حد من الوادي
01-17-2007, 02:23 PM
16/01/2007
حق القات ومرتبات الجنود الغائبين.. مؤسسة النزاهة العالمية: مسئولون في الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية والقبيلة أحجار دومينو الفساد في اليمن
ناديه محمد – واشنطن، نيوزيمن::
هات حق القات.. هكذا استهلت مؤسسة "مؤشر النزاهة العالمية" تقريرها عن فاعلية حكم الحكومة اليمنية وقدرتها في مكافحة الفساد في تقريرها لسنة 2006 والذي تناولت فيه اليمن لأول مرة، قائلة أن هذه هي الجملة المشهورة والمعتاد سماعها داخل أروقة مؤسسات الحكومة اليمنية و المرافق التابعة لها، وهي بمثابة بروتوكول لطلب رشوة مقابل تسهيل أو القيام بخدمة شرعية أو غير شرعية لزبائنها الكرام.
معك حق القات.. الشجرة المدرجة في قائمة المخدرات العالمية (القات) هي الحافز الرئيسي لتفشي ظاهرة الفساد في اليمن والعامل المخل بسلطة وفاعلية القانون في بلد يقبع أكثر من 40 في المائة من سكانه تحت مستوى خط الفقر حسب إحصائيات مؤسسة النزاهة العالمية والبنك الدولي.
مؤسسة النزاهة العالمية – والتي يطلق عليها خبراء مكافحة الفساد بـ(عدوة الحكومات الفاسدة والكروش المنتفخة)-، هي منظمة مستقلة غير حكومية تتخذ من العاصمة الأميركية، واشنطن، مقرا دائما لها وتكمن مهمتها في تعقب فاعلية الحكم للحكومات وقدرتها في مكافحة الفساد في أكثر من 40 دولة، وقد صنفت الحكومة اليمنية بـ"الضعيفة جدا" فيما يخص فاعلية الحكم وقدرتها على مكافحة الفساد.
وقالت مؤسسة النزاهة العالمية أن الحكومة اليمنية سجلت النقطة (49) وصنفت في مربع الحكومات "الضعيفة جدا" بحسب مؤشر النزاهة العالمية.
مؤشر مؤسسة النزاهة العالمية في تقريره لسنة 2006، صنف الحكومة اليمنية في بند "الضعيفة جدا" في فئة الرقابة وسيطرة القانون مسجلة النقطة (46)، و "ضعيفة جدا" أيضا في فئة المجتمع المدني ووسائل الإعلام العامة مسجلة النقطة (41)، أما فئة المسؤولية الحكومية فقد سجلت الحكومة اليمنية النقطة (38) ووصمت بـ "ضعيفة جدا"، و (53) "ضعيفة جدا" فيما يخص فئة الإدارة والخدمة المدنية، و "ضعيفة جدا" في فئة مكافحة الفساد ودور القانون مسجلة النقطة (60).
وجاءت الحكومة اليمنية في المربع "ضعيف جدا" فيما يخص فئة الانتخابات والممارسة الديمقراطية، مسجلة النقطة (55) وذلك لأسباب تتعلق بالتمويلات والمحاباة السياسية للحزب الحاكم حسب ما أقرته مؤسسة النزاهة العالمية في تقاريرها ودراساتها.
واعتمدت مؤسسة النزاهة العالمية على الصحفي اليمني، وليد السقاف، رئيس تحرير سابق لصحيفة يمن تايمز المستقلة اليمنية الناطقة باللغة الإنجليزية، والذي وضع النتائج الأولية لتقييم الحكومة اليمنية بالتشاور مع متخصصين في دراسة فساد الحكومات والتي يعتمد فيها 290 مؤشر مصممة من قبل مؤسسة النزاهة العالمية، كما راجع السيد وليد السقاف لاحقا نتائج المؤشرات المقيمة للحكومة اليمنية بناء على تقييمات متخصصين ونقاد آخرون تتحفظ مؤسسة النزاهة العالمية على ذكر أسمائهم.
