حد من الوادي
01-22-2007, 08:51 PM
صالح والإخوان المسلمين : سقوط الاستراتيجية ونهاية العلاقة
بتاريخ 22 / 01 / 2007
الموضوع: العين الثالثة
خاص ـ عقيل الحـلالي : أثبتت الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي شهدتها اليمن في سبتمبر الماضي سقوط الاستراتيجية التي كان يتباهى بها رموز جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والتي مفادها أن علاقتهم بالرئيس صالح " خط أحمر " لا يمكن للطرفين تجاوزه, وخصوصا بعد أن أعلن الرئيس صالح في حوار مثير مع قناة الجزيرة قبيل إجراء الانتخابات بأيام بأنهم مجرد " كرت " استخدمه في فترة سابقة من الزمن
تعتبر الانتخابات الرئاسية والمحلية الماضية هي "الأسخن" في تاريخ الانتخابات اليمنية وذلك بعد أن غيًرت أحزاب المعارضة خياراتها بالكامل, فحزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" لم يعد مرغوبا في نظر جزء غير قليل من الشارع اليمني والرئيس علي عبدالله صالح لم يعد مرشح الجميع .
ولعًل حزب التجمع اليمني للإصلاح, الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأكبر أحزاب المعارضة , هو الذي ساهم بشكل كبير في رسم هذه الصورة "الساخنة" للمشهد السياسي المحلي بعد أن أعلن غير مرة عن طريق قياداته البارزة بأنه لن يتخذ بشكل مطلق أي قرارات منفردة وأنه جزء لن يتجزأ من أحزاب اللقاء المشترك المعارض التي تضم كل من الإصلاح , الحزب الاشتراكي اليمني , التنظيم الوحدوي الناصري , اتحاد القوى الشعبية وحزب البعث الاشتراكي العربي .
يعد موقف جماعة الإخوان من الانتخابات الرئاسية الماضية وبالأخص ترشيح الرئيس صالح مخالفا تماما لموقفها السابق في انتخابات صيف 1999م , حيث لا يمكن أن ننسى المقولة الشهيرة لأمين عام الإصلاح محمد عبدالله اليدومي لإحدى الصحف الخليجية عام 1998م ردا على سؤال حول هوية مرشح الإصلاح الرئاسي " مرشحنا في الانتخابات الرئاسية علي عبدالله صالح ولا ندري من هو مرشح المؤتمر ".
الأمين العام المساعد للإصلاح عبدالوهاب الآنسي أكد في مقابلة مع مجلة الشروق الإماراتية في أغسطس 2006م , أي قبيل الانتخابات الرئاسية بأقل من شهر , بأن حزبه لن يرشح الرئيس صالح في الانتخابات المقبلة .
وقال الآنسي إن هناك إرادة شعبية متنامية للتغيير المعادلة السياسية في اليمن , مؤكدا أن هدف حزبه من خوض الانتخابات هو الفوز ولا شي غيره.
الآنسي أكد في كلماته القليلة تغير واختلاف استراتيجية الإخوان المسلمين تجاه الرئيس علي عبدالله صالح والتي كان قيادات الإخوان يعتبرونها "متميزة" و "خط أحمر لا يمكن تجاوزه" وحتى لو ساءت العلاقة مع حزب الرئيس "المؤتمر" وارتفعت الأصوات وبلغت القلوب الحناجر فإن التعامل مع صالح سيظل كما قال رئيس الدائرة السياسية للإصلاح محمد قحطان في حوار مع مجلة (نوافذ) اليمنية نشرته في سبتمبر 2000م " تعامل وطني ومميز وهو شئ نفخر به ". وقال قحطان " لاشك أن موقع الرئاسة عمليا ودستوريا يختلف عن موقع الحزب "المؤتمر" ونحن في بلاد كاليمن ومن خلال الأوضاع التي نعرفها جميعا والتي يمكن القول عنها أن الدول اليمنية الحديثة مازالت في طور التخلق , وفي ظل هذا الوضع نعتقد أن تتعامل الأطراف السياسية مع مؤسسة الرئاسة بشكل مختلف أعني بشكل إيجابي , مؤسسة الرئاسة ينبغي أن تتعامل مع مختلف الأطراف السياسية بشكل إيجابي باعتبار أن هذا الأمر مصلحة وطنية وتتجاوز الاعتبارات الحزبية ".
فماذا حصل في دهاليز دار الرئاسة وغرف الإخوان المغلقة ؟!! وهل أصبحت الدولة اليمنية "مولودا " بعد أن كانت في نظر قحطان جنينا "في طور التخلق" , وهل عدم ترشيح الإخوان لصالح يعتبر مصلحة وطنية ولابد من الأخذ بالاعتبارات الحزبية ؟!
