حد من الوادي
11-13-2006, 06:46 PM
دوافع الاستجابة الخليجية لتأهيل الاقتصاد اليمني
12/11/2006 م 03:14:17
خالد عبد الهادي
أعرب وزراء خارجية دول الخليج العربي عن استعداد دولهم للعمل على إنجاح مؤتمر المانحين لتوفير متطلبات التمويل اللازمة التي تحقق تأهيلاً تنموياً شاملاً لليمن حسب ما جاء في البيان الختامي لاجتماعهم مع وزير الخارجية اليمنية مطلع نوفمبر الجاري في صنعاء.
ورغم ما تضمنه البيان من تفاؤل دول مجلس التعاون بمؤتمر المانحين المقبل في قدرته على النهوض بالاقتصاد اليمني وتنميته إلاَّ أن الشكوك في تصرف الجانب اليمني بالمساعدات المتوقع حصوله عليها من المؤتمر برزت خلال الاجتماع الوزاري الخليجي اليمني، كما يبدو واضحاً من التركيز على «تحديد البرنامج الاستثماري والمشاريع التنموية التي سيتم عرضها على مؤتمر المانحين».
وشدد وزير المالية الكويتي الذي ناب عن وزير جارجيته على الأخذ في الاعتبار على القدرة الاستيعابية والفترة الزمنية قائلاً «لابد أن نتقدم ببرنامج واقعي قابل للتنفيذ».
ولم تقتصر شكوك الدول الخليجية على الأخذ بدراسات اللجنة الفنية المشتركة التي تحدد احتياجات اليمن التنموية والبرنامج الاستثماري وأوليات الخطة الخمسية التنموية الثالثة ، إذ كان خلافاً قطرياً سعودياً برز اثناء الاجتماع الوزاري المشترك حول آلية إدارة المساعدات التي ستخصص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في البلاد وفق خبر نشرته صحيفة «البيان» الإمارتية نقلاً عن مصادر دبلوماسية عربية في صنعاء كما ذكرت الصحيفة.
ومنشأ الخلاف أن الجانب السعودي كان يرى أن تُسند إدارة المساعدات إلى الصناديق الخليجية الثلاثة للتنمية؛ الكويتي، والسعودي وأبوظبي بينما اقترح الجانب القطري إنشاء صندوق خليجي خاص بالمساعدات التي ستقدم لليمن والاستعانة بشركة دولية تشرف على تنفيذ المشروعات التي ستنفق المساعدات عليها والتزمت قطر بتمويل الدراسات الخاصة بمقترحها.
لذلك جرى عقد اجتماع آخر السبت الماضي في مدينة جدة السعودية لوزراء المالية الخليجيين لبحث آلية تقديم المساعدات ومناقشة المقترح القطري.
عودة الدول الخليجية إلى إظهار اهتمامها بتحسين وضع الاقتصاد اليمني يثير عدة أسئلة حول مغزى هذا الاهتمام والالتفات إلى الحنين اليمني الرسمي إلى ولوج المجلس الخليجي ، فهل جاءت هذه اللفتة الخليجية تقديراً لأهمية اليمن الديمجرافية والجغرافية التي يذكَّر بها المسؤولون الرسميون اليمنيون كلما جاءوا على ذكر موضوع الانضمام إلى مجلس دول التعاون الخليجي.. أم أنها محاولة للتنصل من الإلحاح اليمني على الانضمام والتخلص من العبء الذي سيمثله على دول مجلس التعاون إن هي وافقت على انضمامه وبالتالي استغلال مؤتمر المانحين لمساعدتها في مهمة تأهيل اقتصاده. وثمة تقدير ثالث يذهب إلى أن مد الخليجيين يدهم مؤخراً إلى جارهم الفقير المثقل بأصناف الفساد إنما هو احتواء لتعطشه إلى نيل عضوية مجلس التعاون وترويض اندفاعه خشية أن يلقي بنفسه في أي تكتل سياسي أو اقتصادي آخر قد يكون عامل إزعاج لبلدان الخليج في يومٍ ما أو بالأحرى يخشى قادة الخليج أن يخطفه أي تكتل آخر أو حتى دولة ذات نفوذ واقتصاد كبير لتوظيفه ضد جيرانه خصوصاً مع تعاظم المد الإيراني واختراقه بلدان الخليج فكرياً وسياسياً من جهة ثم صفو العلاقات اليمنية الليبية مؤخراً في ظل الخلاف السعودي الليبي ، وتركزه في زعامة البلدين وتواتر التسريبات أو بالأدق الشائعات عن محاولة ليبية لتوظيف اليمن في أذية جارته الكبرى ؛ المملكة العربية السعودية.