وتعتبر مؤسسة النزاهة العالمية هي المسئولة الوحيدة عن تجميع النقاط التي تحرزها الحكومات في ست فئات وتصنفها ضمن مستويات تتراوح بين حكومات ذات فاعلية حكم ومكافحة فساد "قوية جدا"، و "قوية"، و"متوسطة"، و"ضعيفة"، وحكومات "ضعيفة جدا".
وتقول مؤسسة النزاهة العالمية أنه لا يوجد في تقريرها لسنة 2006 دولة صُنفت كـ دولة ذات حكومة "قوية جدا".
لكن هناك حكومات دول صنفتها مؤسسة النزاهة العالمية بـ"القوية" وهي حكومات دولة إسرائيل ورومانيا وجنوب أفريقيا وحكومة الولايات المتحدة الأميركية.
أما الدول التي صنفت حكوماتها بـ"المتوسطة" في فاعلية الحكم ومكافحة الفساد فهي حكومات كل من الأرجنتين والبرازيل وبولجاريا وأثيوبيا وجورجيا وغانا والهند وكينيا ونيجيريا والفلبين وحكومة أوغندا.
حكومات "ضعيفة" شملت كل من جواتمالا وإندونيسيا وجمهورية الكيرجيز والمكسيك وموزامبيق ونيكاراجوا وباكستان وروسيا والسينيجال وصربيا وزيمبابوي.
واحتلت اليمن أسفل قائمة الحكومات "الضعيفة جدا" في فاعلية الحكم ومكافحة الفساد، حيث سبقتها كل من حكومة أرمينيا وأذربيجان وجمهورية الكونجو الديمقراطية وحكومة مصر ولبنان وليبريا ومونتينجرو والنيبال وحكومة السيراليون والسودان وطاجاكستان وتانزانيا وفيتنام وأخيرا حكومة الجمهورية اليمنية.
المؤسسة تجاوزت الحديث عن الإجراءات الحكومية الى الحديث عن "غضها الطرف" عن إجراءات فاسدة، وقالت "إذا استوقفك شرطي المرور بالقرب من إحدى إشارات المرور الضوئية وطلب منك "حق القات"، فشرطي المرور هذا يطلبك بكل أدب أن تعطيه رشوه مقابل عدم تحرير مخالفة مرورية ضدك.. لا تحاول أن تجادل شرطي المرور، فقط أعطية (500) ريال (ثلاثة دولارات) وتجنب تحقيقات طويلة مؤلمة مع العديد من ضباط وقادة إدارة المرور في اليمن.
وعلى خلاف كثير من دول العالم، فلا يوجد في اليمن معايير يمكن من خلالها تحديد كم القيمة المستحقة لـ "حق القات" مقابل تنفيذ خدمة ما. حيث تعتمد "حق القات" على أهمية العمل الذي سينفذه الطالب للرشوة، كما يعتمد أيضا على مزاجية الطالب للرشوة منك وأحيانا تتدخل عوامل كالقبيلة التي تنتمي إليها ونفوذك السياسي في تحديد رشوة "حق القات".
وبالطبع، إذا كان المواطن اليمني – حسب مؤسسة النزاهة العالمية – يريد تأمين قضيته وينجو بنفسه من دائرة المسئولين الحكوميين، فما عليه سوى إحضار حزمة من القات الطري والغالي والذي ربما يحل قضايا كثيرة قانونية أو مخالفة للقانون بالتعاون مع "المسئولين"الذين تصفهم مؤسسة النزاهة العالمية "بأحجار الدومينو"، في إشارة لتتالي حلقات الفساد.
ويشكل القات ثاني أكبر نفقات العائلة اليمنية، حيث يقضي القات على ثلث ميزانية العائلة. وتقول مؤسسة النزاهة العالمية أنه بحسب تقارير رسمية فإن الاقتصاد اليمني يخسر سنويا (250) مليار ريال (1.2 مليار دولار أميركي).