أم أن أبجديات العمل السياسي "صديق الأمس عدو اليوم , وصديق اليوم عدو الغد" تقضي بذلك , فبعد أن كان المؤتمر والإصلاح وجهان لعملة واحدة في نظر الكثير من اليمنيين , وكانت علاقة الإخوان مع صالح "استراتيجية ومتميزة" في نظر الكثير من المراقبين , يقف الإصلاح ضد الرئيس صالح في خندق واحد مع الحزب الاشتراكي الذي كان "ملحدا" في نظر الكثير من الإصلاحيين !! .
في السطور القادمة نستذكر العلاقة التاريخية بين الإخوان وصالح ونحاول الوقوف على المتغيرات التي جعلت من الإخوان الحليف الاستراتيجي لصالح مجرد "كرت" انتهت فترة صلاحيته كمال قال الرئيس صالح في مقابلة مع قناة الجزيرة قبيل انتخابات صيف 2006م .
الإخوان المسلمين .. من الثورة إلى صالح :
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م عاد الشباب اليمني الذي كان يدرس في مصر بمختلف مشاربه الفكرية للمشاركة في بناء الجمهورية الوليدة , إلا أن الاختلافات الفكرية والسياسية السائدة آنذاك بين الضباط الأحرار والقيادة السياسية الجديدة للدولة والشخصيات الاجتماعية والطلاب بالإضافة إلى الحرب المسلحة بين الجمهوريين والملكيين , ساهمت في تأجيج الصراعات الداخلية وظهور التيارات الفكرية التي كان كل تيار منها يحاول السيطرة على دفة القيادة وإضفاء نكهته على المعطيات الجديدة للثورة اليمنية مما أسفر عن أجواء مرتبكة سادها التوتر والحذر وسوء الظن , الأمر الذي استلزم عقد مؤتمر الجند عام 1966م لتنقية هذه الأجواء بين الصف الجمهوري الواحد , وقد حضر هذا المؤتمر المشائخ والأعيان والمسؤولون وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال .
وقد شارك الإخوان المسلمين في هذا المؤتمر " وكانوا قلة قليلة " من خلال عبده محمد المخلافي المرشد الأول لجماعة الإخوان التي كانت قد بدأت في العام 1965م في مشروعين اثنين , أولهما نشر فكرة الجماعة في أوساط المجتمع وتوسيع القاعدة التنظيمية لهم حيث كان عدد أعضاء الجماعة في ذلك الوقت لا يتجاوز عدد أصابع اليدين , أما المشروع الثاني فكان "أسلمة الثورة" من خلال محاربة التيارات التي وصفها عبدالملك الشيباني في كتابه (عبده محمد المخلافي شهيد القرآن ) بالتيارات الإلحادية التي كانت تستهدف إنكار وجود الله تعالى وسب الدعاة إلى الله وتشويهم صورتهم وسمعتهم .
واصلت جماعة الإخوان أنشطتها الدعوية والاجتماعية خلال الجمهوريتين الأولى والثانية , إلا أن وصول العقيد إبراهيم الحمدي إلى سدة الحكم في يونيو 1974م مع مشروعه التصحيحي كان فرصة ذهبية للإخوان , خاصة أن الحمدي اختارهم في البداية لينشر من خلالهم صيته للجماهير اليمنية وليثًبت دعائم دولته التي لم يجد المشائخ والقبائل مكانا لهم فيها.
ويشير د . عبدالولي الشميري في كتابه (ألف ساعة حرب) إلى أن الرئيس الحمدي وطَد علاقته بالعلماء وأصحاب المنابر والأقلام ورفع شعار الحفاظ على الدين , فأنشأ مكتبا للتوجيه والإرشاد الإسلامي وجعل على رأسه الشيخ عبدالمجيد الزنداني كما أسس الهيئة العلمية اليمنية التي كان هيكلها الإداري من تنظيم جماعة الإخوان بنسبة 100% .
ويضيف الشميري بأن الإخوان خيبوا آمال الحمدي في القيام بالدور الإعلامي اللازم من خلال الإشادة بشخصه وبسياسته التي أغضبت مراكز النفوذ الاجتماعي والقبلي والمتمثلة في إلغاء مجلس الشورى وتعليق الدستور الدائم للبلاد وعزل الشخصيات الاجتماعية الكبيرة ذات النفوذ القبلي والعسكري .
عجز الرئيس إبراهيم الحمدي في احتواء جماعة الإخوان المسلمين كما عجزت الجماعة في احتوائه , لهذا بحث عن تيار آخر فلم يجد غير الناصريين الذين وجدوا أنفسهم بين عيشة وضحاها على بوابة القصر الجمهوري .