يبدو أن التقديرين الثاني والثالث يمثلان الدافع الفعلي وراء استجابة الخليجيين لحاجة الاقتصاد اليمني إلى التأهيل حتى يلائم اقتصادات دول المجلس وهو ما يعني مرونة يمكن وصفها بالمفاجئة في التمهيد لاتمام عضوية اليمن في المجلس.
إضافة إلى تلك العوامل ، فإن العامل الأمني يبدو على قدر كبير من التأثير ويتبوأ أهمية خاصة في تقدير حكام الخليج استطاعت التأثير على مسار وزمن الرحلة اليمنية إلى المنظمة الخليجية وأنقذها من التجاهل الذي كانت تقابل به.
وقد انعكست هذه الرؤية الخليجية لأمن المنطقة وموقع اليمن منه في طلب دول مجلس التعاون إلى اليمن المشاركة في مناورة لقوات درع الجزيرة تنفذها نهاية العام الحالي.
ولعل انخراط اليمن في الحرب على الإرهاب على نطاق واسع -طوعاً وكرهاً- منذ تفجير المدمرة الأمريكية كول قبالة ساحل عدن في 2000م وتبادل المطلوبين أمنياً مع بعض دول الخليج أكسبه قبولاً عند الأخيرة عدَّل صورته القديمة التي لازمته خلال حرب الخليج الثانية وكانت تتنافر كلياً مع مزاج جيرانه.
والأمر هنا يبدو كما لو أنه رمزي ومعنوي في الأساس وهو كذلك، لكن له أيضاً تأثيرات عملية حقيقية واسعة هي الأهم . فإذا شارك اليمن في مناورات قوات درع الجزيرة فإن القوى الخليجية تكون قد نجحت فعلاً في تغيير شخصيته التسعينية المحافظة التي تضحي بمصالحها مقابل مبادىء هي آخر لفظة يمكن أن يستوعبها قاموس السياسة فضلاً عن أزمنة الأزمات والحروف.
ففي حين كانت مناطق اليمن تشتعل بالمظاهرات المؤيدة لنظام صدام حسين أثناء حرب الخليج الثانية، كانت قوات درع الجزيرة تقاتل القوات العراقية في الكويت ومشاركة اليمن في المناورة المقررة تعني إعلان براءته من تلك القناعات وخلع شخصية تلك الحقبة وهذا هو معنى الرمزية في مثل هذه الخطوة.
الجانب اليمني لا ينبغي له الاطمئنان إلى المرونة الخليجية النسبية مع طلبه القديم الجديد وتفسيرها بأنها ناتجة عن حاجة حقيقية إليه وبالتالي التراخي عن تنفيذ ما يُطلب إليه والركون إلى التخريجات العاطفية من قبيل تكرار الحديث عن عمقه الاستراتيجي ومخزونه البشري... لأن أصدقاءه في الخليج لن يتساهلوا في الأمر مهما روج لحسنات انضمامه إلى تكتلهم إذ هو يسوق لميزات غير ملموسة ولم يحسن استثمارها في وقت الحاجة الحقيقية إليها.
ثم إن الجميع يعلم أن انضمامه إلى المجلس -مهما بدت فوائده- لن يكون إلا عبئاً على نظرائه في المجالات التي يلهث جاهداً للاستفادة منها -وأبرزها الاقتصاد- ذلك أن البون شاسع والهوة سحيقة بين مستواه ومستوياتهم.