ومن ناحية ثانية، "حق القات" ساعد الكثير من أفراد الشعب اليمني على تجاوز محن اقتصادية يمرون بها – والكلام هنا هو لمؤسسة النزاهة العالمية على لسان أحد مراسليها المعتمدين من داخل اليمن – الشاب علي السامان – (الاسم الحقيقي تتحفظ عليه مؤسسة النزاهة العالمية نظرا للعواقب التي قد تلحق الأذى بالشخصية الحقيقة) - أنقذه "حق القات" من بطالة محتملة. ففي بلد مثل اليمن حيث تزيد معدلات البطالة عن 35 في المائة، عرف علي السامان الذي يحمل درجة أكاديمية عليا أنه من المستحيل الحصول على وظيفة تليق به في إحدى المؤسسات الحكومية. فبعد كفاح مرير استمر لشهور عديدة كغيره من الشباب اليمني، أُخبر علي السامان أن بإمكانه شراء وظيفة حكومية مدى العمر وذلك مقابل (150.000) ألف ريال (759 دولار أميركي). واستغل علي السامان الفرصة ودفع "حق القات" حيث يشغل اليوم وظيفة حكومية مرموقة في أحد أجهزة الدولة.
مؤسسة النزاهة العالمية وثقت قصص فساد عديدة ترتبط ارتباطا وثيقا ورئيسيا بتوفير "حق القات". ومن رواد تلك القصص، كاتب مالي يدعى أبو بكر – (الاسم الحقيقي تتحفظ عليه مؤسسة النزاهة العالمية نظرا للعواقب التي قد تلحق الأذى بالشخصية الحقيقة) - يعمل لصالح وحدة عسكرية يمنية. ونقلت مؤسسة النزاهة العالمية على لسان أبوبكر قوله :"لقد وهبني الله حياة رغدة منعمة بالكثير من الممتلكات والسيارات الفارهة". ويضيف مفتخرا أن رئيسه في العمل راضي عن مستوى أداءه الوطني. يقول أبو بكر أنه مسؤول عن صرف رواتب الجنود الغائبين في وحدته العسكرية ورواتب جنود وهميين وبأسماء وهمية.. فكل شهر، يقول أبو بكر، أورد ما يعادل 18 مليون ريال (91.100 ألف دولار) إلى رئيسي في العمل وأنا أخذ طبعا مكافئتي منها.
وبحسب مؤسسة النزاهة العالمية، فإن الفساد في الجيش اليمني يعد الأكبر من نوعه حيث يصل الدعم السنوي للجيش اليمني قرابة 200 مليار ريال، أي ما يعادل (مليار دولار أميركي)، ويرفض النظام اليمني أن يكشف تفاصيل تقارير النفقات العسكرية لأسباب تتعلق باختلاسات مالية كبيرة تعد تحدي كبير وجاد تواجهه السلطة.
شخص آخر توثقه المؤسسة في تقريرها الرسمي عن اليمن باسم "عبدالله" والذي يتحفظ عن ذكر اسمه الكامل حسب ما تقوله المؤسسة العالمية، حيث يكشف عبدالله تفاصيل عمله في الجيش اليمني. يقول عبدالله أنه يعمل برتبة ضابط في الجيش ويتمتع بمصادر مالية عالية من الميزانية المالية العسكرية.. فعند وصول دفعة جديدة من السيارات إلى المعسكر تحت أسماء جنود "وهميين"، فإن معظم تلك السيارات تذهب مباشرة إلى كبار المسئولين العسكريين، في حين يتم بيع بعض من تلك السيارات في السوق السوداء.
يقول عبدالله أنه :"يحصل على مكافئة كبيرة من بيع السيارات الحكومية لصالح مرؤوسيه". مضيفا إلى أنه يتمتع أيضا بصرف يومي من مادتي البنزين والديزل.
أما مصلحتي الضرائب والجمارك في اليمن فقد أصبح الفساد فيهما يشبه ظاهرة الجراد المستشري الذي يأكل الأخضر واليابس، ولم يعد الأمر غريب حتى على الأجنبي الزائر للعربية السعيدة، اليمن.