في أكتوبر 1977م لقي الرئيس الحمدي مع أخيه عبدالله مصرعهما في ظروف غامضة وقبل يوم واحد من السفر إلى عدن لترتيب أوضاع الوحدة بين شطري اليمن , وأُعلن في صنعاء عن اختيار المقدم أحمد حسين الغشمي رئيسا للبلاد لفترة لم تتجاوز التسعة الأشهر إذ لقي مصرعه في تفجير انتحاري بمكتبه في 24 يونيو 1978م .
صالح والإخوان في خندق واحد ضد الماركسية :
تسلم الرائد علي عبدالله صالح قائد لواء تعز مقاليد الحكم في البلاد في 17 يوليو 1978م , وكان صالح أحد الشخصيات العسكرية البارزة في محاربة المد الماركسي القادم من جنوب البلاد , لهذا فقد أنشأ الرئيس الجديد تحالفا مع حركة الإخوان المسلمين التي كانت تسعى بدورها للتصدي للأيدلوجية الماركسية التي كانت السبب الرئيسي لإنشاء تحالف استراتيجي بين علي عبدالله صالح وجماعة الإخوان المسلمين استمر لما يقرب من ربع قرن ولم يسقط إلا بسقوط برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في سبتمبر 2001م .
في مطلع الثمانينيات خاض الرئيس علي عبدالله صالح بالتحالف مع الإخوان المسلمين مواجهات عسكرية ضارية ضد المعارضة الماركسية المسلحة، وحقق نجاحًا ملموسًا أسهم في إنقاذ النظام الحاكم، الذي كان يعاني حالة ضعف شديدة آنذاك.
وقد سعى الرئيس صالح إلى توحيد الساحة السياسية في الشمال والتي كانت تعاني من تعدد الجماعات السياسية والفكرية والتي كانت تعمل " تحت الطاولة " , فأصدر في عام 1981 قرارا بتشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة المناضل حسين المقدمي, وقد شكل الإخوان المسلمين 25 % من أعضاء الجنة .
قامت اللجنة بصياغة الميثاق الوطني الذي خرج بصيغة وافق عليها الإخوان خاصة وأن القيادي البارز والسابق عبدالملك منصور كان له بصمات واضحة في الصياغة .
يتبع
بتاريخ 22 / 01 / 2007
الموضوع: العين الثالثة
خاص ـ عقيل الحـلالي : أثبتت الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي شهدتها اليمن في سبتمبر الماضي سقوط الاستراتيجية التي كان يتباهى بها رموز جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والتي مفادها أن علاقتهم بالرئيس صالح " خط أحمر " لا يمكن للطرفين تجاوزه, وخصوصا بعد أن أعلن الرئيس صالح في حوار مثير مع قناة الجزيرة قبيل إجراء الانتخابات بأيام بأنهم مجرد " كرت " استخدمه في فترة سابقة من الزمن
تعتبر الانتخابات الرئاسية والمحلية الماضية هي "الأسخن" في تاريخ الانتخابات اليمنية وذلك بعد أن غيًرت أحزاب المعارضة خياراتها بالكامل, فحزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" لم يعد مرغوبا في نظر جزء غير قليل من الشارع اليمني والرئيس علي عبدالله صالح لم يعد مرشح الجميع .
ولعًل حزب التجمع اليمني للإصلاح, الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأكبر أحزاب المعارضة , هو الذي ساهم بشكل كبير في رسم هذه الصورة "الساخنة" للمشهد السياسي المحلي بعد أن أعلن غير مرة عن طريق قياداته البارزة بأنه لن يتخذ بشكل مطلق أي قرارات منفردة وأنه جزء لن يتجزأ من أحزاب اللقاء المشترك المعارض التي تضم كل من الإصلاح , الحزب الاشتراكي اليمني , التنظيم الوحدوي الناصري , اتحاد القوى الشعبية وحزب البعث الاشتراكي العربي .
يعد موقف جماعة الإخوان من الانتخابات الرئاسية الماضية وبالأخص ترشيح الرئيس صالح مخالفا تماما لموقفها السابق في انتخابات صيف 1999م , حيث لا يمكن أن ننسى المقولة الشهيرة لأمين عام الإصلاح محمد عبدالله اليدومي لإحدى الصحف الخليجية عام 1998م ردا على سؤال حول هوية مرشح الإصلاح الرئاسي " مرشحنا في الانتخابات الرئاسية علي عبدالله صالح ولا ندري من هو مرشح المؤتمر ".