نقلا/ عن صحيفة الوسط
12/11/2006 م 03:14:17
خالد عبد الهادي
أعرب وزراء خارجية دول الخليج العربي عن استعداد دولهم للعمل على إنجاح مؤتمر المانحين لتوفير متطلبات التمويل اللازمة التي تحقق تأهيلاً تنموياً شاملاً لليمن حسب ما جاء في البيان الختامي لاجتماعهم مع وزير الخارجية اليمنية مطلع نوفمبر الجاري في صنعاء.
ورغم ما تضمنه البيان من تفاؤل دول مجلس التعاون بمؤتمر المانحين المقبل في قدرته على النهوض بالاقتصاد اليمني وتنميته إلاَّ أن الشكوك في تصرف الجانب اليمني بالمساعدات المتوقع حصوله عليها من المؤتمر برزت خلال الاجتماع الوزاري الخليجي اليمني، كما يبدو واضحاً من التركيز على «تحديد البرنامج الاستثماري والمشاريع التنموية التي سيتم عرضها على مؤتمر المانحين».
وشدد وزير المالية الكويتي الذي ناب عن وزير جارجيته على الأخذ في الاعتبار على القدرة الاستيعابية والفترة الزمنية قائلاً «لابد أن نتقدم ببرنامج واقعي قابل للتنفيذ».
ولم تقتصر شكوك الدول الخليجية على الأخذ بدراسات اللجنة الفنية المشتركة التي تحدد احتياجات اليمن التنموية والبرنامج الاستثماري وأوليات الخطة الخمسية التنموية الثالثة ، إذ كان خلافاً قطرياً سعودياً برز اثناء الاجتماع الوزاري المشترك حول آلية إدارة المساعدات التي ستخصص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في البلاد وفق خبر نشرته صحيفة «البيان» الإمارتية نقلاً عن مصادر دبلوماسية عربية في صنعاء كما ذكرت الصحيفة.
ومنشأ الخلاف أن الجانب السعودي كان يرى أن تُسند إدارة المساعدات إلى الصناديق الخليجية الثلاثة للتنمية؛ الكويتي، والسعودي وأبوظبي بينما اقترح الجانب القطري إنشاء صندوق خليجي خاص بالمساعدات التي ستقدم لليمن والاستعانة بشركة دولية تشرف على تنفيذ المشروعات التي ستنفق المساعدات عليها والتزمت قطر بتمويل الدراسات الخاصة بمقترحها.
لذلك جرى عقد اجتماع آخر السبت الماضي في مدينة جدة السعودية لوزراء المالية الخليجيين لبحث آلية تقديم المساعدات ومناقشة المقترح القطري.
عودة الدول الخليجية إلى إظهار اهتمامها بتحسين وضع الاقتصاد اليمني يثير عدة أسئلة حول مغزى هذا الاهتمام والالتفات إلى الحنين اليمني الرسمي إلى ولوج المجلس الخليجي ، فهل جاءت هذه اللفتة الخليجية تقديراً لأهمية اليمن الديمجرافية والجغرافية التي يذكَّر بها المسؤولون الرسميون اليمنيون كلما جاءوا على ذكر موضوع الانضمام إلى مجلس دول التعاون الخليجي.. أم أنها محاولة للتنصل من الإلحاح اليمني على الانضمام والتخلص من العبء الذي سيمثله على دول مجلس التعاون إن هي وافقت على انضمامه وبالتالي استغلال مؤتمر المانحين لمساعدتها في مهمة تأهيل اقتصاده. وثمة تقدير ثالث يذهب إلى أن مد الخليجيين يدهم مؤخراً إلى جارهم الفقير المثقل بأصناف الفساد إنما هو احتواء لتعطشه إلى نيل عضوية مجلس التعاون وترويض اندفاعه خشية أن يلقي بنفسه في أي تكتل سياسي أو اقتصادي آخر قد يكون عامل إزعاج لبلدان الخليج في يومٍ ما أو بالأحرى يخشى قادة الخليج أن يخطفه أي تكتل آخر أو حتى دولة ذات نفوذ واقتصاد كبير لتوظيفه ضد جيرانه خصوصاً مع تعاظم المد الإيراني واختراقه بلدان الخليج فكرياً وسياسياً من جهة ثم صفو العلاقات اليمنية الليبية مؤخراً في ظل الخلاف السعودي الليبي ، وتركزه في زعامة البلدين وتواتر التسريبات أو بالأدق الشائعات عن محاولة ليبية لتوظيف اليمن في أذية جارته الكبرى ؛ المملكة العربية السعودية.