الجدير ذكره أن مؤسسة الشفافية الدولية في تقريها الأخير لسنة 2006 قد وضعت اليمن في أسفل قائمة مؤشر الفساد من بين كل الدول العربية. ولكن السخرية – حسب مؤسسة النزاهة العالمية – أن هناك العديد من قضايا الفساد الموثقة والتي يمكن من خلالها مقاضاة مسئولين ونافذين كبار في الحكومة اليمنية
حق القات ومرتبات الجنود الغائبين.. مؤسسة النزاهة العالمية: مسئولون في الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية والقبيلة أحجار دومينو الفساد في اليمن
ناديه محمد – واشنطن، نيوزيمن::
هات حق القات.. هكذا استهلت مؤسسة "مؤشر النزاهة العالمية" تقريرها عن فاعلية حكم الحكومة اليمنية وقدرتها في مكافحة الفساد في تقريرها لسنة 2006 والذي تناولت فيه اليمن لأول مرة، قائلة أن هذه هي الجملة المشهورة والمعتاد سماعها داخل أروقة مؤسسات الحكومة اليمنية و المرافق التابعة لها، وهي بمثابة بروتوكول لطلب رشوة مقابل تسهيل أو القيام بخدمة شرعية أو غير شرعية لزبائنها الكرام.
معك حق القات.. الشجرة المدرجة في قائمة المخدرات العالمية (القات) هي الحافز الرئيسي لتفشي ظاهرة الفساد في اليمن والعامل المخل بسلطة وفاعلية القانون في بلد يقبع أكثر من 40 في المائة من سكانه تحت مستوى خط الفقر حسب إحصائيات مؤسسة النزاهة العالمية والبنك الدولي.
مؤسسة النزاهة العالمية – والتي يطلق عليها خبراء مكافحة الفساد بـ(عدوة الحكومات الفاسدة والكروش المنتفخة)-، هي منظمة مستقلة غير حكومية تتخذ من العاصمة الأميركية، واشنطن، مقرا دائما لها وتكمن مهمتها في تعقب فاعلية الحكم للحكومات وقدرتها في مكافحة الفساد في أكثر من 40 دولة، وقد صنفت الحكومة اليمنية بـ"الضعيفة جدا" فيما يخص فاعلية الحكم وقدرتها على مكافحة الفساد.
وقالت مؤسسة النزاهة العالمية أن الحكومة اليمنية سجلت النقطة (49) وصنفت في مربع الحكومات "الضعيفة جدا" بحسب مؤشر النزاهة العالمية.
مؤشر مؤسسة النزاهة العالمية في تقريره لسنة 2006، صنف الحكومة اليمنية في بند "الضعيفة جدا" في فئة الرقابة وسيطرة القانون مسجلة النقطة (46)، و "ضعيفة جدا" أيضا في فئة المجتمع المدني ووسائل الإعلام العامة مسجلة النقطة (41)، أما فئة المسؤولية الحكومية فقد سجلت الحكومة اليمنية النقطة (38) ووصمت بـ "ضعيفة جدا"، و (53) "ضعيفة جدا" فيما يخص فئة الإدارة والخدمة المدنية، و "ضعيفة جدا" في فئة مكافحة الفساد ودور القانون مسجلة النقطة (60).
وجاءت الحكومة اليمنية في المربع "ضعيف جدا" فيما يخص فئة الانتخابات والممارسة الديمقراطية، مسجلة النقطة (55) وذلك لأسباب تتعلق بالتمويلات والمحاباة السياسية للحزب الحاكم حسب ما أقرته مؤسسة النزاهة العالمية في تقاريرها ودراساتها.
واعتمدت مؤسسة النزاهة العالمية على الصحفي اليمني، وليد السقاف، رئيس تحرير سابق لصحيفة يمن تايمز المستقلة اليمنية الناطقة باللغة الإنجليزية، والذي وضع النتائج الأولية لتقييم الحكومة اليمنية بالتشاور مع متخصصين في دراسة فساد الحكومات والتي يعتمد فيها 290 مؤشر مصممة من قبل مؤسسة النزاهة العالمية، كما راجع السيد وليد السقاف لاحقا نتائج المؤشرات المقيمة للحكومة اليمنية بناء على تقييمات متخصصين ونقاد آخرون تتحفظ مؤسسة النزاهة العالمية على ذكر أسمائهم.