الأمين العام المساعد للإصلاح عبدالوهاب الآنسي أكد في مقابلة مع مجلة الشروق الإماراتية في أغسطس 2006م , أي قبيل الانتخابات الرئاسية بأقل من شهر , بأن حزبه لن يرشح الرئيس صالح في الانتخابات المقبلة .
وقال الآنسي إن هناك إرادة شعبية متنامية للتغيير المعادلة السياسية في اليمن , مؤكدا أن هدف حزبه من خوض الانتخابات هو الفوز ولا شي غيره.
الآنسي أكد في كلماته القليلة تغير واختلاف استراتيجية الإخوان المسلمين تجاه الرئيس علي عبدالله صالح والتي كان قيادات الإخوان يعتبرونها "متميزة" و "خط أحمر لا يمكن تجاوزه" وحتى لو ساءت العلاقة مع حزب الرئيس "المؤتمر" وارتفعت الأصوات وبلغت القلوب الحناجر فإن التعامل مع صالح سيظل كما قال رئيس الدائرة السياسية للإصلاح محمد قحطان في حوار مع مجلة (نوافذ) اليمنية نشرته في سبتمبر 2000م " تعامل وطني ومميز وهو شئ نفخر به ". وقال قحطان " لاشك أن موقع الرئاسة عمليا ودستوريا يختلف عن موقع الحزب "المؤتمر" ونحن في بلاد كاليمن ومن خلال الأوضاع التي نعرفها جميعا والتي يمكن القول عنها أن الدول اليمنية الحديثة مازالت في طور التخلق , وفي ظل هذا الوضع نعتقد أن تتعامل الأطراف السياسية مع مؤسسة الرئاسة بشكل مختلف أعني بشكل إيجابي , مؤسسة الرئاسة ينبغي أن تتعامل مع مختلف الأطراف السياسية بشكل إيجابي باعتبار أن هذا الأمر مصلحة وطنية وتتجاوز الاعتبارات الحزبية ".
فماذا حصل في دهاليز دار الرئاسة وغرف الإخوان المغلقة ؟!! وهل أصبحت الدولة اليمنية "مولودا " بعد أن كانت في نظر قحطان جنينا "في طور التخلق" , وهل عدم ترشيح الإخوان لصالح يعتبر مصلحة وطنية ولابد من الأخذ بالاعتبارات الحزبية ؟!
أم أن أبجديات العمل السياسي "صديق الأمس عدو اليوم , وصديق اليوم عدو الغد" تقضي بذلك , فبعد أن كان المؤتمر والإصلاح وجهان لعملة واحدة في نظر الكثير من اليمنيين , وكانت علاقة الإخوان مع صالح "استراتيجية ومتميزة" في نظر الكثير من المراقبين , يقف الإصلاح ضد الرئيس صالح في خندق واحد مع الحزب الاشتراكي الذي كان "ملحدا" في نظر الكثير من الإصلاحيين !! .
في السطور القادمة نستذكر العلاقة التاريخية بين الإخوان وصالح ونحاول الوقوف على المتغيرات التي جعلت من الإخوان الحليف الاستراتيجي لصالح مجرد "كرت" انتهت فترة صلاحيته كمال قال الرئيس صالح في مقابلة مع قناة الجزيرة قبيل انتخابات صيف 2006م .
الإخوان المسلمين .. من الثورة إلى صالح :
بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م عاد الشباب اليمني الذي كان يدرس في مصر بمختلف مشاربه الفكرية للمشاركة في بناء الجمهورية الوليدة , إلا أن الاختلافات الفكرية والسياسية السائدة آنذاك بين الضباط الأحرار والقيادة السياسية الجديدة للدولة والشخصيات الاجتماعية والطلاب بالإضافة إلى الحرب المسلحة بين الجمهوريين والملكيين , ساهمت في تأجيج الصراعات الداخلية وظهور التيارات الفكرية التي كان كل تيار منها يحاول السيطرة على دفة القيادة وإضفاء نكهته على المعطيات الجديدة للثورة اليمنية مما أسفر عن أجواء مرتبكة سادها التوتر والحذر وسوء الظن , الأمر الذي استلزم عقد مؤتمر الجند عام 1966م لتنقية هذه الأجواء بين الصف الجمهوري الواحد , وقد حضر هذا المؤتمر المشائخ والأعيان والمسؤولون وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال .
وقد شارك الإخوان المسلمين في هذا المؤتمر " وكانوا قلة قليلة " من خلال عبده محمد المخلافي المرشد الأول لجماعة الإخوان التي كانت قد بدأت في العام 1965م في مشروعين اثنين , أولهما نشر فكرة الجماعة في أوساط المجتمع وتوسيع القاعدة التنظيمية لهم حيث كان عدد أعضاء الجماعة في ذلك الوقت لا يتجاوز عدد أصابع اليدين , أما المشروع الثاني فكان "أسلمة الثورة" من خلال محاربة التيارات التي وصفها عبدالملك الشيباني في كتابه (عبده محمد المخلافي شهيد القرآن ) بالتيارات الإلحادية التي كانت تستهدف إنكار وجود الله تعالى وسب الدعاة إلى الله وتشويهم صورتهم وسمعتهم .
واصلت جماعة الإخوان أنشطتها الدعوية والاجتماعية خلال الجمهوريتين الأولى والثانية , إلا أن وصول العقيد إبراهيم الحمدي إلى سدة الحكم في يونيو 1974م مع مشروعه التصحيحي كان فرصة ذهبية للإخوان , خاصة أن الحمدي اختارهم في البداية لينشر من خلالهم صيته للجماهير اليمنية وليثًبت دعائم دولته التي لم يجد المشائخ والقبائل مكانا لهم فيها.
ويشير د . عبدالولي الشميري في كتابه (ألف ساعة حرب) إلى أن الرئيس الحمدي وطَد علاقته بالعلماء وأصحاب المنابر والأقلام ورفع شعار الحفاظ على الدين , فأنشأ مكتبا للتوجيه والإرشاد الإسلامي وجعل على رأسه الشيخ عبدالمجيد الزنداني كما أسس الهيئة العلمية اليمنية التي كان هيكلها الإداري من تنظيم جماعة الإخوان بنسبة 100% .
ويضيف الشميري بأن الإخوان خيبوا آمال الحمدي في القيام بالدور الإعلامي اللازم من خلال الإشادة بشخصه وبسياسته التي أغضبت مراكز النفوذ الاجتماعي والقبلي والمتمثلة في إلغاء مجلس الشورى وتعليق الدستور الدائم للبلاد وعزل الشخصيات الاجتماعية الكبيرة ذات النفوذ القبلي والعسكري .
عجز الرئيس إبراهيم الحمدي في احتواء جماعة الإخوان المسلمين كما عجزت الجماعة في احتوائه , لهذا بحث عن تيار آخر فلم يجد غير الناصريين الذين وجدوا أنفسهم بين عيشة وضحاها على بوابة القصر الجمهوري .
في أكتوبر 1977م لقي الرئيس الحمدي مع أخيه عبدالله مصرعهما في ظروف غامضة وقبل يوم واحد من السفر إلى عدن لترتيب أوضاع الوحدة بين شطري اليمن , وأُعلن في صنعاء عن اختيار المقدم أحمد حسين الغشمي رئيسا للبلاد لفترة لم تتجاوز التسعة الأشهر إذ لقي مصرعه في تفجير انتحاري بمكتبه في 24 يونيو 1978م .
صالح والإخوان في خندق واحد ضد الماركسية :
تسلم الرائد علي عبدالله صالح قائد لواء تعز مقاليد الحكم في البلاد في 17 يوليو 1978م , وكان صالح أحد الشخصيات العسكرية البارزة في محاربة المد الماركسي القادم من جنوب البلاد , لهذا فقد أنشأ الرئيس الجديد تحالفا مع حركة الإخوان المسلمين التي كانت تسعى بدورها للتصدي للأيدلوجية الماركسية التي كانت السبب الرئيسي لإنشاء تحالف استراتيجي بين علي عبدالله صالح وجماعة الإخوان المسلمين استمر لما يقرب من ربع قرن ولم يسقط إلا بسقوط برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في سبتمبر 2001م .
في مطلع الثمانينيات خاض الرئيس علي عبدالله صالح بالتحالف مع الإخوان المسلمين مواجهات عسكرية ضارية ضد المعارضة الماركسية المسلحة، وحقق نجاحًا ملموسًا أسهم في إنقاذ النظام الحاكم، الذي كان يعاني حالة ضعف شديدة آنذاك.
وقد سعى الرئيس صالح إلى توحيد الساحة السياسية في الشمال والتي كانت تعاني من تعدد الجماعات السياسية والفكرية والتي كانت تعمل " تحت الطاولة " , فأصدر في عام 1981 قرارا بتشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة المناضل حسين المقدمي, وقد شكل الإخوان المسلمين 25 % من أعضاء الجنة .
قامت اللجنة بصياغة الميثاق الوطني الذي خرج بصيغة وافق عليها الإخوان خاصة وأن القيادي البارز والسابق عبدالملك منصور كان له بصمات واضحة في الصياغة .
يتبع