا الفصل أن دوائر العمل رحبة، ومراتبه متعددة، فأي عمل لابد أن يُبتدئ به أبناء الصحوة، ولذلك انطلق "القرضاوي" إلى تصحيح التصور أولاً حتى يجمع الوجدان والإرادة مع الفكر لتكوين السلوك المستقيم، وتناول مخاطر التركيز على الفروع والجزئيات، ومن ذلك أنها رؤية مخالفة للمنهج القرآني، وأن الجزئيات لا تكاد تتناهى، وأن دائمًا مظنة للخلاف ثم تناول أخطاء بعض المتدينين في فهمهم وفقههم للفرائض والسنن والنوافل.
5- من التعسير والتنفير إلى التيسير:أوجز ما تُوصف به رسالة الإسلام: أنها رحمة الله إلى خلقه، وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالتيسير في كل شيء فقال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" (متفق عليه)، فالتيسير هو ضد التعسير، ومعنى التعسير هو اتباع التصعيب والتضييق والتشدد والإحراج لعباد الله، وهو منافٍ للمنهج القرآني والنبوي، ومظاهر التيسير كثيرة وأهمها الوسطية ومراعاة جانب الرخص، وتقديم الأيسر على الأحوط، والتيسير فيما تعم به البلوى، وتغليب جانب الرحمة والعفو، والتبشير بمستقبل الإسلام.
6- من الجمود والتقليد إلى الاجتهاد والتجديد:
وانتقد "القرضاوي" في هذا الفصل المقلدين والجامدين وسيطرة هؤلاء على غالبية مؤسسات التعليم الديني في البلاد الإسلامية، ودحض دعوى العجز عن فهم النصوص بدون الأئمة، ودعوى انقطاع الاجتهاد بعد الأئمة، وعرض لبعض مظاهر الجمود في الأحزاب والحركات الإسلامية، وأشار إلى بعض التطورات المحمودة في حركة الإخوان المسلمين، ومنها موقفها من المرأة وقضاياها، ومسألة ترشيحها في المجالس النيابية.
7- من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق:
وتناول مفهوم التعصب ومظاهره التي تناولها القرآن الكريم، وتناول مسألة التسامح الديني، والحوار الإسلامي- المسيحي، وعلاقتنا بالغرب المسيحي، والتسامح الفكري، ومن دلائل التسامح النظر إلى القول لا إلى قائله، والاعتراف بالخطأ، والترحيب بنقد الآخرين، وممارسة النقد الذاتي، والتنازل عن بعض الآراء الجزئية لجمع الكلمة، والاستفادة مما عند الآخرين.
8- من الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال:الإسلام منهج وسط في كل المجالات، ومنهج متوازن معتدل في العقيدة والعبادة والأخلاق والتشريعات، ولذلك رفض الغول والتفريط، وتناول مفهوم "الغلو الديني" ومظاهره، وأشار إلى ملاحظتين هامتين هما، أن مقدار تدين المرء، وتدين المحيط الذي يعيش فيه من حيث القوة والضعف، له أثر كبير في الحكم على الآخرين، أما الملاحظة الثانية أنه ليس من الإنصاف اتهام إنسان بالتطرف في دينه لمجرد أنه اختار رأيًا من الآراء الفقهية المتشددة ما دام يعتقد أنه الأصوب والأرجح، ويرى أنه ملزم به شرعًا، ومن ثم ليس من حقنا أن نجبره على التنازل عن رأيه.
ومن مظاهر الغلو ودلائله: عدم الاعتراف بالرأي الآخر، وإلزام جمهور الناس بالعزائم والتشدد، والتشدد في غير محله، الغلظة والخشونة، السقوط في هوة التفكير، ودعا "القرضاوي" في هذا الفصل إلى مقاومة التفريط التسبب، ثم بين معالم تيار الوسطية في الصحوة الإسلامية، ومنها تبني التيسير والتبشير، الجمع بين السلفية والتجديد، لأن التجديد في حقيقته لا ينافي السلفية، بل يعني العودة بالدين إلى ما كان عليه يوم ظهوره لأول مرة من حيث المعالم والخصائص والمقومات، كذلك المصالحة بين السلفية والصوفية، والاعتدال بين الظاهرية والمؤولة، والموازنة بين الثوابت والمتغيرات، ومراعاة الواقع، وتبني الشورى، وانصاف المرأة، وإحياء الاجتهاد.
9- من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة:
فمنهج الدعوة الإسلامية يقوم على الرفق واللين والرحمة وليس على العنف والغلظة والشدة، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- دعا إلى الرفق وأنكر العنف فقال: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"، كما أن الإسلام هو دين الرحمة حتى في حالة الحرب.
وتناول مبررات بعض جماعات العنف في ممارسة العنف داخليًا وخارجيًا والفلسفة التي تستند إليها، والفتاوى التي تصدر عنها، وأكد أن العنف ظاهرة عالمية وليس إسلامية، ثم شرح أسباب العنف في العالم الإسلامي، وأكد أن حسن النية لا يبرر الأعمال الطائشة، وتعرض لبعض أحكام القتال في الإسلام، وتناول مفهومي الجهاد والقتال والفارق بينهما، وشروط تغيير المنكر.
10- من الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن:
وأكد أعظم ما يؤذي الصحوة الإسلامية ويضربها، ويعوق مسيرتها ويمكن أعداءها منها، أن تتناكر فصائلها وأجنحتها المختلفة، أن تتعادى ولا تتآخى، وأن تتفرق ولا تتجمع، وأن يتوجس بعضها من بعض، ويسيء بعضها الظن ببعض، بل يكيد بعضها لبعض، ويعمل كثير منهم لهدم إخوانه وبناء نفسه على أنقاضه.
ودعا إلى ضرورة وحدة الصف بين أبناء الصحوة الإسلامية، وتأصيل فقه الاختلاف، واحترام الرأي المخالف في الفروع، وأشار أن بعض السلف كان يترك السنن لتأليف القلوب.
منقول للفائدة والاطلاع