وتعتبر مؤسسة النزاهة العالمية هي المسئولة الوحيدة عن تجميع النقاط التي تحرزها الحكومات في ست فئات وتصنفها ضمن مستويات تتراوح بين حكومات ذات فاعلية حكم ومكافحة فساد "قوية جدا"، و "قوية"، و"متوسطة"، و"ضعيفة"، وحكومات "ضعيفة جدا".
وتقول مؤسسة النزاهة العالمية أنه لا يوجد في تقريرها لسنة 2006 دولة صُنفت كـ دولة ذات حكومة "قوية جدا".
لكن هناك حكومات دول صنفتها مؤسسة النزاهة العالمية بـ"القوية" وهي حكومات دولة إسرائيل ورومانيا وجنوب أفريقيا وحكومة الولايات المتحدة الأميركية.
أما الدول التي صنفت حكوماتها بـ"المتوسطة" في فاعلية الحكم ومكافحة الفساد فهي حكومات كل من الأرجنتين والبرازيل وبولجاريا وأثيوبيا وجورجيا وغانا والهند وكينيا ونيجيريا والفلبين وحكومة أوغندا.
حكومات "ضعيفة" شملت كل من جواتمالا وإندونيسيا وجمهورية الكيرجيز والمكسيك وموزامبيق ونيكاراجوا وباكستان وروسيا والسينيجال وصربيا وزيمبابوي.
واحتلت اليمن أسفل قائمة الحكومات "الضعيفة جدا" في فاعلية الحكم ومكافحة الفساد، حيث سبقتها كل من حكومة أرمينيا وأذربيجان وجمهورية الكونجو الديمقراطية وحكومة مصر ولبنان وليبريا ومونتينجرو والنيبال وحكومة السيراليون والسودان وطاجاكستان وتانزانيا وفيتنام وأخيرا حكومة الجمهورية اليمنية.
المؤسسة تجاوزت الحديث عن الإجراءات الحكومية الى الحديث عن "غضها الطرف" عن إجراءات فاسدة، وقالت "إذا استوقفك شرطي المرور بالقرب من إحدى إشارات المرور الضوئية وطلب منك "حق القات"، فشرطي المرور هذا يطلبك بكل أدب أن تعطيه رشوه مقابل عدم تحرير مخالفة مرورية ضدك.. لا تحاول أن تجادل شرطي المرور، فقط أعطية (500) ريال (ثلاثة دولارات) وتجنب تحقيقات طويلة مؤلمة مع العديد من ضباط وقادة إدارة المرور في اليمن.
وعلى خلاف كثير من دول العالم، فلا يوجد في اليمن معايير يمكن من خلالها تحديد كم القيمة المستحقة لـ "حق القات" مقابل تنفيذ خدمة ما. حيث تعتمد "حق القات" على أهمية العمل الذي سينفذه الطالب للرشوة، كما يعتمد أيضا على مزاجية الطالب للرشوة منك وأحيانا تتدخل عوامل كالقبيلة التي تنتمي إليها ونفوذك السياسي في تحديد رشوة "حق القات".
وبالطبع، إذا كان المواطن اليمني – حسب مؤسسة النزاهة العالمية – يريد تأمين قضيته وينجو بنفسه من دائرة المسئولين الحكوميين، فما عليه سوى إحضار حزمة من القات الطري والغالي والذي ربما يحل قضايا كثيرة قانونية أو مخالفة للقانون بالتعاون مع "المسئولين"الذين تصفهم مؤسسة النزاهة العالمية "بأحجار الدومينو"، في إشارة لتتالي حلقات الفساد.
ويشكل القات ثاني أكبر نفقات العائلة اليمنية، حيث يقضي القات على ثلث ميزانية العائلة. وتقول مؤسسة النزاهة العالمية أنه بحسب تقارير رسمية فإن الاقتصاد اليمني يخسر سنويا (250) مليار ريال (1.2 مليار دولار أميركي).