يبدو أن التقديرين الثاني والثالث يمثلان الدافع الفعلي وراء استجابة الخليجيين لحاجة الاقتصاد اليمني إلى التأهيل حتى يلائم اقتصادات دول المجلس وهو ما يعني مرونة يمكن وصفها بالمفاجئة في التمهيد لاتمام عضوية اليمن في المجلس.
إضافة إلى تلك العوامل ، فإن العامل الأمني يبدو على قدر كبير من التأثير ويتبوأ أهمية خاصة في تقدير حكام الخليج استطاعت التأثير على مسار وزمن الرحلة اليمنية إلى المنظمة الخليجية وأنقذها من التجاهل الذي كانت تقابل به.
وقد انعكست هذه الرؤية الخليجية لأمن المنطقة وموقع اليمن منه في طلب دول مجلس التعاون إلى اليمن المشاركة في مناورة لقوات درع الجزيرة تنفذها نهاية العام الحالي.
ولعل انخراط اليمن في الحرب على الإرهاب على نطاق واسع -طوعاً وكرهاً- منذ تفجير المدمرة الأمريكية كول قبالة ساحل عدن في 2000م وتبادل المطلوبين أمنياً مع بعض دول الخليج أكسبه قبولاً عند الأخيرة عدَّل صورته القديمة التي لازمته خلال حرب الخليج الثانية وكانت تتنافر كلياً مع مزاج جيرانه.
والأمر هنا يبدو كما لو أنه رمزي ومعنوي في الأساس وهو كذلك، لكن له أيضاً تأثيرات عملية حقيقية واسعة هي الأهم . فإذا شارك اليمن في مناورات قوات درع الجزيرة فإن القوى الخليجية تكون قد نجحت فعلاً في تغيير شخصيته التسعينية المحافظة التي تضحي بمصالحها مقابل مبادىء هي آخر لفظة يمكن أن يستوعبها قاموس السياسة فضلاً عن أزمنة الأزمات والحروف.
ففي حين كانت مناطق اليمن تشتعل بالمظاهرات المؤيدة لنظام صدام حسين أثناء حرب الخليج الثانية، كانت قوات درع الجزيرة تقاتل القوات العراقية في الكويت ومشاركة اليمن في المناورة المقررة تعني إعلان براءته من تلك القناعات وخلع شخصية تلك الحقبة وهذا هو معنى الرمزية في مثل هذه الخطوة.
الجانب اليمني لا ينبغي له الاطمئنان إلى المرونة الخليجية النسبية مع طلبه القديم الجديد وتفسيرها بأنها ناتجة عن حاجة حقيقية إليه وبالتالي التراخي عن تنفيذ ما يُطلب إليه والركون إلى التخريجات العاطفية من قبيل تكرار الحديث عن عمقه الاستراتيجي ومخزونه البشري... لأن أصدقاءه في الخليج لن يتساهلوا في الأمر مهما روج لحسنات انضمامه إلى تكتلهم إذ هو يسوق لميزات غير ملموسة ولم يحسن استثمارها في وقت الحاجة الحقيقية إليها.
ثم إن الجميع يعلم أن انضمامه إلى المجلس -مهما بدت فوائده- لن يكون إلا عبئاً على نظرائه في المجالات التي يلهث جاهداً للاستفادة منها -وأبرزها الاقتصاد- ذلك أن البون شاسع والهوة سحيقة بين مستواه ومستوياتهم.
نقلا/ عن صحيفة الوسط