ومن ناحية ثانية، "حق القات" ساعد الكثير من أفراد الشعب اليمني على تجاوز محن اقتصادية يمرون بها – والكلام هنا هو لمؤسسة النزاهة العالمية على لسان أحد مراسليها المعتمدين من داخل اليمن – الشاب علي السامان – (الاسم الحقيقي تتحفظ عليه مؤسسة النزاهة العالمية نظرا للعواقب التي قد تلحق الأذى بالشخصية الحقيقة) - أنقذه "حق القات" من بطالة محتملة. ففي بلد مثل اليمن حيث تزيد معدلات البطالة عن 35 في المائة، عرف علي السامان الذي يحمل درجة أكاديمية عليا أنه من المستحيل الحصول على وظيفة تليق به في إحدى المؤسسات الحكومية. فبعد كفاح مرير استمر لشهور عديدة كغيره من الشباب اليمني، أُخبر علي السامان أن بإمكانه شراء وظيفة حكومية مدى العمر وذلك مقابل (150.000) ألف ريال (759 دولار أميركي). واستغل علي السامان الفرصة ودفع "حق القات" حيث يشغل اليوم وظيفة حكومية مرموقة في أحد أجهزة الدولة.
مؤسسة النزاهة العالمية وثقت قصص فساد عديدة ترتبط ارتباطا وثيقا ورئيسيا بتوفير "حق القات". ومن رواد تلك القصص، كاتب مالي يدعى أبو بكر – (الاسم الحقيقي تتحفظ عليه مؤسسة النزاهة العالمية نظرا للعواقب التي قد تلحق الأذى بالشخصية الحقيقة) - يعمل لصالح وحدة عسكرية يمنية. ونقلت مؤسسة النزاهة العالمية على لسان أبوبكر قوله :"لقد وهبني الله حياة رغدة منعمة بالكثير من الممتلكات والسيارات الفارهة". ويضيف مفتخرا أن رئيسه في العمل راضي عن مستوى أداءه الوطني. يقول أبو بكر أنه مسؤول عن صرف رواتب الجنود الغائبين في وحدته العسكرية ورواتب جنود وهميين وبأسماء وهمية.. فكل شهر، يقول أبو بكر، أورد ما يعادل 18 مليون ريال (91.100 ألف دولار) إلى رئيسي في العمل وأنا أخذ طبعا مكافئتي منها.
وبحسب مؤسسة النزاهة العالمية، فإن الفساد في الجيش اليمني يعد الأكبر من نوعه حيث يصل الدعم السنوي للجيش اليمني قرابة 200 مليار ريال، أي ما يعادل (مليار دولار أميركي)، ويرفض النظام اليمني أن يكشف تفاصيل تقارير النفقات العسكرية لأسباب تتعلق باختلاسات مالية كبيرة تعد تحدي كبير وجاد تواجهه السلطة.
شخص آخر توثقه المؤسسة في تقريرها الرسمي عن اليمن باسم "عبدالله" والذي يتحفظ عن ذكر اسمه الكامل حسب ما تقوله المؤسسة العالمية، حيث يكشف عبدالله تفاصيل عمله في الجيش اليمني. يقول عبدالله أنه يعمل برتبة ضابط في الجيش ويتمتع بمصادر مالية عالية من الميزانية المالية العسكرية.. فعند وصول دفعة جديدة من السيارات إلى المعسكر تحت أسماء جنود "وهميين"، فإن معظم تلك السيارات تذهب مباشرة إلى كبار المسئولين العسكريين، في حين يتم بيع بعض من تلك السيارات في السوق السوداء.
يقول عبدالله أنه :"يحصل على مكافئة كبيرة من بيع السيارات الحكومية لصالح مرؤوسيه". مضيفا إلى أنه يتمتع أيضا بصرف يومي من مادتي البنزين والديزل.
أما مصلحتي الضرائب والجمارك في اليمن فقد أصبح الفساد فيهما يشبه ظاهرة الجراد المستشري الذي يأكل الأخضر واليابس، ولم يعد الأمر غريب حتى على الأجنبي الزائر للعربية السعيدة، اليمن.
الجدير ذكره أن مؤسسة الشفافية الدولية في تقريها الأخير لسنة 2006 قد وضعت اليمن في أسفل قائمة مؤشر الفساد من بين كل الدول العربية. ولكن السخرية – حسب مؤسسة النزاهة العالمية – أن هناك العديد من قضايا الفساد الموثقة والتي يمكن من خلالها مقاضاة مسئولين ونافذين كبار في الحكومة اليمنية